عرض مشاركة واحدة
قديم 12-24-2019   #2


الصورة الرمزية طهر الغيم

 عضويتي » 27920
 جيت فيذا » Oct 2014
 آخر حضور » منذ 4 ساعات (09:20 AM)
آبدآعاتي » 1,385,530
الاعجابات المتلقاة » 11667
الاعجابات المُرسلة » 6465
 حاليآ في »
دولتي الحبيبه » دولتي الحبيبه Saudi Arabia
جنسي  »  Female
آلقسم آلمفضل  » الاسلامي
آلعمر  » 17سنه
الحآلة آلآجتمآعية  » مرتبطه
 التقييم » طهر الغيم has a reputation beyond reputeطهر الغيم has a reputation beyond reputeطهر الغيم has a reputation beyond reputeطهر الغيم has a reputation beyond reputeطهر الغيم has a reputation beyond reputeطهر الغيم has a reputation beyond reputeطهر الغيم has a reputation beyond reputeطهر الغيم has a reputation beyond reputeطهر الغيم has a reputation beyond reputeطهر الغيم has a reputation beyond reputeطهر الغيم has a reputation beyond repute
نظآم آلتشغيل  » Windows 2000
مشروبك   7up
قناتك fox
اشجع ithad
مَزآجِي  »  رايقه

اصدار الفوتوشوب : لا استخدمه My Camera: Sony

мч ѕмѕ ~
وتبَقــّـَــيَ~ بيَـنْ ~آضَلُعــِــي ِ آتنفَسُكــَــ في ~كُلَّ ~ حِيـِـــنٍ
мч ммѕ ~
MMS ~

افتراضي




على الجِهة الأُخْرى

الجُمود حاصَرَها لثوانٍ..لثوانٍ فَقَط قَبْل أن يَعُود وَجْسه ليُرْعدها..،:ليش خايفة ؟
تَحَجَّر ريقها في حَلْقها و الأَنْفاس ثَقُلَت وَسَط صَدْرها..ذراعه تُقَيّد خِصْرها..كما فَعَلت قَبْل أَيَّام..ها هي تَشْعُر بحرارتها تَسْلخ جِلْدها الرَّقيق بلا رَحْمة..أَسْبَلت جِفْنيها باسْتسلامٍ لأوامر يَديه..أدارها لهُ بهدوء لتَرْتَطِم أَنفاس فَجْره بأنفاسها الخائِفة..هَمَسَ و هي تَشْعُر باقْتراب وَجْهه من وَجْهها المُخْتَنِق،:طالعيني
لم تَرْفع عَينيها بل و ضاعَفت من إخْفاض رأسها..هُو أعاد بهَمْسٍ الْتَمَسَت فيه رِقَّة أَنْبَتت غَصَّة بين حُجْرات قَلْبها،:نُــور..طالعيني
لم تَسْتَجِب إليه..و كُل الذي ظَفَر بهِ منها ارْتعاشات زَعْزَعَت نَبَضاته المُتَشَبّثة بسَكَناتها..تَحَرَّكت يُسْراه قاصِدة ذِقْنها..أَرادت أن تُشيح وجْهها لكنَّ يَدَهُ أَسْرَعت و سَيْطَرت عَليه..ضَغَطَ بمَلَق و هُو يُقَرّب وَجْهه أَكْثَر فَأكْثر..باغَتتهُ ابْتسامة و هُو يَسْتشعر ارْتجافة قَلْبه على إثْر زيارة أنفاسها إليه..كما نَسيمٌ يَحْتَضِن الرَّبيع كانت أَنْفاسها..عَطِرة و مُشَبَّعة بدفْءٍ شَهي..لذلك لم يُكْبِح اقْترابه..و احْتياجه رَغَّبَهُ بالمَزيد..داعبَ أَنفها بطرف أنفه هامِساً بمُشاكَسة،:إلى هالدرجة ويهي قبيح و ما تبين تطالعيني ؟
