عرض مشاركة واحدة
قديم 03-13-2020   #2


الصورة الرمزية جنــــون

 عضويتي » 752
 جيت فيذا » Feb 2010
 آخر حضور » منذ 21 دقيقة (06:19 PM)
آبدآعاتي » 3,303,362
الاعجابات المتلقاة » 7586
الاعجابات المُرسلة » 3785
 حاليآ في » » 6ـلىآ رَصيـﭮ الـجنـﯛטּ εïз ••
دولتي الحبيبه » دولتي الحبيبه Saudi Arabia
جنسي  »  Female
آلقسم آلمفضل  » الترفيهي
آلعمر  » 17سنه
الحآلة آلآجتمآعية  » مرتبط
 التقييم » جنــــون has a reputation beyond reputeجنــــون has a reputation beyond reputeجنــــون has a reputation beyond reputeجنــــون has a reputation beyond reputeجنــــون has a reputation beyond reputeجنــــون has a reputation beyond reputeجنــــون has a reputation beyond reputeجنــــون has a reputation beyond reputeجنــــون has a reputation beyond reputeجنــــون has a reputation beyond reputeجنــــون has a reputation beyond repute
نظآم آلتشغيل  » Windows 2000
مشروبك   star-box
قناتك mbc
اشجع ithad
مَزآجِي  »  رايقه

اصدار الفوتوشوب : Adobe Photoshop 7,0 My Camera: استخدم كاميرا الجوال

мч ѕмѕ ~
لا أخشى عليك

..................من نسآء الكون

بــل أخشى عليك

من #

طفلة
تشبهني

مشآكسَة ، ثرثآرة ، مجنونة ، وتحبكَ كثيراً كثيراً
мч ммѕ ~
MMS ~

افتراضي






عودة للوراء،...

( بعد يومين.. من تلك الرحلة التي قضتها العائلة في بيتهم الجبلي..
.........
.......
.....
...
.
وفي صباح يوم جديد.. واشعه الشمس خرجت عن مسارها الربيعي واقتربت الى مسار فصل صيف حار.. والساعة المجاورة للسرير اشارت عقاربها الى العاشرة والنصف صباحا...
استيقظت تلك الفتاة بكل حماس وفرح شديدين.. واعتدلت في جلستها و مشاعر شتى كانت تتضارب في قلبها بل جسدها بأكمله.. عصافير الحب تتطاير وتدور حولها كما يحدث في افلام الكارتون التي يشاهدها الاطفال.....

