منتديات قصايد ليل

منتديات قصايد ليل (http://www.gsaidlil.com/vb/index.php)
-   …»●[ خ ـــيـر الخـلــق ]●«… (http://www.gsaidlil.com/vb/forumdisplay.php?f=4)
-   -   خاتم النبيين (44) (http://www.gsaidlil.com/vb/showthread.php?t=221497)

جنــــون 05-01-2023 01:07 AM

خاتم النبيين (44)
 
خاتم النبيين (44)


بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على خير النبيين، وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهداه إلى يوم الدين؛ أما بعد:

فمرحبًا بكم - أيها الكرام - في برنامجكم خاتم النبيين، وقد أسلفنا في الحلقة الماضية عرضًا مجملًا لحجة الوداع، وبيانًا لبعض الأحكام الشرعية في الحج، وأوضحنا أيضًا يُسْرَ الشريعة من خلال ذلك العرض، ثم ختمنا الحلقة بجملة من الدروس والعِبر من تلك الحجة العظيمة، وفي حلقتنا هذه نستعرض ما حدث في السنة الأخيرة من حياته عليه الصلاة والسلام؛ ففي تلك السنة الحادية عشرة عَقَدَ النبي صلى الله عليه وسلم الجيش لغزو الروم، وجعل عليه أسامة بن زيد رضي الله عنه، وكان مع الجيش كثير من كبراء الصحابة، وكان عمرُ أسامةَ ثماني عشرة سنة، وقيل: سبع عشرة سنة، لكن أسامة رضي الله عنه لم يستعجل قيادة ذلك الجيش؛ حيث إن النبي صلى الله عليه وسلم مرِضَ، فانتظر حتى يقضي الله أمرًا كان مفعولًا، فحصل بعد ذلك المرض علامات تدل على دنوِّ أجَلِ النبي صلى الله عليه وسلم، وقُرْبِ وفاته، ومن هذه العلامات: أولًا: نزول سورة النصر؛ فقد قال ابن عباس رضي الله عنه فيها: ((هو مَثَلٌ ضُرب لمحمدٍ نُعيَت له نفسه))، وفي رواية عند البخاري: ((هو أجَلُ رسول الله صلى الله عليه وسلم))، وثانيًا: من العلامات أن جبريل عليه السلام كان يدارسه القرآن في رمضان كل سنة مرة، أما في هذه السنة فدارسه القرآن مرتين، وثالثًا: من العلامات على دنوِّ أجل النبي صلى الله عليه وسلم أن النبي عليه الصلاة والسلام كان يعتكف كل سنة العشر الأخيرة من رمضان، أما في السنة الأخيرة فاعتكف عشرين يومًا، والعلامة الرابعة: توديعه عليه الصلاة والسلام لهم في حجة الوداع؛ حيث قال: ((لعلي لا أحج بعد حجتي هذه))، خامسًا: من العلامات صلاته عليه الصلاة والسلام على شهداء أحد، ومن خلال كلامه كان كالمودِّع لهم، فهذه العوامل هي علامات على دنو أجله عليه الصلاة والسلام، وابتدأت شكواه عليه الصلاة والسلام في أواخر صفر، وكانت مدة مرضه صلى الله عليه وسلم ثلاثة عشر يومًا تقريبًا، وكان يطوف على أزواجه كعادته، فلما كان عند ميمونة رضي الله عنها اشتدَّ به المرض، فاستأذن أزواجه أن يمرَّض في بيت عائشة، فأذِنَّ له، واشتد به المرض عليه الصلاة والسلام أكثر من ذي قبل، واشتدت عليه الحمَّى؛ وقال النبي صلى الله عليه وسلم حينها: ((ما من مسلم يصيبه أذًى من مرض فما سواه، إلا حطَّ الله به سيئاته، كما تحط الشجرة ورقها))؛ [رواه البخاري]، ((وكانت عائشة رضي الله عنها حال مرضه تقرأ المعوِّذتين، وتنفث عليه بيده الشريفة؛ رجاء بركتها))؛ [رواه البخاري]، وكان النبي عليه الصلاة والسلام في مرضه يحذر من اتخاذ القبور مساجدَ؛ فقال عليه الصلاة والسلام: ((لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد))؛ [متفق عليه]، وكان النبي صلى الله عليه وسلم حريصًا أن يصلي إمامًا بالناس مع شدة وجعه ومرضه؛ فقد روى البخاري ومسلم ((أن النبي صلى الله عليه وسلم ثقُل عليه وجعه، فقال: أصلى الناس؟ قلنا: لا هم ينتظرونك، فاغتسل، فلما همَّ بالخروج، أُغمِيَ عليه، وحصل ذلك ثلاثًا، فقال الراوي في آخر الحديث: فأرسل إلى أبي بكر أن يصلي بالناس، فصلى بهم أبو بكر رضي الله عنه تلك الأيام، وقبل وفاته عليه الصلاة والسلام بثلاثة أيام أوصى أصحابه بحسن الظن بالله تعالى، وهي وصية للأمة جميعًا؛ فقال عليه الصلاة والسلام: ((لا يموتن أحدكم إلا وهو يحسن الظن بالله))؛ [رواه مسلم]، وقبل وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم بيومٍ؛ وهو يوم الأحد، رجع أسامة بن زيد رضي الله عنه بالجيش من الجرف؛ حيث وصلت إليهم الأخبار بمرض رسول الله صلى الله عليه وسلم واشتداده، فشاع الحزن، فرجع إلى المدينة، فدخل أسامة على النبي صلى الله عليه وسلم، وكان النبي لا يستطيع الكلام من شدة ما أصابه، فجعل النبي عليه الصلاة والسلام يرفع يديه إلى السماء، ثم يميلها على أسامة، قال أسامة رضي الله عنه: "فعرفت أنه يدعو لي"، وبات رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة الاثنين وقد اشتد به المرض، فلما أصبح من يوم الاثنين أفاق، فكشف الستر من حجرة عائشة، ونظر إلى الناس وهم صفوف خلف أبي بكر، فتبسَّم لفرحه بذلك؛ يقول الراوي: ((فَهَمَمْنَا أن نفتتن من الفرح برؤية النبي صلى الله عليه وسلم))؛ [قال ذلك أنس كما عند البخاري]، ولما أصبح النبي صلى الله عليه وسلم طيبًا، استأذنه أبو بكر رضي الله عنه أن يتوجه إلى أهله بعوالي المدينة؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم أصبح طيبًا، فأذِن له النبي عليه الصلاة والسلام، ولكن في أثناء ذلك اشتد عليه الوجع والمرض، وجعل يغشاه الكربُ الشديد، حتى تأذَّت فاطمة من شدة وجعه، ((فقالت: وا كربَ أبتاه، فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم: لا كربَ على أبيك بعد اليوم، إنه قد حضر من أبيك ما ليس بتاركٍ منه أحدًا؛ الموافاةُ يوم القيامة))، وكان عليه الصلاة والسلام وهو يعالج سكرات الموت بين يديه ماء، فيدخل يده في الماء، ويمسح وجهه؛ ويقول: ((لا إله إلا الله، إن للموت لسكراتٍ، ثم رفع يده، فجعل يقول: في الرفيق الأعلى، حتى قُبِض عليه الصلاة والسلام ومالت يده))؛ [رواه البخاري]، وفاضت أطهر روح في الدنيا من جسدها، وصعدت إلى بارئها، راضية مرضية، ولم يترك مالًا ولا دينارًا ولا درهمًا، وإنما ترك إيمانًا وعلمًا وشريعة خالدة، فكانت وفاته عليه الصلاة والسلام في يوم الاثنين آخر النهار، في الثاني عشر من ربيع الأول، من السنة الحادية عشرة، وكان عمره ثلاثًا وستين سنة، وشاع خبر وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم في المدينة، ونزل خبر وفاته على الصحابة كالصاعقة، وجاء عمر ومعه المغيرة حتى دخل على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فنظر إليه عمر، فقال: ما أشدَّ غشيَ رسول الله صلى الله عليه وسلم، فهو لم يصدق وفاته؛ من هول الموقف، ولما سأله المغيرة: هل مات رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال له عمر: كذبت إن رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يموت، حتى يُفنيَ الله عز وجل المنافقين، ثم سلَّ عمر سيفه، وقال: لا أسمع أحدًا يقول: مات رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا ضربته، ثم قام خطيبًا، وقال: ((إن النبي صلى الله عليه وسلم لم يمت، ولكن ذهب إلى ربه، كما ذهب موسى بن عمران، فغاب أربعين ليلة، ثم رجع إليهم، والله ليرجعنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم كما رجع موسى))؛ [رواه البخاري]، ثم أقبل أبو بكر على فرس من مسكنه بالعوالي حين بلغه الخبر، ثم دخل المسجد، وعمر يكلم الناس على المنبر، ثم دخل غرفة عائشة، فنظر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو مسجًّى ببرد له، فكشف عن وجهه، فقال: "إنا لله وإنا إليه راجعون، ثم قبَّله وبكى، ثم قال: طبتَ حيًّا وميتًا بأبي أنت وأمي يا رسول الله، ثم خرج إلى الناس وهم بين منكر ومصدِّق لهول الأمر، فرأى عمر يتوعد الناس، فقال له: اجلس يا عمر، فأبى عمر أن يسكت، فتحدث أبو بكر، فحمد الله تعالى، وأثنى عليه، ثم قال: أما بعد: فمن كان منكم يعبد محمدًا، فإن محمدًا قد مات، ومن كان يعبد الله، فان الله حي لا يموت؛ وتلا قوله تعالى: ﴿ وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ ﴾ [آل عمران: 144]؛ الآية، فبكى الناس، فقال عمر: والله ما هو إلا أن سمعت أبا بكر يتلوها، فعُقرت حتى لا تحملني قدماي، فعلمت أن محمدًا قد مات، ثم بدأ الناس يتشاورون في الخلافة، فاتفقوا على أبي بكر فبايعوه وخطب فيهم خطبته المشهورة، فلما تمَّتْ البيعة، أقبل الناس على تجهيز رسول الله صلى الله عليه وسلم، وذلك في يوم الثلاثاء، فاختلفوا هل يجردونه للتغسيل، أم يغسلونه وعليه ثيابه؟ فأُلقِيَ عليهم النعاس، ثم سمعوا كلامًا من ناحية البيت أن اغسلوا رسول الله صلى الله عليه وسلم وعليه ثيابه، ((فتولَّى غسله ستة من الصحابة، وهم عليٌّ، والعباس، والفضل بن العباس، وقثم بن العباس، وأسامة بن زيد، وشقران مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم كفنوه في ثلاثة أثواب بِيضٌ))؛ [رواه البخاري]، ولما جهَّزوه وُضع في بيت عائشة رضي الله عنها، ثم دخل الناس أفواجًا وفرادى يصلون عليه، وهذا مجمع عليه، لكن اختلفوا في علة ذلك، وعندما أرادوا دفنه، اختلفوا، فقال بعضهم: يُدفَن في البقيع، وقال آخرون أقوالًا أخرى، فاستشاروا أبا بكرٍ، فقال أبو بكر رضي الله عنه: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((ما قبض الله نبيًّا إلا في الموضع الذي يحب أن يُدفَن فيه))، ادفنوه في موضع فراشه، ونشهد أنه عليه الصلاة والسلام بلغ الرسالة، وأدى الأمانة، ونصح الأمة، وتركها على المحجة البيضاء، ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك، فصلوات الله وسلامه عليه، أيها الكرام، نختم تلك الحلقة بشيء من الدروس والعِبر من خلال هذا العرض؛ وهي على النحو الآتي:

الدرس الأول: أن النبي صلى الله عليه وسلم عندما مرِض، وأراد أن يمرَّض في بيت عائشة رضي الله عنها، استأذن أزواجه في ذلك، وفي هذا درس لأهمية العدل بين الزوجات؛ فالعدل بينهن واجب، وعدمه محرم، فإن النبي عليه الصلاة والسلام عدل بينهن، فاستأذنهن أن يمرض في بيت عائشة، فأذِن له؛ فعن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((من كانت له امرأتان، فمال إلى إحداهما، جاء يوم القيامة، وشقُّه مائل))، فهذا وعيدٌ على من لم يعدل بين زوجاته، ومما يجيب فيه العدل النفقة والقسم والسُّكنى، أما المحبة، فلا يملك الإنسان فيها عدلًا في الغالب، فليتقِ الله تعالى هؤلاء الأزواج الذين يبخسون زوجاتهم من العدل أن يصيبهم ذلك الوعيد المذكور في الحديث.



الدرس الثاني: أوضح النبي صلى الله عليه وسلم عند اشتداد مرضه أن تلك الأمراض والمصائب هي كفارات للذنوب والخطيئات، فيا أحبابي الكرام، عندما يصيب المسلم أذًى من شوكة أو غيرها، فليعلم أن ذلك مُقدَّر من عند الله تعالى، فليصبر وليحتسب الأجر عند الله عز وجل، ولا يجزع، ولا يتحدث بما لا يُرضي الله تعالى، بل إذا أكمل ذلك بالحمد على ذلك المصاب، فإنه أعظم لأجره، لا شكَّ أن الإنسان يبغض المرض والمصيبة، لكن إذا علم أن الله قدَّرها لحكمة، فإنه يرضى ويصبر، ويحمد ويسلِّم، فهي أربع مراتب للمصاب ليحفظها إذا إصابته أي مصيبة، صغرت أو كبرت، وهذه المراتب الأربع هي: أولًا: التسليم لله تعالى، وثانيًا: الصبر على تلك المصيبة، والثالث: الرضا بها، والرابع: الحمد عليها، أما إذا جزع وتسخط، ونحو ذلك، فإن هذا لا يخفف من المصيبة شيء، بل تزداد وتكبر وتضيق عليه نفسه.



الدرس الثالث: نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن اتخاذ القبور مساجدَ، وذلك في آخر حياته عليه الصلاة والسلام، فإن هذا من وسائل الشرك العظيمة؛ فقد ذكر أهل العلم تحريم الصلاة في المسجد الذي فيه قبر، وقالوا: إنها لا تصح؛ ففي حديث أم حبيبة وأم سلمة رضي الله عنهما أنهما ذكرتا للنبي صلى الله عليه وسلم كنيسة رأينَها بأرض الحبشة، وما فيها من الصور، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((أولئك إذا مات فيهم الرجل الصالح بنَوا على قبره مسجدًا، وصوَّروا فيه تلك الصور، أولئك شرار الخلق عند الله))، فجعلهم من شرار الخلق، فالواجب على أهل الإسلام أن يحذروا ذلك، ولا يبنوا المساجد على القبور، ولا يجعلوا القبور داخل المساجد؛ وقال عليه الصلاة والسلام: ((لا تصلُّوا إلى القبور، ولا تجلسوا عليها))؛ كما ذكر أهل العلم أنه إذا كان المسجد هو الذي بُنيَ أولًا، فينبش القبر إلى مكان آخر، وإن كان القبر هو الذي وُضع أولًا، فيُهدم المسجد، فليستدرك مَن صنع شيئًا من هذا قبل فوات الأوان؛ حفظًا للتوحيد، وتعبدًا لله تعالى الواحد الأحد.



الدرس الرابع: لقد أوصى النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه - وهي وصية للأمة جميعًا - بحسن الظن بالله تعالى، ومعنى إحسان الظن بالله أن يظن بالله تعالى أنه غفور، وأنه جواد كريم، وأنه يقبل التوبة، وأنه يحب من عباده أن يرجعوا إليه ليرحمهم ويدخلهم جنته، ويظن أن الله تعالى قبِلَ عمله، ونحو ذلك، لكن يظن هذا الظن وهو مطيع لله تعالى، ولكن لا يقيم على المعاصي ويعملها، ويقول: أنا محسن الظن؛ حيث قال السلف رحمهم الله: "لو أحسن الظن لأحسن العمل"، أما من يعمل المعاصي، ويتابعها، ويقول: أنا محسن الظن، فهذا قد يكون غرورًا، ومن إحسان الظن قوة اليقين بما وعد الله تعالى عباده المؤمنين من الخيرات، ومن إحسان الظن ظنُّه أن دعاءه مقبول، لكن قد تتأخر الإجابة لحكمة يريدها الله تعالى؛ يقول ابن القيم رحمه الله: "ولا ريب أن حسن الظن يكون مع الإحسان، وأما المسيء العاصي، فإن وحشة المعصية قد تمنعه من حسن الظن"، فلنَظُنَّ بربنا - معاشر الكرام - كل خير، ولنُحْسِن العمل.



