منتديات قصايد ليل

منتديات قصايد ليل (http://www.gsaidlil.com/vb/index.php)
-   الإعجاز العلمي في القرآن الكريم والسنة النبوية (http://www.gsaidlil.com/vb/forumdisplay.php?f=91)
-   -   روائع البيان في القرآن (سورة الأعلى1) (http://www.gsaidlil.com/vb/showthread.php?t=142693)

ضامية الشوق 08-10-2018 01:22 PM

روائع البيان في القرآن (سورة الأعلى1)
 
روائع البيان في القرآن

(سورة الأعلى1)


نزَل القرآن الكريم؛ ليشمل جميع مناحي الحياة؛ فلم يُفرِّق بين العقائد والعبادات والمعاملات والأخلاقيات، بل أمر بها جميعها؛ ففي بضع آيات في سورة البقرة تحدث القرآن عن الإيمان وأركانه، ثم تحدَّث عن بعض الأخلاقيات، وبعدها تحدَّث عن القصاص، ثم الوصية والصيام، ثم عاد إلى المعاملات، كل ذلك في نظْم بديع، وترتيب عجيب، وربط كل ذلك بعِلة واحدة، هي الوصول إلى التقوى.

ويقول الشافعي: "كل ما حكم به رسول الله، فهو مما فهمه من القرآن".

يقول - سبحانه -: ﴿ إِنَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللَّهُ وَلَا تَكُنْ لِلْخَائِنِينَ خَصِيمًا ﴾ [النساء: 105]؛ أي: الحكْم بين الناس في جميع شؤونهم، وذلك لا يكون إلا عن طريق تدبُّره وفهمِه؛ ﴿ كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ ﴾ [ص: 29].

فلا بد مِن العكوف على فهم مراميه، وتوضيح معانيه، خاصة وقد أصبحنا أعاجم بالنسبة للغتِنا، وقد عمل المستشرقون والمستعمرون على ذلك قرونًا عديدة؛ حتى فصلوا بين المسلمين ودستورهم الأول.

ولن تَحصل سعادة الدارَين إلا باتِّباع كتاب الله؛﴿ إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً يَرْجُونَ تِجَارَةً لَنْ تَبُورَ ﴾ [فاطر: 29]، ولن تتنزَّل علينا البركات إلا إذا أقمنا كلام الله، وجعلناه واقعًا نحياه؛ ﴿ وَلَوْ أَنَّهُمْ أَقَامُوا التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ مِنْ رَبِّهِمْ لَأَكَلُوا مِنْ فَوْقِهِمْ وَمِنْ تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ مِنْهُمْ أُمَّةٌ مُقْتَصِدَةٌ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ سَاءَ مَا يَعْمَلُونَ ﴾ [المائدة: 66].

والحاجة إلى بيان القرآن لا يكفي فيها الآن مجرَّد المأثور، بل لا بدَّ مِن توضيح الإعجاز البياني للقرآن؛ لأن أهمَّ أسبابِ تأثير القرآن في النفوس والعقول معرفةُ جمال وروعة تراكيبه، والتي تحدَّى الله بها الثقلَين، هذا طبعًا بجوار الـتأثير الروحي، الذي لن تجده في كلام إلا كلام الخالق - سبحانه - فقد كساه نورًا مِن نورِه.

وإذا كان بعض المُنشغِلين بهذا العِلم يُعرِّفونه بأنه علم يُبحث فيه عن القرآن؛ مِن حيث دلالته على مراد الله بقدر الطاقة البشرية، فإني أحاول جاهدًا - مُعترفًا بقُصوري - الوقوفَ على بيان القرآن وجماله، وأن كل كلمة في مكانها جاءت لتُعطي معنًى لا يقوم به غيرها؛ مما يبهر القلبَ، ويُعجِز العقل، وسوف أبدأ بسورة الأعلى، طالبًا مِن الله السداد، ومنكم النُّصح والإرشاد.