لقد رأيت الساعة تقارب الى الحاديه عشر صباحا.. فحاولت الاسراع قدر المستطاع بارتداء ملابسي.. نسيت ان اخبركم من اكون.. انني ريم صاحبه تلك الغرفة المليئة بالملابس الملقاة على السرير والاخرى قد انزلقت وارتمت على الارضية...لو رأت امي حال غرفتي الان لأصابتها نوبه قلبيه وقولها الدائم "تلك الملابس ليست كملابس الفقراء انها من افضل المحلات التجارية ولا يستطيع احد الشراء منها"
لعلكم تتساءلون كيف جرت الاحداث وانتقل السرد الي بشكل مفاجئ ولكنني فضلت ان اخبركم انا بنفسي عن ما حصل يومها... اريد منكم ومن العالم اجمع ان يستمع الى مشاعري.. ولكن و كما تعلمون بأنهم يدعونني بريم الثرثارة.. لذلك تحملوني رجاءً.. فلنعد الى المهم....
نظرت الى نفسي عبر انعكاس صورتي من المرآة الطويلة المتربعة في احد زوايا غرفتي.. قميص ابيض طويل يصل حتى ركبتي مع بنطال اسود ضيق.. وذلك الحذاء الرياضي الابيض وقد رفعت شعري حينها على هيئة ذيل حصان مع القليل من مساحيق التجميل.. ابتسمت برضى والتقطت هاتفي من حقيبة الظهر البنيه بلون القهوة اللذيذة لالتقط صورة لنفسي قبل مغادرتي... عاودت النظر لنفسي مرة اخرى حتى اتأكد من شكلي النهائي.....
لم يكن علي سوى مغادره غرفتي من بعدها.. لأسير بخطى تسبقني نحو باب غرفتي.. ربما لهفتي.. شوقي وحنيني.. هو الذي دفعني وليس ذلك العقل الاحمق الذي يتربع في جمجمتي.. ولكنه جميل ان تشعر بمشاعر كتلك وان تنسج قصصاً وامورا يجب ان تحدث معك.. لقد قررت في وقت متأخر من الليل ان اقوم بشراء هدية له.. ظللت أتقلب في سريري وانا انسج مشاهد واحلام..
وصلت الى المركز التجاري الكبير الذي اعشق التسوق به.. واتجهت حيث متجر الساعات الذي يقبع في الطابق الرابع.. كانت قدماي تسبقني نحو الدرج الكهربائي.... واخيرا وصلت.. دلفت الى المتجر وانا كلي امل ان اجد ما يميل اليه قلبي..
مضت نصف ساعه تقريبا او حتى لا ابالغ اقل بقليل... وأنا أتجول أركان المتجر و لم أجد أي شيء يجذبني.. زفرت بضيق كبير ليأتي صوت ما خلفي
"دعيني اساعد ان كنت ترغبين؟؟"
ثم مضيت مع البائع لأنتقي ما اريد... واخيرا وجدت ما يليق بك يا رائد..
حطت اقدامي بعد ذلك خارج المتجر.. ونظرت الى ساعه معصمي السوداء بخيبة امل كبيرة... لقد اطلت المدة في الداخل.. و لا بد ان كمأ..
"ااه ريم ما اخبارك؟!"
نظرت الى صاحبة ذلك الصوت.. لقد كانت احدى صديقاتي.. او يمكننا القول احدى الفتيات التي تعرفت عليها بواسطة أمل!!
أمل لعلكم تتذكرونها..!!
ابتسمت تلك الابتسامة التي لا تخرج من القلب وقلت لها " اهلا.. بخير.. وانت؟!"
اجابتني بتملق " بخير.." ثم اخذت تتحدث بتصنع الطبقات المخملية امورا متعددة لم استوعب منها شيئا كان كل همي التخلص منها ومن احاديثها التي تتمحور حول خطيبها صاحب النفوذ والاملاك.. وانهت كلامها المشمئز بسؤال وهي تنظر بخبث نحو الهدية التي بيدي " اووه عزيزتي لمن هذه؟!"
اجبتها على مضض وانا التفت حولي لعلي اجد من يخلصني من هذه المصيبة البشرية التي امامي " هدية.. لشقيقي.."
ولحسن الحظ ان كمال قد ظهر اخيرا وقال وهو يقترب منا " لي مدة وانا ابحث عنك.."
تنفست الصعداء فجاء اخيرا من سينقذني من هذا البلاء الذي حل بي منذ الصباح... التفت اليه وانا اشير اليه بمعنى ارجوك خذني من هنا.. لاحت عليه شبح ابتسامه واستطعنا التخلص من تلك المتملقة اخيرا...
اخذت اسير بهدوء بعدها ولكنني التفت عندما شعرت انني اسير لوحدي.. يقف مكتفا يديه نحو صدره ونظرة ذات مغزى لم استطع تفسيرها قلت له وانا اقترب " لماذا ما زلت تقف؟!"
" هل رأيت كيف انقذك؟"
اومأت برأسي ثم قلت باستخفاف " يا منقذي الوحيد.. يا رجل الوطواط.. يا رجل العنكبوت.. ايها الرجل الخارق.."
اشار بيده اليمنى نحو خده وهو يكتم ضحكته.. وقال بعدها " الا احتاج قبله كجائزة؟"
ضربته على كتفه وابتسمت.. " هذا عندما كنا صغارا.. هل تتذكر حين كان يغضب مجد كنت تدافع عني.. وكنت تحظى بقبلة اخوية طفولية اما الان فقد اختلف الامر.."
رفح احدى حاجبية وقال وهو يحثني على المسير " وماذا اختلف الان؟!"
" اولا لقد اصبحنا بعمر لا يليق بنا هذا الشيء الشنيع.."
"ثانيا يا حمقاء؟؟"
اجبته بكل ثقة وغرور " ثانيا لا استطيع فأنا على ذمة عاشق.."
ثم توقفت عن السير عندما القى كلماته تلك التي اشعلت حريقا كبيرا في قلبي " ولكن عشق من طرف واحد.. مضر للصحة.."
وحينها تجمعت الافكار برأسي.. وشعرت بانقباض قلبي.. لماذا يعكرون صفو قلبي ويذكرونني بهمي الذي أتناساه عمدا.. لا اريد ان اذرف دموعا لعشق لم اعش تفاصيله حتى.. اخذت نفسا عميقا واستدرت اليه حيث كان خلفي وقلت له بهدوء " هل نشرب شيئا ما؟!"
اومأ رأسه ثم مضينا في طريقنا خارجين من المركز التجاري نحو تلك القهوة الصغيرة التي تبعد عنه بمقدار خمس دقائق تقريبا...
كنت انظر الى الهدية التي وضعتها على الكرسي الخشبي بجانبي.. كنت قد انتقيت له ساعه عادية.. ليست باذخة وليست بسيطة الى حد ما.. بلون الفضة.. ولا استطيع القول الا انها جميلة وستليق بمعصمه.. وضعت يدي بدون شعور مني على السلسلة المهداة منه تقيد عنقي وابتسمت وشعرت بحبه يتضاعف ويتدفق على الى قلبي.. لا اعلم كم من المدة قد ظلت عيوني مسلطة عليها الا بصوت كمال الذي اخرجني من عالم الحب الذي احاط بي..
" اتوقع انها جميلة.. كم سيفرح بها مجد.."
استدارت اليه عيوني واخيرا ثم قلت بغروري المعتاد الذي اصطنعه في العادة " اولا كان يجب عليك القول اتأكد.. لانها من ذوقي الرفيع.."
علت السخريه ابتسامته ثم قلت بعدها " ثانيا انها لرائد وليست لمجد.."
لم الاحظ بعدها الا تلك الابتسامة تتلاشى شيئا فشيئا ليتسقيم فمه ويقول بعدها باقتضاب " هل حقا أنت متأكدة من مشاعرك اتجاهه.. اعني انها ليسـ..."
فار دمي وقلت له بغضب شديد " ليست شفقة.. هل احصي لك كم عدد الاسئلة التي طرحتها علي بشأن حبي له.."
اخذت احرك ساقاي بغضب شديد وازفر بحراره ليكمل هو اسطوانته المعتادة والتي تجعلني افقد صوابي نهاية الامر "لكن اخشى ان تكون مشاعره اتجاهك فقط كصديقة..."
حقا لقد سئمت.. لقد سئمت من كلام الجميع حول تلك المشاعر لقد سئمت من الكلام المعاد لمرات متتالية.. اني اشعر قلبي يعتصر الما.. زفرت بحراره وغصة ملأت حلقي حاولت فيها التماسك لأقول بصوت مختنق بعض الشيء "لو انه كما قلت يطمع للحصول على مصلحته لاعترف بحبه منذ زمن.."
خرجت تنهيدة منه ثم اكمل بحرق روحي " هل صرح لك.. كيف علمت ان كان يكن لك مشا..."
قاطعته قبل ان يكمل وقلت وانا اشد على اسناني " يكفي يا كمال.. ارجوك... لا تجعلني اعيد الكرة واخاصمك.. لقد قلت كلاما سيئا من قبل ولن اسمح لك هذه المرة.."
قلتها ثم نهضت من مكاني غير ابهه به.. انه تعدى حدوده بالتدخل بي وبمشاعري ايضا.. لقد حاول من قبل اعادتي الى الصواب وتبصيري للحقائق كما يقول ولكنه آلمني قبل ذلك.. ولن اسمح له بإيلامي وتجريحي.. انه صديق الطفولة اجل ولكن قلبي ومشاعري ممنوع الاقتراب...

