عرض مشاركة واحدة
قديم 09-24-2019   #2


الصورة الرمزية طهر الغيم

 عضويتي » 27920
 جيت فيذا » Oct 2014
 آخر حضور » منذ 4 أسابيع (01:19 AM)
آبدآعاتي » 1,385,714
الاعجابات المتلقاة » 11668
الاعجابات المُرسلة » 6471
 حاليآ في »
دولتي الحبيبه » دولتي الحبيبه Saudi Arabia
جنسي  »  Female
آلقسم آلمفضل  » الاسلامي
آلعمر  » 17سنه
الحآلة آلآجتمآعية  » مرتبطه
 التقييم » طهر الغيم has a reputation beyond reputeطهر الغيم has a reputation beyond reputeطهر الغيم has a reputation beyond reputeطهر الغيم has a reputation beyond reputeطهر الغيم has a reputation beyond reputeطهر الغيم has a reputation beyond reputeطهر الغيم has a reputation beyond reputeطهر الغيم has a reputation beyond reputeطهر الغيم has a reputation beyond reputeطهر الغيم has a reputation beyond reputeطهر الغيم has a reputation beyond repute
نظآم آلتشغيل  » Windows 2000
مشروبك   7up
قناتك fox
اشجع ithad
مَزآجِي  »  رايقه

اصدار الفوتوشوب : لا استخدمه My Camera: Sony

мч ѕмѕ ~
وتبَقــّـَــيَ~ بيَـنْ ~آضَلُعــِــي ِ آتنفَسُكــَــ في ~كُلَّ ~ حِيـِـــنٍ
мч ммѕ ~
MMS ~

افتراضي



ازدانت الحياة في ناظريها حتى باتت تتَمنى أن يقف الزَمن عند هذه اللحظات..بين أحضانها تستقر طفلتها،تُغدِقها برائحتها الطفولية المُحمَّلة بعبق براءة..حاربت الماضي و شهرت سيف أمومتها أمام فقده..أطعمتها بيديها..لاعبتها و سَرَّحت شعرها..نثرت قُبلاتها على وجهها الناعم..عيناها لم تُفارقانها لحظة و ليتها تُحارب العَينين لكي لا ترمشان..سكناتها لوحة تتأملها دون شَبع..و ملامحها إبداع خالقٍ لم يُخيب رجاءها و أعاد طائرها لعُشّها الفِطري..،ابتسمت بحنان و هي ترى كيف رفعت يدها تدعك عينها المُتكحلة بالنُعاس..مسحت على يدها الغافية بين راحتيها و هي تتساءل برقة،:ماما تبين تنامين ؟
هَزّت رأسها بالإيجاب و هي تتثاءب و رأسها يستند على ذراع جنان التي قالت،:خلاص اللحين نروح غُرفة عمو نور
أبعدت رأسها مُعقّبة باعتراض،:لااا ماما نروح غرفتنا "بابتسامة واسعة أكملت" عندنا غرفة فيها سريـــر كبير حقنا انا و بابا و انتِ بعد
فغرت فاهها و إحمرار طفيف سَكن أطراف وجنتيها..أطبقت فمها و يدها ارتفعت تمس صدغها بربكة،فهذه المسألة بالذات غاب حلّها عن فكرها..رفعت عينيها تنظر لأم فيصل التي قالت بابتسامة،:اي يُمه جنان تعرفينها انتِ الغُرفة صح ؟
غَمَزَت لها بعينها و هي أجابت بابتسامة مُتصدعة،:ايـه اي خالتي "وقفت مُردفة" اللحين رايحين
أمسكت بيدها الصغيرة و توجهت للسُلَّم تحت أنظار أم فيصل و جود التي تساءلت بعد ابتعادهما،:ماما شلون تروح وياها الغُرفة،و فيصل ؟!
أجابت بهدوء،:بس لين ما تنام جَنى و بعدين خلها تنام في غرفة نور ما دامها فاضية اليوم
باستنكار قالت،:بس ماما حتى لو يعني ما احس عدلة تدخل غُرفة طليقها
أبعدت عينيها عنها بصمت ليصل لجود الجواب..يتضح لها أن والدتها تُحيك وشاحاً يبدو أنَّها ستُلبسِه جنان و فيصل شاءا أم أبيا..،