عَدا صَوْت ارْتباك أَنْفاسها لم يَسْتَقِر وَسَط مَسْمَعَيه..مَرَّغَ عَدَسَتيه بملامحها النَّاعِمة..تَذَوَّق فِتْنتها الحَلال و سافَرَ على أَجْنحة أَهْدابها إلى دُنْيا من خَيال..لكنَّ التَّصَدُّع الذي انْتَصَفَ مَلامحها باغَتَ انْدماجه..أَرْجع رَأسه للخَلف قَليلاً ليُتيح لِنَفسه رُؤية كامل وَجْهها و الذي بَدت عَليه عَلامات التَقَزُّز و الرَّغْبة في الإسْتفراغ..تَحَرَّكَت إبْهامه لِشَفَتيها ضاغِطاً بقوَّة بَسيطة و هو يَهْتف برجاء أَرْخى ملامحه،:أرجوش لا تستفرغين..اخذي نفس "ذراعه تركت خِصْرها لِتَرتفع يَده لتُساند شَقيقتها في احْتضان وَجْهها المَخْطوف و هو يُرْدِف" اخذي نفس نور..شوي شوي..لا تضغطين على روحش..اخذي نفس
تَجَاوَبَت معه كأنَّما تَتَمَسَّك بَحْبل النَّجاة المُمْتد من قَلْبه إليها..بَقِيَت لِنصف دَقيقة تَرْتَشِف من الهواء بهُدوء..ثُمَّ تُفْرغه مُذَيَّل بالْتباسات رُوحها بهُدوءٍ أَكْبَر..إلى أن شَعَرت بشَيءٍ من الرَّاحة يَطْفو في جَوْفها..أَضْلاع صَدْرها ارْتَدَت رَخاءً نَحَّى عَنها الوَجَع..و الإحْمرار زَحَف عن وَجْهها مُفْسِحاً المَجال لنُمو سَنابل القَمح من جَديد..،نَطَق بمُزاح بعد أن اجْتَرَع سُكونها،:ترى والله تسبحت و ييت "أمْسَك كَفَّها التي ارْتَعَشَت بضعف وَسَط راحته لتُلامس شَعْره و هو يُكْمل"شوفي..حتى شعري بعده مَبْلول
بهَمْسٍ شابَتهُ نتوءات الحَشْرَجة،:ليـ ـش جاي !
اتَّسَعت عَيْناه بعَدَم تَصْديق مُعَلّقاً،:هذا صوتش لو اتوهم !
أَبْعَدَت يَدها عن شَعره و هي تَترك كَفّه بنُفور،و رياح عَدم الرَّاحة تَجوس حَوْل مَلامحها،:طَلال جيّتك غلط..ما يصير تجي
نَزَحَ المُزاح عن وَجْهه لِتَتَّضِح مَعالم الإرْهاق عَليه..عَقَّب بِعتاب و جِفْناه الذَّابِلان يُرْسلان لِعَيْنيها زَعَل قَلْبه،:صار لي أسبوع اتصل فيش و حاقرتني..كنت ابي اتطمن عليش..اضطريت أييش اهني عَشان أرتاح
نَظَرَت لهُ بِتَيه..و قابَلَها تَيْهُ ذاته الناطِق وَسَط عَدَسَتيه..قَلْبها أَبْصَر أَسْمال السَّهَر العابثة بوسَامته..سَوادٌ تَعْطِف عَليه الرُّوح أَحاط بأَجْفانه..خُطوط التَّفْكير الطَّويل اتَّخَذَت جَبينه صَفْحة لتَعْقِد كلماتها الحائِرة عَليه..كان مُتْعَباً للحَد الذي دَفَعها للتَّساؤل،:من متى مو نايم ؟
ابْتَسَم بخُمول و هو يُجيبها بصَوْت تَنْتَصفه البَحَّة،:مادري والله "تَحَرَّكت عَدَستاه للأعْلى بتَفْكير و هو يُكْمل" بس خلال هالأسبوع نمت حوالي أربع إلى خمس ساعات
ضَمَّت شَفَتيها للداخل تُحْيي إمارات العُبوس و الضَّيق المُتَكَدّس في الرُّوح..تَأمَّلَت عَدَسَتيه..نَبَّشَت عن إخْضرارهما،لَكنَّ بَصَرها اخْتَنَق برمادِية الحاجة..حاولت..و بجهدٍ كَبير اسْتطاعت أن تُكْبِح رَغْبتها في احْتضانه..نَعم كانت تُريد أن تَحْتضنه..و أن تُحَوّر صَدْرها وسادة من ريشٍ ناعِم..يُضَمّد أوجاع رَأسه المُثْقَل..و أن تَخيط من دفء أَنفاسها..غطاءً يَلْتحف بهِ جَسَدَهُ المَسْجون بين سَنوات شتاء سَرْمَدي..لَيْتني أجْرؤ على احْتوائك طَلال..لَيْتني..،