كنت امشي بسرعه مبتعدة عنه كاظمة غيظي منه ومن كلامه الاعتيادي الذي سمعته من قبل.. واذ بيده تعترض طريقي لاقف بشكل مباشر وكدت ان اتعثر لولا انه امسك بي بقوة..
"ماذا تريد الان؟!" صرخت بقوة لاخرج غضبي منه عليه
ليقول هو بهدوء " حسنا.. انا متأسف ولكن..."
وبنبرة تهكم خرجت مني "تريد مصلحتي.. ولا ادري ماذا!!؟"
" كل ما هنالك اريد ان... كل ما اقصده.. هو" حك جبينه وكأنه حاول في ذلك الوقت انتقاء حروفه حتى تخرج دون جرح مشاعري فصرخت انا به " ماذا؟!"
" اخبريني بماذا.. تشعرين وانتِ بجانبه وهكذا.. وليس ابعادك عن الطريق معه " صمت قليلا واكمل بتوتر " ربما بدأت كلامي بطريقة خاطئة.."
قاطعته بعتاب " كعادتك.."
امسك يدي وبدأنا السير في الطريق العام
" حقا اعذريني دائما اجرحك.." ثم بحماس " هيا اخبريني.."..
اخذت نفسا عميقا ثم اخذت اتحدث بحب كبير اختزنته عضله قلبي
" اشعر بجانبه ان الوقت يمضي بسرعه كبيرة.. اشعر بمشاعر كثيرة تجرني نحوه .. كأنه هو الشفاء لأوجاعي.. وبلسما لقلبي.. لا ادري حقا وكأن السعاده قد ارتسمت وانا معه.. "
قاطعني متسائلاً " وهو..كيف؟!"
ابتسمت ثم " اشعر بتوتره الكبير.. عيونه التي تحدثني وتبعث في نفسي السعاده و الحب.. ارتباك نظراته عندما تلتقي عيوني بعيونه.. غير معاملته المختلفة لي وكأنني.."
اكمل عوضا عني ونحن نعبر تقاطع الطرق حيث خرجنا عن الطريق العام " أميرته.."
ابتسمت اثر تلك الكلمه ثم ...
" لقد ركنت سيارتي هنا.. هيا لأوصلك.." اتجه نحو سيارته ثم فتح الباب الامامي لي
نظرت اليه بنصف عين " لم أعهدك نبيلا هكذا... فتح باب السياره وما شابه.."
" انا دائما هكذا.." ثم مد يده كالنبلاء " تفضلي ايتها الامييرة"
ضربته بيدي ثم قلت بغرور..

" ابتعد عن...ريم.. طريقي لا... اين.. احتاج.. ذهبت.... يا حمقا... مساعدتك.." )))

واختلط صوت الحاضر مع صوت عقلها الذي يستذكر ما حصل في الماضي لينتشلها من ذكرياتها صوته الذي امتزج بعبارتها التي من الماضي " ابتعد عن طريقي لا احتاج مساعدتك.." وعباره الحاضر الخارجة من فم رامي " ريم.. اين ذهبت يا حمقاء.."
ثم بسخرية اكمل رامي " ام انه ذلك المسكين قد استحوذ على تفكيرك من جديد..."
قالت بضجر وهي على نفس وضعيتها " لا.. احاول التذكر لاستنتج سبب قبولها العمل.."
" كل هذه المدة وانتِ تعايشين الماضي.."
قالت وهي تضع الورقة التي بيدها " لا فقط بدأت من اول النهار.. حتى استطيع ربط الاحداث واتذكر بشكل اسرع.."
وانطلقت ضحكته ثم قال من بينها " هل.. حقا..ما .... تقولين؟؟!"
ريم وهي تضربه بالوساده " اصمت.."
وبعد مده صمت رامي وحاول الخروج من وضعية الضحك تلك لينتقل الى وضعية الصمت.. ليدهشه سؤالها الذي خرج " هل تعتقد ان ذهاب مجد السبب..."
" هاا.. ماذا؟!"
اكملت وهي تعيد ضبط شعرها وتبعده عن وجهها " بعد عودتي ذلك اليوم.. قرابة الساعة الرابعة .. ممم"
" اجل اكملي..." رامي وهو يتجه للجلوس مقابلتها
" كانت حقائب السيد مجد في الردهة الامامية.. اقصد سفره بالرغم من جدي.." صمتت قليلا وهي تتذكر
" وما علاقته..؟؟!" رامي وهو يحاول استيعاب ما تقصده
وبعد مده خرج صوتها " في المساء.. بعد العشاء ونحن جالسون بالصاله.."
رامي بنفاذ صبر " اذا.. الخلاصة يا ريم.."
" حسنا.. حسنا... كانت قد اعلنت موافقتها... اقصد هل له علاقه بمجد!!.. فكما تعلم يا ابن عمي العزيز بأن ابن عمك والذي هو شقيق..."
ولكنها صمتت اثر سماعها صوت قمر القادم من الخارج وهي تنادي
"رامي.. ريم .. انا مستعدة..."

