الموضوع: اللمعان
عرض مشاركة واحدة
#1  
قديم 12-17-2017
Saudi Arabia     Female
لوني المفضل Pink
 عضويتي » 28327
 جيت فيذا » May 2015
 آخر حضور » 03-12-2024 (05:41 AM)
آبدآعاتي » 442,833
الاعجابات المتلقاة » 5766
الاعجابات المُرسلة » 4205
 حاليآ في »
دولتي الحبيبه » دولتي الحبيبه Saudi Arabia
جنسي  »  Female
آلقسم آلمفضل  » الاسلامي
آلعمر  » 17سنه
الحآلة آلآجتمآعية  » عزباء
 التقييم » لا أشبه احد ّ! has a reputation beyond reputeلا أشبه احد ّ! has a reputation beyond reputeلا أشبه احد ّ! has a reputation beyond reputeلا أشبه احد ّ! has a reputation beyond reputeلا أشبه احد ّ! has a reputation beyond reputeلا أشبه احد ّ! has a reputation beyond reputeلا أشبه احد ّ! has a reputation beyond reputeلا أشبه احد ّ! has a reputation beyond reputeلا أشبه احد ّ! has a reputation beyond reputeلا أشبه احد ّ! has a reputation beyond reputeلا أشبه احد ّ! has a reputation beyond repute
مشروبك   cola
قناتك fox
اشجع ithad
مَزآجِي  »  مبسوطه
بيانات اضافيه [ + ]
افتراضي اللمعان



لا يُذكرُ لهذه الظاهرة اسما ولا توصيفا ، ولا يستطيع كائن من كان أن يستحضرها .
وأكبر الظن أنها حالة لا شعورية تلمع لجزء من الثانيه ثم تختفي .
سحابة محمّلة بالرسائل تقتحم العقل وتنغمس في الوعي . كل شيء يموج بحضور كوني
غريب ، لا شبيه له من قبل ولا من بعد ينذر بموت مؤكد أو بخلق جديد .
رغم ذلك ما زال صاحبنا يقظًا ويملك قدرا من اللمعان أو يعيش اللحظات الأخيرة من الوعي .
سعيد الحظ أو تعيسه هو من يلتقط الرسالة المُحمّلة في هذه الومضة . يتلقّاها نورا
هادئا خفيفا لطيفا كاشفا ، أو أن تعبر خجولة إلى عالم النسيان .
يكاد يَذكر أنه حين تلقى هذه الومضة كان في حالة وعي ، لم يكن نائما ويحلم .
بينه وبين حلم اليقظة خطوة ويعبر . لكن شدّة لمعانها ووضوح الرسالة المرفقة
لم تسمح له التحليق في سماء الأوهام وأضواء النجوم .
بدأ العد التنازلي لرحيلك عن الدنيا يا انسان . الموت أقرب لك من أرنبة أنفك ،
فتأهَّب لإستقباله بفرح وسعادة .
هذا هو مضمون الرسالة المرفقة في الومضة .
عسيرة شاقة وصادمة .

نعم اسمي انسان . هكذا تفتق ذهن أبي عبدالله وقام بلطع هذا الإسم فوق جبيني .
لا تسألوني كيف ولماذا ، هي هكذا .

حسنا ، كلّنا سنموت . أما أن نعرف موعد زيارة عزرائيل لنا ! فهذا أمر غريب عجيب .
الحق أنه غير مقبول ولا محتمل . هل هو نوع من العقاب يا إلاهي ؟
سوف أعتبره هماّ إضافيّا أحمله فوق ظهري وأسير .
شَعَرَ بطعنة خارقة حارقة في جنبه الأيسر من الصدر ، تبعها سيل من العرق البارد .