بين يدَي السورة الكريمة:
هذه السورة مكية على قول الجمهور؛ بدليل حديث البخاري عن البراء بن عازب قال: "أول مَن قدم علينا مِن أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - مصعب بن عمير وابن أم مكتوم، فجَعلا يُقرِئانِنا القرآن، ثم جاء عمار وبلال وسعد، ثم جاء عمر بن الخطاب في عشرين، ثم جاء النبي - صلى الله عليه وسلم - فما رأيتُ أهل المدينة فرحوا بشيء فرحهم به، حتى رأيت الولائد والصبيان يقولون: هذا رسول الله قد جاء، فما جاء حتى قرأتُ: ﴿ سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى ﴾ في سور مثلها"؛ يَعني ذلك أن البراء تعلَّمها مِن صحابة رسول الله قبل قدومه - صلى الله عليه وسلم - إلى المدينة، وقد ثبَت أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يَحرِص على قراءتها في المحافل والمجامع؛ فكان يقرؤها في صلاة الجمعة والعيدَين، وكان يقرؤها أيضًا في صلاة الوتر؛ مما يدل على فضلها.

وهذه السورة الكريمة تُفتَتح بالأمر بتسبيح الله - جل جلاله - ثمَّ تسوق الأدلة على وجوب تنزيهِه؛ مما يَجعل القلب والعقل يَستغرِق في إجلاله وحبِّه والشوق إليه؛ لفضله وكرمه، فبدأ تلك الأدلة بقضية الخَلق والهداية والتربية والرعاية، ثم بأعظم نِعمة، وهي تعهُّده - سبحانه - بحفْظ كلامه، ثم بشَّر رسوله الكريم والأمة مِن بعده باليسْر والتيسير، ثم يَختم آمرًا بالعمل بمُقتضى ذلك؛ بأن نُذكِّر به - سبحانه - وكذا ما أعدَّه لمَن أطاع ومَن عصى.

بسم الله الرحمن الرحيم

﴿ سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى ﴾ [الأعلى: 1]
ورَد التسبيح بمُشتقاته سبع مرات في فواتح السور؛ ليَشمل الزمان والمكان؛ دلالةً على أن الله - سبحانه - مُنزَّه عن النقائص دائمًا وأبدًا.

وهو مِن باب الثناء على الله عن طريق تنزيهه وسلب النقائص عنه - سبحانه - كما أشار السيوطي في فواتح السور.

قال الكرماني: "هذه الكلمة استأثر الله بها، فبدأ بالمصدر في بني إسرائيل "الإسراء"؛ لأنه الأصل، ثم بالماضي؛ لأنه أسبق الزمانَين، ثم بالمستقبل، ثم بالأمر في سورة الأعلى استيعابًا لهذه الكلمة مِن جميع جهاتها، وهي أربع: المصدَر، والماضي، والمستقبل، والأمر للمُخاطب".


والتسبيح معناه: التنزيه، وسبحان الله: معناه تنزيهًا لله مِن الصاحبة والولد، وقيل: تنزيه الله - تعالى - عن كل ما لا يَنبغي له أن يوصف به.

فيشمل ذلك تنزيه الله في ذاته وصفاته وأفعاله وأحكامه، فمَن رفَض تحكيم شريعته - سبحانه - ما نزَّهَه؛ لأنه وحَده الذي يعلم ما يُصلح الخلق في أمر معاشهم ومعادهم، فهو الذي خلقَهم؛ ﴿ أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ ﴾ [الملك: 14]، فشريعة الله بأحكامها وقواعدها تُصلِح كلَّ زمان ومكان.