*******


وعبر نافذه زجاجية تظهر من خلالها تلك الغرفه الهادئة.. الا من صوت جهاز ضربات القلب الذي يكسر حاجز الصمت بها.. مستلقيه بلباس المرضى الخارجين لتوهم من غرفه العمليات.. مستلقيه على ذلك السرير.. امرأة ذات ملامح متعبه وجهاز التنفس الاصطناعي قد شكل غطاء على وجهها.. وضربات قلبها التي تبدو مستقره الى الان.. يحف سريرها الابيض بعض الاجهزة المتنوعه.. ويمتد الى ذراعها انبوب شفاف يمر من خلاله ذلك الدم الاحمر...
زفر بحراره وهو يرجع خصلات شعره المبعثرة.. انه يشعر بالتعب حقا في ليله قضاها جالسا على كراسي المشفى للانتظار.. وحاله والدته تسوء كل يوم اكثر من ذي قبل ولكن اغلق عيونه بألم وهو يتذكر تلك الصرخات المستنجده المستنجدة من غرفه والدته..
" انها بخير يا رائد.."
فتح عيونه وادار بكامل جسده نحو ذلك الصوت تنهد وهو يأخد كوب القهوة من فتاه ذات شعر احمر ناري ويتجها كلاهما حيث المقاعد..
تفوهت جيداء بعد صمت " انت تخشى مصاريف المشفى.."
اومأ رأسه لتضيف وهي تضع يدها تواسيه " لا تقلق.. سأتكفل بالامر"
نظر اليها بقله حيله... لقد اثقل الحمل عليها كثيرا ابنه عم اكثر من اخت تسانده في محنه جميعا.. هو شاب في متوسط العشرينيات ولكن فقره لا يسمح له بأن يساند نفسه بنفسه.. حمله ثقيل جدا من يستطيع حمله وتحمله من قدر اجبر الفقر ان يلتصق به..
يجلس هو حائراً متلبكاً.. دينه على العالم اصبح كبيراً.. جيداء وعائله ريم!!
وضع رأسه بين راحتيه بتعب شديد.. لقد جعلته الدنيا يعاني من ابشع الاشياء وهو الفقر.. العجز.. !! وخرجت آهة منه على مسامع جيداء التي نهضت من مكانها بهدوء شديد وهي تنتشل هاتفها النقال من حقيبتها السوداء...

مر الوقت واصبحت الساعه العاشره والربع تقريباً.. وخلال هذه المده كانت السياره السوداء التي تقل ريم ومن معها تعبر طريقها في شوارع هذه المدينة الضخمة!! الى ان آل بها المطاف و ركنت تلك السياره السوداء على جانب الطريق.. امام بناء مشفى العاصمه الضخم ليترجل منها ثلاثتهم.. ريم.. رامي.. وقمر!!
اخذ كل واحد منهم يسير بذهنه المشتت.. وتفكير وصراع داخلي يمزق انسجه الدماغ ويسبب الألم الشديد.. واخيرا تستقر اقدامهم على ارضيه الطابق الارضي لهذا المشفى ويبدو ان ريم كانت متعجلة للوقوف بجانب وحيد قلبها فسارعت بالمضي نحو المصعد الكهربائي ليعلق رامي بسخريه " حمقاء.." فتبتسم قمر وتؤيده وتقول وهي ترجع خصله من شعرها " انه الحب!!"
ثم... توقفت لبرهة.. انها نفس تلك الطفله التي رأتها.. ازدردت لعابها وقد ملأت الغصه حلقها... وهي تتذكر ذلك اليوم.. بكاء طفله من اجل بعض الحلوى.. !! لعلكم تذكرتم تلك النزهة؟! وذلك الموقف الذي جمعها بطفله تبكي!!
تأملتها من جديد تجلس على احدى المقاعد في المشفى.. تعبث بفستانها القصير النافش.. خطوط شعرها الذهبيه كالشمس الحارقه.. عيونها الزرقاء تذكرها بماض سحيق.. بامرأه أنانيه.. باحزان وآلام!! هي لم ولن تبكي الان!!
قاع بئر سحيق من الاحزان انتفضت الان في قلبها وعقلها!! كل ماضيها اعلن ثورته لاحتلال عقلها هذه اللحظة.. وذلك الملجأ الذي احتواها!!
لماذا تطاردها تلك الذكريات الاليمه الان!! كما طاردتها سابقا عند رؤيه الفتاة على الارضيه العشبيه تبكي!! واخذت ابتسامه تعلو شفتيها بل انها مزيج من ابتسامتين،، فأولها ابتسامه الم وبجانبها.. بل ملتصقه بها ايما التصاق.. تلك الابتسامه التي تدل على السعاده.. حيث تطوف على ذكراها ذلك اليوم...
فلنذهب نحن ونستكشف ما حصل يومها.. ونستعرض احداث لم تكن بين ثناياها قمر... ولم تعش هي في تفاصيلها..

