عرض مشاركة واحدة
قديم 12-30-2019   #2


الصورة الرمزية ضامية الشوق

 عضويتي » 28589
 جيت فيذا » Oct 2015
 آخر حضور » منذ 3 ساعات (05:50 PM)
آبدآعاتي » 1,101,693
الاعجابات المتلقاة » 14364
الاعجابات المُرسلة » 8481
 حاليآ في » سلطنة عمان
دولتي الحبيبه » دولتي الحبيبه Oman
جنسي  »  Female
آلقسم آلمفضل  » الفنى
آلعمر  » 22سنه
الحآلة آلآجتمآعية  » عزباء
 التقييم » ضامية الشوق has a reputation beyond reputeضامية الشوق has a reputation beyond reputeضامية الشوق has a reputation beyond reputeضامية الشوق has a reputation beyond reputeضامية الشوق has a reputation beyond reputeضامية الشوق has a reputation beyond reputeضامية الشوق has a reputation beyond reputeضامية الشوق has a reputation beyond reputeضامية الشوق has a reputation beyond reputeضامية الشوق has a reputation beyond reputeضامية الشوق has a reputation beyond repute
نظآم آلتشغيل  » Windows 7
مشروبك   7up
قناتك mbc
اشجع ithad
مَزآجِي  »  اطبخ

اصدار الفوتوشوب : Adobe Photoshop 8 CS My Camera: استخدم كاميرا الجوال

мч ѕмѕ ~
أحبك وأنت النبض ودقات قلبي كله:066
мч ммѕ ~
MMS ~

افتراضي





قبل يومين …
تزينت بالفعل , و( تكشخت ) كما أمرتها هيفاء !
وهي تدرك تماما ما تنوي هيفاء فعله .
تركت شعرها على طبيعته .
ووضعت مكياجا خفيفا .
كانت ترتدي فستانا باللون الأزرق الغامق , ضيقا من الأعلى , ويتسع من الأسفل .
فضلت ارتداء ذلك الفستان الواسع حتى لا تتألم في فخذها .
بالرغم من الحرق والألم بدآ بالإختفاء شيئا فشيئا , إلا أنه لا زال يضايقها .
كانت الأكمام قصيرة نوعا ما .
وذراعيها المليئتين بالخدوش ظاهرين .
فــ هيفاء جلبت لها بالأسفل عائلة شاب يريد الزواج .
وهي بالتأكيد لن تخدع أحدا .
إن تزوجت , ستتزوج من يعرف كل عيوبها .
وليت ذلك كان عايض ..!
لو لم ترغمها هيفاء , لانتظرته حتى آخر العمر ربما , دون أن تمل .
ولكنها مجبرة , من أجل سعادة عمر .
جلست على كرسي طاولة الزينة , وأغمضت عيناها تتنفس بعمق لتهديء نفسها .
دائما , دائما وأبدا ..
عليها فعل ذلك .
قبل خروجها من غرفتها .
تكون مذعورة , مرتبكة , متوترة .
وكأنها ليست تخرج إلى منزل والدها , بل إلى أناس غريبون عنها .
وقد تعبت من ذلك .
ظنت أنها ستكون مرتاحة بمجرد خلو المنزل من هيفاء .
إلا أنه العكس تماما , لم تظفر بدقيقة واحدة ترتاح بها , فور رؤيتها لملامح عمر .
حتى وإن نفذت ما قالته هيفاء , لن ترتاح ..
نعم هي تدرك ذلك جيدا , ولكن ..
عليها أن تتحمل .
تبرئة لذنبها بقتل الصغيرة , وإسعادا لعمر .


