أغلقت الباب بهدوء و قالت بصوتها الناعس وآثار البكاء على وجهها " لن تكون هنالك حجة بعد ذلك.. لقد قالت لك تلك المرأة ما يتوجب عليك فعله "
أخذ يهز رأسه بقلة حيلة وعدم تصديق " لا استطيع.."
قالت وهي تحاول اقناعه " انظر الى هذا المكان جيداً.. أما آن الأوان لتخرج منه.. "
زفر بضيق فأكملت وهي تضع يدها على كتفه " انا أتفهمك جيداً.. انت منصعق لما حدث وأنا كذلك ولكن هذه معجزة حتى تخرج من هنا وتعالج أمك.. وتؤمن حياة جميلة لشقيقتك.. "
صمتت قليلاً ثم أردفت بحزن " ما زالت صغيرة لتعيش فقراً مريراً.. ويقع على كاهلها هماً من الأن .. من حقها هي ايضاً ان تتعلم في افضل المدارس.. وترتدي ملابس ثمينة وليس ملابس قديمة مشقوقة.. "
" اعلم.." وهو يدلك صدغيه
ابتسمت وازاحت خصلة من شعرها الأحمر عن عينها " وانت أيضاً.. حصلت هذه المعجزة كي تفعل ما تخشى منه.. اصبحت تستطيع ان.."
قاطعها قائلاً " ولكن ألا يكون هذا بنظر الأخرين استغلال .."
" انت حقاً مجنون يا رائد.. هل أخذت جزءاً من عقل ريم الصغير لتقول هكذا..."
اجابها بهيام " عندما تعشق احداً تصبح تردد مثل عباراته.. و ... "
قاطعته بسخرية " حسناً.. ايها العاشق المجنون لا تبدأ.. " ثم أكملت تتحدث بنبرة جادة " انظر انت تمتنع عن لقاءها كثيراً ولا تحاول جاهداً مصارحتها،، الا تدرك انها تحبك وتعشقك بجنون .. ماذا تكون برأيك تفعل الأن.. تكون التعاسة مرسومة على وجهها.. انت تحبها ومن اجل حبك افعل ذلك.. لا تجعلها تتعذب اكثر ( ثم أشارت الى قلبه) ولا تجعل هذا يتعذب "
نظر الى تلك الورقة البيضاء مطولاً بحيرة وقلق " لا أدري يا جيداء "
تنهدت بملل من محاولات اقناعه ثم قالت بإصرار " رائد هذه فرصة تأتي للشخص مرة واحدة على الأقل.. اسمعني جيداً هذه الحياة التي تعيشها الآن سوف تذهب بها عرض الحائط وتقبل الفرصة التي أتتك على طبق من ذهب لتجعلك تنتقل الى ذلك العالم الآخر.. وإن كان انتقالك بعد مدة،.."
نظر اليها مطولاً وارتسمت السعادة على وجهها ولكن تبدلت تلك الملامح عندما قال " ليست بالمدة الوجيزة، ولكن دعيني افكر.. "
قالت بضجر " حقاً انت شخص يصعب اقناعك.. لو أتتني هذه الفرصة بالتأكيد سأوافق.. "
اعتدل في جلسته وقال ببرود " هذه أنت.. "
قالت بتردد " هل يمكنني ان أسألك سؤالاً."
"تفضلي.. "
" هل عندما يتم رفضك من قبل أهل ريم وتذهب هي الى رجل آخر .. ام عندما يصبح من المستحيل ان تتعالج أمك من مرضها وتصبح حالتها اسوأ من ذلك وتصبح شقيقتك خادمة تعمل ليلاً ونهاراً.. سيؤنبك ضميرك ويصبح الندم رفيقك.. ؟!"
شعر بالخوف من كل ذلك وقال بصوت مرتجف " لماذا تتحدثين هكذا.. لن يحدث اي شيء لأمي أو لشقيقتي وحتى ريم كيف سأعيش بدونها !!"
قالت بنبرة مقنعة بعض الشيء " اذاً تقبل ذلك الكرسي الذي ستجلس عليه .. وربما تتغير حياتك وتصبح ريم ملكاً لك ولن تستطيع حينها رفضك او الذهاب الى احد آخر .. وستحل جميع مشاكلك! ألن تفعل ذلك من أجل تلك المرأة العجوز ؟!"
