عرض مشاركة واحدة
قديم 12-24-2019   #3


الصورة الرمزية طهر الغيم

 عضويتي » 27920
 جيت فيذا » Oct 2014
 آخر حضور » منذ 3 ساعات (04:50 AM)
آبدآعاتي » 1,385,683
الاعجابات المتلقاة » 11667
الاعجابات المُرسلة » 6471
 حاليآ في »
دولتي الحبيبه » دولتي الحبيبه Saudi Arabia
جنسي  »  Female
آلقسم آلمفضل  » الاسلامي
آلعمر  » 17سنه
الحآلة آلآجتمآعية  » مرتبطه
 التقييم » طهر الغيم has a reputation beyond reputeطهر الغيم has a reputation beyond reputeطهر الغيم has a reputation beyond reputeطهر الغيم has a reputation beyond reputeطهر الغيم has a reputation beyond reputeطهر الغيم has a reputation beyond reputeطهر الغيم has a reputation beyond reputeطهر الغيم has a reputation beyond reputeطهر الغيم has a reputation beyond reputeطهر الغيم has a reputation beyond reputeطهر الغيم has a reputation beyond repute
نظآم آلتشغيل  » Windows 2000
مشروبك   7up
قناتك fox
اشجع ithad
مَزآجِي  »  رايقه

اصدار الفوتوشوب : لا استخدمه My Camera: Sony

мч ѕмѕ ~
وتبَقــّـَــيَ~ بيَـنْ ~آضَلُعــِــي ِ آتنفَسُكــَــ في ~كُلَّ ~ حِيـِـــنٍ
мч ммѕ ~
MMS ~

افتراضي




ماضٍ

يَمْشي مَعَهُم و الفِكْر مَشْغولاً بغيابها..مُنذُ الصَّباح لم يَلْتَقِ بها..وَدَّعها بقُبْلة صَبَحايَّة ثُمَّ تَوَجَّه إلى عَمله..حَيْثُ هُناك حادَثَته في الهاتف قُرابة التَّاسعة و النّصف تَخْبره بخُروجها مع صَديقاتها و الذي يَسْتَمِر حَتَّى هذه السَّاعة من الليْل..،شَدَّ على مِعْطفه عِنْد الصَّدْر و هُو يَجْتَذِب هَواءً رَطِباً أَرْعَشَ أَضْلاعه المُنَبّشة عن دِفء..،حَشَر كَفّه في جَيْبه ليُخْرج هاتفه الذي لم يَسْتكِن لدَقيقة..نَظَر للساعة..العاشرة و الرُّبع..لم تتصل و لم تُرْسِل رِسالة..ابْتسامة صَغيرة شَدَّت شَفَتيه عندما لاحَ لهُ خَيالها و هي غارِقة في الحَديث مع صَديقاتها و هُو عن حواسِها غائِب..هَمَسَ و كأنَّه يُحادثها،:آخر زمن القعدة ويا صديقاتش تخليش تنسيني..زيـــن جنانــوو أراويش

،:بسم الله..ِشفيك تكلم روحك !