وهنا يَرِد سؤال، وهو: هل المراد تسبيح الاسم وتنزيهه، أم تسبيح الله - عز وجل -؟ فما المقصود بكلمة (اسم) في الآية الكريمة؟
(اسم) للعلماء فيها قولان:
الأول: أنها غير مُقحَمة، ولكنَّها مرادة على حقيقتها، فيكون المعنى: أي نَزِّه أسماءه - عز وجل - عما لا يَليق، وصنْه عن الابتذال والتلفُّظ به في محلٍّ لا يَليق به؛ كالخلاء وحالة التغوُّط، وذكْره لا على وجه الخشوع والتعظيم، وربما يُعدُّ مما لا يَليق ذكْرُه عند مَن يكره سماعه من غير ضرورة إليه، وعن الإمام مالك - رضي الله تعالى عنه - أنه كان إذا لم يجد ما يُعطي السائل يقول: ما عندي ما أعطيك، أو ائتني في وقت آخر، أو نحو ذلك، ولا يقول نحو ما يقول الناس: يَرزقك الله - تعالى - أو يبعث الله - تعالى - لك، أو يعطيك الله - تعالى - أو نحوه، فسُئل عن ذلك فقال: إن السائل أثقَل شيء على سمعه وأبغضه إليه قول المسؤول له ما يُفيده ردَّه وحرمانه؛ فأنا أُجلُّ اسم الله - سبحانه - مِن أن أذكره لمَن يَكره سماعه، ولو في ضمن جملة، وهذا منه - رضي الله تعالى عنه - غاية في الورع، ونحن نتعلم من هذا الفهم الراقي في دعوتنا ومواعظنا ألا نُثقل على الناس؛ خشيةَ أن يَكرهوا سماع ذكْر الله، ولكن نتخوَّلهم بالموعظة كما كان رسول الله يفعل، ولذلك فقد تعلمنا من علمائنا: "حدِّث الناس ما حدَجوك بأبصارهم"، وفي ذلك صيانة لذكر الله - سبحانه - مِن العبَث.

الفريق الآخَر: "وذهب كثير إلى أنه مُقحَم - أي: المقصود: سبح ربَّك الأعلى - وذلك لأجْل التعظيم على سبيل الكناية؛ أي: إذا كنتَ مُطالَبًا بتنزيه الاسم، فما بالُك بالمُسمى؟ فالمعنى: نزِّه ربك عما لا يَليق به مِن الأوصاف، واستُدلَّ لهذا بما أخرجه الإمام أحمد وأبو داود وابن ماجه وغيرهم عن عُقبة بن عامر الجهَني قال: "لما نزلت: ﴿ فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ ﴾ [الواقعة: 74]، قال لنا رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم -: ((اجعلوها في ركوعكم))، فلما نزلتْ: ﴿ سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى ﴾ قال: ((اجعلوها في سجودكم))، ومِن المعلوم أن الذي يُقال فيهما: سبحان ربي العظيم، وسبحان ربي الأعلى.


وبما أخرج الإمام أحمد وأبو داود والطبراني والبيهقي في سننه عن ابن عباس أن رسول الله - صلَّى الله عليه وسلم - كان إذا قرأ ﴿ سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى ﴾ قال: ((سبحان ربي الأعلى)).


والراجح: وأنا أقول: إن كان سَبِّحِ بمعنى نزِّه، فكِلا الأمرَين مِن كون (اسم) مقحمًا وكونه غير مُقحَم، وتعلُّق التسبيح به على الوجه الذي سمعت - مُحتمل غير بعيد، وإذا كان معناه: قل سبحان - كما هو المعروف فيما بينهم - فكونه مُقحمًا مُتعيَّن؛ إذ لم يسمع سلفًا وخلفًا مَن يقول: سبْحان اسم ربي الأعلى، أو سبحان اسم الله، والأخبار ظاهرة في ذلك.


وقد ورَد في القرآن الأمر بتسبيح الله، وورَد بتسبيح اسم الله، وقد فرَّق الإمام ابن عاشور بين دلالة الأمرَين تفريقًا حسنًا؛ حيث قال: "فتسبيح اسم الله النطْق بتَنزيهِه في الخُويِّصة وبين الناس بذكرٍ يَليق بجلاله مِن العقائد والأعمال؛ كالسجود والحمد... وأما تفكُّر العبد في عظمة الله - تعالى - وترديد تنزيهه في ذهنِه، فهو تسبيحٌ لذات الله، ومسمى اسمه، ولا يُسمى تسبيح اسم الله؛ لأن ذلك لا يَجري على لفظ مِن أسماء الله - تعالى - فهذا تسبيح ذات الله وليس تسبيحًا لاسمه، وهذا مَلاك التفرِقة بين تعلُّق لفظ التسبيح بلفظ اسم الله نحو: ﴿ سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ ﴾ [الأعلى: 1]، وبين تعلُّقه بدون اسم نحو: ﴿ وَمِنَ اللَّيْلِ فَاسْجُدْ لَهُ وَسَبِّحْهُ ﴾ [الإنسان: 26]، ونحو: ﴿ وَيُسَبِّحُونَهُ وَلَهُ يَسْجُدُونَ ﴾ [الأعراف: 206]، ثم قال: فهذا مناط الفرْق بين استعمال (سبِّح اسم ربك)، واستعمال (وسبِّحه)، ومآل الإطلاقَين في المعنى واحد؛ لأن كِلا الإطلاقَين مُراد به الإرشاد إلى معرفة أن الله مُنزَّه عن النقائص".


