منتديات قصايد ليل

منتديات قصايد ليل (http://www.gsaidlil.com/vb/index.php)
-   …»●[ أرواح أيمـــانيـــه ]●«… (http://www.gsaidlil.com/vb/forumdisplay.php?f=3)
-   -   بعض أوصاف الجنة (الجزء الأول) (http://www.gsaidlil.com/vb/showthread.php?t=231770)

جنــــون 01-09-2024 05:48 AM

بعض أوصاف الجنة (الجزء الأول)
 
بعض أوصاف الجنة (الجزء الأول)


الخطبة الأولى

إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفرهن ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله.



﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴾ [آل عمران: 102 ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ﴾ [النساء: 1]، ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا ﴾ [الأحزاب: 70، 71]، أما بعد:

فإن خير الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار، أما بعد:

فأمة الإسلام، أحباب المصطفى عليه الصلاة والسلام، لقد خلق الله الإنسان في هذه الحياة القصيرة الحقيرة، للابتلاء، والاختبار، ثم يرده بعدها لينقله إلى دار القرار، إما إلى جنةٍ، وإما إلى نار.



وما أحوجنا في زمنٍ طغت فيه الماديات، وغرق كثيرٌ من الخلق في الملذات والمشتهيات، ونسوا أو تناسوا ما هو آت!



ما أحوجنا في زمنٍ ركن الناس إلى هذه الدنيا الدنيئة، وانشغلوا بها عن تلك الحياة الخالدة الأبدية أن نتحدث في هذا الزمان، وفي هذه الأيام، الذي قد بلغ القنوط واليأس في كثيرٍ من الناس مبلغه؛ عن دار البقاء والكرامة، وعما أعده الله لعباده في يوم القيامة، في دار الإقامة، في تلك الدار التي لا فيها حسابٌ، ولا عذابٌ، ولا ملامة.



فدعونا يأهل التوحيد نتحدث في هذا اليوم عن تلك السعادة الأبدية التي تنسينا مواجع هذه الدنيا الدنية، دعونا من هذا المكان نبشر أهل الطاعات، والعبادات، والقربات، بما أعده الله لهم من النعيم في الجنات، وألا يغتروا بتقلب الذين كفروا في البلاد، وألا يطمعوا بما عليه أهل المعاصي، والجرائم والفساد، وأن يعلموا أن غمسةً في الجنة تنسيهم متاعب الدنيا ومنغصاتها، وكل ما لاقوه، وعانَوه فيها، فهي جنةٌ طابت وطاب نعيمها.



أوجه رسالةً في هذا اليوم مليئةً بالمبشرات، والمسرات، لكل من عاش بين الطاعات والقربات، ولكل من أتعبته المكدرات، والمنغصات، ولكل من عاش مترددًا بين العلاجات، والمستشفيات، ومتنقلًا بين المساكن والإيجارات، ولكل من يكد ويتعب في لقمة عيش أولاده، لكل من أُخرج أو شُرِّد من بلده ومن بين أحبابه، وولده، لكل من ابتُلي في أهله، أو جسده:

صبرًا ثم صبرًا ثم صبرًا؛ فإن موعدكم الجنة إن شاء الله! نسأل الله أن يجعلنا وإياكم من أهلها، وأن يرزقنا النظرة إلى وجه خالقها!



تعالوا معنا اليوم لندخل الجنة بأرواحنا، لنتعرف عليها قبل أن تدخلَها أجسادنا وتطأها أقدامنا، تعالوا بنا لنتعرف عن بعض أوصافها، وما أعده الله لأهلها فيها، ولنتأمل في وصف من خلقها، وخلق أهلها، ونعيمها، جل جلاله وتقدست أسماؤه، في وصف من رآها ودخلها عليه الصلاة والسلام وإلا من يستطيع أن يصف الجنان؛ مهما أوتي من حسن البيان، وروعة البلاغة وفصاحة اللسان؟!



ولا ريب أن الجهل بأوصاف الجنة وعدم معرفة حقيقتها، وما أعده الله لعباده فيها، وقبل ذلك الإيمان بخالقها، هو الذي جعل العباد يتكالبون على هذه الدنيا، ويتنافسون عليها؛ حتى لكأنهم لم يخرجوا منها، ولن يرتحلوا عنها!



