عرض مشاركة واحدة
قديم 01-19-2020   #2


الصورة الرمزية طهر الغيم

 عضويتي » 27920
 جيت فيذا » Oct 2014
 آخر حضور » منذ 2 ساعات (12:27 AM)
آبدآعاتي » 1,385,610
الاعجابات المتلقاة » 11667
الاعجابات المُرسلة » 6465
 حاليآ في »
دولتي الحبيبه » دولتي الحبيبه Saudi Arabia
جنسي  »  Female
آلقسم آلمفضل  » الاسلامي
آلعمر  » 17سنه
الحآلة آلآجتمآعية  » مرتبطه
 التقييم » طهر الغيم has a reputation beyond reputeطهر الغيم has a reputation beyond reputeطهر الغيم has a reputation beyond reputeطهر الغيم has a reputation beyond reputeطهر الغيم has a reputation beyond reputeطهر الغيم has a reputation beyond reputeطهر الغيم has a reputation beyond reputeطهر الغيم has a reputation beyond reputeطهر الغيم has a reputation beyond reputeطهر الغيم has a reputation beyond reputeطهر الغيم has a reputation beyond repute
نظآم آلتشغيل  » Windows 2000
مشروبك   7up
قناتك fox
اشجع ithad
مَزآجِي  »  رايقه

اصدار الفوتوشوب : لا استخدمه My Camera: Sony

мч ѕмѕ ~
وتبَقــّـَــيَ~ بيَـنْ ~آضَلُعــِــي ِ آتنفَسُكــَــ في ~كُلَّ ~ حِيـِـــنٍ
мч ммѕ ~
MMS ~

افتراضي






تَلَطَّخَت حَواسها بِخِضاب القَلَق..و عَقَدَت وَسَط رُوحها النَّبَضات مَجْلِسَ عَزاءٍ تُصَبِّر بهِ نَفْسها على مُصيبتها المُدَجَّجَة بالغُموض..فالصَّباحُ أَتاها جَيْشاً يَسوقه مُقاتِلٌ لَهُ وَجْهٌ دَميم..تَنْضحُ من عَيْنيه خَباثة مُرْعِبة..تُنْذِر بِمأساة مُغَيَّبة المَلامح..بَل و مُشَوَّهة..،أَقْبَلَ الصَّباحُ خاوِياً من رُوح الصَّباحات التي تُطِل على البَشَر...نَعم على البَشَر..فَهُم قَوْمٌ تَبَرَّأت البَشَرِية منهم..بَعْد أن اشْتَراهم البؤس بِثَمَنٍ بَخْس..أَقْبَلَ لِيَلْطم أَفْئِدة ثَلاث إناثٍ بِفَقْدٍ مُخيــف..فَقْدٌ ابْتَلَعَ وُجود رَجُلُهم الوَحيد..فَقْدٌ سَرَق منهم الإبْن..الأخ...و الزَّوْج..فَقْدٌ غَيَّب وَجْهَ يُوسُف الحَبيب..،تُمَشِّط غُرْفَة الجُلوس جيئةً وَ ذَهابا..بَعْد أن غَرَسَت مَلامح قَدَميها بَيْن زُروع حَديقة مَنزلهم بِجَريٍ يَنْتَعِل التَّوَتُّر..كادَت أَن تَخْلع الأبْواب بِقَبْضَتَيْها المُرْتَجِفَتين..و مَسَحَت لِعَشَرات المَرَّات الغَرَف بِعَيْنَي قَلْبها المُضَّطِرب..نَبَّشَت..فَتَّشَت وَ لو اسْتَطاعت أن تَبْقَر الأرْض بَحْثاً عنه لَفَعَلت دون تَرَدُّد...،الخَوْفُ قَد رَسَم ظِلاله المُوْحِشة حَوْلَ عَيْنيها..و تَجَاوَزَ الحُدود ناشِراً الفزَعَ بَين شَعْب أَهْدابها التي تَنافَرَت،حَتَّى لا يُصيبها لَظى دُموعٍ ذابَت المُقْلَتَان من حَريقها اللاسِع..،