على ذكرها له في عقلها , فتح الباب ..
لترفع رأسها وتنظر إليه بإبتسامة .
بادلها عمر الإبتسام , ليقترب منها بعد أن أقفل الباب خلفه .
جلس على السرير , والتفتت هي إليه بتساؤل .
وجدته يتأمل وجهها , وكأنه يحاول قراءة شيئا ما .
ارتبكت وهي تسأل بهدوء / في شيء ؟
عقد عمر حاجبيه / أنا اللي المفروض أسأل , من وين طلعت سالفة العريس هذي يا نوف ؟
حركت كتفيها تدعي الاستغراب , لتضحك / مدري , زوجتك اللي جابت أهله ليش تسألني ؟
عمر يدقق النظر إليها / نوف جاوبيني بصراحة , في شيء صار بينكم انتي وهيفاء ؟ تصرفاتكم أبدا ماهي معقولة , فجأة قالت يا عمر تعال رجعني , وفجأة صرتوا طيبات مع بعض , وفجأة يجيك عرس من طرفها وفي اليوم الثاني بعد جيتها ؟
ارتبكت نوف بشدة , إلا إنها استطاعت أن تحافظ على هدوءها / بالعكس كلها أشياء زينة يا عمر , ليش زعلان إنت ؟
تأفف عمر / ماني زعلان يا نوف , بس الموضوع صدق غريب , قولي لي الصراحة يا بنت , في شيء صاير بينكم ؟
هزت رأسها نفيا , وقالت بكل ثقة / صدقني ما في شيء , كل اللي سويته اني كلمتها واعتذرت لها أكثر من مرة , وهيفاء ما هي سيئة عشان تحمل بقلبها عليّ لفترة طويلة , واحنا أساسا من زمان مثل الصديقات .
ظل عمر يحدق إليها بغير اقتناع .
لتضحك نوف مرة أخرى / عمر إيش فيك ؟ يعني ما كانت تبى هيفاء ترجع لك مثلا ؟ ولا علاقتنا ترجع حلوة مثل قبل ؟ أو أتزوج ؟
عمر / إيه .
اتسعت عيناها بدهشة / إيش اللي إيه ؟
عمر / ما أبيك تتزوجين , أنا فاهمك يا نوف , وعارفك زين .. كيف لا وانتي كبرتي قدام عيوني ؟ ربيتك بنفسي يا نوف , أوكي زعلت منك لفترة وغصبا عني والله , كان الموضوع صعب عليّ حيل , بس حاولت قد ما أقدر لين خف الوجع وما غاب , أنا أدري إنك تبين تجلسين فترة في البيت ترتاحين فيها من كل اللي مريتي فيه , عشان كذا وقفتي دراستك , لكن لما فجأة ألاقيك موافقة على عريس جاي من طرف هيفاء , يعني لا تعرفينه ولا احنا نعرفه , كأنك يعني تقدرين تتأقلمين وتعيشين مع شخص غريب وجديد وأوجاعك بعدها ما شفيت .

أجفلها تماما ما قاله عمر .
ولم تتمكن من الرد .
فغرت فاهها تنظر إليه بقلة حيلة .
قبل أن ينهض عمر ويقترب منها , وتنهض هي .
حاوط وجهها بكفيه بحنان بالغ , وبنبرة مؤثرة للغاية , جعلت عيناها تدمع / تمام نوف ما راح أجبرك تعلميني عن السبب اللي خلاك تقابلين أهل العريس , بس أرجوك .. لا تسوين شيء راح تندمين عليه بعدين , انتي بنتي وأنا ما أرضى إنك تعيشين مقهورة طول عمرك وتندمين على قرار اتخذتيه من دون تفكير , أنا لسه شايف فيك تأثير الحادث , نفسيتك لسه تعبانة , ومانتي مستعدة للزواج أبد , لكن لو انتي موافقة وشفت الولد طيب ويناسبك , أبد ما راح أعترض .
أنهى حديثه وقبل جبينها بحنان , ثم غادر تاركا إياها في حالة من الحزن والشعور بالذنب وتأنيب الضمير .
كادت أن تجهش بالبكاء , وتطلق دموعها المحبوسة داخل محاجرها .
لتمنعها هيفاء بدخولها .
عضت شفتها بقوة وأغمضت عيناها , حتى شعرت أنها أفضل .
وأنها لن تبكي .
وقفت هيفاء أمامها , وتأملتها لبعض الوقت بصمت / جاهزة تنزلين .
أومأت بإيجاب , وهي تنظر إلى الأسفل .
أخذت عطرها من طاولة الزينة , ورشت على فستانها .
ثم نظرت إلى المرآة نظرة أخيرة , لتعدل شعرها .


