منتديات قصايد ليل

منتديات قصايد ليل (http://www.gsaidlil.com/vb/index.php)
-   …»●[مثاليــة أفلاطــون للمجتمـع الواحد]●«… (http://www.gsaidlil.com/vb/forumdisplay.php?f=5)
-   -   فرص هاربة (http://www.gsaidlil.com/vb/showthread.php?t=79567)

جنــــون 06-04-2015 11:11 PM

فرص هاربة
 
قال لي حين لقيته إنه يعتبرني هدية من الله! وإنه سيفعل ويفعل، وصدّقته فيما يقول؛ ومضيت معه إلى آخر الشوط بعفوية, دون أن أسمح لنفسي بالشكّ أو التردد. ما الذي يدعوه لأن يقول غير الحقيقة؟ إنها الفرصة التي كنت أنتظرها وطالما حُجبت عني، فهذا أوانها، وكل شيء بأجل، ولكل أجل كتاب.
ازدريت أعمالي الصغيرة التي كنت أحاولها، وأبذل فيها مزيد جهدي، وأمدّ فيها رجلي على قَدْر لحافي.. لم يعد ثمة معنى لأن أعملها بعد اليوم, وقد فتح لي هذا الفتح.
يوم فيوم فثالث، تأخّرت الفرصة قليلاً، لكن لا بأس، فضخامتها تعوّض عن تأخيرها، موعد يتأجل، ثم يحدث القلق، ثم بدا كأن الفرصة تهرب، وأخيراً هربت حتى لا أراها!
عدْ إلى أعمالك الصغيرة الوفيّة، تحقق عبرها إنجازك، وتكسب الرزق اليومي لمشروعك الدعوي, أو الفكري, أو الإصلاحي, أو لدنياك, أو أسرتك, أو حاجاتك المعاشية؛ فالسيل من نقط.. أين هي الفرصة الكبيرة الهاربة؟
أتراها كانت برقاً خُلّباً، لا مطر ولا أثر؟ ربما:

وما كُلُّ بَرقٍ لَاحَ لِي يَسْتَفزُّنِي وَلَا كُلُّ مَن لَاقَيتَ تَرْضاهُ مُنْعِمَا
إِذَا قِيلَ: هَذَا منْهلٌ؛ قُلْتُ: قَدْ أَرَى وَلَكِنَّ نَفْسَ الحرِّ تَحتَمِلُ الظّمَا!
ربما كانت وهماً، أو خَطْرة عابرة في نفس صاحبها, ما تلبّث أن تزول, أو لعل الحسابات اختلفت باختلاف ظروفه؛ فقد جدّ لديه جديد في مسائل متعسرة, أو متعثرة فانفتحت أبواب، وتيسرت أسباب، وتغيّرت تبعاً لذلك وجهة التفكير.
أو لعله وجد سبيلاً أقوم وأفضل لتحقيق ما يريد، ولقي غيرك ممن هو خير منك له، أو لعل همساً خفياً أثار عنده المزيد والمزيد من الحسابات والأسئلة والاحتمالات، فتوصّل إلى إغلاق الباب، ثم النوافذ أيضاً!
أو.. أو..
هذه فرصة هاربة.. قد يكون مهماً أن تعرف لماذا هربت، وأين ذهبت، لكن الأهم ألاّ تخدعك مرة أخرى!!
الحياة ترشد إلى أن 80% من الفرص التي تعرض لك؛ هي فرص هاربة، وإن كان هذا يتفاوت من إنسان لآخر، فالنسبة هي حسب تقديري الشخصي المحض.
يكفي أن تظفر ب 20% من الفرص، وتقبض عليها، وتطوّرها، وتهتم بها، فهي مادة نجاحك، وخريطة إنجازك، لا تستهن بها وإن كانت صغيرة، فميزتها أنها متاحة، ولا حاجة للبكاء على فائت، وميزتها أنها مستسلمة لك, قابلة للعمل لديك حتى تهجرها أنت, وتذهب إلى أخرى أكثر شباباً وجمالاً ودلالاً، لتذهب هي إلى المعاش راضية قانعة، وعيبها أنها صغيرة!
وميزتها أنها فرص تصنعها أنت، وليس تنتظر الآخرين أن يصنعوها، أو يقدموها لك، أو حتى يساعدوك عليها.
تاريخ الإنسان تصنعه الفرص الصغيرة المتاحة التي يعمل عليها، وليس من الحكمة أن يحتقر المرء هذه الفرص أو يزدريها, ويمدّ عينه إلى ما عند الآخرين، فكل ميّسر لما خُلق له، والصواب أن تقبض على فرصتك الصغيرة، وتعتبرها حظك من الفرص، فتستمتع بها، وتسعى في تطويرها، وضبطها وإتقانها، وحين يعرض لك ما هو أفضل وأجدى فحاولْه؛ فإن الطموح سرّ النجاح، لكن دون أن تترك ما في يدك من الأعمال المحققة، والفرص القائمة المنتجة؛ لأنك ستكتشف أن 80% من هذه الفرص التي عَرَضَت لك، أو عُرِضت عليك هي "برقٌ خُلّب"!
كان عمر –رضي الله عنه- يقول: مَن بُورك له في شيء فليلزمه.
وحين اشتغل النبي –صلى الله عليه وسلم- بدعوة الملأ من قريش, وانشغل عن ضَعَفة الصحابة؛ عاتبه ربه فقال: "عَبَسَ وَتَوَلَّى أَنْ جَاءَهُ الْأَعْمَى وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّهُ يَزَّكَّى أَوْ يَذَّكَّرُ فَتَنْفَعَهُ الذِّكْرَى أَمَّا مَنِ اسْتَغْنَى فَأَنْتَ لَهُ تَصَدَّى وَمَا عَلَيْكَ أَلَّا يَزَّكَّى وَأَمَّا مَنْ جَاءَكَ يَسْعَى وَهُوَ يَخْشَى فَأَنْتَ عَنْهُ تَلَهَّى" [عبس:1-10]، ونهاه عن ذلك فقال: كلا!
وفي سياق مشابه, أدّبه ربه؛ فقال: "وَلا تَمُدَّنَ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجاً مِنْهُمْ".[طه:131]، وقال: "وَلا تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ".[الأنعام:52].
الوصول إلى نقطة التوازن بين الفرص الممكنة الصغيرة، وبين الفرص الهاربة الكبيرة معنى لا يتحصل إلاّ بقدر من المران والخبرة، تحدث للإنسان صدمات أو أزمات, ولكنها تصنع له عقلاً وفهماً, وتجعله أقل اندفاعاً، وتحميه من المفاجآت.
قلت يوماً لصاحبي: أقبل عليك بكامل الإخلاص ما أردت، وأتركك بكامل العذر ما أردت!