،

في الأعلى

تَجَمَّدت قدماها أمام باب الجناح..القوَّة انسلَّت من جسدها كجليدٍ ينصهر من شمسٍ حارقة لا ترحم،شمسٌ هي الذكرى..مَسَحَت على خدَّها تُطبطب على المنطقة التي تكاد تتقرح من جفاف أوزعتهُ أملاح دموعها..لا تُريد ان تتحلل بين أمواج الماضي..تَخشى أن تغرق و لاتجد من ينقذها..لا تُريد أن تعبث الذكرى بجراحها فهي بالكاد استطاعت أن تُخفف من نزفها..،أخفضت بصرها لابنتها التي نَطَقَت بحماس،خلينا ندخل ماما عشان تشوفينها
تلك الصغيرة فتحت الباب و تقدمت جارَّة يد والدتها التي استجابت لها بعينين أخفضهما ثقل الدمعات المُترقرقة بالتماع وسط مُقلتيها السابح فيهما خيال الماضي..تبعتها تمشي على حُطامها المُتعفن من احتقار..اجترع أنوثتها و بصقها لتتلقفها الجُدران بشفقة و لكن الأرض كانت أقوى،اجتذبت رُفاتها لتدفنها و كَفنها قُبلاته الحارقة..،نال منها دوار عندما بانت لها أطلال الذكرى المنحوتة في زواية غُرفة نومهما..أغمضت عينيها بشدَّة و جسدها مال بإعياء على الحائط القريب..مساماتها استفرغت العَرق ناشرة رائحة تلك الليلة..فتحت عينيها بوَهن تُبصِر الموضع الذي كانا يقفان عنده و صوت أنفاسها امتزج مع صوت أنفاسهما المُضطربة..،

،

داعبت أنفه بأنفها قبل أن تهمس بِبَحة تَنَمَّل لها صيوان أُذنه و جانب عُنُقِه،:مو انت تعشق الأسود ؟
ابتسَمَ بخفَّة و هو يُرجِع رأسهُ للخلف مُقابلاً عينيها المَدميتين من دمع..ببطئ مُلهِب أرعَد أوصالها مَرَّرَ إبهامه على شفتيها الطَريتين هامساً ببحته الذائبة مسامعها في هواها،:يعني انتِ تسوين كل شي انا اعشقه ؟
بادلتهُ الابتسامة و رأسها يَميل راسماً الطَريق لدمعتها لتُعلِن انهيارها..فهمت مقصده،فهو دائماً ما كان يُخبرها بعشقه للون شفتيها الطبيعي..،أجابتهُ بهمس و يدها ترتفع مُعانقة جانب وجهه،:أكيـد،مو انتَ حَبيبي ؟ لو تبي اتغير كلي عشانك،بتغير
أغمضت عينيها لتضيع مع عَذب نهر قُبلاته التي أفرغها على الموضع الذي زارته الدمعة..ازدردت ريقها و هي تفتحهما تُعلِن لهُ اشتياقها..قَرأه و استجابت لهُ حواسه المُرسلة إشارات لخلاياه التي بدأت بعبور طُرق أنوثتها من جديد..مُلتحمة مع خلاياها الهائمة في رجولته..قابلَ أفعالها الوالهة بولهٍ أكبر،و أوزع بين حناياها قُبل كان قوتها لليالٍ الشَوق و لا غيره..ظَنَّت و هي بين أحضانه أنَّ السفينة عادت لبحرها،و الطير أنهى موسم هجرته بعد أن شاب الغُصن بؤساً مُحذراً بانهيار العُش..لكن الزَمَن كان يخفي لها الكَثير خلف ردائه المُبهَم..،رفعت عينيها إليه،هي ما بين صدره و أنفاسه تُراقب وقع نبضاته..هَمَسَ لها و العين في العين،:هـا،تأكدتين اني للحين ما اقاوم انوثتش ؟
شهقة مذبوحة فَرَّت من حنجرتها هامسةً بارتعاش تنفي فكرته،:لاا لا فيصل حبيبي مـ
ابتعاده قاطعها و برودة مؤلمة حاصرتها بعد انجلاء دفئه..نادتهُ برجـاء و هي تراه يبتعد جهة دورة المياه،:فيصل الله يخليك انت اسمعني بس اسمـ
رفع يده و هو يُواصل مشيه مُجيباً ببرود نَحَرها،:مالي خلق اسمع جذب جديد "فتح باب دورة المياه وهو يُردف" و ارجوش لا تفتحينها مناحة قومي اجهزي ورانا طيارة
أغلق الباب مُغلِقاً سجنه على حُبها المُنتهَك على يدي كبريائه الرافض تبريراً منها..تلك الليلة أعلنها لها صراحةً أنَّ السَماح لن يَطأ أرضه أبداً..و لو غاب صوتُها بين تَخبطات الرجاء..،

