*****************************
لقاح جديد واعد لسرطان عنق الرحم قد ينقذ حياة الكثيرات
ثاني أكبر سرطان قاتل للنساء
* كمبردج «ولاية ماساشوستس الاميركية» :
«الشرق الأوسط»
* يحمل لقاح جديد لسرطان عنق الرحم الأمل بإنقاذ حياة
العديدات، لكنه لن يحل محل فحوصات المسحة «بابينكولو»
Papinicolou Test. وكان هذا المرض في الماضي قد أودى
بحياة الكثيرات في الولايات المتحدة، أمهات وبنات وزوجات، الا
ان السنوات الـ 30 الأخيرة شهدت هبوط العدد الى النصف،
واليوم هناك أقل من 4000 امرأة أميركية تموت سنويا من هذا
المرض.
والسبب الرئيسي لتناقص العدد هو اختبار المسحة «بابينكولو،
الذي يدعى أيضا «باب سمير» Pap smear الذي يعتبر ربما
أكثر الاختبارات فعالية لتشخيص مرض السرطان. وخلال فحص
الحوض لدى النساء يستخدم الطبيب فرشاة صغيرة لمسح سطح عنق
الرحم الذي يتصل بالمهبل. ويجري بعد ذلك بالفرشاة هذه مسح
«تلطيخ» شريحة الاختبار الزجاجية لكي يجري فحصها تحت المجهر
للكشف عن خلايا في عنق الرحم غير طبيعية أو اعتيادية، التي قد
تكون سرطانية، أو قد تصبح كذلك. وبموجب التوجيهات الحالية
يتوجب على النساء الشروع في هذه الاختبارات خلال ثلاث
سنوات من المعاشرة الجنسية الاولى، أو في سن الواحد والعشرين،
أيهما يأتي أولا. أما بعد سن الثلاثين فينبغي اجراء الفحص سنويا،
وبعد ذلك كل سنتين، أو ثلاث، طالما كانت نتيجة الفحص طبيعية
على مدى ثلاثة فحوصات متعاقبة.
* فيروسات ولقاح
* لكن الطب الوقائي لسرطان عنق الرحم شرع يدخل عصرا
جديدا بعدما وافقت وكالة العقاقير الاميركية «إف دي إيه» على
لقاح يكافح فيروسات «بابيلوما» HPV التي يعتقد أنها تسبب
جميع حالات سرطان عنق الرحم.
إنه انجاز كبير، فقد جرى التعرف على الاصل الفيروسي لمرض
سرطاني مهم، واستطاع الباحثون بنجاح السيطرة على نظام المناعة
في الجسم للوقاية منه. لكنه يبقى مع ذلك مسألة جدلية، لكون
الفتيات في السن الحادية عشرة والثانية عشرة هن من المرشحات
أيضا لتلقي اللقاح، مما جعل بعض المجموعات الدينية والمحافظة تخشى
من قيام هذا اللقاح بإرسال رسالة خاطئة بأن من المسموح به
للمراهقات الصغيرات في السن ممارسة النشاط الجنسي.
لقد اكتشف الباحثون في عام 1986، ان هناك العديد من
سلالات «ذريات» HPV التي تسبب سرطان عنق الرحم.
وهي من أكثر الأمراض الجنسية الفيروسية المعدية شيوعا في العالم،
ويقدر الخبراء ان ما لايقل عن نصف الاشخاص النشيطين جنسيا في
العالم سيصابون به في مرحلة من حياتهم.
وهناك نحو 100 نوع مختلف من هذا الفيروس، لكن 30 منه
فقط مرتبط بسرطان الرحم، وان نوعين منه هما السلالة 16 و
18 مسؤولتان عن نحو 70 في المائة من الحالات. وبمقدور الناس
في أغلب الأوقات التغلب على العدوى وازالتها، ولكن عندما يقوم
الفيروس بغزو نظام المناعة في الجسم والاستقرار في الخلايا عند ذاك
يمكن حصول تغيرات سرطانية، لأن الحمض النووي المنقوص
الاوكسجين «دي إن إيه» لهذا الفيروس يمكن أن يمتزج مع
الحمض النووي للانسان معطلا الجينات التي تقوم بكبح الأورام
السرطانية أثناء هذه العملية. ومثل هذه الجينات ضرورية في
التحكم بعدد المرات التي يجري خلالها انقسام الخلية وتكاثرها.
وهكذا مع توقف عملية الكبح تقوم الخلايا غير المسيطر عليها، أي
السرطان، بالحدوث. غير إنه من حسن الحظ فقد يستلزم الأمر
عقودا لكي يتطور السرطان، ولهذا السبب فان اختبارات، أو
فحوصات المسحة Pap المنتظمة تؤدي عملها جيدا، مما يعني أن
هناك فرصة كبيرة لاكتشاف النمو غير الطبيعي للخلايا قبل أن
تتحول الى سرطان كامل. وكان العلماء في المعهد القومي الأميركي
للصحة NIH قد طوروا لقاح HPV، وهو لا يحتوي على
فيروس ضعيف، أو ميت، كما هو الحال مع العديد من اللقاحات
الأخرى، بل يستخدم فقط بعض بروتيناته المهمة. واستجابة نظام
المناعة هي كافية لمنع الفيروس من اصابة خلايا عنق الرحم. وكانت
شركتا «ميريك» و«غلاكسو سميثكلاين» قد طورتا اللقاح ل
لاغراض التجارية. وقد وافقت «إف دي إيه» على النسخة التي
انتجتها شركة «ميريك» في يونيو الماضي، أما نسخة شركة
«غلاكسو سميثكلاين» فما زالت قيد التجارب السريرية.
