الموضوع
:
ذات مقيدة حول عنق إمرأة / 55 الفصل الثاني
عرض مشاركة واحدة
02-17-2020
#
2
♛
عضويتي
»
27920
♛
جيت فيذا
»
Oct 2014
♛
آخر حضور
»
منذ 8 ساعات (08:59 AM)
♛
آبدآعاتي
»
1,384,988
♛
الاعجابات المتلقاة
»
11634
♛
الاعجابات المُرسلة
»
6433
♛
حاليآ في
»
♛
دولتي الحبيبه
»
♛
جنسي
»
♛
آلقسم آلمفضل
»
الاسلامي
♛
آلعمر
»
17سنه
♛
الحآلة آلآجتمآعية
»
مرتبطه
♛
التقييم
»
♛
نظآم آلتشغيل
»
Windows 2000
♛
♛
♛
♛
مَزآجِي
»
♛
♛
♛
мч ѕмѕ
~
وتبَقــّـَــيَ~ بيَـنْ ~آضَلُعــِــي ِ آتنفَسُكــَــ في ~كُلَّ ~ حِيـِـــنٍ
♛
мч ммѕ
~
نَظَرَت لِساعة رِسغها.. بقيت أقل من خَمس دقائق على نهاية وَقت العَمل.. أَغلقت المَلف الذي أمامها ثُمَّ وَضعته في أَحد أَدراج مَكتبها وأغلقت عليه بالمفتاح.. سَتُكملهُ غدًا.. سَجَّلت خروج من حاسوب المَكتب، أَغلقت حاسوبها المَحمول الخاص ثُمَّ وَقَفَت وهي تَرتدي حَقيبتها قَبْلَ أن تَستقر بالحاسوب فَوق ذراعها اليُسرى.. مَرَّرَت بَصرها على سَطح المَكتب تَتَفَقَّده.. لَم تنسَ شَيء. تَحَرَّكت للخارج حيث التقت عند نهاية المَمر بندى التي قالت وهي تَمشي بجانبها: بتغدا وبريح وبعدين بجيش بيتكم.. يعني قبل أذان المغرب
ضَحَكَت: شدعــوة! ليش العَجلة؟ اتغدي على راحتش واخذي قيلولة وريحي.. صلي المغرب وبعدين تعالي
حَرَّكت رأسها: مُستحيــل.. لازم أكون معاش من قبل
ابْتَسَمت بخفّة: كلها شوفة.. مو شي كبير يعني.. عــادي
حَرَّكت يَدها بعدم اهْتمام: إنتِ كيفش.. أنا بالنسبة لي مو شي عادي.. واي شي كبير
سَخَرت: الله يعينش على نفسش
تَساءَلت وهي تَقف معها لانتظار المَصعد: شنو قررتين تلبسين؟
دَعَكَت جانِب حاجبها وهي تُجيب: ما أدري للحين
اسْتَنكَرت: شلون ما تدرين! لازم تكونين مقررة من زمان عشان ما تتبهذلين حزة الحزة
عَقَّبَت بملل: عـــادي نَدى.. بلبس أي شي وخلاص
نَصَحتها بلُطف: يا حَبيبتي يا جِنان.. ما يصير تبلسين أي شي.. لازم تختارين لبس مُناسب وأنيق.. وتزينين بطريقة حلوة.. أمه وخواته بيجون يشوفونش.. لازم تطلعين قدامهم بأحسن صورة
أَطْبَقَت يَدها على فَمها بتثاؤب قَبْلَ أن تقول بلحنٍ ناعِس: نَدى بنتفاهم على كل هذا بعدين.. لا تحتاين في وقت.. هم ما بيجون قبل الساعة ثمان "وبرجاء" اللحين سكتي.. راسي يعورني وفيني النوم عدل
تَأفَفَت وهُما تدخلان المَصعد: زين زين.. بريّحش مني اللحين.. لكن بعدين محد بيفكّش مني
قَرَصَت خَدّها لتقول بِمُشاكسة: بعد عمري اللزقة
جاءَت لِتَرُد لكن اليَد التي اعْتَرَضَت إغلاق باب المَصْعد مَنعتها.. نَظَر المَوجودون وبما فيهم هي ونَدى للشخص الذي يَقِف عند الباب.. قال أحدهم وهي يُفْسِح لهُ المَجال: تفضل أستاذ
ابْتَسَم بخفّة وهو يُحَرِّكَ رَأسه بالنّفي، قَبْلَ أن يَنقل بَصره لِجنان ويقول برسمية: أستاذة جِنان بغيتش شوي بخصوص الشغل
تَساءَلت بشك: الشغــل؟!
