![]() |
التوحيد في سورة الفرقان
﴿ تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ ﴾ [الفرقان: 1]: تبارك؛ أي: كثُر خيرُه وزاد عطاؤه، ودام إنعامه، وعمَّت فضائله، وتبارك ﴿ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا ﴾ [الفرقان: 1]، وتبارك ﴿ الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ﴾ [الفرقان: 2]، وتبارك الذي ﴿ خَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيرًا ﴾ [الفرقان: 2].
بدأت السورة الكريمة ببيان وتقرير توحيد الربوبية، وختمت ببيان وتقرير توحيد الألوهية، فمن دلائل ربوبيته التي لم يُشاركه فيها أحد أن تفضَّل علينا بالنعم، وأعظم هذه النعم أنه ﴿ نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ ﴾ [الفرقان: 1]، فتلك تربية هداية وإرشاد وإصلاح، وقد تفضَّل بها علينا، وكما تفضَّل أيضًا بعطاء الربوبية في الخلق والتربية والإنماء، وما سخَّره وهيَّأه لحياتنا ومعاشنا وصلاحنا في هذه الحياة الدنيا.. أما تقرير الألوهية وهي توحيد العبادة، وتعني: أولًا: أن الله هو المعبود الأوحد؛ أي: الآمر المطاع في أوامره. ثانيًا: أن العابد حقًّا، هو الممتثل لأوامر الله، المتصف بتلك الأوصاف الواردة في خاتمة السورة، وهي أحد عشر في قوله تعالى: ﴿ وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا * وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّدًا وَقِيَامًا * وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا اصْرِفْ عَنَّا عَذَابَ جَهَنَّمَ إِنَّ عَذَابَهَا كَانَ غَرَامًا * إِنَّهَا سَاءَتْ مُسْتَقَرًّا وَمُقَامًا * وَالَّذِينَ إِذَا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا * وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا * يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا * إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا * وَمَنْ تَابَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَإِنَّهُ يَتُوبُ إِلَى اللَّهِ مَتَابًا * وَالَّذِينَ لَا يَشْهَدُونَ الزُّورَ وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَامًا * وَالَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ لَمْ يَخِرُّوا عَلَيْهَا صُمًّا وَعُمْيَانًا * وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا * أُولَئِكَ يُجْزَوْنَ الْغُرْفَةَ بِمَا صَبَرُوا وَيُلَقَّوْنَ فِيهَا تَحِيَّةً وَسَلَامًا * خَالِدِينَ فِيهَا حَسُنَتْ مُسْتَقَرًّا وَمُقَامًا ﴾ [الفرقان: 63 - 76]. يقول القرطبي: قوله تعالى: ﴿ أُولَئِكَ يُجْزَوْنَ الْغُرْفَةَ بِمَا صَبَرُوا ﴾: "أولئك" خبر، و"عباد الرحمن": مبتدأ في قول الزجاج على ما تقدَّم، وما تقدم بين المبتدأ - وهو "عباد الرحمن" - وخبره أوصافهم من التحلي والتخلي، وهي أحد عشر وصفًا: التواضع، والحلم، والتهجد، والخوف، وترك الإسراف، والإقتار، والنزاهة عن الشرك، والزنا، والقتل، والتوبة، وتجنُّب الكذب، والعفو عن المسيء، وقبول المواعظ، والابتهال إلى الله)، قلت: هي أكثر من أحد عشر، لكنها أوصاف الذين نالوا شرف العبودية لله عز وجل، فأضافهم إلى عبوديته تشريفًا لهم؛ فمقام العبودية هو أسمى المقامات، كما أجابت السورة عن تساؤلات المشركين، واقتراحاتهم حول القرآن والرسالة والقيامة، فقد جاء فيها خمس مقالات للكفار الذين لا يرجون لقاء الله، وخمس مقالات للرسول صلى الله عليه وسلم، غير أن أهم ما قاله الرسول صلى الله عليه وسلم هو قوله: ﴿ وَقَالَ الرَّسُولُ يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَذَا الْقُرْآنَ مَهْجُورًا ﴾ [الفرقان: 30]، فقد يقرأ القرآن وهو مهجور، وقد يهجر مع أنه يقرأ ويتلى؛ ذلك لأن القراءة ليست هي قراءة اللفظ وفقط؛ بل إن القراءة تعني: التدبر والتفهم والتفقه، والتأمل والتتبع والتعلم، كما تعني التنسك والتعبد والتحمل، وكذلك التلاوة تعني الاتباع، ومن هنا كما ذكر ابن القيم في فوائده: قال: أنواع هجر القرآن: أحدها: هجر سماعه والإيمان به والإصغاء إليه، والثاني: هجر العمل به والوقوف عند حلاله وحرامه، وإن قرأه وآمن به، والثالث: هجر تحكيمه والتحاكم إليه، والرابع: هجر تدبُّره وتفهُّمه، ومعرفة ما أراد المتكلم به منه، والخامس: هجر الاسشفاء والتداوي به في جميع أمراض القلوب وأدوائها، وكل ذلك داخل في قوله: ﴿ وَقَالَ الرَّسُولُ يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَذَا الْقُرْآنَ مَهْجُورًا ﴾، وإن بعض الهجر أهونُ من بعض؛ انظر: [الفوائد، دار الريان للتراث، ط 1 /1987 القاهرة - ص 112]. |
الله يعطيك العافيه على الطرح
اللي كله ابداااااااع حضوري شكر وتقدير لك ولاهتمامك في مواضيعك اخوك نجم الجدي |
الله يعطيك العافيه
ويكثر من امثالك اخترت الموضوع المناسب بمعلوماته احترامي مجنون |
جزاك المولى الجنه
وكتب الله لك اجر هذه الحروف كجبل احد حسنات |
*،
آنتقاء مميز .. مَ ننحرم من جديدك |
قلائد أمتنان لهذة
الذائقة العذبة في الانتقاء لروحك الجوري |
يسلمو ع المرور
|
سلمت أناملك على الجلب المميز
اعذب التحايا لك |
الله يجزاك الجنه
و ينورقلبك بارك الله فيك و فقك الله لمايحبه و يرضاه |
يسلمو ع المرور
|
الساعة الآن 02:11 PM |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By
Almuhajir
HêĽм √ 3.1 BY: ! ωαнαм ! © 2010
new notificatio by 9adq_ala7sas
جميع حقوق النشر لشعارنا و كتابنا ومسميات الموقع خاصة و محفوظة لدى منتديات قصايد ليل الأدبية