" ولكن.."
قاطعته جيداء " انها تفعل كل شيء لأجل حفيدتها، لا تردها خائبة، من أجل ريم ومن أجل والدتك من أجل حياتك يا رائد.."
حك جبينه فاردفت " لا يقع عليك الكثير، جواب واحد وهو نعم وتوقيع صغير حتى تجلس ها هناك إلى أن يأتيك حقك.."
شعر بالأفكار تتردد في أعماق رأسه وهرب الكلام من بين شفتيه كفأر على وشك الاصطياد .. وكلمات جيداء التي بدأت تسير في عقله و أخذ يخاطب نفسه في استغراب وحيرة، وقلق.. لكنه لم يعثر على شيء... فأيّ حلّ يختار، وأيّ عمل يقوم به؟
##############
ومع حلول المساء اجتمعت العائلة في الصالة يتبادلون اطراف الحديث حول أمور عديدة .. الى ان تساءلت الجدة بقلق عندما دلف مجد الى الصالة ويبدو عليه الإرهاق " أين كنت طيلة النهار يا مجد ؟!"
رمى بنفسه على الاريكة وقال بتعب " كنت على شاطئ البحر " وأغمض عيونه بألم وملامحه الحزينة التي بدت ظاهرة الى الجميع ..
" يبدو انك اصبحت تهمل كل شيء يا بني العزيز.. "
نظر الى والده بملل ثم قال " فرع الشركة الذي بباريس استلمه ماجد ابن عمي وانا اديره من هنا.. "
قاطعهم الجد " حسناً لا تبدأوا بحديث العمل.."
" أين والدتي؟؟" تساءل مجد
علق الجد معقباً " والدتك مكانها معلوم صالون التجميل او ليلة جميلة مع اصدقائها ولكن من الأفضل أن أسأل أنا أيضاً أين قمر لماذا لم تتناول الطعام معنا؟! "
وهنا استيقظت حواس ريم من شرودها لتنظر حيث مجد ثم تلتفت الى جدها وقبل أن تنطق أي حرف خرج صوت جدتها الذي يخبأه غضب كبير ونظرات غامضة ألقتها على مجد " انها متعبة قليلاً.." لتكمل ريم بارتباك " يبدو انها تقضي وقتها بالرسم لذلك هي متعبة.." ووجهت بصرها الى مجد الذي كان ينظر اليها بتهديد و وعيد لتشير هي بعيونها انها لم تخبر جدتها بشيء..
" اذا لا بد لها من هذه الرحلة .. لكي تروح عن نفسها قليلاً.. "
اومأت ريم رأسها مؤيدة .. بينما اكتفت الجدة بأن تلقي نظراتها الخاطفة على مجد " اذا يمكننا الانطلاق غداً صباحاً.. "
اجاب الجد " لا .. من بعد العصر يكون أفضل .. " ثم وجه كلامه الى مجد الذي نهض من مكانه ومشى بعض خطوات " وانت يا مجد لأن والدك سيبقى هنا من أجل عمله سيكون من الأفضل لو رافقتنا لأ..."
قاطعه قائلاً وهو ينظر الى جدته وكأنها بنظراتها المسبقة قد أوصلت له رسالة معينة
" لا يا جدي سيكون من الأفضل بقائي هنا.. " وابتسم ابتسامة باهتة " تصبحون على خير.." ليتبعه والده بعد قليل ويتبقى في الصالة ريم ذات الوجه الحزين تعبث بخصلة شعرها ببرود وصمت عميق خلف جدران من الألم والحزن وجدتها التي تحتسي كوباً من الشاي و تسترق اليها النظر من حين الى آخر وعلى وجهها التاريخي ابتسامة غامضة وجدها الذي يقرأ كتاباً ما ليتوجه بحديثه نحو الجدة حتى يبدد الصمت الذي غلف المكان " اذاً أين كنتِ طوال النهار.. "
أجابته الجدة بصوت هامس وهي تنظر الى ريم " كنت في مهمة عاطفية من أجل إنقاذ حفيدتك..."
ابتسم الجد ثم أردفت الجدة بقلق " ماذا حصل بشأن المأوى.."
وضع كتابه جانباً و قال مطمئناً " لقد حدثتني مديرته وأخبرتني بقدومه.. وكما أعلمتها ستقول ان كل فتاة تخرج من المأوى تهتم بشئونها الخاصة.."
