منتديات قصايد ليل

منتديات قصايد ليل (http://www.gsaidlil.com/vb/index.php)
-   …»●[ خ ـــيـر الخـلــق ]●«… (http://www.gsaidlil.com/vb/forumdisplay.php?f=4)
-   -   من وصايا الرسول صلى الله عليه وسلم / توبوا إلى الله (http://www.gsaidlil.com/vb/showthread.php?t=169620)

جنــــون 01-18-2020 09:35 PM

من وصايا الرسول صلى الله عليه وسلم / توبوا إلى الله
 
من وصايا الرسول صلى الله عليه وسلم / أمرنا رسول الله بسبع ونهانا عن سبع
توبوا إلى الله (2)
والناس في التوبة على أربعة أقسام:

الأول: توبة أصحاب النفوس المطمئنة، وهم الذين يتوبون إلى الله توبة نصوحاً ويستقيمون عليها إلى آخر العمر، ويتداركون ما فرطوا فيه، ولا يحدثون أنفسهم بالعودة إلى الذنوب، ولا إلى الذلات التي لا ينفك عنها البشر في العادات.



وأولئك هم السابقون في الخيرات – جعلنا الله منهم.



يناديهم ربهم عند موتهم بقوله – جل شأنه - : { يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً فَادْخُلِي فِي عِبَادِي وَادْخُلِي جَنَّتِي } (سورة الفجر:27-30).



ويناديهم بذلك أيضاً يوم القيامة بلا صوت ولا حرف يسمعونه، بلا كيف ولا مثل، ولا نسأل كيف يسمعونه فذلك أمر لا نعلمه، ولو علمناه لا نقدر على فقهه واستيعابه، ولكن من ذاق عرف – كما يقولون - .



وهؤلاء يختلفون فيما بينهم، فمنهم من سكتت شهوته تحت قهر المعرفة ففتر نزاعها، ومنهم من تنازعه نفسه فهو مشغول بمجاهدتها.



الثاني: توبة أصحاب النفوس اللوامة، وهم الذين تابوا إلى الله توبة نصوحاً، وسلكوا الطريق المستقيم في أمهات الطاعات، وتركوا الكبائر، ولم يقعوا في الصغائر عن عمد، وكلمت أتوا شيئاً منها لاموا أنفسهم، وندموا وعزموا على الاحتراز من أسبابها، ولم يستخفوا بها، ولم يصروا عليها ساعة من نهار، وأخذوا بالقول الذي تقدم ذكره: "لا صغيرة مع الإصرار ولا كبيرة مع الاستغفار"، ووضعوا أنفسهم موضع الاختيار فحاسبوها أولاً بأول، فأولئك هم أصحاب اليمين.



وهؤلاء لهم من الله حسن الجزاء، وإن قل عن درجة السابقين.



الثالث من أقسام: أصحاب النفوس المسولة، التي تغلب صاحبها كثيراً فيكبح جماحها تارة ويعجز عن ذلك تارة أخرى.



وهؤلاء يتوبون إلى الله توبة نصوحاً، ثم تغلبهم شهواتهم فيقترفون بعض الذنوب، وقد تكون من الكبائر، إلا أنهم مع ذلك يواظبون على تأدية الواجبات، فيصلون ويصومون ويزكون ويحجون، ويجاهدون في سبيل الله، ويبرون آباءهم وأمهاتهم، ويكرمون الضيف، ويحسنون إلى الجار، وما إلى ذلك من الواجبات والسنن والمستحبات.



وهؤلاء قد خلطوا عملاً صالحاً وآخر سيئاً فعسى الله أن يتوب عليهم توبة السابقين، أو توبة أصحاب اليمين.



فأمر هؤلاء إلى الله فإن شاء عفا عنهم وإن شاء عاقبهم، وهم إلى العفو أقرب – إن شاء الله – كما يدل عليه قوله تعالى: { وَآخَرُونَ اعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ خَلَطُوا عَمَلًا صَالِحًا وَآخَرَ سَيِّئًا عَسَى اللَّهُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ } (سورة التوبة: 102).



وعسى في جانب الله تفيد تحقيق الوقوع، فالله عند ظن عبده به إن خيراً فخير، وإن شراً فشر، كما قال صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي رواه البخاري ومسلم وغيرهما.



وقد قال صلى الله عليه وسلم فيما رواه البخاري ومسلم عن جابر بن عبد الله – رضي الله عنه-: "لَا يَمُوتَنَّ أَحَدُكُمْ إِلَّا وَهُوَ يُحْسِنُ الظَّنَّ بِاللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ"، وقد تقدم هذا الحديث فراجعه إن شئت.



