![]() |
الفاتحة والابتلاء
الفاتحة والابتلاء
الحمد لله، والصلاة والسلام على مَنْ لا نبي بعده، أما بعد: فمن المسلمات عند المسلمين إيمانهم بسُنَّة الله جَلَّ وَعَلَا في الابتلاء، ونزول البلايا والمصائب، وأنهُ لا يُخْتَصُّ بها أحدٌ دون أحد، فقد تنزل بالبرِ والفاجر، والمسلم والكافر، ﴿ أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ * وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ ﴾ [العنكبوت: 1-3]. وقال صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «ما يزال بالمؤمنِ والمؤمنة في نفسهِ وولدهِ ومالهِ حتى يلقى الله تعالى وما عليهِ خطيئة» [1]. وسورة الفاتحة يستلهم منها المؤمن موقفهُ وصبرهُ وجلدهُ أمام البلايا والفتن، فمقامُ التوحيد الخالص لله جَلَّ وَعَلَا، والدعاء بآدابهِ المشروعة، وتعليق الإيمان بالله جَلَّ وَعَلَا محبةً وخوفًا ورجاءً، كل ذلك مع ما تَمَّ الحديث عنه في باب القضاء والقدر هي تربيةٌ للمسلمين على مبادئ الصبر عند البلاء. فيعلم المؤمن أن ما أصابهُ لم يكن ليخطئه، وما أخطأهُ لم يكن ليصيبهِ، وأنَّ الأُمة لو اجتمعت على أنْ يضروهُ بشيءٍ لم يضروهُ إلا بشيءٍ قد كتبهُ الله عليهِ، وأنَّ الأُمة لو اجتمعت على أنْ ينفعوهُ بشيءٍ لم ينفعوهُ إلا بشيءٍ قد كتبهُ الله عليهِ. وعلى هذا فمظاهر الابتلاء كثيرةٌ متنوعة: الابتلاء بالشر، فيُبتلَى المؤمن بفقدِ عزيزٍ، أو بفقدٍ جزءٍ من جسمهِ؛ كذهاب سمعهِ أو بصرهِ، أو أنْ يُصاب بمرضٍ عُضال، أو يُبتلَى بالخوفِ والجوعِ وضيق الرزق، كما قال الله -تَبَارَكَ وَتَعَالَى- إشارةً إلى تعدُّد مظاهر الابتلاء: ﴿ وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الأَمْوَالِ وَالأَنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ * الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ ﴾ [البقرة: 155-156]. إلا أنَّ أعظم ما يُبتَلى بهِ المؤمن من صور الابتلاء: هي المصيبة في الدين، فهي القاصمة، والمهلكة، والنهاية اَلتِي لا ربَح معها، ذلك أنَّ كل مصيبةٍ في الدنيا لا شك أنها قد تُعوَض بخيرٍ منها أو مثلها، أمَّا مصيبة الدين فحسرةٌ لا تعوض، إلا أنَّ الله جَلَّ وَعَلَا فتح لعبادهِ من أبواب رحمتهِ ما يكون تسليةً لهما من هذه المصائب: فأولها وأعظمها: مبادرة المسلم بالصبرِ، قال الإمام أحمد رَحِمَهُ اَللَّهُ: (ذكَر الله جَلَّ وَعَلَا الصبر في القرآن في تسعين موضعًا)، فجاء الأمرُ بهِ: ﴿ وَاصْبِرْ وَمَا صَبْرُكَ إِلَّا بِاللَّهِ ﴾ [النحل: 127]، ﴿ وَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ ﴾ [الطور: 48]، وجاء تعليق الفلاح بالصبر، فقال -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى-: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ﴾ [آل عمران: 200]. فإذا نظر العبدُ في الأجور المضاعفة للصابرين هان عليهِ البلاء، ﴿ إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ ﴾ [الزمر: 10]، وقال تعالى: ﴿ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ * الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ ﴾ [البقرة: 155-156]. إنَّ سورة الفاتحة فيها الملاذُ بإذن الله جَلَّ وَعَلَا من الفتن والمصائب، والصبر على الابتلاء والامتحان، ﴿ اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ ﴾ [الفاتحة: 6]، فمَنْ سلك طريق الاستقامة استقام أمرهُ في السراء والضراء، وفي الأفراحِ والاتراح، وفي السعة والضيق، وفي المصائب والمحن. فاللهم إنَّا نسألك إيمانًا كاملًا، وقلبًا خاشعًا، ولسانًا ذاكرًا، وتوبةً نصوحة، والله أعلم، وصلى الله على نبينا محمد. والحمد لله رب العالمين. |
جزاك الله خيرا
|
يعطيك العآفيـه
على الموضوع الروعـه شكراً لك من القلب على هذآ المجهُود , ماأنحرم من عطـآءك المميز يَارب ! حفظك الله ورعآيته . لِـ روحك باقات الورد |
طرح رائع
يعطيك العافيه |
طرح جميل
يعطيك العافية |
بيض الله وجهك
طرح واختيار روعه للموضوع لاحرمك الله رضاه لك كل تقديري واحترامي مجنون قصآيد |
الله يعطيك العافيه على الطرح
اللي كله ابداااااااع حضوري شكر وتقدير لك ولاهتمامك في مواضيعك اخوك نجم الجدي |
سلمت اناملك لروعة ذوقك
يسعدك ربي ويحقق أمانيك |
اقتباس:
اسعدني تواجدك الرائع بمتصفحي لا حرمني الله روعة وصالك كل الود وباقة ورد’ |
اقتباس:
اسعدني تواجدك الرائع بمتصفحي لا حرمني الله روعة وصالك كل الود وباقة ورد’ |
الساعة الآن 07:21 AM |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By
Almuhajir
HêĽм √ 3.1 BY: ! ωαнαм ! © 2010
new notificatio by 9adq_ala7sas
جميع حقوق النشر لشعارنا و كتابنا ومسميات الموقع خاصة و محفوظة لدى منتديات قصايد ليل الأدبية