الام وشجرة الزيتون
بقلم : عبدالله
كانتْ أَمْهُ تُراقِبَهُ ، وَهيَ أشَدُ النّاسِ لهُ نُصْحَاً واقتِرَاباً ..
تُحِبُ أنْ تراهُ وتتأمَلهُ فيْ كلِّ مَرةٍ تَجلسُ اليهِ .. وكأنَهَا لأوَّلِ مَرةٍ تَراهْ ..
حُبَها لهُ لا يَفْنَ ولا يَنقَضِ ،
جَلسَتْ إليهِ مرةً تُريدُ الاسْتِئنَاسَ بَوجودِهِ ، بَيْدَ أنْ اسْتئناَسَهُ الىَ الكِتَابَةِ الدَائمَةَ لا يَتَوَقَفْ عِنْدَ حَدٍ .
مُوْلَعٌ هُوَ بالكِتَابَةِ على نحوٍ عظيم ، وَفِيْ أيِّ حَالٍ و أيِّ وَضْعٍ كَانْ لا يتوقف ولا يتوانْ .
الشَّيءُ المُلْفِتُ للانْتِبَاهِ انْ وَحْي الكِتَابَةِ يَأخذُ اوْضَاعَه المُتَعَدِدَةٌ التي ألفَها الجَمِيع ممن يحيطون به.
لكنْ انْ تأخذَ اتجَاهَا مُغَايِرا غَيرَ مَألوفٍ فَهذا مَا لاَ يَتَقَبَلَهُ العُرَفُ وَالمِنْطِقُ لديهم . وَيَدْعُوْ الىَ كثرةِ التَّسَاؤُلِ
هذه المرة حَمَلَ سُلَمَاً ، وَركزهُ في حَدَيْقَةِ مَنزلِهِ . فَتحَ السّلمَ وَجلسَ علىَ اسْتِراحةٍ السُّلَّمِ العُلْوَيَةِ .
طلبَ مِنْ وَالدِتِهِ انْ تُنَاوِلَهُ قَلمَهُ وَمَذَكِرَّتَه . وهيْ تجلسُ على كرسيْ أمامه .
وَشَرَعَ يُدَوَّنْ مُقَالَةً يَدْعَمُ بَها صَحَيْفَتَهُ اليَوْمِيَّة . الامُ تَنْظرُ إليهِ مِنْ تحتَ السُّلّمِ باستغراب وَتَسَألُه ،
مَاذَا تَفعلُ هَنَاكَ يَا بُنِي ؟
رَدَّ عَلَيْهَا بِهُدوْءٍ تَامَ ~أُكتُبُ يَا أُمَّاه مَوْضُوْعَاً .
كَانتْ امُّهُ فِيْ غَايَةِ الدَّهشَةِ ، بَيْدَ أنَّهُ يَضِيْفُ إليْهَا مُوْقِفَاً جَدِيدَاً مِنْ مَوَاِقفِ الاسْتِغرَاب ،
وهوَ مَوقفٌ لاَ تُصَدِّقُهُ . ويرسمُ على محياها كثيرا من علاماتِ التعجب والاستغرابِ الشديدْ
بَعْدَ حَوَالَىَ نصِفُ السَّاعَةِ ترجلْ عَنْ السَّلّمِ . طَلَبَتْ إليهِ أنْ يَقْرَأ عيها مَا كَتَبَه .
قَالَ : يَا أُمَّاه الحَقَيْقَةُ إنّنَيْ كُنُتُ أنظر وأتأمل فقط شَّجَيرَةَ الزّيتون ، في حَدِيقَةِ بَيْتِ الجِيْرَاَنِ . وأحاولُ انْ ارسمها.
قَالَتْ الامْ : لكنْ هذا أمرٌ مُعَيْبٌ يا بنيْ .. وأيَّةُ شَجَرَةٍ هذه ؟ أهيْ جَمِيلةٌ وجَذَّابَةٌ الىَ هَذَا الحَدْ ؟
لمْ تقتنعْ الامْ بما رواهُ ابنها لها ، وبدى الامر بالنسبةِ لها ، ان فيهِ شيء من الفضول والاستكشافْ معا .
تَسَلَقَتْ الأمُ السّلمَ بِثُقْلٍ ، دَرَجَةً درجَةً وهو ممسكٌ به ، يخشى عليها السقوط ، لِترىَ شَجَيرَةِ الزيتون .
كان أبْنَهَا يَنَادِيَها ـ لا . لا تَصْعَدِيْ يا أُمَّاه ، أخَشَىَ عَلَيْكِ من الوُقُعَ . لكنْ الام اصرتْ ومضتْ فيْ التسلقْ .
اسْتَقَرْت الأمُ علىَ السّلمِ وَهي تُنْظُرُ إلىَ الناحية الاخرى لترى الشَجَرَةِ المُطَّلَةِ .
لمْ يلْفِتْ اِنْتِبِاه الأمْ ، شَجَيرَةُ الزَّيْتُوْنِ . بَلْ لَفَتَ انتِبَاهَهَا " عصارة زَيْتُ الزَّيْتُونِ "
كانْت " ابِنْة الجِيْرَانِ " اذ كانتْ الفتاة فيْ غفلة من امرها ، اذ تستنشقُ الهواءَ الطلق وقتْ المساءْ كعادتها.
نَزَلتْ الأمُ عَنْ السَّلمِ وَقَالَتْ : حقا لقد كُنتَ تَخَشَىَ عَليَّ الوَقُوْعِ من السلم يَا بُنِي ؟!!
بَلْ انتَ مَنْ وَقَعَ وَقْعَةَ ابَاهُ من قبل يَا بُنَّيَّ . عليك أن تحذَرْ فِيْ المَرَّةِ القَادِمَةِ مِنْ وَقْعَةِ السِّلمِ
أوْمِنَ الوقوعْ في حبْ عصارة شَجَيرَةِ الزَّيْتُوْنِ . إياكَ ثم إياكَ انْ تكرر التجربةِ ...
المهم ، انني برئ لستُ انا