منتديات قصايد ليل

منتديات قصايد ليل (http://www.gsaidlil.com/vb/index.php)
-   …»●[ أرواح أيمـــانيـــه ]●«… (http://www.gsaidlil.com/vb/forumdisplay.php?f=3)
-   -   عظمة الوحي الإلهي في الإسلام (http://www.gsaidlil.com/vb/showthread.php?t=221750)

إرتواء نبض 05-03-2023 11:38 PM

عظمة الوحي الإلهي في الإسلام
 
عظمة الوحي الإلهي في الإسلام


الحمد لله الذي خصَّنا بخير الأديان، وجعلنا من أُمَّة الفرقان، وأكرمنا بتلاوة القرآن، وصوم رمضان، والطواف حول البيت الحرام، والركوع عند الركن والمقام، وشرفنا بليلة القدر والوقوف بعرفات، وجعلنا من أهل الطهارة والصلاة والزكاة وفضائل الجماعات والأعياد والخطب على المنابر وفقه الدين واتِّباع سنن النبيين، وعرَّفَنا أخبارَ الأوَّلين والآخرين على لسان خاتم المرسلين، نبينا محمد أفضل المخلوقين وإمام المتقين، صلى الله عليه وآله أجمعين، أما بعد:



فالمعنى اللُّغوي لكلمة الوَحْي حسبما قال الزمخشري: وحى أوحى إليه، ووحيت إليه: إذا كلمته عمَّا تخفيه عن غيره، ووحى وحيًا: كتب[1].



فالوحي كلمة تدل على معانٍ؛ منها: الإشارة، والإيماء، والكتابة، والسرعة، والصوت، والإلقاء في الروع إلهامًا وبسرعة وبشدة، ليبقى أثره في النفس، وأصله: إعلام في خفاء، وله صور عدة، وهي كلها تتمُّ في خفاء، فهو الإشارة السريعة، ولتضمنه السرعة قيل: أمر وحي للكلام على سبيل الرمز.



والوحي كلام الله - تعالى - المنزَّل على نبي من أنبيائه، وهو تعريف له بمعنى اسم المفعول؛ أي: المُوحى، والمعنى الشرعي (القرآني): جاء لفظ الوحي وما تصرَّف منه في القرآن في ثمانية وسبعين موضِعًا، بالاستقراء، نجد استعمال لفظ الوحي دلالة على الإعلام الخفي السريع، والوحي كاسم معناه: الكِتاب، ومصدره (وَحْي)، وفعل (أَوْحَى) مصدره (إِيحَاء)، غير أنَّ للوحي وجوهًا دلاليةً يتطلَّبُها السياق في القرآن على نحو مخصوص.



فالمقصود بالمعنى الاصطلاحي: النبوَّة المأخوذة من النبأ بمعنى الخبر، وهو وصول خبر الله - تعالى - بطريق الوحي إلى مَنِ اختاره من عباده لتلقي ذلك.



ولتقرير الإيمان بالكتب كلِّها أمَرَ الله تعالى عبادَه المؤمنين أنْ يخاطبوا أهلَ الكتاب بقوله: ﴿ قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ ﴾ [البقرة: 136]، وقال تعالى: ﴿ آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ ﴾ [البقرة: 285].



يجب على المُؤمن التَّصديق بجميع الكتب التي بُعِثَ بها الأنبياء المرسلون، والإيمان الجازم بها جميعها على أصلها الأول الذي نزلت فيه، ولا يكفي التَّصديق الجازم في القرآن الكريم بالذَّات؛ بل لا بُدَّ من الأخذ به، والعمل بما نزل فيه، وترك ما نُهي عنه؛ لقوله تعالى: ﴿ المص * كِتَابٌ أُنْزِلَ إِلَيْكَ فَلَا يَكُنْ فِي صَدْرِكَ حَرَجٌ مِنْهُ لِتُنْذِرَ بِهِ وَذِكْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ * اتَّبِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ وَلَا تَتَّبِعُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ ﴾ [الأعراف: 1 - 3].



أخبرنا الله عن تحريف أهل الكتاب لكُتُبهم؛ ولكنَّ القرآن المعجز وضَّحَ وأبَان، فهو المهيمن على جَميعِ الكُتُب؛ لتميُّزه بكَفَالة الله تعالى بحِفْظـه، وهذا هو السِّرُّ في حِفْظه ودوامه، دون حِفْظ الكُتُب السابقة؛ فلَمْ يَبْقَ كتابٌ صحيحٌ منها إلَّا القرآن الكريم، وأمَّا الكُتُب التي سبقتْه فقد بُدِّلَتْ وغُيِّرتْ، وزِيدتْ، وأُنْقِصتْ وحُرِّفَتْ.



