![]() |
شرح اسم الله ( الحفيظ والحافظ )
شرح اسم الله
( الحفيظ والحافظ ) الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، وبعد: روى البخاري ومسلم في صحيحيهما من حديث أبي هريرة- رضي الله عنه - أن النبي-صلى الله عليه وسلم- قال: "إِنَّ لِلَّهِ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ اسْمًا مِائَةً إِلَّا وَاحِدًا مَنْ أَحْصَاهَا دَخَلَ الْجَنَّةَ"[1] ومن أسماء الله الحسنى التي وردت في الكتاب العزيز (الحفيظ والحافظ)، قال تعالى: ﴿ إِنَّ رَبِّي عَلَى كُلِّ شَيْءٍ حَفِيظٌ ﴾ [هود: 57]. وقال تعالى: ﴿ وَرَبُّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ حَفِيظٌ ﴾ [سبأ: 21]. وأما الحافظ فقد ورد في قوله تعالى: ﴿ فَاللَّهُ خَيْرٌ حَافِظًا وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ ﴾ [يوسف: 64]. وقال تعالى: ﴿ إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ ﴾ [الحجر: 9]. قال الخطابي: هو الحافظ يحفظ السماوات والأرض وما فيهما لتبقى مدة بقائها فلا تزول ولا تَندَثِرُ، كقوله تعالى: ﴿ وَلَا يَئُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ ﴾ [البقرة: 255]. وقال تعالى: ﴿ وَحِفْظًا مِنْ كُلِّ شَيْطَانٍ مَارِدٍ ﴾ [الصافات: 7]. وقال تعالى: ﴿ إِنَّ اللَّهَ يُمْسِكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ أَنْ تَزُولَا وَلَئِنْ زَالَتَا إِنْ أَمْسَكَهُمَا مِنْ أَحَدٍ مِنْ بَعْدِهِ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا ﴾ [فاطر: 41]. وهو - سبحانه - يحفظ عبده من المهالك ومن مصارع السوء كقوله تعالى: ﴿ لَهُ مُعَقِّبَاتٌ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ ﴾ [الرعد: 11]. أي بأمره، ويحفظ على الخلق أعمارهم ويُحصي عليهم أقوالهم ويحفظ أولياءه فيعصمهم عن مُواقَعَةِ الذنوب ويحرسهم من مكائد الشيطان ليسلموا من فتنته وشرِّه[2]. ومن آثار الإيمان بهذين الاسمين العظيمين: أولًا: أن الحافظ لهذه السماوات السبع والأرضين وما فيها هو الله وحده لا شريك له، وهو - سبحانه - يحفظ السماء أن تقع على الأرض، قال تعالى: ﴿ وَجَعَلْنَا السَّمَاءَ سَقْفًا مَحْفُوظًا وَهُمْ عَنْ آَيَاتِهَا مُعْرِضُونَ ﴾ [الأنبياء: 32]. وقال - سبحانه -: ﴿ وَيُمْسِكُ السَّمَاءَ أَنْ تَقَعَ عَلَى الْأَرْضِ إِلَّا بِإِذْنِهِ ﴾ [الحج: 65]. ثانيًا: أن الله - سبحانه - يحفظ أعمال عباده فلا يضيع منها شيئًا ويوافيهم بها يوم الحساب، وفي الحديث القدسي: "يَا عِبَادِي إِنَّمَا هِيَ أَعْمَالُكُمْ أُحْصِيهَا لَكُمْ ثُمَّ أُوَفِّيكُمْ إِيَّاهَا"[3]. وقال تعالى: ﴿ وَكُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْنَاهُ كِتَابًا ﴾ [النبأ: 29]. وقد وَكَّلَ بهذه الأعمال حَفَظَةً كِرامًا من الملائكة، قال تعالى: ﴿ وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ * كِرَامًا كَاتِبِينَ * يَعْلَمُونَ مَا تَفْعَلُونَ ﴾ [الانفطار: 10 - 12]. ولا يسقط من الصحف شيئًا ولو صغر، قال تعالى: ﴿ وَيَقُولُونَ يَا وَيْلَتَنَا مَالِ هَذَا الْكِتَابِ لَا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصَاهَا ﴾ [الكهف: 49]. ثالثًا: أن الله تعالى هو الذي يحفظ العبد من الشرور والآفات ويحفظه من عقابه وعذابه إن هو حفظ حدود الله واجتنب محارمه، قال تعالى: ﴿ فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّهُ ﴾ [النساء: 34]. فبحفظهن لدين الله، ولحفظهن بالغيب حقوق أزواجهن من عرض، أو مال، أو ولد، أو غير ذلك حفظهن الله، روى الترمذي في سننه من حديث عبدالله بن عباس - رضي الله عنهما - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "احْفَظِ اللَّهَ يَحْفَظْكَ، احْفَظِ اللَّهَ تَجِدْهُ تُجَاهَكَ"[4]. رابعًا: مدح الله - سبحانه - الذين يحفظون حقوقه وحدوده، فقال بعدما