لا يمكن أن تُفهم الكلمات إلا بتكامل الجُمل، ولا يمكن استيعاب الجُمل إلا بالدلالات الموجودة في أذهاننا، التي تُسهم بشكل فاعل في فهمنا لما يراد قوله. ولا نستطيع أن ندرك ما يود الآخرون قوله لنا إلا بوجود خلفية مشتركة بيننا، تُسهم في فَهْم ما يُراد ويُقال. ومن أولى الألعاب التي نستخدمها في الطفولة لعبة الـPuzzle، الخاصة بتركيب القطع لتكامل الصورة؛ ليبدو المشهد مفرحًا باكتماله. كما أن التكامل ضرورة، ومن أهم ما نتعلمه في الدروس الحياتية؛ فبالتكامل مع الآخرين ومع الأشياء تكتمل الصور، بمختلف أشكالها وسياقاتها وتنوعها.. والأمر ذاته في فِرق العمل؛ إذ لا تنجز الأعمال إلا بالتضافر والتكاتف اللذين يعكسان تكاملاً بين أعضاء الفريق، يؤدي لإنتاج عمل مميز. ففي أول لقاءاتي مع فريق عمل لمشروع مميز كنت أقول لهم: "أنتم كشافاتي، وعكازاتي؛ لن أنجح في إدارة المشروع لولاكم".

كل أمر ناجح هو نتاج تكامل، تكامل في الحاضر، تكامل بين الحاضر والماضي، استشراف للمستقبل، ومحاولة إيجاد تكامل بينه وبين الحاضر.. إلخ. احتفلنا في الأسبوع الماضي بيوم التأسيس، الذي عكس التكامل في أبهى صوره، وأكد أن لنا تاريخًا يتفوق على تاريخ غيرنا. درسنا في مدارس التعليم العام عن الدول السعودية ونشأتها، لكن لم تصل لنا فكرة التكامل وترتسم في أذهاننا وعقولنا كما حدث حينما احتفينا بذلك، وأدركنا أن تاريخنا ممتد لأكثر من ثلاثمائة سنة.

التكامل سياسة عظيمة، يؤمن بها ولي العهد، صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان -حفظه الله-، ويتأكد ذلك حينما قال: "أنا واحد من 20 مليون نسمة. وأنا لا شيء بدونهم". لكن نفتقدها في بعض القطاعات الحكومية التي تحاول العمل بمعزل عن بعضها؛ ويجب على العاملين بها استيعاب أن ليس بوسع قطاع النجاح دون مؤازرة ودعم القطاعات الأخرى، وأن جميعها تُشكِّل منظومة دولة.