فاليهود حَرَّفوا التوراة، والنصارى حَرَّفوا الإنجيل، والباقيات لَم يبقَ منها شيءٌ، وكل هذا من حِكْمة الله تعالى، فبقاء القرآن الكريم جامعًا ومحفوظًا هو المعجزة الخالدة.



فأخبر الله عن اليهود أنهم حَرَّفوا التوراة، فقال: ﴿ مِنَ الَّذِينَ هَادُوا يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ وَيَقُولُونَ سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا وَاسْمَعْ غَيْرَ مُسْمَعٍ وَرَاعِنَا لَيًّا بِأَلْسِنَتِهِمْ وَطَعْنًا فِي الدِّينِ وَلَوْ أَنَّهُمْ قَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَاسْمَعْ وَانْظُرْنَا لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ وَأَقْوَمَ وَلَكِنْ لَعَنَهُمُ اللَّهُ بِكُفْرِهِمْ فَلَا يُؤْمِنُونَ إِلَّا قَلِيلًا ﴾ [النساء: 46].





وأخبرَ جل جلاله عن النصارى أيضًا أنهم حَرَّفوا الإنجيل، وأخفوا أكثرَه، فقال: ﴿ يَاأَهْلَ الْكِتَابِ قَدْ جَاءَكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ كَثِيرًا مِمَّا كُنْتُمْ تُخْفُونَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ قَدْ جَاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ ﴾ [المائدة: 15].



كما نعلم يقينًا أن مسائل التثليث وتأليه المسيح وتأليه الروح القدس، أمور لا أصل لها في كتب الله المنزَّلة من عند الله تعالى، ولكنها أمور مخترعة بعضها من وضع بولس الرسول الذي كان عدوًّا للمسيح والنصارى في أول أمره، وبعضها من وضع الآباء في الكنيسة ومجامعها المسكونية في القرون التالية للمسيحية الحقَّة[2].



ومن رحمة الله جل ثناؤه أنه أنزل هذا الوحي في ليلة مباركة؛ وهي ليلة القدر في شهر رمضان، وكان النزول الإجمالي للقرآن الكريم في المرحلة الأولى؛ حيث أنزله الله -تعالى- دفعةً واحدةً من اللوح المحفوظ إلى بيت العزَّة في السماء الدنيا، وكان توقيت هذا النزول في شهر رمضان في ليلة القدر، وقد قال الله -تعالى- في ذلك: ﴿ إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ ﴾ [القدر: 1]، وقال أيضًا: ﴿ شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ ﴾ [البقرة: 185].



ثم في المرحلة الثانية نزل القرآن مُفرَّقًا على قلب النبي -عليه السلام- حيث استمرَّ نزوله على النبي من حين بُعِث وحتى مات -عليه السلام- وكان نزوله مُفرَّقًا بحسب ما يحصل من أحداث.



يقول الدكتور عيسى السعدي: في إنزال القرآن مُفرَّقًا وجوه من الحِكْمة منها:

أولًا: تسهيل حفظه؛ لأنه لو نزل جملةً واحدةً على أُمَّةٍ أميَّةٍ لا يقرأ غالبُها ولا يكتب؛ لشقَّ عليهم حفظه، وأشار سبحانه وتعالى إلى ذلك بقوله ردًّا على الكُفَّار، وقالوا: ﴿ لَوْلَا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ جُمْلَةً وَاحِدَةً كَذَلِكَ ﴾ [الفرقان: 32]؛ أي: أنزلناه مُفرَّقًا ﴿ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤَادَكَ ﴾، وبقوله تعالى: ﴿ وَقُرْآنًا فَرَقْنَاهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَى مُكْثٍ ﴾ [الإسراء: 106].



ثانيًا: ومنها ما يستلزمه من الشرف له والعناية به؛ لكثرة تردُّد رسول ربِّه إليه يعلمه بأحكام ما يقع له وأجوبة ما يسأل عنه من الأحكام والحوادث.



ثالثًا: ومنها أنه أُنزِل على سبعة أحرُفٍ، فناسب أن ينزل مُفرَّقًا؛ إذ لو نزل دفعةً واحدةً لشَقَّ بيانها عادةً.



رابعًا:ومنها أن الله قدر أن ينسخ من أحكامه ما شاء، فكان إنزالُه مُفرَّقًا لينفصل الناسخ من المنسوخ أوْلَى من إنزالهما معًا.



