منتديات قصايد ليل

منتديات قصايد ليل (http://www.gsaidlil.com/vb/index.php)
-   …»●[الرويات والقصص المنقوله]●«… (http://www.gsaidlil.com/vb/forumdisplay.php?f=12)
-   -   الهــروب مــن جحيــم الخيـــام !! (http://www.gsaidlil.com/vb/showthread.php?t=118455)

هدوء 04-18-2017 01:03 AM

الهــروب مــن جحيــم الخيـــام !!
 
النظرات شاردة في الآفاق .. والدموع تفقد السيطرة لتسيل في عجالة فوق خدود غضة ناعمة .. وتتساقط في اضطراب مبهم .. حيث تبلل الملابس تارة وتبلل الأرض تارة أخرى .. وذلك المنديل يفقد الأثر في كف متخاذل لا يقدر أن يجاري نوازل الدموع .. فيا عجباَ من شدة الضائقة والأهوال !! .. والمسكن أصبح تلك الخيام المكتظة بصنوف البشر .. أنفس رخيصة تتلاصق في مساحات بخيلة .. ووفرة الأجساد في المكان تجعل الأجساد بغير قيمة .. تلك المساحات المتاحة بمقدار القبور .. والأقدام حين تجتهد لتتمدد لا تجد موضعاَ بذلك القدر المريح .. حيث الأولوية لأقدام أخرى تتبادل المد والجزر .. وفي زحمة الخيام تتدنى قيمة الأجساد .. وهي مجبورة مرغمة تتقارب في الأبعاد .. ثم اليأس والقنوط الذي يفقدها أولويات الحرص والحشمة والخصوصية والكرامة .. فهي تلك المساحات الضيقة التي لا تسمح بفرض الأخلاقيات .. وهنالك في تلك الخنادق المكتظة بالبشر يرخص مقدار الإنسان مهما كان له شأن في السابق .. جلست المناضلة حزينة .. وكانت تحس بالهوان وقلة المعيار .. ففي تلك الخيام تشتكي الأنفس من مرارة المآل .. نسيت غرور الماضي كما نسيت مناسك الكبرياء .. كانت ناشطة سياسية مرموقة الصيت .. أفنت جل حياتها في المناوشات السياسية .. تحارب النظم وتحارب الحكومات والسلطات .. ثم تحث الشعوب على التمرد والانتفاضات .. وقد أخطأت في تقدير العواقب .. حيث كانت تتوهم في تلك النظريات الاجتهادية للبسطاء من كتاب القرن الحادي والعشرين .. كما كانت تهتدي بالأفكار الحديثة لبعض فلاسفة البشر .. تلك النظريات العقيمة التي تجهل وتتجاهل التبعات .. كانت تأخذ الأمور والقضايا بمنتهى الضحالة في التفكير .. تفتقر ذلك التعمق في الأمور بالدراسات والتمحيص .. فكان همها الأول والأخير هو تحريض الناس بالخروج على طاعة أولياء الأمور .. تجهل في ذلك أن إزالة العروش قيمة باهظة التكاليف لمن يعي الحقيقة .. ولا يعرف مقدارها إلا عقلاء القوم .. وفي ذات يوم أجبرتها الأحداث السياسية العنيفة أن تغادر عشها في عجالة .. فركضت مع أطفالها صوب المجهول .. حينها كانت الطرقات والشوارع تعج بالخلائق الهاربة الفزعة .. كأنها حمر مستنفرة فرت من قسورة .. وفي تلك اللحظات القاسية تيقنت أن تلك الشعارات الجوفاء التي آمنت بها طوال حياتها مجرد نظريات بغير قيمة .. مجرد نزوة لشعوب وأمم تأخذها الحماسة في إشعال الحروب والفتن دون التعمق في العواقب .. والمحصلة في أغلب الأحيان أن تلك الشعوب والأمم تجلب لنفسها المهانة والويلات دون أن تقصد ذلك .. وعندها تجد مرارة الأحوال حين تكون عبئاَ على الآخرين .. حيث تقع الندامة والحسرة .. والإنسان مهما كان له من شأن فإنه يرخص ويفقد القيمة بمجرد أن بفقد العش والديار والوطن .. فهو ذلك المنبوذ الذي يدخل في خانة المعروض بكثرة .. الغير مرغوب من الآخرين .. ويتألم حين يسمع العالم من حوله يشتكي من كثرة اللاجئين والفارين من الأتون .. ثم تلك الصدقات الشحيحة من الأيدي البخيلة التي تتذمر عند العطاء .. جلست المناضلة في تلك الخيام المكتظة بأجساد البشر .. تلك الظروف المهينة المشينة للإنسان والإنسانية .. ثم بدأت تفكر في مصيرها ومصير أطفالها ومصير بلادها .. وتيقنت أنها أخطأت القراءات كثيراَ .. ثم أخذت تلوم النفس بشدة .. ما ضرها لو أنها رضيت وقنعت بالقدر المتاح رغم الإحساس بالغبن والجور ؟!.. ما ضرها لو أنها قبلت بأي سلطان أو حاكم أو قائد مهما كانت مرارات الظروف والأحوال ؟! .. ولكن تلك حسرة وندامة تأتي بعد فوات الأوان .. وأكثر الناس في هذا الوجود تخفى عليه نعمة الأحوال والاستقرار والأمن والسلامة .. فهو ينسى ويتناسى المكتسبات ليشتكي من الفواقد والنواقص !! .. ثم تلك الحماقة الشديدة التي تخلق الفوضى والاضطراب .
.......... فجأة قامت ووقفت لتأخذ أطفالها .. ثم قررت أن تغادر المعسكر والخيام فوراَ .. ابتعدت المسافات وهي تركض نحو ديارها ووطنها .. كانت تعلم يقيناَ أن الأحوال هنالك ليست آمنة ومطمئنة .. ولكنها كانت متيقنة في قراره نفسها أن الموت في برح الديار أفضل مليون مرة من الموت في تلك الخيام الخانقة .. وحين عادت للديار كانت الحروب ما زالت مشتعلة .. والموت يملأ الشوارع والطرقات .. والمدن بالأرجاء كانت خاوية على عروشها .. ومع ذلك كانت تحس بسعادة كبيرة وهي تقترب من مسكنها .. وتلك الفئات المتحاربة كانت توقفها من وقت لآخر لتتفقد من الهوية وتتأكد من نوع المعية .. ولكنها كانت لا تبالي كثيراَ بتلك الشكليات .. بل كان همها الأول والأخير أن تصل لعتبة دارها .. وعندما وصلت لباب الدار سجدت في الأرض لله حمدا وشكراَ .. ووجدت الفرحة تغمرها وتغمر أطفالها .. وعندها أدركت أن الإنسان أينما تواجد فوق سطح الأرض لا يكون عزيزاَ وسعيداَ إلا في أحضان الديار والوطن .. وأن الإنسان يرخص متى ما كان في ذمة الآخرين .. وحينها قررت أن لا تعاتب بعد اليوم ملكاَ ولا سلطانا ولا حاكماَ مهما كانت المساوي .. لأن لحظة أمن وأمان في عقر الديار والأهل برفقة سلطان عادل أو جائر تعادل وزن الدنيا وما عليها