التفتت إلى هيفاء / يلا ؟
أومأت الأخرى موفقة , ثم أمسكت بذراعها / ليش لابسة فستان أكمامه قصيرة يا نوف ؟ ولا تبينهم يشوفون هالندوب ويروحون ؟
نوف بهدوء / من حقهم يا نوف يشوفوني بكل عيوبي , ومن حقي أنا بعد .. عشان لا ينخدع العريس ويشوفني بكل حلاوتي من برة , ثم بعد الزواج ينصدم بكل هالأشياء على جسمي , ولا إيش رايك يا هيفاء ؟ هذا من أبسط حقوقي , يكفي إني بتزوج شخص ما أعرفه ولا قد سمعت عنه , يعني ما في داعي أنجرح بعد الزواج بعد .
هزت هيفاء رأسها متفهمة وهي تتنهد بضيق .
لا يعجبها الأمر هي أيضا .
ولكن .. ليس هناك حل آخر .
لتنسى هي شيء من الوجع , وتُنسي عمر .
ضغطت على ذارع نوف / لا تنسي يا نوف , كله عشان عمر .
نوف / أكيد .
نزلت إلى الأسفل , تمسك بكف هيفاء .
حتى اقتربتا من مجلس النساء .
تركتها هيفاء , ودخلت .
لتسمي نوف وتذكر الله , ثم تخطو إلى داخل المجلس .
تشعر بقلبها يرتجف داخل صدرها .
وأن قدميها غير ثابتتين على الأرض , بل تشعر كأنها تمشي على طرف خيط , وستسقط في أي لحظة .
اقتربت من والدة العريس , والتي كانت عمة والد هيفاء !
نظرت إليها نوف بإعجاب , تبا ..!
لقد كانت أجمل منها بكثير , وتبدوا صغيرة .
كما لو أنها شابة , وليست أم لشاب يريد الزواج !
ابتسمت لها بإرتباك بعد أن صافحتها , لتبتعد عنها وتقترب من شابة أخرى , لم تقف لها !
بل رفعت يدها بطرقة غريبة , وكأنها لا ترى نوف !
امتعضت منها نوف , وتجاهلت شعورها بالغضب , خاصة وأن الفتاة لم تلمس سوى أصابعها .
لتبتعد عنها وتسلم على والدتها وتقبل يدها وجبينها , ثم تجلس بجانبها .
لتصبح على يمين الفتاة , على بعد كرسيين .
أنزلت رأسها تنظر إلى يدها وهي تشعر بالتوتر الشديد .
رفعته حين قالت الأم بنبرة كانت غريبة هي الأخرى / احنا جايين نشوفك ليش تخبين وجهك ؟
نظرت إليها بإبتسامة , ولكنها لم ترد الإبتسامة .


التفتت إلى هيفاء تلقائيا , وكأنها تستفسر عن سبب تصرفاتهم الغريبة !
خاصة وأن الفتاة لا تنظر إليها أبدا !
بل منشغلة بهاتفها , تضع رجلا على الأخرى .
هزت هيفاء كتفيها بلا مبالاة , لتباغتها المرأة الأنيقة بسؤال / بأي سنة الحين انتي يا نوف ؟
أجابت نوف بهدوء / المفروض تكون هذي آخر سنة لي , بس أجلت ترم .
عقدت حاجبيها / ليش ؟ عشان الحادث ؟
ارتبكت نوف قليلا / إيه ؟
المرآة / قد إيش تضررتي مثلا ؟ غير الآثار على يدينك وحتى وجهك , ورجلك الصناعية ؟
شعرت نوف بالإستفزاز من نبرتها القريبة من السخرية , لتقول بإبتسامة مصطنعة / أعتقد هيفاء قالت لكم , يعني اللي ذكرتيه كل شيء .
أكملت الأخرى بابتسامة / إيه صحيح , أنا أقصد جسمك كله , ما أعتقد إنه سلم من التشوهات , الحادث كان جدا سيء على حد علمي , يعني لدرجة إنه بنت أخوك ماتت , وانتي بتروا رجلك وركبتي غيرها صناعية .
لم تتمكن من نوف من الإجابة ولا الرد .
من شدة صدمتها ودهشتها .
كيف تمكنت من التفوه بأشياء كهذه بغاية البرود والوقاحة ؟
قالت المرأة حين طال صمتها / ممكن تورينا رجولك لركبتك على الأقل , يعني بالنهاية ولدي من حقه يعرف عيوب زوجته الجسدية ولا ينصدم .
اتسعت عيناها بغير تصديق .
وتجمعت الدموع بعينيها وهي تشعر بالإهانة .
فتحت فمها تنوي الرد وتدافع عن نفسها .
ولكن ما حصل غير متوقع , حين وقفت هيفاء تقول بنبرة حادة / اعذريني يا عمتي , بس نوف ما تقدر تسوي هالشيء , لو كانت تبي توريك كان لبست قصير من البداية , ومثل ما قلتي .. هذا من حقه , معناته لو هي يبي يشوفها قبل لا يقرر يشوفها .
وقفت نوف بغيظ , حين سمعت ضحكة الفتاة المغرورة الساخرة .
ورفعت طرف فستانها قليلا , لتخرج من الغرفة بخطوات عرجاء سريعة بذات الوقت .
تسمع والدتها أيضا تدافع عنها بطريقة مهذبة .
صعدت إلى الأعلى , تتجاهل ألم رجلها .
حتى وصلت إلى غرفتها , لتدخل وتغلق الباب خلفها وتوصده .
ثم خلعت فستانها ورمته على الأرض بقوة .
رفعت شعرها عن جبينها , ووقفت أمام المرآة .. تنظر إلى جسدها المشوه .
غير البقعة الكبيرة من أعلى فخذها حتى ركبتها .
ندوب كثيرة , لا تعد ولا تحصى .
بأحجام وألوان مختلفة .
بعضها جروح غائرة .
والأخرى بسيطة , غير أنها واضحة .
وغرز خياطات هنا وهناك .
جلست على الأرض بقلة حيلة , بعد أن ارتدت قميص منزلي .
وضمت ركبتيها إلى صدرها , لتغمض عينيها وهي تضع رأسها على ركبتيها , وتبكي بصمت .
منذ أن حصل ما حصل , بل منذ أن ولدت .
لم يهينها أحد كما أهانتها هذا المرأة وإبنتها للتو !
ولكن ما لم تتوقعه حقا , أن هيفاء تدافع عنها !
هل كان دفاعا أم تمثيل , أم كانت خطة وقحة للغاية منذ البداية .
بما أنها تقرب هاتان المرأتان , فلم تهتم .
وأحضرتها إليها وهي تعرف أطباعهم السيئة .
ثم حين أساءت إليها أمام حماتها , مثلت دور الكنة الصالحة التي لم يغيرها شيء !
لا يهم , لا يهم كل ذلك .
بما أنها لم تصمت , وجعلتها تشعر بشيء جميل في قلبها .
لن تنسى هذا المعروف لهيفاء .

