منتديات قصايد ليل

منتديات قصايد ليل (http://www.gsaidlil.com/vb/index.php)
-   قصايدليل للقصص والروايات "حصــري " (http://www.gsaidlil.com/vb/forumdisplay.php?f=114)
-   -   أنا والبحر (http://www.gsaidlil.com/vb/showthread.php?t=220072)

عبدالحليم الطيطي 01-17-2023 03:59 PM

أنا والبحر
 
**،،أنا والبحر ،،،
.
..قال: دخلتُ البحر ،،أعوم ،أنظرُ إلى موجه العالي وأضحكُ له ،، كنتُ فتىً قويا تغريني قوّتي ،،فأريد أن أعارك دائما شيئا لا أراه ،،وكنتُ أحبّ البحر ، أحبّ أن أنظر في مداه ،،وأظلّ في مداه ولا أعود ،،!
،،وسبحتُ إلى الأمام أعلو موجه وأهبط ،،حتى ابتعدتُ في العمق ،،صرتُ في وسطه ولم أعد أرى الشاطىء ،، ! أنا في البحر ،،لا أحد معي !! أنا والبحر فقط ..
.
،،أحسستُ كأنّ البحر حوتٌ عظيم ،،وأنّي مع الموت نفسه ! ،،وكيف أعود إلى الحياة ،،التى تركتها على الشاطىْ ،،! ذلك الشاطىء ،،صار في عيني كأنّه حافّة الجَنّة ،،،!
.
تصلّبَتْ عضلة ساقي اليسرى وتذكّرتُ رواية -الشيخ والبحر - وأنّ الأناة والصبر والحكمة ،،،هي طُرُقٌ للحياة لا تزلُّ ولا تُخطِىء ،،،وصرتُ أريحها وأعوم بساق واحدة بهدوء شديد ،،وفجأة قرَّرتُ العودة إلى الأرض ،،!
.
لا أدري لماذا أحسسْتُ بالحزن ،،أترك البحر وعراك الموت ،،،!فمن أعارك ،،! ليس في الأرض شيء تعاركه سوى نفسك ،،! فالحكيم لا يعارك سوى نفسه والسفيه يعارك الآخرين ،،!ولكنّي أعاركها أحثّها لتصِلَ أقصى إيمانها وعلوّها ،،لا أحثّها لتتلطَّخ بشهواتها ،،!
وانثنيتُ لأعود من هذا الشيء الذي لا ينتهي الى الأرض المحصورة في قدمي ! ،،أحزنني أن أترك البهو المديد الذي كان يذكّرني بالخلود وعمقه واتساعه ،،،وقلتُ - وأنا في طريق عودتي الى الشاطىء ،،أعوم بساقٍ متصلّبة -،،: هذا الجسم مثل آنية الفخّار ،، يحاصر روحي التي تتمدَّدُ فيه ،،،أو تطير منه ،،!
.
،،جسم من التراب يمرض كلّ حين وتبكي فيه الروح كلّ حين ،،،لا يساعد ني أن أدور في الأفق ،، أو أقطع البحر ،، أو أعلو إلى آخر السماء ……! يحاصرني هذا الجسم الترابيّ ،،ويحطّم قوّة روحي ،،ويمنع علوّها دائما ،،،،،،فلن أكون في داخله غير شيء حبيس ،،،وأعظم ما يعمله الحبيس ، أن يصارع حبسه ،،،،!
.
وكلّ من لا يصارع هذا الحبس هو روح ميّتة ،،،نريد أن نعود الى السماء ،،،بطهرها وصفائها وسلامها ،،،ونسكن فيها ،،،تريد الروح منزل عودتها ،،ولا تعود ،،،،إلاّ أن يُحبَس هذا الجسم في القبر كما يُحبَسُ مارد من الشيطان ،،،فيسمح الله لنا بالدخول في عبادِه وجنّته ،،،،
.
,,وبدأتُ أرى الشاطىء ،،واحسْستُ بالأسى ،،فشلتُ مرّة أخرى ،،لم ينجح فِراري من الأرض ،،أعود دائما كما كنت ،،! كما كنّا نعيش ،، يوما معروفا من أوّله إلى آخره ،،وأنا أريد الحياة الحيوان ،،التي تتجدّد لا تعيش فيها إلاّ لحظة جديدة ،،لا تُعاد إلى الأبد !! ،،،أحسسْتُ بأحدهم يقول لي ،،: أنت تستعجل الجنّة فقط ،،احساسك بجسمك قليل وتكاد تطير ،،!
.
وهناك أناس ،،يُعذَّبون بجسمهم كما تجُرُّ بحبل ظبيا على الأرض الشائكة ،، وتُحزنهم شهواتهم ،،لأنها تذكّرهم دائما أنهم ليسوا في السماء ،،هناك أناسٌ ،،كالمسافر الذي أرهقت الطريق قدميه ،ولكنّ عينه تنظر في الأفق يحلم دائما بوطنه ،، السماء وعلوِّها
.
ووصلتُ الشاطىء ،،،ودخلتُ في كلّ شيء ،،،أناسا وطُرُقا ،وجيوشا في الشوارع ،،ومنازل ،،،ولكن ليس شيء في الأرض إلاّ بدا لي كما تبدو الصورة في مرآة مهشَّمة ،،،،،،،،! جيوش لا تحمى بل تقتُل ،، ولو اجتمع الناس في صحراء ،،لأخذوا من بعضهم حقوقهم أكثر ممّا تؤدّيه الِدوَل ،،،،!
.
...ورأيتُ وأنا خارج من البحر ،،فقراء ،،ينظرون إلى البستان ،،ولا يأكلون منه ! يقولون لهم : هو لفلان ،،! ،،،ولو ظلّت النعمة لله لما منعها الله ،،ولا يُعطي نعمة الله كما أخذها إلّا الصالحون
.
ورأيتُ ظالمين يطحنون في طريقهم كلّ شيء ،وضعافا ،يبتعدون عن طريقهم ،،يهربون كالفئران الصغيرة ،فقلتُ : لو علم الله أنَّ الإنسان قادر على العدل لما أرسل ملَكَا من السماء ،،يقرأ على الناس شريعة عدله ،،،،،! فتعجَّبتُ كيف لايقبل الناس الله معلّما للحقّ مهيبا لا تملك عصيانه ،،،،أيقبل أحدٌ ظلمه وجوعه ،،،! ومهانته ،،،
.
ورأيتُ وأنا خارج من البحر ،،أنَّ الموت لم يكن في البحر ،،بل في هذه الأرض ،،تلتمع عيون الموتى والجَوعى والمذعورين ،،،،،،،،!في شوارعهم المزدانة بالأضواء ،، والأشجار ،،
.
.
.
.

