منتديات قصايد ليل

منتديات قصايد ليل (http://www.gsaidlil.com/vb/index.php)
-   …»●[ خ ـــيـر الخـلــق ]●«… (http://www.gsaidlil.com/vb/forumdisplay.php?f=4)
-   -   عقوبة السَّارق [*] (http://www.gsaidlil.com/vb/showthread.php?t=229620)

جنــــون 10-24-2023 07:35 AM

عقوبة السَّارق [*]
 
عقوبة السَّارق[*]


عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لَعَنَ الله السَّارق، يَسْرقُ البيضةَ فَتُقْطَعُ يده، ويَسْرقُ الحَبْلَ فَتُقْطَعُ يدُه))؛ رواه الشيخان[1].



المفردات:
اللعن من الله: الطَّرد والإبْعاد من الرحمة.

السرقة: أخذُ المال من حِرْزه - خفْيةً - بغير حق.



والبيضة والحبل: معروفان، والمراد تحقيرُ أمر السَّرقة، وأنَّ سرقةَ الشيء الحقير ولو لم توجب في الشرع قطعًا، تجرُّ إلى سرقة ما يُوجب القطع والنكال، وشذَّ من قال: إنَّ المراد بالبيضة بيضةُ الحديد، وهي ما يضعها المقاتل على رأسه وقايةً وجُنَّة، وبالحبل حَبل السفينة وما أشبهه.



جريمة وضيعة:

السَّرقة - ونعوذ بالله تعالى - من الجرائم الوضيعة التي اتَّفقت الشرائع والقوانين، بل الفِطرُ والعقول، على ذمِّهْا، وتهجينِ أمرها، وتحقير مرتكبها؛ ذلك بأنه لا يتردَّى فيها إلا مَنْ كان دنيءَ النفس، وضيعَ القدر، ساقطَ المروءة، قد هوى من أوْج الإنسانية إلى دَرْك الحيوانية، فكان وبالًا على نفسه، وشرًّا على بني جنسه.



حكمة الشريعة في عقوبة السارق:

من أجل ذلك كانت عقوبةُ السارق والتنكيلُ به من الأمور التي فَرَضَتْها القوانينُ؛ حمايةً للمجتمع من عَبَثِ العابثين، واغتيالِ الخَوَنة الآثمين.



غير أنَّ شريعةً من الشرائع لم تبلغ من الحكمة والعدل في التأديب والزَّجر، وحماية الفرد والجماعة من عدوان هذه الجريمة، ما بلغت الشريعة الإسلامية؛ لعن الله السارق والسارقة على لسان رسوله، وأمر بقطع أيديهما في كتابه[2]، ووسمَهما بِمَيسم الهَوَان في الدنيا والآخرة، فَمَنْ ذا الذي يرى هذا النَّكال الأليم، والخزي المقيم، وتُحدِّثه نفسه باجْتراح تلك المُوبقة فَضْلًا عن التردِّي فيها؟! اللهمَّ إلا مَنْ كان بترُه والاعتبارُ به خيرًا له وللجماعة من بقائه سليمًا!



ولا نريد أن نطيلَ القول في حكمة قطع يد السارق وآثاره، ولا فيما جرَّه التهاون بحدود الله من اضْطرابٍ وفوضى، وذُعر ومخافة، فإنَّنا جميعًا نرى ذلك رأيَ العَيْن، ونلمسُهُ لمْسَ اليد.



عقوبة السارق قديمًا وحديثًا:

بَحسْبنا أن نُجْمل القول إجمالًا في أحكام السَّرقة قديمًا وحديثًا؛ لِتستبين حكمة الإسلام ورحمتُه وعنايتُه بالإصلاح فيما فَرَض من عقوبة، وإن تخيَّلتها الأهواء والشَّهوات وحشية قاسية! ثمَّ لِيَعْلَمَ المتعنِّتون أنَّ الإسلام هو دينُ الله العام الخالد، الكفيلُ بحاجاتِ الناس وسعادتهم في الدنيا والآخرة.