_____


لقد انتهى الأٍسبوعين بالفعل .
وأتى يوم مراجعته .
الذي انتظره بشوق , لشيء غريب يحدث بداخله ولا يعرف ما هو بالضبط .
جلس بالخارج على كراسي الإنتظار , حتى أتى دوره أخيرا .
دخل وألقى السلام , لترد هي والممرضة .
ولكنها كانت غريبة للغاية ومختلفة .
عيناها لا تشعان حماسا ونشاطا مثل المرتين السابقتين اللتين رآها فيهما .
بل كانتا مظلمتين , كأن عليهما سحابة سوداء قاتمة .
جلس على المقعد أمامها , لتنظر هي إلى شاشة الحاسوب .
وتسجل بعض الملاحظات السريعة .
لتلتفت إليه بعد عدة دقائق / إيه يا أخ بدر ؟ أخبارك وأخبار السن ؟
بدر / أنا بخير الحمدلله , والسن خلعتيه شلون تسألين عنه ؟
حسناء / لا إله إلا الله أنا لما أقول سن مو شرط أقصد السن نفسه , كيف الألم الحين أكيد إنه اختفى .
بدر باستغراب / طبعا .
حسناء / كويس , ممكن ترقد هناك ؟
أومأ برأسه بإيجاب , وهو مستغرب من هدوءها وأسلوبها المهذب الذي لم يعهده , ليستلقى .
وقفت حسناء على يمينه بعد أن ارتدت القفازات , لتوجه المصباح إليه , وتفتح فمه تنظر إلى مكان الضرس المخلوع .
عادت إلى مكانها بعد أن انتهت , وهي تقول بهدوء / ماشاء الله خلاص ما عاد في أي مشكلة يا أخ بدر , وأعتقد حتى المراجعة ما كان لها داعي , شكلك انتبهت لنفسك كويس بعد الخلع .
جلس بدر ليقول ضاحكا / طبعا اللي عنده أب مثل أبوي غصبا عنه ينتبه عشان يرجع للدوام بسرعة .
ابتسمت وهي تتذكر ذلك اليوم / الله يعينك أجل , ومشكور على هذاك اليوم .
عاد ليجلس على الكرسي أمامها / عادي ما سويت شيء , يعني خلاص هذي آخر مراجعة ؟
استغربت من نبرته لتقول / طبعا , إلا إذا ودك أخلع لك باقي ضروسك .
ضحك بدر / لا , إيش عندكم خدمات ؟
ازداد تعجبها لتلتفت إلى مساعدتها / عطيه المنيو .
ضحكت الممرضة باستغراب , وضحك هو .
لتكمل حسناء / لا جد إيش هالسؤال ؟ قصدك إيش تنظيف مثلا ولا تبييض أو شيء ثاني ؟ تقويم ؟
بدر / مدري إنتي شايفة أسناني , إيش أحتاج ؟
حسناء / لا أسنانك كويسة ماشاء الله , بس يمكن تحتاج شوية تنظيف وتبييض .
بدر / تمام سوي لي .
نظرت إليه حسناء بذهول لعدة دقائق قبل أن تضحك / الحين ؟ طبعا لا إنت جاي على أساس إنها مراجعة لضرسك المخلوع , لازم موعد ثاني .. عندي مرضى كثير ينتظرون برة .
بدر / تمام , بأخذ لي موعد .
حسناء / أوكي , تروح الإستقبال وتشوف المواعيد .. خذ اللي يناسبك , بعد أسبوع أسبوعين , براحتك .