أَكَّدَ: اي.. تفضّلي معاي مكتبش
التَفَتَت تنظر لندى التي حَذَّرتها بنظراتها.. لكنّه عاد وقال لِيَستعجلها: الشي ضروري أستاذة
نَقَلت بَصَرها على الموجودين المُتَطَلِّعين بفضول.. مَرَّرت لسانها على شَفتيها.. لا داعي لتضخيم الأمور جِنان.. قال من أجل العَمل.. رُبَّما هُو صادق.. وهو لَم يتعرّض لكِ منذ آخر حَرْب بينكما.. لَن يَحدث شيء.. اذهبي معه ولتُنهي هذا المَشهد التافه ولَتقطعي اندماج نظراتهم.. اسْتَجابَت بصوت مَبْحوح: أوكـي "اسْتَدارت سَريعًا لندى هامِسةً" بعدين بكلمش
خَطَت خارجة من المَصعد وفَور ابْتعادهما لِناحية المَكتب تَساءَلت: شفيه الشغل؟
كانت تَمشي بجانبه بمسافة بَسيطة، أَخفض بَصره إليها وعلى جِفْنَيه اتَّكأ ارْتخاءٌ اعْتَقَدت أَنَّها لَمحت فيه شَيء من سُخرية.. لَم يُجِبها.. وعندما وَصلا لمكتبها فَتح الباب وأشار لها بالدّخول.. تَقَدَّمت وعَيناها تُتابِعان ملامحه بشكٍّ وحيرة.. هَمَسَ هُو: شغل مهم.. هذا هو على المَكتب
اسْتَدارت للمَكتب.. ثانيتان واتَّسَعَت عَيْناها بِصَدمة: شنـــو هذا!
أَجابَ وهو يَجلس على المَقعد الجانبي بعد أن تَرَكَ الباب مَفتوح: كل حسابات الربع الأول والربع الثاني من السنة
اسْتَفسَرت بعدم فهم: شسوي فيهم؟ شلي دخل فيهم أصلاً!
وهو يَسترخي في جلوسه: أبي تعيدين مُراجعتهم بدقة.. وبعدها تتأكدين من تطابقهم مع الملفات المسيفة في الكمبيوتر.. وبعدها أبي تقرير تَفصيلي بخصوصهم
هَمَسَت مُحاولة أن تستوعب وعَيناها تَتَخَبَّطان على الملفات المُتراكمة فوق بعضها البَعض: تمزح صح! قول إنّك تمزح
ببرود غَمَرَ صَوته وَكَسى ملامحه: لا ما أمزح
اسْتَنَكَرت: بس ما في وقت.. الساعة ثنتين وخمس.. والشغل اللي تطلبه مني يحتاج شهور.. شلون تبيني أخلصه في جم ساعة! مُستحيــل
عَقَّبَ ببروده الذي بَدأ يَستفزها: ما في شي مُستحيل.. اتركي عنش الأعذار واقعدي اشتغلي
اسْتَقامت في وقوفها وهي تَشد على حاسوبها وتقول بثقة: ما بشتغل.. وإذا تبي، إنت اشتغل بروحك
نَبَّهها: مو في صالحش إنش ترفضين تأدين الشغل اللي يطلبه منش المدير
كَرَّرَت وعَيْناها تَتَحداه بِتَصميم: ما بشتغل واللي تبي تسويه سوه
شَخَرَ بسخرية قَبَلَ أن يُعَقِّب بتوضيح: ما بسوي شي.. أنهيت اللعبة خلاص.. بس بسجّل عندي شنو صار يوم طلبت منش تأدين هالمهمة.. واللي بيطّلعون على الملف بيشوفون إنش مو قد المسؤولية.. وأتوقع هذا من حقي كمدير
نَطَقَت بِحَنَق: بتهدد مستقبلي الوظيفي وتقول ما بتسوي شي!
