عرض مشاركة واحدة
#1  
قديم 09-12-2016
Saudi Arabia     Female
لوني المفضل Aliceblue
 عضويتي » 28440
 جيت فيذا » Jul 2015
 آخر حضور » منذ 6 يوم (08:42 AM)
آبدآعاتي » 379,218
الاعجابات المتلقاة » 2471
الاعجابات المُرسلة » 1007
 حاليآ في » الريــآآض ع ـــشقي
دولتي الحبيبه » دولتي الحبيبه Saudi Arabia
جنسي  »  Female
آلقسم آلمفضل  » الاسلامي
آلعمر  » 29سنه
الحآلة آلآجتمآعية  » مرتبطه
 التقييم » كـــآدي has a reputation beyond reputeكـــآدي has a reputation beyond reputeكـــآدي has a reputation beyond reputeكـــآدي has a reputation beyond reputeكـــآدي has a reputation beyond reputeكـــآدي has a reputation beyond reputeكـــآدي has a reputation beyond reputeكـــآدي has a reputation beyond reputeكـــآدي has a reputation beyond reputeكـــآدي has a reputation beyond reputeكـــآدي has a reputation beyond repute
مشروبك   cola
قناتك mbc
اشجع shabab
مَزآجِي  »  سبحان الله
بيانات اضافيه [ + ]
785850 لا تزال هناك بداية جديدة ...!



أفاق مرتعبًا بعد سباتٍ طويلٍ على صوت عواء ذئب، بمشقةٍ بالغةٍ رفع رأسه المغروزة في الرمال، حاول مسح حبات الرمال العالقة بجفنيه؛ فوجد يديه مكبلتين بالحبال، هز رأسه بقوةٍ لينفض ما علق بوجهه وعينيه ليستبين ملامح الأشياء من حوله، فوجد الظلام الحالك مُسْدِلاً عتمته على كل ما تقع عليه عيناه، إلا من انبثاقة نجم بازغٍ في السماء تُحيط به هالة مشعة مؤنِسة، أخذ يُصيخ السمع فلا يصل إلى أذنيه سوى عزيف الرياح، وعواء متقطع ينداح في الآفاق بين فينة وأخرى، فأدرك أنه في قلب الصحراء، بعيد عن المدن أو طرق عبور السيارات!

سَرَتْ في جسده قشعريرة خوف، غير أنه استجمع رباطة جأشه وجلادته التي تشرَّبها من تصاريف الأيام، رغب في أن يعتدل في جلسته؛ فوجد رجليه مكبلتين كذلك، وأحس بخدرٍ يضرب أوصاله، فأدرك أن ذلك من طول سباته على هذه الهيئة، واستشعر آلامًا برأسه ذكَّرته بتلك الضربة المفاجِئة التي تلقاها وهو خارج من اجتماع الظهيرة الذي كان يُرتب فيه لإحدى صفقاته المشبوهة.

انتابته لحظة يأسٍ حين نظر إلى ما حوله، فلم يجد إلا الهلاك متربصًا به، وحانت منه التفاتة إلى نجم السماء المنير، فتذكر ربه ودعاه أن ينجيه مما هو فيه من هلاك محدق به، فتذكر من فوره تلك السكين التي يخبئها عادةً داخل حذائه الأيسر.

أخذ يتحرك بهدوء لئلا يلفت أنظار الضواري المتربصة ليلاً بفرائسها، وجَعَلَ يحرك رجله اليسرى محاولاً خلع حذائه الذي ينتعله فيها، ثم استدار وجعل رأسه مكان رجليه، وقرَّب فمه ليلتقط السكين بأسنانه.

أخذ يقطع الحبال التي تُكبل يديه بالسكين التي تطاوعه مرةً وتسقط من بين أسنانه مرات، في الوقت الذي كانتْ فيه أفكاره تطارده متحسِّرًا على حاله الذي وصل إليه، والطريق التي سار فيها، وهو الذي نشأ حافظًا للقرآن على يد والده، كان منذ زمن يُسوِّف تلك البداية الجديدة الطاهرة التي يُمنِّي نفسه بها؛ أسرة صغيرة، وعمل شريف، ولكن تسويفه أوصله إلى أن تَمَّ اختطافه مِن قِبَل منافسيه الأشقياء الذين ألقوا به في غياهب هذه الصحراء.

نجح أخيرًا في تحرير يديه، ومن فوره أخذ يمزِّق الحبال التي تُقيِّد رِجليه إلى أن تحرَّرتا.

دبت في قلبه مشاعر فرح عارم، وأخذ يتنفس بعمق وقوة، واستشعر حلاوة الهواء النقي، وهو ينظر إلى السماء باسمًا.

ثم أطرق مفكرًا في الطريق التي يسلكها، حتى يخرج من هذه الصحراء الموحِشة المُهلِكة، ففي غياهب هذه الرمال التي لا نهاية لها قد يلفظ أنفاسه الأخيرة متيبس الحلق من شدة العطش، متحرِّق الجِلْد من شدة أشعة الشمس.

لم يشعر إلا ولسانه يلهج قائلاً:
• يا ربِّ أرني الطريق.

قعد في مكانه لا يلوي على شيء، وفي رأسه صخبٌ من الأفكار لا علاقة له بتلك الوحشة الرابضة في المكان المحيط به، وبعد ساعة أو ساعتين، رأى من بعيد نورًا خافتًا يقترب على استحياء، فوافاه أمل بأن النجاة قريبة، وأن حياة جديدة ترنو من بعيد.

أخذ يدقق النظر فيما هو آتٍ، فعرف أنها سيارة تسير في أحد (المدقّات)، ظل متأهبًا ينتظر اقترابها إلى أن دنت منه، فأخذ يصرخ ويجري نحوها، يقوم ويسقط من فرط الإعياء والتعب وتلك الكدمات والسحجات التي تملأ جسده، إلى أن توقفت سيارة (جيب) بالقرب منه.

نظر إليه راكبوها في رهبة واستغراب، ثم سقَط مغشيًّا عليه من التعب، فنزلوا مسرعين، وأدخلوه سيارتهم.

أفاق بعد وقتٍ لا يدري مقداره.

بزجاجة ماءٍ مد إليه الراكبُ بجواره يدَه، فتلقَّفها منه، وسكبها في جوفه، ثم قال له السائق:
• لن نسألك الآن عن قصتك، فالإعياء بادٍ عليك... ولكن ما الجهة التي تود الذهاب إليها؟

فتح النافذة التي بجواره، وملأ صدره بهواء الليل العليل، ثم نظر إلى ذلك النجم البازغ في السماء، فآنسته هالة النور التي تُحيط به، وسكت برهة ثم غمغم هامسًا:
• إلى بداية جديدة.



 توقيع : كـــآدي






القلب يميل لـ من يجتهد في احتضانـه
واستيعابـه ، واحتـواءه ، يميل لمن يصارع
العالـم لأجلـه ، من يشتاقه بلا سـبب
ويأتيـه بلا سـبب ، من يبقى بجواره للأبد

رد مع اقتباس