عرض مشاركة واحدة
قديم 12-18-2019   #2


الصورة الرمزية طهر الغيم

 عضويتي » 27920
 جيت فيذا » Oct 2014
 آخر حضور » منذ 3 يوم (02:58 AM)
آبدآعاتي » 1,385,714
الاعجابات المتلقاة » 11668
الاعجابات المُرسلة » 6471
 حاليآ في »
دولتي الحبيبه » دولتي الحبيبه Saudi Arabia
جنسي  »  Female
آلقسم آلمفضل  » الاسلامي
آلعمر  » 17سنه
الحآلة آلآجتمآعية  » مرتبطه
 التقييم » طهر الغيم has a reputation beyond reputeطهر الغيم has a reputation beyond reputeطهر الغيم has a reputation beyond reputeطهر الغيم has a reputation beyond reputeطهر الغيم has a reputation beyond reputeطهر الغيم has a reputation beyond reputeطهر الغيم has a reputation beyond reputeطهر الغيم has a reputation beyond reputeطهر الغيم has a reputation beyond reputeطهر الغيم has a reputation beyond reputeطهر الغيم has a reputation beyond repute
نظآم آلتشغيل  » Windows 2000
مشروبك   7up
قناتك fox
اشجع ithad
مَزآجِي  »  رايقه

اصدار الفوتوشوب : لا استخدمه My Camera: Sony

мч ѕмѕ ~
وتبَقــّـَــيَ~ بيَـنْ ~آضَلُعــِــي ِ آتنفَسُكــَــ في ~كُلَّ ~ حِيـِـــنٍ
мч ммѕ ~
MMS ~