رَفَع كَتِفَيه وهو يُقَوِّس شَفتيه للأسفل ثُمَّ يقول بنبرة ادَّعى فيها البراءة: والله هذي القوانين
كَشَفَت عن سؤالٍ حَمَلهُ صَوتها المُتَعَب.. وعَبَّرَت عَنه عَيْناها الراجِيَتان عَطْفًا منه أو حتى شَفقة: فيـصل.. إنت شتبي مني؟
وَقَفَ ونَظرتها المُتَّخِمة بالإرهاق نادته إليها.. هَمَسَ عندما أَصْبَح أَمامها بلُطْفٍ كَرَهت كَيف خَدَّرَ حواسها: أبيش تجيكين لي الحسابات وتكتبين تقرير.. شي بسيط ما يحتاج تكبرين الموضوع.. إنتِ تسوين اللي أصعب من هالأمور وفي وقت أقل.. يعني هالشي مو صعب عليش.. ما راح يأخذ وقت.. صدقيني.
تَنَقَّلَت عَيْناها بين عَيْنيه باحِثةً عن الصِدق فلَم تُبْصِر شَيئًا يُخالفه.. عادت وأَلقت نَظرة على الملفات وصَوتٌ داخلها يُحَرِّضها على الرَّفض.. زَمَّت شَفَتيها وعَدستاها تَتَقَلقلان وَسَط البَياض بحيرة.. أَتاها هَمسه المَبْحوح بضحكة: يعني مو معقولة رئيسة قسم المُحاسبة تستصعب هالشغلة البسيطة
نَظَرَت إليه مُستعينة بآخر طوق نَجاة: انزين وجَنى؟
أَخرج هاتفه من جَيبه: اللحين أكلّم أبوي وأقوله إنش بتطولين في الشغل، وبطلب منه يمر ياخذها معاه للبيت "وبتساؤل" تَمام؟
بوَجسٍ مُتَرَدِّد وعَيناها مُعَلَّقتان بِعَينيه: تَمام
ابْتَسَمَ لها برِضا ثُمَّ تَراجع للخَلف وهو يقول: بخليش تشتغلين على راحتش.. بكلم أبوي وبخبره عن جنى.. إذا انتهيتين كلميني أنا في مكتبي
أَوْمَأت برأسها: أوكي
اسْتَدارَ خارِجًا من المَكتب.. أَغلقَ الباب بَعد أن ألقى عليها نَظرة وهي تَجلس على المَقعد بملامح ضائِقة.. تَحَرَّكَ مُبْتَعِدًا وهو ينظر لهاتفه.. والده امْتَنَعَ عن مُحادثته مُذ وَصَله خَبَر عن الذي حَصَل في منزل عمّته.. فقد قالت لهُ والدته نَقلاً عنه "يقول لك إذا صرت رجال وكفو إنّك تَكون ولده العود تعال وكلمه.. طبعًا بعد ما تعتذر من بنت عمتك.. يا مُديــر." زَمَّ شَفَتيه وهو يَشعر بأنَّه وَرَّط نفسه عندما وَعَدَ جنان أَنَّه سَيَتصل لوالده.. فَتح الهاتف.. تَحَرّك إبهامه بتردّد حول الأرقام من غير أن يَمس الشاشة.. هل يتصل؟ حَكَّ ذقنه بتفكير.. بالطّبع سَيَرمي عليه بعض الكلمات وسَيعاتبه ببروده المُميز مُسْتَغِلاً الاتّصال.. لكن لحظة فيصل.. هُو رُبما لَن يُجيب على اتّصالك.. سيَتجاهلك لأنّك لَم تَعتذر إلى الآن.. ولَم تُبَرْهِن لَهُ أَنَّكَ رَجُل.. زَفَرَ بحيرة وهو يَرفع رأسه ناحِية مَكتبها.. يَخشى أَن تهرب لَو خَرج هو لاستلام ابْنته من المَدرسة.. ولا يُريد أن يُحَمِّل عَلي ومُحَمَّد أي عَناء.. وَجود لا يثق بها.. هي قَد تنقل خَبر بقاء جِنان لأي أحد بطريقة تُسَبِّب المَشاكل.. نُور؟ لا.. هي إن لَم تَكن في العَمل سَتكون مع زوجها في المنزل.. لَن يُعَكِّر عليها راحتها.. وهي حامِل.. بالطَّبع لَن يُعَرِّضها للتعب. تَنَهَّد باستسلام وهو يَضغط أرقام والده.. رَفع الهاتف لأذنه.. انتظر الجواب وعَيناه لَم تُفارِقان باب المَكتب.. انْقَطَعَ الاتّصال ولَم يُجِبه.. أعاده والنتيجة نفسها.. كما توقع.. يتجاهله.. لا يعتقد أنّه مشغول.. لأنه في مثل هذه الساعة من كل يوم يكون قَد عاد إلى المَنزل. اختار تَطبيق "الواتس اب" بَحث عن مُحادثته معه.. كَتبَ سَريعًا "يُبه.. رد عَلي ضروري.. بخصوص جَنى".. ابتسم بعد نصف دقيقة عندما رأى اسمه يَتوسّط الشاشة.. أَجابَ سَريعًا: ألو يُبه
سَألَ باهْتمام: شفيها جنى؟
وَضَّحَ: ما فيها شي.. بس عندنا شغل في البنك وبتتأخر جِنان.. لا أنا ولاهي نقدر نروح ناخذها من المدرسة.. قلت أشوفك إذا تقدر
وافَقَ مُباشرة: أنا عـادي بروح لها.. لكن.. "أَكمَل وحَدْسه يُوشوش له بِكَذب ابْنه" إنت متأكد إن عندها شغل؟
أَكَّدَ: اي يُبه.. في بعض التدقيقات لازم تسويها
نَبّهه: لا تخليها تطوّل.. اليوم عندهم ضيوف في بيتهم.. مو حلوة تتأخر عليهم
تَنَحْنَحَ: اي اي يُبه.. ما راح تتأخر.. كلها ساعة أو ساعتين
حَذَّره: فيصل حاسب تضرها
اسْتَنكر: يُبــه! يعني شبسوي فيها؟
بَدأت تَظَهر أول شَرارة هُجوم: شدراني فيك؟ ما أدري عقلك هالأعوج شلون يفكّر.. يمكن مخطط لشي واحنا ما ندري!