الْتَفَتَ بانْتباه لِصَوْت سَلْمان المُشاكِس،و الذي كانت تَبْرق وَسَطَ عَيْنيه نَظْرة خَبيثة أشاح فيصل وَجْههُ عَن مَقاصدها..لكنَّ سَلْمان لم يَكْتفِ..فهُو اقْتَرب أَكْثر دافِعاً بِكَتفه كَتِف فَيْصل هامِساً بمُزاح،:إثْقل شوي..ساعة و بترجع لها
عَقَّبَ مُوَضّحاً،:مو عن شي..بس ابي اتطمن عليها..من الصبح ما كلمتها
ارْتَفَع حاجبه باسْتنكار و هو يَرى كيف ابْتعد عنهُ سَلْمان بظَهْرٍ مَشْدود و رأس مَرْفوع..مُتَقَنّعاً بملامح الغُرور و الأَنَفة..تَنَحْنَح ثُمَّ و بصوْت جَهْور قال،:طبعاً ارتباطي في أي مرأة بيكون ارتباط اعتيادي..للإستقرار و تكوين عائلة بوجود أطفال أكيد..أما إنّي أصير مجنون مرأة فهذا مُستحيل..فيصل ما تمتلكه مرأة "أَنْهى جُمْلَتهُ ثُمَّ نَظَر لفَيْصَل بعَيْنان تَضيقان خَبَثا مُرْدِفاً بصوته الطَّبيعي" عَيَّـار..طلع بس حجي..و من أخذتها عقلك في وادي و إنت في وادي..يعني صرت مجنون رَسْمي
بمُجَرّد أن أَكْمل لسانه مُشاكَسته،دَفَعهُ فَيْصل بحَنَقٍ تُخالطه ابْتسامة مُسْتَتِرة..اعْتَلَت ضِحْكَته بانتشارٍ حُر شارَك الهَواء عَليله..اسْتفزاز رَفيقه هِوايته..و ليس أيُّ رَفيق..فَهو فَيْصل المُعْتَد بنَفْسه دَوْماً..و مُناقَضته لمَبْدَأ كان يَفْخَر به غَنيــمة ثَمينة لا يَسْتَطيع التَّفريط بها..،الْتَفَتا للنّداء القادم من على بُعْد خُطوات من الأمام..كان مَنْصور الذي تَساءَل عندما اقْتربا منه،:شعندكم إنتوا الإثنين !
عَلَّق رَفيقاً مَعهم اسْمه حَسَن و هُو يَغْمز لِفَيْصَل،:الواضح إنَّ فيصل قاعد يغازل في التيلفون
دَعَمهُ آخر كان يُطْلَق عليه جابر بضِحْكة،:يغازل زوجته..ما يصبر عنها
تَجاهل سُخْريتهما و مضى مُواصِلاً مَشْيه و هُو يُعيد الهاتف إلى جَيْبه..اسْتَمَع لحَديث مَنْصور و هُو مُخْفِض رَأسه يُتابع خُطْواته،:بنتعشى و بتروح لها..اصبر شوي
سلمان قال بنَبْرة ارْتَدَت رِقَّة تَبَسَّمَ لها،:صيــر مثلنا..تاركينهم اللحين عشان نرجع لهم بشوقنا
أَحَد الرّفاق قالَ مُعْتَرِضاً،:ياخي بس خــلاص..قدروا وضعي أنا عزوبي..لا تشعلون الجمر اللي في قلبي
سَخَر منهُ مَنْصور قائِلاً،:زين صراحة خل يشتعل جمرك..نبي نتدفى
سَلْمان أَضاف و هو يَدْعك باطن يُمْناه بيُسْراه و فَمَهُ يَعْبرهُ زَفيرٌ دُخاني،:ايــه و الله نبي دفا..لندن مو راضية ترحمنا في هالشّتا
قال محمود المُعْتَرض و هو يَسْبقهم،:اقول امشوا امشوا بلا تطنز..خلونا نتعشى و نروح بيوتنا
سَلْمان بتوضيح،:ترى المطعم أغلب زواره كَبولز..يعني شموع و روايح و ليتات حمرا و رومانتك ميوزيك "و بابْتسامة بَلْهاء أَرْدَف" و غمضوا إذا شفتون منظر يخدش الحَياء
وَجَّهَ مَنْصور لِكَتفه لَكْمة و هُو يُوَبّخه،:تبي تعلمنا على الفساد سلمانو إلا جايبنا هالمطعم
