لما هاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة المنورة ،وتنافس الأنصار في تكريم رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وحرصوا جميعاً على شرف الإقامة عندهم ،وكانت كل قبيلة تدعو رسولل الله صلى الله عليه وسلم هلم إلى المنعة يا رسول الله ، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم كلما أمسك بزمام ناقته قال: دعوها فإنها مأمورة ، ويخبرهم بأنها ستنزل حيث تبرك ، فبركت عند بيت أبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه ، فأخذ أبو أيوب رضي الله تعالى عنه متاع رسول الله صلى الله عليه وسلم عنده ، وأقام رسول الله في ضيافة أبي أيوب شهراً حتى بني المسجد ، وبنيت بيوت رسوول الله صلى الله عليه وسلم


وكان لأبي أيوب بيت من طابقين فأراد أن يكرم رسول الله صلى الله عليه وسلم بانزاله في الطابق الثاني ، فاختار رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يسكن في الطابق الأرضي حرصاً منه على راحة زواره ، ومع هذا فقد كان أبو أيوب وزوجه حريصاً ألا يزعج رسول الله صلى الله عليه وسلم بشيء يتأذى منه حتى ولو كان خطوة يخطوها أو ماء يهراق


روى الحاكم في مستدركه باسناد صحيح عن أبي أمامة الباهلي عن أبي أيوب الأنصاري قال : لما نزل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم قلت : بأبي أنت وأمي ، إني أكره أن أكون فوقك وتكون أسفل مني ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إني أرفق بي ان أكون في السفلى لما يغشانا من الناس فقال أبو أيوب : فلقد رأيت جرة لنا انكسرت فأهريق ماؤها ، فقمت أنا وأم أيوب بقطيفة لنا ما لنا لحاف غيرها، ننشف بها الماء فرقاً أن يصل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم شيء يؤذيه


هذا ومن الجدير بالذكر أن ابن عباس قد حفظ له هذا الفضل وكافأه عليه ، فقد روى الحاكم في المسترك بسند صحيح أن ابن عباس قد أمره علي بن أبي طالب على البصرة ، فجاءه أبو أيوب الأنصاري رضي الله عنه فقال له ابن عباس رضي الله عنه : إني أريد أن أخرج لك من مسكني كما خرجت لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، فأمر أهله فخرجوا وأعطاه كل شيء كان في الدار


لم يكن أبو أيوب الأنصاري ينتظر حين أكرم رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئاً كهذا ، ولكن ما حدث معه يدل على أن فعل الخير ينفع صاحبه في الدنيا والآخرة