افتراضي





حاضِر

كانت تَجْلُس وَسَط غُرْفة الجُلوس على الأَرْضِيَّة كما تُحِب..مُمَدّدة ساقَيها القَصيرتان المُلْتَحِفَتان بثَوْبها الطَّويل..شَعْرها قد سَتَرَته بغِطاء مُوَرَّد تَمْلك منهُ عِدَّة نسخ بألوانٍ مُخْتَلِفة..على الرَّغْم من خُلو المَنْزِل من أَي أَجْنبي إلا أنَّها لا تَخْلعه إلا في غُرْفة نَوْمها فَقَط..، المَسْبَحة مُسْتَسْلِمة لحَرَكَة أَصابعها..و ما بين اسْتغفارٍ و تَسْبيح و صَلاة كانت تُحَلّق رُوحها..و العَقْلُ من رَأسها قَد فَرَّ إلى تِلك الأُنْثى التي قابَلَتها قبل ثمانية أَعْوام في حَفْل زَفافها..هي وَصَلَها خَبْرُ وَفاة زَوْجها بالطَّبع..كان أَخاً لعَزيز و بمثابة إبْن لها..لذا حَزُنَت عَليه و جِدَّاً تِلْك السَّنة..و حتَّى هذا اليُوم لم يَنْسَهُ لِسانها في دُعائه و تَرَحُّمِه..هَمَسَت بِعَيْنان تَتَطَلَّعان لما وَراء الحاضِر..،:الله يرحمك يا عَمَّار
صَوْتُ خُطوات تَداخل مع سُكُونها..رَفَعت رأسَها لتُبْصِر إبْنَتَها الصُّغْرى..اقْتَرَبَت من مَكان جُلُوسها حَيْثُ أَمام الشَّاي و القَهْوة اسْتَقَرَّت..نَطَقَت و هي تَسْكُب لها الشَّاي،:يُمَّه..صار لش ساعة و إنتِ سرحانة..في شنو تفكرين ؟
لم تُجِبها..فهي وَجَّهَت نَظَراتها للهاتف الأَرْضي المَرْكون على يَمينها..قالت بأمر و هي تُشير لدَفْتر بُنّي بحجم الكَفَّ يَقْبع بجانبه،:طلعي من هالدفتر رقم رائد و اتصلي له..ابي أكلمه
عُقْدة خَفيفة بانت بين حاجبيها و هي تُرَدّد باسْتغراب،:رائِد ! "أَرْخَى التَّوَجُّس مَلامحها لتُرْدِف بتساؤل" يُمَّه لا يكون عَزيز فيه شي ؟
نَفَت تُدْحض فكرتها،:يعني لو ولدي فيه شي بتشوفيني قاعدة اشرب جاي !
اعْتَلى حَاجِباها تَعَجُّباً و السُّؤال لم يَبْرح لسانها،:زين ليــش تبين تتصلين لرائد ؟!
بحِدَّة شَزَرَتها،:جَميــلة بلا هالأسْئلة و اتصلي بسرعة
تَمْتَمت بزعل و هي تتناول الدَّفْتر،:انزيــن بتصل
ثوانٍ و أَعْطَتها السَّماعة ليَأتي الرَّدَّ سَريعا،:ألـو
بابْتسِامة مُحِبَّة قالت،:سَلام يُمَّه رائد..ِشلونك ؟
هُو الذي مَيَّزَ صَوْت كُهولتها أَجاب بتَرْحيبٍ حار،:هــلا هلا خالتي و عليكم السَّلام..أنا الحمد لله بخير..إنتِ شلونش و شلون عمَّي بوجاسم ؟
،:كلنا بخير حبيبي..شحال أمك و أبوك عساهم بخير ؟
،:بخير بخير خالتي
عَقَّبَت،:الحمد لله الله يحفظهم "اسْتَأنَفَت حَديثها لتَبْدأ بإحاكة أُولى غُرزها" أقول يُمَّه رائد
بأدَبَ،:قولي خالتي..آمري
،:ما يآمر عليك عَدو..بس اشوف جم يوم عَزيز عقله منشغل.. و يوم سألته قال موضوع يخص عَمَّار الله يرحمه و زوجته..صاير شي مو زين ؟
بشفافِيَّة أَجاب،:والله يا خالتي هو الشي خاص في عَمَّار الله يرحمه..و كان لازم نخبر زوجته،و اللي خبرها عَزيز..و ما يحتاج أعلمش..تعرفين شكثر تصرفاته غلط ويا البنات
باحْتراز عَلَّقَت،:لا تقول فَشَّلنا ويا المَرَة !
،:للأَسف ايـه خالتي..حتَّى أُخوها عَصَّب من تصرفه و طلب مني إنَّه يكلمه
ضَرَبَت على فَخْذها بقلَّة حيلة تحت أنْظار جَميلة المُنْتَبِهة جَيّداً..،:والله مادري شسوي ويا هالولد..أعوج أعوج..ما يتعدَّل
عَلَّقَ بسُخْرية،:الواضح إنَّ النسوان عقدته..و هالعقدة صعب إنها تنحل
بتَصْميمٍ بَرَق وَسَط حَدَقَتَيها و صَدَح مع صَوْتها،:أنا وراه وراه لين ما يستوي رجَّال آدمي و يتعَدَّل
أَكَّد هُو،:أكيــد خالتي..محد بيقدر عليه غيرش..ربّيه من جديد
،:لا تحاتي يا ولدي "أَرْدَفَت بتساؤل" تعرف عنوان بيتهم..بيت غيداء ؟
،:ايــه ايــه اعرفه
زَيَّنَت ملامحها ضِحْكة فغَرَت جَميلة فاهها من حَجْم سَعادتها..و بِطَلَبٍ كان المُسَيّر أَفْعالها،:زيـــن..هاك جميلة عطها العنوان..بعد لازم نروح نعتذر من البنية..هذي زوجة الغالي الله يرحمه
عَقَّبَ رائد و هُو الذي أَعْجبته الفِكْرة دُون أن يَتَذَوَّق نواياها المُبَطَّنة،:ايــه خالتي..تسوين خير
مَدَّت السَّماعة لجَميلة التي هَمَسَت بعدم فهم،:شنــوو يُمَّه !
رَدَّت عليها بنَبْرتها الطَّبيعية و هي تُلْصِق السَّماعة بِصَدْرها،:أهوو اخذي حاجيه..بيعطيش العنوان
تناولتها بسُرْعة و إمارات الجَهْل تَطوف مَلامحها..حَيَّت رائد قَبْلَ أن تَسْتَمِع بتَرْكيز لوَصْفه للعُنوان الذي اتَّضَح لها أنَّهُ مَنْزل غَيْداء أَرْملة عَمَّار..أَعادت السَّماعة لوالدتها بعد أن انتهت لتَسْتمع إلى حَرْصها،:رائد يُمَّه لا تخبر عَزيز..تدري فيه عسر..أكيد ما بيرضى أروح لهم
طَمأنها،:لا توصين خالتي
،:مَشْكور حبيبي ما قصرت..رحم الله والديك
،:حاضرين يُمَّه..و والديش إن شاء الله
انْتَظَرَتها حتَّى أَنْهَت المُكالمة لِتُعَبّر عن اسْتنكارها،:يُمَّه ليش ماخذه عنوان بيت البنية!
بتَسَتُّر على أَفْكارها نَهَرَتها،:لا تسألين جميلة لأنَّ مو شغلش "أَمَرتها" كتبي لفرح في هذا مالكم الساتساب مدري شسمه..قولي لها باجر الصّبح خل تتجهز بنمرها تجي ويانا
رَنَت لها بشَكّ دَثَّرَ صَوْتها،:على شنو تخططين يُمَّه ؟
قَرَصت ذراعها مُكَرّرةً،:قلت مو شغلش "و بتحذير حَرَّكَت سَبَّابتها أَمام وَجْهها المُتَألّم" و حاسبي..مابي عزوز يدري بأي شي
هَمَسَت بعدم اقْتناع و هي تَمْسح على مَوْضِع الأَلَم بملامح مُنْكَمِشة،:زيــن يُمَّه

