عرض مشاركة واحدة
#1  
قديم 02-07-2015
    Male
SMS ~ [ + ]
♡ ♪ •بعض الأشياء :لا يَليقُ بها البوح..
تجدُ ملاذههَا في الصّمت وكفى !
لوني المفضل White
 عضويتي » 28111
 جيت فيذا » Jan 2015
 آخر حضور » 12-28-2018 (06:06 PM)
آبدآعاتي » 62,231
الاعجابات المتلقاة » 1
الاعجابات المُرسلة » 0
 حاليآ في »
دولتي الحبيبه » دولتي الحبيبه
جنسي  »
آلقسم آلمفضل  »
آلعمر  »
الحآلة آلآجتمآعية  »
 التقييم » ليّےـلى has a reputation beyond reputeليّےـلى has a reputation beyond reputeليّےـلى has a reputation beyond reputeليّےـلى has a reputation beyond reputeليّےـلى has a reputation beyond reputeليّےـلى has a reputation beyond reputeليّےـلى has a reputation beyond reputeليّےـلى has a reputation beyond reputeليّےـلى has a reputation beyond reputeليّےـلى has a reputation beyond reputeليّےـلى has a reputation beyond repute
مشروبك
قناتك
اشجع
مَزآجِي  »
بيانات اضافيه [ + ]
s20 تأمُّلات في سِيَر القدوات



بعد غزوة حُنَين قسم النبي صلى الله عليه وسلم الغنيمة بين أصحابه، فقال رجل: (ما أراد محمد بهذا وجه الله) فانطلق ابن مسعود - رضي الله عنه - إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبره بذلك، فتمعَّر وجهه الشريف وقال: «رحم الله موسى قد أُوذِي بأكثرَ من هذا فصبر»[1]؛ فما الذي أوذي به موسى -عليه السلام - حتى تعزَّى رسول الهدى صلى الله عليه وسلم به في مثل هذا الموقف من بين سائر الأنبياء؟

تأملتُ هذا في حاله - عليه السلام - مع قومه وما قص الله - عز وجل - علينا في كتابه من خبره فوجدت أمراً انفرد به في ظهوره وتجلِّيه عن إخوانه من الأنبياء - عليهم السلام - وله ارتباط بالخبر الذي افتتحتُ مقالتي به، وكثيراً ما عانى من هذا الأمر الدعاة والمربون والسائرون على خطى الإصلاح للمجتمع والأمة، وكان عائقاً لبعضهم عن مواصلة السير أو مُضْعِفاً له.

إذا كنا نتفق على أن تجاهل الجميل ونسيان الإنعام صعب وشاق على من وقع في حقه؛ فكيف إذا كان أسوأ من ذلك؛ بمقابلة الإحسان بالإساءة والعدوان، والكرم باللؤم والدناءة؟ لأن النفوس كثيراً ما تتعلق بالمكافأة العاجلة والثناء الحاضر، وتحبُّ تثمين الجهد الذي قامت به ونصبت من أجله، وهذا حق وواجب للمحسن ليُكافَأ مقابل إحسانه.

ولكن هذا - غالباً - لا يتأتَّى، ولا يُنَال في عتبات الإصلاح، ولا بد لمن أراد الثبات والترقي من قدواتٍ يستلهم من سِيَرهم ما يكون زاداً ووقوداً يقويه عند الضعف، ويدفعه عند التباطؤ.

ولعلِّي أعرض طَرَفاً من حال الكليم - عليه السلام - ثم نعرِّج على بعض ما فيها من الدروس والعبر. ويصور هذا العناءَ موسى - عليه السلام - في اللقاء العلوي السماوي مع نبينا محمد صلى الله عليه وسلم فيقول: «وإني - والله - قد جربت الناس قبلك، وعالجت بني إسرائيل أشد المعالجة»[2].

تأمل معي حال بني إسرائيل قبل بعثة موسى - عليه السلام - وكيف وصفهم الله بأنهم: {الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الأَرْضِ} [القصص: ٥] وفرعون {يُذَبِّحُ أَبْنَاءَهُمْ وَيَسْتَحْيِي نِسَاءَهُمْ} [القصص: ٤]، ثم مع كل هذا الاستعباد والذل والمهانة، ينجيهم الله من كل ذلك على يدي موسى - عليه السلام - في آية باهرة وقدرة قاهرة، ويهلك عدوهم الطاغية، ثم لا تجف أقدامهم من البحر إلا وقد رفعوا حناجرهم عند رؤية أولئك الوثنيين قائلين: {اجْعَل لَّنَا إلَهًا كَمَا لَهُمْ آلِهَةٌ} [الأعراف: 138]؛ فيالله ما أشد وأقسى وقع هذه الكلمة وهي تطرق سمع موسى - عليه السلام - مناقضة لأعظم المقاصد التي يحملها في دعوته ورسالته التي من أجلها قارع فرعون وقاومه، ومع ذلك لم يزد على أن قال: {إنَّكُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ 138 إنَّ هَؤُلاءِ مُتَبَّرٌ مَّا هُمْ فِيهِ وَبَاطِلٌ مَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [الأعراف: 138 - 139]، ثم ذكَّرهم نعمةَ الله وفضلَه عليهم: {قَالَ أَغَيْرَ اللَّهِ أَبْغِيكُمْ إلَهًا وَهُوَ فَضَّلَكُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ} [الأعراف: 140]، فحافظ على هدوئه، واستمر في منهجه، ولم تهن عزيمته.

ولم يقف الأمر عند هذا، فلم تمضِ إلا فترة يسيرة ويذهب بعدها لميعاد ربه، فيخبره الله - تعالى -: {قَالَ فَإنَّا قَدْ فَتَنَّا قَوْمَكَ مِنْ بَعْدِكَ وَأَضَلَّهُمُ السَّامِرِيُّ} [طه: 85]، فيرجع إليهم {غَضْبَانَ أَسِفًا} [طه: 86]، فهذه المرة لم يكتفوا بالقول، بل عبدوا العجل بالفعل ولم يراعوا وجود أخيه نبيِّ الله هارون الذي نهاهم وحذَّرهم، ولا التفتوا لتعاليم موسى - عليه السلام - الذي أرشدهم وعلَّمهم، وما أقاموا وزناً لحق ربهم - جل وعلا - الذي خلقهم وصوَّرهم.

ومع هذا الانتهاك الصَّارخ والاستهتار البالغ يعالج الأمر ويدرؤه، ويعظهم ويرهبهم، ثم يأتيهم بعد ذلك بالتوراة فيها حكم الله، قد كتبها الله إكراماً من لدنه وإنعاماً، فيأمرهم باتِّباع ما فيها فيأبَون ويمتنعون حتى يبيِّن لهم ما فيها من الأحكام؛ فإن كانت سهلةً قبلوها وإلا رفضوها، ولم يستجيبوا لِما فيها حتى رفع الله فوقهم الجبل عقوبةً: {وَإذْ نَتَقْنَا الْـجَبَلَ فَوْقَهُمْ كَأَنَّهُ ظُلَّةٌ وَظَنُّوا أَنَّهُ وَاقِعٌ بِهِمْ خُذُوا مَا آتَيْنَاكُم بِقُوَّةٍ وَاذْكُرُوا مَا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} [الأعراف: ١٧١]، فيتوعدهم الله بإسقاط الجبل عليهم إن لم يقبلوا ويتوبوا، فسجدوا كرهاً وهم رافعو الجباه يرمقون الجبل خشية سقوطه عليهم[3].



 توقيع : ليّےـلى


رد مع اقتباس