بهذذيج السيارة ظلت تبجي وتبجي وهي مسكرة عيونها... وتحسس دفو الدبلة بيدها وهي تزفر لهيييب القلب اللي حارق كل مجرى من مجاري تنفسها... لحظات اشبه بسكرات الموت.. لكن الفرق.. ان الواحد يحس فيها بالحياة كما لو لم يحس بها مسبقا.. اهي تمنت الموت.. لكن بكل امنية زادت بالحياة... وزادت دقات قلبها اللي صارت تدق باسم مساعد.. صريعة هوا واحد مصرووع...
ميشيلا ما رضت تخليها.. ما سمحت لنفسها تترك فاتن تعتزل بالشقة وخيال مساعد فيها.. ما عاونها قلبها لكن الحاح فاتن انهم يرجعونها الشقة خلاهم عاجزين الا يلبون طلبها.. وتركوها...
حاولت ميشيلا انها تخليها تروح وياها لكن بعد رفضت فاتن.. اعتبرت هالشي محكم وخاص فيها.. ما تكلمت ولا قالت لي.. كلمة لاء الملتاعة فيها كانت كافية.. تتلوع وتتقلب مثل ما يتقلب حشاها بداخلها.. وكان صرخة الحب تستنجد لاحد .. وكان الحب توه ينولد.. انجاب شي لشي مفقود.. ما افضع هذا الاحساس وما اقسااااه...
ركبت فاتن الشقة وهي تمسح دمعها وتتهالك على كل عتبه من عتبات الدرج.. ترفع نفسها بالحييييل وهي تذرف دمع قااااهر لكل ذرة جلد..
وقفت عند الباب.. ساندت براسها.. وهي تشد على عيونها وتصرخ بالصممممت صرخة حسرة على شي ثمين... هدأت نفسها بكلمة يهدى فيها الليث وهو في الموت.. يا الله.. يا الله.. يا الله.. وكم كان رب العالمين كريما عليها.. هدأها.. واثلج صدرها باسمه وشعشع نوووره سبحانه جل وعظم.. وفتحت باب الشقة.. وهي تدخل بهدوء واهتزاز...
سكرت الباب من وراها والتفتت الى المطبخ وبعينها جالت على وحشة البيت.. ارتعدت فرائصها يوم شافت كبر الفرااااغ اللي متسبب فيه غياب مساعد.. حست له يوووم سافر.. لكن الحين.. واهي تعرف انه ما راح يرجع... كان اقوى عليها من اي شي..
ومرة وحدة
من غير اي ادراك منها..
وبامنية عمرت جسدها وتسربت في دمها وجرى بها حمى العروووق وحرارة القلب..
سمعت صوت طالع من غرفته..
استغربت الصوت...
من هني؟؟؟
شهالصوت... اتخيله ولا شنو؟؟؟
ظلت واقفة مكانها واهي متشككة واتحس انها بدت تفقد عقلها..
يعني لهالدرجة فقدانه خلاها تحس بوجوده؟؟؟ تتخيل وجوده في البيت...
وقفت بين صراع الشك والامل اللي سطع من عيونها واهي ترتقب احد ايي من باب الغرفة...
وتوها بتتحرك....
وتجمدت مكانها..
لان الشي اللي كان في الغرفة اسرع منها وطلع...
كان اهو...
ماصدقت فاتن.. من شدة الصدمة العنيييفة طاحت المفاتيح من يدها على الارض مخلفة صوووت قوي..
كان واقف يناظرها بكل دهشة.. كان مظهرها مخيف.. ومجرى الدمع خاط دربه على عينها .. وكانها تبكي فقيد.. تحرك صوبها بكل خوف ودقات قلبه تضرب على العالي..
مساعد بصوت رقيق: فاتن؟؟
ما كو اي صوت.. كانت واقفة وهي مغطية ثمها وتهز راسها بعنف.. تبي تطرد هالوهم.. تبي تطرد هالخيال .. لكن ما قدرت...
مساعد يتقرب منها واهو خلاص فقد اعصابه: فاتن ؟..؟ جاوبيني.. علامج؟؟ شفيج ؟؟؟ ليش كنتي تبجين..