،

أَنْهى المُكالمة مع دُخوله مَنْزلهم الغائب عنهُ لثلاثة أَيَّام..قابَل والدته التي كانت تُجالس خالته هَناء..عَلَّقَ بمُزاح،:إنتِ ما عندش بيت ؟ ليل نهار قاعدة على جبدنا
رَدَّت والدته و هي تَقْرص ذراعه بعد أن جَلَسَ بجانبها،:على الأقَل احسن منّك..ثلاثة أيَّام ما طبيت البيت
مالَ رَأسه على كَتِفِها مع انْكماش ملامحه مُمَثّلاً التَّعَب،:شغل يُمَّه..مقابل المَرْكز و القضايا و شغل الشَّركة بعد
أَضافت هَناء باسْتنكار،:انزين ما تتسبح ؟ ما تغير ملابسك..ماتنــاام !
أَجاب مُوَضّحاً،:امْبلى..اسوي كل هذا في شقتي..اقرب لي للمركز و الشَّركة "اسْتَأنَف حَديثه بسُؤال و هُو يُشير لبطنها المُنْتَفِخ" متى تولدين ؟
مَسَّت بَطْنها بجَبين مُتَغَضّن لتَذْكيره لها بالأَلَم..أَجابت بضيق تَجَلَّى في صَوْتها،:لازم نهاية هالأسبوع..استغفرالله تعبت..حتى بالغصب امشي
قالَ بمُشاكَسة،:مُشْكِلة والله..بعد بتولدين و بتقعدين عندنا أربعين يُوم..الأفْضل إنّش تدفعين للإقامة..ما يصير جذي ماخذة حَيّز ببلاش
بغَيْظ نَطَقَت،:رائدوو احترمني..أنا خالتك
عَقَّبَ بثِقة مُسْتَفِزَّة،:ايــه خالتي..بس أنا أكبر منش يعني لي احترامي بعد
صَوْت هاتفه تداخل مع حَديثهما الطُّفولي..أَخْرجه من جيبه..كانت رسالة "واتس اب" من فاتن تَسْأل عن مكانه،فهي تُريد أن تُحادثه عاجِلاً..وَقَف لِيَبْتعد عنهما إلى مكانٍ مُنْزَوي..اخْتار اسْمها ليَرْفع الهاتف لأُذْنه..ثوانٍ و أَتاهُ صَوْتها بإعْصارٍ أَتْلَفَ خلاياه العَصَبِيَّة ليُسْتعصى عليه اسْتيعاب كلماتها،:رائِد..ابيــك تقتلني..لازم أموت




عَشاءؤهُم المَحْشو بهُدوء مُمِل انْتَهى قبل رُبْع ساعة..و ها هُم مُجْتمعون في إحْدى غُرف الجُلوس الواسِعة و جِدَّاً..فالبِطَّبع سُلْطان لم يَبْخَل على مَنْزله المَبْني على أَحْدَث طِراز..الشَّاي و القَهْوة أَمامهم و أَصْناف عَديدة من الحَلَويات..فكما قال سُلْطَان "هذا كله عشان سلامتك"..هذه الوَليمة الوَفيرة في طعامها و شرابها..و الشَّحيحة في أَفْرادها من أَجْله..من أَجْل سَلامته..و لَيْتَهُ لم يَسْلَم..المَوْت أَرْحَم من العَيْش وَسَط دَوَّامة تِلْك الحادِثة المُغَيَّبة المَلامح..لا هُو الذي يَذْكُر تفاصيلها الدَّقيقة،و لا هُو الذي أَوْدَعها في صُنْدوق النّسيان..أَسَفاً أَنَّهُ تَقَيَّد بأَسْبالِ أَحْداثها..و بصُوَر مُشَوَّهة بضَبابِيَّة تَحْجُب عنه الحَقيقة..و بأَصْوات حَوَت حَديثاً تَشْطر كَلماته صُراخ انْطَلَق من حنْجرة شَقيقته..تِلْك المَلاك المَسْبِيَّة أُنوثتها بلا رَجْعة..،انْتَبَهَ لِصَوْت والدتها المُسْتَفْسِرة
،:حُور كنتِ قايلة بتسجلين في الجامعة..صار أَكْثر من شهر و ما اشوفش جبتين طاريها مرة ثانية !
هِي التي هَرَبَت منها الفِكْرة من بَعْد العواصف المُدَمّرة التي طالَت أَيَّامها..مَسَّت جَبينها مُجيبةً بابْتسامة مُرْهَقَة،:نَسيـــت يُمَّه..راح عن بالي "رَفَعت كَتِفها مع مَيْل رَأسها سامحة لخُصلات غُرَّتها الطَّويلة أن تُرَفْرف في الهَواء..و بكَسَل أَرْدَفَت" أصْلاً ما اتوقع لي خلق للدراسة من جديد
أَبْدَى والدَها رأيه،:الكَسَل لازم تبعدينه عنش..بالأَساس أوَّل ما تتعودين على الدَّوام بيروح بروحه.. اختاري أي جامعة تبين و أي تخصص و بأي سعر أنا حاضر
عَلَّقَ يُوسف و هُو يَنْظُر للقَهْوة السَّابِحة في فنْجانه..كأنَّما بتعليقه يطْرق ناقوس انْتباه عَمّه،:ما تقصر عمي..الله يكَثّر خيرك "ابْتَسَم لهُ بمُجامَلة ليُكْمِل"بس أنا زُوجها مَوْجود..و تكاليف دراستها أكيد بتكون عَلَي
نَظَرَ لهُ و إمارات التَّعَجُّب تُشارك أَهْدابه اصْطفاقها..اتَّسَعَت ابْتسامة يُوسف لتَشِد عَيْنه اليُمنى..حَيْثُ من زاويَتها لَمَح سُلْطان إصْبع اتّهام أَوْهمتهُ نَفْسه المُذْنِبة أنَّهُ يُشير له..إلا أنَّ يُوسف لم يَكُن يَقْصِد سُوى وِلايته لأمور حُور..زَوْجته..فلا يُعْقَل أن يَتَكَلَّف والدها بكُل شيء و هُو مَوْجود..لَيْسَ نُقْصَاً في رُجولته و مُروؤته..لكنَّهُ أٌجْبِر على مُسايرة أَبيها في عِدَّة أُمور..و أَسَفاً أنَّ زواجهُ منها كان أَحَدِها..،
أَعاد تَرْتيب ملامحه ليُلْبِسْها الإتّزان قَبْل أن يُطْلِق ضَحْكة جَهورة أَتْبَعها بجُمْلة مازِحة،:أكيــد أكيــد يُوسف..الله يخلينا لها..اثنينا نتنافس على رِضاها