بَرَّر مع انْبساط يَده على بَطْنه،:خُــوك أكلهم شي مو طبيعي..أصلاً من أول لُقْمة بتروح عالم ثاني و لا بتنتبه للي قدامك
رَنا لهُ بطَرف عَيْنه،:زيـــن..بنشــووف
واصَلوا طَريقهم للمَطْعَم المُنْطَوي ببُنيانه الخَشبي في نهاية زِقاق هادئ..كان الجَو قَد احْتَدَمت حَرْبُ بُرودته..الحَرارة تَذْوي إلى ما تحت الصِفْر بدرجتان..الأطْراف و على رَغْم تَدَثُّرها فهي قَد وَدَّعت الإحْساس من شِدَّة تَجَمُّدها..رِياحٌ زَمْهَرير تَمْرَق الصُّدور و تُرْعِد الأَضْلاع برَجْفة لا إراديَّة..فكان دُخولهم للمَطْعم أَشْبه باسْتقبال الصَّيْف لهُم..نار المِدْفَأة الحَجَرِيَّة يَبْعَثُ شُحْناتٍ ساخِنة تَمْتَصَّها الجُدْران و تُحَورها إلى دِفءٍ لَذيذ،تَرْتَشِفَهُ الجُلود لِيُضَمّد العِظام المُهَشّمها البَرْد..،اتَّخذوا مكانهم حَوْل الطَّاولة التي حَجَزها سَلْمان مُسْبَقاً على عَددهم..كانوا سِتَّة..تَرْبطهم علاقة مَتينة ذات وشائِج من وِد و وفاء..الْتقوا في لُنْدن لأسباب الدّراسة و العَمَل مُنذُ سَنوات ليست بقَليلة..،هُو فَوْرَ جُلوسه أَحْرَج هاتفه من جَيْبه و اسْتَقَرَّ به على الطَّاولة الزُّجاجِيَّة بالقُرب منه..و لم يَنْسَ أن يَتَفَقَّده لَعَلَّهُ يَجِد آثاراً لها..لكنَّ الشاشة لم تُطْلعه سوى على السَّاعة التي أَكَّدت لهُ غيابها عنه لأَرْبعة عَشَرَ ساعة ! كَشَفَ عن تَنْهيدة خافِتة و هُو يُفَرْقع أصابعه مُحاولاً طَرْدَ التَّوَتُّر عنه..فهُو كَسَرْبِ غِربان غاضِبة..تَظَلُّ تَنْعَقُ حتى تُثير زَعْزَعة الحواس..فيُمْسي المَرْء مُتَخَبّطاً،لا يعرف من أَين يَبْتاعُ الرَّخاء لِتَسْتَقِر الذَّات..،
عُقْدة مُسْتَنْكِرة تَوَسَّطَت حاجبيه عندما الْتَقَط جابِر الجالس أمامه هاتفه و هو يُقْفله قائِلاً،:هذا بقفله و بخليه عندي..عشان تلتفت لنا شوي..و زوجتك مثل ما قال سلمان أرجع لها بشوقك
أَيَّدهُ سَلْمان الجالس على يساره،:ايــه زين تسوي "و هُو يَرْنو لهُ بطرف عَيْنه" خل ينساها لساعة بس
ارْتَخى حاجباه و على شَفَتيه بانت ابْتسامة صَغيرة أَبى تَوَجُّسه الغَريب أن تَتَّسِع..لم يُناقشهم..فرُبَّما فعلة رَفيقه تُشْغله فعلاً عن التَّفْكير في غيابها الصَّامت بغرابة مُرْبِكة..تناول قائِمة الطَّعام التي قَدَّمها إليه النَّادل،ثُمَّ شَرَع يَتَصَفَّحها بهدوء مُتَجاهِلاً الغَوْغاء المُشْتَعِلة في رأسه..،
جاسَ الصَّمْتُ بينهما لدقيقتان قَبْلَ أن يَنطق مَنصور و هُو يُغْلق القائِمة،:أنا اخترت
لم يُعَقّب أَحَدهم..فجميعهم مُنْدمجين في اخْتيار طَبَق العَشاء..بَعَثَ لهُم نَظْرة ساخِر مُعَلّقاً،:لو قايلين لكم ادرسوها ما طالعتوها بكل هالإندماج