( امسك بيدها وساعدها على النهوض حيث كانت الصغيره ( ملاك ) تشاهد ما يحصل امامها باستغراب وخوف... ليتواليا بعدها عن الانظار نحو وجهةٍ قد طرأت لمجد حين رأى حالها الحزين ذاك.. فلم يكن يدرك ما عليه فعله بالتحديد... فداخله وخارجه كانا يريدان ابعادها عن كل شيء.. لو يتوقف الزمان قليلا ولو استطاع ابعاد تلك الطفله من امامها لما حصل الذي حصل.. فمشاعره متضاربه.. و يبدو عليه الخوف وارتاجفه اوصاله واضحه.. ولكن لم تكن قمر بالحال الذي تستطيع فيه ادراك او فهم ما يحصل للحديدي الذي تشبثت به كطوق نجاتها من ماضيها السحيق.. وما ادركت الا ان قادها الى جزء من الحديقة الكبيره منعزل عن بقيه الناس.. كان الممر موحشا ومظلماً كظلمه قلبها.. كانت تسير ودموعها تهطل من غيومها.. الى ان صدر ضوء خفيف.. ليبعد مجد بعض اغصان الشجر ليأتي بنا الى الجنه الخضراء التي امامنا...
خطت قدماها تلك الجنه.. لتتفاجئ قمر من وسط دموعها والامها.. هذا المكان.. انه حقا يشبه الجنه.. فالاشجار في كل مكان.. خضراء باسقة تلمع اوراقها من ضوء الشمس المسلط عليها.. وأزهار بشتى الانواع والاصناف.. فتلك الوردية.. والصفراء.. والبنفسجية متراميه بكل الاطراف... اخذت تغمض عيونها وتفتحها مرات متعددة.. ولكن سرعان ما قوست فمها وهي تنظر بعيونها نحو مرج الازهار ذاك لتقول بغصة والم وهي تتذكر والدتها التي تخرج لها من بين الفنية والاخرى من مرج يشبهه " امي.." وتوالت دموعها للسباق ايها ينحدر من عيونها اولا ليتخذ مجراه على وجنتيها من جديد.. فبرغم السنين.. وبرغم صغر سنها الا ان الم الفقدان ما زال حيا في قلب قمر.. وكأنه يولد من جديد مع كل يوم تعيشه...
اخذت تشد على يد مجد بدون وعي منها وكأنها تحاول استمداد القوة منه وتخفيفها او ارسالها الى جسده.. والذي شعر بسكاكين حادة تمزق قلبه.. ليقول لها " هل نعود؟!"
تجيبه هي بهز رأسها نفيا.. وتحاول الابتعاد عنه و تذهب حيث المرج لعلها تلتقي بوالدتها من جديد.. ولعل ابتسامتها تعود لتنير وجهها القمري.. ولكن يده الصخريه حدت من حركتها بعض الشيء واتبعها بصوته المغلف بالخوف والقلق " لا تبدين بخير ابدا.."
تقاطعه بقولها: " سأكون بخير.." ثم تنظر ناحيه المرج وتخرج شهقه منها وكانها سيف حاد غرس في قلبه " ولكنه يشبه المكان الذي ارى امي فيه.."
وبعد تلك الكلمات التي خرجت.. تشعر بيده قد ارتخت و فكت اسرها لتمسح دموعها بكلتا يديها وتنظر اليه.. عيونه تظهر بها لمعه غريبة مثبته بالفراغ اما وجهه كان مشدودا يعتليه الجمود لا حراك فيه ابدا... كان ينظر الى الفراغ بشكله الصخري المعتاد...
وبعد مده خرج صوته الهادئ: "حسنا.. سأذهب لأجلب لك الماء.." فتومئ برأسها.. وصوت من داخلها يقول.. ابقى بجانبي ارجوك، انت الامان لي,, اشعر بجانبك بالامان.. ابقى.. لا يهم كلامك المسموم ابقى معي.. لا اريد ان تغادر دنياي وتتركني كما يحصل في حلمي..
وخلال استنجادها الداخلي يختفي عن الانظار وهي تلاحق ظله بعيونها...
ثم اخذت تسير ببطء شديد.. محاوله ان تتمسك ولا تستسلم لدموعها من جديد.. تشد على قبضه يدها عندما تشعر ان دموعها ستغلبها وتغمض عيونها بقوة شديده لعل بلوراتها التي تتجمع وتغزو عيونها تعود الى ادراجها.. وما ان فتحت عيونها للمره الاخيره بعد اغلاقها.. استقبلتها تلك الزهرة الحمراء.. البعيدة عن بقيه عائلتها.. فتتوجه نحوها لتجلس بعدها على الارضيه العشبيه بجانبها..
" يبدو انني لست الوحيدة فقط في هذا العالم..( تنهدت ثم اكملت ) انتِ وحيدة مثلي.. ( اخذت تنظر الى ما حولها بعيونها الحمراء) انظري كل هذا الجمال الذي حولك الا ان الجميع قد تخلى عنك ايضا.."
اخذت نفسا عميقا وهي تداعب بتلات الزهرة التي خفت رطوبتها " اعلم ان الوحدة صعبة جدا.. وهذا ظاهر من مظهرك.. فانتي جافه مثلي"
ثم صمتت قليلا واغمضت عيونها بألم " هل تعلمين سبب وحدتي؟!" لتفتح عيونها من جديد و إذ باحدى البتلات قد فارقت زهرتنا وسقطت ارضا لتكمل بألم نابع من قلبها الرقيق: " انا اشعر نفسي دائما وحدي.. لا اشعر بأي احد معي.. هناك شعور قوي بداخلي انه ساكون يوما ما لوحدي.. اعاني من جديد.. لماذا كل ما اشعر ان باب السعاده قد فتح لي واحاول العبور من خلاله و إذ به يغلق من جديد.. ألا يحق لي ان اكون سعيده.. هل السعادة غير مكتوبه في قدري؟!"
وخرجت كلمتها الاخيره بصعوبه حيث شعرت بالكلمات تخنقها وتشد على قلبها بقوة لتخونها دمعه جرت مجراها لترافقها أخواتها من الدمعات.. وبصوتها المخنوق ومن بين بكائها " بالرغم من وجود الجميع الا ان الوحدة تلازمني... كل ما اريده من من الحياه شيء واحد.. " صمتت قليلا وقالت بنفس نبرتها التي زادت سوءاً " امي.. اريدها هي فقط.. اريدها ان تعود لي لأرقد بسلام معها.."
وانطلقت شهقاتها المريعه تسيطر على المكان.. ودموعها التي أخذت تتحدث بالنيابة عنها.. دموع مليئة بالهزيمة والانكسار.. مليئه بالضعف.. الألم.. والعجز.. معانٍ كثيره تمثلت بدموعها والتي لا لم تستطع مفارقتها منذ زمن طويل..
اخرجت من جيبها ذلك العقد.. عقد والدتها المكسور.. ذكراها الوحيدة.. لتشد عليه بكلتا قبضتيها بما استطاعت به من قوة.. ثم ضمته الى صدرها وهي تبكي بحركة...

" لا تبكي.."
صوت ينبع من داخلها من جديد.. بل صوت نبع من جهة معينه.. من عقلها الباطني .. كان الصوت حنونا لأبعد حد.. مشاعر احست بها قمر لم تشعر بدفئه منذ زمن.. صوت يبعث فيها القوة من جديد.. صوت غاب عنها لسنين كثيره.. اخذت تبحث عن مصدره ولكن دموعها المتجمعه في عيونها حالت دون رؤيتها.. وتكرر الصوت لمرات عديده قائلا..
" لا تبكي.."،،،
"لا تبكي يا قلب والدتك.."
لتصرخ بصوت عالٍ " امي.." لتتهالك بعدها على الارضيه العشبية " اين انتِ.. عودي ارجوكِ.. عودي.."
" انا هنا بجانبك.. معك.. انا دائما في قلبك.. ولكن توقفي عن البكاء.. ارجوك.."
قالت قمر بانكسار وهي تحاول ايقاف دموعها " عودي.. او انا اذهب اليك.. ارجوك.."
وخرج صوت والدتها حنونا كعادته " انا معك دائماً.. اتواجد في قلبك الانيق.. انا هنا توقفي عن البكاء.."
ثم اخذت قمر تبحث عن والدتها بكل امل وشوق لرؤيتها ولكن دون جدوى.. فلم تسطع رؤيتها لتقول بانكسار اكبر.. وحزن شديد " السبب هو.. مجد.. منذ ان كسر القلادة.. اخر ذكرى لك يا امي.. لم استطع رؤيتك من جديد.." ثم صرخت من جديد " امي.."
واخذت تضرب بيدها الارض بحسرة والم في قلبها بسبب معذبها.. وخارت قواها تدريجيا.. لتغلق عيناها بألم.. ثم...