أومأ بإيجاب , وقبل أن يهم بالمغادرة قال / ممكن أسألك سؤال بس ما تعتبرينه تطفل ؟
حسناء / تفضل .
بدر / فيك شيء اليوم ؟ متضايقة ؟
صمتت من الدهشة , ثم هزت رأسها نفيا تجيبه / لا , ليش تسأل ؟
بدر / مدري بس حسيتك مو مثل المرة الماضية ولا اللي قبلها , يعني .. كأنك هادئة اليوم وحزينة .
ضحكت بغير تصديق / لا ما فيني شيء , شوية مشاكل عائلية .
نظر إليها لبعض الوقت , قبل أن يقف مبتسما ويلقي السلام ويغادر .
تنهدت حسناء بضيق ..
هي فعلا بها شيء .
ولكن من يسأل ؟
غريب لا تتمكن من البوح إليه ؟
قبل أن تفتح الممرضة الباب لتسمح للمريض التالي بالدخول قالت / معليش خليه ينتظر شوي , بأخذ بريك .
نهضت من مكانها وخرجت بعد أن عدلت حجابها ولثمتها , لتعتذر من المرضى بطريقة لبقة .. قائلة أنها تعمل منذ الصباح , وتحتاج إلى القليل من الوقت فقط لتستعيد تركيزها ونشاطها .
أوماؤا لها متفهمين .
لتتجه إلى المصعد , تستقله وتنزل إلى الدور الأرضي .
حيث الكافتيريا بداخل العيادة .
طلبت لها قهوة سوداء , واتجهت إلى الطاولة فالركن ننتظر .
كان الوقت قبيل الظهر .
يعني ليس الوقت المناسب لشرب القهوة , إلا أن ادمانها الشديد لا يجعلها تعرف الوقت المناسب أساسا .
وضعت مرفقيها على الطاولة , وأغمضت عيناها لتضع قبضتيها على منتصف جبينها .
وهي تبحر بذكرياتها بعيدا .
كانت مرتاحة جدا في الفترة السابقة .
نسيت , أو تناست .. لا يهم , المهم أنها كانت سليمة من أوجاع الرأس هذه التي تلازمها ما إن يخطر على بالها ذلك الموضوع من الماضي .
أتت هديل , وقالت من الكلام ما جعلها تشعر أنه لم يمضِ شيء على فراقها لذلك الوغد الحقير .
بل صارت تتذكره وكأنه بالأمس كان الفراق !
قبل أن تتعمق أكثر , فتحت عيناها على صوت الكوب على الطاولة .
لتعتدل بجلستها متفاجئة , وتقول / إنت لسه هنا ؟
بدر / تسمحي لي أجلس ؟


هزت رأسها بتردد وهي تمسك بكوب القهوة .
بدر بتردد / أنا آسف على التطفل , بس صدق من دخلت عندك وشفتك عرفت إنك متضايقة وفيك شيء كبير .
ابتسمت حسناء / كنت عارف إني بجي هنا ولا كيف ؟ فاجأتني .
بدر / لا كنت قاعد أفطر , ما أكلت شيء من الصباح وجعت , شفتك وانتي داخلة , ما قدرت أمشي من دون ما أسأل .
حسناء بصدق / أعتذر على الصراحة أخ بدر , بس من جد ما في داعي تسأل , ولا حتى جلستك هذي لها داعي , مثلك مثل أي مريض عندي , كيف تسألني عن اللي مضايقني وتتوقع مني أجاوب مثلا ؟
بدر بصدق هو الآخر / أنا أدري , بس إذا تبين أنا بعد أكون صريح , أنا مهتم فيك .
أجفلت حسناء وتلعثمت / إيش قصدك ؟ كيف مهتم ؟