بمعاتبة بانت في صوته: أفـا يُبه.. ما توقعتها منك
بنبرة بــاردة: أنا بعد واجد أشياء ما توقعتها منك.. فعادي اللحين قمت أتوقع كل شي عشان لا أنصدم.. فإنت بعد توقع مني أي شي
أَطْبَقَ شَفَتيه وهو يُغْمِض للحظات يَتَشَبَّث فيها بالصبر.. ابْتَعَد قَليلاً عن المَمر ليقول بصوت مُنخفض: يُبه أنا آسف على اللي صار.. أدري إنّي غلطــ
قاطعه: مو أنا اللي مفروض تعتذر مني.. بنت عمتك وعايلتها اللي لازم تعتذر منهم بعد اللي سويته
عَقَّبَ بطاعة مُحاولاً امْتصاص غَضَبه الطَّفيف جدًّا على عَكس ما توقع: إن شاء الله يُبه.. بعتذر لها ولعايلتها.. على أمرك
: أنا اللحين في السيارة رايح لجنى.. "وبكلمات تَعاضدَ فيها الأَمر بالتَّهديد" حدّك تخليها تشتغل لأربع.. بتصل لها هالوقت وبتأكّد هي وين
نَطَقَ على مَضض: إن شاء الله
كَرَّرَ بعد أن اسْتَشَفَّ من صوته عَدم الرِّضا: لأربــع بس.. لا والله
مَنعه بسرعة: ما يحتاج تحلف.. أربع هي في السيارة راجعة بيتهم
بنبرة فَهَمَ مَعانيها: بنشــوووف
أَخفض الهاتف وهو ينظر للمدة التي اسْتَغرقتها المُكالمة.. أَقل من دَقيقَتين.. الحَديث مع والده بعد ارْتكاب خَطأ يُتلف الأعصاب.. مُذ كان طِفلاً.. هُو لا يُهاجمك بطريقة مُباشرة.. لا يصرخ ولا يَغضب صَراحة.. فصَوته البارد.. نظرته المُدَجَّجة بسِهام حادِقة.. وكلماته المُنتقاة بعِناية يُصيب بها أهدافه.. كل ذلك كافٍ لِزعزعة ثِقة الذي أَمامه بمبرراته وأسبابه.. في النهاية يَجد نفسه يعترف بخطئه باسْتسلام.. والثقة تَذهب أدراج الرياح. التَفَتَ للمَكتب.. لَم تخرج ولَم تَتصل لتعتذر عن إتمام العَمل.. سَنرى إلى متى سَتصمد.
غادَرَ الطَّابق الذي يَستقر فيه مكتبها إلى الطابق الأرضي.. ومُباشرة تَرَك المَبنى بعد أن أمَرَ أحد رِجال الأَمن أن يعلمه إذ هي غافلته وخرجت.. أما هُو فتَحَرَّكَ للجهة المقابلة للمصرف.. حيث تَمتد سلسلة من المَطاعم والمقاهي خلفَ أحد الأحياء السَكنية مُباشرة.
,،
عادت إلى المَنزل في تَمام الساعة الثالثة مَساءً.. لَم تُقابله.. تَعتقد أَنَّه في المَرأب.. أو رُبَّما في غُرفته.. لا تدري. اسْتَحَمَّت سَريعًا تُزيل التَّعب عن كاهلها لِتَتَنَشَّط.. خَرَجت من دورة المياه باتّجاه خزانة ملابسها.. الْتَقَطت بطريقة روتينية بجامة عَشْوائية.. اسْتَدارت تُريد أن تقصد المِنضدة المَصْفوفة فوقها مُسْتَحضرات العناية بالبَشرة.. ولكن قَبْلَ أن تخطو اسْتوقَفتها كَلمات حَلَّقت من حَديث ليلة البارحة " لبسي له.. تزيني.. استغلي أنوثتش ونعومتش".. عادت واسْتَدارت للخزانة.. اقْتَرَبت منها ببطء.. وبذات البطء فَتحت القسم الذي لَم تَمسّه قَط.. بل هي لَم تنظر له من قَبْل.. هي ملابس عادية.. ليست مُثيرة أو ما شابه.. ولكنّها تُوحي بأريحية لا تَعيشها مع