عرض مشاركة واحدة
قديم 01-18-2020   #2


الصورة الرمزية طهر الغيم

 عضويتي » 27920
 جيت فيذا » Oct 2014
 آخر حضور » منذ 5 ساعات (01:19 AM)
آبدآعاتي » 1,385,714
الاعجابات المتلقاة » 11668
الاعجابات المُرسلة » 6471
 حاليآ في »
دولتي الحبيبه » دولتي الحبيبه Saudi Arabia
جنسي  »  Female
آلقسم آلمفضل  » الاسلامي
آلعمر  » 17سنه
الحآلة آلآجتمآعية  » مرتبطه
 التقييم » طهر الغيم has a reputation beyond reputeطهر الغيم has a reputation beyond reputeطهر الغيم has a reputation beyond reputeطهر الغيم has a reputation beyond reputeطهر الغيم has a reputation beyond reputeطهر الغيم has a reputation beyond reputeطهر الغيم has a reputation beyond reputeطهر الغيم has a reputation beyond reputeطهر الغيم has a reputation beyond reputeطهر الغيم has a reputation beyond reputeطهر الغيم has a reputation beyond repute
نظآم آلتشغيل  » Windows 2000
مشروبك   7up
قناتك fox
اشجع ithad
مَزآجِي  »  رايقه

اصدار الفوتوشوب : لا استخدمه My Camera: Sony

мч ѕмѕ ~
وتبَقــّـَــيَ~ بيَـنْ ~آضَلُعــِــي ِ آتنفَسُكــَــ في ~كُلَّ ~ حِيـِـــنٍ
мч ммѕ ~
MMS ~