كان الصَّمْتُ سَيّداً امْتَلَك كُل ما هُو حَوْلهم بقَبْضَتِهِ الصَّاخِبة..حَتَّى صَوْت أَنْفاسهما تَلاشى بَعْد أن أضْعَفَه هذا القُرْب المَحْشور بين أَنْياب بُعْدٍ بَغيض..، ارْتطامٌ حاد مَرَقَ السُّكون و صَلَّبَ جَسَدها..اسْتدار طَلال يَسْتَفْسِر الصَّوت و هي بَقِيت في مكانها دون حَرَكة بأطْراف مُتَنَمّلة..لِوَهْلة خُيّل لها أنَّ والدتها أو فَيْصل اقْتَحما الغُرْفة..لكنَّ جُمْلة طَلال الهادئة أعادت ضَخَّ الدماء في عُروقها،:في شي طاح
تَسَلَّق بَصَرُها كَتِفَه..دَقَّقَت النَّظَر للذي خَلْفه لِيَتَّضِح لها اسْتقرار قِرْطها على الأرْض بعد سُقوطه..أَفْرَجَت عن زَفْرة راحة قَبْل أن تَتَحَرَّر من ذراعه لتَتَجاوزه ناحِية الباب..و بِخِفَّة أَقْفَلته تَحَسُّباً لأي وَضْعٍ طارئ..،اسْتَدارت ليُواجهها و هُو يَخْطو إلى سَريرها..خَلَع حذاءه باسْتخدام قَدَميه..فالكَسَل قَد تَمَكَّن منه بالكامل..رَمَى بثقله عليه جالِساً دُون أن يَسْتَلْقي،دَعَكَ عَيْنه برِسْغه و هُو يَتثاءَب بعَفَوِيَّة مع اقْترابها منه قائِلة،:طَلال لازم تروح
أَخْفض يَده و اتَّضَح الإحْمرار الغازي بياض مُقْلَتَيه..شَعَرَت بانْقباض عَضَلات بَطْنها و هي تَرى كَيف يُصارع النَّوم بعَينان نِصف مُغْلَقتان..نادتَهُ برجاء،:طَـــلال
هَمَسَ مُسْتَفْسِراً،:إنتِ خايفة من أهلش و لا خايفة مني ؟ "فَتَحت فَمها لتُجيب لَكنَّهُ قاطعها مُواصِلاً " إذا خايفة من أهلش فأنا زوجش..محد له حق يتكلم " و بتَلاعُب كَسُول أَرْدَف" و إذا خايفة مني فأنا ما بسوي شي..تعبــااان من راسي لين ريولي
اقْتَرَبَت أَكْثَر و صَوْتها اعْتاد على الهَمْس الحَذِر..أَرْجَعَت خُصلات شَعرها خلف أُذْنها و هي تُشير للشُرْفة قائِلة،:قوم طَلال..مابي تستوي لي سالفة..الله يخليك قــ
شَهْقة حادَّة اخْتَرَقَت حَلْقَها بفَزَع..فهُو بحَرَكة خاطِفة الْتَقَط ذراعها القَريبة و جَذَبها إليه بقوَّة حتى سَقَطَت بتَخَبُّط في حِجْره..طَوَّقَ عُنُقَها بيَدَيه..و ببطءٍ مُرْبِك طَبْطَبَ إبْهاميه على حَلْقها..أَلْصَق جَبينه بجَبينها ناطِقاً بوَجْسٍ قَيَّدَ أَنْفاسها،:شوي شوي على حلقش..كل شوي شهقة أقوى من الثانية
أَغْمَضَت..لا حيلة لها..ضائِعة هي..تائِهة..و كُل معاني التَّيْه تُجَسّدها..قُرْبه نــاري..حــارق،لهُ لَهيبٌ يَتَصَيَّد جِراح الماضي..يَنْكَأها لتَسْتوي قَيْحاً،يَسْتَفْرِغ عُصارة فاسِدة ما هي إلا خِيانة جَمَعَتهُ مَعها في كابوسٍ رَذيل..كَيْف لها أن تَعيش مَعهُ كَزَوْجة..كَيْف ؟ بل هل يَحق لها ؟ ألا تَخون ذلك البَريء ؟ ألا تخونه حينما تُراودها رَغْبة في ارْتشاف خَمْر عَيْني خاله..و السَّهَر تَحْت ظِلال أَهْدابه ؟ ألا تَخونه إذا الْتَوَت عُروق الجَوى لِتَتَّخِذ وَضْعَ انْحناءٍ مُبَجّل لِرُجولته ؟ و عندما تُناغيها الرَّغْبة في احْتضانه و تَجْميع شَتاته..مَسْحَ غُبار الأَسى عن ذَّاته و تَذَوُّق قُبْلاته..ألا تُخونه؟ آآهٌ من الضياع..و كأنَّ الرُّوح تَغْتَرب عن الجَسَد،هَرَباً من سِياط ضَمير لا يَنام..،
باسْتنكار عاد هَمْسه داقَّاً ناقُوس أُنوثتها المُكَبّلة كُرْهاً بأصْفاد ضَميرها..،:ليش حابسة أَنفاسش !