مُحَمَّد. مَرَّرَت بَصرها على الملابس المُعَلَّقة.. ألوان فراحية وتَضج فيها الأنوثة.. أبيض.. زَهري.. أحمر.. أصفر.. وأرجواني.. لحظة.. هذا جَميل.. ومُناسب.. نوعًا ما.. الْتَقَطَت طَرف شَفتها السُّفلية وهي تَمد يدها بتردّد للفستان الأرجواني.. تناولته مُلقية عليه نَظْرة مُتَفَحِّصة.. وَقَفَت أَمام المرآة الطَّويلة لِتُقَيِّمه وهو مَفرود على جَسدها.. تقريبًا يَصل إلى أَسْفل رُكبَتيها.. بالطَّبع سَيرتفع قَليلاً إذ هي جَلَست.. حَرَّكت كَتفيها.. سَتُجَرِّبه. اسْتَدارت لليَمين.. ثوانٍ واسْتَدارت لليَسار.. طوله جَيّد.. جَلَسَت.. فَوق الرُّكبة بثلاث سَنتيميترات رُبَّما.. ليست مُشكلة ملاك، ليست مُشكلة.. وَقفت وهي تَمس الكُم الذي بالكاد يَتجاوز كَتفها.. زَمَّت شَفتيها.. لَقد رآكِ بفستان زواج عبد الله.. ما المُخجل الآن! دارت حَولَ نَفسها ثُمَّ ابْتَسَمت برِضا وهي تَشعر بأن الأزهار المُتناثرة على الفُستان قَد أَنعشتها. رَتَّبَت شَعرها.. لَم ترفعه مثل كُل مَرَّة.. تَركته يَسْتَريح على كَتفيها وظَهرها بَعدَ أَن طَّوقته بشال قَصير.. لَم تُضِف شَيء لِوَجهها.. تَطَيَّبت بعطر خَفيف ثُمَّ غادَرت الغرفة. تَنَفَّسَت بوضوح وهي تَقف في مكانها عندما وَقَع بَصرها عليه في غرفة الجُلوس.. كان يَنظر ليده المُصابة بملامح مُقَطَّبة وكأَنَّه يَتَوَجَّع.. تَحَرَّكَت بخطوات هادِئة إلى الأريكة المُسْتَقِرّة أَمامه.. جَلَسَت بذات الهدوء المُناقض للضوضاء في جَوْفها.. ابْتَسَمت لهُ بتَردّد وارتْباك وَخَجل.. لا تَدري أصلاً هل وُلِدَت ابْتسامة من بَين هذه المشاعر المُتَخَبِّطة ببعضها البَعض أَم وُلِدَ تَعبير لا اسْمَ له؟! هُو انْتَبَه لوُجودها.. رَفَع بَصره إليها فَتَعَثَّرَت كلماته.. ظَلَّ صامِتًا وهي تَكاد تُصَم من قَرْع الطُّبول الذي ارْتَفَع من يَسار صَدْرها.. رَفَّت عَيْنه اليُسْرى وكأنَّها تُنَبّهه.. أَخْفَضَ بصره وأَتبعهُ رَأسه.. أَخذ يُجْبِر نَفسه على الانشغال في جُروحه.. ولكنّه في الحَقيقة كان يُجاهد ذاته لألا تَلْتَفِت لِحُسْنها البَنفسجي. نَطَقَت بتساؤل فاسْتَجاب نَبْضه الواله لصوتها النّاعم: للحين تعورك؟
هَمَسَ: شـوي
وَقَفَت وهي تَشعر بأنّها سَتهوي قَريبًا من الجُنون الذي تفعله.. اقتربت منه حتى جَلست بجانبه.. بلا إرادة منه زَحف قَليلاً بَعيدًا عنها.. هي لاحظت ذلك وأَخْفَت ابْتسامتها لِتُرَكِّز في خُطواتها.. حَرَّكَت يَدها وبرقّة بالِغة أَمسكت بطرف يَده وهي تهمس: الواضح إنّك أهملتها "مَسَحت باليَد الأخرى على الجُروح المُتَفَرِّقة وهي تُرْدف بسؤال" ما عالجتها صح؟
دَفَرَ يَديها ناطِقًا بِقَهَر: جم مرة قلت لش لا تقربين مني؟ جـــم مـــرة؟ "اسْتَنَكَرَ" شنو إنتِ تبيني أضرش؟ عجبش اللي سويته فيش!
