منتديات قصايد ليل

منتديات قصايد ليل (http://www.gsaidlil.com/vb/index.php)
-   …»●[ أرواح أيمـــانيـــه ]●«… (http://www.gsaidlil.com/vb/forumdisplay.php?f=3)
-   -   يوم عرفة وطريق الفلاح (http://www.gsaidlil.com/vb/showthread.php?t=238930)

طهر الغيم 06-03-2025 02:06 AM

يوم عرفة وطريق الفلاح
 
يوم عرفة وطريق الفلاح


إنَّ الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله مِن شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، مَن يهده الله فلا مُضِلَّ له، ومَن يُضْلِل فلا هاديَ له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، وصفيُّه من خلقه وخليله، صلوات ربي وسلامه عليه وعلى آله وأصحابه ومن سار على نهجه واستنَّ بسُنَّته إلى يوم الدين، أما بعد:

فإنَّ أصدق الحديث كتاب الله، وأحسن الهدي هديُ محمد، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار ﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴾ [آل عمران: 102].



عبـاد الله، من رحمة الله بنا أن جعل لنا أيامًا مباركات وأوقات فاضلات، يتضاعف فيهن أجر الأعمال الصالحة، وترفع فيهن الدرجات، ويتجاوز الله فيهن عن الخطايا والسيئات، ولا شك أن العشر من ذي الحجة هي أعظم الأيام بركة وأوفرها ثوابًا، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما العمل في أيام أفضل من هذه العشر"، قالوا: ولا الجهاد؟ قال: "ولا الجهاد إلا رجلٌ خرج يخاطر بنفسه وماله فلم يرجع بشيء"؛ (رواه البخاري)، وفي هذه الأيام يكون الحج وزيارة بيت الله الحرام، وفيها يوم عرفة وهو أفضل أيام العشر من ذي الحجة، يشرع فيه الصيام لغير الحاج، فعن أبي قتادة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل عن صوم يوم عرفة فقال: "يُكفِّر السنة الماضية والباقية"؛ رواه مسلم (1162) وفي رواية له: "أحتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله والسنة التي بعده"، وعلينا في هذا اليوم العظيم أن نكثر من الدعاء والله سبحانه وتعالى قد أخبرنا أنه يحب سؤال السائلين، وتضرُّع المتضرعين، كما صحَّ في حديث النبي صلى الله عليه وسلم في سنن الترمذي عنه عليه الصلاة والسلام: "إن الله حييٌّ كريم يستحي إذا رفع عبده كَفَّيْه إليه أن يردَّهما صِفْرًا".



وفي الحديث عن جابر- رضي الله عنه- عند ابن خزيمة وابن حبان في صحيحيهما عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا كان يوم عرفة فإن الله ينزل إلى السماء الدنيا فيباهي بهم الملائكة ويقول: انظروا إلى عبادي أتوني شعثًا غبرًا ضاحين من كل فج عميق، أشهدكم أني قد غفرت لهم- أي علت أصواتهم بالتلبية - فتقول الملائكة: يا رب، إن فيهم فلانًا عبدًا يرهق - أي يرتكب المعاصي ويقترف السيئات - فيقول رب العزة جل وعلا: أشهدكم أني قد غفرت لهم".



وفي صحيح مسلم عن عائشة رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "ما من يوم أكثر من أن يعتق الله فيه عبدًا من النار من يوم عرفة، وإنه ليدنو ثم يباهي بهم الملائكة فيقول: ما أراد هؤلاء؟"، وعن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إن الله تعالى يباهي ملائكته عشية عرفة بأهل عرفة، فيقول: انظروا إلى عبادي أتوني شعثًا غبرًا"؛ (رواه أحمد وصححه الألباني).