الدرس الخامس: فرح النبي صلى الله عليه وسلم بصفوف أصحابه رضي الله عنهم عندما رآهم في صلاتهم، وهو في مرضه، وإن هذا الفرح لَيعطينا دليلًا واضحًا على اهتمام النبي صلى الله عليه وسلم بهذا الركن العظيم؛ وهو الصلاة، وقد أوصى الأمة في آخر حياته بالصلاة، فلنكُنْ - معاشر الكرام - كما أحبه نبينا عليه الصلاة والسلام وفرح به، مقيمين لصلاتنا، محافظين عليها في أوقاتها وأذكارها، وقد حضرت فيها قلوبنا، فمن المؤسف جدًّا أن بعض المصلين تجده في صلاته متململًا ومكسرًا للحركات، وكأنه يريد أن ينطلق وينفلت منها، أو ربما يكون مستعجلًا في أدائها، أو مؤخرًا لها عن وقتها، أو غير حاضر الذهن، أو يصليها على غير صفتها الشرعية، أو يكون عنده خلل في أذكارها الواجبة، أو يكون مصليًا محافظًا متممًا لها، لكن أولاده متروكون على فرشهم، وفي لهوهم، إن تلك الصور وأمثالها يجب أن تختفي؛ لأن الصلاة ستشهد لك أو عليك، وإذا كان فيها نقص، فسيُقال عنك يوم القيامة: ((انظروا هل لعبدي من تطوع؟))، فعليك الانتباه والحذر، وإتمام الأمر؛ فإن الصلاة من الدين بمنزلة الرأس من الجسد، فستقول الصلاة: ((حفظك الله كما حفظتني، أو تقول ضيعك الله كما ضيعتني))، وكم هو جميل أن تضع الأسرة لها مجلسًا، ولو مرتين في الأسبوع، يتدارسون فيهما أحكام الصلاة؛ ليعبدوا الله تعالى على بصيرة، ويعرفوها عن قرب ويستشعروها حال فعلها، فوالله لو علم العباد ما في الصلاة من الخيرات والبركات على دينهم ودنياهم وأخراهم، لجعلوها أول اهتمامهم، فيكفيك أن ذهابك إليها هو نُزُلٌ في الجنة، وأن انتظارك لها هو مغفرة ورحمة، وأن خطواتك إليها هي حسنات ودرجات، وأنها من الأفعال والأقوال المكفِّرة للذنوب، وإن فيها من الخضوع والخشوع ما يجعل القلب يطير فرحًا في استشعاره لذلك، ومفتاح الحصول على هذه المصالح وغيرها هو الاهتمام وحضور القلب، والاستشعار، فكونوا - رحمكم الله – كذلك، تُفلحوا وتسعدوا في دنياكم وأخراكم، وأنشئوا أولادكم على ذلك.