إنَّني اخْتَنِق طَلال..اخْتَنِق تحت قُبورٍ لا أْبواب لها..مثْل مَيّت شَلَّت قَدَماه الذّنوب فهو غير قادر على الهَرب..و كَيْف أَهْربُ منك و النَّجاةُ إليك ؟ الرُّوح تَرْجو لُقْياك..و القَلْب ماجَت أَحْزانه مُنْذُ قَديم الزَّمان،حَتَّى أَشاب الحُزْنُ نَبَضاته..كُلّي كان يَنْتَظُر التَّمازج مَعك..حَتَّى هذه الأَنْفاس المُوارَبة..ظَلَّت تَقْتات على أُكْسجين لِقائك..إلى أن انْتَحَرَت يائِسة بعد أن حُكِمَ عَلَيْها بالسّكَنِ في صُلْب ابْن أُخْتِك..،لم أَخْنهُ طَلال..لم أَخْنهُ و لو للحَظة..مُذ نَطَقَ لِساني بنَعم،تَعَهَّد وُجودي بأَصْغر جُزيٍ فيه بالوَفاء لرُجولته..كان زَوْجي..حَبيبي..ابن عَمَّي و عَرْضي..و رضِا الله عَلَي..لم أَخْنه..والله لم أَخْنه..لكنَّ كابُوسٌ أَسْود،لهُ رائِحة واقع مُرْعِب..خَلَّدني خائِنة تَلْطمني تَقَلُّبات صَفَحَات الأَيَّام..،
فَرَّت دَمْعة من سَحابتها المُغْلَقة..تَلَقَّفَها خَدَّها الشَّاحِب و المَسْفوكة فَوْقه قوافل لحَيارى لا حادي لها..سَمَعَت صَوْته المُنْتَبِذ رَجاء العالم الأَجْمع،:بس هذي..بس هالدمعة مَسْموحة..أرجوش لا تساندينها بدموع..ارحمي قلبي نُــور
جَرَّت لَوْعَتها مُجيبةً بِتَنَشُّق،:ما اقـ ـدر طَـ ـلال !
ضَغَطَ على عُنُقِها بخِفَّة حَنونة هامِساً بهَلْوَسة النُّعاس،:مابي منش شي..مابي منش أي حق..بس لا تعذبين نفسش..لا تدمعين و حرري أنفاسش..شوي بس..دقيقة بس..والله
ازْدَرَدَت غَصَّاتها بصعُوبة آلمَتها...اسْتَنْشَقَت هواءً عَميــق،ما هُو إلا أَنْفاسه المُعانِقة حَواسها المُبَعْثَرة..هَجَّرَت سُحُب الدُّموع عن سَماء عَيْنيها،و طَرَدَت سُيوف الشَّهَقات عن ساحة صَدْرها..تَنَفَّسَت مثلما يَقُول..و بعد عِدَّة مُحاولات اسْتَطاعت أن تُعَرَّي عَضَلاتها من عَباءة التَّصَلُّب الثَّقيلة..،مَرَّت الثَّواني ببطءٍ لَذيذ جاهَدَت لِتَتَذَوَّق حَلاوته بالكامل..جَبينه يَغْفو فَوْقَ جَبينها..و أَنْفاسه اخْتَلَطَت باَنْفاسها مُكَوّنين عِطْراً أَذْفَر،جَمَعَهُ الليْل في قارورة من نُجوم وامِضة..لِتَكون طِيباً يَسْتَقْبِل به القَمَر حَبيبَهُ الفَجْر..،انْقَضَت الدَّقيقة و بصعُوبة نَجَحَت في انْتشال رُوحها من ذراعي هذا الغِياب المُسْكِر..أزاحت جِفنيها كاشِفة عن عَدَسَتيها المُغَيَّبَتين..أَبْعَدَت رَأسها قَليلاً و هي تُناديه،:طَلال
بالكاد اسْتطاع أن يَفْتَح نِصف عَيْنيه..شَذَرات من إنْزعاج بانت على وَجْهه..فهُو كما يَبْدو لها أنَّهُ غَفى ! غَفى و هو يَتَنَفَّسُها...،مَسَّت بأسْنانها طَرَف شَفَتها السُّفْلِيَّة بِحَرَج..أَيْقَظَتهُ بحَرَكتها هذه..لكن هُو هُنا..في غُرْفتها..من التَّهَور أن يبقى..يجب أن يخرج..لكن..!