و أَيْضاً لم يُعْقّبوا و الْتَزَموا بالصَّمْت مُتَجاهلين سُخْريته..أَرْجع ظَهْره للخَلْف مع ارْتفاع ذراعه ليَتّكأ بعضده على رَأس المَقْعَد..جالَت عَيْناه على الأَرْجاء بنظرة سَريعة..كان المَكانُ واسِعاً..فالزَّاوية البعيدة هُناك أَكْثَر هُدوءاً من هُنا..لكن بشكلٍ عام الأَجْواء هادئة و تَبْعَث الإسْترخاء..،أعادت عَيْناه تَطَلُّعاتها،و عند مُنْتَصِف الطَّريق تَعَثَّر بَصَره بمَنْظَرٍ غَريب..عُقْدة تَرْكيز بانت بين حاجبيه..دَقَّق النَّظَر لثوانٍ..ثانية..ثانيتان..و في الثَّالِثة حاصَر مَحْجَريه اتّساع مَصْدوم عندما تَرْجَمَ لُبَّه المَنْظَر الذي أمامه..تَصَافَقَت أَهْدابه ببعْثَرة مع انْخفاض ذراعه عن المَقْعد ببطءٍ ينتعل عَدَم التَّصْديق..بحَذَر حَرَّكَ عَدَسَتيه لِفَيْصَل..كان لا يزال مُنْدَمج مع قائِمته..راقَبَهُ لثوانٍ..كان حيناً يُقَلّب الصَّفَحات..حيناً يَنظُر لساعته.. و حيناً يَسْهو في هاتفه المُسْتَحوذ عليه جابِر..هُو قَلِقٌ عَليها..و هي..ها هي..هُنا..مع رَجُلٍ غَريــب ! ازْدَرَد ريقه و هو يَشْعر بنَبَضاته تَسْتَعِر ارْتباكاً في قَلْبه..أَبْعد بَصره عن فَيْصل ليَطُوف بهِ على وُجوه باقي رُفَقائه..اسْتَقَرَّ بهِ على وَجْه جابِر الجالس بجانبه،مما يُتيح لهُ رُؤية ما رأى..يُريد أن يُخْبره..فهو في هذه اللحظة لا يعلم كيف يَتَصَرَّف..هل يُواصل بشكل طَبيعي..أم أن يُقْدِم على فِعْل شيءٍ آخر..لا يدري..لا يدري..،قَرَّبَ رأسه من رَفيقه بحَذَر..هَمَسَ لهُ في إذنه بنَبْرة أَغْرَقها التَّوَتُّر و عَيْناه على فَيْصل،:بدون و لا كلمة شوف اللي ورا فيصل
اسْتجاب جابر بعفوَيّة..ثوانٍ فَقَط و تَوَسَّطَت شَفَتيه ثَغْرة مَذْهولة..أَدارَ رأسه لتَلْتقي عَيْناه الحائِرتان بعَيْني مَنْصور المُتَشَبّثتان بالتَّخَبُّط..و كأنَّ كُلاهما يَطلب من الآخر تَكْذيب ما رأى..،
مَرَّت دَقائق ثَقيلة كانت كقُيودٍ حَديديَّة كَبَّلت حواس مَنْصور و جابِر المَشْدوهان..تساءل سَلْمان،:ها أنادي الويْتِر؟
أَجاب محمود الذي لا زال يتصفح،:انتظر شوي..متحير بين جم أكلة
فيصل أضاف،:أنا بعد للحين
ببساطة عَقَّب و هُو يتناول هاتفه،:أوكــي
انْشِغل في مُحادَثاته و نشاطه على هاتفه..و أَثْناء ذلك وَصَلته رسالة "واتس آب" من منصور أثارت اسْتغرابه..فهو معهُ على الطَّاولة نفسها..و قَبْل أن يُعَلّق تَبَعتها رسالة تُحَذّره من النُّطق..رَفَع عَيْنه له باعِثاً نَظرات اسْتنكاره..لكنَّ منصور أشار إليه بالصَّمْت قَبْل أن يُشير إلى الهاتف..اسْتجاب سَلْمان عاقِداً نَظَراته بالشَّاشة ينتظر الذي سيرسله بتوَجُّس..،أخيراً وَصَلتهُ الرّسالة..قَرَأها لمرَّة و لم يَسْتوعب..قَرَأها ثانِيةً و عقله رَفَض أن يَسْتوعب..و لم يَقْرَأها ثالِثةً فهو اسْتدار لينظر..فرُبَّما عَيْناه تَجْترعان الإسْتيعاب...و بالفِعْل..ما إن أبْصَر المَنْظَر حَتَّى صُفِعَت ملامحه بالصَّدْمة..تَجَهَّمَ وَجْهُه، و عَيْناه أحاطهما جُحوظٌ مُسْتَنْكِر..جِنان..و رَجُل..و أَشْياءٌ أُخْرى لا تُفَسَّر..،