صَوْتٌ تَراكَمت عليه تَباريح هُمومٍ مُرْهِقة..حَدَّ تَمَنّي المَوْت مُرْهِقة،:بعد عُمري حُور لا تسوين في روحش جذي..اهدي يُمَّه...حَبيبتي إنتِ اهْدي
تَوَقَّفَت قَدَماها عَن قَطْع طُرق الحيرة لِتُعَقِّب و الصَّوْت قَد غارَ في الحَلْقِ غَصَّة،:عَمّتـــ ـي... ..ما اقـ ـدر..ما اقدر اهدأ...اخــ ـ.... ..اخاف فيـه شي
تَحَرَّرَت من جُلوسها المُتَّكئ على نار لِتخْطو ناحية التي بَدَأت تَغْزِل ثَوْبَ الأَرامل بخُيوط فَقْدها..تَلَقَّفَت كَفَّيها السَّابحتين في عَرَقٍ تَفوح منهُ رائِحة الفَزَع..و بِكَلمات أَرادت بها أن تُطَمْئن قَلْب أُمومتها أَوَّلاً،:إن شاء الله ما فيه شي..ليش تفكرين بالسُّوء يابنتي؟ يمكن طلعت له شغلة ضرورية و ما صار عنده مَجال يخبرنا
باسْتنكارٍ شاركَ الدَّمع نَثْرَ الإلْتماعات على صَفيحة عَيْنها المُحْمَرَّة،:من صلاة الفجر لين اللحين ما خلصت الشغلة! "أشارت للسَّاعة و كلماتها تَتَعثَّر بالحَشْرَجة" بيصير له سـ ـت ساعات عمّتي! ست ساعـ ـات مختفي..ما راح الشركة..و أبوي مسافر يعنـ ـي ما كلّفه بشغل..زيـن
ويـ ـن رااح!
تَصَدَّعَت مَلامحها ضِعف تَصَدُّعها..و تَخَثَّرَ كَمَدٌ مَرير بَيْن طَيَّاتها..و أُغْشِيَت عَيْناها بِدَمْعٍ آسِن قَرَّحَ أَجْفانها حيرةً على ثَمَرة رَحْمها الأولى..بِجُل ضِعْفها..تَيْهها..و ارْتعاشاتها المَعْقودة بخَوْفٍ أَبْكَم أَحاطت جَسَدَ حُور المُسْتَسْلِم لِتَلاطمات أَمواج الهَلَع بِذراعيها..نَبْع الأَمان الذي لا يَنْضَب..شَدَّدَت من احْتضانها و هي تُرْخِي بيدها الحَنون رَأس الحُور على كَتِفها..لَعَلَّ رُعْبها يَتَوَسَّد السُّكون..و بِهَمْسٍ غُلِّفَ بِرَجاءٍ للإله،:إن شاء الله هو بخير..بخير و بيرجع..إن شاء الله

كانت تُراقِب بِصَمْتٍ و ابْتعاد المَشْهَد الغارق في وَحْلٍ من كَمَدٍ يَسْتَعِد للإنْقضاض على الرَّبيع الذي نَجَى من افْتراسات الماضي الوَحْشِيَّة..تَراجعت لِلخَلْف بخُطوات هامِسة..رُوَيْداً رُوَيْدا..حَتَّى تَجاوزت الباب لِتُصِبح وَسَط حَديقة المَنْزِل الواسِعة..رَفَعت هاتفها أَمام عَيْنيها..فَتَحَته مُخْتارةً رَقْماً شارَك قائِمة اتّصالها حَديثاً..وَضَعت الهاتف على أُذْنها لِيَصلها الرَّنين..ثَلاثُ ثَوانٍ و أَتاها هَمْسٌ احْتَكَرَ مُسْتَقْبَلات حِسّها بارْتعاشة مُبْهَمة..،:نَعَم مَــلاك