ذكر بعضًا من صفاتهم: ﴿ وَالْحَافِظُونَ لِحُدُودِ اللَّهِ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ ﴾ [التوبة: 112]. وقال تعالى: ﴿ هَذَا مَا تُوعَدُونَ لِكُلِّ أَوَّابٍ حَفِيظٍ * مَنْ خَشِيَ الرَّحْمَنَ بِالْغَيْبِ وَجَاءَ بِقَلْبٍ مُنِيبٍ ﴾ [ق: 32، 33]. ومما يلزم المؤمن حفظه رأسه، وبطنه، وحفظ الرأس يدخل فيه حفظ السمع، والبصر، واللسان، من المحرمات، وحفظ البطن يتضمن حفظ القلب عن الإصرار على مُحَرَّمٍ، قال الله تعالى: ﴿ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي أَنْفُسِكُمْ فَاحْذَرُوهُ ﴾ [البقرة: 235]. وقد جمع الله ذلك كله في قوله: ﴿ وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا ﴾ [الإسراء: 36]. ويدخل في حفظ البطن حفظه من إدخال الحرام إليه من المأكولات والمشروبات. ومما يجب حفظه من المَنهِيَّاتِ حفظ اللسان والفرج، قال تعالى: ﴿ وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ ﴾ [الأحزاب: 35]. روى الإمام أحمد في مسنده من حديث أبي موسى الأشعري- رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم- قال: "مَنْ حَفِظَ مَا بَيْنَ فَقْمَيهِ وَفَرْجَهُ دَخَلَ الْجَنَّةَ"[5]. خامسًا: أن من أعظم ما يجب على المسلم حفظه من حقوق الله (التوحيد) فإن من حفظ هذا الحق حفظه الله يوم القيامة وأَمَّنَهُ من عذابه، قال تعالى: ﴿ الَّذِينَ آَمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ ﴾ [الأنعام: 82]. روى البخاري ومسلم في صحيحيهما من حديث معاذ- رضي الله عنه - أن النبي-صلى الله عليه وسلم- قال لمعاذ: "هَلْ تَدْرِي حَقَّ اللَّهِ عَلَى عِبَادِهِ؟ وَمَا حَقُّ الْعِبَادِ عَلَى اللَّهِ؟"، قُلْتُ: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، قَالَ: "فَإِنَّ حَقَّ اللَّهِ عَلى الْعِبَادِ أَنْ يَعْبُدُوهُ وَلَا يُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا، وَحَقَّ الْعِبَادِ عَلَى اللَّهِ أَنْ لَا يُعَذِّبَ مَنْ لَا يُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا"، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَفَلَا أُبَشِّرُ بِهِ النَّاسَ؟ قَالَ: "لَا تُبَشِّرْهُمْ فَيَتَّكِلُوا"[6]. وبالجملة فإن المؤمن مأمور بحفظ دينه أجمع، وكلما كان المؤمن لدينه أحفظ كان حفظ الله له أعظم، قال تعالى: ﴿ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَوْفُوا بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ وَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ ﴾ [البقرة: 40]. سادسًا: أن المحفوظ هو ما حفظه الله - سبحانه - وتعالى - وشاء له أن يُحفظ، وأما من شاء الله أن يضيع أو يتغير فإنه ضائع لا محالة، وقد تَكَفَّلَ الله بحفظ كتابه العزيز من التغيير، والتبديل إلى يوم القيامة، قال تعالى: ﴿ إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ ﴾ [الحجر: 9][7]. والحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين. [1] برقم 2736؛ وصحيح مسلم برقم 2677. [2] شأن الدعاء ص67-68. [3] جزء من حديث في صحيح مسلم برقم 2577. [4] برقم 2516، وقال الترمذي هذا حديث حسن صحيح. [5] (32/330)برقم 19559 وقال محققو المسند صحيح لغيره. [6] برقم 2856؛ وصحيح مسلم برقم 30. [7] انظر المنهج الأسمى في شرح أسماء الله الحسنى للنجدي (1/339-354). |
https://christlicheperlen.files.word...b5h11kz11t.png بااارك الله فيك وفي جلبك وطرحك الطيب وجزااك الله عناا كل خير واثابك الجنة عرضهاا السموات والارض اشكرك وسلمت الايااادي ويعطيك ربي الف عافية تحيتي وتقديري وبانتظااار جديدك دمتي وكوني بخير https://christlicheperlen.files.word...b5h11kz11t.png |
جزاك الله خير
|
بيض الله وجهك
طرح واختيار روعه للموضوع لاحرمك الله رضاه لك كل تقديري واحترامي مجنون قصآيد |
|