الرابع من الأقسام: أصحاب النفوس الأمارة، وهؤلاء يتوبون من ذنوبهم توبة لا يصحبها عزم على ترك الذنب، ولا عزم على تدارك ما فات، ثم ينهمكون في الذنوب ولا الذنوب ولا يحدثون أنفسهم بعد ذلك بتوبة.



فهؤلاء من المصرين على الذنوب، لا تقبل توبتهم إلا إذا تركوا الإصرار، وأكثروا من الاستغفار مع الندم على ما فات، والعزم على عدم العود، وبذل الجهد في العمل الصالح.



ويخشى على هؤلاء من سوء الخاتمة: { إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلَّا مَا رَحِمَ رَبِّي إِنَّ رَبِّي غَفُورٌ رَحِيمٌ } (سورة يوسف: 53).



وإن مات واحد من هؤلاء على التوحيد يرجى له الخلاص من النار، ولو بعد حين.

* * *



وأما قوله صلى الله عليه وسلم: "وَبَادِرُوا بِالْأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ قَبْلَ أَنْ تُشْغَلُوا"، فهو بتحصيل برهان صحة التوبة؛ لأن التوبة النصوح مقرونة بالعمل الصالح، وذلك في جميع آي القرآن التي تتحدث عن التوبة والتائبين، وقد مرت بك بعض الآيات الدالة على ذلك، فلا توبة بلا عمل، فالتوبة كالسفينة والتائب ربانها، والعمل كالماء بالنسبة لها، فكيف ترجو أن تنجو من عذاب الله من غير عمل.

ترجو النجاة ولم تسلك مسالكها

إن السفينة لا تجري على اليبس



يقول الله – عز وجل – في سورة طه: { وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى } (آية: 82) أي ثم لازم الهدى إلى نهاية عمره.



وقد يعتري التائب ظرف يشغله عن العمل، أو يعوقه عن الوفاء به، فعليه أن يغتنم شبابه قبل هرمه، وغناه قبل فقره، وصحته قبل مر ضه، وفراغه قبل شغله وحياته قبل موته، كما جاء في الحديث سبق شرحه.



فالشواغل كثيرة، والعزائم قد يصيبها الوهن في بعض الأحيان، فما على المسلم إلا أن يقسم أوقاته، فيجعل وقتاً لربه، ووقتا لنفسه، ووقتاً لأهله، وليؤثر ما يبقى على يفنى، وليتزود من الدنيا بزاد ينفعه للآخرة.



{ وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ } (سورة البقرة: 197).

والتقوى: هي طلب الوقاية من عذاب الله تعالى بفعل الطاعات واجتناب المحرمات.



والعاقل حقاً من زهد في الدنيا ورغب في الآخرة، ولم يدخر وسعاً في تحرير نفسه من عبودية الشهوات والملذات الفانية، واتجه بقلبه إلى خالقه ومولاه ووهب أنفاسه لله.



{ قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ } سورة الأنعام: 162-163).



والأمر في هذه الآية للرسول صلى الله عليه وسلم بالأصالة ولأمته بالتبعية، إلا أن المسلم لا يقول: وأنا أول المسلمين؛ فذاك هو محمد عليه الصلاة والسلام – ولكن يقول/ وأنا من المسلمين.



والقول لا يكون باللسان وحدخ ولكن يكون بالقلب واللسان معاً، والعمل بصدق ذلك أو يكذبه.



نسأل الله أن يجعلنا من الصادقين في أقوالنا وأفعالنا.

* * *

وأما قوله صلى الله عليه وسلم في الحديث: "وَصِلُوا الَّذِي بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ رَبِّكُمْ بِكَثْرَةِ ذِكْرِكُمْ لَهُ وَكَثْرَةِ الصَّدَقَةِ فِي السِّرِّ وَالْعَلَانِيَةِ تُرْزَقُوا وَتُنْصَرُوا وَتُجْبَرُوا". فهو بيان لمواطن البر ومصارفها، وتنبيه على أفضل الأعمال التي تصل العبد بربه، وتجعله سعيداً في دنياه وآخرته.



أما ذكر الله: فهو الروح والريحان، وهو الأمن والإيمان، وهو نعيم الدنيا والآخرة.



قال رجل من الصالحين: عجبت لقوم خرجوا من الدنيا ولم يستمتعوا بنعيمها!! قيل: أو في الدنيا نعيم يا رجل؟!، قال: نعم فيها نعيم يعدل نعيم الجنة، قالوا: وما هو؟، قال: ذكر الله.



إنه الصلة الوثيقة بين العبد وربه حقاً؛ إذ يبادله ذكراً بذكر وحباً بحب.