،

بخوف تَمَسَّكت بيد والدتها مُتسائلة،:ماما ليـش تصيحين ؟
أخرجها صوت ابنتها من حفرتها المُظلمة..ابتلعت غصَّاتها غَصباً و هي تعتدل في وقوفها و بيديها أزاحت رماد الدموع عن وجنتيها..ابتسمت لها بارتجاف مُجيبة،:مافيني شي ماما،بس من كثر فرحتي بشوفتش
ابتسمت الصغيرة برضا و جنان أكملت،:يله حبيبتي خل نروح نغسل و نبدل عشان ننام



فَجراً

الثانية و خَمسُ دقائق

لاحت لها ذكرى الحَريق و وجوده الغَريب وحيداً معها بين النيران لتتراجع بذُعر تكرهه و صدرها يرتفع بعُنف مُستنشقة نفس لم يَزديها إلا اختناقا..ضغطت فوق السكين المحشورة في يدها المُختبأة خلف ظهرها..لديها ما يُبعده عنها لو حاول أن يقصد السوء..لكــن..جالت ببصرها سريعاً على جسده الضخم مُقارنة بجسدها النحيل..عضلات صدره البارزها قميصه الضيّق أوحت لها بقوة خارقة يملكها هذا الغريب..و تكاد تجزم أنَّها تستطيع عَدَّ عروق ذراعيه الصلبة..،تراجعت أكثر عندما انتبهت لاقتراب خطواته..تَوقفت لاصطدام ظهرها بدرابزين السُلَّم..أخفضت بصرها و وقوفه بهذا القُرب أربـكها..تلك المرة كانت غير واعية جيداً لاقترابه..لكن الآن تستطيع أن تستمع لصوت أنفاسه وسط هذا الخواء المُبتلع المكان..،نَطَق بهمس قُربه ساعدها على سمعه،:انتِ شنو تسوين اهني ؟ شهالعقل اللي خلاش تجين اهني هالحزة !
يُحادثها و كأنَّهُ يعرفها ؟! سؤاله يتطلب انفعال أقلَّهُ حدَّة..لكن نبرته لم يُخالطها سوى البرود..ما طينة هذا الإنسان ؟! ألم استولى على جانب عُنقها من قوة التفاتها جهة الصوت..هو شاركها الالتفات مُتراجعاً للخلف يُلقي نظرة عن بَعُد للنافذة المفتوحة و التي يصلهما منها صوت سيارة..نالت أسنانه من شفته عندما توقف المُحرّك..ثوانٍ وأتبعه إغلاق الباب..نَظَر لها ناطِقاً بما يَجول في خاطره و كأنَّهُ يُحادث نفسه،:يعني لو كنت بروحي بدبر عمري و بشرد
زَفَر و هو يستغفر و أصابع يده الحرّة تتخلل خصلاته المُبعثرة..استقَرَّ باطن كفّه خلف عُنُقِه مع ارتفاع صوت يلتوي بنعومة تُحاول جاهدة أن تمرغه في وحل البرود،:ما اعتقد اني طلبت مُساعدتك ! "رفع عينيه لها عندما أكملت بنبرة مُبَطنَّة استقام ظهره لمقصدها" لا ذيك المرَّة و لا هالمرَّة
عاد لاقترابه مُخترقاً عمداً بضوء مصابحه عدستيها الحادتين،هَمَسَ لها بثقة و هو يرى كيف أغمضتهما بتوجع من قوة الضوء،:والله في كلا الحالتين لو مو انا موجود بتموتين
هَمَسَت مُعقّبة و هي تُشيح وجهها عن ضوئه،:المسلّم الله
اقترب أكثر و هي انفلتت منها شهقة لهذا القُرب الساحق..باغتتها رجفة عبرت صدرها حتى تبعثرت من أطرافها..تراكم البُكاء في حلقها و رائحة عطره شعرت بها تحكم قبضتها على رئتيها..ازدردت ريقها بصعوبة و هَمسه أشعل حرارة في أُذنها،:الرجال سبق و قابلته،بيشوفنا ما بيسوي شي غير انه بيفرغ السلاح في راسنا،خَبر يجنن صح ؟ رجال وبنية مقتولين في بنك محروق..أول سؤال بيجي في بال الناس شنو ؟ "لم ينتظر منها جواب فصوت أنفاسها أعلمهُ بحالها،لذلك واصل بذات بروده" شنو يسوون هالاثنين في أنصاف الليالي بروحهم ؟ عاد اكيد انتِ ماتبين تجيبين الفضيحة لأهلش
أبعد رأسه عاقداً نظراته الجليدية بنظراتها المُشتعلة بمشاعر مُتخبطة..جفنيها ساعدا عينيها على الإختباء من منطقية ما يقول..أخفض يده مُتناولاً مصباحها من يدها ليُغلقه..،وجّه مصباحه للسلَّم يقودها إليه..تَحَرَّكت و بصرها لا زال مُلتصقاً بالأرض..صعدت للأعلى و هو من خلفها بعد أن ألقى نظرة للأسفل..كُلَّما اقتربا للطوابق العُليا اتضحت الرؤية أكثر..فالنوافذ جميعها نالت منها النيران سامحة للقمر بمزاولة مهنته المُحببة..أغلق مصباحه و هو يتبعها حتى وصلا للطابق الأخير..تَقَدَّم لسُلَّم الطوارئ الذي وقع بابه رهينة الحريق ليكون وجوده مثل عدمه في ذلك اليوم..أشار لها لتتقدمه بالنزول..،دقيقة و كانا تحت سقف السماء و الصمت رفيقهما الثالث..ناداها من بين أسنانه وهو يَرى كيف سَرَّعت خطواتها مُبتعدة عنه،:لحــظة
لم تستجب له فهي كانت تُعاني مع تنشقاتها..احتضنت جسدها و الخوف يُسيّرها..بطريقة غريبة هذا الرَجُل يُثير الرعُب في ذاتها..بدايةً من سواد عينيه الحالك المُقتات على ظُلمة لا شُعاع لها،و نهايةً بشخصيته المُتقلّدة تاج البرود الذواية بسببه حواسها..تُريد أن تبتعد عنه،لا حيلة لها لطرح أسئلتها المُتراكمة بتعب في صدرها..،بانت لها سيَّارتها،و قبل أن تعبر الطريق أمرت رئتيها الأنفاس بالانتحار في حلقها تنفيذاً لأمر الكلمة التي نطقها..