قال الله تعالى: ﴿ لَوْ أَنْزَلْنَا هَذَا الْقُرْآنَ عَلَى جَبَلٍ لَرَأَيْتَهُ خَاشِعًا مُتَصَدِّعًا مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ ﴾ [الحشر: 21] يقول تعالى مُعظِّمًا لأمر القرآن، ومبينًا علوَّ قدره، وأنه ينبغي أن تخشع له القلوب، وتتصدَّع عند سماعه؛ لما فيه من الوعد والوعيد الأكيد: فإن كان الجبل في غلظته وقساوته، لو فهم هذا القرآن فتدبَّر ما فيه، لخَشَع وتصدَّع من خوف الله عز وجل، فكيف يليق بكم أيها البَشَر ألا تلين قلوبُكم وتخشع، وتتصدَّع من خشية الله، وقد فهمتم عن الله أمره وتدبرتم كتابه؟[3]



ويقول الدكتور سلطان العميري: "فالقرآنُ أعظمُ كتابٍ تشريعيٍّ نزله الله جل وعلا على هذه الأرض"، وهو كلامُ الله جلَّ جلالُه المُنزَّل على محمد صلى الله عليه وسلم، المُتعبَّد بتلاوته.



فجعل الله القرآن الكريم ﴿ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ ﴾ [النحل: 89]، فما من خيرٍ إلَّا ودَلَّ عليه، ولا من شَرٍّ إلا ونبَّه إليه، فهو المنهج الحقيقي للحياة كلِّها، مَهْمَا اختلفتِ الأزمنةُ ودارتْ، وتغيَّرتِ الأمكنةُ وصارتْ.



أودع فيه الهدى والنور، وأبان فيه العلم والحكمة، فأقبل العلماء ينهلون من معينه، ويعبُّون من نُقاخه، فاستنبط الفقهاء من أحكامه، واهتدى أهل البيان بنظامه، وتفكَّر المتفكِّرون في قصصه وأخباره، وتأمَّلت طائفة في حُجَجه وبراهينه[4].



وأقبلت طائفة على تاريخ نزوله، ومكيِّه ومدنيِّه، وأول ما نزل وآخر ما نزل، وأسباب النزول، وجمعه وتدوينه وترتيبه، وناسخه ومنسوخه، ومجمله ومبينه، وأمثاله وقصصه، وأقسامه، وجدله، وتفسيره، حتى أصبحت هذه المباحث علومًا واسعةً غاصَ في بحورها العلماء، واستخرجوا منها الدُّرَر، واتسعت الأبحاث حتى احتاج الناس إلى من يجمعها بإيجاز، ويتحدَّث عنها باختصار[5].



وقد ألَّف العلماء في كل عصر مؤلَّفات تناسب معاصريهم في الأسلوب والتنظيم والترتيب والتبويب وما زالوا يُؤلِّفون، وكل منهم يبذل جهده ويتحرَّى ما وسعه التحرِّي أن يُبسِّط هذه العلوم بأسلوب ميسر يُدني فيه البعيد، ويُوضِّح فيه المستغلق، ويجلو به المبهم[6].



قال الله تعالى: ﴿ إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ ﴾ [الواقعة: 77]؛ أي: كرَّمه الله وأعزَّه ورفع قدره على جميع الكتب، وكرَّمه عن أن يكون سحرًا أو كهانةً أو كذبًا، وقيل: إنه كريم؛ لما فيه من كرم الأخلاق ومعالي الأمور، وقيل: لأنه يكرم حافظه ويعظم قارئه، وحكى الواحدي عن أهل المعاني: أن وصف القرآن بالكريم؛ لأن من شأنه أن يعطي الخير الكثير بالدلائل التي تؤدي إلى الحق في الدين، قال الأزهري: الكريم اسم جامع لما يحمد، والقرآن الكريم يحمد؛ لما فيه من الهدى والبيان والعلم والحكمة[7].



﴿ إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ * فِي كِتَابٍ مَكْنُونٍ * لَا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ ﴾ [الواقعة: 77 - 79]، ودلَّت الآية بإشارتها وإيمائها على أنه لا يدرك معانيه ولا يفهمه إلا القلوبُ الطاهرةُ، وحرام على القلب المتلوِّث بنجاسة البِدَع والمخالفات أن ينال معانيَه، وأن يفهمه كما ينبغي[8].