شعرت بذلك النور الذي يضيء المكان واحست بموجه من الرياح الخفيفه التي تداعب العشب الاخضر لتجعله يتمايل ذات اليمين وذات الشمال... تلامسها تلك الرياح وكأن تلك الرياح تضربها بغته وتجفف دموعها.. ومن بين دموع علقت على وجنتيها تحاول تلك الرياح تجفيفها والنور القوي الصادر من جهة البحيرة....
تصرخ بسعادة عارمة ودموع من الفرح تشكلت على حواف عيونها " امي.."
خرجت بثوبها الناصع البياض.. ابتسامه على محياها توجهها نحو ابنتها الوحيدة التي تنظر اليها بعيون عسليه قد ورثتها منها.. ليخرج صوتها الحاني وقد استقر جسدها على ضفه البحيرة " لا اريد ان ارى دموعك بعد اليوم.. يجب ان تكوني اقوى بكثير لتتغلبي على ضعفك هذا.. لقد مر سنين طويله على فراقنا.. اشعر باشتياقك.. ولكن دموعك تؤلمني.." واخذت تشير الى قلبها بمعنى هنا لتسارع قمر بمسح عيونها بسرعه كبيرة فتكمل والدتها " ألم يقال ان الصبر مفتاح الفرج ( لتومئ قمر هنا برأسها وتكمل والدتها ) اذا ما عليك فعله هو الصبر.. الصبر على ما يصيبك.. فبعد صبرك ذاك ستنالين سعادتك.." ثم اخذت امها تتراجع عائدة الى قلب البحيرة وصورتها تخف تدريجيا مع ذلك النور الذي صدر معها وكلامها الاخير " اصنعي سعادتك بنفسك.. فإن لم تستطيعي ابحثي عنها.. لعل ان تجديها بأكثر شيء تحبينه ثم همست لها " احبكِ يا قمري.."..
****
غمامة سوداء قد احاطت به.. وهو يستمع الى كلماتها التي تخرج بألم وقهر.. هل سمعتم بأحد يكره نفسه.. اجل هو قد كره نفسه هذه اللحظة ..فمهما يحاول الابتعاد عن الخطأ وجرح الاخرين يعاود بقسوة قلبه فتح الجراح.. كان قد ذهب لاحضار بعض الماء ليخفف من وطأة الحزن التي حلت بقمره ويجعلها تشعر بالراحة بقليل من الماء.. لقد شعر بقلبه يفيض ألما على حالها لذلك ذهب عنها سريعا مبتعدا حتى لا تخونه عيناه الحجرية وتنحدر تلك الدمعه التي علقت بها... وقد طالت مده غيابه حيث ورده اتصال من احدهم ليتكلما حول شيء يخص الشركة.. وبما اننا لا نفهم من عالم الاعمال الشيء الكثير لن نهتم للحديث الذي دار بينهما.. اغلق هاتفه بعد ان قام بشراء علبتين من الماء البارد وبعضا من الحلوى.. وقادته قدماه حيث هي ولكن.. توقف فجأه وكأنه تذكر شيئا ما.. شيئا يزيح الهم عن قلبه.. فغير مساره مبتعدا حتى تلك السياره الحمراء واختار طريقا لا يستطيع به البقية رؤيته ولكن هل نقول لسوء حظه ام لا!! فقد صادفه رامي بالطريق وابتسامه على وجهه وكأنه يوجه رساله له قد فهم مغزاها.... تجاهله ليتوجه ثم فتح الصندوق الخلفي ليخرج جيتاره الوحيد.. صديقه الذي يزيح جبالا من الهم والغم.. وعادت به ادراجه حيث تركها تستريح... بهدوءه المعتاد.. بل بجموده الذي عهدناه سار بطريقه للعودة متناسيا بل دافعا كوم المشاعر عنه...
الا ان صرخات مدويه استقرت في قلبه.. وجعلت لهيبا حارقا يستقر في عضلته التي تستقر في يسار جسده... كلمات خرجت لتعذبه وتجعل قلبه يفيض من الالم.. الحزن..
" عودي.. او انا اذهب اليك.. ارجوك.."
" السبب هو.. مجد.. منذ ان كسر القلادة.. اخر ذكرى لك يا امي.. لم استطع رؤيتك من جديد.." ثم صرخت من جديد " امي.."
كان صوتها يمتلأ بدموعها التي تتدفق بغزاره .. اراد ان يصرخ.. اراد ان يحمل الالم بدلا عنها فهي ذات قلب رقيق لا يتحمل.. هي فتاة بقلب طفلة .. تمنى لو انه لم يكن موجودا بحياتها .. او حتى ليت والدته لم تلده حتى لا يتسبب في كل هذا الالم في قلبها.. حتى لا يتسبب في اذيته... لقد كسرت اخر ذكرى لها يا مجد.. ماذا فعلت باجمل ما يعيد لقمر ابتسامتها !! هل هانت عليك سعادتها.. لقد كسرته بسبب غيرتك.. بسبب قلبك القاسي.... ااه يا قمر ليتك صرخت وقلت انه لامي.. ااه يا قلبي الممزق.. ماذا فعلت بها؟؟!... وبعد صرختها الاخيره تنادي بها والدتها.. كان داخله يتألم كثيرا ليشعر بقلبه يتمزق اكثر فأكثر.. لتصدر منه دموعا من الصميم... وسهاما قاتله تستقر في احشاءه.. وحرقة كبيره شعرها على خديه.. ليلامس احدهما واذ بدموع حارقه قد استسلمت أخيرا وخرجت من قلب ذلك الحديدي... واستمر على حاله يذرف دموع الالم بصمت الا ان تجمدت اطرافه.. فلا يسمع لها اي نحيب.. ولا يسمع لها اي صوت.. غزاه تفكير سيء بأن مكروها حل بها.. فسارع بخطواته وحاول ابعاد اغصان الشجر.. ثم اخذ يجوب بنظره خوفا وقلقا الى ان رآها....



