منتديات قصايد ليل

منتديات قصايد ليل (http://www.gsaidlil.com/vb/index.php)
-   …»●[ أرواح أيمـــانيـــه ]●«… (http://www.gsaidlil.com/vb/forumdisplay.php?f=3)
-   -   المفهوم الصحيح لكلمة: لا إله إلا الله (6) (http://www.gsaidlil.com/vb/showthread.php?t=232634)

جنــــون 01-22-2024 12:28 AM

المفهوم الصحيح لكلمة: لا إله إلا الله (6)
 
المفهوم الصحيح لكلمة: لا إله إلا الله (6)


الحمد لله والثناء، والصلاة السلام على رسول الله، صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم، أما بعد:

فمن شروط كلمة التوحيد الانقياد:

اعلم - رحمك الله وإياي ووفقنا لطاعته - أن الانقياد للدين كله حقَّ الانقياد، والاستسلام لشرع الله حق الاستسلام، والاتباع حق الاتباع - لا يأتي إلا بعد تحقيق الشروط الستة السابق شرحُها؛ قال - تعالى -: ﴿ وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ ﴾ [البقرة: 285]، فقد قدَّم الله قَبول شرعه وسماع أوامره كما ترى، ثم بعد ذلك جاء ذِكر الطاعة.



أما اليهود - عليهم لعنة الله - فقالوا لشدَّة عنادهم وتعنُّتهم واستهزائهم: ﴿ سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا وَاسْمَعْ غَيْرَ مُسْمَعٍ وَرَاعِنَا لَيًّا بِأَلْسِنَتِهِمْ وَطَعْنًا فِي الدِّينِ ﴾ [النساء: 46].



قال - تعالى -: ﴿ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ فَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ﴾ [البقرة: 284] إلى قوله - تعالى -: ﴿ فَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ﴾ [البقرة: 286].



روى الإمام مسلم عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: لما نزلتْ على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ﴿ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ فَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ﴾ [البقرة: 284] قال: فاشتد ذلك على أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأتوا رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - ثم بركوا على الرُّكب، فقالوا: أيْ رسولَ الله، كُلِّفنا من الأعمال ما نطيق: الصلاة، والصيام، والجهاد، والصدقة، وقد أنزلت عليك هذه الآية ولا نطيقها! - يقصدون قوله سبحانه: ﴿ وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ ﴾ - قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((أتريدون أن تقولوا كما قال أهل الكتابَينِ من قبلكم: ﴿ سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا ﴾ [البقرة: 93]؟! بل قولوا: ﴿ سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ ﴾، قالوا: ﴿ سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ ﴾، فلما قرأها القوم، ذلَّت بها ألسنتُهم، فأنزل الله في إثرها: ﴿ آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ ﴾ [البقرة: 285]، فلما فعلوا ذلك، نسخَها الله - تعالى - فأنزل الله - عز وجل -: ﴿ لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا ﴾، قال: ((نعم))، ﴿ رَبَّنَا وَلَا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا ﴾، قال: ((نعم)) ﴿ رَبَّنَا وَلَا تُحَمِّلْنَا مَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِ ﴾، قال: ((نعم))، ﴿ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنْتَ مَوْلَانَا فَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ ﴾ [البقرة: 286]، قال: ((نعم)).



وروى مسلم هذا الخبر عن ابن عباس - رضي الله عنهما - بلفْظ قريب، قال: لما نزلت هذه الآية: ﴿ وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ ﴾ [البقرة: 284]، قال: دخل قلوبهم منها شيء لم يدخل قلوبهم من شيء، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((قولوا: سمعنا وأطعنا، وسلَّمنا))، قال: فألقى الله الإيمان في قلوبهم، فأنزل الله - تعالى -: ﴿ لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا ﴾، قال: ((قد فعلت))، ﴿ رَبَّنَا وَلَا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا ﴾، قال: ((قد فعلت))، ﴿ وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنْتَ مَوْلَانَا ﴾ [البقرة: 286]، قال: ((قد فعلت)).



قال - تعالى -: ﴿ وَمَنْ يُسْلِمْ وَجْهَهُ إِلَى اللَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى ﴾ [لقمان: 22]، فذِكْرُ الإحسان بعد تسليم الوجه إلى الله يدلُّ على تأكيد هذا الأمر؛ إذ قد يتوجه بعض المسلمين إلى ربهم غير محسنين، كما هو واقع في هذا العصر ومُشاهَد؛ ولذلك جاء في الحديث: ((من صام رمضان إيمانًا واحتسابًا، غُفر له ما تقدَّم من ذنبه))، ((ومَن قام رمضان إيمانًا واحتسابًا، غُفر له ما تقدَّم مِن ذنبه)).