يَأتي الصَّباحُ مُنْتَشِلاً رُوحها من زَوْبَعة تَغُصُّ بالمَشاعر المُبْهَمة..أَلْقَتْها فيها كَلِماته التي هَمَسَ بِها فَجْراً..عندما اتَّخَذّ مَنْزِلَهم ميناءً رَحِب..تَرْسو عند شاطئه اعْترافاته المُطَعَّمة بالإرْتعاشات..ارْتِعاشاتٌ الْتَبَسَتها مِثلَما الْتَبَسَته..و مَضَت سَهْماً انْتَصَفَ قَلْبها حَتَّى صَدَّعه..فَبَاتَ النَّبْضُ يَشْخَبُ منهُ تَعَباً..نَعَم تَعَباً..أَتْعَبْتَنِي فَيْصل..أَتْعَبْتَ الحُبَّ الذي وُلِدَ لِأجْلَك..شابَ يا حَبيبي..شابَ حُبّي لك وَ أَنت لَم تَكُف عن إرْهاقي..أَرْجو منكَ رَحْمة..رَحْمة فَقَط بها أُضَمِّدُ ذكرياتنا المُتعاقِدة مع الحُزْنِ و البُكاء..سَئمتُ من مَواقف جَمَعَتنا و لا زالت تَجْمعنا..مَواقفٌ فيها البُكاء حاضِراً بلا غِياب..و القَمَرُ فيها سَيِّدُ الإخْتباء..يَغيبُ خَلْف سُحُبٍ هي كالرَّمادُ في كَآبته..كَأنَّما باخْتبائه يَحْمي بَقايا ضَوءه من سَوادٍ وَحْشي..يَنْبَجِس من رُوحينا غاشِياً كُل وَمْضة تَدْعو للأَمل..سَئمتُ من مَشاعر مُشَوَّشة تَغْرِسَها قِسْراً وَسَطَ مَدائني..لا أَنْتَ الذي يَعْشَقُ أُنوثتي..و لا أَنتَ الذي يَهْوى حَرْق جِناني! لَم أَعد أَفْهَمك،مُنذُ أَن احْتَضَنت أَرْضِيَّة غُرْفَتنا في لُنْدُن جَسَدي..انْطَفَأت النُّجوم التي اتَّخَذَت حَدَقَتَيك مَرْعى لَها..و انْحَسَرَت عن مَلامحك صُوَرَ العَطْفِ..الوِد و الإهْتمام..وَ كَأنَّ تِلْك الليْلة ابْتَلَعتك ثُمَّ لَفَظَتك رَجُلاً آخر..يُناقِض ذاك الذي احْتوى شِتائي بدفء رَبيعه..لَمْلَمَ شَتات أَوْراقي..و بَثَّ فيني رُوح السَّعادة بعد فَقْدٍ مَرير..لَم أَعد أفهمك و لَم يَعد قَلْبي يَعرفك..أَخْشى أَن أَنساك..أَن أنسى فَيْصل الماضي..تِلْك الإطارات المُعَلَّقة فَوْق جُدْران ذَّاتي..أَخْشى أن تَتَحَطَّم فَتُلْبِسُ هَمَساتك..قُبْلاتك..دِفئك..اهْتمامك و حُبّك المَجْنون يُتْماً أَبَدَي..،السَّاعة كانت تَمْضي بَيْن دَقائق العاشِرة عندما حَيَّتها و جَنى زَوْجة خالِها بِمَلَقٍ صَريح..عانَقَت جَنَى باشْتياق جَلي و هي تُهْدي وَجْنَتها القُطْنِية قُبْلة رَقيقة هامِسَةً..،:ماما جَنى وَحشتيني..جم يوم ما شفتش
تَبَسَّمَت لها الطِّفلة و اسْتَرْخَت بِرَاحة وَسَطَ حُضْنها..جِنان كَشَفَت عن صَوْتها المَهْدود القِوى و هي تَبْتَسِم بِخَفَّة و عَيْناها تَتَأَمَّلان بَراءة طِفْلتها،:هي بعد اشتاقت لكم..طَلَبت شوفتكم أوَّل ما فتحت عيونها
شَدَّدَت لَيْلى من احْتضانها لِحَفيدتها و شَفَتيها لَم تَكُفَّان عن إهْداء القُبْلات،:بعد عمري والله
جَنى ناظَرت جَدَّتها مُتَسائِلة و اللَّهْفة تَتراقص وَسَط مُقْلَتيها،:بابا ويـــن؟
أَجابتها و هي تُشير بعَيْنيها للسُّلَّم،:فوق..في غرفته
تَمَلَّصَت من ذِراعي جَدَّتها بِحماس قائِلة و هي تُطْلِق عَنان قَدَميها الصَّغيرتين،:بروح اشووفه
جِنان بِحَذَر مُغَلَّف بِبتِلَّات أُمومة عَطِرة،:ماما جَنى انتبهي لا تطيحين
بصوت عالي و هي تَبْتَعِد،:أوووكــي
ثَوانٍ و غاب طَيْفها المُتَسَرْبِل بِبَراءة مُكَلَّلة بالإنتِعاش..بَراءة حُرَّة من الْتباسات مَشاعر تَبْني هَمّاً لا يُهْدَم..لَيْلى اسْتَدَارت لِجِنان بَعْد أن فارَقَتهما الصَّغيرة..عَلَّقَت بِأَطْراف نَظَراتها أَجْنِحة حَلَّقَت بها حَوْل سَماء وَجْهها المُطْمَسة من ضِياء..مَرَّت على الشُّحوب..وَ تَعَثَّرَت بآثار التَّعَب المُتناثِرة بِشَعْواء هُنا و هُناك..اجْتَرَعَت بَقايا دَمْعٍ مَنْسي عند زاوية عَيْنيها..اسْتَطْعَمَت مُلوحته لِتَتَأَكَّد أَنَّ الليْلة الماضِية لَم تَمُر هادِئة على هّذه..من الواضِح أَنَّها كانت مُتَّخِمة بِساعاتٍ طِوال تُشَيِّعها الدُّموع و الشَّهَقات..لَيْلة ارْتَدَت ثَوْبَ سَهَرٍ أَخاطَهُ الكَمَدُ بِأنامِل مُرْتَعِشة..فَلَم يَكُن بِمَقاسِ تَعِبها..فَأَمْسَت آثار خُيوطه نَحْتاً شارَكَ في رَسْمِ لَوْحة بؤسها..،جِنان التي انْتَبَهت لِلصَّمْت الثَّقيل الذي اتَّكأ على اللحْظة..قَبَضَت على حَقيبتها مُسْتَعِدَّة للإنْصراف..شاكَسَت شَفَتيها ابْتسامة مَهْزوزة مع تَخَبُّط بَصَرها على المَكان هَرَباً من عَيْني لَيْلى التي قالَت بهُدوء يُمازجه لُطْف،:جِنان يُمَّه ابي اكلمش شوي
ارْتَخَت قَبْضَتها و اسْتَوْلَت عَليها بُرودة مُفاجِئة جَمَّدَتها للحَظات...أَيُّ حَديثٍ هذا الذي تَبَقَّى؟ أَلَم تَنْتهي أَحاديث الخُسْران التي تَجَاذَبوها بالأمس؟ ذَوَت قُدْرتها..لا تستطيع أن تَنظر لِخَسارتها مُجَدَّداً..فَقَد تَرْتَشِف عَيْناها ماءً أَبْيَض إذ هُما اصْطَدَمَتا بِمأساتها من جَديد..اكْتَفَت من إعادة مَشاهد انْهزامها..فَقْدها..و جِراحها..اكْتَفَت من زِيارة أَصْوات ماضٍ بُحَّت من عِتابٍ و نَحيب لِمَسْمَعيها..وَ اكْتَفَت من صُور مُشَوَّهة الفَرح تَلْطم حاضِرها الأَبْتَر..،عادَت و قَبَضَت على الحَقيبة و بَصَرُها يُواصل نُزوحه عن مُقْلَتي لَيْلى..نَطَقَت و الرَّجاءُ يَسْتَرِق النَّظَر من خَلْف نَبْرَتها المُقْتَضِبة،:خالتي ما اقدر أقعد أكثر..ما أحس إنَّ في كلام بعد ينقال بينا
وَقَفت وَ وَقَفت لَيْلى معها قائِلة بِسُرْعة،:دقايق بس جِنان..صدقيني ما بطوّل عليش
جِنان التي وُلِدَت بِدَمٍ مُنَقَّحاً من الكِبْرياء قالت بَعْد أن تَبَنَّت من شُروخها بَعْضاً منه..و عَيْناها مُتَعَلِّقَتان بِمَشْهد حَديثهما بالأمس،:أدري شنو بتقولين خالتي..بس أنا فاهمة موقفش..ما يحتاج تبررين..إنتِ أُم..و كل أم تبي الأحسن لأولادها..و الأحسن لفيصل ياسمين..مو جِنان اللي قَتَلت الثَّقة بينها و بينه "اسْتَدَارت تُلْقيها ظَهْرها،لِتُشيح عَن عَيْنَي والدة فَقيد قَلْبها جَذْوة الغيرة التي احْتَرَقَت بَيْن عَيْنيها..وَ بِبَحَّة مُتَعَثِّرة" الله يوفقـ ـه مع اللي اختارها تكون مَكانــ ـي