كانت عقوبةُ السارق في شريعة إبراهيم ومَنْ بعدَه من الأنبياء عليهم الصَّلاة والسلام أن يُسْتعبد ويُسْترق، وبهذا أجاب أبناء يعقوب عليهم السلام لمَّا سُئلوا عن جزاء من سَرَق صُواع[3]الملك ﴿ قَالُوا جَزَاؤُهُ مَنْ وُجِدَ فِي رَحْلِهِ فَهُوَ جَزَاؤُهُ ﴾ [يوسف: 75].



وكانت عقوبتُه في أهل مصر أن يُضربَ ويغرَّم ضعْفَي ما سرق، ولكنَّ الله تعالى علَّم يوسفَ عليه السلام من حُسْنِ الحيلة ولطفِ السياسة أن يأخذ أخاه عنده بِشِرْعة بني إسرائيل، لا بِشِرْعة الملك، وذلك قوله جل ثناؤه: ﴿ كَذَلِكَ كِدْنَا لِيُوسُفَ مَا كَانَ لِيَأْخُذَ أَخَاهُ فِي دِينِ الْمَلِكِ ﴾ [يوسف: 76].



وكانت عقوبته عند قدماء الرومان أن يُقتلَ إذا عُثر عليه، وهو متلبِّس بالجريمة[4].



وكان جزاءُ السَّارق في حكومة العرب - ولا سيما قريشًا - أن تُقطعَ يده في قليل الأموال وكثيرها، ويُقال: إنَّ أوَّل مَن قَطَعَ هو الوليد بن المغيرة، ثمَّ جاء الإسلام فقرَّر هذه العقوبة وثبَّتها وعدَّلها؛ إذ جعلها في ربع دينار[5] فَصَاعدًا، أو ما يساوي ذلك من الفضة والعَرَض، ثمَّ حَاطَها بحيطةٍ بالغة حكيمة، فلم يقطع في سَرقة للسارق فيها شائبةُ مِلكٍ أو شبهة، ولا في زمن جَدْبٍ أو مَجَاعة على تفصيل في ذلك، كلُّه معروفٌ في موضعه.



وإذا صحَّ ما نقلناه عن العرب في القطع، فلا عَجَبَ أن يُقرِّره الإسلام وَيُعدِّله؛ لأنه لم يجئْ هادمًا لكلِّ ما قبله، وإنما جاء مُصلحًا لما فَسَد، ومكمِّلًا لما نقص، ومثبِّتًا لمكارم الأخلاق، وهاديًا للتي هي أقوم.



شبهات أصحاب القوانين الوضعية:

ولم تزل الحكومة الإسلامية قائمةً على حدود الله، متمتِّعةً بآثارها من الأمن والطمأنينة والرَّخاء والسكينة، حتى جاءت القوانين الوضعية فَطَغَت عليها، واسْتَبْدَلت بالقطع في السَّرقة تغريمًا أو حَبْسًا على حسب الجريمة كمًّا وكَيْفًا، مُحتجَّةً بأنَّ القطع قَسْوةٌ لا تليق بعصر المدنية، ولا بالكرامة الإنسانية، وبأنَّ فيها تعطيلًا للأيدي العاملة، وتكثيرًا لطائفة الزَّمنى والمُشَوَّهين.



هذه خلاصة ما يستند إليه أصحابُ الشرائع الوضعية، ومَنْ لفَّ لفَّهم، جاهلين أو مُتجاهلين حكمةَ الله فيما شَرَعَ لعباده، وفيما فَرَض عليهم من حدود سَعدَ من تمسَّك بها وحافظ عليها سعادةً لا تكفُلُ بعضَها قوانينُ أهل الأرض جميعًا، ﴿ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا ﴾ [الإسراء: 88].



ولعلَّ أولَ مَنْ فتح لهم باب الشُّبهة والاعتراض على قطع يد السارق أبو العلاء المعري[6] إذ قال - وذلك مما يُؤيِّد الذاهبين إلى مروقه وإلحاده:

يدٌ بخمْسِ مِئينَ عَسْجدٍ وُدِيَتْ *** ما بالُها قُطِعت في رُبْعِ دينارِ؟!