وقال - تعالى -: ﴿ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ﴾ [النساء: 65]، فالاستسلام لله يقتضي القَبولَ التام لشرع الله، مع الرضا بالقول والقلب والجوارح، وكل مَن ليس كذلك، فليعلم أنه لم يَستسلِم لربه كما يريده الله مِن عباده، بل خلط كثير مِن الناس الدين الحق وشريعة الرحمن بقوانين جاءت مِن قِبَل شياطين الإنس والجن، فانحرفوا بذلك عن الجادة والطريق المستقيم - نسأل الله السلامة والعافية مِن الفِتن كلها، ما ظهر منها وما بطَن.



قال - تعالى -: ﴿ أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلَالًا بَعِيدًا * وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَى مَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ رَأَيْتَ الْمُنَافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنْكَ صُدُودًا * فَكَيْفَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ ثُمَّ جَاؤُوكَ يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ إِنْ أَرَدْنَا إِلَّا إِحْسَانًا وَتَوْفِيقًا * أُولَئِكَ الَّذِينَ يَعْلَمُ اللَّهُ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَعِظْهُمْ وَقُلْ لَهُمْ فِي أَنْفُسِهِمْ قَوْلًا بَلِيغًا * وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا لِيُطَاعَ بِإِذْنِ اللَّهِ وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جَاؤُوكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللَّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللَّهَ تَوَّابًا رَحِيمًا * فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ﴾ [النساء: 60 - 65].



ينكر تعالى على المنافقين زعمهم الإيمان مع تحاكمهم إلى الطاغوت، وقد أمرهم الله أن يَكفروا به بالنصوص الصريحة، حتى ولو دُعوا إلى الحق وشريعة الرحمن وقيل لهم: تعالوا إلى ما أنزل الله وإلى الرسول، تراهم يُعرضون عن ذلك أشدَّ الإعراض، ويأبون ذلك أشدَّ الإباء، ولئن أصابتْهم مصيبة بسبب ذنوبهم يَحتجُّون قائلين: ما أردنا إلا إحسانًا وتوفيقًا؛ أي: سياسة، ويوافقون - بزعمهم - بين الشريعة وأهوائهم وأهواء الكفار، وهكذا هو حال المنافقين المُعرضين عن شرعه في كل وقت؛ ﴿ أَتَوَاصَوْا بِهِ بَلْ هُمْ قَوْمٌ طَاغُونَ ﴾ [الذاريات: 53].



قال ابن المنذر في تفسيره:

حدثنا زكريا، قال: حدثنا عمرو، قال: أخبرنا إسماعيل، عن داود، عن الشعبي، قال: "كان بين رجل ممن زعم أنه مسلم وبين رجل من اليهود خصومة، فجعَل اليهوديُّ يدعوه إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - لأنه قد علم أنه لا يأخذ الرشوة في الحكم، وجعل الآخَر يدعوه إلى اليهود؛ لأنه قد علم أنهم يأخذون الرشوة في الحكم، قال: ثم اتَّفقا على أن يتحاكما إلى كاهن في جُهينة، قال: فنزلت: ﴿ أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ ﴾، يعني: الذي يزعم أنه مسلم ﴿ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ ﴾ يعني: اليهودي"؛ وجاء في تفسير السمعاني ما يلي:



"قوله - تعالى -: ﴿ أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلَالًا بَعِيدًا ﴾.



في الآية قولان؛

أحدهما: أنه في جماعة من المنافقين منهم خلاس بن الصامت، كانت لهم خصومة مع جماعة من المسلمين، فقال المسلمون: نتحاكم إلى الرسول، وقال المنافقون: نتحاكم إلى الكهنة.



والقول الثاني - وهو الأصح -: "أن رجلاً من اليهود خاصم رجلاً من المنافقين، فقال اليهودي: نتحاكم إلى أبي القاسم؛ إذ عرَف أنه لا يأخذ الرشوة على الحكم فيحكم بالحق، وقال المنافق: نتحاكم إلى كعب بن الأشرف، فتحاكما إلى النبي، فحكَم لليهودي، وكان الحكْم له، فقال المنافق: لا أرضى بحكمه، نتحاكم إلى أبي بكر، فتحاكما إلى أبي بكر، فحكم لليهودي بمثل ما حكم رسول الله، فقال المنافق: لا أرضى بحكمه، نتحاكم إلى عمر، فتحاكما إلى عمر، فقال عمر: هل تحاكمتُما إلى أحد؟ فقال اليهودي: نعم؛ إلى أبي القاسم، وإلى أبي بكر، وقد حكَما لي وهو لا يرضى، فقال عمر: مكانكما حتى أخرج إليكما، فدخل البيت، واشتمل على السيف، ثم خرج، وضرب عنُقَ المنافق، فبلغ ذلك رسولَ الله، فقال: أنت الفاروق".