،:مــــلاك



فـزَّ بافتجاع من صوت البُكاء المُنتشر بين ثنايا الغُرفة النائمة..انقبض قلبه بفزَع و عيناه المُتسعتان تُبصران ابنته غـارقة في بُكاء عَويله عَطَّل استيعابه..احتضنها بخوف و القلق لَعثم لسانه،:بابا جَنــى شنو فيه ؟
بُكاءها لم ينقطع لتُهديه جواباً يُطمئنه..الدَمعُ رَسم خرائطه على وجهها المُصطبغ باحمرار شديد..صوتها بانت بحته من فرط نَوحها المُخالطهُ صراخ..احتضنها و غَصَّة تكورت في حلقه و هو قريباً سيُشاركها البُكاء من فزعه..،
،:راحـ ـت قلت لهم حـ ـلم حـ ـ
شهـقة حادة أدمت قلبه قاطعت حديثها المُرتعش..أبعدها عن صدره مُحاوطاً وجهها بكفيه الكبيرتين مُتسائلاً برجاء،:بابا شنو تقولين ؟ حبيبي انتِ اهدي و كلميني قولي لي شنو تبين ؟
أغمضت عينيها المُرتوية أهدابهما بدمعها الطاهر ناطقة من قعر غصَّاتها،:مـ ـاما راحت
هَزَّ رأسه نافياً بسُرعة،:لا بابا ما راحت ماما اهني
ارتفع صوت البُكاء و بساقيها بدأت تركل السرير و عقلها الصغير غير مُصدق..فهي أغمضت عينيها مُستسلمة للنوم و آخر ما رأت وجه والدتها.. والآن عندما باغتتها الصحوة لم تجد لها أثر..اذاً كُل الذي مَرَّت بهِ حُلم..و والدتها لم تأتِ..،أحاط جسدها بذراعيه و هو يقف و هي تتلوى تُريده أن يتركها..نَطَق مُحاولاً أن يُسيطر على حركتها،:بابا جَنى بخليش تشوفين الماما خلاص اهدي
،:مافي ماما راحـ ـت خلاص
خَرج من الجَناح ليتفرع بُكاءها مُنتشراً بين زوايا المنزل حتى وصل لغُرف نومهم..حَطَّت قدماه على أرضية الطابق الثاني ليُقابل وجه جـود المَذعور و التي تساءلت،:شفيها شصاير ؟
ابتعد عنها لغُرفة نور الذي انفتح بابها بقوَّة و من خلفه ظهرت جنان بملامح مَخطوفة نام الدمع بين طياتها..كلاهما لم ينتبه لغياب الغطاء عنها،فحواسهما مُنصبة لابنتهما المُستسلمة لدموعها..، نَطَق وهو يُحاول إدارة وجهها لوالدتها:جَنى شوفي الماما هذا هي ما راحت
تناولتها منه و صوتها يُحادثها بهمس حاني،:حبيبتي جَنى انا اهني ماما "أمسكت رأسها تدفعها للنظر إليها" شوفيني ماما،افتحي عيونش شوفيني انا اهني
استجابت لها و صوت تنشقها فتت قلبيهما..تَقوس فمها عندما بان وجه جنان لعينيها البرئتين..احتضنت عُنُقِها مُعاتِبة،:ليش رحتيـن عني ؟
قَبَّلت رأسها و كفها تنثر دفئها بين خصلاتها،:آسفة حبيبتي خلاص ما بروح مرَّة ثانية
أحجب منظرهما عن فيصل جسد والده الذي توقف بينه وبينهما..عَقَّد حاجبيه بإنزعاج و هي يَميل رأسه ناطِقاً باستنكار،:يبــه ليش واقف اهني ؟!
بحدَّة أجابه،:ما تشوف البنت مو متسترة