ثم بعد ذلك أضاف "اسم" إلى "ربك"، ولم يُضفْها إلى علَمِ الجَلالة؛ فلم يقل: "سبِّح الله"؛ لما يُشعِر به لفظ الربوبية مِن الخَلق والإنعام، وهذا مما يتناسب مع الآيات بعدها مِن الإشارة إلى الخلق والهداية، والبشارة بجمع القرآن في صدره وتيسير جميع أمره - صلى الله عليه وسلم - وإضافة كلمة (رب) إلى الضمير الراجع إلى الرسول مِن باب التشريف له ورفعة قدرِه - عليه السلام.

ثم بعد ذلك وصف الله نفسه بالأعلى، وإيثار هذا الوصف هنا على ما سواه؛ لأن السورة تضمَّنت الحديث عن القرآن الكريم، فجاء وصف الأعلى؛ ليدلَّ على عُلوِّ القرآن، فهو مِن مُتعلِّقات وصْف العُلوِّ الإلهي.

وكما رُوي عن رسول الله حينما نزلت الآية الكريمة قال: ((اجعلوها في سجودكم))، فقد أشار الإمام ابن عاشور إلى نكتة لطيفة في السرِّ مِن وراء ذلك، حاصلُها أنه أمر بذلك ليَقرن المصلي بين التنزيه القَولي والتنزيه الفِعلي؛ لأن السجود قمَّة التنزيه؛ لأنه لا يَضع أشرفَ عُضوٍ في جسده على الأرض إلا لخالقه، فإذا نزَّه الله بلسانه، فيكون قد جمع بين القَولي مِن التنزيه والفِعلي.

وهنا كأن سائلاً يقول: الاشتغال بالتسبيح إنما يكون بعد المعرفة، فما الدليل على وحدانية الرب وقُدرتِه حتى أُنزِّهه؟ وهذا ما نُتابع الحديث فيه - إن شاء الله.

إرتواء نبض 08-11-2018 05:13 AM

سلمت يمنآكـ على مآحملتهـ لنآ
موضوع عآلي بذوقهـ ,, رفيع بشآنه
مودتي

جنــــون 08-11-2018 07:03 PM

يعطيك العافيه

مجنون قصايد 08-11-2018 11:22 PM

ماشاء الله تبارك الرحمن
ذوق في اختيارك
وعافيه عليك وعلى الطرح الراقي
لاحرمك الله رضاه
‏لك كل
تقديري واحترامي
مجنون قصآيد

ملكة الجوري 08-11-2018 11:45 PM


ضامية الشوق 08-12-2018 10:29 AM

حضوركي شرف لي
نورتي عزيزتي
ارتواء نبض

ضامية الشوق 08-12-2018 10:30 AM

حضوركي شرف لي
نورتي عزيزتي
جنون

ضامية الشوق 08-12-2018 10:30 AM

حضورك شرف لي
نورت أخي الكريم
مجنون قصايد

ضامية الشوق 08-12-2018 10:30 AM

حضوركي شرف لي
نورتي عزيزتي
ملاك

الغنــــــد 08-12-2018 07:44 PM

جزاااك الله خير
وبااارك الله فيك


الساعة الآن 12:24 AM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
HêĽм √ 3.1 BY: ! ωαнαм ! © 2010
new notificatio by 9adq_ala7sas
جميع حقوق النشر لشعارنا و كتابنا ومسميات الموقع خاصة و محفوظة لدى منتديات قصايد ليل الأدبية