افتراضي





ماضٍ

السَّماءُ مُتْرَعة بالغُيوم الحُبْلى..تَرْتَعِد و يَمْرَق رِداءَها بَرْقٌ مُهيب..يُضيء الأَرْض مُشيراً إلى نَوايا أَطْعَمَها الشَّيْطان بِملْعَقة خَطاياه..،الأَمْطار لَم تَكُف عَن غَسْلِ البَلَد..تَتَراشَق بِغَزارة فَوْق أَسْطُح البُيوت زاعِجَة سُكون أَهْلِها..،مَضَى عَلى وُقوفِها نِصْف ساعة..و الوَدَقُ قَد زَرَع أَغْدِرة بَيْن جَنَبات جَسَدها الرَّشيق المُتَنَعِّم بِثَوْبٍ مُوَرَّد..ذو أكْمام تَمَس مِرْفَقيها،يَمْتَد إلى أن يَصِل إلى كاحِلَيها..لَم تَكُن تَأبه ببرودة الجَو المُحَمَّلة برِياح تَصْفَعها بَيْن الفينة و الأُخْرى بحَبَّات المَطَر الثَّقيلة..و مُسْتَقْبَلات أَلَمِها أَعْلَنت انْسحابها من مُهِمَّتها..مُتَجاهِلة الوَجَع الذي بَدَأ يَنْتَعِل قَدَميها المُتَسَمِّرَتين فَوْقَ الأَرْض الصَّلْدَة..تَقِف أَسْفَلَ سَعَفَتان و على يَمينها اسْتَقام جِذْع..فالرِّياح المُتَواصِلة مُنذُ ثَلاثَة أَيَّام قَد أَفْقَدَت النَّخْلة بَنَاتَها..،انْقَضَت خَمْسُ دَقائق أُخْرى و السَّماءُ لَم تَفْتئ من تَفْريغ بُكاء رَحْمَها..انْتَظَرَت و انْتَظَرت..و مِن بَيْنِ الإنْتظارات و غَوْغاء المَطَر أَقْبَلَ فارِسُها يَمْشي..مُرْتَدِياً ثَوْباً بِصفاء لؤلؤٍ أَبْيَض داعَبَهُ المَوْج..يَقْتَرِب بِرَأسٍ انْخَفَضَ أَسْفَل قُطْعة كَرْتون بُلِيَت من هُجوم الغُيوم السَّاحِق..،عَبَرَت مَدائِنها الأُنْثَوِيَّة قَشْعَريرة بــــاردة..فَشَلَ الشِّتاء هُو و مَطَره و رِياحه من أن يُحْيوها وَسَط رُوحها..إلا أَنَّ هَذا الشَّاب أَشْعَلَها قِنْديلاً زادَها أَلَقاً و انْتشاء..،مَرَّ من أَمامها دُون أَن يَنْتبه لَها..أَسْرَعت تَلْحَقه قَبْلَ أن يَبْتَعِد و لِسانها يَتَغَنَّى بِحُروف اسْمه العَذْبة،:نـــاصر...ناصــر
تَبَاطَأَت قَدَماه حَتَّى قَرَّرَتا الوُقوف اسْتِجابةً للنِّداء البَعيد نِسْبياً..اسْتَدارَ باحِثاً عن الصَّوْت..فَبَانت لَهُ حُورِيَّة ظَنَّ أَنَّ مَدَّ البَحْرِ أَوْصَلها إليه..اقْتَرَبَت منه بهُدوء و اسْتيحاء العَذارى يَتَذَيَّل مَشْيَها..ضَيَّقَ عَيْناه مُدَقِّقَاً النَّظَر في وَجْهها..كانت جَميلة فِعْلاً..و جَمالها يُشير إلى أَنَّها هي لا غَيْرها..بِلَوْنها الرَّمْلي الوارِث جاذِبيَّته من رِمال البَحْر الذَّهَبِيَّة..عَلى رَأسها اسْتَراحَ غِطاءٌ أَسْود فَرَّت منه بِضْع خُصلات بُنِيَّة داكِنة..تَنَاثَرت حَوْلَ لَوْحة وَجْهها بالْتصاق كَما ثِمار كاكاو ناعِمة..و من خَلْف شَلَّال المَطَر اسْتَطاع أن يَلْمَح الْتِماعة الجُرْأة المُتَكَحِّلة بها عَدَسَتَيها..و أَتى صَوْتها لِيُؤكِّد لهُ هَوِيَّتها،:شلونك ناصِر؟ من زمان ما شفتك
بِتِلْقائِيَّة غزَلَ حَواسه بالبُرود لِيُجيبها،:زيــن..كان عندي امتحانات
هَزَّت رَأسها بابْتسامة واسِعة اشْمَأزَّ منها،:ايـــه أَدري..الله يوفقك
بذات البُرود،:جَميع
اسْتَدَار مُتَقَدِّماً خُطْوة لِيُواصِل طَريقه إلى منزله..لَكِنَّها عادت و نَطَقَت باسْمه،:نــااصر
تَوَقَّفَ و من بَيْنِ شفَتَيه عَبَرت أُفٍ مُتَمَلْمِلة..عادَ وَ قابَلها و هُو يُخْفِض يُمْناه التي تَنَمَّلَت،لِتَرْتفع بالتَّوالي يُسْراه مُمْسِكَةً بالقطعة التي لا فائِدة منها..كحال الغطاء الذي قَد ارْتَمى بإهْمال على رأسها و حَوْل كَتِفَيها..،اقْتَرَبت منهُ أَكْثَر هذه المَرَّة..تارِكَةً خُطْوة فَقَط بَيْنهما..نَطَقَت دُون أن تُزيح عَيْنيها عن عَيْنيه،مع اصْطدام أَصابعها ببعضها كِناية عن الخَجَل،:اشتقت لك
فَغَرَ فاهه مَبْهوتاً من الكَلِمة الوَقِحة التي أَفْصَحَت عنها..هي واصَلَت بِكُل جُرْأة،:كل مرة تنقطع عن الشغل مع أبوي عشان امتحاناتك.. أنا اشتاق لك
طَوَّحَ قِطْعة الكَرْتون لِتَهيم بَيْن أَمْواج الرِّياح العاتِية..رَفَع يَده مُلَوِّحاً بِسَبَّابته أَمام وَجْهها ناطِقاً بِتَهْديد و الشَّرار نَفَذَ من عَيْنيه حَتَّى طالَ وَجْهها فَأرْمَده،:والله..والله إن قلتين هالحجي الماصخ مرَّة ثانية بشتكي عند أبوش "و بصَرْخة دَوَت حَتَّى طَغَت على زَعيق الرَّعد" فاهــــمة؟
عُقْدة اسْتنكار اسْتَقَرَّت بَيْن حاجِبَيها..و شِهابٌ من قَهَر مَرَّ لِلَحْظة وَسَطَ حَدَقَتيها..تَساءَلت بِلَحْنٍ يُنَبِّش عن جَوابٍ شافي،:إنت ليش كله تكلمني بهالأسلوب؟! اللي يسمعك يقول أنا غالطة عليك
تَجاهَلَ سُؤالها مُشيراً للطَّريق خَلْفها آمِراً بِحِدَّة اسْتَحْوَذَت على حَواسه،:ارجعي بيتكم أحسن لش..الوقت اتأخر..الساعة قريب تصير تسع
قابَلَت تَجاهله بِتَجاهُل و أَخَذَت تَقْطف من سِنين عُمْرَها السِتَّة عَشَر وُروداً غَرَسَتها في تُرْبَتِها العَذْراء..ورودٌ لَها بِتِلَّات تَفوح عِطْراً يَنْحَني لِرُجولته..كان يَكْبَرُها بِعامان فَقَط..لَكِنَّ أُنوثتها تَراه الأَكْثر رُجولة من بَيْن شُبَّان الحَي أَجْمَع..هَمَسَت و مَعْزوفة المَطَر شَوَّشَت كَلِماتها،:ليــش ما تحس! "العُقْدة التي حاصَرَت ملامحه أَكَّدَت لها عَدَم سَماعه،لِذلك رَفَعت صَوْتها المَحْشو بالغَصَّة" إنت ليش ماتحس! ليــش مو راضي تفهم إنّي أحبك!
تَقَدَّمَت يُمْنَاه خُطْوة لِيَسْتَل من بَيْن أَسْنانه كَلِماته المُسْتَقِرَّة فَوْقَ مُوْقَدِ نارٍ قَد يفَجِّره قَريباً،:بَلْقيـــس اعقلي و ارجعي بيتكم..ترى والله إذا استمريتين على هالجنون بقول كل شي لأبوش "كَرَّرَ بِفَحيح و هُو يَجْرف نَظَراتها عنه" كــل شــــي
أَعادَ قَدمه لِيَسْتَعِد لِلمضي في طَريقه..و قَبْل أن يُوْليها ظَهْره..انْبَجَسَت صَرْخة مَبْحوحة من حَلْقها..صَرْخَةٌ تَحْكي قَهَراً قاتِل..قَهَرٌ يُسَمِّم العُروق و يُضَخِّم القَلْبُ من الكَمَد حَتَّى يَمُوت..قَهَرٌ يُسَمَّى غيرة..،:عشان لَيْلوووه القزمة..أدررري..تسوي لي جذي كله عشانها الكَريــهة
عَلَّقَ بِنَبْرة مُسْتَفِزَّة تَعَاضَدَت مع حِجارة السَّماء و رَشَقوا مَشاعرها،:قزمة..كريهة..قبيحة..لو عساها تكون أكره بنت في الفريج..عيوني مُسْتَحيل تشوف غيرها
سَقْفُ السَّماء انْتَصَفَتهُ رَعْدةٌ مُفْزِعة..و حُجُرات الجَوَى انْتَصَفَتها نَظْرة الكُرْه المَبْعوثة بِقَسْوة من جُيوش عَيْنيه..أَنْتَ قاسي ناصِر..قاسي لِلحد الذي يَجْعَلُني أَجْلِدُ قَلْبي الذي فَرَّ إليك..أُعَذّبه و أُشَوّهه..لَعَلَّهُ يَعْدِل عن مَحَبَّتك..أَسفاً أَنَّك لا تُقَدّر هذا الشُعور المُنْبِت في صَدْري رَبيعاً..أَسَفاً أَنَّك لا تَسْتَمع لِهَدير الأَنْفاس و هي تُغَنّي لَك أَشْعار افْتتانها بِك..و أسَفَاً أَنَّك لا تَقْرأ دُعائي لَك المُتَلَفِّظة بهِ عَيْناي بأن يَحْفَظَك الله..حَتَّى أَنَّك تَجْهَلُ لَيالي السَّهر..و التَّحْليق على ظَهْرِ نَجْمة تُسافر بي إليك..نَعْم إليك..فَأنتَ قَمَري المُقْتاتة أُنوثتي على شُعاعه الساحِر..أَسَفاً أَنَّكَ لا تُقَدِّر..،زَحَفَت بِقَدَميها لِلخَلْف و هي تَلْمح المَوْجة العالِية القادِمة منه إليها..مُهَدِّدَةً بِتَقْويض قُوَّتها المَهْتَرِئة..صَدْرَها يَرْتَعِش من تَكَسُّر الشَّهَقات بَيْن أَضْلُعِه..شَكَرَت السَّماء على بُكائها..فَنَحيبها العالي طَغَى على صَوْت تَحَطُّم أَحْلامها المَغْزولة بَأهْدابه..اسْتَدَارت ثُمَّ أَطْلَقَت العنان لِساقَيها هارِبَةً من الحَقيقة التي فَقَسَت في ذاتها لِتَلِد ثُعْباناً بَدَأ يَحيك الأباطيل بِسُمومه..،



