منتديات قصايد ليل

منتديات قصايد ليل (http://www.gsaidlil.com/vb/index.php)
-   ( قصايد ليل للفتاوى ) (http://www.gsaidlil.com/vb/forumdisplay.php?f=104)
-   -   هل يجب الوفاء بهذا النذر (http://www.gsaidlil.com/vb/showthread.php?t=115244)

هدوء 02-16-2017 08:23 PM

هل يجب الوفاء بهذا النذر
 
♦ ملخص السؤال:
طالبة نذرت أن تصلي مائة ركعة إن رسبتْ زميلتها، وبعد رسوب زميلتها تسأل: هل عليَّ الوفاء بالنذر أو لا؟

♦ تفاصيل السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أنا في غمٍّ وهم بسبب هذا الحرج الذي وضعتُ نفسي فيه؛ فأنا لم أكُنْ أعلم أن الالتزام بالنذر واجب، ولكن حين قرأتُ عن النذور علمتُ أنه يجب الوفاء بالنذر، وأن ذلك يكون لزامًا على مَن نذر، وقد كنتُ نذرتُ أن أصلي 100 ركعة لله إن رسبَتْ زميلتي في الامتحان، وبالفعل رسبَت زميلتي، فهل يجب عليَّ أن أفي بهذا النذر، رغم أنني لم أكن أعلم ساعة نذرتُ أن الوفاء بالنذر واجب، وكنتُ أجهل أحكام النذر، وكنت أظنه مجرد كلام لا يضرُّ ولا ينفع!

أمر آخر يشغل بالي وهو: هل توجد سعادة في الحياة الدنيا؟ أو أن السعادة فقط في الآخرة؟
أنا نادمة لتهوُّري ولتقصيري في أمور ديني، وجزاكم الله خيرًا


الجواب

الحمدُ لله، والصلاةُ والسلامُ على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومَن والاه، أما بعدُ:
فلا شك أنكِ تعلَمين أيتها الابنة الكريمة أن مِن جملة خِصال الإيمان الواجبة أن يحبَّ المرء لأخيه المؤمن ما يحبُّ لنفسه، ويكرَه له ما يَكرهه لنفسه، فإذا زال ذلك عنه فقد نقص إيمانه، فكيف إذا تمنَّى له الشر، بل رتَّب على نزول المكروه به نذرًا؟

وقد روى الترمذيُّ وابن ماجه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لأبي هريرة: ((أحبَّ للناس ما تحب لنفسك تكن مسلمًا)).
سأل معاذ النبي صلى الله عليه وسلم عن أفضل الإيمان، قال: ((أفضل الإيمان أن تحب لله، وتبغض لله، وتعمل لسانك في ذكر الله))، قال: وماذا يا رسول الله؟ قال: ((أن تحبَّ للناس ما تحبُّ لنفسك، وتكره لهم ما تكره لنفسك، وأن تقول خيرًا أو تصمت))؛ رواه أحمد.

بل قد رتَّب النبيُّ صلى الله عليه وسلم دخول الجنة على هذه الخصلة؛ كما في مُسند الإمام أحمد عن يزيد بن أسد القسري، قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أتحبُّ الجنة؟)) قلت: نعم، قال: ((فأحبَّ لأخيك ما تحب لنفسك)).

وكذلك رتَّب النبي صلى الله عليه وسلم النجاة من النار عليها، ففي صحيح مسلم: ((فمَن أحب أن يُزحزح عن النار، ويدخل الجنة، فلتأتِه منيَّته وهو يؤمن بالله واليوم الآخر، وليأتِ إلى الناس الذي يحب أن يؤتى إليه)).

إذا تقرَّر هذا أيتها الابنة الكريمة أدركتِ يقينًا حرمة النذر الذي علقتِه على رسوب زميلتك في الاختبارات، كما لو علَّقتِ النذر على ما فيه ضرر وأذى لها، فأشبه النذر على فعل المحرَّم أو ترك الواجب، وهو نذْر لا يَنعقد ويأثم قائله، لأنكِ نذرت الشُّكر المتمثل في الصلاة على وقوع الأذى بأختك المسلمة، حتى وإن كنتِ لا تحبينها.

وفي حديث صحيح رواه مُسلم عن عمران بن حصين قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لا وفاءَ لنذر في معصية، ولا فيما لا يملك العبد))، وفي رواية: ((لا نذْر في معصية الله))، وروى أبو داود عن ثابت بن الضحاك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لا وفاء لنذر في معصية الله، ولا فيما لا يَملك ابن آدم)).

أما النذر الشرعي الذي يجبُ الوفاء به فيكون التعليق فيه بقصد القربة عند جلب نفع أو دفع ضرٍّ؛ فعن عائشة رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((مَن نذر أن يطيع الله فلْيُطعه، ومن نذر أن يعصيه فلا يعصِه))؛ رواه البخاري.