الرسالة التي وصلت لم تحدد موعدا معينا للرحيل . ربما دقائق أيام أو أسابيع . لا أظنها ستمتد لأشهر .
هزَّ منكبيه استعدادا لعمل خطةَ ما قبل الموت . ترامى إليه صوت بائع الروبابيكيا وهو ينادي
على زبائنه ، رمقه بذهول متسائلا :
ــ كيف عرف أنني ربما أحتاجه ؟

وجد صاحبنا انسان نفسه في دوامة يصارع المجهول . هل يستسلم ؟ يجلس على الدِكة وينتظر ، أم يقاوم ؟
يقاوم القدر ، الموت ؟ لم نسمع أن هناك أحدا من البشر انتصر على الموت .
لكن بما أن السؤال الإجباري قد تسرب وموعد الإمتحان اقترب ، فلا بأس أن أحاول التخفيف من
شِدَّة وصدمة السقوط المدوي .

فوضى الأشياء التي يتركها الموتى تسبّب إرباكا للأهل ، الأسرة والأبناء لإعتقادهم أن الموت
سوف يستأذنهم ، وهم لا يعلمون أنه يباغتهم في لحظة غير محسوبة من وعيِهم المغرور والمُغَرَّر به .
قد تكون مقولة " اعمل لدنياك كانك تعيش ابدا واعمل لاخرتك كانك تموت غدا "
غير مناسبة لظرف انسان عبدالله المُرَشَّح للموت والمعلّقة روحه على بوابة الرحيل منتظرا أن تُفتح بين لحظة وأخرى .
ربما تكون هناك ديون أو ضرائب غير مدفوعة أو وعود مؤجّلة . وقد يكون هناك أيضا أوراقا ذات قيمة
انسانية أو ماديّة مبعثرة تحتاج إلى إعادة ترتيب . والثياب والحاجيات التي سوف يحرقونها بعد موتي ، .
والصور والذكريات . كل هذا سيجعلهم يحقدون عليّ ولا يتذكرونني بالخير .
هذه البدلة أحبها سأبقيها حتى أُكَفَّن بها وأنا في طريقي إلى القبر .
سوف أسوّي هذه الأمور وبأسرع وقت قبل أن يفاجئني الموت .
كل ما كان في نفسي ولم أفعله لسبب أو لآخر ، سأفعله الآن . حتى جارتي التي كانت تلاحقني
بنظراتها الوقحة ، سوف أستجِب لإغرائها وأشرب معها القهوة بغفلة من أم العيال .

تم كل شيء بالتمام والكمال . لم يبقى سوى تشريف ملك الموت .
جلس في البلكونة وبيده كأسا من الويسكي وبالأخرى سيجارة . لن يمنعه الأطباء بعد اليوم من السكر
ولا من التحشيش أيضا . ولتذهب نصائحهم لغيري من المغفلين .

خرج الطبيب من غرفة الإنعاش متجهمّا وقال متأثرا :
ــ البركة فيكم وربنا يصبّركم . حاولنا إنعاشه دون فائدة . كما تعلمون كان في غيبوبة امتدت لوقت طويل
كان رافضا للموت . نظراته كانت توحي أنه يروم الحياة ويلتمس إليها الوسيلة بلا طموح كاذب أو طمع قبيح .
أستطيع أن أجزم أنني من خلال متابعتي لحالته أنه كان يقظا لكل ما يجري حوله مع أنه كان غائبا عن الوعي
وكأنه في مهمة عليه أنجازها قبل أن يتوقف قلبه عن النبض .

انبعثت من صدور الأهل موجة استجابة حارة متفقة مع قول الطبيب .
دخلوا غرفة الإنعاش فارتفعت أصواتهم بحزن مكتوم وتتابعت همهماتهم بين تلاوة الصلوات وذرف الدموع :
ــ أين صوت الأب الحنون ؟
ــ أين رحمة السماء ؟
ــ أين اختفى البهاء والجلال ؟
ــ أنظرو إلى ابتسامته !



 توقيع : لا أشبه احد ّ!




رد مع اقتباس