اسْتَحَم مُزيلاً عَن جَسَدِه بقايا اسْتفراغ مَعْدتها..أَو بالأحْرى اسْتفراغ ذاكرتها من نَجاسة الماضي..غَبي و مَجْنون و مُتَهَوّر..تَناسى كُل شَيء..تناسى تِلْك اللَّيْلة السَّوْداء..تناسى كَلِماتها الجارحة و عِتابه..و تناسى غَرابة اليوم ليَتَشَبَّذ بشُعور لقاءَهما الأوَّل..أَوْدَع فَوْقَ جَبينها القُبْلة ذاتها التي تَرَكَتها شَفَتاه عندما كانت ابْنة الشَّهْرين..بمَشاعر أَكْثَر عُمْقَاً و بحُبٍ نَضُجَ من الطُّفولة إلى الرُّجولة..حَتَّى هي،لم تَكُن تلك الطّفْلة ذات اليَد المَقْبوضة..كانت أُنْثى كامِلة بين ذراعيه..أَسَفاً أنَّهُ شَوَّه رُوحها..،البُؤس احْنَى كاهله و أَخْفض رأسه مع ارْتفاع كَفّه إليه شادَّاً على خُصلاته المُسْتَسْلمة لقَطَرات الماء..باقْترابه و بقُبْلته أَعاد إحْياء الْتحامهما الحَرام في ذاكرتها..بجُنونه و صِغْر عَقْله أَجْبرَها على الإسْتفراغ..تَماماً مثلما حَدَث تِلْك اللَّيْلة..إلا أنَّ اسْتفراغها فيما مَضى كان أَكْثَر حِدَّة..فهو لوَهْلة تَصَنَّم رُعْباً من أن تَفُر رُوحها مع تَفْريغها المُنْهِك..،غادَرَت قَلْبهُ زَفْرة تَضادَت حَرارتها مع بُرودة جَسَده المُقَيَّد بِقِلَّة الحيلة..لا يَعْرف كيف يَتَصَرَّف معها..هي زَوْجته الآن..لكن هذه الصُّروح التي قُيّضَت،و الأَلْغام التي عُطّلت و الجِبال التي نُسِفَت بَيْنهما أَوْدَعَت مَكانها غَرابة تَمْنعهما من التَّصَرُّف مثل أَي زَوْجين طَبيعيين..و كما هُو جَلَي أمامه،فإنَّ فِكْرة ناصر لإنْفرادهما فاشِلة و بالخَط العَريض..لذا هُو و فَوَر انْتهائه من الإسْتحمام اتَّصَل به ليأتي و يَقِل ابْنته..،أَخْفَضَ يَدْه ليُعانق بها الأَخْرى..فَرْقَع أَصابعه بتَوَتُّر و هُو يُدير رَأسه ناحِية باب غُرْفته المُغْلَق..هُو أَغْلَقهُ بعد أن ارْتَدَى ملابسه و هي لا زالت تَسْكُن دَوْرة المِياه بِصَمْت..حاولَ أن يُرْهِف السَّمْع و بالكَاد اسْتَطاع أَن يَجْتَرع صَخْر شَهَقاتها الجارِحة مَسامع قَلْبه..و كأنَّ وَضْعهما هَذا يَرْسم لهُ خارِطة اسْتقرارهما العَصي..فالطَّريق غير مُمَهّد طَلال..لن تُتَوَّج مَلِكاً على عَرْش أُنوثتها بهذه السُّهولة..فالسَّماءُ بَعيــدة..و جِنْحاكَ لا يَزالان مَفْقودان بين زُحام الحَياة و بلاياها..فالتَنْسى التَّحْليق الآن..،أَرْجَعَ ظَهْره للخَلْف مُسْتَنِداً إلى الأريكة برأسٍ مَرْفوع..أَغْمَضَ عَيْناه ليَمْتَزِج مع انْتِظام شَهيقه و زَفيره..رَكَّزَ حَواسه على وِلادة النَّبْضة في قَلْبه و انْخَرَطَ يَعُدُّ بتنهيداته أَضْلاع صَدْره المُتَهَشّمة من حَوافر دُنيا ظالِمة..اسْتَنْشَقَ نَفَس عَميــق حاول أن يَلْتَقِط معهُ كُل ذَرَّة صَبْر قَد تَكُون حُشِرَت بين طَبَقات الهَواء..و كأنَّها انْتَقَلَت عَبْر الأزْمان و من بين الحَقَبات المُشْتَهِرة بالرَّزايا و الألم لتَسْبَح مع أُكْسجينات حاضِره..لعَلَّهُ إن تَنَفَّسَ الصَّبْر يَقْوى على مُجابهة سِهام الماضي الشَّيْطانية..ارْتَخَى صَدْره بهُدوء مُفْرِغاً الزَّفْرة الحامِلة معها الْتباسات رُوحه..عُقْدة خَفِيفة تَوَسَّطَت حاجبيه،فرائِحة لَطيفة شارَكَت الهواء الإمْتزاج مَع دَمَه..و قَبْلَ أن يَسْتَوْعِب أَتاهُ هَمْسها المُرَطَّب ببقايا الدُّموع،:طَــلال
فَتَحَ عَيْناه مَشْدوهاُ للصَّوت..قَلَّبَ عَدَسَتيه على السَّقْف قَبْلَ أن يَعْتَدِل في جُلوسه و هو يَسْتدير إليها..كانت تَقِف على بُعْد ثَلاث خُطوات مِنه بحجابها و عَباءتها..يَداها مُتَعانِقَتان أَسْفَل خِصْرها، و احْمرار مُلْفِت يَصْبَغ أَطْرافهما و السَّبب ضَغْطَها الناجِم عن ارْتباكها..،أَجابها بهُدوء،:نعـم
تَساءَلت بَبَصر مُتَشَتّت،:وين..أُبوي ؟
جَرَس الشّقة كان الجَواب لسُؤالها..هُو وَقَف و عَيْناه تَمُرَّان سَريعاً على أَرْضَها المَسْفوك هُدوءها من الإرْتعاشات..تَجَاوَزها للباب..فَتَحه ليَظْهَر من خَلْفه وَجْه ناصِر المُتَوَجّس..هي ما إن رأته حَتَّى أَطْلَقَت العِنان لقَدَميها لتَفُر إليه هامِسةَّ،:بــابــ ـا
ارْتَمَت عَليه دافِنة وَجْهها في صَدْره باسْتسلامٍ لِفَصْل بُكاءٍ آخر..أحاطَها بذراعه و يَده الأُخْرى اسْتَقَرَّت فَوْقَ رَأسها تَشِدُّ عَليه بمَلَقٍ حازِم..بَعَثَ لطلال نَظَرات حَمَلَت سُؤالاً أن ما بِها ؟ و كان الجَواب ابْتسامة شُطِبَت سَعادتها لتَتَبَنَّى شَفَتيه سُخْرية مَريرة أَصْمَتت ناصِر عن أي سُؤال..ثوانٍ فقط و غادر مع ابْنته تارِكاً طَلال وَحيداً يَجْلِد ذاته مَرَّة و عَشْرة..يُوَبّخها و يَطْعَنها بخناجر تأنيبه..يَلُومها و يَسْلَخها عن بِكْرة أَبيها..ليَزْرع مَكانها ذات نَقِيَّة، لا يُلَوّثها زِنا صافَح يَدَ الشَّيْطان..،