الْتَبَسَ العَطْف ملامحها و عَيْناها تُبْصِرانه و هُو يُنازع النَّوم..مَسَحت صِدْغها بطرف سَبَّابتها ثُمَّ هَمَسَت بنَظَرات هارِبة،:بيعورك جسمك و إنت قاعد..انسدح أفضل لك
لم يَصلها منهُ جواب..هُو رُبَّما لم يفْهم ما قالت من سَيْطَرة خَدَر النُّعاس عليه..لذلك تَحَرَّكَت و رَفَعَت غِطاء السَّرير و هُو اسْتَلْقى مُباشرة بعد أن نادَهُ الدّفء..وَقَفَت بعد أن غَطَّتهُ حَتَّى صَدْره..نَظَرَت إليه من مَكانها و ابْتسامة مُشَرَّبة بالحَنان أَبَت أن لا تَسْكن شَفَتيها..كان مُسْتَسْلِماً بوُجوده للنَّوْم..كـ ـ..كــان....تَصَافَقَت أَهْدابها بارْتباك..ازْدَرَدت ريقها و هي تَشْعُر بحرارة تَزْحف من أَسْفَل عُنُقِها حَتَّى سَلَخَت وَجْهها..فهو كــان مُغْرِياً و جِدَّاً..مِثْل طِفل تُناديكِ بَراءته لإيداع القُبْلات بين حَناياه..عَيْناه مُغْمَضَتان بسُكونٍ يُخَبّئ الأَحْلام من خَلْفه..شَفَتاه مُطْبَقَتان بِصَمْتٍ مُوسيقي..و وَجْهه يَرْتَدي سَلامٌ نَقي..كما حَمامة بَيْضاء تَغْفو على جِذْعٍ طَهَّرهُ المَطَر..يَد تُشارك الوِسادة احْتضان رأسه..و يَد قد اسْتراحت فَوْقَ صَدْره المُتَنَعّم باَنْفاس مُنْتَظِمة..لا تُعارضها صُخور احْتياج..،كان مَنْظَرهُ شَهي..و الجاذِبيَّة تُحيط بهِ بزَهْوٍ يُناديها لتأتيه و تُكْمِل سِحْر لَوْحته..مَرَّرَت لِسانها على شَفَتيها ثُمَّ اسْتَدارت تَنْجو من هذا الصّراع الغَريب..و الجَديد..،خَطَت للمَوْضِع الذي سَقَطَ فيه قِرْطَها..انْحَنَت لِتَلْتَقطه..قَبْل أن تقف و تتناول الحُلي مُتَوَجّهة لغُرْفة ملابسها..اسْتَغْرَقَت في تَجْهيزها مُسْتأنِفة عَمَلها الذي قَطَعهُ حُضوره المَجْنون..و حاولت طَوال عَمَلها أن تَعْمي قَلْبها عن صُورته الغافية و المُتَشَبّثة بنَبَضاتها..،
بعد رُبْع ساعة كانت تَخْرج من دَوْرة المياه و هي تُجَفّف وَجْهها..قَصَدت مرآتها دُون أن تُلْقي نَظْرة عليه ثُمَّ شَرَعت في تَدْليل بَشرة وَجْهها كعادتها قَبْل النَّوْم..،دقيقتان و اسْتدارت لتُواجه الحَقيقة اللامَفرَّ منها..أوَّلاً اتَّجَهت إلى المَصابيح و أَخْفَضَت إضاءَتها ، و من ثُم مشت إلى السَّرير بخطوات تنتعل الحيرة و التَّرَدّد و هي تَدْعك باطن يَدها بأصابعها المُرْتَبِكة..تَوَقَّفَت عندما اصْطَدَمت ساقَيها بهَيْكَله..حَكَّت خَدَّها بالتَّوالي مع مَيلان رَأسها..مَرَّرَت بَصَرها عليه بسُرْعة خارِقة قَبْل أن تَفُر إلى هاتفها الغافي فَوْق الدّرج..مَدَّت يَدها ضاغِطةً بخفَّة على الزر لتَسْتَفْسِر الوَقْت..كانت السَّاعة قد تجاوزت الواحدة بدَقائق..عادت عَيْناها و حَلَّقَت برُوحها إليه..و مَن غيره المُتَسَيّد على وُجودها في هذا الفَجْر المُلْتَحِف بكُل التَّناقضات..الهَمْس العابث لا زال هُناك..يُحَرّضها على تَجاوز الخُطوط الحَمْراء..