ضحك بدر / ما أدري كيف ينقال هالشيء , ومدري كيف صار , بس صدقيني من جيت عندك أول مرة وأنا دايم أفكر فيك , وبعد ما شفتك في المكتبة صرت أفكر أكثر , كنت أظن إنه هالشيء يصير بالمسلسلات والأفلام بس , لين صار معي وتأكدت إنه حتى البشر العاديين مثلنا يحسون بهالشعور .
نظرت إليه بغير تصديق لعدة دقائق , قبل أن تهز رأسها كأنها تنفض شيئا من رأسها / لا لحظة وش قاعد تقول إنت ؟ قاعد تسمع لنفسك ؟
بدر / طبعا .
ضحكت بسخرية / شلون شلون , لا ترى صدق قاعد تمزح إنت أكيد , ولا مانت مستوعب إني أكبر منك بكثير .
بدر / عادي وين المشكلة ؟
عضت شفتها بإحراج , وتنهدت بضيق / أتمنى إني ما عاد أسمع هالكلام أخ بدر و إنت مريضي وأنا طبيبتك وانتهى , اهتمام ما إهتمام هذي بس بالأفلام وفي أحلامك .
ابتسم بدر / تمام ما قلت شيء غلط , أنا مريضك وانتِ طبيبتي يا أم عيون حلوة .
اتسعت عيناها بحدة / يا قليل الحيا , انسى .. حتى الموعد راح تلغيه , ما أعالج ناس ما تستحي وتتغزل بناس أكبر منها .
ضحك أكثر وهو يقول / بالضبط هذي الدكتورة حسناء اللي شفتها قبل أسبوعين .
أجفلت مرة أخرى / يعني كنت تضحك عشان تضحكني ؟
هز رأسه نفيا / لا طبعا , أنا صادق .
أدارت عيناها بملل / أنصحك ما تجيني مرة ثانية , لأني من جد معصبة منك وما أعجبني هالكلام أبد , سوالف الحب هذي ما تمشي عندي , ماني مراهقة ولا صغيرة عشان تلعب علي .
بدر بجدية / بس أنا ما أمزح ولا أبي ألعب .
تنهدت حسناء بقلة صبر / يعني بتتزوجني مثلا ؟
بدر / طبعا , إذا قبلتي .
لا تعلم بماذا شعرت بالضبط .
كأن الكون توقف للحظات , شيء من الخجل .. غضب وقهر بذات الوقت .
سألته بشيء من الغضب / بسألك يا أخ بدر , إنتي كيف تفكرفي بنت أو تنوي تتزوجها مثلا وانت ما تعرف عنها شيء ؟ غير إنها طبيبة أسنان ؟
بدر / عادي مو لازم أعرف شيء , هالشيء أكثر من كافي , أعرف عمرك بعد , لكن مو مهم .
حسناء بصدمة / طيب لو كنت متزوجة مثلا أو مرتبطة ؟
بدر / مانتي متزوجة , ولا مخطوبة .. مو لابسة خاتم .
ضحكت بغير تصديق / مين قال لك إنه ضروري المخطوبة ولا المتزوجة ضروري تكون لابسة خاتم ؟
بدر / إنتي ليش معصبة الحين ؟ كل اللي قلته إني مهتم فيك , وإذا رضيتي تتزوجيني بتقدم لك وأطلبك من أهلك .
وقفت بعينين محمرتين من الغيظ / ماني راضية , وأنا صدق ما أبي أشوفك مرة ثانية , لو سمحت .
أوقفها بسؤاله / طيب ليش قولي لي , خليني أعرف سبب رفضك على الأقل , وصدقيني إني ما بزعجك ولا بتشوفين وجهي مرة ثانية .
رمشت بعينيها عدة مرات , توقف دموعها عن النزول وهي توليه ظهرها , قبل أن تلتفت إليه وتقول / ماني متزوجة ولا مخطوبة , لكن مطلقة وعندي ولد , أظن هذا سبب مقنع وكافي , عشان تبعد عني وتنسى هالسخافات .