حاضِر

تَقِفُ أَمامهُ مُصْفَرَّة الوَجْه..تَحْمِلُ على شَفَتَيها أَكْفاناً بَيْضاء نَشَرَت خُيوط شُحوبها بَيَن طُرُقات مَلامحها المَخظْوفة..كانت وَ كَأَنَّها مُرْسَلة مِن قِبَلِ كابوسٍ أَسْود..أَحالها أُنْثى بنصف وَعي..،كَرَّرَ بِعَدم اسْتيعاب الذي نَطَقَته قَبْل ثوانٍ،:فيصل تَحَت!
هَزَّت رَأسها بالإيجاب مُؤكِّدة و لِسانها وَضَّح بِلَعْثَمته..،:يـ ـ..يقول يبي..يشوف جَنـ ـى
جُود عَقَّبَت وَ كَأنَّها تَدْعم حُجَّة أَخيها و مِن عَيْنيها لَوَّحَت كَلِمات،:ايـــه..اليوم بطوله ماشافها..أكيد ما بيقدر ينام
الْتَفَت لَها عَلي مُسْتَنْكِراً،:بس مو يجي هالحزَّة! السَّاعة ثنتين جُود..استخف أخوش!..."تَمْتَم و هُو يُغْمِض للحظات" استغفرالله "تَناول مَفاتيحه المُعَلَّقة على يَمين الباب ثُمَّ أَرْدَف" انتوا قعدوا اهني لين ما ارجع..بروح اشوفه
أَسْرَع لِسانها لافِظاً اسْمهُ و كَأنَّه خَشِي أن يَقْبِض عَليه التَّرَدُّد فَيَمْنعه من الإفْصاح،:علـــي لَحْــظة
اسْتَدَار إليها مُسْتَطْلِعاً و هي التي كانت تَقف على بُعْد خُطوَتان عن الباب من الدَّاخل..أَكْمَلت وَ رَجاءٌ تَعَلَّقَ بِمَشْذَب أَهْدابها،:حرارته مرتفعة..و وقاعد يهلوس..فلا تلومه على جيته
عارَضَت جُود حَديثها و التَّعَجُّب قَد عَلَّا حاجِبيها،:ليش حرارته مرتفعة ! قبل ساعتين أنا وياه ما كان فيه شي "و الشَّكُّ لَحْنها" وبعدين إنتِ شلون تدرين إنَّ حرارته مرتفعة؟!
كان جَوابها أَنَّها أَوْلَتهما ظَهْرها..و مَشَت إلى إحْدى الأرائِك لِتَجْلس بِسُكونٍ مُتَرَقِّب..و هي بهذا الفِعْل تَمْنع جُود من أَي سؤال..و تُفْسِح المَجال لِعَلي بأن يَمْضِي للذي امْتَطَى سِرْج جُنونه..،