فاتن وهي تهمس:.....مساعد
تقرب منها مساعد وهو يحس بالجنون:.. ايه.. مساااعد.. علامج فاتن.. نسيتيني؟؟؟
فاتن وهي تعلي صوتها وكانها تبي تصحى من هالشي: .... مساعد؟؟؟
مساعد يمسكها بهذيج اللحظة بخفة: فاتن علامج...
وشدة الصدمة ما خلت فيها اي مجال للوعي.. وتهاملت.. مثل ورقة خريفيه تسقط من اعلى الشجر بين ذراعي مساعد اللي امسكها بكل قوته.. وغابت فاتن عن الوعي..
مساعد بصوته االعالي: فااااتن؟؟؟
طلعت مريم هذيج اللحظة من الغرفة يوم سمعت اسم فاتن ووييههها متهلل... ويوم شافتها طايحة على الارض واخوها راكع على ركبته يمها.. انهلعت...
وراحت صوبها على جناح السرعة..
الفصل الثاني
-------------
في هذيج الصالة وهوينتظر من فاتن ترد عليه التلفون.. ولا فوق ال15 مرة متصل فيها واهي ابد ما تدري وكل ما تتجاهل اتصاله يزيد خوفه.. لدقيقة من الزمن ترك نفسه مجرد من سلاح الصبر في ساحة معركة الموت.. والتسليم ان مريم ومساعد ما عادوا على هالحياة .. ومسرع ما سالت دمعته عشان ترده الى صوابه انه كل شي جايز .. واهم شي انه يــتأكد من فاتن..
لؤي اللي كان يبجي طول الوقت وهو منكس راسه ما سمع ولا نصيحة من نصايح جراح.. طبعا مو اهوو صاحب المصيبة.. مو اهو اللي فقد اخويين.. مو هو اللي فقد روح البيت اللي هم فيه.. يا الله.. ما اروع وحشتك يا بيتنا بلياااا مريم ومساعد.. نزلت راسه وهو يبجي بحرارة..
اما جراح اللي كان محتار ما يدري يروح يسأل المكتب مرة ثانية ولا لاء.. يمكن غلطوا في الاسم.. بس يبي يشوفهم ماخذين اي رحلة...وراح للؤي عشان يطمن عليه
جراح بصوت مطمئن:.. لؤي.. لؤي..
لؤي بصوت كسير: ها..
جراح: لؤي طالعني..
رفع لؤي عيونه لجراح بحزن: شفيك..
جراح: انا بروح اسأل الموظفة مرة ثانية.. اكيدالسالفة فيها شي.. مستحيل يعني.. ماادري قلبي مو مطاوعني اصدق..
لؤي وهو مستسلم:.. سوو اللي تبيه.. انا بروح البيت..
جراح وقفه: وين رايح؟؟ البيت؟؟ لا .. خلك هني لمن نتأكد..
لؤي بصوت مبحوح: شتتاكد؟؟ خلاص جراح راحوو.. راحت الغالية والغالي..
جراح اللي نشب فيه الحمق: لا تقول جذي اشفيك انت...
لؤي وهو يناظر الفراغ: خلاص.. ما عادت مريم موجودة ولا مساعد .. ظلينا برحنا بهالدنيا.. لا اخو ولا اخت..
جراح ما عاد يتحمل هالضعف اللي قاعد يوصل له من لؤي فخذه بقوة من ذراعه وثبته عن الجدار بقوة: ..اسمعني لؤي... اذا مابتثبت روحك وتسكت.. والله لا انسى غلااااك في قلبي وانثر ويهك بيدي.. تراني قادر على كل شي بهاللحظة.. خلك من هالضعف اللي فيك...
لؤي اللي انصدم من صراااخ جراح عليه واستغرب منه هالردة الفعل.. ما قدر يسوي شي غير انه يسكت ويتفائل بتفائله..
راح عنه جراح ودخل داخل المكتب مرة ثانية اللي متروس بالناٍس.. وبصعوبه قدر يوصل للموظفة عشان يسألها بالاسماء اللي لقتهم... قلبه محروووق وهو ما عارف يرضخ مثل ما رضخ لؤي ولا يظل ثابت مثل ما اهو.. كلها لعبة.. لعبة ويا الوقت.. يا اقطعه يا يقطع كل مؤشر للحياة عندي.. وأنا مو مستعد للخسارة..