اختفت عن عينيه بلمح البصر .
ليقف هو في مكانه مذهولا مصدوما وغير مصدق ما سمع !
لم يصدق يوما ما يسمونه بالحب من أول نظرة .
ولا الإعجاب بشخص غريب , لمجرد التعامل معه لمرة واحدة ,
قبل أن يقابل حسناء بالتأكيد .
ذلك اليوم بعد أن غادر العيادة , لم تغادر هي عقله .
ظل يفكر فيها بشكل غريب جدا .
جرأتها وقوتها , وشخصيتها العجيبة .
حتى غضبها وفقدانها السيطرة على نفسها , أعجبه !
والشيء الآخر , بالتأكيد .. عيناها .
الساحرتان والجميلتان بطريقة غريبة للغاية .
منذ أن رآهما تعلق بهما , لا يعرف بالضبط ماذا يحصل معه .
كل ما يعرفه أنه أُعجِب بها , وأراد بشدة أن يتعرف عليها ويعرفها .
لذا عاد إلى العيادة مرة أخرى وتحدث إلى موظفة الإستقبال .
ويسألها عن حسناء , كما لو أنه يريد الإستفسار عن طبيب جيد .
إسمها بالكامل , عمرها , حالتها الإجتماعية .
كان متأكدا من أنها لو علمت عن ذلك ..
ستغضب بشدة .
لذا تظاهر بأنه مريض ليس أكثر .
ولكن ما سمعه للتو صدمه بشدة .
كيف لشابة حسناء مثل ( حسناء ) أن تكون مطلقة ؟
وأم لولد !


_____


منذ عدة أيام , وبعد أن أخبر والده أن عاطف معجب بنوف .
لم يفاتحه راشد بموضوع الخطبة على الإطلاق .
ما جعله يطمئن ويرتاح , ويستغرب بنفس الوقت .
هل يعقل وأن يكون والده ينوي تزويجه بنوف منذ البداية ؟
ثم حين علم أن الأمر لن يتم , ولا يتمكن هو الزواج بها .. صمت ؟
أم ما الذي حصل بالضبط ؟
نزل من غرفته ونزل متجها إلى الصالة .
حيث يجلس الجميع حول طعام العشاء .
ألقى السلام وجلس في مكانه المعتاد .
كانوا يتناولون طعامهم بصمت كالعادة , ولينا تضع المذكرة بجانب الصحن , تأكل وعيناها عليها , ليقول / بنت ريحي نفسك شوي من المذاكرة , في أحد يذاكر على طاولة الأكل ؟
رفعت عيناها متفاجئة لتقول / والله ما عندي وقت يا عايض أحسني مو مثبتة اللي ذاكرته وخايفة مرة .
ابتسم وهو يمدّ يده ويأخذ المذكرة / ذاكري بعد ما تاكلين , ما راح تستفيدي شيء إذا نجحتي ثم متي من الجوع .
نظرت إليه بحنق , لتكمل طعامها سريعا حتى تعود إلى المذاكرة .
سأل عايض / وين نجد ؟
تجيبه ضحى / نايمة البنت تقول تعبانة وما لها نفس تأكل .
هنادي بقلق / هذي لها دهر ما تعبت ماشاء الله , إيش فيها اليوم فجأة ؟ حتى ما أكلت شيء من الصبح .
استغرب عايض , لينهض ويأخذ صحنا / أجل باطلع لها الأكل فوق أنا , لا تنام جوعانة .
هنادي / إيه أحسن , خليها تأكل بالقوة .


صعد عايض إلى حجرتها يحمل بيده الصينية .
ليضعها على الأرض ثم يفتح الباب بعد أن طرقه وأذنت له نجد بالدخول .
كانت الغرفة مظلمة , ودافئة نوعا ما .
فتح الأنوار مستغربا , ليقترب منها ويضع الصينية على المنضدة .
جلس على طرف السرير , وأمسك بطرف الغطاء ليكشف وجهها .
انصدم حين وجده محمرا ومنتفخا , من أثر البكاء !
مد يده يلمس جبينها , لينصدم من حرارتها المرتفعة أيضا .
سأل بخوف / بسم الله عليك نجد , إيش فيك ؟
فتحت عيناها المحمرتان , ونظرت إليه بجمود .
ثم هزت رأسها / ولا شيء , بس سخنت .
عايض / انتي ما تمرضين ما شاء الله , وش صار لك فجأة , متضايقة ولا زعلانة من شيء ؟
هزت رأسها نفيا مرة أخرى , دون أن تتفوه بشيء .
أمسك بذارعها ليساعدها على الجلوس بإعتدال , ووضع خلفها مخدة / كلي وخذي مخفض حرارة , انتي لو تشوفين وجهك راح تنفجعين .
نجد بإعتراض وبصوت مبحوح / ما أبي عايض تكفى والله مالي نفس .
أخذ عايض صحن الرز والملعقة , ليطعمها بنفسه / بس كم لقمة , موعاجبني شكلك كذا .
ابتسمت نجد وهي تنظر إليه , وتسند رأسها إلى الخلف , ثم تأكل اللقمة رغما عنها .