،

كان قَد غادَر السَّيارة عندما طَلبت منهُ أَن يَنْتَظِر..غادَرها و الإعْياء حِمْلاً قَوَّسَ مَنْكَبَيْه..خُصْلات شَعْره سابِحة في التَّبَلُّد..بَعْضُها كان يَنْظر للسَّماء..و بَعْضُها تَشَبَّثَ بِجَبينه..كأيْدٍ تُطَبْطِب على تَعَبه..عُنُقِه كان حُرَّاً ساعتها..فَالرَّبْطة التي كانت تخْنقه أَلْقاها في السَّيارة بإهْمالٍ تام..و فَتَح بَعْضاً من أَزْرار قَميصه لِيَنْكَشِف حَتَّى أَسْفَل عَظَمتا التَرْقوة..فُرُبَّما تَلْمَح شِرْخه نَجْمة..فَتُحَلِّق إليه و تُرَمِّمه بِوَميض أَمَل..،اقْتَرَبَ من الباب الذي كان يُفْتَح..تَحَجَّرَ ريقه في حَلْقه..و قُرِعت داخل حُجُرات قَلْبه طُبولاً لِقَبيلة أفْريقية..انْحَشَرَت أَنْفاسه بَيْن أزِقَّة أَضْلاعه الضَّيِّقَة..مُسَبِّبَةً وَجَعاً دَميم..فَهْو كان يَحْسَبُ أَنَّ الفَجْرَ غَزَل خُيوطه حَتَّى اسْتَوَت مَهْداً يَحْتَضِنها لِيُهْديها إليه..لَكِنَّ وَجْه عَلي الذي تَراءى إليه..أَسْقَط تَفاهات أحْلامه حَتَّى دَوى صَوْت ارْتِطامها الذي أَرْجَفه..،أَفْرَغَ الأُكْسجينات التي حَبَسها اسْتِقْبالاً لِسَيِّدة الأَنْفاس..ازْدَرَد ريقه و هُو يَتَوَقَّف أَمام عَلي الذي نَطَق بنصف ابْتسامة،:جاي لجَنى ها "هَزَّ فَيْصَل رَأسه بابْتسامة بَلْهاء لِيُكْمِل عَلي و هُو يَسْتدير لِيَتَقَدَّمه" تعال تعال..حَيَّاك
دَلَفا لداخل المنْزل المُطْفَأة أَضْواءه في هذه السَّاعة المُتَأخِّرة..عَدا ضَوْاً وَهِن كان يُنير البُقْعة التي يَقْبَع فيها السُّلَّم..رَكِبا و الصَّمْتُ ثالِثهما..ثوانٍ و قابَلَهما باب غُرْفة جِنان الذي أَلْقى فَيْصَل وَسَط دَوَّامة من ذِكْرى..شَعَر بريحٍ مُحَمَّلة بالغَثَيان تَحُوم في صَدْره..كَتَمَها غَصْباً و هُو يَرى عَلي يَفْتح الباب..أَو الجَنَّة التي احْتَفَظَت جُدْرانها بِأسْرارٍ لَها طَعْم خَمْرٍ حَلال..وَلَج إلى الجَنَّة لِيَنالَ مِنْهُ إغْماضٍ هائِم..عَلى إثْرِ الرَّذاذ العَذْب المُقَبِّل حَواسه..رَذاذاً مُجَرَّد..لَمَسَهُ بِأنامل ذِكْرياته..و اسْتَنْشَقَهُ بِأنْفاسِ لَيالي العِشْقِ و الهَوى..رَذاذٌ مُتَسَرْبِل بِعَبَقِها...،

،:فيصل!