،:بس استقريت على أكلة
الْتَفَت بحَرَكة مُفاجِئة لفَيْصَل الذي اسْتَفْسَر باسْتغراب حينما قابلَهُ وَجْههُ المَخْطوف،:شفيك ؟
أجابَ سَلْمان بابْتسامة مُتَعَرّجة حاول أن يُبَدّد بها اكْفهرار ملامحه،:لا "ضحْكة قصيرة و مبحوحة" لا مافيني شي..شفيني يعني..يمكن جوعان
ثُمَّ أَضافَ ضِحْكة تائِهة قابلها فَيْصل بابْتسامة مُجامِلة..جابر قالَ فَجأة مع اسْتقرار يده على صَدْره،:أحس بديت اختنق..ريحة الشموع و العطور قويَّة
منصور تساءل ليُسانده،:تبينا نقوم نطلع ؟
حَسَن باعْتراض حاد،:لاااا شنو نطلع..بالغصب شردنا من البرد.. وبعد نبي ناكل..بتصير احدعش و احنا ما أكلنا
منصور وَبَّخه،:ياخي ما تشوفه مو قادر يتنفس..خلنا نطلع
محمود أبْدى رأيه،:انزين خل نغير مكان الطَّاولة يمكن يفرق
سَلْمان وَقَف مُنْهِياً الجِدال،:لا نفس الشي..خلونا نطلع..تدرون فيه عنده الرَّبو..و الرَّيحة فعلاً قويَّة..لا يطيح علينا و نبتلش
اسْتَجابَ حَسَن و محمود على مَضَض و معهما فَيْصلَ الذي تَمَنَّى لو يُلْغى العَشاء و يَعود للشِقَّة و يَطْمَئن على زَوْجته..تَحَرَّكوا بهُدوء مُغادرين المَكان،و الثَّلاثة المَصدومين تَكَفَّلوا بإلهاء فَيْصل عن المُصيبة المُنْزَوِية هُنا..،خَرجوا ليَلْفَحهم الهواء الصَّامد جَليده..و على عَتَبة السُّلم الأخيرة قال،:جابِر عطني تيلفوني
بتلقائِيَّة بَدأ جابِر يَبحث في جُيوب بنطاله..ثوانٍ قَبْلَ أن يتَذَكَّر أنَّهُ نَسِيه على الطَّاولة..نَطَق و هو يَعود ليركب العَتبات،:نسيته داخل بروح أجيبه
أَوْقفهُ،:خلك إنت بروح أنا أجيبه
اعْتَرَضَ سَلْمان بطريقة أثارت استغراب فيْصل،:لاااا لا تروح "تَدارك نَفْسه بسُرْعة مُرْدِفاً بضحكة مُشَتَّتة" ااقـ ـ اقصد يعني هو اللي نساه..خله هو يجيبه،لا تروح إنت
اسْتدار بهدوء،:كلَّه واحد
تَجاوَزَ العتبات الأرْبَع ليَدْفع الباب و يَدْلف من جديد إلى المَطْعم دون أن يَصله توبيخ سَلْمان لجابِر المُتَأسّف،:الله ياخذك يا جابر
فَوْرَ دُخوله تَوَجَّهَ لطاولتهم قَبْل ثواني،و بالتَّحديد جِهة جُلوس جابِر حيثُ رَأى هاتفه مَنْسِيَّاً أَسْفَل قائِمة الطَّعام..الْتَقَطَهُ و مباشرة فتحهُ دون أن يَتَحَرَّك..انتظر حتَّى فُتِح..بَحَثَ هُنا و هُناك.. و لم يَجِد جواباً منها..تَصَدّعٌ قَلِق عَبَثَ بملامحه،و جَواهُ أَفْصَح عن هَمْسٍ مُتَوَجّس،:إنتِ وينش جِنان!