الدرس السادس: لم يترك النبي صلى الله عليه وسلم دينارًا ولا درهمًا، بل أنفق ذلك في حياته، فما هي منهجيتنا في أموالنا؟ لنعلم أولًا أن المال الذي بين أيدينا ليس لنا منه إلا ما أكلنا فأفنينا، أو لبسنا فأبلينا، أو تصدقنا فأمضينا، ولا جناح على المسلم أن يتمتع بالمال فيما أباح الله تعالى له، لكن ليعلم أن ما يدفعه لوجه الله تعالى من الصدقات، فهو لم يزل له، لكنه نقله من حساب الدنيا إلى حساب الآخرة، فهو قد قدمه وينتظره هناك، فما رأيك عندما تأتي في الآخرة وأموالك التي قدمتها هي أمثال الجبال، ينتظرك ظل لك، وتطفئ غضب ربك، وتكون حسنات في موازينك، غير ما يحصل لك من المصالح العظيمة في الدنيا؟ فعند ذلك يتمنى صاحب المال أنه كان مكثرًا من الصدقات، فالأمر الآن بين يديك، كم من بلاء زال بسبب الصدقة! وكم من توفيق حصل بسبب الصدقة! وكم من كربة انفرجت بسبب الصدقة! وكم من جائع شبع أو عطشان روي بسبب الصدقة! فاجعل لك - أخي الكريم - منهجية مع الصدقة؛ فهي مخلوقة، وليست منقصة للمال، وإنني أقترح على أهل البيت أن يضعوا حصالة في البيت أو ما يشبهها، فيتصدقوا من خلالها بالقليل والكثير، يتصدق الكبير والصغير، وقد تكون أحيانًا صدقة سرٍّ لا يراه أحد منهم، ثم تفتح بشكل شهري، فتُصرف في وجوه البر، وفي هذا مصالح عظيمة في تعليم النفس والأولاد على البذل والجود، وأيضًا تكون مجالًا يسيرًا للصدقة اليومية؛ لأن أهل البيت قد لا يستطيعون أن يتصدقوا كل يوم على الفقراء، أما إذا وُجد هذا البرنامج وهذا المقترح، فإنه باستطاعتهم أن يتصدقوا في كل يوم مرة، والكل منا يعلم أن كل يوم يأتي فيه ملكان، ((يقول أحدهما: اللهم أعطِ منفقًا خلفًا، ويقول الآخر: اللهم أعطِ ممسكًا تلفًا))، فإن هذا المقترح وإن كان يسيرًا إلا أن فيه مصالح وقد يزداد وينمو فيما بعد ذلك، ثم يكون برنامجًا كبيرًا لأهل البيت.



أسأل الله تبارك وتعالى لنا جميعًا الهدى والتقى، والسداد والرشاد، والعفو والعافية، اللهم أوصلنا دار السلام بسلام، واحفظنا بحفظك التام، وقنا عذابك يوم تبعث عبادك، واجعلنا ممن رحمتهم ووسعت عليهم في دينهم وأخراهم، ووالدينا والمسلمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد، وعلى آله وأصحابه أجمعين، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

إرتواء نبض 05-01-2023 06:31 AM

يعطيك العآفيـه
على الموضوع الروعـه
شكراً لك من القلب على هذآ المجهُود ,
ماأنحرم من عطـآءك المميز يَارب !
حفظك الله ورعآيته .
لِـ روحك باقات الورد

نبضها حربي 05-01-2023 09:33 AM

جزاك الله خير

عـــودالليل 05-01-2023 11:57 AM

قيمه جيده لمحتها من خلال هذا
الجلب المميز في
محتواه
ونال الاستحسان
والاعجاب التام والرضى

وكل هذا
دليل ذائقه راقيه جدا أدت
لظهور هذا الطرح بهذا الشكل

اتمنى تقديم المزيد والاستمرار عل
نفس المنوال


و
لك كل احترامي وتقديري
واسعدك المولى


محمد الحريري

شموخ 05-01-2023 12:47 PM

سلمت اناملك لروعة ذوقك
يسعدك ربي ويحقق أمانيك

نجم الجدي 05-01-2023 01:09 PM

الله يعطيك العافيه على الطرح
اللي كله ابداااااااع

حضوري شكر وتقدير لك
ولاهتمامك في مواضيعك

اخوك
نجم الجدي

ضامية الشوق 05-01-2023 02:44 PM

جزاك الله خيرا

مجنون قصايد 05-01-2023 02:59 PM

بيض الله وجهك
طرح واختيار روعه للموضوع
لاحرمك الله رضاه

لك كل
تقديري واحترامي


مجنون قصآيد

ملكة الجوري 05-01-2023 04:29 PM

جزاك الله خيـــر
وزادك رفعه ورزقك الجنان



لا أشبه احد ّ! 05-02-2023 01:08 AM

:





















أطّروَحُة غّآمُرةَ
سَلمْتمَ وِدٌمتْم كَماَ تّحبُوٍن وَتُرضّوٌنّ


الساعة الآن 01:22 PM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
HêĽм √ 3.1 BY: ! ωαнαм ! © 2010
new notificatio by 9adq_ala7sas
جميع حقوق النشر لشعارنا و كتابنا ومسميات الموقع خاصة و محفوظة لدى منتديات قصايد ليل الأدبية