أرخى حاجبيه و هو للتو يستوعب وقوفها أمامه دون حجاب..حقيقةً هو لم ينتبه و لو سُئل ماذا كانت ترتدي لن يكون لديه جواب،فعقله لم يستقبل سوى صورة ابنته النائحة..،دقيقة و ابتعد والده مُفسِحاً المَجال إليه ليتبع والدته و جود اللتان دخلتا قبله..توقفت خطواته وسط الغُرفة و عيناه غَيَّبهما السِحر المُشع أمامه..ازدرد ريقه يُكبح سَيل لُعابه من هذا الإغراء الفِطري الذي تستقبله حواسه للمرة الأولى..كيف تناسق جسد طفلته مع جسدها الأنثوي،مُنطوية بتعب بين أحضانها الطارق أبوابها فيما مَضى..وجهيهما مُتقابلان كُل واحدة تنحت ملامحها على ملامح الأخرى،و من مكانه يلمح اختلاط عبيرهما المُنبت ربيع مُخَلَّد وسط قلبه..إبــداع تجانست فيه كُل معاني الجَمال حتى انتهى عند هذا المَشهد الذي بدأت عروقه بحفره في ذاكرته..،جـود التي كانت تجلس على السرير خلف والدتها تطمئنان على جَنى هَمست في أذنها،:يُمَّه شوفي ولدش شوي و يذوب في مكانه "وضعت يدها على فمها تُكبِح ضحكتها و هي تُواصل" اتوقع قاعد يتمنى يكون مكان بنته
استدارت لها تقرص زندها بقوَّة حتى احمرّ،هَمسَت لها و هي تقف بعدما رأت مُداعبة النوم لمُقلتي حفيدتها،:قومي يا قليلة الأدب،قومي قدامي
باعتراض هَمسَت،:ما بقوم يمه بنتظر جَنى تنام
سحبتها من ذراعها حتى أجبرتها على الوقوف ثُمَّ مشت أمامها للخارج،و عند باب الغُرفة نَطَقت جـود،:ماما مايصير نتركهم بروحهم،خليني مُحرَم بينهم
قابلتها و هي تقول بقلَّة صبر بعد أن تركت ذراعها،:الباب مفتوح عليهم و البنت بينهم و غُرفنا كلها قريبة منهم،خلينا ننام ما باقي شي ويجي الصبح
بعدم اقتناع قالت،:زيـن،تصبحين على خير
أوهمتها بدخولها للغرفة،و بعد ان تأكدت من إغلاقها للباب عادت لتُطل من عند بابها على غُرفة نور حيث داخلها لا يزال فيصل عَبداً لهذه الصورة الساحرة،يتأمل كيف تُخفض رأسها لتطبع قُبلة رقيقة على وجنة ابنته..أناملها النحيلة تُزيح خصلاتها المُلتصقة من الدمع على وجهها..ابتسامتها الدافئة و هي تنظر لها..حُلَّة خلابة لم يَكن يعلم أنَّ جنان تُحسِن ارتدائها بهذا العُمق..،
،:خـلاص نامت
وَعَى لهمسها الناعس..و بتَيه نَطَق،:هــا !
أعادت كلماتها و هي تتراجع لتُسند ظهرها للسرير و ابنتها تسكن حضنها،:اقول لك خلاص نامت "أشارت للخارج" تقدر تروح تنام
هَزَّ رأسه بتفهم و هو يقف و الارتباك مُتعلّق بأطرافه،استدار ببطئ و هو يهمس،:اذا بغيتون شي كلميني،تصبحون على خير
أغلق الباب دون أن يسمع جوابها..وقف عنده لتتكون أمامه صورتهما من جديد..أغمض عينيه بغياب و ابتسامة مائلة تُعانق شفتيه بحُب
،:فيصل،شنو بتنام و انت واقف ؟
فتح عينيه من صوت جود المُتداخل بفضول في مسمعه..ابتعد عن الباب و ابتسامتها الخبيثة تتضح له مع اقترابه..استدار عنها بعد أن ألقى عليها نظرة غرور أضحكتها و صعد لغرفته..هي هَمَست قبل أن تُغلِق الباب و إحساسها انعقد باليقين،:اثنينكم أغبيــاء



