![]() |
النبي الأعظم في خدمة الخلق وقضاء حوائجهم
الإحسان للناس لا يُحسِنه كُلُّ أحدٍ، وتلك والله المكارِمُ التي بُعِث الرسولُ - صلَّى الله عليه وسلَّم - ليُتمِّمها ويكون له القدح المعلَّى منها، والمكارم مَنُوطةٌ بالمكاره، وهي كما قال سعيد بن العاص: "يا بني، إنَّ المكارم لو كانَتْ سهلةً يَسِيرة لسابَقَكم إليها اللائم، ولكنَّها كريهةٌ مُرَّة لا يَصبِر عليها إلاَّ مَن عرَف فضلها ورجا ثوابها".
ومَن يتتبَّع سيرة رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - يجده أعظمَ الخلق قضاءً لحوائج الناس؛ فعن جابر بن عبدالله - رضِي الله عنْهما - قال: ما سُئِل رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - شيئًا قطُّ فقال: لا، وهذا من كمال جُودِه وسَعيِه في حوائج الناس، بنفسه وماله وبكلِّ ما يُمكِنه. قال الإمام ابن القيِّم - رحمه الله -: "كان - صلَّى الله عليه وسلَّم - أعظمَ الناس صدَقةً بما ملَكَتْ يده، وكان لا يستَكثِر شيئًا أعطاه لله - تعالى - ولا يستقلُّه، ولا يَسأَله أحدٌ شيئًا عندَه إلا أعطاه، قليلاً كان أو كثيرًا، وكان عَطاؤه عطاءَ مَن لا يخاف الفقر، وكان العطاء والصدقة أحبَّ شيءٍ إليه، وكان سروره وفرحه بما يُعطِيه أعظمَ من سرور الأخذ بما يأخذه، وكان أجودَ الناس بالخير، يمينه كالرِّيح المرسلة، وكان إذا اعتَرض له محتاجٌ آثَرَه على نفسه؛ تارةً بطعامه، وتارةً بلباسه، وتارةً بالصدقة، وتارةً بالهديَّة، وتارةً بشِراء الشيء، ثم يُعطِي البائع الثمن والسِّلعة جميعًا، كما فعَل بجابر، وتارةً كان يقتَرِض الشيءَ فيرد أكثر منه وأفضل وأكبر، ويشتَرِي فيعطي أكثر من ثمنه ويَقبَل الهديَّة ويُكافِئ عليها بأكثر منها أو بأَضعافِها؛ تلطُّفًا وتنوُّعًا في ضروب الصدقة والإحسان بكلِّ مُمكِن، وكانت صدقته وإحسانه بما يَملِكه وبحاله وبقوله، فيُخرِج ما عنده ويَأمُر بالصدقة، ويَحُضُّ عليها، ويدعو إليها بحاله وقوله، فإذا رآه البَخِيل الشَّحِيح دَعاه حالُه إلى البذل والعَطاء، وكان مَن خالَطَه وصَحِبَه ورأى هديَه لا يملك نفسَه من السماحة والنَّدَى. إنَّ القِيام بخدمة الناس وقضاءِ حوائجهم خُلُقٌ نبويٌّ، وقد جاء في "مكارم الأخلاق"؛ لابن أبي الدنيا، عن أبي قتادة - رضِي الله عنْه - قال: لمَّا وفد النجاشي على النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - قام يخدمهم بنفسه، فقلنا: تَكفِي ذاك يا رسول الله، قال: ((إنهم كانوا لأصحابنا مكرمين)). وكان - صلَّى الله عليه وسلَّم - يقوم على حاجة الأرامل والمساكين، وكان - صلَّى الله عليه وسلَّم - لا يأنَفُ أن يمشي مع الأرملة والمسكين فيقضي حاجتهم. وفي "صحيح البخاري" عن أنس بن مالك - رضِي الله عنْه - قال: كانت الأمَة من إماء أهل المدينة لَتأخذ بيد رسول الله فتنطَلِق به حيث شاءت. وفي "صحيح مسلم" عنه - رضِي الله عنْه - أنَّ امرأةً كان في عقلها شيءٌ، فقالت: يا رسول الله، إنِّي لي إليك حاجَة، فقال: ((يا أمَّ فلان، انظُرِي أي السكك شئتِ حتى أقضي لك حاجتك))، فخلاَ معها في بعض الطُّرُق حتى فرغت من حاجتها، وكان رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - يتَفَقَّد أصحابَه، ويسأل الناس عمَّا في الناس، ويُحَسِّن الحسن ويقوِّيه، ويُقبِّح القبيح ويُوهِنه، وكان الصحابة - رضِي الله عنْهم - يَؤمُّون رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - حوائجهم. فعن حصين بن محصن، عن عمِّةٍ له، أنها أتَتْ رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - تَطلُب حاجةً، فلمَّا قَضَتْ حاجتها قال - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((ألك زوج؟))