الله هو الذي يقدِّم .. أنت ُتقدِم على الله فيقدمك ، وتتأخر عن الله فيؤخرك ، إذا الإنسان أخلص لله ألقى الله في قلب الناس محبته وهيبته ، من اتقى الله هابه كل شيء ، والإنسان إذا ازَوَّر عن الله، وأعرض عنه انتزع هيبته من قلوب الخلق، تطاولٌ، مزاحٌ رخيص، يمزح معه مَن هو دونه وقد ينال من كرامته.
المؤمن لا يبتغي الرفعة في الدنيا بل يبتغي الرفعة عند الله لكن الله عزَّ وجلَّ أجلّ وأكرم من أن يكافئه في الآخرة فحسب، ويدعه في الدنيا هيناً، فالدنيا تأتيه وهي راغمة تكرمةً له من ربه.
مادام الله عزَّ وجلَّ يقدم ويؤخر، أنت كعبد ألا تستطيع أن تتخلق بأخلاق الله ؟ أنت أمام ألف خيار ما الذي ينبغي أن تقدمه ؟ وما الذي ينبغي أن تؤخره ؟ المؤمن الصادق يقدم أعمال الآخرة، ويؤخر أعمال الدنيا.
إذا كان منهمكاً في عمل ودخل وقتُّ الصلاة، فإذا أخر الصلاة وتابع العمل فقد تخلف عن أن يتخلق بأخلاق الله، أما إذا قدم عمل الآخرة وأخر عمل الدنيا يكون عرف قيمة الدنيا، وعرف أنها مزرعة الآخرة، فكن ممن يقدم الأعمال الصالحة ففيها رفعة شأنك، ومن آثر الآخرة على الدنيا رح الدنيا والآخرة.
هناك أشخاص أرى نفسي معجباً بهم ففي حياتهم أولويات مثلاً حفاظه على أوقات صلواته، طلبه للعلم، طاعته لله عزَّ وجلَّ، فهو برمج حياته كلّها وفق هذه الأهداف، ووقته الزائد يصلح فيه شأن دنياه، فلن يؤثر نزهة على صلاة الجمعة ؟ ولن يقدم جلسة تافهة على مجلس علم ؟ دنياه مرتبتها الثانية في كل أحواله، يؤثر مرضاة ربه على سائر متطلباته.
📝 : محمد راتب النابلسي
|