اليوم الحالي

المساء اقترب و الشمس تستعد لاسترخائها مانحةً القَمر فرصة ليتباهى بجماله..و هي من شدَّة غرورها و عنفوان أشعتها الحاجبة عنها الحقيقة لم تعِ أنَّ الكَثير و هي منهم يرون أنَّ القَمرَ فاقها الجمال أضعافاً و أضعاف..،كانت تجلس معه و مع والده أمام التلفاز يشربون الشاي المُتأخر وقته نَظراً لتأخر موعد الغداء انتظاراً لعودته من العمل..أبعدت عينيها عن التلفاز مُبصرة وجهه القريب لتَغرق وَسط كلماته المُتأرجحة من رياح عينيه الهادئتين..،

،

تَجلس على المَقعد أمامه بعد أن لحقته بسيارتها إلى المَطعم المُتفق عليه..كانت زيارتها لمنزل والدها فاشـلة بالخط العَريض..فهي تَصَنَّمت أمام ذكرياتها و انحنت تَستعيد فَحواها المُكتنز بين طَيَّات أوراق الرسائل..فَكَّرت في حَرقها و لكن خَشيت أن يخنقها رَماد الكلمات و يُصَيّرها جَسداً فاقداً للنَّفَس..أو أنَّها تُحورها لقصاصات تدفنها دون كَفَن تستل خيوطه من نبضاتها..لكن القلب أبى أن تُذبَح ذكرياته التي غَفت لسنوات بين حُجراته..فكانت النتيجة أنَّها أزاحت الصندوق في الزواية..أعادتهُ للمكان الذي احتضنهُ بعد انهيارها تلك الليلة..،انتبهت لصوته المُلتبس سُكوناً عَذب لم تعثر عليه مسامعه إلا بين حباله الصوتية..،
،:شخبار عمي و عمتي ؟ كنت ابي امرهم قبل المطعم بس خفت يطوفنا الحجز
ابتسمت له و أناملها تعبث بساق الملعقة الفضيَّة المصفوفة بترتيب على الطاولة..أجابت بهدوء،:الحمد لله زينين سلموا عليك
أجاب و هو يقترب من الطاولة،:الله يسلمهم "مَدَّ يده مُتناولاً قائمة الطعام جهتها و هو يَقول" هذي ما بتحتاجينها،بطلب على ذوقي تَمام ؟
هَزَّت رأسها بموافقة و جسدها يتراجع مُسندة ظهرها للمقعد..تعَلَّقت نظراتها بوجهه عندما سأل،:متى عرس ولد عمش ؟
أجابته بتلقائية،:هذي الجمعة "مَسَّت صدغها بأطراف أصابعها مُردفة" ايــه ذكرتني،و انا في بيت ابوي اتصل ابو عبد الله يعزمنا باجر عشا بمناسبة الزواج و طبعاً انت معزوم
بهمس عَقَّب،:ان شاء الله "أخفَضَ بصره و الهَمس لا زال سلاحه و هُنا اعتدَّ بكلماتٍ أطلقها من قوسه المُحترف في اصطياد حَواسها" جود العروس تصير بنت خالتش صح ؟ "رفعهُ ليرى إيجابها بهزَّة رأس بسيطة،بَلَّلَ شفتيه ليُكمِل" يعني بتفرحين لها واجـد اذا شفتينها بالفستان الأبيض ؟
خَرَجت كلماتها من بين ابتسامتها المُحبّة،:اكيــد،هذي احلى لحظة بالنسبة لأي بنــ
قَطَعت كلماتها و ابتسامته المائلة أسقطتها من على مُنحدر خباثته..أفرغت نَفس مُثقَل و عيناه تبتلعانها لتُبصقانها بقسوة عند دقائق ليلة زواجهما المَشؤومة..و لتَكن منصفة هي التي ألبستها عباءة الشؤم..،ازدردت تَوترها و أصابعها تدعك خدَّها الجَلي احمراره..أرخت يدها على الطاولة مع اقتراب النادل الذي بدأ بتسجيل طلبات بَسَّام الذي تُفجائها تصرفاته يوماً بعد يوم..يُحيك حياتهما ببطئ ينتثر على الجليد المُتكتل فوق روحها يُحاول إذابته لامتصاص العذوبة المَيّتة فيها..و عَجباً أنَّهُ يَنجح ! كيف و بأي الطُرق تستطيع روحه أن تلتقي مع روحها ؟! نادتهُ بعد أن ابتعد النادل،و الهَمسُ نَبرتها،:بَسَّـــام