أَزاح جِفْنيه كاشِفاً عن البؤْرَتان المُنْبَجِس منهما شَلَّال الهَذَيان..مُذ الْتَقَطَ بَصَرُ عَلي هذا الغِياب الجَلي..تَذَكَّر كَلِمات شَقَيقته..و لِيَقْطَع الشَّكَّ باليَقين..اقْتَرَب من مَكان وُقوف فَيْصَل..وَ بِحَرَكة طَبيعية أَمْسَكَ سَاعده..لَحْظة فَقَط قَبْلَ أن تَرْتَشف راحته الأوار المُشْتَعِلة في جَسَده..ارْتَعَشَ قَلْبه..ليَ من حَرارته الشَّديدة..لَكِن من يَقينٍ فَرَّقَ حُجُراته..هَمْسٌ ناحَ في رُوحه...جِنــان! و كَأنَّها رَأَت بِأمِّ عَيْنها تَيْهه..بَل و كَأنَّها امْتَصَّت حَرارته بِكَفَّيها...هي تَعْلَم..تَعْلَم ما لا يَعْلَمون! انْتَبَه من حَديث نَفْسه لِتَحَرُّك فَيْصَل الذي سَحَب ساعده من يَده..خَطَى ناحِية السَّرير حَيْثُ تَغْفو إحْدى كائِنات السَّلام المُنْعِمها عَلينا الله..اسْتَكان على رُكْبَتيه أَمامها..يَتَأَمَّلها من خَلْف شُعوب الغِياب..التَّيه و الهذيان..يُناغيها بِنَظْرة كَما لَو أَنَّها الأُولى..و كَأنَّها للتو تُحَلِّق من رَحْم والدتها..يَدَهُ العَريضة قَصَدت رَأسها..مَسَح مَسْحاً مُنْتَشِياً مَوَدَّة و مَلَق..و الحَنانُ يُنْبوعٌ عَذْب يَنْبَجِس من بَين خُطوطها..أَخيراً أَحْنى رَأسه و قَبَّلَ جَبينها الحُر من تَصَدُّعاتٍ تَهْوى الدُّنيا وَسْمها على الجُلود النَّقِيَّة..،وَقَف و اسْتَدار بآلِيَّة و اتَّضَح وَجْههُ المَكْدود..مَشى و الإعْياء يُسَيّره..تَجاوَز علي للخارج و كَأنَّهُ لا يَراه..فَهْو في هذه اللحْظة يَشْعر بأَنَّ طاقته تَذْوي في مُحيطٍ شاسِع..لا قاع له..و حَواسه قَد اهْتَرَأت حَتَّى اسْتَوَت خِرْقة بالِية غير قادِرة على احْتواء شَتاته..نَزَلَ العَتبات بِجِذْعٍ أَمالهُ التَّعَب فاسْتَنَد بِدَعامات السُلَّم وابْن عَمَّته يَتْبعه...وَصَلَ للباب الخارجي للمَنْزل و كَأنَّهُ غَريقاً ظَفَرَ بِطَوْقِ نَجاة..فَتَحهُ و تَقَدَّم خُطْوة للخارج..و قَبْلَ أن يَتْبعها بالثَّانِية..انْحَنى مُسْتَفْرِغاً مافي جَوْفه بِضَعْفٍ نادِراً ما يَطَأ مَمَلكة رُجولته..هَرَع إليه عَلي لِيَصْطَدِم بِلَوْنٍ أَحْمَر طَغَى على عُصارة مَعِدَته الدَّالة على أَنَّه لَم يَتناول وَ لَو لُقْمة..كان يَنْظُر لهُ بِعَيْنان احْتَكَرهما الجُحوظ..فَهْو لَم يَتَخَيَّل طَوال سنوات عُمْره أَن يَرَى فَيْصل صاحِب الكِبْرياء و الأَنَفة بهذا الضّعف..يَبْدو هَزيــلاً للحَد الذي يُثير شَفَقة العَدو! رَفَع رأسه و بانَت المأساة العابِثة بِمَلامحه..مُقْلَتاه غابَ بَياضهما اسْتسلاماً لاحْمرار طَفيف تُبَلّله قَطَرات تشبه الدُّموع..وَ وَجْههُ قَد حُقِن بِلَوْنٍ قُرْمِزي يَحْكي تَعَباً مَريراً..وَ شَفَتاه..وَرِثَتا الاَكْفان التي غَفَت عَلى شَفَتي جِنان! تَساءَل بِقَلق و هُو يَراه يمسح فَمه بِمَناديل أَخْرجها من جَيْبه،:فيصل إنت بخير؟ شكلك مريض....أوديك المستشفى؟
هَزَّ رَأسه بِنَفيٍ مُرْهَق..فَتَح فَمه مُحاولاً إقْناعه لَكِنَّهُ قاطعه عندما تَحَرَّك لِيَسْتَقِر داخل مَرْكَبته..ثَوانٍ و عَلا صَوْت احْتكاك العَجلات بالإسْفِلت المُصْمَت..ثُمَّ تَلاها صَوْت وَقع خُطواته التي حَمَلته للمَنْزَل و هُو سَجيناً في شَرْنَقة من تَعَجُّب..،
دَخَل شِقّته لِتَسْتَقبلانه زَوْجته..و تِلْك التي اقْتَرَبت و هي تَحْمِل بَيْن طَيَّات مَلامحها نُسْخَة من أَلَم ذاكَ المَريض..تَساءَلت بِتَوَجُّسٍ أَجَّجهُ وَجْهُ أخيها الغَريب،:شصار عَلي؟!
مَرَّغَ عَدَسَتيه عَليها..مِن رَأسها حَتَّى اَخْمص قَدَميها..لِيَخْرج بِنَتيجة واحِدة..فالإثْنان...جِنان..وَ فَيْصل...كُل واحد منهما مِرآة للآخر! وَ عَجَباً من سُوء فِهْم أَحالهما مُطَلَّقان يَبْكِيان عند نافِذة العِشْق!

،:عَلــي!