أيها المسلمون، عباد الله، في السنة العاشرة من الهجرة النبوية كانت حجة الوداع وهي الحجة الوحيدة التي حجها المصطفى صلى الله عليه وسلم، وسميت بهذا الاسم لأنها كانت علامة واضحة على دنوِّ أجله ولحاقه بالرفيق الأعلى سبحانه.. عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: "وقف النبي صلى الله عليه وسلم يوم النحر بين الجمرات في الحجة التي حج بهذا، وقال: «هذا يوم الحج الأكبر»، فطفق النبي صلى الله عليه وسلم يقول: «اللهم أشهد، وودَّع الناس»، فقالوا: "هذه حجة الوداع"؛ (البخاري (1655).. ولقد وقف صلى الله عليه وسلم يخطب في المسلمين في مثل هذه الأيام، فتكلم عن الكثير من الأمور التي تهمُّ المسلم في دينه ودنياه وآخرته، فكانت هذه التعاليم بمثابة خطة إستراتيجية للمسلمين من بعده، وطريق للفلاح والنجاة، ودستور للحياة السعيدة لأمته.. كيف لا؟!.. ورسول الله صلى الله عليه وسلم كان أحرص على المسلمين والمؤمنين من أنفسهم، وكان يخاف عليهم بعد أن يودع هذه الحياة، وينتقل إلى ربه من الوقوع فيما حذر منه، قال سبحانه وتعالى: ﴿ لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَاعَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ ﴾ [التوبة: 128].. وقف رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب وقد تجَمَّع حوله في ذلك الزمان مائة ألف أو يزيدون في صعيدٍ واحدٍ يسمعون هذه التوجيهات، فكان مما قاله: "أيها الناس، اسمعوا قولي فإني لا أدري، لعلِّي لا ألقاكم بعد عامي هذا بهذا الموقف أبدًا.. أيها الناس، إن دماءكم وأموالكم عليكم حرام إلى أن تلقوا ربكم، كحرمة يومكم هذا، وكحرمة شهركم هذا، وإنكم ستلقون ربكم فيسألكم عن أعمالكم وقد بلغت.. فمن كانت عنده أمانة فليؤدها إلى من ائتمنه عليها، وإن الزمان قد استدار كهيئته يوم خلق الله السموات والأرض، وإن عدة الشهور عند الله اثنا عشر شهرًا، منها أربعة حرم، ثلاثة متوالية، ورجب -الذي بين جمادى وشعبان..."؛ (صححه الألباني)... ثم أخذ صلى الله عليه وسلم يوصي بحسن معاملة النساء وحسن معاشرتهن بالمعروف وعدم غمط شيء من حقوقهن وأوصى بهن خيرًا.. وعند ابن ماجه أنه صلى الله عليه وسلم قال: "ألا وإني فرطكم على الحوض، وأكاثر بكم الأمم، فلا تسوِّدوا وجهي، ألا وإني مستنقذ أناسًا، ومستنقَذ مني أناس، فأقول: يا رب، أصحابي، فيقول: إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك"؛ (صحيح ابن ماجه (2481 ـ 3057).



أيها المؤمنون، عبـــاد الله، ما أعظم هذه المبادئ التي أرساها رسول الله صلى الله عليه وسلم لأمته! فكان أول ما تكلَّم به حرمة الدماء والأعراض والأموال وخطورة أن يكون فعل المسلم أو عمله أو قوله سببًا لسفك دم إنسان من أي بلاد أو جنس أو لون بدون حق.. والله تعالى قد حذر من ذلك فقال: ﴿ وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا ﴾ [النساء: 93].. وجعل سبحانه وتعالى التعدي على حياة هذا الإنسان من أكبر الكبائر وأعظم الجرائم والذنوب التي تُورِد صاحبها المهالك في الدنيا والآخرة.. يقول النبي صلى الله عليه وسلم: "لا يزال المؤمن في فسحة من دينه ما لم يصب دمًا حرامًا"، قال: وقال ابن عمر: "إن من ورطات الأمور التى لا مخرج لمن أوقع نفسه فيها سفك الدم الحرام بغير حل"؛ (البخارى/6862).. ويقول عليه الصلاة والسلام: "كل ذنب عسى اللـه أن يغفره إلا الرجل يموت كافرًا أو الرجل يقتل مؤمنًا متعمدًا"؛ (رواه أحمد/16849) وصححه الألبانى).. بل جعل سبحانه وتعالى قتل المسلم وسفك دمه من عظائم الأمور، يقول عليه الصلاة والسلام: "قتل المؤمن أعظم عند اللـه من زوال الدنيا"؛ (النسائي (7/ 83) وصحيح الجامع (4361).. وقال تعالى: ﴿ مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا وَلَقَدْ جَاءَتْهُمْ رُسُلُنَا بِالْبَيِّنَاتِ ثُمَّ إِنَّ كَثِيرًا مِنْهُمْ بَعْدَ ذَلِكَ فِي الْأَرْضِ لَمُسْرِفُونَ ﴾ [المائدة: 32].. بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم، قلت ما سمعتم وأستغفر الله لي ولكم فاستغفروه.



الخطبة الثانية

الحمد لله على فضله وإحسانه، وأشكره على توفيقه وامتنانه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه، وسلم تسليمًا كثيرًا، أما بعد:

أيها المؤمنون، وكان مما ظهر من كلام رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في خطبة حجة الوداع مدى حرصه ورحمته وشفقته بأمته رجالًا ونساءً، صغارًا وكبارًا، حكامًا ومحكومين، وكان يخاف أن يُبَدِّلُوا أو يُغيِّروا شيئًا من دينه أو يتركوا شيئًا من شريعته فيسقطوا من عين الله، ولا يستطيع بعد ذلك أن يدافع عنهم عند الله، أو يشفع لهم، فخاطبهم بقوله: "ألا وإني فرطكم على الحوض، وأكاثر بكم الأمم، فلا تسوِّدوا وجهي.." يا الله ما أعظمها من كلمة! يا الله ما أشدها من كلمة!