أجابها و هو يتَعَلَّق على شراع السفينة نفسها،:آمــري
زَفَرت ارتباكها الذي أجَّجته كلماته القاصدة باباً داخلها لتُطرقه..ضَمَّت شفتيها للداخل قَبل أن تُرخيهما لتنطق برجـاء ذاب لهُ قلبه الهاوي كُل أفعالها،:بَسَّــام الله يخليك يا تخلينا نتكلم في الموضوع و ننتهي منه يا انك تنساه و ما تقعد كل مرة تفتحه بطريقة ثانية
مَرَّرَ لسانه على شفتيه يُكبح ضحكة تَود مُباغتته..زَحفت يده لتُعانق يدها مثل عِناق الغصن لعُش طائره..بإبهامه مَسح على ظاهر أصابعها مُعَقّباً بهمس و عيناه تَلحظان بتدقيق أهدابها المُحلّقة وسط سماء التَوتر..،:صدقيني مو قصدي اللي في بالش "و بتنهيـدة عَبرت مَرسى أحلامه المُفتقر لرسو سفينتها مُنذ أعوام" بس والله اني كنت انتظر اللحظة اللي بتنزفين فيها لي و انتِ بالفستان الأبيض "ضَحَكَ بخفَّة و هو يُشيح بوجهه للحظات قبل أن ينظر لها مُردِفاً" يَمكن هالكلام غريب ان يطلع من رجال "ضَغَطَ بحَنو على يدها و رأسه ينخفض ليُحادثها و الصوت أجَش" بس تراني اهتم لكل تفصيل يخصنا مهما كان بسيط
اصطدام عنيف لمشاعرها أرسل قشعريرة عَبَرت خلايا جسدها بأكمله..تَصافق أهدابها تَضاعف يُنافس قَرع طُبول نبضاتها..مابكِ حنين ؟! هو لم يعقد كلمات عِشق خُرافي على مسامعك..بل هو لم يستعن بأبسط الكلمات الوديَّة لينثرها على روحكِ التي ستنتهي قَريباً مريضة فوق عتبات قلبه الكَبير..من أين لكَ هذا أخبرني ؟ هَمسُك الحالم كيف تَغَنَّت بهِ حبالك الصوتية ؟ و كيف بات لَحناً تتراقص عليه دقاتي المُعتنقة الجُنون مُذ عَرفتك ؟ يا رَجُلاً يَرسم مُستقبلي بحبر عدستيه..يُراوغ ماضيَّ الذي أحال كبريائي ورقة خَريف أضاعت ينعها بين تَقلُّبات الربيع..و أنت الذي أعدت الربيع لمخدعه و ألبست أرضي ألواناً اعتقدتُ أنَّ "حقارة" ذاك طمستها للأبد..أنت الحياة و أنت الابتسامة التي بات عنوان سكنها شفتي..غَــريب صحيح ؟! كيف كُنتْ و كيف أصبحتْ ! يبدو أنني قريباً سأبصم على وثيقة المُلكية إليك..كُلي إليك..و هذا ما ليقواه كبريائي العتيد..،
حَرَّرَ أصابعها التي شَعَر بهذيانها بين راحته ليتراجع للخلف..نَطَقَ مُتخذاً طَريق مُغاير،:عندش فُستان للعرس ؟
تحمحمت و هي تعقد ذراعيها على صدرها مُفضّلة الاحتفاظ بنقاشها بعيداً عن سطوة المشاعر التي لا علم بحجمها لديه..أجابتهُ ببحة،:اي عندي
هَزَّ رأسه و هو يسكب لهُ كأس ماء،:تمام،اي شي ينقصش خبريني
،:ان شاء الله