طهر الغيم 04-18-2017 01:18 AM

لا جديد سوى رائحة التميز
تثور من هنا ومن خلال هذا المتصفح
الجميل والمتميز ورقي الذائقه
في استقطاب ما هو جميل ومتميز
تقديري وودي

لا أشبه احد ّ! 04-18-2017 01:43 AM






آنتقاء مميز .. مَ ننحرم من جديدك

نجم الجدي 04-18-2017 02:24 AM

الله يعطيك العافيه على الطرح
اللي كله ابداااااااع


حضوري شكر وتقدير لك
ولاهتمامك في مواضيعك


اخوك
نجم الجدي

جنــــون 04-18-2017 02:55 AM

رائع كثير
يعطيك العافيه ع النقل
،
ودي

RioO 04-18-2017 04:30 AM

جمال الانتقاء هنا
فاق الافق ي نقاء
سلمت الروح و الحرف
وسلمت يداك على جمال عطائك
لا حرمنا منك

كـــآدي 04-18-2017 09:58 AM

عوافي ع الطرح

فخآمه 04-18-2017 02:24 PM

تسلم يدينك عَ روعة الطرح
لا عدمناكِ

،،

مجنون قصايد 04-18-2017 10:38 PM

ماشاء الله تبارك الرحمن

ذوق في اختيارك
وعافيه عليك وعلى الطرح الراقي
لاحرمك الله رضاه

‏لك كل
تقديري واحترامي

مجنون قصآيد

عـــودالليل 04-19-2017 02:06 AM

١٠٠
شكرا من الاعماق
وشكرا لاختيارك هذا

الموضوع القيم والمفيد

في محتواه


إنتقآء اختيارك

جدا موفق دليل ذآئقه رفيعة

المستوى واناقة فكر



من الاعماق اقدم لك شكري


الحريري


الساعة الآن 08:29 PM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
HêĽм √ 3.1 BY: ! ωαнαм ! © 2010
new notificatio by 9adq_ala7sas
جميع حقوق النشر لشعارنا و كتابنا ومسميات الموقع خاصة و محفوظة لدى منتديات قصايد ليل الأدبية