*- وقاية للجنسين
* ويستهدف لقاح «ميريك» السلالتين، 6 و 11 من HPV
اللتين تسببان 90 في المائة من الثآليل التي تنمو في المناطق التناسلية
للرجال والنساء، وكذلك السلالتين 16 و 18 اللتين تسببان
أكثر من غيرهما سرطان عنق الرحم. ولدى تقديمه كمجموعة من
ثلاث حقن على مدى ستة أشهر سيقوم اللقاح بالوقاية فقط ضد
هذه السلالات الأربع. وهو ليس دواء للعلاج، أي إنه إذا كان
هناك أي التهاب فإن اللقاح لايعني انه فعال ضده.
وكانت مراكز الوقاية من الامراض والتحكم بها CDC قد أضافت
لقاح HPV الى توصياتها الرسمية الخاصة باللقاحات في يوليو
الماضي، فقد أوصت على انه يتوجب على جميع الفتيات الاميركيات
اللواتي تتراوح أعمارهن بين الحادية عشرة والثانية عشرة التحصن
بهذه الحقن رغم ان الفتيات بسن التاسعة من العمر بمقدورهن
التحصن أيضا، إذا كن نشيطات جنسيا. ولكي لا يكون الأمر
متأخرا جدا أوصت هذه المراكز الفتيات والنساء اللواتي تتراوح
أعمارهن بين الثالثة عشرة والسادسة والعشرين بضرورة التحصن
باللقاح ضد الفيروس بغض النظر عن نتائج فحوصات
«باب سمير».
والسبب الذي يدعو CDC الى التوصية بتلقيح المراهقات هو ان
اللقاح يعمل في أفضل وجوهه قبل أن تتعرض المرأة الى HPV، كما
انه من الوجهة الصحية العامة يبدو ان التلقيحات المبكرة لها فرص
أكبر في مقاومة سرطان عنق الرحم.
وتشمل هذه التوصيات الفتيات الكبيرات والشابات اللواتي، وان
تعرضن بعض الشيء الى HPV فقد لا يكون من السلالات التي
يحتويها اللقاح، من هنا فإنهن قد يحصلن على بعض الحماية.
وثمة حاجة الى مزيد من الدراسات قبل تقديم التوصيات بالنسبة الى
النساء اللواتي يتجاوزن الـ 26 من العمر، وبالنسبة الى الرجال
أيضا. ومن الواضح ان الرجال لايصابون بسرطان عنق الرحم،
لكن تحصينهم باللقاح قد يبعد عنهم عدوىHPV ووقايتهم من
سرطانات المخرج والأعضاء التناسلية التي لها علاقة بـ HPV.
ومن الملاحظ أن CDC لاتقوم بشيء، سوى تقديم التوصيات،
وبعد ذلك على الأفراد أن يقرروا على سبيل المثال ما إذا كان لقاح
HPV شرطا لدخول المدارس. ومن الضروري، مع التحصن
باللقاح، الاستمرار في فحوصات «باب سمير»، خاصة ان اللقاح
الجديد لا يشمل سلالات HPV التي يعتقد انها مسؤولة عن نحو
30 في المائة من سرطانات عنق الرحم، فالفحوصات ما زالت
أفضل وسيلة لدرء السرطانات التي تسببها مثل هذه السلالات. الى
جانب ذلك فإننا بحاجة الى المزيد من الخبرات، وربما بعض التجارب
السريرية في الأماكن التي تكون فيها سرطانات عنق الرحم أكثر
شيوعا، قبل التأكد من ان التلقيح ضد فيروسات HPV بمقدوره
فعلا تخفيض إصابات سرطانات عنق الرحم. وحتى يثبت ذلك تبقى
فحوصات «باب سمير» الواقي الرئيسي.
والمعلوم ان الكشف على سرطانات عنق الرحم وعلاجها هو أمر
متطور جدا في الولايات المتحدة، وكذلك المكاسب المجنية من
التلقيح ضد فيروسات HPV، لكن هذا اللقاح قد يشكل فرقا
كبيرا بالنسبة الى البلدان الفقيرة. ويظل سرطان عنق الرحم عالميا
ثاني أكبر سرطان قاتل للنساء بحيث أن عدد الضحايا يبقى كبيرا في
الدول النامية.
ويبقى أيضا السعر العالي للقاح العقبة الكبرى، ففي الولايات
المتحدة يبلغ سعر اللقاح من شركة «ميريك» للمجموعة الكاملة
360 دولارا. بيد أن مجموعات عديدة تفاوض مع «ميريك»
والشركات الأخرى للحصول على اللقاح بسعر أدنى.
خدمة هارفارد الطبية ـ الحقوق
2005 بريزيدانت آند فيلوز
كلية هارفارد
********
|