رَمَشَ بِخِفَّة مُسْتَعيداً وَعْيه..أَجابها بِسُكون،: خليته يشوفها..بس.. .. بس كان مو في وعيه..و فعلاً كانت حرارته مرتفعة..و استفرغ.. ..استفراغه كان أكثره دم
دَم....دَم دَم...دَم! اخْتَنَقَ النَّفَسُ عِنْد مُفْتَرَقِ طَريق يُؤدّي إلى الماضي..الماضي الذي ابْتَدَأت عند دَقائق لَيْله رِحْلة الفِراق و اللَّوْعة..،

،

للتو أَنْهَت اسْتحمامها الطَّويل..اسْتَرْخَت في حَوْض الإسْتحمام المَمْلوء بماءٍ دافئ يُخالطه عَبيرٌ لَذيذ..يُغَلِّف الحَواسَ و العُروق بسَلاسة و نُعومة..فَيَبْعثُ اسْترخاءً لَطيف،يَزْرَع حُقولاً جَديدة مُزْهِرَة بالرَّبيع..،كانت الليْلة مُكَلَّلة بالجَمال و السِّحْر..ابْتَسَمَت بحُبور و هي تَسْتر جَسَدها الأثيري بِرداء الإسْتحمام القَصير..الليْلة كانت طَويلة..و مُماثِلة حَدَّ أن تَكون تَوْأماً لليْلَة التي كَتَبها أَحْمد في إحْدى رواياته..مُذ كانت مُراهقة تَمَنَّت لَو تُبْصِرها حَقيقةً..و أَخْبَرت أحْمد عن هذه الاُمْنية خِلال لِقاءاتهما الخاطِفة في الماضي..ثُمَّ نَسَتها..لَكن لَم يَنْسَ أَحْمد..هي نَسَت الأمْنية و مَضَت تَعيش سِحْراً أَكْثَرَ عُمْقاً.. أَشَدُّ حَلاوة..و أَشْهى سَكَراً..معه..مع حَبيب الرُّوح و القَلْب..مع سيّد وُجودها..فَيْصَل..اشْتاقته..اشْتاقته و جِدَّاً اليَوم..ساعاتٍ طِوال و ثِقال تِلْك التي مَرَّت دُون أن تُسَلّم على عَيْنيه..تُداعب أَهْدابه بأناملها..تُعَطّر جَواها برائحة أَنْفاسه..تَرْتَشف الحَياة من شَفَتيه..و تَنْطوي طِفْلة بَيْن أَحْضانه..هَمَسَت بحُب و هي تَتَأمَّل ملامحها الباذِخة المُنْعَكِسة في المرآة الضَّبابِيَّة،:وحشتني حَبيبي

غَادرت دَوْرة المِياه المَحْشوَّة ببُخارٍ يُذيب جَليد لُنْدن المُتَكَتِّل فَوْقَ أَطْرافها..خَطَت خُطْوة ثُمَّ وَقَفَت..احْتراماً و تَبْجيلاً لِمَلك الجَوى..اتَّسَعَت ابْتسامتها بحَلاوة ضَعَّفَت من جَمال شَفَتيها النَّدِيَّتين..اسْتَأنَفَت مَشْيها و الشَّوْقُ حاديها..تَوَقَّفَت عندما الْتَصَقَ جَسَدها الطَّري بِجَسده الصَّلْب..عانَقَت وَجْنَتيه بِلَهْفة..وَقَفَت على أَطْراف أصابعها كَراقِصة باليه..ثُمّ هَرَعت الشَّفَتان لِنَبْع الإرْتواء..ثَلاث ثَوانٍ فَقْط..ثُمَّ ابْتَعَدت عنه..أَبْعَدها جُمودٌ مُبْهَم..و مَذاقٌ غَريب! تَغَضَنَت ملامحها و هي تُمَرّر لِسانها على شَفَتيها..تَمْتَمَت بِتَفْكير مع انْخفاض بَصَرها بتلْقائِية،:طعم دَ.... ..م!
تَزَحْلَقَت أَناملها بِرُعب ماسَّة شُعَيْرات ذقنه المَحْشور بينها بضع قَطَرات دَم جامِدة..طالت آثارُها أَطْراف ياقة قَميصه الفاتح..نَطَقَت بِوَجْسٍ غاَدَر من تابوت حَلْقها،:حَبيـــبي...من شنو الدَّم! مَسَحَت عَلى خَدّه مع مُعانَقة عَيْنيها...كَهْفي غضَبه..نَسَت..نَسَت هذه المَرَّة أن تُصافح المُقْلَتين أَوَّلاً..فَشَوْقَها أَسْرَع بها لارْتشاف الشَّهْد أَوَّلاً..و لَم تَلْتَفِت للوَغى المُحْتَدِمة بَين رِمْحٍ و رمش..،
مَسَّت شَفَتيه بِطَرف إبْهامها هامِسَةً بِحَذَر،:فيصـــ ـ
دَفْعة مُفاجِئة..قَوِيَّة..و مُباغِتة..ألْقَتها على الأَرْضيَّة الخَشَبِيَّة لَحْظَتها..و انْتَزَعَت من بَيْن أَضْلاعها شَهْقة مُوْجِعة..و لَم تَعْلَم رُوحها أَنَّها سَتُلْقيها بَعْدَ سَنة فَقط..إلى أَرْضٍ يَباب تخْلو مِنه..أَرْضٌ تَصْحو و يُلازمها النُّعاس على سُمْفونِيَّة أَلَّفَتها أَوْتارٍ قَطَّعتها سَكاكين الشَّهَقات..،