يقول الله – عز وجل – في الحديث القدسي: "أَنَا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِي بِي وَأَنَا مَعَهُ إِذا ذَكَرَنِي فَإِنْ ذَكَرَنِي فِي نَفْسِهِ ذَكَرْتُهُ فِي نَفْسِي وَإِنْ ذَكَرَنِي فِي مَلَإٍ ذَكَرْتُهُ فِي مَلَإٍ خَيْرٍ مِنْهُمْ وَإِنْ تَقْتَرَبَ إِلَيَّ شِبْرًا تَقْتَرَبْتُ إِلَيْهِ ذِرَاعًا وَإِنْ تَقْتَرَبَ إِلَيَّ ذِرَاعًا تَقْتَرَبْتُ مِنه بَاعًا، وَإِنْ أَتَانِي يَمْشِي أَتَيْتُهُ هَرْوَلَةً".



وهذا الحديث تفسير لقوله تعالى: { فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لِي وَلَا تَكْفُرُونِ } (سورة البقرة: 152).

وبيان لفحوي قوله تعالى في سورة العنكبوت: { اتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ } (آية: 45). أي: ولذكر الله إياكم أكبر من ذكركم إياه.



والذكر لا يقتصر أمره على التسبيح، والتحميد، والتهليل والتكبير، وقراءة القرآن، ولكن يكون أيضاً بتدبر القرآن والتفكر في مخلوقات الله – عز وجل – بل إن التدبر في الآيات القرآنية، والتفكير في الآيات الكونية هو المعول عليه في الذكر، فلا يكون لبيباً من لم يأخذ من كتاب ربه العظة والعبرة, ويأخذ البرهان الساطه على التوحيد الخالص من نفسه أولاً ومن الكون الذي هو ذرة منه ثانياً.



يقول الله عز وجل: { إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ } (سورة آل عمران: 190-191).



ويقول جل شأنه: { سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ } (سورة فصلت: 53).



فالذكر والتفكر قرينان متلازمان، والمؤمن لا يذكر الله بلسانه فحسب ولكن يذكره بعقله وقلبه ذكراً يهتز له كيانه كله.



وقد أمر الله المؤمنين بالإكثار من ذكره، ووعدهم على ذلك أجراً عظيماً، فقال في سورة الأحزاب: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلَائِكَتُهُ لِيُخْرِجَكُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيمًا تَحِيَّتُهُمْ يَوْمَ يَلْقَوْنَهُ سَلَامٌ وَأَعَدَّ لَهُمْ أَجْرًا كَرِيمًا } (سورة الأحزاب: 41-44).



ومعنى: { اذْكُرُوا اللَّهَ } في الآية: تفكروا في مخلوقاته وفي آلائه، واشكروه على وافر نعمه.



ومعنى قوله: { وَسَبِّحُوهُ }: نزهوه عن كل ما لا يليق بذاته بألسنتكم وقلوبكم، واشهدوا له بالوحدانية كما شهدت به جميع الكائنات، فما من شيء في هذا الوجود إلا وهو يوحده ويسبح بحمده.



ومعنى قوله: { يُصَلِّي عَلَيْكُمْ }: يرحمكم، ويبارك لكم فيما وهبكم، ويعفو عنكم إذا ما ذكرتموه ذكراً كثيراً وسبحتموه بكرة وأصيلاً.

والصلاة من الملائكة دعاء واستغفار.



ولا شك أن ذكر الله يشرح الصدر وينيره، ويرقق القلب ويثبته على الإيمان الكامل واليقين الصادق.



قال تعالى: { أَفَمَنْ شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ فَهُوَ عَلَى نُورٍ مِنْ رَبِّهِ فَوَيْلٌ لِلْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ أُولَئِكَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ } (سورة الزمر: 22).



أي أفمن وسع الله صدره وأناره بالعلم والذكر كمن تركه ضيقاً حرجاً، وهذا كقوله تعالى: { فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاءِ كَذَلِكَ يَجْعَلُ اللَّهُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ } (سورة الأنعام: 125).



وأعظم ما ينشرح به الصدر تلاوة القرآن، فقد قال الله - عز وجل – بعد قوله { أَفَمَنْ شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ }: { اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُتَشَابِهًا مَثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ ذَلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ } (سورة الزمر: 23).



والتلاوة التي يتأتى منها ذلك هي التي يصحبها التدبر الأمثل المبني على الفقه الدقيق لمعاني الألفاظ ومراميها.



يقول الله - عز وجل - { كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ } (سورة ص: 29).



أما القراءة وحدها فإنها ذكر يؤجر المرء عليه، ولكن لا يكون الأجر أتم وأكمل، ولا يكون النفع أعظم وأجل إلا مع التدبر.



وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: "وَمَا اجْتَمَعَ قَوْمٌ فِي بَيْتٍ مِنْ بُيُوتِ اللَّهِ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَيَتَدَارَسُونَهُ بَيْنَهُمْ إِلَّا حَفَّتْهُمْ الْمَلَائِكَةُ وَنَزَلَتْ عَلَيْهِمْ السَّكِينَةُ وَغَشِيَتْهُمْ الرَّحْمَةُ وَذَكَرَهُمْ اللَّهُ فِيمَنْ عِنْدَهُ".