اصيب بالذعر.. وتلاشت قواه.. شعر بقدميه لن تستطيع حمله وترك ما بيده مسرعا هائما على وجهه غير مباليا بجيتاره الذي اصطدم بالأرض... وصل ورثى بركبتيه.. ملقيه هي على الارض والتعب واضح بل مرتسم على ملامحها...وبرعب اكبر أخذها بين يديه المرتجفتان وهي يدعو بداخله ان تكون بخير وتعود الى وعيها.. ثم يضع رأسها على اليمنى وبيده الاخرى يحاول ايقاظها...

شعرت بذلك الصوت الذي يناديها من بعيد.. تردد اسمها مرات لا تسطيع ان تحصيها.. ذهب ذلك الصوت فجأه وعادت على ظلمتها من جديد.. مضت مدة لم تستطع ان تحصي دقائقها.. ليعود ذلك الصوت مع شيء بارد تسلل على وجهها.. شعرت بضوء خفيف يزعج عيناها.. وصوره غير واضحة تتمثل.. اخذت تغلق عيناها وتفتحها لمرات عدة... الى ان شعرت ان احدهم قد ساعدها بالاعتدال في جلستها كانت مازلت مغمضة عيناها بسبب ضوء النهار.. وتلك اليد ما زالت خلف ظهرها تشعر بارتجافها... وصوت يخرج لم تستطع تحليل حروفه بعد..
وبعد محاولات عدة لانتصار عيونها على الضوء.. فتحتها بتعب واضح.. لتلتقي عيونها الناعسه بعيونه التي ارسلت خيوطها المغناطيسه نحوها.. لم تكن تدرك اي تفسير لعينيه.. فبريق مختلف قد ظهر بهما... حزينه.. لا بل نادمة... قلقه.. لا تدري حقا أي تفسير منطقي تضع لفحوى عيونه وكأن مشاعر الدنيا قد سكبت بعينيه واختلطت برمادها...
" هل انتِ بخير..؟!" خرج صوته مرتجفا بعض الشيء.. لتخرج هي من الحلقة المغناطيسية التي جذبتها.. وتزيح بنظرها ناحيه البحيرة وتبتسم.. " أجل.."
ثم اعادت بنظرها اليه.. وعاودت الغرق في بحر عيناه من جديد واخذت تحدث نفسها ^ اذا كان رؤيتي لك يا امي حلما.. ولكن من الجيد اني رأيتك.. اشعر وان السعادة قد تدفقت في عروقي.. وبرؤيتك ادخلت الامل والتفاؤل.. وشعرت بالفرح يغمرني ويسير بدمي ^ وهنا اتسعت ابتسامتها اكثر امام عيونه المندهشه.. لتقف على حين غره وتدور حول نفسها وهي تضحك بشدة.. وتصرخ بصوت عال.. وكأن الحياة ساندتها من جديد متناسيه وجوده " وأنا احبك يا امي.."
وهنا ايقن مجد ان منبع تلك الابتسامه التي لاحت على شفتيها وهي فاقدة للوعي رؤيتها لوالدتها المتوفاة.. فكما اخبرتهم ريم بأن والدتها تزورها في احلامها بين الفنية والاخرى..
نهض من مكانه وعلى مسامع ضحكتها الرنانه تمنى ان تبقى ملازمه لها.. لا يدري لما قلبه يؤلمه جدا... يؤلمه لدرجه لم يشعر بألم كهذا من قبل.. التقط جيتاره والحاجيات الاخرى التي جلبها لقمر.. وبعد ان استدار عائدا كانت قمر قد شعرت بالتعب من شدة دورانها.. وقعت على الارض وهي تلهث سرعان ما ضحكت بطفوليه قد آلمت قلب مجد.. وهو يتقدم نحوها بخليط عيونه السابق والتي تجعل قمر اسيره هواه.. حيث بدأت ضحكتها الجميله تخف تدريجيا لتعلقها بعيونه الرماديه..
انها الجاذبيه بالنسبه لها... فليبطل نيوتن كل قوانينه ويعاود ترتيب نظرياته من جديد.. ويخبر الجميع ان الجاذبيه هو رماد عيني ذلك الحديدي
نزل لمستواها وهو يقدم لها الماء وبعيونه دمعه لا يستطيع افلاتها ولا سجنها بداخله... ثم يعطيها الماء ويقف مسرعا متجها بجسده نحو البحيره.. لتنتبه هي لفداحة ما تفعل.. وتثني عليه بكلام الشكر لتسرع وتنهض متجهه حيث تلك الزهرة الحمراء... بينما هو يقوم بمسح تلك الدمعه التي خانته ويعاود النظر الى طفلته من جديد وحريق في قلبه قد انتشرت السنته وامتدت الى جسده مع كل دقيقه تمر.. انها اشبه بالطفله وهي تسقي الزهره.. انها انيقه وبريئه..
مجرد حلم صغير اعاد السعاده اليها... انها اشبه بالاطفال فلا تستحق معاملتها يا مجد بتلك الطريقة..
تنهد تنهيدة نابعه من قلبه وهو يراها تتوجه نحو الارجوحة الخشبيه مبتسمة المحيا تنظر اليه... ذهب و اخذ جيتاره بعد ان عزم على ادخال السعاده الى قلبها هذا اليوم وان يحاول بأقصى جهده إلانة قلبه.. وهمس بألم وعيونه المثبته على ذلك العقد الذي بيدها وهو يقترب " لو كنت اعلم فقط.."