,

ارْتَعَدَت فَرائصها من كآبة الذّكْرى التي سَرَقَت آخر فُتات تَحَمُّلها..رَفَعت عَيْنيها المُتَوَرِّمَتين من نَغَزات دَمْع لاذع..رَفَعتهما لِوَجْه عَلي البادِية عَليه مَلامح اسْتنكار يُمازجه شَيء آخر لَم تَتَعَرَّف عَليه..كان يَسْألها..و إصْراره لِمَعْرفة الجَواب يُلَوّح بَيْن عَيْنيه،:شلون عرفتين إنّه مريض؟
تَناوَل الكَمَدُ فُرْشاته..غَمَرَها في نَهْرٍ من سَواد..قَبْلَ أن يَنْثر عَليها شَذَرات من قُطْنٍ أَبْيض..لتَتَحَوَّر إلى رَمادِيَّة كَئيبة يُسْهَل على الرُّوح اجْتراعها..مَضَت الفرشاة و رَسَمَت خَطَّاً هَزيلاً عَلى شَفَتيها..خَطَّاً قَد يُطْلَق عليه ابْتسامة..ابْتسامة اجْتَمَعت فيها كُل مَشاعرها..الماضية و الحاضِرة..أَجابت و هي تُصْغي لدُروس قَلْبها،:إذا يكتم في قلبه..أو يأنبه ضَميره... يمرض "تَشَبَّثَت أَنفاسها بتَنْهيدة مُرْتَعِشة و هي تُرْدِف" و مـ ـادري هالمرة أي الإثنين هو سبب مرضه "تَدَاركت نَفْسَها التي بَدَأت تَنْجَرف مع التَّيار المُفْضي إلى مَشاعر وَعِرة" أعذروني..واجد أزعجتكم..تصبحون على خير
تَرَكَت الشِّقة سَريعاً هارِبَةً من نَظَراتهما المُرْتَدِية عَدَسات تَفَحُّص..و من كَلِماتهما المُوَجَّهة من بُؤرة الشَّك الجَلي عَلى مَلامحهما..دَخَلَت غُرْفَتها..كَمَن يَلِجُ إلى دارٍ هَجَرها لِزَمَن..ثُمَّ عادَ إليها لِيَجِدَها لا زالت تَحْتَفِظ بَيْن تَشَقٌّقاتها العَتيقة بِأَعْذَب الذّكْريات..مِثال..رائِحته..،أبْتَلَعت غَصَّتها المَعْجونة بالعَبْرة..و طَفَقَت تَحْجب عن أَنْفاسها بَقايا الرَّائِحة المُتَسَكِّعة هُنا و هُناك..بِيَديها غَطَّت أَنْفَها و شَفَتيها..و ذاع صيت أُمْنِية بين شَعْب نَبَضاتها..بأن تُغْلَق جَميع مَسامات جَسَدها حَتَّى لا يَنْفذ عِطْر جَسَده إلى الجَوى فَيُعَذّبه..،أَسْرَعت إلى سَريرها تُطالب بالنَّجْدة..تَكَوَّمت بأكْملها أَسْفَل الغِطاء..أَغْمضَت شادَّة بِعَيْنيها مُحاوِلَةً نَحْر السَّاعة الماضِية بِما حَمِلَته من كَلِماتٍ و صُور..و لِسانها يَهْمِس مُلَقِّناً وَعْيها..،:حـ ـلم.. ..حِلم...حـ ـلم..حــــلم.... ..



تَرْتَدي حُلَّة النُّوْمِ بِأبْهى صُوره..كَما حَمامة بَيْضاء تَحْتَضِن هَيْكَلَها النَّحيل بِجَنَاحَيْها المُتْرَعين بِريشٍ دافئ..كانت هِي تُحيط جَسَدها الصَّافي كَقُطْعةِ أَلْماس لامِعة بذراعيها النَّاعِمَتين..مُنْكَمِشةً من البُرودة المُتَسَلِّحة بها الغُرْفَة..فَرِداء نَوْمها يَفْتَقِر لِأكمامٍ قَد تَبْعَث قَليلاً من الدّفئ لِجَسَدها..و الغِطاء قَد انْخَفَض حتَّى خِصْرها مُتَهَرِّباً من عَمَله..ابْتَسَم بِخِفَّة و هُو يَرْفعه إلى أَسْفَل ذِقْنها..ثوانٍ و شَعَر بها و هي تُسْبِل أَطْرافها بِراحة لاعْتمارها قُلْنسوة الدّفئ..اسْتَدَارَ عَنْها مُسْتَلْقِياً على ظَهْره..أَراحَ ذراعه فَوْق جَبينه و أَخَذَ يَشُقُّ طُرُقات السَّقف بِعَيْنيه..من خِلال مُحادَثاته الأخيرة مع حُور..اسْتطاع أن يَسْتَشِف من كَلِماتها تَهَكُّمات غَريبة في حَق والدها..و حَديث العَشاء قَبْل ساعات أَكَّد لهُ عَلى ذلك..،