،

اسْتَقَرَّ جَسَدُها البالي فَوْق مَقْعَد مَرْكَبة أَبيها..مالَ رأسها بإعياء لتُسْنِدهُ إلى النَّافِذة..و هي التي تُريد من يُسْنِد رُوحها المُتَخَبّطة..أَغْمَضَت عَيْنيها بغِياب..تَشْعُر بريحٍ مُثْقَلة بالأتْربة و الرُّطوبة تَطوف في جَوْفِها..مَسامات جِلْدَها أَفْرَغت عَرَقاً يَكاد أن يَغْرقها..جَسَدها أَصْبَح رَخْواً و هُلاميَّاً بَعْد أن ذَوَت قُوَّتها من بين فَراغات أَصابعها..مُتْعَبَة جِدَّاً..و الإرْهاقُ غَضَّن جَبينها و أَسْرى عَرَقَ الوَجَع فَوْقَ صِدْغيها..صَدْرها يَرْتَجِف بوَهْن..و كأنَّ شِتاءٌ جَليدي احْتَكَر أَضْلاعها..حَتَّى أَنْفاسها كان لها الضَّياع و التَّيه نَفْسُه..،
ناداها و جَواه يُبْصرها عُصْفوراً يَرْتَعِش،:يُبــه نُور
تَصَدَّعت ملامحها فَوْقَ تَصَدُّعها..بَزَغَت من بين جِفني عَيْنها اليُسْرى دَمْعة ظَلَّت حَبيسة بين أَهْدابها..امْتَدَّت إليها كَفُّه المُنْتَبِذة دِفئاً يَطْغى على شِتاء الوَجَع المُحْتَكر رُوحها..عانَقَّ يَدها المَقْبوضة في حضْنها شادَّاً بحَنْو و هَو يَقول برجاء،:عَفْية يُبه..قولي لي شنو فيش ؟
مَرَقَت حَلْقَها شَهْقة غَرَزَت أَنْصالها في كَبِده المُفَتّت عَليها..يَدَها غادَرَت عُشَّ كَفّه لتُحَلّق إلى وَجْهها مُتَلَقّفة صَبيبه الآسِن..فالدُّموع تَنْضَح من رَحْم السُّوء المُتراكم في رُوحها على هَيْئة ذِكْرى..أو كابوس..،بتَنَشُّق نَطَقَت لتَعْصِر فُؤاده..،:ليــ ـش جذي يُبه..صـ ـار..صار كل شي بسرعة..مو مستوعبـ ـة..و كأنّي تايهة..ليـ ـش !
أَسْبَل جِفْنه بقِلَّة حيلة تَجَلَّت بين تَجاعيد وَجْهه..هَمَسَ لها يُطالب بالعَفْو عن خَطأ أَخْفَته يَدُ الزَّمَن،:أنـا آسف يُبه..سامحيني..بس كان لازم هذا إللي يصير
عَقَّبَت و هي تَنْكَمِش على نَفْسها،و يدها ساعدتها لتَشْرح اسْتنكارها،:واجد بسرعة بابا..و بدون أمـ ـي و جود و حتى فيصل ! كأنَّ..كأنَّ مثل الجَريـ ـمة
قال مُحاولاً أن يَهدي ضَياعها إلى مَنْطقه،:حبيبتي الموضوع شوي حَسَّاس..لا تنسين عبدالله،عمش و زوجة عمش و حتى غَيْداء..لازم أوصل لهم موضوع ارتباطكم شوي شوي و بدون سوء فهم و مشاكل
عَلَّقَت بوَجْهها المُحْتَقِن و صَوْتها المُخْتَنق من الغَصَّات،:زيــن يُبه جان فهمتهم و كلمتهم أول و بعدين ملجنـ ـا
هَزَّ رأسه رافِضاً فِكْرته،:لا نُور..لازم أول شي أضْمن إنش تكونين زوجته..و بعدين أبدأ أكلمهم
تَساءلت باسْتنكار سَبَح مع الدُّموع المُغْرِقة ملامحها،:ليش مستعجل على ارْتباطنا إلى هالدرجة!
بانت لها ابْتسامته المُتَدَثّرة بالغُموض المُسَيْطر عليه هذه الليْلة..أَجابها و هُو يَسْتدير للأمام ضاغِطاً زِر تَشْغيل المَرْكَبة،:لحاجة في نَفْس يَعْقوب



