لم يصمد الحب الكبير كثيراً أمام الاختلافات الكثيرة بينهما، ورغم المعارك الكثيرة التي خاضاها لكي يكلل حبهما بالزواج إلا أن زواجهما انتهى قبل أن يبدأ.
كان شاباً وسيماً وعلى قدر من التعليم وله مهنة تدر عليه دخلاً أكثر من جيد، والأهم من كل ذلك أنها أحبته بكل مشاعرها، وهو قدم لها قلبه وإخلاصه وعرض عليها الزواج، ورغم أنه من جنسية مخالفة، بل إنه ليس عربياً، إلا أنها قابلت عرضه بفرح شديد.
وكما توقعا لم توافق أسرتها على هذا الزواج، بل إن منهم من اعتبره وكأنه عار رغم أنه مسلم ولا مانع شرعيا من ارتباطهما، ولكن الأعراف الاجتماعية طالما اعتبرت مثل هذا الزواج مصيبة كبيرة تحل بالأسرة كلها، أما هي فقد أصرت على موقفها متحدية كل الضغوط التي واجهتها، وكان زادها في ذلك حبها.
أشهر طويلة مرت قبل أن تستطيع الحصول على موافقة أسرتها، ورغم أن أحدا منهم لم يكن سعيداً بهذا الزواج أو مرتاحا له، ولأنه من بلد غريب ليس لها فيه أقارب أو أصدقاء فقد اشترط والدها على العريس أن يشتري لابنته شقة ويكتبها باسمها كضمان لها، وأصر على طلبه رغم معرفته أن الشاب لم يتمكن بعد من جمع مثل هذا المبلغ..
ورغم محاولات ابنته اقناعه بالعدول عن هذا المطلب والتساهل مع خطيبها في الأمور المادية لأنه لايزال شابا في بداية طريقه. وأمام إصرار الأب على طلبه لم يجد الشاب أمامه إلا أن يطلب من أحد أصدقائه أن يشتري له الشقة ...
وأن يقرضه ثمنها، على أن تكون الشقة نفسها رهناً لهذا القرض، ووافق الصديق على هذا العرض وقام بشراء الشقة ودفع ثمنها ثم احتفظ بعقد البيع كرهن لضمان تسديد المبلغ. وبناء على تنفيذ العريس لطلبات أسرة عروسه فقد تمت الخطوبة وعقد القران. كانت تكاليف الزواج كبيرة بالنسبة له كشاب في بداية حياته، فقد اشترطت أسرتها الكثير من المميزات من ذهب وملابس وحفل وغيرها من المظاهر..
لذلك كان عليه أن يزيد من دخله ويعمل فوق طاقته ليسدد هذه الطلبات، وكان في قرار نفسه يحملها بعضاً من مسؤولية تحمله لهذا العبء، ويعتقد أنه كان بإمكانها أن تقنع أسرتها بالتخفيف عنه، ومن جهة أخرى كان منشغلاً بعمله ويعطيه جل وقته إن لم يكن كله.
أما هي فقد كانت وهو بعيد عنها عرضة للعديد من الضغوطات من أسرتها ومن صديقاتها، وكان الجميع يسخر بشكل جارح من اختيارها لشخص آسيوي، متخيلين أبنائها وتفاصيل حياتها بشكل كاريكاتوري ليضحكوا هم بينما تشعر هي بغصة وحرقة، وفي نفس الوقت كان هو منشغلاً عنها ولا يساندها لتستطيع تجاوز هذه المشاعر والمخاوف التي أصبحت تستولي على عقلها وقلبها شيئاً فشيئاً.
حتى أخذ الشك طريقه إلى قلبها ولم يستغرق الأمر كثيراً قبل أن تتخذ قرارها بإلغاء هذا الزواج، فتقدمت إلى محكمة أبوظبي بطلب خلع زوجها، وأمام القاضي تم الطلاق بعد أن وافقت على ترك الشقة التي كانت شرط والدها لاتمام الزواج.
لم تنته الحكاية عند هذا الحد، فقد تقدمت بدعوى أمام محكمة أبوظبي المدنية تطالب بثمن الشقة التي كانت شرط زواجها، وقالت إنها تكفلت بدفع ثمنها لصديق زوجها بناء على طلبه، وأبرزت إيصال تحويل المبلغ إلى الرجل الذي أقرض طليقها ثمن الشقة. أما هو فقد أنكر أن تكون قد حولت المبلغ من مالها الخاص، وأكد أنه كان قد أعطاها المبلغ كأمانة.
من جهتها المحكمة اعتبرت أن إيصال التحويل غير كاف لإثبات أن المدعى عليه مدين لها بالمبلغ، فالتحويل ليس له، وليس هناك مايثبت سبب التحويل ولا مناسبته، سيما وأن المدعى عليه أنكر أن يكون مديناً لها بالمبلغ، ولا يوجد بالأوراق أي مستند أو إقرار يبين أنه مدين لها بالمال، وبناء عليه قضت المحكمة برفض الدعوى.