،

قالت بِنَبْرة مُبَطَّنة و هي تُحَرّك المِلْعقة في طَبَق الحَساء السَّاخن..و بَصَرها يَهْرب بانْخفاضٍ واضِح،:توني أدري إن أبوي مهتم كل هالاهتمام فيك..و في أمك و أختك بعد!
أَجابها ببساطة،:هو صَديق أبوي الله يرحمه من الطفولة.. و يعتبرنا مثل عياله..فمن الطَبيعي بيهتم فينا بعد وفاته
سُخْرِية طَفيفة رَفَعَت زاوِية شَفَتيها لِتُعَلِّق و هي تَرْفع المِلْعَقة لِفَمها،:بيكون طَبيعي اهتمامه إذا كان في الأوَّل يوجهه لزوجته و بنته
عُقْدة عَدَم فَهم شاكَست مابين حاجبيه،:شنو تقصدين؟
أَجابت بِهَمس بَعْد أن اجْترعت الرَّشْفة،:ما اقصد شي "نَظَرت إليه مُسْتَطْرِدةً بابْتسامة تَبَدَّلت على حين فَجْأة" ما قلت لي يوسف..شرايك في اللي خطب ملاك؟

,

تَصافَقَت أَهْدابه بِخِفَّة..حَدْسهُ يَقُول لهُ أَنَّ في بِطْنان هذه الكَلِمات يَقْبع سِر خَفي..سَر تَبْدو عَليه إمارات حُزْنٍ و عِتاب..عِتابٌ تَنْعاهُ طِفْلة لِوالدها..هُو لَم يَسْبق لهُ أن اسْتَفْسَر عن ماضيها..بالتَّأكيد سَيَجِد بَيْن صَفَحاته ما يُؤكّد ظُنونه..فلا بُـــ... ... الْتَفَت بانْتباه للحَرَكة الخاطِفة التي لَمَح خَيالها القادم من يَمينه..أَزاح ذراعه عن جَبينه و هُو يَرْفع ظَهْره قَليلاً..ضَيَّقَ عَيْناه مُدُقِّقاً النَّظَر في الإنْفراج الواقع بين الأرْض والباب..ثوانٍ و عاد لاسْتلقائِه مُقْتَنِعاً بأنَّهُ لَيس أَكْثر من تَوَهُّم..لِكَن قَبْلَ أن تَكْتَمِل عَشْر ثوانٍ..عادت الحَرَكة مُجَلْجِلة حَواسه..هذه المَرَّة جَلَس باعْتدال و أَبْعَد جُزْءاً من الغِطاء عَنْه..كانت الغُرْفة غارِقة في الظَّلام..ما عَدا إضاءة خافِتة جِدَّا تَسْهَر بالقُرْب من رَأس حُور..لذا كانت الحَرَكة واضِحة من أسْفَل الباب..،انْتظَر قَليلاً حَتَّى تَعود لَكن لم يَجِد شَيء..أَراد أن يَسْتَلْقي مُجَدَّداً لَكنَّ طَرَقاتٍ وَهِنة قاطَعتهُ هذه المَرَّة..عَزَم أَمْره و وَقف مُتَّجِهاً للباب و أَنْظاره تُراقب الفراغ أَسْفله..لَقَد كانت تَسْتِقر ظِلال لِقَدمي بَشَري! سَطَع صَوْت داخله..رُبَّما والدته أو شَقيقته..أَمْسَكَ بالمِقْبَض..و بِهَمْسٍ أَخْفضه لِيَفْتح الباب..ارْتَفَع حاجبه اسْتغراباً حينما اصْطَدَم بَصَره بلا أحد! إذاً لِمَن كانت الحَركة..و الظِلُّ ذاك؟! تَقَدَّم ماشِياً باتّجاه السُلَّم لِيَتَحَرَّى..كانت غُرْفة جُلوس الطَّابق الثَّاني تَعيشُ صَمْتاً فَجْري..كُل مافيها يَسْبَحُ في النَّوْم..عَداه هُو الماشي على لَحْنٍ هادئ..و مِصْباحٌ أَبْيَض نَصَّبَ ضَوْءه حادِياً يَهْدي القوافِل السَّاهِرة..،تَوَقَّفَ عند رَأسِ السُّلَّم..مالَ جِذْعه قَليلاً ناحِية الأسْفَل لِيُطِل على المَكان من عُلو..تَبَسَّم بِسُخْرِية على نَفْسه و هُو يَهْمس..،:شكلك رجعت للهلوسة يوسف "و هُو يتراجع للخَلْف" روح نام أحسن لك
أَراد أن يَسْتَدير عائِداً لِداره..لكنَّ ذراعاً صَلْبة ارْتَفَعت من وراء ظَهْره لِتَهْوي بِقُوَّة مُزَلْزِلة على عُنُقِه..فَيَسْتَحيل رَجُلاً نَهَبت أَيْدٍ خَبيثة وَعْيه بَعْدَ أَن اسْتَعانت بِعَباءة الفَجْر الخَفِيَّة..،




يَتْبَع



 توقيع : طهر الغيم



رد مع اقتباس