اخذت تبتسم بعدها عندما بدأ بالغناء.. واخذ يطلق صوته الجميل.. ولنضيفه الى قائمة الجاذبية مع عيونها.. وبعد مدة شعر بالتعب ليتوقف عن العزف والغناء في منتصف الاغنية لتكملها هي وهو كله دهشة من لغتها الفرنسيه.. وتذكر لاحقا الامر الخاص بفرنسا.. وحاول قدر الامكان ان لا يضحك على صوتها المريع.. فلم تكن تغني بل كانت تصرخ وتصرخ... لتتعب حنجرتها وتصمت ثم يطلق ضحكة عاليه منه على اثر توقفها لتنظر اليه ببلاهه ثم تفتح عيناها على اتساعها لتدرك انه يسخر منها.... ومن شدة براءتها وعفويتها تضحك معه لانها تعلم ان قدراتها بالرسم تفوق كل الشيء ولكن البكاء هو المتصدر بكل الاحوال.... ليستريحا بعدها من لعبه الغناء الذي دامت اكثر من ساعه للانتقال الى لعبه الصدق ام الشجاعه.. وكان اخر ما اختاره مجد الشجاعه... لتستقر بفكره شيطانيه تبعتها ضحكة خفيفه وهي تنظر الى شيء ما ليلتفت خلفه ويفرغ فاه..
" لا اصدق.. غيرت رأيي.. اختار الصدق.."
ضحكت قمر فقالت وهي تهز رأسها " لا لا.. انت اخترت الشجاعه.."
نظر اليها بشكل بريء حتى يثير شفقتها ولكنها قالت وهي تشير بيدها لا.. تنهد ثم " اختاري شيئا غير البحيرة.."
قمر بنبرة سخريه " مجرد بحيرة.. هل تخشى الغرق.. ثم ان شروط لعبتنا معروفة.."
قال وهو يبسط ساعديه " وانت ذكيه اخترت الصدق وتعلمين ان مجد المتعاطف لن يحاول معك بأسئلة محرجة.. كم انتِ ضعيفه ولست شجاعه.."
" قلت ذكية... " قالت بتحد وهي ترفع احدى حاجبيها
"اااه..."
ضحكت من كل قلبها على مظهره وهو يحك جبينه ثم اكملت بجديه " لا يوجد تهاون.. هيا للبحيرة.."
وامام ضحكتها وقف الزمان بالنسبة له.. ليصبح سجينا بها.. غير مدركا لما حوله.. لا يشعر بشيء الا بذلك القلب الذي ينبض بداخله وبصدى صوت يخرج من قلبه مرددا قمري.. قمري الوحيد.. ملاكي الابدي.. هائما بعيونها العسلية التي ازدادت جمالا مع سعادتها.. وصدى ضحكاتها يتردد في عقله كموسيقى يميل القلب اليها... وامان نظراتها المستنكرة لوقوفه وهو ممعن النظر اليها... طارت فراشات الحب حولهما لتنثر سحرها عليهما...
وشعور جميل لم ترده حينها ان ينتهي ...)))

تنهدت بأسى وهي تعود الى واقعها مع ابتسامه رافقتها بعد خروجها من بحر ذكرياتها... لتطوف على سطحه تحدث نفسها..^ كم كنت جميلا وقتها يا مجد.. ااه ان الشوق يملؤني وحنين غريب يسير في جسدي.. اتذكر ذلك اليوم الجميل وابتسم واشعر بقلبي ينبض بشدة .. ادركت بعدها كأنك تعتذر لتصرفاتك.. كانت المره الاولى التي تشعرني بسعادة كبيرة.. ولم تعلن حربك ولا كلامك القاسي.. لقد كان وداعك بطريقه جميله ولكنها مؤذية لقلبي.. رسخت في ذاكرتي... لقد شعرت بعطفك وحنانك.. وانك تملك قلبا يضاهي قلب الامهات...."
وظلت على حالها هذا تتأمل تلك الطفله بشرود ممتزج بحزن شديد غارقه في افكار ودوامات من حزن وأسى...

اما رامي فقد لفت انتباهه تلك الفتاه.. تقف مع رجل ببذلهة سوداء قاتمه بالقرب من قسم الاستعلامات الخاصه بهذا الطابق.. يبدو انه رجل فاحش الثراء.. تساءل هامسا " أليست تلك قريبه رائد..!!" شعرها الناري الصارخ الذي جذبه من البعيد والذي يبدو جذابا لرجل يحب النساء مثله ولكن.. يد ذلك الرجل التي انقضت على معصمها لتشعر بالألم.. لم يفكر بشيء سوى انه تقدم ببطئ ثم....

شعرت بتلك الكلمات التي واجهتها واخرجتها من عالم احزانها.. انه رامي يقف بجانبها ويبدو قلقا.. يفكر بشيء ما!! تبدو علامات الاستغراب قد تملكته!! علامات وجهه البشوشه قد اختفت!! ابتسامته غابت عن وجهه!!
قال لها بكلمات مقتضبه " هيا.. لا اريد ان أتأخر كثيراً.."
نظرت اليه بعدم استيعاب.. فرامي لا يعاملها بذاك السوء ابدا.. انه كالأخ بتصرفاته وبحنانه.. فليس من عادته تلك الكلمات المقتضبه استهجنت الامر برمته فكادت ان تسأله لولا يده التي امتدت ليشير اليها بأن تسير امامه فأذعنت لذلك وآثرت الصمت ليتوجها بعدها معا نحو المصعد تحاول فك تلك العلامات والتساؤلات التي عصفت في عقلها
اما هو يحاول انكار ما سمعه قبل قليل....


يتبع،...




 توقيع : جنــــون




مواضيع : جنــــون



رد مع اقتباس