عبدالحليم الطيطي

لا أشبه احد ّ! 01-17-2023 10:01 PM

قلم جدا جمميل

تبارك الرحمن اخووي


اعجابي وتقييمي و5ستارز وختم وتنبيهات ...

مجنون قصايد 01-17-2023 10:22 PM

الله يحسن خاتمتنا
ويدلنا لطريق الصواب

شموخ 01-17-2023 10:30 PM

أحسنت الفكر أخي

ضامية الشوق 01-17-2023 11:09 PM

ما شاء الله عليك
قلمك مبدع
أخي
إعجابي وتقيمي لك

ترانيم عشق 01-23-2023 11:26 AM

سَلَمِتْ أٌنآملِـگ عَلََى الـآنتقآء آلمميٍـز
لـآحُرمنًآ آلمولى هًذآ الهطًول آلجمَيـٍل
لروَحِـگ گـلً آلـوَد و

هذيان قلب 01-31-2023 09:54 AM

سلمت ع ماكتبت

ودي وامتناني

زهرة الربيع 02-09-2023 09:25 PM

كالعادة ابداع رائع وطرح يستحق المتابعة
شكراً لك بانتظار الجديد القادم دمت بكل خير

احساس 02-19-2023 10:49 PM

الله يعطيك العافية


الساعة الآن 12:57 AM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
HêĽм √ 3.1 BY: ! ωαнαм ! © 2010
new notificatio by 9adq_ala7sas
جميع حقوق النشر لشعارنا و كتابنا ومسميات الموقع خاصة و محفوظة لدى منتديات قصايد ليل الأدبية