05-18-2010
|
#138
|


الخشية والخوف من الله من أسباب مغفرة الذنوب (١)
حدثنا موسى بن إسماعيل ، حدثنا أبو عوانة ، حدثنا عبدالملك ، عن ربعي بن حراش ، قال : قال عقبة بن عمرو لحذيفة : ألا تحدثنا ما سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟
قال : إني سمعته يقول :
[ إن رجلاً كان فيمن كان قبلكم : أتاه الملك ليقبض روحه ، فقيل له : هل عملت من خير؟
قال : ما أعلم ، قيل له : أنظر ، قال : ما أعلم شيئًا غير أني كنت أبايع الناس في الدنيا ، وأجازيهم فأنظر الموسر ، وأتجاوز عن المعسر ، فأدخله الله الجنة ]
قال : وسمعته يقول :
[ إن رجلاً حضره الموت ، فلما يئس من الحياة ، أوصى أهله إذا أنا مت ، فأجمعوا لي حطباً كثيراً وأوقدوا فيها ناراً ، حتى إذا أكلت لحمي ، وخلصت إلى عظمي ، فامتحشت فخذوها فأطحنوها ، ثم أنظروا يوماً راحاً : فاذروه في اليم ففعلوا ، فجمعه الله فقال له : لِمَ فعلت ذلك ؟
قال : من خشيتك ، فغفر الله له ] .
قال عقبة بن عمرو : أنا سمعته يقول ذاك وكان نبّاشاً
والشرح المختصر للحديث القدسي المذكور :
"قوله : " وخلصت إلى عظمي " ، أي وصلت إليه
" فامتحشت " بالبناء للفاعل ، أو بالبناء للمفعول أي إحترقت .
وقوله :" يوماً راحا"ً :
هو بفتح الراء ممدودة ، وبحاء مهملة منونة ، أي كثير الريح .
وقوله : " فاذروه " بهمزة وصل ، وبذال معجمة ، أي طيروه في الريح حتى لا يجتمع .
وقوله : " ففعلوا " أي فعلوا ما أوصاهم به أبوهم .
" فجمعه الله " : أي جمع ذراته وأحياه
وقال له : " لم فعلت ذلك" ؟ أي لم أوصيت بإحراقك وذروك في الريح ؟
" قال : من خشيتك " أي فعلت ذلك وأوصيت به يارب من خشيتك ، وخوفا منك ،
فغفر الله له : " وكان نبّاشاً" أي كان هذا الرجل ، مع أنه لم يفعل خيرا بنّاشاّ للقبور ويسرق أكفان الموتى
وظاهره أن ذلك من قول عقبة ، لكن أورده إبن حبان من طريق ربعي عن حذيفة قال : توفي رجل كان نباشا ، فقال لولده : " أحرقوني"
فهنا سؤال : هل الخوف أفضل أم الرجاء (١)؟
فالجواب : قال بعضهم : سواء لايفضل أحدهما على الآخر .
ويقال : مادام الرجل صحيحا فالخوف أفضل ، وما دام مريضا فالرجاء أفضل .
ويقال : الخوف للعاصي أفضل ، والرجاء للمطيع أفضل .
ويقال : الخوف قبل الذنب أفضل ، والرجاء بعد الذنب أفضل
ويقال : الرجاء أفضل لأشياء أربعة :
أحدها : الرجاء إلى فضله ، والخوف من عدله ، والفضل أكرم من العدل .
والثاني : الرجاء الى الوعد ، والوعد من بحر الرحمة ، والخوف من الوعيد والوعيد من بحر الغضب ، ورحمته سبقت غضبه .
والثالث : الرجاء من الطاعة ، والخوف من المعصية ، ومن الطاعة مايعلو على المعاصي ، كالتوحيد .
والرابع : الرجاء بالرحمة ، والخوف من الذنوب ، والذنوب ذو نهاية ، والرحمة لا نهاية لها .
ويقال ... الخوف أفضل منه ، لأنه وعد بالخوف جنتين ، ولم يعد بالرجاء إلا جنة واحدة .
وأيضا الخوف يمنع من الذنوب ، وترك الذنوب أفضل من فعل الخيرات .
ويقال : من عَبدَ الله بالخوف فهو مؤمن ، ومن عَبدَ الله بالرضا فهو مرجىء ومن عَبدَ الله بالحب فهو زنديق ، ومن عَبدَ الله بالثلاثة فهو مستقيم .
.gif)
.gif)
|
|
|
|