صمتت الجدة للحظة ثم قالت بحزن " أليس هذا قاسياً على قلبه..؟؟"
" أليس ما فعله هو القاسي.. "
ثم التفت الجد موجها حديثه الى ريم " اذاً يا عزيزتي ريم " رفعت وجهها الى جدها فأكمل " لديك غداً يوم مليء وجدول مشحون يكون من الأفضل أن ترتاحي.. "
أومأت برأسها وتمنت لهما ليلة سعيدة حتى تخرج بعدها من الصالة ثم تتوجه الى غرفتها وترمي بنفسها على سريرها وتمسك بوسادتها لتضمها بكل قوة وألم ثم يبدأ موعدها مع الحزن وشلالات الدموع الى ما بعد منتصف الليل حيث ينتصف القمر في هذه السماء المظلمة محاطاً بأصدقائه النجوم ككل ليلة ليصدر اشعته الى العالم بأسره .. وهو يجلس في الحديقة الخلفية للمنزل ينظر الى القمر تارة ثم الى شرفتها تارة أخرى
" تحبني.. لا تحبني.. تحبني.." اخذ يردد تلك الكلمات وهو يقطع أوراق الزهرة الحمراء الواحدة تلو الأخرى واستمر في ذلك الى أن وصل لأخر ورقة " تحبني.." فأطلق تنهيدة طويلة و تساقطت دمعات لا تعد ولا تحصى وقال بنبرة كانت تكون أقرب الى البكاء وهو يوجه انظاره نحو شرفتها " اذاً لماذا لا أرى ذلك جلياً في وجهها القمري..."
$############
وضعت يدها فوق عيونها لتحجب خيوط الشمس التي تسللت بخفة من خلف زجاج الشرفة لتجعلها تلك الخيوط الذهبية تصحو من عالم تلجأ اليه حين الحزن والألم يكون سريرها هو ملاذها الوحيد لها ولدموعها الثمينة تنهدت بألم وهي تعتدل في جلستها وأخذتها قدماها حيث الشرفة لتأخذ نفساً عميقاً لعلها تطرد تلك الأحلام والكوابيس المزعجة التي أخذت تجعل منها زهرة ذابلة لتغلق عيونها بألم وتسترجع بذكرياتها مواقف جمعتها مع ذلك الرجل الحديدي الذي يدمرها بشتى الوسائل والطرق الممكنة.. مطلقا سمومه القاتلة بدون شفقة أو رحمة بحالها.. حيث ما يفتأ وفي اول فرصة لانفرادهما الا ان يذكرها بمعاناتها ويبدأ بسيل من الاتهامات والاهانات...
هزت رأسها بضيق وهي تفتح عيونها لتركز بانظارها على حنان ودفء هذا المكان الذي يبعث في النفس شعوراً بالراحة والسكينة .. وما لبثت أن فتحت عيونها على اتساعهما مندهشة بذلك الذي يستلقي بجسده الضخم على مقعد خشبي في الحديقة ضاماً نفسه بسبب نسمات الهواء الباردة التي كانت تلفحه.. وأخذت عيونها تنظر اليه ببريق اعجاب على مظهره الفاتن .. فمن ينظر اليه لا يصدق انه هو بذاته ذلك الرجل الحديدي العاصف ينام هكذا بهدوء كبحر سكنت أمواجه بعد يوم عاصف مليء بالأمواج العالية..
ضربت رأسها بخفة لكي تخرج من المشاعر الجميلة التي أخذت تسير الى قلبها وتتربع فيه صادة أبوابه اللعينة التي تحاول اخراجها
"كم أنتِ حمقاء.. " قالت هذا وهي تسير مبتعدة عن سجانها الذي اسرها بفتنته .. وأخذت ملامح الضيق ترتسم على وجهها القمري وهي تنظر بعيون دامعة على تلك السلسلة الذهبية لتلتقطها " ااه يا امي.. كيف يمكنني ان اسامحه على فعلته هذه.. ( ثم احتضنتها بقوة وقطرات الدمع التي تسقط من مقلتيها ) لقد دمر أكثر شيء يمكنني التحدث معك عبره.. امي ارجو.."