وطلب من الحاضر أن يُبلِغ الغائب لتقام الحجة على كل مسلم حتى قال لأصحابه: "وأنتم تسألون عني فما أنتم قائلون؟"، قالوا: "نشهد أنك قد بلغت وأديت ونصحت"، فقال بإصبعه السبابة يرفعها إلى السماء وينكتها إلى الناس: «اللهم اشهد، اللهم اشهد» ثلاث مرات؛ (رواه مسلم (1218)).. ونحن نشهد يا رسول الله أنك بلَّغت الرسالة وأدَّيت الأمانة ونصحت للأمة.. وإنما الخلل والتقصير من نفوسنا وبسبب ضعف إيماننا وتعَلُّقنا بالدنيا، وإنه لا بد لنا من توبة صادقة، وعبادة خالصة، وعمل صالح، لنستقيم على الصراط، عندها فقط ينظر الله إلينا بعين الرحمة والمغفرة والسعادة والفوز والنجاة.



عباد الله، لنغتنم بقية أيام العشر من ذي الحجة بالأعمال الصالحة، من صلاة وصيام وقراءة للقرآن وذكر وصدقة وصلة رحم وبر والدين وبذل المعروف ومساعدة المحتاج والتسامح والتغافر فيما بيننا خاصة والعيد يطرق الأبواب وإسعاد الآخرين وإدخال السرور في أنفسهم ليس له جزاء إلا الجنة، ولا ننس أن نتوِّج هذه الأيام بصيام يوم عرفة، ونكثر فيه من التكبير والتهليل والتحميد والدعاء، لعل الله أن ينظر إلينا برحمته فيرفع عنا الفتن والمصائب والبلايا والأمراض وسيئ الأسقام، ويردنا إلى دينه ردًّا جميلًا، اللهم ألِّف بين قلوبنا وأصلح أحوالنا، واحقن دماءنا، واحفظ بلادنا، وسائر بلاد المسلمين.



هـــذا وَصَلُّوا وَسَلِّمُوا عَلَى الْبَشِيرِ النَّذِيرِ وَالسِّرَاجِ الْمُنِيرِ؛ حَيْثُ أَمَرَكُمْ بِذَلِكَ الْعَلِيمُ الْخَبِيرُ؛ فَقَالَ فِي كِتَابِهِ: ﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ﴾ [الأحزاب: 56].



اللَّهُمَّ أَعِزَّ الْإِسْلَامَ وَالْمُسْلِمِينَ، وانصر عبادك الموحِّدين، واخْذُلْ أَعْدَاءَكَ أَعْدَاءَ الدِّينِ.



اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِلْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ والمؤمنين والمؤمنات، الأحياء منهم والأموات، رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً، وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً، وَقِنَا وَوَالِدِينَا والمؤمنين عَذَابَ الْقَبْرِ وَالنَّارِ.



عباد الله، ﴿ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ ﴾ [النحل: 90]، فاذكروا اللهَ يذكُرْكم، واشكُروه على نعمِه يزِدْكم، ﴿ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ ﴾ [العنكبوت:

أبو إبتهال 06-03-2025 09:41 AM

بيض الله وجهك
طرح واختيار روعه للموضوع
لاحرمك الله رضاه

لك كل
تقديري واحترامي


ابو ابتهال
مجنون قصآيد

مديونه 06-03-2025 12:02 PM

لجهودك باقات من الشكر والتقدير

على روعة الطرح


https://a3zz.net/upload/uploads/imag...7891e79eef.gif

جنــــون 06-03-2025 12:08 PM

لَآعِدَمَنِآ هـَ الَعَطَآءْ وَلَآَ هَـ الَمْجَهُودَ الَرَائَعْ
كُْلَ مَآتَجَلَبَهْ أًنَآَمِلكْ بًأًذخْ بَاَلَجَّمَآلْ مُتًرّفْ بَ تمًّيِزْ
وُدِيِّ

https://upload.3dlat.com/uploads/3dl...b66adb0a14.gif

نظرة الحب 06-03-2025 12:14 PM

يعطيك العافيه على الاختيار
ويعطيك العافيه على مجهودك
.
.
احترامي..

نجم أبو أحمد 06-03-2025 12:35 PM

الله يعطيك العافيه على الطرح
اللي كله ابداااااااع

حضوري شكر وتقدير لك
ولاهتمامك في مواضيعك

اخوك
نجم الجدي

شموخ 06-03-2025 02:34 PM

مجهود يُذكر فيُشكر
طرح مميز في الانتقاء

عـــودالليل 06-03-2025 03:11 PM

قيمه عاليه من خلال هذا الجلب
المميز
هكذا طرح يغذي الثقافة لدى المتلقي
اجتهاد يحسب لمصلحتك
ولك مني
جزيل الشكر والامتنان

عودالليل

ترانيم عشق 06-04-2025 11:11 AM

ابداع تميز تالق
يعطيك العافيه ولاعدمنا جديدكم
تحياتى


الساعة الآن 09:11 PM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
HêĽм √ 3.1 BY: ! ωαнαм ! © 2010
new notificatio by 9adq_ala7sas
جميع حقوق النشر لشعارنا و كتابنا ومسميات الموقع خاصة و محفوظة لدى منتديات قصايد ليل الأدبية