جراح وصوته يوصل بالغصب للموظفة: لو سمحتي.. لوسمحتي اختي..
التفتت له الموظفة وهي تاشر براسها لزاوية معينة.. راحت جراح لعند الزاوية وتبعته الموظفة بهدوء وبشكل مواسي ..
الموظفة: امرني اخوي
جراح وهو يبلع ريجه:.. لو سمحتي .. ممكن توريني اللسته اللي فيها الاسامي.. لاني.. ماقدر اصدق..
الموظفة بنظرة متعاطفة مع جراح:.. ان شاء الله..
مات جراح من الخوف يوم قالت له انشاء الله.. يعني من صجها ... من صجها بهالخبر.. مساعد ومريم ... راحو؟؟؟؟؟ يات الموظفة وهي توري جراح خط الرحلة اللي كانو فيها مساعد ومريم..
الموظفة: شوف.. هذول الاسامي.. وهذا رقم الرحلة.. وهذا توقيتها ودرجتها.. ونوعيه الامتعة .. و......
غابت صوت الموظفة وهي تتكلم لان جراح كانت عيونه غايصة ببحر من الدمع.. وهو يحاول يتنفس بس مو قادر.. طلع من المكتب وهو يبي يتنفس.. مشى من غير هوادة لبره المطار وهو ما يقدر يتنفس.. مو حاس بنفسه.. طلع عند البااب وهو يمسك الدشداشه عند منطقة الصدر.. تم يدور في مكانه برجفان... اكيد اهو قاعد يموت.. لانه يحس بان شي قوي ينتزع منه.. اهي الروح.. اكيد الروح.. روحي قاعدة تطلع مني.. لاني ما بتحمل فكرة الحياة من دونج يا مريم.. ما بتحملها...
ظل واقف مكانه وهو يسحب سحب من الهوا ياريته بس لوووو يحسه كيف يمر في صدره.. ووسط هالتنفس كانت انااات.. ومن انات انقلبت الى شجن.. ومن الشجن الى صيااااح.. ومن الصياح الى صررااااااخ..
صرخ جراح بكل صوته.. صرررخ وهو يتمنى لو ان عروووق جسمه تتفجر بالدم العبييط.. يتفجر ويمووت وما يعود في هالدنيا اي حسافة او ملامة من بعد مريم... مريــم.. يا اغنية عذبة تنسااب من الشفايف.. يتغنى بها كل حبيب وكل عاشق من يحس ان الدنيا ما عادت تترنح بالحب.. مريم.. عذوبة الطفولة.. وروعة الشباب.. وجنون المراهقة.. راحت.. ؟؟؟ رحتي يا مريم.. رحتي عني؟؟ تركتيني لحالي بهالدنيا؟؟؟ مريـــــــم.!!!!!
لحق لؤي جراح يوم شافه طالع من المكتب وكانه ينازع شي بداخله.. ويوم شافه طايح على ركبتيه بزاوية بعيدة بالمطار وقف وهو مشدووه بهالمنظر.. وراح له ومسكه من جتوفه..
لؤي: جراح.. جراح علامك.. علامك ياخوي؟؟؟
جراح والدمع يطفر من عيونه من غير حواس:.. راحت... راحت لؤي.. ما عادت موجودة... راحت الغالية.. راحت مريم لؤي راااااحت...
لؤي وهو يبجي ويلم جراح: قلت لك... قلت لك ما صدقتني
جراح وهو ينوووح بألم: ماقدر.. ماقدر لؤي.. لو انا اللي مت ولا هي... لو كل الدنيا راحت ولا مريم.... مريم.. مريم يا جراح...
لؤي اللي اكتشف بهذيج اللحظة القوية حب جراح لمريم.. الحب اللي شك فيه من بداية مراهقتهم والعناد اللي كان بينهم والمناجر والهواش.. لان ما بعد المسبة محبة.. وااخ عليك يا جراح.. واخ عليج يا مريم.. انتهى اللي بينكم قبل لا يبدى..
وبخضم ذيج اللحظة ترك جراح لؤي وراح عنه وهو يمشي بقوة .. يشق عرض الهوا وهو في حالة الرفض التام للي يصير.. مستحيل.. مستحيل مريم ترووح.. اذا اهي راحت.. انا شكو بهالدنيا.. انا لشنو بهالدنيا.. اروح انا وياها بعد..