وقال - تعالى -: ﴿ وَيَقُولُونَ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالرَّسُولِ وَأَطَعْنَا ثُمَّ يَتَوَلَّى فَرِيقٌ مِنْهُمْ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَمَا أُولَئِكَ بِالْمُؤْمِنِينَ * وَإِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ إِذَا فَرِيقٌ مِنْهُمْ مُعْرِضُونَ * وَإِنْ يَكُنْ لَهُمُ الْحَقُّ يَأْتُوا إِلَيْهِ مُذْعِنِينَ * أَفِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ أَمِ ارْتَابُوا أَمْ يَخَافُونَ أَنْ يَحِيفَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَرَسُولُهُ بَلْ أُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ * إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ * وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَخْشَ اللَّهَ وَيَتَّقْهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ * وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لَئِنْ أَمَرْتَهُمْ لَيَخْرُجُنَّ قُلْ لَا تُقْسِمُوا طَاعَةٌ مَعْرُوفَةٌ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ ﴾ [النور: 47 - 53].



وجاء في "تفسير السمعاني" كذلك ما يلي:

"قوله - تعالى -: ﴿ وَيَقُولُونَ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالرَّسُولِ وَأَطَعْنَا ﴾ [النور: 47] ذكَر النقّاش أن هذه الآية نزلت في رجل من المنافقين يُسمى بِشرًا ورجلٍ من اليهود، كانت بينهما خصومة، فقال اليهودي: نتحاكم إلى محمد، وقال المنافق: نتحاكم إلى كعب بن الأشرف، فأنزل الله - تعالى - في هذا المنافقِ وأشباهِه هذه الآيةَ.



وأورد أبو بكر الفارسي في "أحكام القرآن" أن النبي لما هاجر إلى المدينة، ترك الأنصار له وللمهاجرين كلَّ أرض لا يصل إليها الماء، فأعطى رسول الله عثمان وعليًّا من ذلك، فباع علي نصيبه من عثمان، فوجد عثمان الأرض كلها أحجار لا يمكن أن تُزرع، فطلب من علي الثمن الذي أعطاه، فقال علي: وما عِلمي بالأحجار، ولو وجدت كنزًا هل كان لي منه شيء؟ فأراد أن يتحاكما إلى النبي، فقال الحكم بن أبي العاص لعثمان: لا تُحاكمْه إلى محمد؛ فإنه يقضي لابن عمه، فأنزل الله تعالى هذه الآية في الحكم بن أبي العاص.



وقوله: ﴿ ثُمَّ يَتَوَلَّى فَرِيقٌ مِنْهُمْ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ ﴾؛ أي: مِن بعد ما قالوا: آمنَّا بالله وبالرسول.



وقوله:﴿ وَمَا أُولَئِكَ بِالْمُؤْمِنِينَ ﴾؛ أي: بالمُصدِّقين".



فلذلك؛ لا بدَّ إذًا أن يكون اتباع العبد لربه مبنيًّا على الإخلاص والمحبة والعلم وسائر الشروط المتقدِّمة، فاتباعٌ بغير ذلك لا يكون اتباعًا قائمًا على أساس متين وصحيح، وبالتالي فهو على شفا جرف هار مُحقَّق ومُهدَّد بالحبوط وعدم القَبول، وقد قال - تعالى -: ﴿ اتَّبِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ وَلَا تَتَّبِعُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ ﴾ [الأعراف: 3].



وقال - تعالى -: ﴿ وَإِنَّ الشَّيَاطِينَ لَيُوحُونَ إِلَى أَوْلِيَائِهِمْ لِيُجَادِلُوكُمْ وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ ﴾ [الأنعام: 121]؛ أي: إن أطعتم الشيطان في أقواله وترهاته وتركتم شريعة الرحمن، إنكم لمشركون.