حَكَّت جَبينها بظاهر سَبَّابتها و هي تَرْنو إليه بِرجاء..و كأنَّها تُطالبه بالرَّأف بها..أَرْأف بقَلْبٍ عُتِقَت رَقَبَة هُيامه بعد سنواتٍ من تَقْييدٍ جَبْري..ارْحَمْني طَــلال..،زَفَرَت بغَيْظ من ذاتها المُتَخَبّطة و هي تَلْتقط أطراف غِطاء صَغير اعْتادت أن تَتَكوَّر أَسْفله..اسْتَقَرَّت برُكْبَتيها على السَّرير تَفْصلها مَسافة بَسيطة عَنه..زَحَفت بِخفَّة مُقْتَرِبةً باحْتراز سارِق..أَحْنت ظَهْرها مُقَرّبة وَجْهها من وَجْهه المَلائِكي..أَسْدَلَت جِفْنيها لِتَحْدو مع قافِلة السَّكَر..رائِحته مَصْلٌ لطالما تَمَنَّت أن يُحَلَّ لها مَزْجه مع دمائِها..،انْتَفَضَت من هَمْهَمة ارْتَفعَت من حَنْجرته..ابْتعدت عنهُ سَريعاً،و بحَرَكتان تَكَوَّرت أَسْفَل الغطاء عند الطَّرف الآخر للسَّرير..جَسَدها المُرْتَجِف مَحْشور أسْفله بخوفٍ شَعَرت بحجم تفاهته بعد ثوانٍ..ارْتَعَشَت شَفَتيها من بَرْق بُكاء انْبَجَسَت يَنابيعه وَسَط مُقْلَتيها..تَراكمت الشَّهقات في حَلْقها مُسَبّبة وَجَعاً مُرَّاً أَضْعَفها..هي تُريده..تُريد قُرْبه و بشِدَّة..لكن الماضي يَجْذبها إلى قاعه بسادِية لا تَقْوى على رَدْعها..رَبَّـــاه !
ببطء أزاحت الغطاء عن رأسها و بالتَّوالي أَبعدت خُصلاتها عن عَيْنها و وَجهها لِتَحْتَفِظ ساعات الفَجْر بدَمْعَتها الحائِرة..نَظَرت إليه عن بُعْد..و في قَرارة نَفْسها تَعْلم أن القُرب بين يَديها..ارْتَجَفتَ كُل خَلِيَّة فيها على إثْر غَرَقِها فيه..هي تُريده..زَوْجاً و حَبيباً و رَفيق رُوح..نعم تُريده..ستعترف و إن جَلَدها الضَّمير..و ستعترف بأنَّها في هذه اللحظة تَتَمَنَّى لو تَمْتلك شجاعةً تَحْملها إلى صَدْره..ليَكُون قَلْبهُ وسادتها و نَبَضاته أُغنية ما قَبْل النَّوْم..لكنَّها جَبـــانة..و بالخط العَريض جَبانة..،زَفَرَت بإغْماضٍ وَهِن..و في جَوْفها حَلَّق رَجــاء...أن يا إلهي أَهْدِني لِمَعْبَرٍ لهُ أَرضٌ من رَبيعٍ يَسْتَحيل أن يَقْهَرَها الخَريف..و تَحُفَّهُ سَماء تُعاشرها شَمْسٌ تُضيء بالأَمل..و يَطْرُق بابها في كُل لَيْلٍ قَمَرٌ يُعَلّم النُّجوم أَبْجَدِيَّة عِشْقٍ هُو شِفاء للرُّوح المَعْلولة..،هَتَفَت نَبْضة في الجَوْى..اقْتَربي..لثوانٍ فَقَط..تَخَبّطي بوَحل الخَطيئة الحَلال لثوانٍ..اسْقي عَطَش حُبّكِ لثوانٍ..لثوانٍ نُـــور..،اسْتَجابت..بقَلْبٍ تَكاد النَّبَضات أن تُقَوّض حُجْراته..تَجاوزت الخَطَّ الأَحْمر..تَجاهلته بملئ حَواسها..اقْتَرَبَت..اقْتَرَبَت أَكْثَر و الإحْساس يَسْتَعِر بين عُروقها..أَحْنَت الرَّأس إليه..و برِقَّة قَطْرة مَطَر عَذْبة سَلَّمَت على جَبينه بشَفَتيها..سافَرت على جِنْحي إغْماضٍ حالِم و هي تُقَبّله..و في الوَقْت نَفْسه تُضيء أَزِقَّة ذاتها المُظْلِمة برائِحته الرُّجولية..الوارِثة رائِحة طُفولة مَنْسِيَّة..