القَدَرُ لم يَبْخل عليه..فهو أهْداهُ الجواب مُباشرة..جوابٌ كان قاسٍ للحَدَّ الذي أَسْرى وَجَعاً بين دمائه..وَجَعٌ مِثْل سُمٍّ تَعَهَّد على تَخْثيرها..هُو تَقَدَّم خُطْوة ليَعُود..و أثناء تَقَدُّمه ارْتَفَعَت عَيْناه بعَفَوِيَّة ساقَت رُوحه لِمَقْصَلة الإعْدام..رَعْشة مُزَلْزِلة كَهرَبَت كُل خَلِيَّة تَتَنَفَّس في كَيانه..تَصَلَّبَت أَطْرافه..و زاغَ بَصَرَهُ بتَيْه أَشْفَقَ عليه رِفاقه الشَّاهدون..تَبَعْثَرَت أَنْفاسه..تَصَادَمَت في صَدْره و تَمازَجَت بثِقْلٍ حَوَّرها إلى قُيودٍ كَبَّلَت أَضْلاعه..قَلْبه أُجْهِضَ بعد أن خَلَّفَ مَكانهُ نَبَضاتٌ تَطْعَن الرُّوح من نَحيبها المَكْتوم..هَمَسَ صَوْتٌ وَهِن في ذَّاته..لِماذا جِنان ؟ لِمَ أنتِ معه ؟ لِمَ تُعيدين إحْياء الإلْتقاطة التي تَسَتَّرت عليها صُورة البَحْر ؟ لماذا ! رَمَشَ بلا وَعْي..غادَرَ بَصَرهُ وَجْهيهما القَريبان..غادَر اللَّمعة الهاتِفة من عَيْنيهما..غادَرَ ابْتسامة الشَّوق المُلَوّنة شَفَتيهما..و غادَرَ الوَرْدة الحَمْراء الغافِية بينهما..لا يدري هل كان هو المُهْدي..أم هي !
تَقَلَّبَت عَدَستاه على المَكان..سَقْفٌ تَتَدلَّى منهُ أَضْواء صَفْراء و حَمْراء..و هُما كان القَمَرُ يُسَلّم عليهما بضوئه القادِم من النَّافِذة بجانبهما..صوت المُوسيقى المُثير كان نَشازاً قَطَع أوْتارَ قَلْبه المَذْبوح..و الزَّاوِية التي تَحْتضنهما كانت كالثَّكْنة المُتراشقة منها سِهامُ الخِيانة..كيف لم يرَها حينما دَخْل ! و هُم .. رفاقه.. رأوها حَتْماً..سافَرَت العين لهُم لتُعْمى من الشَّفَقة المَبْعوثة منهم كطوفان جَرَفَ رُجولته..كَسَرَته...كَ سَ رَ تْ هُ ! أمام أَصْدقائه أَحْنت ظَهْره..و بَصَقَت الخُذْلان على وَجْهه..شَلَّت حواسه و ذَبَحَتهُ من الوَريد إلى الوَريد..خانتهُ معه..مع أحمد..،
انْتَفَضَ فَجْأة و صَدْره اخْتَرَقتهُ شَهْقة مَــوْت..اسْتَشْعَرَت قَدَماه الأَرْضية التي على الرَّغْم من صَلابتها..إلا أنَّ مُصيبته حَوَّرتها إلى بَحْرٍ مُتلاطم الأمواج يُسْتَعْصى المَشي عَبْره..تَحَرَّك مُتَقَدّماً.. وكادَ أن يَتَعَثَّر..لكنَّ يَد سَلْمان قَبَضَت على ذراعه و وازَنت اخْتلال جَسَده..حَرَّر ذراعه بآلِيَّة دون أن يَنْظُر إليه،ثُمَّ مَضى خارِجاً و رُوحه بَقِيت تَتَوَسَّد الأرْض بدمائِها المَسْمومة..،