جاء في "تفسير السمعاني" ما يلي:

"وقال: ﴿ وَإِنَّ الشَّيَاطِينَ لَيُوحُونَ إِلَى أَوْلِيَائِهِمْ لِيُجَادِلُوكُمْ ﴾، ومجادلتهم كانت في أكل الميتة؛ فإنهم كانوا يقولون: إنكم تأكلون مما قتلتموه، ولا تأكلون مما قتله الله تعالى؛ فنزلت الآية، ﴿ وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ ﴾؛ يعني: باستحلال الميتة، قال الزجاج: في هذا دليل على أن استحلال الحرام وتحريم الحلال يوجب الكفر، وفي الآثار أن ابن عباس سُئل فقيل له: إن المختار بن أبي عبيد يَزعم أنه يُوحى إليه، فقال ابن عباس: صدق؛ فإن الله - تعالى - يقول: ﴿ وَإِنَّ الشَّيَاطِينَ لَيُوحُونَ إِلَى أَوْلِيَائِهِمْ ﴾، وفي الخبر أن النبي قال: ((يَخرج من ثقيف رجلان: كذاب، ومُبير مُهلِك))".



وقال - تعالى -: ﴿ أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يَا بَنِي آدَمَ أَنْ لَا تَعْبُدُوا الشَّيْطَانَ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ ﴾ [يس: 60]، فكل مَن يترك شريعة الرحمن ويتبع هواه، فهو عابد للشيطان، وهو مِن الظالمين؛ كما قال - تعالى - لنبيِّه في هذه الآية، والمقصود هو أمته: ﴿ وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ إِنَّكَ إِذًا لَمِنَ الظَّالِمِينَ ﴾ [البقرة: 145].



نعم؛ الشرك يدخل في طاعة مقولات الشياطين، وأخذ مشورتهم ومَشورة الكفار، مع ترك ما أمر الله به وتعبَّدَ به عباده، سواء كان ذلك لهوًى يهواه المرء، أو لخوف أو رعاية مصلحة دنيوية، أو الخشية من الدوائر - حسب زعمهم - ونحو ذلك مِن أقاويلهم، وكل هذا يُناقض كلمة التوحيد وتحقيقها كما أسلفت.



نسأل الله - سبحانه وتعالى - الثبات على الحق، والاتباع حقَّ الاتباع لديننا القويم حتى الممات، إنه هو المولى والقادر على ذلك، والله - سبحانه وتعالى - أعلم.

مجنون قصايد 01-22-2024 05:25 PM

بيض الله وجهك
طرح واختيار روعه للموضوع
لاحرمك الله رضاه

لك كل
تقديري واحترامي


مجنون قصآيد

شموخ 01-22-2024 05:51 PM

سلمت اناملك لروعة ذوقك
يسعدك ربي ويحقق أمانيك

هذيان قلب 01-28-2024 02:38 AM

سلمت الايادي

شكرا لك

مديونه 01-28-2024 12:36 PM

لجهودك باقات من الشكر والتقدير

على روعة الطرح


https://a3zz.net/upload/uploads/imag...7891e79eef.gif

نظرة الحب 01-28-2024 03:14 PM

شكرآ على الاختيار المميز للموضوع . . مودتي

إرتواء نبض 01-29-2024 01:40 AM

ع ــناقيد من الجمال
تحيط بروعة الحروف
سلم حسك وبيانكـ
دمت بتميز

المهرة 01-29-2024 04:01 AM


https://upload.3dlat.com/uploads/13609174771.gif




بااارك الله فيك وفي جلبك
وطرحك الطيب
وجزااك الله عناا كل خير واثابك الجنة
عرضهاا السموات والارض اشكرك
وسلمت الايااادي ويعطيك ربي الف عافية
تحيتي وتقديري وبانتظااار جديدك دمتي
وكوني بخير




https://upload.3dlat.com/uploads/13609174771.gif
































































نجم الجدي 01-30-2024 08:36 AM

الله يعطيك العافيه على الطرح
اللي كله ابداااااااع

حضوري شكر وتقدير لك
ولاهتمامك في مواضيعك

اخوك
نجم الجدي

عـــودالليل 01-30-2024 11:55 AM

قيمه جيده لمحتها من خلال هذا
الجلب المميز في
محتواه
ونال الاستحسان
والاعجاب التام والرضى

وكل هذا
دليل ذائقه راقيه جدا أدت
لظهور هذا الطرح بهذا الشكل

اتمنى تقديم المزيد والاستمرار عل
نفس المنوال


و
لك كل احترامي وتقديري
واسعدك المولى


محمد الحريري


الساعة الآن 11:41 AM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
HêĽм √ 3.1 BY: ! ωαнαм ! © 2010
new notificatio by 9adq_ala7sas
جميع حقوق النشر لشعارنا و كتابنا ومسميات الموقع خاصة و محفوظة لدى منتديات قصايد ليل الأدبية