منتديات قصايد ليل

منتديات قصايد ليل (http://www.gsaidlil.com/vb/index.php)
-   …»●[ أرواح أيمـــانيـــه ]●«… (http://www.gsaidlil.com/vb/forumdisplay.php?f=3)
-   -   متعة العبودية (http://www.gsaidlil.com/vb/showthread.php?t=170248)

جنــــون 01-29-2020 09:51 PM

متعة العبودية
 
«متعة العبودية» التي تستطيبها كل نفس سامية، وتجحدها كل نفس وضيعة .. العبودية زاد القلب وروضة الوجدان، ومتعة الإنسان، وهي أعظم لقب، وأشرف وصف، وأسمى رتبة، وأعلى درجة يرتقي إليها العبد، ولذلك شرف الله تعالى بها أنبيائه وصفوة خلقه، { {وَاذْكُرْ عِبَادَنَا إبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ أُوْلِي الْأَيْدِي وَالْأَبْصَارِ} } [ص:45] { {تِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي نُورِثُ مِنْ عِبَادِنَا مَن كَانَ تَقِيّاً} } [مريم:63]

فأعظم الناس تحقيقاً لهذا المقام هم الأنبياء والرسل، وأعظمهم على الإطلاق نبينا محمد -صلى الله عليه وسلم- ولهذا تكرر ذكره بوصف بالعبودية المجردة في القرآن .. فذكره الله تعالى بوصف العبودية في أشرف المقامات كمقام الوحي فقال سبحانه: { {الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَابَ وَلَمْ يَجْعَل لَّهُ عِوَجَا} } [الكهف:1]، وفي مقام الإسراء فقال جل شأنه: { {سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ} } [الإسراء:1]، وفي مقام الدعوة فقال تعالى: { {وَأَنَّهُ لَمَّا قَامَ عَبْدُ اللَّهِ يَدْعُوهُ كَادُوا يَكُونُونَ عَلَيْهِ لِبَداً} } [الجن:19]

والارتقاء إلى مقام العبودية لا يكون ابتداء إلا بترك كل ما يشغلك عن الله عز وجل وإن كان فيه نوعا من الألم وهجر العادة، لأن ترك القلب لمحبوباته ابتغاء رضا الله تعالى لا ينفك عن نوع من المشقة التي يعقبها إلف وانسجام مع ما يحبه الله تعالى، فإن وفق الله عبده ارتقى لعتبة الذل والتضرع بين يدي الكريم والوهاب، وعندها تكون متعة القلب بالعبودية .. متعة لا تدانيها متعة، وهذا غاية العبودية ومنتهاها.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية: "والعبد كلما كان أذل لله وأعظم افتقاراً إليه وخضوعاً له، كان أقرب إليه، وأعز له، وأعظم لقدره، فأسعد الخلق: أعظمهم عبودية لله، وأما المخلوق فكما قيل: احتج إلى من شئت تكن أسيره، واستغن عمن شئت تكن نظيره، وأحسن إلى من شئت تكن أميره. فأعظم ما يكون العبد قدراً وحرمة عند الخلق إذا لم يحتج إليهم بوجه من الوجوه، فإن أحسنت إليهم مع الاستغناء عنهم، كنت أعظم ما يكون عندهم، ومتى احتجت إليهم ولو في شربة ماء نقص قدرك عندهم بقدر حاجتك إليهم، وهذا من حكمة الله ورحمته، ليكون الدين كله لله ولا يشرك به شيء".

قال القاضي أبو يعلى: "حقيقة العبادة هي الأفعال الواقعة لله عز وجل على نهاية ما يمكن من التذلل والخضوع المتجاوز لتذلل بعض العباد".. فنهاية التذلل الخضوع وكمالهما لا تتحقق إلا بالمحبة والتعظيم. لذلك يقول ابن تيمية: "فأصل المحبة المحمودة التي أمر الله بها، وخلق لأجلها، هي ما في عبادته وحده لا شريك له؛ إذ العبادة متضمنة لغاية الحب بغاية الذل"

وقال أيضا: "من خضع لإنسان مع بغضه له لا يكون عابداً له، ولو أحب شيئاً ولم يخضع له لم يكن عابداً له، كما قد يحب الرجل ولده وصديقه، ولهذا لا يكفي أحدهما في عبادة الله تعالى، بل يجب أن يكون الله أحب إلى العبد من كل شيء، وأن يكون الله أعظم عنده من كل شيء، بل لا يستحق المحبة والخضوع التام إلا الله".

والاستقراء يدل على أنه كلما كان الرجل أعظم استكبارًا وإعجابا بعبادته كلما كان عمله أدعى للبوار .. قال أبو وهب المروزي: "سألت ابن المبارك: ما الكِبْر؟ قال: أن تزدري الناس. فسألته عن العُجْب؟ قال: أن ترى أن عندك شيئاً ليس عند غيرك، لا أعلم في المصلِّين شيئًا شراً من العُجْب".