لَحِقهُ سَلْمان..و الباقون فَضَّلوا الإنسحاب لكي لا يُضَعّفوا من قساوة الوَضْع..هُو كان يُهَرْول ببَصَرٍ مُغَيّب..لم يَكُن يَرى الوُجوه و لا الأجْساد التي يَصْطَدِم بها..حَتَّى الأَضواء..كانت تَمُر أمامه مثل شُهُبٌ تَوْمِض بقوَّة تَتَألَّم منها العَيْن..الأَصْوات تَتداخل بشَعْواء مُزْعِجة..السَّماء تَقْتَرب منه بسوادَها القاتم..تُحيط بحواسه..تَمْضَغهُ بشراهة..تَجْترعه..ثُمَّ تُبْصقهُ خِرْقة بالية تُفْرِز سائِلاً أَسْود لهُ رائحة نَتِنة..ما هُو إلا خَليطاً من كَذِب..خِداع و خيانة كَدَّسَتهُ في ذَّاته بخَبَثٍ غارِق في العَسَل..،تَباطَأت خُطواته حينما تَعَسَّر عليه تَمْييز الأَرْض من السَّماء..تَوَقَّفَ و صُورتها و هي معه تُكَشّر عن أنْيابها أمامه..حَــرارة شَديدة نَشَطَ بُرْكانها وَسَط صَدْره..مَضَت و باغَتَت حَلْقه..اسْتَطْعَمَها..كان لها مَذاقٌ عَلْقمي لم يَذَقهُ أَبَداً..تَجَمَّعت سائِلاً في فَمه لم يَقْوَ على كَبْحِ انفجاره..انْحَنى مُسْتَسْلِماً للإسْتفراغ المُسْهَب المُسَيْطِر عليه..كان يَسْتَفْرغ دَماً و مَساماته تَسْتَفْرغ كُل عِطْرٍ مُلوَّث نَجَّسَت بهِ أَنْفاسه..سَقَط على رُكْبَتيه بإعْياءٍ نَهَب طاقته..وَجْهُه اخْتَنق بلونٍ قُرْمزي مُرْعِب من شِدَّة ضغطه..عُروقه النَّافِرة تَكادُ تَخْتَرِق جِلْده السابح في العَرق..و بياضُ مُقْلَتيه ناحَ فيهِ دَمْعٌ أَبى أن يَسْكُن الخَد..كان رَجُلاً مُدَمَّراً ساعتها..برُوح..بقَلْب..بجَسَد و بذات مُدَمَّرة..،
صَوْتٌ فَزِع أتى عن يَمينه،:فيصـ ــل... دم..إنت تستفرغ دم !
اتَّكأ بباطن يَديه على الأَرْض البارِدة..و التي لو سَكَنها جَليد لأذابتهُ نيرانه المُلْتَهِبة..اسْتَمَرَّ لدقائق يُصارع اسْتفراغه و القُدْرة عنه قَد فَرَّت..طَهَّرَ جَوْفه عن آخر نَتانة قَبْل أن يَهْمس بلُهاثٍ مَخْنوق و عَيْنان غُرِسَت فيهما أوَل بَذْرة حِقد،:صَدَّقتــ ــها...الجَّذابـ ـة...صَدَّقتهـ ــا !