وخرج صوت حنون دافئ جعل قلب قمر يقفز خوفاً و مرحاً لتقول بلهفة وهي تنظر نحو مصدر الصوت " امي.. واخيراً عدتي.."
" اشتقت اليك يا عزيزتي.."
مسحت دموعها ثم ابتسمت " وانا ايضاً.. "
تساءلت صورة والدتها بعتاب " أتبكين على هذه السلسلة القديمة !!"
اومأت قمر رأسها فأكمل خيال والدتها الحنون " لا داعي لذلك.. فأنا ما دمت في قلبك لن تحتاجي اليها.. انا هنا في كل مكان اشعر بكي.."
اجابتها بغصة " ولكن يا امي.."
" لا اعتراض .. ان كنتِ تريدين بث همومك فقط تحدثي وانا سأسمعك.. هيا الى اللقاء الآن " واخذت تلوح بيدها مودعة ثم ابتسمت قائلة " كما قلت في السابق كوني قوية.. وابتسمي لتبتسم لك الحياة.."
وتلاشت صورتها امام نظرات قمر الحزينة....
###########
ومضى اليوم سريعاً اسرع مما كان متوقع وحان الوقت للخروج من هذا المنزل للذهاب في رحلة الى المنطقة الجنوبية .. تجهز الجميع ليستقلوا السيارة ويبدأ مشوارنا مع حكايات الأجداد القديمة والذي يقصها كلاً من الجد والجدة على مسامع ريم الشاردة بعض الشيء وقمر التي تستمع بكل حماس ولهفة وبهذه الحكايات تكون قد أبعدت همومها قليلاً.. وعم الصمت المكان بعد اعلان الجد عن بعد عدة أميال للوصول.. لتلتفت قمر الى ريم باستغراب على حالها الخزين هكذا " ريم. ماذا هناك.."
"لا شيء.." ريم وهي تتصنع الابتسامة
تساءلت قمر في حيرة وهي تنظر مباشرة الى عيونها " ألست سعيدة اننا سنكون سوياً لأيام قليلة.."
اجابت ريم باندفاع " هل انتِ مجنونة.. انا سعيدة دائما عندما اكون برفقتك.." ثم أخذت تقرص وجنتي قمر وتقول " انتِ افضل ما يسعدني.. هكذا عندما انظر اليك اشعر انه ما يزال هناك أشخاص طيبون في هذا العالم .."
علق الجد مازحاً " ولكن يا حفيدتي الجميلة لا تصدقيها مؤكد ان ضربة شمس ألمت في رأسها فليس من عادتها ان تتغزل في فتاة غير نفسها.."
ضحك الجميع على تعليق الجد ثم غلف الصمت المكان من جديد يعبث رأسهم بأفكار عدة فمن جهة كانت ريم تحاول ايجاد سبباً منطقياً لاتصال رائد بها .. .. واليوم قبل مغادرتهم المنزل بدقائق يتصل بها ويطلب منها اللقاء العاجل ولكنها رفضت قائلة " أننا سننطلق الآن الى المنطقة الجنوبية "،، زفرت بحرارة وهي تتذكر صوته الحزين والذي يبدو عليه الارهاق والتعب " ريم ارجوكِ .. فقط.."
قاطعته بحزن " لا استطيع يا رائد ،، فنحن على وشك الذهاب.. "
" حقاً !! اذا لنا ميعاد هناك.."
تساءلت باستغراب " كيف ذلك !!"
" سأخبرك عند قدومي ،، اهتمي بنفسك جيداً.."
ولكن ما سر قدومه !! ولماذا سيذهب هو الى المنطقة الجنوبية ؟! هل يعقل انه وجد له عمل براتب افضل !! هزت رأسها نفياً ،، لا يمكن فوالدته مريضة ولا يستطيع تركها !! ياا الهي ماذا يكون ذلك الذي يستدعيه للذهاب!!
ومن جهة أخرى كانت قمر تنظر الى الطريق بابتسامة جميلة الى أن تقوس فمها بضيق وهي تحاول الفرار من طيف ذلك الحديدي الذي ما زال عالقاً في رأسها يأبى الخروج.. ودهشتها في سر تلك الابتسامة التي وجّهها لها قبل المغادرة والتي اظهرت غمازتين على ذلك الوجه الحديدي وحاصرتها علامات تساؤل كثيرة؟؟ ولكن جاءتها الاجابة عندما ظهرت خلفها ريم.. تنهدت بيأس حينها فسر هذه الابتسامة هو شقيقته!!