ولا يَخفى على مثلِكِ أيتها الابنة الكريمة أن تمنِّي الشر للمسلم وإرادة المكروه به مِن جنس الحسد المحرَّم والبغض المذموم، وهو مِن الأعمال القلبية الباطنية التي يُحاسب عليها الإنسان، ففي الصحيحين عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لا تَحاسدوا، ولا تباغضوا، ولا تجسَّسوا، ولا تحسَّسوا، ولا تناجشوا، وكونوا عباد الله إخوانًا)).

وتأملي معي قول الإمام النووي شرح النووي على مسلم (16 / 116): "التدابُر: المعاداة، وقيل: المقاطَعة؛ لأن كل واحد يولي صاحبه دبره، والحسد: تمني زوال النِّعمة، وهو حرام، ومعنى: كونوا عباد الله إخوانًا؛ أي: تعاملوا وتعاشروا معاملةَ الإخوة ومعاشرتهم في المودة والرِّفق والشفقة والملاطفة والتعاون في الخير، ونحو ذلك، مع صفاء القلوب، والنصيحة بكل حال؛ قال بعض العلماء: وفي النهي عن التباغُض إشارة إلى النهي عن الأهواء المضلَّة المُوجبة للتباغُض".

وقال أيضًا: (2 / 152): "والآيات في هذا كثيرة، وقد تظاهَرت نصوص الشرع وإجماع العلماء على تحريم الحسد، واحتقار المسلمين، وإرادة المكروه بهم، وغير ذلك من أعمال القلوب".

إذا تقرر هذا؛ فلا يجب عليك الوفاء بالنذر، بل يجب عليك التوبة مِن ذلك.
أمَّا تحقيق السعادة في الحياة الدنيا فهو يسيرٌ لمن اتَّبع المنهَج الإسلامي، فكل شرائع الإسلام وأحكامه تهدف إلى تحقيق السعادة في الدنيا والآخرة، وتأملي سلَّمك الله قوله تعالى: ﴿ مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ﴾ [النحل: 97].

فـ"العمل الصالح مع الإيمان جزاؤه حياة طيبة في هذه الأرض، لا يهمُّ أن تكون ناعمة رغدة ثرية بالمال، فقد تكون به، وقد لا يكون معها، وفي الحياة أشياء كثيرة غير المال الكثير تطيب بها الحياة في حدود الكفاية؛ فيها الاتصال بالله، والثِّقة به، والاطمئنان إلى رعايته وستره ورضاه، وفيها الصحة والهدوء والرضا والبركة، وسكن البيوت، وموداتُ القلوب، وفيها الفرح بالعمل الصالح، وآثاره في الضمير، وآثاره في الحياة، وليس المال إلا عنصرًا واحدًا يَكفي منه القليل، حين يتصل القلب بما هو أعظم وأزكى وأبقى عند الله"؛ قاله في ظلال القرآن (4 / 2193).

فالتمِسي السعادة في صفاء نفس، وطمأنينة قلبٍ، وانشراح صدرٍ، وراحة ضمير، وتفريج الكُربات، وفي ذكر الله ومراقبتِه والحياء منه والعمل الصالح ابتغاء وجهِه، قال تعالى: ﴿ الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ ﴾ [الرعد: 28].

ومِن أحسن مَن تكلم على كيفية تحقيق السعادة الإمام ابن حزم في كتابه الماتع: "الأخلاق والسير في مُداواة النفوس" فراجِعيه، والإمام ابن القيم عقَد فصلًا في كتابه: "زاد المعاد" في "أسباب شرح الصدور" أنقل لكِ بعضه على أن تراجعيه كاملًا؛ ففيه فوائد ودرر.
قال: "فأعظم أسباب شرح الصدر:
• التوحيد، وعلى حسب كماله وقوَّتِه وزيادته يكون انشراح صدر صاحبه؛ قال الله تعالى: ﴿ أَفَمَنْ شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ فَهُوَ عَلَى نُورٍ مِنْ رَبِّهِ ﴾ [الزمر: 22]، وقال تعالى: ﴿ فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاءِ ﴾ [الأنعام: 125]، فالهدى والتوحيد من أعظم أسباب شرح الصدر، والشرك والضلال من أعظم أسباب ضيق الصدر وانحِراجه.

• ومنها: النور الذي يَقذفه الله في قلب العبد، وهو نورُ الإيمان، فإنه يَشرح الصدر ويوسعه ويُفرح القلب، فإذا فُقد هذا النور من قلب العبد ضاقَ وحرج، وصار في أضيق سجنٍ وأصعبه؛ وقد روى الترمذيُّ في جامعه عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((إذا دخَل النور القلب انفسح وانشرحَ))، قالوا: وما علامة ذلك يا رسولَ الله؟ قال: ((الإنابة إلى دار الخلود، والتجافي عن دارِ الغرور، والاستعداد للموت قبل نزوله))، فيُصيب العبد من انشراح صدره بحسب نصيبِه من هذا النور، وكذلك النور الحسي والظلمة الحسيَّة؛ هذه تشرح الصدر وهذه تُضيِّقه.