حاضِر

عَيْناها لم تَبْرُحان الصُّورة..تارَّة تَطوف بعَدَسَتيها على الوُجوه..و تارَّة تَجْتَرِع ما كُتِبَ بعَدم فَهْم نَشَّط عَزْم التَّقَصّي الذي ثَبَّطتهُ مُصيبتها..هذا الرَّجُل كان قَريباً من والدها في بَرْلين..كان كَصَديق مَجْهول..يَحْجبهُ البُعْد لشُهور..ثُمَّ يَكُون اللقاء مَعه في أيَّامٍ فَقَط..و تَذْكُر أنَّ اللقاء كانت تَحُفّه هَمَسات تَخْتبئ عن مَسامع البَشَر و المَخْلوقات..نَظَرات مُغَيّمة بالغُموض..و حواساً يَلْتَبِسهُا حَذَرٌ يُضاعف الخَوْف من عَكَرِه..أَسَفَأ أنَّها كانت طِفْلة..لا تَسْتطيع أن تُتَرْجم كُل هذه السَّكَنات المُنْذِرة بخَطَرٍ تَعَهَّد أن لا يُفارقهم أَبَداً..تُرى مالذي كان يَجْمع بين أبي و ذاك الآستور ؟
باغَتَتها انْتفاضة هَلِعة أوْجَدها بين مفاصلها رَنين الهاتف المُفاجئ..بتلقائِيَّة نَظَرت للساعة المُعَلَّقة..بين دقائق الواحدة هي تَمْضي..من المُتَّصِل...أَيُعْقَل !
تَرَكت الصُّورة ثُمَّ زَحَفت على رُكْبَتيها للمَوْضع المُسْتَكين فَوْقه هاتفها..تناولته و هي تُبْصِر الشَّاشة المُضيئة لِيَعْلو حاجِبَيها باسْتنكارٍ مُتَعَجّب..مُحَمَّد....المُتَّصِل هُو مُحَمَّد..كَيف حُفِظَ رَقْمه وباسْمه في هاتفها ! انْتَبَهت للرَّنين الذي تَوَقَّف..ارْتَخى حاجبيها..و قَبْل أنت تَتَنَفَّس الصُّعَداء عاود الرَّنين من جَديد..احْتَلَّت العُقْدة ما بين حاجبيها،و آثار غَيْظ بَدأت بإحاكة خُيوطها حَوْل عَيْنيها..كيف يَجْرؤ على الإتّصال في مثل هذا الوقت..ألا يَسْتَحي ! تَصافَقَت أَهْدابها..ما بكِ مَلاك..ألم تَقُل حَنين أَنَّهُ غَريب..و الأهَم من ذلك..ذَّاتك اسْتَنْشَقَت غَرابته من غَبَش عَيْنيه الغامِض..فالبطَّبع كُل شيء يَنْحدر منه سَيَكون وارِثاً الغَرابة..،انْقَطَع مُجَدَّداً..اعْتَدَلَت في جُلوسها بتَرَقّب تَجَلى بين ثَنايا وَجْهها..سَيَتَّصِل مرَّة أخرى حَتْماً..لن يَسْتَسْلم من اتّصالان فَقط..هَزَّت رَأسها بتَأكيد و عَيْناها تُدَقّقان في الشَّاشة بإمْعان..سَيَتّصل..هي واثقة أَنَّهُ سَيَتّصل..سَيتّصل..سَيتّصـــ..الرَّنين انْتَصَف يَقينها كأنَّما يُوَثّقه..رَفْرَفت ثِقة مَهْزوزة بَيْن عَيْنيها..على الأَقَل هي تَمْتَلِك بِضع مَعْلومات عنه إلى جانب إحْساسها اتّجاهه..فهي ليست عَزْلاء أمامه..و هذا قَد يَنْثر قَزَعَ ثِقة وَسط سَماء رُوحها المَعْمِيَّة من ضَباب الدُّنيا القاسِية..،حَرَّكَت يَدَها اليُسْرى،و بخِفَّة أَرْخَت خُصلاتها على جانب عُنُقِها و كَتفها الأَيْسَر..و في المُقابل تَعَرَّى جانبها الأيْمَن لِيسْتَقْبل الهاتف الذي اسْتراح فوق أُذُنها بعد أن ضَغَطَت زِرَّ الإجابة..،



 توقيع : طهر الغيم



رد مع اقتباس