،

انتبهت لابتسامته التي اتسعت دلالة على إدراكه لنظراتها..التفت لها مُبعِداً عينيه عن شاشة حاسوبه المَحمول..كانت قد وقعت رهينة لشُعلة الخَجل التي نثرت آثارها عليها..شعرت بالتواء عضلة في بطنها من نظراته المُخترقة ذاتها..نَطَقت تُبعِد عنها الشُبهة ببحَّة أضحكته،:تبي جاي؟
أشار برأسه لكوبه المملوء نصفه،:اللي صبيته للحين ما خلصته
هَزَّت رأسها بتفهم ثُمَّ أدارتهُ بهروب..هو لم يُواصل تأمله لها مُلتفتاً لوالده الذي نَطق جاذباً انتباه حنين،:تصدقين يا بنتي،ولدي ماشاء الله عليه فنان،كل شي يحط ايده فيه يبدع فيه
رفعَ حاجبه و شفتيه تميلان بابتسامة مُتعجبة..ما الذي يُريده والده ؟ واصل وهو يُوجّه الحديث لحنين مُتجاهل نظرات ابنه،:ان جيتين لشغل البيت يعرف له،يعرف للكهربا و يعرف للسيارة و هالكمبيوترات "تَقدَّم في جلوسه و هو يعد على أصابعه و حنين تستمع بتركيز" حتى الرسم فنان فيه،و لا بعد اكتشفته في مُراهقته أنَّه كاتب،حتى توقعته يصير مؤلف بس أبهرني زيادة ودرس هندسة
بضحكة نَطَق بنبرة فهمها والده،:يُبــه بلا مُبالغة
أجابهُ باستنكار،:افــا يا بسَّام انا ابالغ ؟ "نظر لحنين مُردفاً" ما عليش يُبه يستحي " وقف مواصلاً" عاد اذا اكتشفتين موهبة جديدة فيه قولي لي خليني استانس بولدي،عن اذنكم بروح اتجهز للصلاة
عَقَّبت،:خذ راحتك "استدارت إليه بعد أن غاب والده لتنطق بابتسامة ناعمة" ما كنت ادري انك ماشاء الله موهوب في كل شي
حَرَّك رأسه نافياً و من بين ضحكته هَمسَ و هو يمس شعيرات ذقنه،:ما عليش ابوي يبالغ
اعتدلت في جلوسها و هي تقول،:تحمست اشوف رسوماتك و كتاباتك
بَلَّلَ شفتيه و هو يقبض و يبسط يده على فخذه..نَطَق و عيناه على شاشة الحاسوب،:مو شي مهم، لاتحسبين يعني انه شي كبير
وقفت مُعقّبة،:عــادي بعد ابي اشوف،انا بروح اجهز اغراضي "تساءلت" بتجي العزيمة صح؟
،:ايـــه
هَزَّت رأسها قبل أن تبتعد عنه..غابت عن مرأى عينيه ليُفرِع زفـرة طويــلة حَملت معها ارتباكه..التقط زاوية شفته بابتسامة قبل أن يهمس،:الله يهديك يُبه بغيت تفضحني،زين انها ما استوعبت !



تساءل و هو يُقلّب قنوات التلفاز و جسده مُسترخٍ على أريكة غُرفة جلوسه،:شخبار زوجتك؟ اشوفك ما تييب طاريها هالجم يوم
أجابه هو الآخر مُسترخي على الأريكة الجانبية يعبث في هاتفه،:زيـــنة
نَظَرَ لهُ ببرود عندما ارتفع صوت ضحكته..أبعد عينيه بذات البرود و هو يسمع كلماته الغارقة في السُخرية،:افـــا شكلكم متزاعلين
هَمَسَ لهُ بقهر،:مالك دخل
غَمَزَ لهُ،: رائدو ترى واضح عليك الشوق،وايد واااضح
التقط الوسادة الصغيرة التي خلف ظهره ليُلقيها بحَنَق عليه لينخرط ذاك في ضحكة عالية أرغمتهُ على الابتسامة..يَكبر و يَكبر جُنونه معه ! تداخل مع ضحكة رفيقه صوت هاتفه المَركون على الطاولة القريبة منه،ناولهُ إيَّاه بعفوية دون أن ينظر للشاشة..و ذاك استلمه ليرفعه أمام وجهه بهدوء..هي لحظات حتى اجتذب جسده ليقف كالملسوع و ملامحه تبتلعها صدمة أوجسته..وقف معه و هو يقترب منه مُلاحظاً عيناه اللتان تكادان تتركان محجريه..نَطَقَ بقلق،:بسم الله شفيك ؟
أشـار للهاتف بصمت و لسانه قد انعقد ألف عُقدة..رائد اجتذب الهاتف من يديه لتنتقل لهُ الصدمة و الاسم المُضيء ينعكس في عدستيه..،



يتبع


 توقيع : طهر الغيم



رد مع اقتباس