وقال مطرِّف بن عبد الله: "لأن أبيت نائمًا وأُصبح نادمًا أحبُّ إليَّ من أن أبيتَ قائمًا وأُصبح معجَبًا".

وقيل لعائشة رضي الله عنها: "متى يكون الرجل مسيئاً؟ قالت: "إذا ظن أنه محسن".

إن الله سبحانه كان محسناً في الأزل، وله الجلال والجمال والكمال بلا مشارك، وأنه أراد أن يُفيض إحسانه على مخلوق يخلقه، وهو الإنسان خلاصة الوجود، وموضع فضل الإله، فصَوّره بأحسن صورة، وأسبغ عليه نعمه ظاهرة وباطنة، وسخر له كل شيء، وإنما خلقه من أجله لا من أجل المخلوقات، فإذا تعلّق قلبه بالمخلوقات انقطع عن إلهه ومعبوده الحق.

ولقد فطر الله تعالى العباد على إرادة الخالق ومحبته، فإذا تشوشت الفطرة بحجب الجهل أو الهوى تعلقت إرادتها ومحبتها بغيره سبحانه، من متاع دنيا أو عشق الصور مما يتوهم الإنسان أن فيه نعيمه ولذته متغافلا عن حتمية حصول اﻷلم والهم والغم لمخالفته طبيعة الفطرة التي جبل عليها.

ولولا طول الأمل، وخصوبة خيال الإنسان، كذلك الأماني التي هي سمة النفس الفارغة، والشهوة والأغاني المهيجة والغفلة والإعراض عن الوعد والوعيد لما انتكست الفطرة وتشتت.

خاصة أن القلب إذا تعلق بما سوى الله يتوهم أن فيه راحته ومتعته، وتعمى بصيرته عن رؤية مساوئه، وتصم أذنه عن سماع نقده وهجائه، ولذلك قال العلماء: "العشق ﻻ يكون إلا مع فساد التصور للمعشوق، ومع صحة التصور ﻻ يحصل الإفراط في الحب".

وأهل العبودية كما كانوا سادة في الدنيا فهم أيضا سادة في الآخرة .. قال مالك بن دينار: "جنات النعيم بين الفردوس وبين جنات عدن، فيها جوار خلقن من ورد الجنة، يسكنها الذين هموا بالمعاصي فلما ذكروا الله عز وجل راقبوه، فانثنت رقابهم من خشية الله عز وجل".

أما المفرطون فمعذبون .. قال تعالى: { {وَلَهُمْ عَذَابٌ مُقِيمٌ} } [المائدة:37] قيل: هذا إشارة إلى ما هو لازم لهم في الدنيا والآخرة، من آلامهم النفسية غماً وحزناً وقسوة وظلمة قلب وجهلاً، فإن للكفر والمعاصي من الآلام العاجلة الدائمة ما الله تعالى به عليم، ولهذا تجد غالب هؤلاء لا يُطيِّبون عيشهم إلا بما يزيل عقولهم ويُلهي قلوبهم من تناول مسكر أو رؤية مُلْهٍ أو سماع مطرب ونحو ذلك، فهذا للكفار منه النصيب الكامل وللعصاة نصيب منه بحسب معاصيهم.

عـــودالليل 01-29-2020 10:02 PM

مُعجب بكل ماشاهدت
وقرأت خلال تواجدي على هذا
الموضوع

دليل جمال ذآئقه
عالية المستوى ودقه في إختيار الطرح

شكري لك
من القلب على مجهودك

محمدالحريري

ضامية الشوق 01-29-2020 11:01 PM

سلمت يمناك
طرح جميل جدا

مجنون قصايد 01-29-2020 11:05 PM

ماشاء الله تبارك الرحمن
ذوق في اختيارك
وعافيه عليك وعلى الطرح الراقي
لاحرمك الله رضاه
‏لك كل
تقديري واحترامي
مجنون قصآيد

ملكة الجوري 01-29-2020 11:57 PM

الله يجزاك الجنه
و
ينورقلبك
بارك الله فيك
و
فقك الله لمايحبه
و
يرضاه

نبضها حربي 01-30-2020 12:19 AM

طرح رائع
يعطيك العافيه

فزولهآ 01-30-2020 01:31 PM

طرح جميل

نجم الجدي 01-31-2020 12:07 AM

الله يعطيك العافيه على الطرح
اللي كله ابداااااااع


حضوري شكر وتقدير لك
ولاهتمامك في مواضيعك


اخوك
نجم الجدي

البرنسيسه فاتنة 01-31-2020 01:56 AM

جعله الله في ميزان أعمالك يوم القيامه
بارك الله فيك

الغنــــــد 02-01-2020 03:04 AM

يسعدك ربي

ويعطيك العااافيه


الساعة الآن 10:22 PM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
HêĽм √ 3.1 BY: ! ωαнαм ! © 2010
new notificatio by 9adq_ala7sas
جميع حقوق النشر لشعارنا و كتابنا ومسميات الموقع خاصة و محفوظة لدى منتديات قصايد ليل الأدبية