كان الليْلة زائِراُ لمَنْزِل أَبيه..عَجيبٌ كَيْف أنَّ بوائِق الدُّنيا و كُروبها نَحَّتهُ عن دِفء هَذه العائِلة..حَتَّى بات غَريباً يَتَخَبَّط بجُدْرانٍ كَهِلة،يُنَبّش بين تَصَدُّعاتها عن ضِحْكات الطُّفولة و أَحْضان أَبَوين انْتَصَف الدَّهْر عِلاقتهما للحَدّ الذي فَرَّقَ قَلْبيهما..،هَمَسَ بتِساؤل لِجنان الجالِسة عن يَمينه،:من متى هُم على هالحال ؟
ابْتسامة سُخْرية شَدَّت شَفَتيها..و من عَيْنيها بَرَزَت صُوَر احْتَضَنت بين إطاراتها ماضٍ كَئيب..أَجابته بهَمْس عُقِد بالمَرَارة،:من سنيــن محمد..من سنين..من قبل لا تسافر "نَظَرَت إليه باعِثة لهُ رِسالة عِتاب و هي تُكْمِل" بس شَكْلك نَسيت
تَمْتَمَ و هُو يُراقِب البِحار العَميقة و الصَّحاري الواسِعة الفاصِلة بين رُوحي والديه،:يمكن...نَسيت
أَضافت بذات النَّبْرة السَّاخِرة،:يعني لو هم حالهم حال أي زوجين عشرتهم طافت الخمسة و ثلاثين سنة..كانوا تَركونا،عشان يتبادَلون شوقهم بعد سَفرته
عَلَّقَ بحاجِب اعْتَلى صَهْوة اسْتنكاره،:سفر أبوي أعتقد سبَّب لأمي تَبَلَّد..يعني حتَّى لو تَفكّر تشتاق له..بتقتل شوقها لأنها تدري إنَّه بيستمر..فليش تتعب قلبها من البداية !
تَساءَلت بتَرَدّد و بَصَرُها يَطُوف مَلامحه،:محمد إنت تدري ليش أبوي يسافر على طُول ؟
أَجاب بهُدوء،:لا مادري "الْتَفَت ليَعْقِد غَبَشَ عَيْنيه بمُقْلَتيها المُزْدانتان بوِسْعٍ جَذَّاب ليُرْدف بدَهاء" بس الجواب مو صعب..المَسْألة مو معَقّدة أَبَداً
زَمَّ البُؤس شَفَتيها..و الضَّيق تَلَقَّف أَطْراف جِفْنيها ليُرْخِيهما راسِماً لَوْحة يَأسٍ بَنَتها أَيْدي البُرود الجاري في عُروق والدَيها..لن يَكُونا زَوْجين طَبيعيين أَبَداً..لا جَدْوى في التَّمَنّي حَتَّى..فلا شيء يُبَشّر بنُمو زُهور البَياض لنَسْفِ عَلْقَم العُتْمة..فالشَّمْسُ أَبَت أن تُشْرِق على أَرْضهما..و فَضَّلَت أن تَسْتَقِل قِطار غُروبٍ سَرْمَدي على أن تَخْتَنِق أَشِعّتها من ضيق قَلْبين لم يَطْرُق بَابهما الحُب..و لا حَتَّى الإحْترام..،
اسْتَأنَفَت قافِلة أَسْئلتها ناطِقةً،:إنت متقبل علاقتك مع أُبوي ؟
عُقْدَة عَدَم فَهْم تَوَسَّطَت حاجبيه و هُو يَقُول بلحن اسْتفهام،:شفيها علاقتي مع أبوي ! عادي حالنا حال أي أبو و ولده
أَرْفَعَ التَّعَجُّب حاجِبَيْها مع إفْصاح لسانها عمَّا يَحوم في قَلْبها،:اللحين علاقتكم تسميها علاقة أبو و ولده !
هَزَّ رأَسه بالإيجاب مُؤَكّداً لتَصْفَع ثِقَته ضِحْكَتها القَصيرة قَبْل أن تُضيف،:أي إنسان طَبيعي بيعرف إنَّ هذي ما هي علاقة بين أبو و ولده "و بنَبْرة قَصَدَت معانٍ شَتَّى" إلا إذا كنت إنت..مو طَبيعي
لم تَغب عن عَيْنيها المُتَفَحّصتان ارْتعادة عَدَسَتيه المُتضاعف سَوادهما..أَكْمَلت دُون أن تُعِر غَضَبهُ المَكْتوم اهْتماما،:ما ادري محمد..صَحيح للحين اشوفك أُخوي..و أحسّك أخوي..بس رُوحك "و بلَحْنٍ عَزَفهُ نايُ الحَنين إلى الماضي" أحسها ماهي هي..أو كأنها نَست إنها رُوح !
تَجَهَّمَت ملامحه بوُضوح..و نَفَر عِرْقٌ في صِدْغه تعاضَدتَ مَعهُ تُفَّاحة آدم التي تَحَجَّرَت في حَلْقه من تَكَدُّس الغَصَّات..أَشاح وَجْههُ عنها كأنَّما يُشيح بَوْحاً قُطِعَ لِسانه كُرْهاً..تَقَدَّم مُنْهِياً اسْتناده..احْتَضَن يُسْراه بيُمْناه ضاغِطاً بإبْهامه على باطنها يُطَبْطِب على عِرْقٍ بَكَى احْتياجاً..و بسُخْرية بالكاد اسْتَطاع أن يُرَوّضها لسانه المُتَلَعْثِم،:قاعدة تقولين ألغاز جِنان "بسُرْعة أَدار بَوْصَلة الحَديث ليَتساءَل" وينها جَنى ؟ أنا جاي خصيصاً عشانها..ما تعرفت عليها عدل
اجْتَرَعت هُروبها لذا سايرته مُجيبةً و هي تَسْتَنِد..،:عند أبوها..اليوم بتنام عنده
عَلَّقَ و هُو يَنْظر لها من خَلْف كَتفه بابْتسامة خالية من معنى،:الواضح إنكم اعتدتون على هالبرنامج
دَثَّرَت كلماتها بالبُرود قَبْل أن تَنْطق و هي تُرْخي ساق على الأُخْرى،:احسن لي و له



