.. *

جنان طفلة موجوع
،

تجلس القرفصاء
والقلب حزين
هادئة تواجه لفح الهجير
ومضنة علياء
الرعي أضناها
أضناها السقي و حمل السقاء
هزت يدها هكذا تحجب حر الشمس
مالت الجرة ... ضاع الماء
تعلم كم من دمعة كان عليها أن تذرف حتى
تبلغ الينبوع الشحيح
تعلم كم من عبرات ستذرف بعد الجزاء
عن تأخرها ما جعل الشياه
لا تقفل إلا عند حلول المساء
عن تأخرها ما جعل الماء
نصفه قد تبخر في الأجواء
غير أن شدو الطير إلى حين
أنساها البكاء
صارت مثلما شاعر
مأسورة هذا الغناء
فصداه
يملأ سحرا كل الأرجاء
سارت تقتفي نبعه غير مبالية
باختلاف الجهات
قبلتها نزق فيه بهاء
أو فراش يرنو بألوان القزح
.. وترنو مثله في نشوة الأبرياء
حقا يكفي درس خطه الريف على
جبهتها فما بال كراسة المدرسة السوداء
فجأة كالشبح تظهر في الأفق
توعدها بالعقاب
كلما أخفقت المسكينة ساء
كيف يعرب مفعول
أو حال أو مبتدأ
للطرح
تعقيد كذا القسمة و الجذاء
ما أشقى الصرف
و التحويل و الإنشاء
حقا يكفي درس خطه الريف على
جبهتها فما بال كراسة المدرسة السوداء
لا تسائلها عن
أسماء الزهور
أو الطيور
أو عن إحساس الخراف
وهي ترعى
في الخلاء
لا تسائلها عن
مطلع الشمس ما سر رونقه
ما سر الضحى الوضاء
ما طعم اللبن و الخبز البارد في العشاء
ما سر الحفاء
ما سر العراء
لا يزيدانها غير صمود
في القر و في الرمضاء

*نص رائع للأديب (عبدالغفور مغوار )

ربي يحفظك لي ياأمي ولايحرمني اياك