أَفْصَحَت عن كَلِماتها الأَخيرة المُطَعَّمة بِغَرابة اسْتَعْصَى عَليها هي ذاتها فَهْمها..ثُمَّ خَطَت مُسْرِعةً ناحِية الباب..لِتَنْجو من مَوْقفٍ جَديد..قَد يَتَوَشَّح بحُزْنٍ مُدْلَهِم،تُقْرَع معه طُبول النَّوْحِ و العَبَرات..خَرَجت مُخَلِّفَةً وَراءها حَواساً لَم تَجْتَرِع مَعْنى للذي نَطَقَ بهِ لسانها على غَفْلة من بَعْثرة..،




يَأكُل من طَبَقِ الفَواكه المُجَهَّز لَهُ خِصِّيصاً..فَوْقَ إحْدى الأرائِك قَد اسْتَقَر جَسَده بِنصف اسْتلقاء..مُسْتَرْخٍ وَ هُو يُتابع شَقيقته بِدِقَّة و هي تَقْرَأ في أَحَد الكُتُب..يَد مُمْسِكة بالشَّوْكة، ويَد تَدْعَكُ أَصابعها مُقَدِّمة رَأسه بِتَفْكير..حالِياً والدته غارِقة في المَطْبَخ بين أَطْباقها..و والده قَدَ خَرَج للسُّوق مُنذ الصَّباح الباكِر..إذاً لا أحد غَيْره هُو و هي..فرصة و قَد لا تَتَكَرَّر..فإن لَم يَنْتَهزها سَيَبْقى يَتَخَبَّط بِأفْكاره و "مشاعره" المُسْتَعْصي عَليه تَرْجَمتها..،أَخْفَضَ يَده مُمْسِكاً بها طَرَف الطَّبَق المُرْتاح فَوْق بَطْنه..و أَتْبَعها انْخفاض بَصره لِقطعة الخَوْخ التي اسْتَحْوَذَت عَليها أسنان الشَّوْكة..رَفَعها لِفَمه بهُدوء.... .. ،:أقول جَميلة
هَمْهَمَت دُون أن تُغادر عَيْناها الصَّفْحة.. و هُو أَكْمَلَ مُتسائِلاً بِنَبْرة أضْفى عليها الإعْتيادية..،:شصار بالضبط في بيت أم عبدالله ذاك اليوم؟
عُقْدة اسْتغراب تُشاكِسها إمارات ضِحْكة بانَت على مَلامحها و هي تَلْتَفِت إليه..رَدَّت عليه بسؤال،:ليـــش تسأل!
تَناولَ قِطْعة الخَوْخ النَّاضِجة ببرود تَحْت مَرْأى منها..اجْتْرَعها ثُمَّ مَرَّر لِسانه على شَفَتيه قَبْلَ أن يُجيب بِلَحْنٍ طَعَّمَهُ بالمَلل،:لاا بس جذي..يعني ابي استفسر عن وضع أم عبدالله و عيالها بعد وفاة صَديقي..تَأدية واجب..فهمتين شنو أقصد؟
أَغْلَقَت الكِتاب و هي تُواجهه بِكامل جَسَدها،و ابْتسامة مائِلة تَحْوي شُكوكاً كانت تُلاطف شَفَتيها..أجابت،:ايـــه فهمت. .. بــس "و هي تَرْنو إليه بِمَكْرِ الأُنْثى" إنت شفتها صح؟
هَزَّ رَأسه بالإيجاب و هُو يُجاهد ابْتسامة تَأبى الإخْتباء..هي أَكْمَلَت بِرَأسٍ يَميل بِنُعومة،:جَميـلة صح؟
رَفَعَ حاجبيه مُتَقَلِّدَاً بِمَلامح التَّوبيخ لِيَتَسَتَّر على ضِحْكته،:شهالحجي! عيــب عيــب..و بعدين شجايفتني؟ قليل أدب بقعد أطالع البنية!
دَافَعت عن نفسها و هي تضحك،:شفيــك! شقلت أنا!..ما قصدت شي عيب..و لا قلت إنّك بتقعد تتأملها..بس من النظرة الأولى واضح إنها جميلة ماشاء الله
وسَّعَ عَيْناه مع اعْتدال جُلوسه مُواصِلاً تَوْبيخه المُصْطَنع،:جَمُّوول بلا قلّة أدب..أنا شدخلني إذا كانت جميلة لو قبيحة! أنا سألت شنو صار يوم قابلتونها..ما قلت أوصفيها لي
صَحَّحَت له و هي تَرْفع سَبَّابتها بتحذير،:لا تتبلَّى علي..ما وصفتها..بس قلت إنها جميلة
وضَعَ الطَّبق على المِنْضدة الصَّغيرة القَريبة منه و هو يُعَقّب بنفاذ صَبْر،:زيــن يا جَميلة..شصار؟ "و بتعليق ساخِر" والله إن الكلام و ياكم انتوا يالبنات أصعب من استجواب أخطر المجرمين