معاشر المسلمين والمسلمات، إن الكلام عن نعيم الجنة، وما فيها من الملذات، والكرامات، لن تستوعبه هذه الدقائق المعدودات، بل يحتاج إلى وقفةٍ، ووقفات، بل إلى مصنفٍ ومصنفات، لكني سأقتطف في هذه الوقفة بعض ثمار أوصافها، وأترك بعضها إلى وقفةٍ أخرى تليها ثم التي تليها.



إنها الجنة - يا أهل التوحيد - فوق وصف الواصفين، إنها دار السلام، ودار الخلد، والأمان، ودار المقامة، والمأوى ودار الحيوان، ودار عدنٍ والفردوس والنعيم التي أعدها الكريم الرحيم المنان!



فمن أين أبدأ بالحديث عنها؟ هل أتحدث عن أبوابها، وعددها وسعة مصارعها، أم عن درجاتها، وقدر ارتفاعها، أم أحدثكم عن قصورها، وأشجارها، وشرابها، وطعامها، أم عن حورها، وأوصاف أهلها؟!



وكل ذلك، وما هو فوق ذلك، لا يساوي الحديث عن لذة النظر إلى وجه خالقها جل جلاله وتقدست أسماؤه، رزقنا الله وإياكم لذة النظر إلى وجهه الكريم، والعيش في النعيم المقيم!



وقبل أن نحلق بأرواحنا على قصورها، ووصف حورها، وطعامها، وشرابها، دعونا نتعرف على أبوابها، فليس للجنة باب بل هي أبوابٌ، يقول خالقها عن أهلها: ﴿ وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَرًا حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا وَفُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا سَلَامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ فَادْخُلُوهَا خَالِدِينَ ﴾ [الزمر: 73]، وأخبر نبينا صلى الله عليه وسلم، كما في الصحيح من حديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنه أن أبواب الجنة ثمانية، فقال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «الجنة لها ثمانية أبواب، والنار سبعة أبواب»[1].



وقال عليه الصلاة والسلام: «في الجنة ثمانية أبواب، فيها بابٌ يسمى الريان، لا يدخله إلا الصائمون»[2]، فهنيئًا للصائمين والصائمات على هذا الاختصاص من رب الأرض والسماوات!



وأخبر: أن الجهاد بابٌ من أبواب الجنة، ولا حول ولا قوة إلا بالله بابٌ من أبواب الجنة، والوالد أوسط أبواب الجنة، قال ابن القيم رحمه الله:

أبوابها حقٌّ ثمانية أتت
في النص وهي لصاحب الإحسان
باب الجهاد وذاك أعلاهاوبا
ب الصوم يُدعى الباب بالريان
ولكل سعي صالحٍ بابٌ وربْ
بُ السعي منه داخل بأمان
ولسوف يدعى المرء من أبوابها
جمعًا إذا وفى حلى الإيمان
منهم أبوبكر هو الصديق ذا
ك خليفة المبعوث بالقرآن[3]


وأما سعة أبوابها؛ فاسمع إلى ما رواه ابن حبان في صحيحه، وصححه الألباني رحمهما الله عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «والذي نفسي بيده، إن ما بين المصراعين من مصاريع الجنة كما بين مكة وهجر، أو كما بين مكة وبُصرى!»[4]، وفي رواية «مسيرة سبع سنين!».



ومن لطف الله ورحمته، أن هذه الأبواب تفتح في شهر رمضان، وفي كل اثنين وخميس، وبعد فراغك أيها المتوضئ من وضوئك، كما أخبر عليه الصلاة والسلام وبعد معرفتنا لأبوابها، نسأل عن أول زمرةٍ تدخلها؟ ويجيبنا عن ذلك أول من يدخلها، ويقرع بابها عليه الصلاة والسلام حيث قال - فيما رواه البخاري، ومسلم-: «أول زمرةٍ تدخل الجنة صورتهم على صورة القمر ليلة البدر، لا يبصقون فيها، ولا يمتخطون، ولا يتغوطون، آنيتهم فيها الذهب، وأمشاطهم من الذهب والفضة!»[5].



نسأل الله الكريم من فضله! قال ابن القيم رحمه الله في نونيته:

هذا وأول زمرة فوجوهم
كالبدر ليل الست بعد ثمان
السابقون همُ وقد كانوا هنا
أيضً أولي سبق إلى الإحسان
والزمرة الأخرى كأضوأ كوكب
في الأُفْقِ تنظره به العينان
أمشاطهم ذهبٌ ورشحهمُ فمس
كٌ خالصٌ يا ذلةَ الحرمان[6]


وبعد دخولهم فيها هل يجلسون في مكانٍ واحد، أم أنهم على منازل ودرجات؟! نعم إنهم على منازل ودرجات، بقدر ما معهم من الطاعات والقربات، يقول ربنا في كتابه الكريم: ﴿ وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ * أُولَئِكَ الْمُقَرَّبُونَ ﴾ [الواقعة: 10، 11]، وقال سبحانه وتعالى: ﴿ وَيُؤْتِ كُلَّ ذِي فَضْلٍ فَضْلَهُ ﴾ [هود: 3].