د سلمان العودة

أبو إبتهال 06-04-2015 11:23 PM

ماشاء الله تبارك الرحمن

وعافيه عليك وعلى الطرح الراقي
لاحرمك الله رضاه

لك كل
تقديري واحترامي

مجنون قصآيد

http://i18.servimg.com/u/f18/12/38/24/05/4afakk10.jpg

عـــودالليل 06-05-2015 02:20 AM

أناقة طرح وجاذبيه
إهتمام و..

اجتهاد واضح في الطرح
وذائقة عالية المستوى

استمعت النفس بما مرت عليه هنا،،،
فبهذا العطاء سنرقي

من أعماق القلب أشكرك

اخوك
محمد الحريري

الوجه المليح 06-05-2015 02:24 AM

طرح رائع
يعطيك الف عافية
مودتي وتقديري

نظرة الحب 06-05-2015 02:25 AM

طرح رائع قلبي

صمت القمر 06-06-2015 12:45 AM

طرح مميز
لاحرمنا جديدك وجهودك

بأنتظار القادم بكل شوق

هدوء 06-06-2015 05:52 PM

كالعادة إبداع رائع
وطرح يستحق المتابعة
شكراً لك
بإنتظار الجديد القادم
دمت بكل خير

طهر الغيم 06-06-2015 10:49 PM

حرفك متسربلٌ كًشلآلٍ كبيرْ .. كنتً رآئعْ
هطولك عذب حد الإرتوآءٍ
جميلة هيً بنآنك حتى إحسآسكْ يصل لأعمآقٍ أروآحنآ
ل قلبك بسآتينٍ زهر ووردْ

http://www.design-warez.ru/uploads/p...n62xldrmj1.gif

فزولهآ 06-08-2015 08:35 AM

سلمُ لنا هذُآ الذوُوُق ..الذُي يقطفُ لنا..
آجمًل القوُآآفي وٌآروعهـــاآ..||
ماأننحرُم منُ ذآئقتُك الجميلهُ والمميزهُ..
لآحرمنـــآآك...

نجم أبو أحمد 06-08-2015 04:56 PM

يعطيك العافية طرح في قمة الروعه و نال الاستحسان
وعم الجميع بالفائده

لك الشكر والتقدير

نجم


الساعة الآن 04:57 PM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
HêĽм √ 3.1 BY: ! ωαнαм ! © 2010
new notificatio by 9adq_ala7sas
جميع حقوق النشر لشعارنا و كتابنا ومسميات الموقع خاصة و محفوظة لدى منتديات قصايد ليل الأدبية