تَغْفو بين يَدَيها الحَمامة المَجْروحة..تَمْسَح على ريشِها الأَبْيَض و الأُمْنِية في صَدْرها تَهْتِف..أَن لَيْتَ من يَمْسَح حَقيقة فَقْدي..الدَّمْعة مُعَلَّقة على هُدُبِها..و الفِكْرة مُتَشَبّذة بمَتاهات مُخّها..رُبَّما الجَواب جاهِزٌ عِنْدها..لِكِنَّ النُّطْق به و عَقْده بزِمام الواقع ما يُسْتَعْصَى عَلَيها فِعْلُه..فإذا كان زَوَاجهما النُّور المُنْهي مَوْسِم الغَسَق الطَّويل فهي مُوافِقة..لكن بشُروط حَتْماً...فأُنْثى ناقِصة مِثْلها يَجِب أن تُسْهِب في الحُلْم..و أن لا تُطيل النَّظَر إلى السَّماء حَتَّى لا يُكْسَر عُنُقِها المُقَيَّد بسَلاسلٍ مُذَيَّلة ببقايا عُذْرِيَتها..فَرَّت الدَّمْعة من عَيْنها مُنْتَحِرة..لتَصْطَدِم بخَدّ لهُ تُرْبَة مَسيكة..رَفَضَت أن تَتَشَرَّبها حتى لا يُسَمّمها الحُزْن المُشَبّعَها..لذلك ارْتَفَعت يَدَها مُتَّخِذَةً دَوْر المنديل لتَمْسَحها بظاهرها مع طَرْق الباب..رَفَعت رَأسها ناحيته،مَرَّرَت لسانها على شَفَتيها..رشَّحَت صَوْتها من بَوْغاء الحَشْرَجات لتَقُول،:ادْخل
دَلَفَ مع انْحناء نِصْف جَسَدها لخارج السَّرير..فتَحَت القَفَص الذي أَعْطتها إياه حُور لِيَضُم الحَمامة لحين شِفاءها..اعْتَدَلَت في جُلوسها بالتَوالي مع اسْتقرار جَسَد أَخيها على السَّرير أَمامها..تَبَسَّم في وَجْهها يُهْديها بِضْعاً من حَنان أُخَوي عِلاقته بهِ سَطْحية جِدَّاً..فهو نادِراً وَجِدَّاً ما يَلْعَب هذا النُّوع من الأَدْوار..دَوْرَ الأَخ الحَنون..رَدَّت على رِقَّته اللَّطيفة بابْتسامة رَمادِية..اعْتَزَلتها أَلْوان الحَياة البَهيجة..تَساءَل باطْمئنان غَلَّفَ صَوْته و نَظراته،:إنت بخير مَلاك؟
هَزَّت رَأسها مُفْصِحة عمَّا يَنْبُض بِصَدْق في جَوْفها،:الحمد لله
كَرَّرَ بقَلْبه،:الحمدلله "حَكَّ طَرَف حاجبه و هُو يُرْدِف بعَدَسَتان تَنْظُران للأَسفَل" صراحة ما اعرف للمُقَدّمات "نَقَل بَصَرهُ لها ليَقُول مُباشرة" في واحد خَطَبش
تَجَمَّدَت أَطْرافها رُغْماً عَنْها،و تَوَقَّفَ مَسير أَنْفاسها للحْظَة مُنْحَشِراً بين ضِلْعين..خَبَت حَرَكة أَهْدابها و أُطْبِقَت شَفَتيها بسُكون..و كَأنَّها لم تَكُن تَعْلَم مُسْبَقاً..هُو أَكْمَل و عَيْناه تُراقِبانها بدِقَّة،:خطبش مني و من أمي..إنتِ تعرفينه و قابلتينه..محمد اللي يوم الـ
قاَطَعَته بأَنْفاس لاهِثة عَبَرَت طَريق تَيْهها بتَعَثُّر لتَقْطَع كلماته الحائِمة حَوْل تِلك اللَيْلة الكَبيسة،:ما يحتاج تكمل..عرفته