واسمع الى رسول الله عليه الصلاة والسلام وهو يبيِّن لنا عدد درجات الجنة وتفاضل أهلها فيها، فلقد روى الضياء المقدسي، وصححه الألباني رحمهما الله عن عبادة بن الصامت رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «الجنة مائة درجة، ما بين الدرجتين مسيرة مائة عام، والفردوس أعلاها درجة؛ ومنها تفجر الأنهار الأربعة، والعرش من فوقها، فإذا سألتم الله فاسألوه الفردوس الأعلى»[7].



اللهم إنا نسألك الفردوس الأعلى من الجنة!



وقال في تفاضل أهلها في منازلهم- كما روى البخاري، ومسلم: «إن أهل الجنة يتراؤون أهل الغرف من فوقهم كما تتراؤون الكوكب الدري الغابر في الأفق»[8].



وهو الكوكب العظيم سُمِّي دريًّا لبياضه وقيل لإضاءته، وقيل: شبه بالدر لكونه أرفع باقي النجوم كالدر أرفع الجواهر ومعنى الغابر: الذاهب، الذي تدلى للغروب وبَعُد عن العيون.



قال ابن القيم رحمه الله:

درجاتها مائة وما بين اثنتي
ن فذاك في التحقيق للحسبان
مثل الذي بين السماء وبين ها
ذي الأرض قول الصادق والبرهان
لكن عاليها هو الفردوس مس
قوف بعرش الخالق الرحمن
وسط الجنان وعلوها فلذاك كا
نت قبة من أحسن البنيان
منه تفجر سائر الأنهار فال
ينبوع منه نازل بجنان[9]


وهناك بشرى لأهل الابتلاءات أن الله قد يوصلهم إلى تلك المنازل الرفيعة، والدرجات العالية لا بأعمالهم، ولا باجتهادهم، وإنما بابتلائهم، وصبرهم؛ فهنيئًا ثم هنيئًا للصابرين!



روى ابن حبان في صحيحه، وصححه الألباني رحمهما الله عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن الرجل لتكون له عند الله المنزلة؛ فما يبلغها بعمل، فلا يزال الله يبتليه بما يكره حتى يبَلِّغَه إياها» [10].



وأما أدنى أهل الجنة منزلة؛ فاسمعوا ما له عند الله؛ لتعلم سعة تلك الدار، وعظمة الرحمن الغفار. روى الإمام مسلمٌ رحمه الله أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إني لأعلم آخر أهل النار خروجًا منها، وآخر أهل الجنة دخولًا الجنة: رجلًا يخرج من النار حبوًا فيقول الله له: اذهب فادخل الجنة؛ فيأتيها فيخيل إليه أنها ملأى، فيقول الله: ادخل؛ فإن لك مثل الدنيا عشر أمثالها. قال فيقول: أتسخر بي وأنت الملك؟!»، قال ثم رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ضحك حتى بدت نواجذه، قال فكان يقول: «ذلك هو أدنى أهل الجنة منزلا!» [11].



قال ابن القيم رحمه الله:

هذا وأعلاهم فناظر ربه
في كل يوم وقته الطرفان
لكن أدناهم وما فيهم دني
إذ ليس في الجنات من نقصان
فهو الذي تلفى مسافة ملكه
بسنيننا ألفان كاملتان
فيرى بها أقصاه حقا مثل رؤ
يته لأدناه القريب الداني
أو ما سمعت بأن آخر أهلها
يعطيه رب العرش ذو الغفران
أضعاف دنيانا جميعا عشر أم
ثال لها سبحان ذي الإحسان[12


نسأل الله من فضله، وأن يستعملنا في طاعته، وأن يرزقنا الشوق إلى لقائه! أقول ما تسمعون، وأستغفر الله لي ولكم ولجميع المسلمين؛ فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم!



(الخطبة الثانية)

الحمد لله على إحسانه، والشكر له على توفيقه وامتنانه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، أدخل المؤمنين في جنانه، وعذب الكافرين بنيرانه، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، أفضل من قام بطاعة ربه وفاز برضوانه.