حَبَسَت أَنفاسها وأَغْلَقَت كُل المَنافذ في وَجْه شَهْقَتها.. الرَّجفة تُهَدِّد أَوْصالها.. وَعيناها تَهمسان لها بأن ارْحميني وغُضّي البَصر عنه.. اهربي من نظراته المُتَفَحِّصة.. أَشيحي عنه.. سَتَحتَرِقين في مكانكِ حَتْمًا من شَرار مُقْلَتيه.. لكنّها تَجاهلت كُل ذلك بشجاعة غَريــبة عليها.. رُبَّما لأن الحاجة التي داخلها كانت عَزيمتها أقوى من كُل مُثَبِّط. هُو كان مُلاحِظًا وبدقّة جُل حواسها.. رَعْشَة أَصابعها.. ارْتفاع وهبوط صَدرها الرَّاجف.. صَوْت أَنفاسها المُرْتَبِكة.. تصافق أهدابها العشوائي واستسلام وَجْهها للغَزو الأَحْمَر.. أَخْفَضَ بَصره قَليلاً.. مُطْبَقَتان عَدا من ثَغْرة صَغيرة.. وكأَنَّ منها أَتاهُ الجواب.. وكأنَّها تُناديه.. عاد وحادَثَ عَيْنيها.. تَسارَعت نَبضاته عندما لَوَّحت إليه رَغْبة.. شَعَرَ حينها أَنَّها تُلَوِّح من رُوحها لا عَيْنيها.. لذلك اقْتَرب وهو مُلْتَفِت لها.. لَم تَنفر ولَم تَبْدو عليها علامات الخَوف.. على عَكس ذلك.. هي اقْتَرَبت أَيْضًا.. مالَ رَأسه بإغماض وهو يَسْتنشق من أَعماقه رائحتها العَطِرة.. أَمْسَكَ جانب عُنْقها بيده وبالأخرى مَسَّ طَرَف وَجْهها فصارَ اللقاء.. ولكن رَنين هاتفه المُزْعِج أَجْهَضَ القُبلة قَبل أَن تُوْلَد.. ابْتَعَدَ عنها بعينين زائغتَين.. تناول هاتفه من على الطاولة ثُمَّ تَركَ الأَريكة وهو يُجيب.. في البداية لَم يَستوعب الذي يقوله المُتَّصل، بل هو لَم يَتَعَرَّفَ عليه.. إلا أَنَّ ندائه أَيقظه من سَكرته: موهاميــد أين أنت؟ هل تسمعني؟
: جَا جَا.. أنا أسمعك "رَشَّح صَوته" أنا معك آستور
ابْتَعَد عن مكان جُلوسها لِيَترك المكان بأكمله باتّجاه المَرأب.. التواجد معها في المكان نفسه خَطيــر.. هي نـار.. نــار تحرقه وتحرقها معه.. أَغْمَضَ عَينيه عاضًّا على شَفته بأسى وهو يَسترجع لحظة التقاء الشَّفَتين.. للأسف ولحسن الحظ لَم تَكتمل القُبلة.. في عدم اكتمالها خَير وشَر.. آآه مَلاك.. مُذ عَرفتكِ وأنتِ تَجمعين داخلي أَضْدادًا تُثير فيَّ حَرب لا تَقوى عليها ذاتي.
: موهاميــد! يبدو أَنَّك مشغول.. سأكلمّك فيما بعد
هَمَسَ بنصف وعي وهو يُلْقي بَجسده على كرسي خشبي في إحْدى زوايا المَرأب: حَسنًا.. حَسنًا.
,،
أَنْهَت مُكالمتها مع خالها بَعْد أَن وَعَدته بأنّها سَتترك العَمل لتعود للمنزل.. أَخْبرها أنّه اتَّفقَ مع فيصل بأنَّها ستبقى للساعة الرابعة فقط.. إذن هي حُرَّة طَليقة ما دامَ المُدير فَيْصَل مُوافق على الساعة الرّابعة.. لكن جِنان أليس هذا غريب؟ فَفيصل لا يَستجيب بهذه السرعة.. هُو أَصعب من أَن يُوافق من غير شروط وتهديدات! حَرَّكت كَتفيها بعدم اهتمام وهي تَجمع حاجيتها في الحَقيبة وتهمس: مـا لي دخل فيه.. المهم أنا أطلع "تناولت أكياس الغداء الذي اشتراه إليها وبابْتسامة ساخِرة" صاير أليــف.. على غير العادة!