،بعد دَقيقة تَماماً فَصَلت حواسها عن هذا الغَرَق المُنْعِش..تَراجعت بأنْفاس لاهِثة..أَنفاساً اسْتَنْزَفَتها اعْترافات ذّات أَضْعفتها لواعج حُبٍ مَنْحور..اسْتَلْقَت في مَكانها دُون أن تُفارق عَدَسَتيها المُتَرَنّحَتان سَكَراً وَجْهه..الحَبيب..بَقت تَتَأمَّلهُ..تَطوف مدائنه الباذِخة..تَنْحت ملامحه بدِقَّة فَوْق جُدْران القَلْب..و تُذيب مع دمائِها أَنْفاسه العابِرة إليها..و تَطْوي وَسَط رَحْم الرُّوح خَيال طُفولته العابث برُجولته الفاقِدة..غَفَت و كان هُو آخر واقع..و أَوَّل حُلْم يُعانِق حواسها..،



تَغْفو على وِسادة من أَفْكار شائِكة..تُوْخِز مُسْتَقْبَلَها المَجْهول..ذلك المسْتَقْبَل الذي زَفَّاهُ الماضي بجَسَدٍ خَضَّبَتهُ دِماء كانت تُضَخ من قَلْبٍ حَنُون..و ها هُو الحاضِر يُجَهّز لهُ هَدايا مُغَلَّفة بأُنوثة ناقِصة..يُشْفَق عَلَيها حَدَّ الرَّغْبة في المَوْت..،

"اخْتفى لمدَّة ثلتعش سنة"
"هُو رَجَّال آدمي..من ناحية صلاته و أخلاقه فما ينذم..لكنَّه غَريب"
"ابْتعثوه يدرس هندسة ميكانيكية في برلين..كان من الأوائل..ذّكي و شاطر"
"فجأة اختفى..و كل أخباره انقطعت..السفارة اشتغلت على اختفاءه بس و كأنَّ الأرض انشقت و بلعته"
"كنت صغيرة ما اذكر عدل..بس اللي اذكره إنَّ وصل خبر إنّه مات ! "
"بس رجع..قبل ثلاث سنوات تقريباً كانت رجعته..لكن رجع كإنسان ثاني..علاقته مو مثل قبل مع أهله..بس عبدالله شوي قدر يتوالم وياه"
"محمد غَريب..الكل يقول..مو بس أنا"
"لكن هالغرابة..و بغرابة !.... احسها تقدر تلتقي مع مَلاك !"

زَمَّت شَفَتيها بضيقٍ ضَعَّفَ من الكآبة المَبْصوقة على مَلامحها..و كأنَّ لَيْلاً غَبَشي اسْتَقَرَّ عِنْدَ قارِعة وَجْهها..أَثْقَل رَأسها هذا الحَديث الذي اسْتَمَعت إليه من هاتف حُور..حَديث حَنين عن مُحَمَّد..،حَرَّرَت صَدْرها من زَفْرة تَخَضَّلَت بحيرة ساخِنة..و لَيْتها تُحَرّر رُوحها من بَلايا الزَّفَرات الخانِقة...،هُو غَريــب..لم يَكُن وَهْماً ذاك الشُّعور الذي راودها مُذ رَأته أَوَّل مَرَّة..اخْتفاءٌ في بَرْلين لثلاثة عَشَرَ عاماً..ليس بالقَليل..انْقَلَبَت على جَنْبِها الأيْمَن و الأَفْكار تُشْعِل شَمْعها وَسَط عَدَسَتيها المَشْدوهَتين..اخْتفاءٌ اسْتَعْصى على الدَّوْلة كَشْفَ خَباياه..في بَرْلين كان الإخْتباء..و هي..حينما كانت طِفْلة زارَت بَرْلين..زارتها لعَمَل والدها..والدها الذي وَعَدَها هذا الغَريب بحَل قَضَيّته المُبْهَمَة..أَهِيَ صُدْفة ! اسْتَلْقَت على ظَهْرِها ليَتَعَلَّق بَصَرُها بالسَّقْف المُصْمَت..دَقَّقَت فيه،كأنَّما تُبْصِر من خَلْفه رُموز تَفُك الشّيفرات المُتَداخلة بشَعْواء مُزْعِجة...،بَرْليــن..سَفَر والدُها..اخْتفاء مُحَمَّد..القَضِيَّة...و صــ ـديــ ـ...تَصَدَّعَت مَلامحها بإنْزعاج..