أخذت نفساً عميقاً ثم راحت تفكر فيه لتدخل في دوامة لا مخرج منها .. فهو بجميع احواله يبدو وسيماً و جميلاً ،، فاتناً جذاباً.. ففي حالة هدوءه يكون كالبحر الساكن في ليالي الصيف الجافة لا ريح يجعل امواجه تتضارب وتتعالى .. وحين غضبه يكون كالحمم البركانية التي تجعل وجهه أحمراً نارياً يلفظ انفاساً نارياً كالتنين .. او كصاعقة في ليلة شتائية باردة أو كعاصفة رملية.. وأما عيونه فهي حكاية أخرى كمتاهة تسير بها لا تعلم اين المخرج تأسرها بسحرها و..
خرج صوت الجدة عالياً معلنا عن الوصول.. لتنتشل الفتاتان من افكارهما وتترجلا من السيارة...
أخذت نفساً عميقاً وهي تخرج ممسكة بحقيبة الظهر خاصتها تنظر بانبهار واعجاب الى ذلك المنزل الصيفي والذي لا يقل جمالاً وفخامة عن منزلهم في المدينة وكما كان يلف منزل المدينة حديقة مليئة بالأشجار والأزهار.. كان هذا المنزل الخشبي تلفه حدائق متعددة ممتدة على امتداد البصيرة..
وفي مكان يعم فيه الهدوء مع صوت الموسيقى الكلاسيكية التي امتلأت المكان... مقهى صغير في أحد شوارع المدينة الضخمة يغلب عليه الطابع الكلاسيكي حيث استخدم اللون الاسود والابيض في تصميم ديكور هذا المكان ،، يقف ممسكا بسماعة الهاتف بسعادة و صوت رنين متواصل أخذ يسمعه وهو يضعها اذنه .. ليأتيه بعد دقائق صوتها القلق " ماذا هناك ،،لماذا تتصل في هذا الوقت المتأخر !!"
" متأخر!! انها لم تتجاوز السادسة حتى... "
" حقا.. اجل!! ماذا يوجد !!" أجابته بنعاس
" خمني ماذا ؟! " خرج صوته بنبرة استفزازية
" ليس لدي رغبة .. ماذا هناك يا رائد ؟!"
" هل تتذكرين حلمي الوحيد ؟!"
" شفاء والدتك وتأمين حياة جميلة لشقيقتك ،، ولا اظن أنني سأنسى زوجة المستقبل ريم "
" ذكية جداً.. ولكنها ستبقى مجرد أحلام.."
" ماذا تقصد !! كل هذا التفكير وما زلت ترفض الفكرة !!" وأكملت بضيق " واتصلت لتقول لي هذا ؟! "
تنهد بتعب " لا ادري يا جيداء .. فكرت وفكرت .."
قاطعته وهي تجلس على الكنبة " لا جدوى من تفكيرك ،، "
" الذي يحيرني ،، كيف يمكنني استلام منصب كهذا !!"
" تتلقى المساعدة،، ثم انه يتبقى لك سنة وتتخرج "
صمت قليلا وقال " اتصلت بريم.. "
قالت بنفاذ صبر " رائد انك جيد جداً بتغيير المواضيع.. حسنا لقد اطلنا الح.. "
" لقد فكرتُ وفكرت وما كان بي إلا الإيجاب وكنت سأخبرها ولكنها... "
شهقت بقوة " هل حقاً ستوافق، واخيراً!!"
" يمكنك القول انني وافقت ، وسأذهب بعد يومين "
تنهدت براحة وقالت بفرح " مبارك لك اذاً ذلك المنصب ،،.."
صمتت قليلاً بشرود حتى جاءها صوت رائد " هل أنت هناك، جيداء.."
" أجل معك،.. ولكن.."
" ماذا هنالك؟"
" ربما ستوافق على شيء آخر بعد.." قالت بنبرة مترددة،..
وكاد أن يتفوه سائلاً إياها ولكن صوت آخر اخترق سمعه، " اخبريه اني وافقت على مصاريف تكاليف علاج والدته.."
قطب جبينه بضيق شديد وهمس على مسامع جيداء شاداً قبضته على هاتفه بغضب " عمي.."
|