عرض مشاركة واحدة
#1  
قديم 01-14-2019
Saudi Arabia     Female
لوني المفضل Aliceblue
 عضويتي » 28440
 جيت فيذا » Jul 2015
 آخر حضور » منذ يوم مضى (08:42 AM)
آبدآعاتي » 379,218
الاعجابات المتلقاة » 2471
الاعجابات المُرسلة » 1007
 حاليآ في » الريــآآض ع ـــشقي
دولتي الحبيبه » دولتي الحبيبه Saudi Arabia
جنسي  »  Female
آلقسم آلمفضل  » الاسلامي
آلعمر  » 29سنه
الحآلة آلآجتمآعية  » مرتبطه
 التقييم » كـــآدي has a reputation beyond reputeكـــآدي has a reputation beyond reputeكـــآدي has a reputation beyond reputeكـــآدي has a reputation beyond reputeكـــآدي has a reputation beyond reputeكـــآدي has a reputation beyond reputeكـــآدي has a reputation beyond reputeكـــآدي has a reputation beyond reputeكـــآدي has a reputation beyond reputeكـــآدي has a reputation beyond reputeكـــآدي has a reputation beyond repute
مشروبك   cola
قناتك mbc
اشجع shabab
مَزآجِي  »  سبحان الله
بيانات اضافيه [ + ]
افتراضي المثقفون و السعادة



قرأت قول المتنبي :

ذو العقل يشقى في النعيم بعقله

وأخو الجهالة في الشقاوة ينعم

وقرأت قول الآخر:

كم عاقلٍ عاقلٍ أعيت مذاهبه

وجاهلٍ جاهلٍ تلقاه مرزوقا

هذا الذي ترك الأفهام حائرة

وَصَيَّر العالِم النحرير زنديقا

وقول ابن المعتز:

وحلاوة الدنيا لجاهلها

ومرارة الدنيا لمن عقلا

وقول ابن نباته:

من لي بعيش الأغنياء (2) فإنه

لا عيش إلا عيش من لم يعلم

وقرأت كثيراً مثل هذا في الشعر العربي يدور حول لعنة العالَم (3)؛ لأنه يعذب العالِم، ويسعد الجاهل.

فتساءلت: هل هذا صحيح؟ هل العلماء في جملتهم أشقى من الجهلاء؟

وهل العلم يسبب الشقاءَ، والجهلُ يسبب السعادةَ؟

إن كان هذا صحيحاً، وكان العالم إنما يسعى وراء السعادة فالنتيجة المنطقية لهذا أنه يجب علينا محاربة العلم،

ونشر الجهل، وإغلاق المدارس، وعدُّ تأليف الكتب جريمة، وطبعها جريمة، والجامعة جريمة، وكل حركة علمية جريمة؛

لأنها تبعد من السعادة التي هي غاية الإنسان بطبعه، أو على الأقل يجب أن تكون غايته.

إذاً فلا بُدَّ أن يكون أحد الرأيين خطأً، أَمَا والناس يكادون يجمعون على فضل العلم،

وأنه وسيلة من وسائل السعادة فوجب أن يكون الرأي الأول باطلاً، ولكن أين وجه البطلان؟

وجه البطلان من نواحٍ عدة:
أولها: سوء تصور الناس للسعادة: فالرأي السائد فيها أنها حياة كسل لا يكدرها عمل،

وحياةُ حقوق لا واجب فيها، وحياةُ لذة مشتعلة لا خمود لها، وأكل شهي من غير عناء،

وتنوعُ ملاذٍّ من غير انقطاع، وارتواء باللذات من غير جهد، وبُعْدُ الآلام من غير أن يتعب في إبعادها،

وحضورٌ لكل ما يخطر بباله من مسرة من غير نصب في جلبها، ونحو ذلك.

وهو تصور فاشٍ بين الناس حتى عقلائهم، ومن لم يقله جهاراً اعتنقه سراً،

ومن لم ينله طمع فيه، وتحرق شوقاً إليه، ومن حُرِمه في الدنيا أمَّله في الجنة، وجعل عبادته وسيلة لإدراكه.

وهو تصور لمعنى السعادة باطل، وفهم خاطئ؛ وإني لأتخيل حياة من هذا النوع أشبعت فيها كل الرغبات من غير جهد،

وأتصور رجلاً أُجري عليه كل أنواع النعيم: من قصور فخمة، وحور، وولدان، وكل ما تشتهي الأعين، وتلذ الأنفس،

فأجده بعد قليل قد صرخ من السعادة، واشتاق إلى الشقاء، وإن شئت فقل: إنه يبحث عن سعادته في شقائه،

ويستبدل الذي هو أدنى بالذي هو خير، ويطلب الفول، والعدس، والبصل بدلاً من المن والسلوى،

ويفضل المرأة الشوهاء على المرأة الحسناء، ويشتهي جلسة على التراب بدل الأرائك والحرائر،

ويتمنى ساعة عذاب يتقي بها شر هذا النعيم المقيم.

هذا هو الإنسان، وهذه طبيعته، ليست سعادته في هدوء متضامن، ولا في ركود مستمر، إنما هي كما قال القائل:

سأطلب بعد الدار عنكم لتقربوا

وتسكب عيناي الدموع لتجمدا

والسعادة إنما هي في السعي للغرض أكثر منها في الغرض، والطريق إلى الغاية هو السعادة لا الغاية،

وإنما يسعد الإنسان باستخدام قُواهُ وملكاتِهِ لبلوغ غايته؛ فإذا بلغها تفتحت له غايات جديدة، وبذل فيها جهوداً جديدة،

وظهر في أثناء الطريق صعوباتٌ استخرجت أقصى الجهد في التغلب عليها، فشعر بلذة الجهد، ولذة الغلبة، ولذة اعتداده بشخصيته،

واستخدامه ملكاتِه، واستكماله نَفْسَه أكثرَ من لذاته بالغاية نفسها.

المعنى الخامل للسعادة
فلما تصور الناس السعادة بمعناها الخامل الذي ذكرنا نظروا فوجدوا كثيراً من العقلاء والعلماء محرومين منها،

فأفاض المحرومون في الشكوى، وصبوا على العالم(3) سخطهم،

ولو حسبوا حساب لذاتهم في السعي، ولذتهم العقلية في فهم الكون؛ ولذتهم في الكد في الطريق،

وإن لم يبلغوا الغاية، ولو وزنوا بالميزان الحقيقي سعادة الجهلاء، ولم يبالغوا في تقديرها،

لو فعلوا كل ذلك لصححوا حكمهم، وأدركوا خطأهم، ولقللوا من سخطهم على الزمان، ولعنتهم للدهر، وعتبهم على القدر.



 توقيع : كـــآدي






القلب يميل لـ من يجتهد في احتضانـه
واستيعابـه ، واحتـواءه ، يميل لمن يصارع
العالـم لأجلـه ، من يشتاقه بلا سـبب
ويأتيـه بلا سـبب ، من يبقى بجواره للأبد

رد مع اقتباس