أيها المسلمون عباد الله، مازلنا نحلق بأرواحنا، في معرفة جنة ربنا، وما أعده الله للمؤمنين منَّا، فبعد معرفة أبوابها، وسعة مصارعها، ودرجات أهلها.



وهاهم أهل الجنة يدخلون دار الكرامة، والسعادة، والإقامة، ولنا أن نسأل عن أوصافهم، وأشكالهم، وجمالهم، حين يدخلون في جنتهم، ويتقلبون بين قصورهم، وبيوتهم.



اسمعوا إلى ما رواه الترمذي، وصححه الألباني رحمهما الله عن معاذ بن جبل رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «يدخل أهل الجنة الجنة مردًا مكحلين، أبناء ثلاثين، أو ثلاثٍ وثلاثين سنة!»[13].



وفي رواية «لا تبلى ثيابهم، ولا يفنى شبابهم!»[14].



وفي روايةٍ – أيضًا -: «يدخلون على مِسحة آدم، وصورة نبي الله يوسف، وقلب أيوب، ومن كان من أهل النار عظموا، وفخموا كالجبال»[15].



قال ابن القيم رحمه الله:

هذا وسنهم ثلاث مع ثلا
ثين التي هي قوة الشبان
وصغيرهم وكبيرهم في ذا على
حد سواء ما سوى الولدان
ولقد روى الخدري أيضا أنهم
أبناء عشر بعدها عشران
وكلاهما في الترمذي وليس ذا
بتناقض بل ها هنا أمران
حذف الثلاث ونيف بعد العقو
د وذكر ذلك عندهم سيان
عند اتساع في الكلام فعندما
يأتوا بتحرير فبالميزان[16]


وقال رحمه الله:

ألوانهم بيض وليس لهم لحى
جعد الشعور مكحلو الأجفان
هذا كمال الحسن في أبشارهم
وشعورهم وكذلك العينان[17]


وهناك عملٌ يزيدك - أيها المؤمن - أو يزيد وجهك نضارةً وجمالًا فوق جمالك الذي سيعطيكه الله، ألا وهو تبليغ الدعوة عن حبيبك رسول الله.



فهنيئًا للرجل، هنيئًا للمرأة، هنيئًا لكل من يدعو إلى الله، ويذكر المسلمين بالله؛ فقد روى ابن ماجه، وصححه الألباني رحمهما الله أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «نضَّرَ الله امرأً سمع مقالتي فبلغها؛ فرب حامل فقهٍ غير فقيه، ورب حامل فقهٍ إلى من هو أفقه منه!»[18].



وعند دخولهم الجنة ما الذي سيحصل لهم؟ اسمعوا ماذا يقول الله في كتابه الكريم عنهم: ﴿ وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَرًا حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا وَفُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا سَلَامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ فَادْخُلُوهَا خَالِدِينَ ﴾ [الزمر: 73].



وقال- سبحانه-: ﴿ جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ وَالْمَلَائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بَابٍ * سَلَامٌ عَلَيْكُمْ بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ ﴾ [الرعد: 23، 24].



وقال - سبحانه-: ﴿ لَا يَحْزُنُهُمُ الْفَزَعُ الْأَكْبَرُ وَتَتَلَقَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ هَذَا يَوْمُكُمُ الَّذِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ ﴾ [الأنبياء: 103].



وها نحن في داخلها، بعد أن تعرفنا على أبوابها ودرجاتها؛ نتعرف على تربتها، وأرضها، وبنائها.



أما بناؤها فيقول صلى الله عليه وسلم: «لبنةٌ من ذهب، ولبنة من فضة، وملاطها - أي تربتها المسك الأذفر، وحصباؤها اللؤلؤ، والياقوت، وترابها الزعفران، من يدخلها ينعم ولا يبأس، ويخلد ولا يموت، لا تبلى ثيابه، ولا يفنى شبابه»[19].