لم تتمكن من إنهاء الصحن كله .
أبعدته وهي تترجى عايض أن يكف عن إطعامها .
نهض واتجه إلى غرفته , ليعود وبيده حبة دواء مخفضة للحرارة .
جلس / هيا أشوف ابلعيها , وقولي لي إيش فيك .
ابتلعت الحبة , وابتلعت معها تلك الغصة .
قلبها يؤلمها بشدة .
لا تتعرف كيف تتصرف .
لا تريد أن تخبر أحد بالأمر .
إن فعلت ستفسد الأمر أكثر , وهي لا تعلم حقا هل سيصدقونها ويعذرونها على الفور .
ربما طيف ستتغير , يعني إن فعلت وأعلمت مساعد .
ستفسد بين زوجين منذ بداية علاقتهما .
ولكن أليس ذلك أفضل ؟
أن ينتهي الأمر منذ البداية !
أفضل من أن يتعلق بها ثم ينصدم أكثر ؟
يا إلهي .. سأُصاب بالجنون حقا .
مساعد بعد أن كان متخوفا جدا من الإرتباط , ووثق بإختيارها .. تكون تلك الفتاة هي أسوأ فتاة عرفتها يوما !


تنهدت أخيرا , لتسأل / عايض لو تبي ترجع يُمنى , ليش ما تسألها أول ؟ يعني .. ترضى ولا لا ؟
أجفلته بسؤالها الغير متوقع , ليرد بهدوء / أبوي رافض يا نجد , كيف أفتح الموضوع معاها قبل وأنا عارف إنه أبوي مو راضي ؟
نجد / يا عايض أبوي رافض لأنه متوقع إنه هي بعد بتزعل من الموضوع , لو نعرف رأيها تقدر تكلم أبوي بالراحة .
تنهد بهم وهو يتذكر محادثتهما في المحطة , وهما في طريقهما إلى المدينة .
ليهز رأسه نفيا / أحتاج شوية وقت , خلي يُمنى ترتاح شوي وتتأقلم في المدينة , ثم أفتح الموضوع من جديد , بما إنه حتى أبوي ساكت هالأيام .
نجد / غريب أمرك يا عايض , ميت تبي ترجعها والحين تقول ننتظر شوي ؟ والله أخاف البنت تطير من يدك .
قطب جبينه بإنزعاج / تطير من يدي لمين ؟
هزت كتفيها / ما أدري , بس يُمنى بنت ما تتفوت صراحة , راح تتزوج بغمضة عين ومن دون ما احد يحس .
احمرّ وجهه من الغضب ومن مجرد التفكير بالأمر / خليهم بس يحاولون يقربون منها شبر , والله إني لأذبحهم .
ضحكت نجد / اهدأ يا حبيبي ولا تحلف , بس إذا تبي نصيحتي .. وإذا صدق تبي ترجعها , لا تماطل , لأني صدق خايفة تروح من يدك يا عايض , ثم تندم .
نظر إليها لبعض الوقت / تغير رايك يا نجد , قبل كنتي ضد إني أرجعها .
ارتبكت قليلا وهي تقول داخل ( جربت اليوم ذلك الشعور المر , أن يصبح من تتمناه من نصيب شخص آخر ) .
ابتسمت / أبيك تنبسط وتعيش حياتك مع الشخص اللي تحبه , كنت أفكر بيُمنى .. بس مدري ليه حاسة إنها حتى هي ما راح تنبسط إلا معاك , مجرد إحساس .
ضحك عايض , قبل أن يخرج هاتفه الذي يرن من جيبه .

لا تدري ما الذي جعلها تنظر إلى الهاتف , وتشعر بأنه هو …
فعلا , كان هو .
مساعد !
شعرت بقلبها ينقبض فجأة وصدرها يضيق .
ازدردت ريقها وهي تسمع ما يقوله / هلا مساعد , وينك الحين ؟
تمام بجيك , ربع ساعة وأكون عندك .
نهض وأخذ الصينية / نامي يا نجد وارتاحي , أنا أدري في شيء مضايقك , لكن ما ضغطت عليك الحين , وانتي ماشاء الله غيرتي الموضوع بسرعة , هين بجيك بكرة , العريس ينتظرني .
قالها وخرج .
لتبقى نجد في مكانها , تجلس بجمود .
ثم تعض شفتها بقوة .
حائرة تماما .

_____

انتهى البارت


 توقيع : ضامية الشوق





مشكوره قلبي ضوى الليل على تصميم مميز ربي يسعدك يارب



رد مع اقتباس