السلام عليكم ورحمة الله وبركاته لو أن رجلا امتلك طبقين أحدهما مليء بأفخر أنواع الحلوى والآخر فارغ. ووقف في طريق فمر به لص فسرق قطعة حلوى ففرح صاحب الطبق جدا وابتسم له ورحب به. ثم بعد وقت قصير إذ بنفس اللص يسرق قطعة أخرى فيفرح الرجل أكثر ويرحب به. وتكرر الأمر كثيرا والرجل على حاله يفرح باللص وبما فعل. ويا ليت الأمر وقف عند هذا الحد بل إن اللص أحضر بعض القاذورات ووضع في طبق الرجل الفارغ والرجل يفرح ويرحب فذهب وعاد ليضع له قاذورات أخرى ففرح ورحب وظل الأمر هكذا والرجل على خطر كبير فقد أوشكت الحلوى أن تنفد وأوشك طبقه الفارغ أن يملتئ بالقاذورات وهو لا يهتم بهذا . حق لنا جميعا أن نعجب من أمر رجل كهذا لو وجد فعلا بيننا . طيب وماذا تفعل لو وجدته ؟ لا شك أن عليك أن تبصره بعظمة ما يفقده من الحلوى وبقبح ما يجمع له اللص من القاذورات وأن اللص عدو له وعليه دفعه . حقيقة يا أسرة برق ربما كنا نلتقي يوميا برجل شبيه بهذا الرجل ! نعم إنه المسلم الذي أخذ الشيطان يسرق من عبادته فصار مقصرا في صلاته يؤخرها أو ينام عنها أو يجمع بينها في غير عذر شرعي (وركز على كلمة عذر شرعي ) والغريب أنه لا ينتبه لذلك ولا يحزن له ولا يرى فيه مشكلة. بل وربما هجر القرآن إلا في رمضان أو ينقص ورده تدريجيا فالجزء صار نصف جزء ثم أقل فأقل حتى هجره. ومع هذا فصاحبنا لا يرى في هذا مشكلة . الحياة تمر والعمل والأسرة و و ويشغله وهو فرح بهذا ولا يشعر بقيمة ما يفقد. ما عاد يحافظ على ورد الأذكار صباحا ومساءا والأذكار الموظفة (التي ترافق كل حال من أحوال المسلم كخروجه من بيته ودخوله الخلاء وركوب المواصلات و و و) يحدث هذا وصاحبنا يسرقه الشيطان وهو عن ذلك مشغول. شغلته أعماله أو شغله أصحابه أو أو أو عن دروس العلم وتحصيله وهو يعلل لنفسه ويسكن ضميره الذي يؤنبه ويسوف (سوف أحضر سوف أسمع سوف أقرأ) قسا قلبه فما عاد يتصدق على محتاج أو يرحم ضعيفا وهو يبرر لنفسه ان ضغوط الحياة وأعباء المسؤولية وترت أعصابه وجعلته في حاجة لكل مليم ونسي أن الصدقة ليست مشروطة بمقدار وأن الله يخلف على المنفق ويبارك له فيما رزقه وأن الملك يدعو للمنفق بالخلف. ليس هذا فحسب بل فإن هذا المسكين الذي لم ينتبه لسرقة الشيطان لعبادته وجعله يتركها واحدة بعد الأخرى بل إن صحيفة سيئاته في زيادة دوما فبعدما جهر القرآن حلت محله الأغاني مع أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (((" لَيَكُونَنَّ مِنْ أُمَّتِي أَقْوَامٌ يَسْتَحِلُّونَ الْخَزَّ وَالْحَرِيرَ وَالْخَمْرَ وَالْمَعَازِفَ ))) لكنه رغم تلك المعصية وكل معصية فهي بمثابة القاذورات التي تلقى في قلب العبد وصحيفته فرغم تلك القاذورة إلا أنه لم ينتبه بل فرح بها معللا لنفسه أن النفس تحتاج لترفيه _ومن قال لك يا مسكين بأن ترفيه النفس يكون بما حرم الله ؟_ وبعدما شح بالصدقة جره الشيطان لمنع الزكاة فكانت قاذورة جديدة ثم بعدما ترك مجالس العلم انجر لمجالسة العصاة أو على الأقل يجالس من لا يساعده على طاعة ولا يشجعه عليها . وبعد قيام الليل صارت سهرة في مقهى وأخرى امام فيلم وثالثة في مكالمة ورابعة أمام النت .... إلخ. بل ربما سهر أمام مباح لكنه أفرط في السهر فنام عن الفجر فصارت الجلوس أمام المباح في تلك الحالة محرما لأنه أفضى إلى محرم . وبعد لبس النقاب أو الواسع صار لا مانع من لبس التونيك ثم ارتفع التونيك ليصير بلوزة وجيبة ثم ليصير بلوزة وبنطالا ثم يضيق البنطلون وتصف البلوزة العورات ثم ثم ثم. كل هذا والشيطان يلقي بالقاذورات في صحيفة المسكين والمسكين سعيد راضٍ لكن إذا أقبل يوم الحساب فهناك تكون الحسرات ولا جدوى فقد قضي الأمر وابيضت وجوه واسودت أخرى وصار المصير لجنة أو لنار هنا يندم كل مفرط وحق له ذلك. لكن هل يفيد؟ هذا أمر مرده إلى الله فإن شاء غفر وتجاوز وإن شاء عذب . فلا تجعل نفسك ممن قال الله فيهم : (((حَتَّى إِذَا جَاء أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ (99) لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحاً فِيمَا تَرَكْتُ كَلَّا إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا وَمِن وَرَائِهِم بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ (100) ))) ولنتذكر دوما قول الله: ((( فَمَن ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (102) وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فَأُوْلَئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنفُسَهُمْ )))

احُب كل شي كان رحمه لي من الله