لؤي وهو يلحقه ويمسكه من يده: وين رايح جراح
جراح وهو يرفع يده عن لؤي: خلني بروووح
لؤي وهو يوقف في ويه جراح: لا تين جراح هذا قضاء ربك.. شوفني انا اخواني ومصبر نفسي...
جراح وهو يوقف ويصرخ في ويه لؤي: انت اختك واخوووك... انا هذي الدنيا كلها بالنسبة لي... انت لك دنيتك.. انا دنيتي راحت خلاااص..
راح جراح عن لؤي اللي ظل واقف وهو معصوف.. هالكثر جراح يحب مريم؟؟ من متى حبه بدى لها؟.. اكيد من زمان والا ما كان بيقول عنها انها دنيته.. وتم واقف وهو يناظر جراح وهو يركب سيارته.. وشخط بها بقوة وطلع من الشارع وهو شاق الطريج..
يا ترى.. الضلال اللي قاعد يعيش فيه كل من لؤي وجراح ويمكن يوصل وينتشر للعايلة راح يوضح؟؟
---------------------------
على سريرها في غرفتها كانت نايمة.. وحواليها كان اهو واخته.. مريم تراقبها بخوف وهدوء وهي تراقب شحوب ويه فاتن.. ودرجة حرارتها المرتفعة شوي.. تمت تحس بالذنب واللوم في قلبها على مساعد.. جم مرة قالت له انهم لازم يتصلون ويخبرونهم انهم راح يـتاخرون.. لكنه ما رضى.. ويوم وصلهم خبر الطيارة اللي طاحت اصررت عليه لكنه قال ان فاتن تدري بانهم يا اليوم او امس كانو بيوصلون يعني اهي مو غبية.. كاهو الحين طيحنا بورطة والبنت مغشي عليها ولا ندري شعرفت ولا ما عرفت...
ياب لها مساعد املاح وقعد يمها وهو يشممها اياه... وبهزات خفيفة براسها بدت فاتن تستقيظ وترجع لارض الواقع بصداع قاتل.. مسكت راسهاوهي تترنح يمين ويسار.. وعلى لسانها اسمه.. ومن سمعه مساعد وشاف تحركها تقرب منها وهو يمسك يده ولمحه الخوف والذنب العظيم كاسيه ويهه..
مساعد بصوت رقيق: انا هني... معاج..
مريم وهي تتقرب منها: فديت روحج فتوون.. اذا مريضة ليش طالعة حبيبتي
فاتن وهي تعصر عيونها من شدة التعب والارهاق.. تحس بالوهن بعظامتها.. وهي تتسمع اصوات اصوات مألوفة عليها.. بكل هدوء فتحت عيونها وهي ترفرف بجفونها.. ويوم شافت ويهه ابتسمت.. مدت بصرها لها وشافتها وانصدمت...
فاتن بصوت ناعم قريب للهمس: ... مري..مريم...
مريم وهي تبتسم لها والدمعة مغرقة عيونها: عيــــون مريم انتي.. يا بعد قلبي يا فتوون
فاتن وهي تشيل يدها من كف مساعد وتحطها على يد مريم: حبيبتي مريم..... هذي انتي؟؟
مريم وهي تنسدح يم فاتن وتمسح على شعرها: اي يا عمري هذي انا.. ما صبرت على فرقاج وييتج.
فاتن اللي كانت للحين في ظل صدمة موت مساعد.. ولا كانها تحس بوجوده: شلون انتي هني..... ومساعد.... وينه؟؟
مساعد متحير من فاتن ومن صحتها المتزعزعة: فاتن انا هني علامج؟؟ كاني هني..
رفرفت بعيونها له بصدمة وهي تسمع حسه.. ما تصدق انه موجود... : ... مساعد..
مساعد وهو يبعد خصله الشعر اللي على جبينها:... اي.. هذا انا..يالغالية كاني ييتج..
فاتن وهي ترفع روحها تحاول انها تدخل بهالشي اكثر واكثر.. ومساعد ساعدها ورفع راسه ورقبته وسندها بيده...
|