* * *

وأما الإيصاء بكثرة الصدقة في السر والعلانية بعد الإيصاء بالتوبة والذكر فلأنه من لوازمهما.



فالصدقة تطفئ غضب الرب – تبارك وتعالى – كما يطفئ الماء النار.



وما سميت صدقة إلا لأنها تترجم عن صدق صاحبها، وتعبر عن إخلاصه وشكره لخالقه ومولاه.



وقد جاء في الحديث الصحيح الذي أخرجه مسلم: "والصدقة برهان". أي برهان على صحة الإيمان.



والإنسان يحب المال بطبعه، فإذا زعم أنه يحب الله فليبرهن على ذلكربإخراج شيء مما يحب من أجل من يحب، فإن فعل فهو صادق في حبه وإلا فلا، فالبر كل البر في الإنفاق بعد تحصيل الإيمان.





قال تعالى: { لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ أُولَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ } (سورة البقرة: 177).



ومنع الزكاة والبخل بالصدقات يكاد يكون كفراً بالله وكفراً بأنعمه.



قال جل شأنه في وصف المشركين: { وَوَيْلٌ لِلْمُشْرِكِينَ الَّذِينَ لَا يُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ بِالْآخِرَةِ هُمْ كَافِرُونَ } (سورة فصلت:6-7).



وليس هناك تجارة مع الله بعد الإيمان به أعظم من تلاوة كتابه والإنفاق في سبيله.



قال جل شأنه: { إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً يَرْجُونَ تِجَارَةً لَنْ تَبُورَ لِيُوَفِّيَهُمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّهُ غَفُورٌ شَكُورٌ } (سورة فاطر: 29-30).



ومن السبعة الذين يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله رجل تصدق صدقة فأخفاها حتى تعلم شماله ما أنفقت يمينه.



وبالإنفاق ينشرح الصدر، ويعظم الأجر، ونفوز بالنصر، ويتسع علينا الرزق، كما أخبرنا الرسول صلى الله عليه وسلم بذلك في هذا الحديث.



قال تعالى في جزاء المحسنين: { أُولَئِكَ جَزَاؤُهُمْ مَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَجَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ } (سورة آل عمران: 136).



وقال جل شأنه: { وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ } (سورة سبأ: 39).



وقال عز من قائل: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنْجِيكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ يَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَيُدْخِلْكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ وَأُخْرَى تُحِبُّونَهَا نَصْرٌ مِنَ اللَّهِ وَفَتْحٌ قَرِيبٌ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ } (سورة الصف: 10-13).



نسأل الله الكريم رب العرش العظيم أن يجعلنا منهم.





ضامية الشوق 01-18-2020 09:54 PM

سلمت يمناك
طرح جميل جدا

كـــآدي 01-18-2020 10:36 PM

طرحك جميل
يعطيك العافيه

مجنون قصايد 01-19-2020 12:43 AM

ماشاء الله تبارك الرحمن
ذوق في اختيارك
وعافيه عليك وعلى الطرح الراقي
لاحرمك الله رضاه
‏لك كل
تقديري واحترامي
مجنون قصآيد

نبضها حربي 01-19-2020 12:43 AM

طرح رائع
يعطيك العافيه

غزلان 01-19-2020 01:36 AM

الله يعطيك العافية

البرنسيسه فاتنة 01-19-2020 11:45 PM

جعله الله في ميزان أعمالك يوم القيامه
بارك الله فيك

عازفة القيثار 01-20-2020 01:38 PM

جِزًآكًٍ آللهُ خيرًٍ آلجزًٍآءُ
وُجَعَلَ حياتگ نُوراً وَسُروراً
وَجَبآلاُ مِنِ آلحَسنآتْ تُعآنِقُهآ بُحور

إرتواء نبض 01-20-2020 10:57 PM

سلمت يمنآكـ على مآحملتهـ لنآ
موضوع عآلي بذوقهـ ,, رفيع بشآنه
مودتي

عـــودالليل 01-21-2020 03:07 AM

جمال الاختيار
خلفه ذآئقة جميله جدا

تعرف ماذا تقدم

محتوى الطرح اكثر من راقي

من الاعماق
اقدم لك شكري واحترامي




ليل المواجع
محمد الحريري


الساعة الآن 06:22 AM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
HêĽм √ 3.1 BY: ! ωαнαм ! © 2010
new notificatio by 9adq_ala7sas
جميع حقوق النشر لشعارنا و كتابنا ومسميات الموقع خاصة و محفوظة لدى منتديات قصايد ليل الأدبية