، قالت: نعم، قال - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((فأين أنت منه؟))، قالت: ما آلُوه خير إلا ما عجزت عنه، قال: ((انظري فإنَّه جنَّتك ونارُك))؛ رواه الحاكم وصحَّحه. وكان من هديِه - صلَّى الله عليه وسلَّم - في بيته أنْ يكون في خدمة أهله؛ ففي البخاري عن الأسود قال: سألت عائشة - رضِي الله عنها - ما كان النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - يصنع في بيته؟ قالت: كان يكون في مهنة أهله - تعني: خدمة أهله - فإذا حضرت الصلاة خرج إلى الصلاة، قال الحافظ ابن حجر: "وقد وقَع في حديثٍ آخَر لعائشة - رضِي الله عنه - أخرَجَه أحمد وابن سعد، وصحَّحه ابن حبَّان من رواية هشام بن عروة، عن أبيه قال: قلتُ لعائشة: ما كان رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - يصنع في بيته؟ قالت: يخيط ثوبَه ويخصف نعلَه، ويعمَل ما يعمَل الرجال في بيوتهم، وفي روايةٍ لابن حبَّان: ما يعمَل أحدكم في بيته. وله ولأحمد من رواية الزهري، عن عروة، عن عائشة: "يخصف نعلَه ويخيط ثوبَه، ويُرَقِّع دلوَه"، وفي لفظ: "ما كان إلا بشرًا من البشر، كان يفلي ثوبه، ويحلب شاته، ويخدم نفسَه". قال ابن بطَّال: من أخلاق الأنبياء التواضُع، والبعد عن التنعُّم، وامتِهان النفس؛ ليُستَنَّ بهم، ولئلا يخلدوا إلى الرفاهية المذمومة. قال في "طرح التثريب" في الحديث: إنَّ الأئمَّة والعُلَماء يَتناوَلون خدمةَ أمورهم بأنفسهم، وإنَّ ذلك من فِعل الصالحين. إنَّ خدمة الرجل أهلَه من أخلاق الأنبياء - عليهم السلام - وفي قصَّة موسى - عليه السلام - ما يُشِير إلى ذلك؛ قال - تعالى -: ﴿ إِذْ رَأَى نَارًا فَقَالَ لِأَهْلِهِ امْكُثُوا إِنِّي آنَسْتُ نَارًا لَعَلِّي آتِيكُمْ مِنْهَا بِقَبَسٍ أَوْ أَجِدُ عَلَى النَّارِ هُدًى ﴾ [طه: 10]. إنَّ من الناس مَن يخدم كلَّ أحدٍ إلا أهله، ويَغِيب عن هذا أنَّ السعيد مَن سَعِدَ به أهلُه، والشقيَّ مَن شقي به أهلُه وقرابَتُه. |
*،
آنتقاء مميز .. مَ ننحرم من جديدك |
جعله الله في ميزان أعمالك يوم القيامه
بارك الله فيك |
ماشاء الله تبارك الرحمن
ذوق في اختيارك وعافيه عليك وعلى الطرح الراقي لاحرمك الله رضاه لك كل تقديري واحترامي مجنون قصآيد |
جمال الاختيار
خلفه ذآئقة جميله جدا تعرف ماذا تقدم محتوى الطرح اكثر من راقي من الاعماق اقدم لك شكري واحترامي ليل المواجع محمد الحريري |
الله يجزاك الجنه
و ينورقلبك بارك الله فيك و فقك الله لمايحبه و يرضاه |
|
جزاك الله خير
|
يسلمو على المرور
|
جعله الله في موازين حسناااتك
|
الساعة الآن 03:12 AM |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By
Almuhajir
HêĽм √ 3.1 BY: ! ωαнαм ! © 2010
new notificatio by 9adq_ala7sas
جميع حقوق النشر لشعارنا و كتابنا ومسميات الموقع خاصة و محفوظة لدى منتديات قصايد ليل الأدبية