وَعَمِيَ هذا المسكين عن فرقِ ما بين دِيَتها في الجناية عليها، وجزائها في تعدِّيها وخيانتها، وأنَّها "لمَّا كانت أمينةً كانت ثمينة، فلما خانَت رخصت وهانَت"[7]، وبهذا المعنى يُجيبه عَلَم الدين السَّخاوي[8]، ولله درُّه:

عزُّ الأمانةِ أغلاها وأرْخَصُها *** ذلُّ الخيانةِ فافْهَمْ حِكمةَ الباري
الردُّ على شبهات أصحاب القوانين الوضعية:

إنَّ الشُّبهة التي يثيرها أصحاب القوانين الأرضية أهونُ من أنُ نكلِّف أنفسنا الردَّ عليها، فإنَّ بلاد الحجاز قد أضْحَت مَضْرِب المثل في الأمن والطمأنينة، بفَضْل إقامةِ حدود الله فيها...



إنَّ يدًا واحدة تُقطع غير مأسوف عليها، كفيلةٌ بهذا الأمن دهرًا طويلًا، والعَجَب أن يُوجبَ هؤلاء بَتْر العضو الفاسد من الجسم إبقاءً عليه ووقايةً له، ولا يُسيغونَ قطعَ يدٍ أثيمة وقايةً له ولأمته من شرِّها، وما بالهم يغارون على كرامة المجرم ويألمون له، وهو لم يغرْ على نفسه، ولم يألم لها؟!



أما الحَبْسُ أو التغريم، فليست بالعقوبة التي تكفُّ المجرم وتردعُه، بل ربَّما أغْرته على أن يعثوَ في الأرض مُفْسدًا!... وإنْ شئتَ أن تزدادَ عَجَبًا، فانظر إليهم يُشجِّعون على إزهاق النفوس في تجارب التدمير والتخريب، ويثنون على مَنْ أهلك نفسَه في هذا السبيل، ثم يعدُّون بتر العضو الخائن وحشيةً وجمودًا!



أما بعدُ، فقد شرع الله هذه الحدود - وهو العليم بمصالح عباده - علاجًا لأمراض القلوب، وإصلاحًا لفساد النفوس، وتوطيدًا لقواعد الأمن والسلام، وقد عرفَ ذلك وقدَّره المنصفون والباحثون، ولعلَّهم يُنادون بإقامتها، والمحافظة عليها، إنْ أرادوا للعالم طمأنينةً شاملة، وسعادةً دائمةً

مجنون قصايد 10-24-2023 01:43 PM

بيض الله وجهك
طرح واختيار روعه للموضوع
لاحرمك الله رضاه

‏لك كل
تقديري واحترامي


مجنون قصآيد

نظرة الحب 10-24-2023 02:23 PM

اختيار روعه للموضوع اشكرك واقدرك عليه مودتي

نجم الجدي 10-24-2023 04:08 PM

الله يعطيك العافيه على الطرح
اللي كله ابداااااااع

حضوري شكر وتقدير لك
ولاهتمامك في مواضيعك

اخوك
نجم الجدي

شموخ 10-24-2023 10:24 PM

سلمت اناملك لروعة ذوقك
يسعدك ربي ويحقق أمانيك

ضامية الشوق 10-25-2023 10:18 PM

جزاك الله خيرا

لا أشبه احد ّ! 11-05-2023 10:18 PM

:





















أطّروَحُة غّآمُرةَ
سَلمْتمَ وِدٌمتْم كَماَ تّحبُوٍن وَتُرضّوٌنّ


الساعة الآن 07:16 AM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
HêĽм √ 3.1 BY: ! ωαнαм ! © 2010
new notificatio by 9adq_ala7sas
جميع حقوق النشر لشعارنا و كتابنا ومسميات الموقع خاصة و محفوظة لدى منتديات قصايد ليل الأدبية