الكَلِمات يُسْتَعْصى عَليها اجْترارها من زَوْبَعة الماضي..هي كانت طِفْلة سَنَتَها..قَبْل فَقْد أبيها بَعامان رُبَّما..صَغيرة و جدّاً كانت...لكن كان هُنالك...رَجُل..هُناك...الحَديقة..و ذلك الصَّبي..و ستــ ـ..ما اسْمه..ذلك الصَّديــ ـق في حَديقة بَرْلين..أوراق الخَريف المُلْتَحِفة الأَرْض..صَوْت تَكَسُّرها..كان نُوتة مُثيرة و مُمتعة حَدَّ الضَّحِك بجُنون..النَّهْرُ الشَّفاف و انْعكاس صُورتها السَّعيدة..شَبَحُ ابْتسامة من حَنين داعَبَ شَفَتيها..طِبْتَ و طاب ذِكْراك يا ماض..لَيْتَنا نُطالبَك بالعَوْدة..كَما نُطالب السَّماء باسْتسقاءٍ يُعيد الحَياة للأَرْض العُطْشى..فتَواري الماضي يَخْلُقُ عَطَشَاً و َسَط الرُّوح لا يُصْمَت إلا بالمَوْت..،تَخَلَّت عن اسْتلقائها جالِسةً و القَلْبُ يَعْزِف تَنْهيداته المُتَحَسّرة..كُل شَيء يُفْنى..لا يَبْقى سوى الوَجَع و سواد الحاضِر المُوْحِش..أَهَذا هُو وَجْهُ الحَياة الحَقيقي ؟ و كُلَّ الذي أَسالوا لُعاب قُلوبنا عَليه أَيَّام الطُّفولة كان نِفاقٌ و وَهْمٌ تَطْمسه ألوْان اصْطناعية تنفر منها الذَّات النَّاضِجة..إذاً الحَياة كِذْبة مُزَيَّنة بإكْليلٍ من وَرْدٍ لهُ رائِحة ذُبول نَتِنة! خَسِئتِ يا حَياة..و خَسِئتْ الدُّنيا العُجوز..فهي خَيالٌ يُصَدّقهُ الأَغْبياء..إلا أَنَّها واقِعاً صُوراً مُشَوَّهة تَقْتات على صَبْر ابْن آدم..صُور يَرْفضها إطار..فهي مَنْبوذة لا تَقْبلَها جُدْران..صُور احْتَفَظَت بكُل تَناقُضات الفَرَح..صُـ ــور..صُـ ــ ..صُــ ـورة...صُـــورة ! أَبْعَدَت الغِطاء عَنها بحَرَكة مُفاجئة قَبْل أن تَترك السَّرير بقَفْزة كادت أن تُعَثّرها..لكنَّها تَوزانت في آخر لَحْظة لتُهَرْوِل إلى خزانة ملابسها مُنَبّشة عن رَفيق دَرْبها..أَحْدَثَت فَوْضى بين مَلابسها حَتَّى تَجده..أمْسَكت بهِ بقوَّة لِتَعود إلى السَّرير بملامح امْتَزَج فيها الحَماس..بالرَّهْبة..الإرْهاق و التَّرَقُّب..فَتَحته بمفتاحه الخاص..نَبَّشَت بين أَسْراره لثوانٍ قَبْل أن تَقْبض أَصابعها على التي وَمَضَت بين ظُلمات أَفْكارها..كانت مَطْوية مَرَّتان..فَتَحَتها بأنامل راجِفة و دَقَّات قَلْبها تَشْعُر بها تَتَضَّخَم لتُفَجّر قَلْبها...تَصَافقت أَهْدابها عندما عانَقَت عَيْناها وَجْهُ حَبيبها..حَيَّتهُ دَمْعة والِهة انْطَوت عند مَدْمع عَيْنها..تَنَشَّقَت نَفَسٌ يُعينها على المُواصَلة..تَحَرَّكَت عَدَسَتاها للوَجْه القَريب من والدها..وَجْهٌ أَجْنَبي لهُ نُسْخة مُصَغَّرة كانت تقف بجانبها هي و يُوسف..هذا صديق والدها و ابْنه في بَرْلين...تلك المَدينة المُتَوَشّحة بلثامٍ مُريب..قَلَبَت الصُّورة لِتَقْرأ الذي خُطَّ كَذِكْرى..،

~ بَرْلين/ سبتمبر 1993
فيكتــور آستـــور و هاينز ~



يَتْبَع



 توقيع : طهر الغيم



رد مع اقتباس