تَرَكت المَكتب وعند المَصْعد هَتَفَ سؤال في عقلها: هل تتصل له وتخبره بخروجها؟ لكن هو متفق مع خالها.. لحظة.. أم أنَّ خالها تَصَرَّف من نفسه؟ نَطَقَت تُحادث نفسها: اتصلي فيه أحسن لا يسويها سالفة.. مو ناقصين.
وبالفعل.. أخرجت هاتفها واتَّصَلت إليه.. مَرَّة واثنتان.. ولكن لا مُجيب.. لذلك قَرَّرَت أن تتجه لمكتبه.. سَتَتكبَّد العناء لإخباره فَقط من أَجل أن تنفذ من براثن مُشْكلة قَد يُحيكها إليها. قَصَدت الطَّابق الذي يَقبع فيه مكتبه.. طَرَقت الباب ثُمَّ دَخلت.. ارْتَفَعَ حاجِباها عندما واجهتها الغُرفة وهي خالية.. نادته رُبَّما يكون في دورة المياه: فيصل... فيصل؟
نَظَرت لسطح مكتبه.. مُرَتَّب ولا شيء فوقه.. لا هاتف ولا مفاتيح.. إذن هو ليس هُنا! غادرت المكتب ومباشرة هَبَطت للطّابق الأرضي.. بَصَمت وقَبْلَ أن تخرج سألت رَجُل الأَمن عنه فأخبرها بأنّه غادرَ قبلَ أكثر من عَشر دقائق.. هَمَسَت بحَنَق وهي تَتجاوز البوابة: أنا حابسني اهني وهو طالع يفتل! مالت عليــه
خَطَت لسَيَّارتها والقَهر يَكْسو ملامحها.. في المرة القادمة لَن تُلبي أوامره الغبيّة.. هي ليست آلة لأجله ولأجل مصرفه.. ستؤدي عَملها فقط.. لن تَبذل جهدًا أَكثر من المَطلوب منها. أَمسَكت بالمقبض.. حَرّكت إبْهامَها فارْتَفع صَوت فَتح القفل.. فَتحت الباب وقَبْلَ أن تَركب...
: جــ ـ... جــنـ ـان
التَفَتت بفكر مَشغول باحِثة عن الصَّوت.. ثَانية.. ثانيتان.. ثلاث.. وفي الرَّابعة هَوَى على الأرْض حاسوبها وهاتفها وأَتبعتهما حَقيبتها.. فالإحساس ذَوى واسْتُلَّ من أَطْرافها إثْر الفاجِعة التي صَفَعت حواسها بشراسة.. ارْتَفَعت يَداها برجفة هيستيرية لوَجْهها.. ضَغَطَت عليه بِوَهَن وأَنفاسها باتَت تَشْخب من صَدْرها.. تَقَدَّمت منهُ بقَدَمين مُتَعَثِّرَتين.. تَمايَلت وهي تَشعر بالغثيان يَملأها.. تَحَرَّكت شَفتيها تنطق اسْمه بلا صَوْت وَعَيناها تَرْتشفان بهَلع الدّماء وهي تَغسل كامــل وَجْهه: فيــــصل!
فترة الأقامة :
3840 يوم
معدل التقييم :
زيارات الملف الشخصي :
18973
إحصائية مشاركات »
المواضيـع
الــــــردود
[
+
]
[
+
]
بمـــعــدل :
360.71 يوميا
طهر الغيم
مشاهدة ملفه الشخصي
إرسال رسالة خاصة إلى طهر الغيم
البحث عن كل مشاركات طهر الغيم