• ومنها: العلم؛ فإنه يشرح الصدر، ويوسعه حتى يكون أوسع من الدنيا، والجهل يورثه الضيق والحصر والحبس، فكلَّما اتسع علم العبد انشرح صدره واتسع، وليس هذا لكل علم، بل للعلم الموروث عن الرسول صلى الله عليه وسلم، وهو العلم النافع، فأهله أشرح الناس صدرًا، وأوسعهم قلوبًا، وأحسنُهم أخلاقًا، وأطيبهم عيشًا.

• ومنها: الإنابة إلى الله سبحانه وتعالى، ومحبته بكل القلب، والإقبال عليه، والتنعُّم بعبادته، فلا شيء أشرح لصدر العبد من ذلك، حتى إنه ليقول أحيانًا: إن كنتُ في الجنة في مثل هذه الحالة فإني إذًا في عيش طيب.

وللمحبة تأثير عجيب في انشراح الصدر وطيب النفس ونعيم القلب، لا يعرفه إلا من له حسٌّ به، وكلما كانت المحبة أقوى وأشدَّ كان الصدر أفسح وأشرح، ولا يضيق إلا عند رؤية البطالين الفارغين من هذا الشأن، فرُؤيتهم قذى عينِه، ومخالطتهم حمى روحه.

ومن أعظم أسباب ضيق الصدر: الإعراض عن الله تعالى، وتعلُّق القلب بغيره، والغفلة عن ذكره، ومحبة سواه، فإنَّ مَن أحب شيئًا غير الله عذِّب به، وسُجن قلبه في محبة ذلك الغير، فما في الأرض أشقى منه، ولا أكسف بالًا، ولا أنكَدَ عيشًا، ولا أتعب قلبًا، فهما محبتان، محبة هي جنة الدنيا، وسرور النفس، ولذة القلب، ونعيم الروح وغذاؤها ودواؤها، بل حياتها وقرة عينها، وهي محبة الله وحده بكل القلب، وانجذاب قُوى الميل والإرادة، والمحبة كلُّها إليه، ومحبة هي عذاب الروح، وغمُّ النفس، وسجن القلب، وضيق الصدر، وهي سبب الألم والنكد والعناء، وهي محبة ما سواه سبحانه.

ومن أسباب شرح الصدر: دوامُ ذكره على كل حال، وفي كل موطن، فللذكر تأثير عجيب في انشراح الصدر ونعيم القلب، وللغفلة تأثير عجيب في ضيقه وحبسه وعذابه.

• ومنها: الإحسان إلى الخلق ونفعُهم بما يُمكنه من المال والجاه، والنفع بالبدن، وأنواع الإحسان، فإن الكريم المحسن أشرح الناس صدرًا، وأطيبُهم نفسًا، وأنعمهم قلبًا، والبخيل الذي ليس فيه إحسان أضيق الناس صدرًا، وأنكدُهم عيشًا، وأعظمهم همًّا وغمًّا، وقد "ضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم في الصحيح مثلًا للبخيل والمتصدِّق؛ كمثل رجلَين عليهما جُنَّتان من حديد، كلما همَّ المتصدق بصدقة اتسعت عليه وانبسطت حتى يجر ثيابه ويُعفي أثره، وكلما همَّ البخيلُ بالصدقة لزمت كل حلقة مكانها ولم تتَّسع عليه".

أسأل الله أن يشرح صدورنا بالعلم النافع والعمل الصالح

مجنون قصايد 02-16-2017 10:20 PM

ماشاء الله تبارك الرحمن

ذوق في اختيارك
وعافيه عليك وعلى الطرح الراقي
لاحرمك الله رضاه

لك كل
تقديري واحترامي

مجنون قصآيد

http://www.gsaidlil.com/vb/

إرتواء نبض 02-16-2017 11:04 PM

الله يجزاك كل خير على مجهودك...
ويجعل الأجر الاوفر بميزان حسناتك...
ننتظر جديدك...

نجم الجدي 02-16-2017 11:14 PM

الله يعطيك العافيه على الطرح
اللي كله ابداااااااع

حضوري شكر وتقدير لك
ولاهتمامك في مواضيعك

اخوك
نجم الجدي

جنــــون 02-17-2017 12:51 AM

جزاك الله خير

ضامية الشوق 02-17-2017 01:38 AM

جزاك الله خيرا

الغنــــــد 02-17-2017 02:55 AM

جزااااك الجنه

وجعله في ميزاان حسناااتك

فخآمه 02-17-2017 03:03 AM

جزاك ربي الحنه ..

دلع 02-17-2017 04:45 AM

يعطيك ألف عافيه ننتظر جديدك...

RioO 02-17-2017 05:05 AM

بارك الله بك
و اثابك حسن ثواب
وجوزيت الف خير
لا حرمناك


الساعة الآن 02:12 AM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
HêĽм √ 3.1 BY: ! ωαнαм ! © 2010
new notificatio by 9adq_ala7sas
جميع حقوق النشر لشعارنا و كتابنا ومسميات الموقع خاصة و محفوظة لدى منتديات قصايد ليل الأدبية