قال ابن القيم رحمه الله:

وبناؤها اللبنات من ذهب وأخ
رى فضة نوعان محتلفان
وقصورها من لؤلؤ وزبرجد
أو فضة أو خالص العيقان
وكذاك من در وياقوت به
نظم البناء بغاية الإتقان
والطين مسك خالص أو زعفرا
ن جا بذا أثران مقبولان
ليسا بمختلفين لا تنكرهما
فهما الملاط لذلك البنيان[20]


وقال رحمه الله:

حصباؤها در وياقوت كذا
ك لآلئ نثرت كنثر جمان
وترابها من زعفران أو من ال
مسك الذي ما استلّ من غزلان[21]


وإن سألتم عن خيامها، وغرفها، فيقول سبحانه وتعالى: ﴿ لَكِنِ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ لَهُمْ غُرَفٌ مِنْ فَوْقِهَا غُرَفٌ مَبْنِيَّةٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ وَعْدَ اللَّهِ لَا يُخْلِفُ اللَّهُ الْمِيعَادَ ﴾ [الزمر: 20]، ويقول سبحانه وتعالى عن أهل الجنة: ﴿ وَهُمْ فِي الْغُرُفَاتِ آمِنُونَ ﴾ [سبأ: 37]، روى ابن حبان في صحيحه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إن في الجنة غرفا يُرى ظاهرها من باطنها، وباطنها من ظاهرها، أعدها الله لمن أطعم الطعام، وأفشى السلام، وصلى بالليل والناس نيام» [22].



فأهل الجنة يعيشون في فرح وسرور، ويتقلبون بين الغرف والخيام والقصور، وهكذا كلما تعدَّدت المساكن كان ذلك أطيب للساكن، قال ابن القيم رحمه الله:

غرفاتها في الجو ينظر بطنها
من ظهرها والظهر من بطنان
سكانها أهل القيام مع الصيا
م وَطيِّب الكلمات والإحسان[23]


وإن سألتم عن قصورها فاسمع إلى من قد رآها، في منامه، ويقظته، وروحه، وجسده، روى البخاري، ومسلم، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «بينما أنا نائمٌ رأيتني في الجنة؛ فإذا امرأة تتوضأ إلى جانب قصر؛ فقلت لمن هذا القصر؟ فقالوا: هذا لعمر بن الخطاب، فذكرت غيرتك يا عمر، فوليت مدبرًا!»، فبكى عمر وقال: أعليك أغار، يا رسول الله؟! [24]، صلى الله عليه وسلم، ورضي الله عنك يا بن الخطاب، أيها الملهم الأواب!



اللهم اجعلنا من أهل الجنة، وأسعدنا بطاعتك يا عظيم المنة.



أيها المسلمون عباد الله هذه بعض أوصاف الجنة وهذا ما تيسَّر ذكره من الكتاب، والسنة وأقوال علماء الأمة، ونكمل بعض هذا البعض - إن شاء الله في الجمعة القادمة.



أسأل الله أن يرزقنا الجنة، وأن يوفقنا للأسباب الموصلة إليها، ويجنبنا كل ما يبعدنا عنها.......

مجنون قصايد 01-09-2024 10:35 AM

بيض الله وجهك
طرح واختيار روعه للموضوع
لاحرمك الله رضاه

لك كل
تقديري واحترامي


مجنون قصآيد

مديونه 01-09-2024 12:03 PM

لجهودك باقات من الشكر والتقدير

على روعة الطرح


https://a3zz.net/upload/uploads/imag...7891e79eef.gif

شموخ 01-09-2024 01:11 PM

سلمت اناملك لروعة ذوقك
يسعدك ربي ويحقق أمانيك

روح الندى 01-09-2024 01:52 PM

جزاك الله خير

نظرة الحب 01-09-2024 02:01 PM

امتناني وشكري
لجهودك في اختيار موضوعك

.
.

ودي

ضامية الشوق 01-09-2024 02:08 PM

جزاك الله خيرا

نجم الجدي 01-09-2024 02:35 PM

الله يعطيك العافيه على الطرح
اللي كله ابداااااااع

حضوري شكر وتقدير لك
ولاهتمامك في مواضيعك

اخوك
نجم الجدي

الفارس عبدالله 01-15-2024 05:33 PM

جزاك الله خير الجزاء
وشكراً لطرحك الهادف وإختيارك القيّم
رزقك المــــــــولى الجنـــــــــــــة ونعيمـــــها
وجعلــــــ ما كُتِبَ في مــــــوازين حســــــــــناتك

إرتواء نبض 01-16-2024 06:54 PM

ع ــناقيد من الجمال
تحيط بروعة الحروف
سلم حسك وبيانكـ
دمت بتميز


الساعة الآن 06:10 PM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
HêĽм √ 3.1 BY: ! ωαнαм ! © 2010
new notificatio by 9adq_ala7sas
جميع حقوق النشر لشعارنا و كتابنا ومسميات الموقع خاصة و محفوظة لدى منتديات قصايد ليل الأدبية