هَدْهَدت خُصْلاتها على كَتِفَيها و هي تَرْفع رَأسها بِغُرورٍ مُشاكِس،:ايــه حَبيبي..تظن احنا البنات سهلين؟ "عَضَّت على شَفتها عندما بَعَثَ لها نَظَراتٍ حادَّة من طَرف عَيْنه مُهَدّداً..لذلك تَساءَلت بسُرْعة" شصار! "هَزَّت رأسها و كأنَّها تُجيب نَفْسها" ايــه ايي..ما صار شي "حَرَّكت كَتِفَيها" بس اعتذرت منها أمي نيابة عنك و سولفنا شوي و طلعنا
تَساءَل بِجِدِّيَّة و هُو يَتَّكئ بمرْفَقيه على فَخْذيه،:شنو كانت السَّوالف؟
فَغَرَت فاهَها باسْتنكار بالتَّوالي مع اتّساع عَيْنيها و هي تَنْهره،:عَزيـــز استح على وجهك..سوالف نسوان إنت شدخلك!
سايَرها مُتسائِلاً،:زيـن شلون حسيتين وضعها؟ "حَرَّكَ يده بتوضيح" يعني أقصد وضعها كَفاقدة لزُوجها عَمَّار
تَبَدَّلَت مَلامحها فَجْأة..و طافَ بَيْن عَيْنيها شِهابٌ لَهُ الْتماعة عَطْفٍ جَذَبت حَواسه..ناغَت شَفَتيها ابْتسامة مَلَق رَقيقة اسْتَجابَ لها نَبْضه المَشْدوه..هي أَجابتهُ بِهَمْسٍ أثيري،مع ارْتفاع يَدَها لِنَحْرها..ماسَّةً المَوْضع الذي اسْتراح فَوْقه اسم عَمَّار الذَّهبي،:والله ما كانت كأنها فاقدته..شفته في عيونها و حركة رموشها..و قرأت اسمه الغافي على نحرها..حتى لسانها يجيب طاريه و كأنه للحين عايش بينا "و بألم" بس مع هذا..كان الإنْكسار واضح عليها " هَزَّت رَأسها نافِية المَعْنى الذي قَد يفهمه و هي تُرْدِف" مو هي المكسورة..لا.. .. شوقها كان منكسر "سَألته" تعرف شنو أقصد عزيز؟ "هَزَّ رأسه بالنَّفي و هي أَكْمَلت" شوقها منكسر..لأنها تحسّه..بل متيقنة إنّه عايش فيها..بس ما تقدر تلقاه..ما تقدر تشوفه حقيقة قدام عيونها
بِهَمْسٍ بُحَّ من قَوافِل غَجَرِيَّة حَفَظَت المَسير إلى قَلْبه مُذ قابَلَ حُسْنَها المُطَهَّم،:و عيالها؟
أَجابت بتنهيدة مَحْمومة المَشاعر،:شفت بس البَنوتة..واضح إنها متعلقة بأمها بدرجة كَبيرة..وراها وين ما تروح "اسْتَطْرَدَت بِعُقْدة خَفيفة" من حجيها فهمت إنها ما تطلع..حتى شغلها تركته..ما تطلع من البيت إلا للشَّديد القوي
هَزَّ رأسه بتَفَهُّم و عَيْناه تُغادِران وَجْه شَقيقته..كَأَنَّما بِحَرَكته هذه يُخْبِرها بأنَّهُ اكْتَفى..و مَشاعره قَد اتَّخَمَت بأحاسيس غَريبة و مُبْهَمة..يصعب عليه فَك شيفراتها..أو بالأحرى..هُو مُسْتَسْلِماً لِجُبْنه..لذلك يَتَحَرَّز من أن يُفَكّر بها..،عاد و نَظَر إليها عندما اسْتفسرت،:إنت بتعتذر منها عَزيز؟ لأن أمي عطتها وعد إنّك بتعتذر..مو مرة بعد..ثلاث مرات
أَجابها ببرود مُسْتَفِز،:مـــو شغـــلــش
تَغَضَّنَت مَلامحها باشْمئزاز،:عَيَّـــااار..أخذت اللي تبي و اللحين تقول لي مو شغلش "أشارت لنفسها و هي تقف" لكن أنا الغبية اللي قاعدة أسولف معاك
رَدَّد و هو يَسْتند باسْترخاء شابِكاً أصابعه فَوْق رَأسه،:ايــه إنتِ غبيَّة توش تدرين؟
تَجاهلت اسْتفزازه و خَطَت لِتُغادر غُرْفة الجُلوس،لَكن جُمْلته الصَّادمة قَطَعت مَسيرها بأمرها الغَريب،:و لأنش غبية..ابيش اليوم العصر تجين معاي بيت أم عبدالله