قال الله تعالى: ﴿ هُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ عَلَى عَبْدِهِ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ لِيُخْرِجَكُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَإِنَّ اللَّهَ بِكُمْ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ ﴾ [الحديد: 9]، يقول الشيخ السعدي: أي: ظاهرات تُدِل أهل العقول على صدق كل ما جاء به، وأنه حق اليقين، ﴿ لِيُخْرِجَكُمْ ﴾ بإرسال الرسول إليكم، وما أنزله الله على يده من الكِتاب والحكمة ﴿ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّور ﴾؛ أي: من ظلمات الجهل والكُفْر، إلى نور العلم والإيمان، وهذا من رحمته بكم ورأفته، حيث كان أرحم بعباده من الوالدة بولدها ﴿ وَإِنَّ اللَّهَ بِكُمْ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ ﴾[9].



ويقول ابن عاشور: فهذه الجملة بموقعها ومعناها وعلتها وما عُطف عليها أفادت بيانًا وتأكيدًا وتعليلًا وتذييلًا وتخلُّصًا لغرض جديد، وهي أغراض جمعتها جمعًا بلغ حد الإِعجاز في الإِيجاز، مع أن كل جملة منها مستقلة بمعنى عظيم من الاستدلال والتذكير والإِرشاد والامتنان[10].



ويقول ابن كثير وقوله: ﴿ هُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ عَلَى عَبْدِهِ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ ﴾؛ أي: حُجَجًا واضحات، ودلائل باهرات، وبراهين قاطعات ﴿ لِيُخْرِجَكُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ ﴾؛ أي: من ظلمات الجهل والكُفْر والآراء المتضادَّة إلى نور الهدى واليقين والإيمان، ﴿ وَإِنَّ اللَّهَ بِكُمْ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ ﴾؛ أي: في إنزاله الكتب وإرساله الرسل لهداية الناس، وإزاحة العِلَل وإزالة الشُّبَه.



ويقول الطبري: وقوله: ﴿ وَإِنَّ اللَّهَ بِكُمْ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ ﴾؛ يقول تعالى ذكره: وإن الله بإنـزاله على عبده ما أنـزل عليه من الآيات البيِّنات لهدايتكم، وتبصيركم الرشاد، لذو رأفة بكم ورحمة، فمن رأفته ورحمته بكم فعل ذلك.



لا شَكَّ أن فضل القرآن الكريم فضل كبير وعظيم، فهو كتاب أخرج الله به هذه الأُمَّة من جاهلية جهلاء وضلالة عمياء[11].



وهو كتاب ختم الله به الكتب، وأنزله على نبيٍّ ختم به الأنبياء، وبدِين ختم به الأديان، وهو كلام الله العظيم، وصراطه المستقيم، ونظامه القويم، ناط به كل سعادة، وهو رسالة الله الخالدة، ومعجزته الدائمة، ورحمته الواسعة، وحكمته البالغة، ونعمته السابغة نهل منه العلماء، وشرب من مشربه الأدباء، وخشعت لهيمنته الأبصار، وذلت له القلوب، وقام بتلاوته العابدون الراكعون الساجدون[12].



وهو كما قال الشاطبي: "كلية الشريعة، وعمدة المِلَّة، وينبوع الحكمة، وآية الرسالة، ونور الأبصار والبصائر، فلا طريق إلى الله سواه، ولا نجاة بغيره، ولا تمسُّك بشيء يخالفه"[13].



القرآن هو كتاب الإسلام في عقائده، وعبادته وحكمه وأحكامه وآدابه، وأخلاقه، وقصصه، ومواعظه، وعلومه، وأخباره، وهدايته، ودلالته، وهو أساس رسالة التوحيد، والرحمة المسداة إلى الناس، والنور المبين، والمحجَّة البيضاء التي لا يزيغ عنها إلا هالك[14].



وفي كتاب فضائل القرآن وتلاوته للرازي ذكر في باب فِي أن القرآن مأدبة الله عز وجل، وفي الحديث: حدَّثني أَبِي أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ رَحِمَهُ اللَّهُ بِأَصْفَهَانَ، نا أَبُو عَلِيٍّ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ الصَّوَّافِ، نا يُوسُفُ بْنُ يَعْقُوبَ، نا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ، نا ابْنُ عُثْمَانَ الْحَنَفِيُّ، نا إِبْرَاهِيمُ الْهَجَرِيُّ، عَنْ أَبِي الأَحْوَصِ، عَنْ عَبْدِاللَّهِ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ مَأْدُبَةُ اللَّهِ، فَتَعَلَّمُوا مِنْ مَأْدُبَتِهِ مَا اسْتَطَعْتُمْ، إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ هُوَ حَبْلُ اللَّهِ، هُوَ النُّورُ الشَّافِي، وَعِصْمَةٌ لِمَنْ تَمَسَّكَ بِهِ، وَنَجَاةٌ لِمَنْ تَبِعَهُ، لا يَعْوَجُّ فَيُقَوَّمُ، وَلا يَزِيغُ فَيُسْتَعْتَبُ، وَلا تَنْقَضِي عَجَائِبُهُ، وَلا يَخْلَقُ مِنْ كَثْرَةِ الرَّدِّ، فَاتْلُوهُ فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَأْجُرُكُمْ عَلَى تِلاوَتِهِ بِكُلِّ حَرْفٍ عَشْرَ حَسَنَاتٍ، أَمَا إِنِّي لا أَقُولُ: (الم)، وَلَكِنْ، بِأَلِفٍ، وَلامٍ، وَمِيمٍ»؛ رواه البخاري.



وعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قالَ أبو بَكرٍ بعدَ وفاةِ رسولِ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليْهِ وسلَّمَ لعُمرَ: انطلِق بنا إلى أمِّ أيمنَ نزورُها كما كانَ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليْهِ وسلَّمَ يزورُها قالَ: فلمَّا انتَهينا إليْها بَكت، فقالا لَها: ما يبْكيكِ، فما عندَ اللَّهِ خيرٌ لرسولِهِ، قالت: إنِّي لأعلمُ أنَّ ما عندَ اللَّهِ خيرٌ لرسولِهِ؛ ولَكن أبْكي أنَّ الوحيَ قدِ انقطعَ منَ السَّماء، قالَ فَهيَّجَتْهما على البُكاءِ، فجعلا يبْكيانِ معَها[15].



اللهم اجعل القرآن العظيم ربيع قلوبنا، ونور صدورنا، وجلاء أحزاننا، وذهاب همومنا وغمومنا، اللهم علِّمنا منه ما جهلنا، وذكِّرنا منه ما نُسينا، وارزقنا تلاوته آناء الليل وأطراف النهار على الوجه الذي يرضيك، هذا والله أعلم وأجلُّ، وصلَّى الله على نبيِّنا محمد وآله أجمعين.

ضامية الشوق 05-04-2023 01:11 AM

جزاك الله خيرا

المهرة 05-04-2023 03:02 AM


https://2.bp.blogspot.com/-Iki1A4jaJ...8_Image3yi.png




بااارك الله فيك وفي جلبك
وطرحك الطيب
وجزااك الله عناا كل خير واثابك الجنة
عرضهاا السموات والارض اشكرك
وسلمت الايااادي ويعطيك ربي الف عافية
تحيتي وتقديري وبانتظااار جديدك دمتي
وكوني بخير




https://2.bp.blogspot.com/-Iki1A4jaJ...8_Image3yi.png






























































مجنون قصايد 05-04-2023 10:25 AM

بيض الله وجهك
طرح واختيار روعه للموضوع
لاحرمك الله رضاه

لك كل
تقديري واحترامي


مجنون قصآيد

كـــآدي 05-04-2023 10:32 AM

طرح جميل
يعطيك العافية

نجم الجدي 05-04-2023 02:56 PM

الله يعطيك العافيه على الطرح
اللي كله ابداااااااع

حضوري شكر وتقدير لك
ولاهتمامك في مواضيعك

اخوك
نجم الجدي

إرتواء نبض 05-12-2023 09:03 PM

الاروع هو حضوركم الباذخ
اسعدني تواجدكم ونثر حروفكم العطره
مودتي التي لا تفنى

جنــــون 05-17-2023 03:55 AM

لَآعِدَمَنِآ هـَ الَعَطَآءْ وَلَآَ هَـ الَمْجَهُودَ الَرَائَعْ
كُْلَ مَآتَجَلَبَهْ أًنَآَمِلكْ بًأًذخْ بَاَلَجَّمَآلْ مُتًرّفْ بَ تمًّيِزْ
وُدِيِّ

https://upload.3dlat.com/uploads/3dl...b66adb0a14.gif

إرتواء نبض 05-23-2023 03:13 AM

الاروع هو حضوركم الباذخ
اسعدني تواجدكم ونثر حروفكم العطره
مودتي التي لا تفنى

ترانيم عشق 05-23-2023 08:51 AM

موضوع رااائع

وجهود أروع

ننتظر مزيدكم

بشوووق


الساعة الآن 01:40 AM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
HêĽм √ 3.1 BY: ! ωαнαм ! © 2010
new notificatio by 9adq_ala7sas
جميع حقوق النشر لشعارنا و كتابنا ومسميات الموقع خاصة و محفوظة لدى منتديات قصايد ليل الأدبية