هَزَّ رأسه بتَفَهُّم و هُو يُوَضّح،:خذي راحتش في التَفكير..أهم شي تصدرين قرارش باقْتناع و رِضى "عَرَّجَت كَفُّه إلى ساعِدها ضاغِطَةً بمَلَقٍ انْبَجَسَت من دِفئه عُيون احْتياج في رُوحها..و بهَمْسٍ صادِق قال" اتْأكَدّي إنّي ما بزوجش لأي واحد..ما بياخذش إلا اللي يستاهلش..اللي يستاهل ملاك أختي..رَجَّال يصونش و يعزّش و يحميش..اتّأكدي
ابْتَسَمَت لهُ بارْتِعاش و هي تُبْصِره من خلف غِشاء الدّمع المُلْتَحِفة به مُقْلَتيها..وَقَفَ ثُمَّ انْحَنى لاثِماً رأسها بمشاعر أُخُوَّتها النَّقِيَّة..اسْتَقام في وُقوفه ليَقول،:أنا موجود عشان اسمع جوابش متى ما قررتين..تصبحين على خير
انْتَشَلَت صَوْتها من قُعْر بَحَّاته،:و إنتَ من أهْل الخير
انْتَظَرَت حَتَّى أَغْلَقَ الباب من خَلْفِه،لتُحَرّر شَهَقاتها المَخْنوقة في صَدْرها..انْحَنَت بإعياء على السَّرير مع اسْتناد جَبينها برِسْغَيها مُتَّخِذة وَضْع الإنْطواء لتُفْرِغ أَكْبَر عَدَد من الحَسَرات..هي لا تَذْكُر أنَّها حَلَمَت بالزَّواج يَوْماً..أو أنَّها رَسَمَت مَلامح فارسها فَوْقَ صَفحات خَيالها بألوان مُراهقتها..لكنَّها و إن نَبَذَت هذه الفِكْرة عن أَرْضِها،إلا أنَّها تَبْقى أُنْثى..تَهْفو فِطْرتها إلى الحُب و كَنِفِ رَجُلٍ يَحْتَضِن أُنوثتها..،ضَعَّفَت من إغْماضها تُريد أن تَنْسِف الحَقيقة و تُهَجّرها عن أَرْض حاضرها..حَطَّت أَسْناها على شَفتها كأنّها تَعُض على يَدُ الحَياة لتُنْهي عَذابها..فالرُّوح تُريد أن تَعيش بِسَلام..كَفاها يُتْمٌ و فَقْد و إجْحاف..فهذا الشُّعور المُقَطّع نِياط قَلْبها يَنْمو في ذاتها مِثْل شَجَرَةً مَسْمومة في ذاتها،طَلْعها كَرُؤوس شَياطين تُوَسْوس لها بمآسٍ قَريبة..هي مُتَقَزّزة من أُنوثتها النَّاقِصة..ألمُشَوَّهة و النَّجِسة..فكَيْفَ لِرَجُلٍ أن يَسْتَسيغها ! هي مُتَيَقّنة،لَوْلا قَضِيَّة والدها لما فَكَّرَ فيها زَوْجة و أُمَّاً لأَبْناء بالطَّبع هُو يُريد أن يَتَعَرَّفون على الحَياة بذواتٍ مُنَقَّحة من شوائِب الحُزْن المَعْقود بالأَصْلاب..و أن تَكُون دِماءَهم نَقِيَّة من دَرْنِ اغْتصاب..،خَبَت غَوْغاء بُكاؤها..أَزاحت رِسْغَيها عن جَبينها بعد أن خَلَّفَت أَثَراً امْتَزَج مع الإحْمرار المَبْصوق على وَجْهها..أَدارت جَسَدَها بوَهْن لتَسْتَلْقي على جانبها الأيْسَر،و يَداها تَرْتفعان بانْقباض لخَدَّها..تَأمَّلَت الفَراغ بحواسٍ تَطْفو فَوْق بَحْرٍ مُتلاطم الأَمْواج..نَطَقَ صَوْت في داخلها بوَجْسٍ مُرْهَق..يَجِب أن تُحادثه..فلَديها الكَثير من الأُمور التي يَتَطَلَّب تَظْليلها بالخَطّ العَريض..،




يتبع







 توقيع : طهر الغيم



رد مع اقتباس