ابْتسامتها تَتَّسِع شَيْئاً فَشَيء مع تَراقص حَدَقَتيها على المَجال المُتَسَرْبِل بنَظافة و تَرْتيب هي من صُنْع يَدَيها..قَضَت حَوالي السَّاعَتان و هي تَنْتَشِل ذَّرات الغُبار المُنْتَشِرة في أَماكن كَثيرة من الشِّقة..و الدَّالة على أَنَّ طَلال لا يَبْذل وَ لَو قَليلاً من الجُهْد في تنظيفها..هي أَعادت تَنسيق الأرائك بطريقة أَضْفَت سِعة على المَكان..نَظَّمَت مِنْضَدة التِّلْفاز..و تَجَرَّأت و الْتَقَطَت ثَوْبه المُهْمَل لِلَغَسيل..،كانت تَقف في مَرْكز الشِّقة وَ يَديها مُسْتَقِرَّتان على وسْطها..تَتَأمَّل نَتائج عَمَلها المُفْعَم بِغَرابة لَذيذة،عندما ارْتَفَع رَنين الجَرس مُفَاجئاً الصَّمْت المُلْتَحِف بأشِعَّة الشَّمس الدَّافِئة..وَجَّهَت بَصَرها لِغُرْفَة نَوْمه..انتظرت لثوانٍ عَديدة أَيَّ رَدَّة فعل تَدِل عَلى صَحْوته..صَوْتٌ أو حَرَكة..لَكن لا شيء..عاد الرَّنين من جَديد و باب غُرْفته لا زال مُوْصَداً..مَرَّرت لسانها على شَفتيها و هي تَتَّجِه لعباءَتها و حِجابها..شَرَعت في ارْتِداءَهما و خَيالها يَرْسِم لَها هَيئته و هُو غائِصٌ بَيْن وِسادة وَ غِطاء،وَ مَلامحه يَتَسَلْطَنُها نَوْمٌ شَهــي..يُداعِب أُنوثتها...المُشْتاقة..،اتَّجَهَت للباب الذي طُرِق..يَبْدو أَنَّ القادِم قَد سَئمَ من صَوْت الجَرَس الذي لَم يَأتي بفائِدة..أَمْسَكَت بالمقبض بِيَد..و بالأخرى أَدارت المفتاح..ثانية...ثُمَّ فَتَحته..،



بُقَعٌ مِن دَمٍ تَوَسَّدَت الأَرْضُ مُنْذُ ساعاتٍ ثِقال..و قَدَمٌ كانَ الدَّمُ حادي سِنينها الماضِية حَطَّت فَوْقِ إحْدى البُقَع الجافَّة..احْتَكَّت بِها كَأَنَّما تُصْمِت بِقَسْوة زَعيق رَائِحتها النَّتِنة..مَضَى صاحب القَدَمان الواثِقَتان مُواصِلاً سَحْقه للدّماء المُتَمَرِّدة على صَمْت المَكان الذي رَفَضَ كَشْف السِّتار عَن الفاجِعة..،تَوَقَّفَ عند الباب الذي تُشير إليه الخَرائط المَبْصوقة على الأرْض البارِدة..نَظَرَ من بَيْن انْفراجه البَسيط..دَقَّق بِعَيْنان تَنْتَشِيان غَبَشاً مُدْلَهِمَّاً..مُتَفَحِّصاً بِمَلامح يَعْلوها سُكون مُسْتَفِز ما لاحَ لهُ داخل الغُرْفَة..رَفَع يَده دافِعاً الباب بأَطْراف أًصابعه..تَقَدَّم خُطْوة لِيُشارِك بَعْد ثانِية الضَّحِيَّة تابوتها..،



 توقيع : طهر الغيم



رد مع اقتباس