منتديات قصايد ليل

منتديات قصايد ليل (http://www.gsaidlil.com/vb/index.php)
-   …»●[ أرواح أيمـــانيـــه ]●«… (http://www.gsaidlil.com/vb/forumdisplay.php?f=3)
-   -   العظيم جل جلاله، وتقدست أسماؤه (http://www.gsaidlil.com/vb/showthread.php?t=230126)

ضامية الشوق 11-12-2023 11:30 AM

العظيم جل جلاله، وتقدست أسماؤه
 
الْعَظِيمُ
جَلَّ جَلَالُهُ، وَتَقَدَّسَتْ أَسْمَاؤُهُ

الدَّلَالَاتُ اللُّغَوِيَّةُ لاسمِ (العَظِيمِ):
العَظِيمُ فِي اللُّغَةِ صِفَةٌ مُشَبَّهَةٌ لَمِنِ اتَّصَفَ بَالعَظَمَةِ، فِعْلُهُ عَظُمَ يَعْظُمُ عِظَمًا، يَعْنَى: كَبُر وَاتَّسَعَ وَعَلَا شَأَنُهُ وَارْتَفَعَ.

وَلِفُلانٍ عَظَمَةٌ عِنْدَ النَّاسِ؛ أَيْ: حُرْمَةٌ يُعَظَّمُ لَهَا.
وَأَعْظَم الأَمْرَ وَعَظَّمَهُ فَخَّمَهُ، وَالتَّعْظِيمُ التَّبْجِيلُ.
وَالعَظِيمَةُ النَّازِلَةُ الشَّدِيدَةُ وَالمُلِمَّة إِذَا أَعْضَلَتْ.

وَالعَظَمَةُ الكِبْريَاءُ.
وَعَظَمَةُ العَبْدِ كِبْرُه المَذْمُومُ وَتَجَبُّرُهُ، وإِذَا وُصِفَ العَبِدُ بِالعَظَمَةِ فَهُوَ ذَمٌّ؛ لأَنَّ العَظَمَةَ فِي الحَقِيقَةِ للهِ عز وجل[1]، وَعِنْدَ البُخَارِيِّ فِي الأَدَبِ المُفْردِ، وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنه؛ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «مَنْ تَعَظَّمَ فِي نَفْسِهِ أَوِ اخْتَالَ فِي مِشيَتِهِ لَقِيَ اللهَ وَهُوَ عَلَيْهِ غَضْبَانٌ»[2].

وَاللهُ عز وجل هُوَ العَظِيمُ الذِي جَاوَزَ قَدْرُهُ حُدُوَدَ العَقْلِ، وَجَلَّ عَنْ تَصَوُّرِ الإِحَاطَةِ بِكُنْهِهِ وَحَقِيقَتِهِ، فَهُوَ العَظِيمُ الوَاسِعُ، الكَبِيرُ فِي ذَاتِهِ وَصِفَتِه، فَعَظَمَةُ الذَّاتِ دَلَّ عَلَيْهَا كَثِيرٌ مِنَ النُّصُوصِ؛ مِنْهَا:
مَا وَرَدَ عِنْدَ ابْنِ حِبَّانَ، وَصَحَّحَهُ الأَلبَانِيُّ مِنْ حَدِيثِ أَبِي ذَرٍّ رضي الله عنه؛ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «مَا السَّمَاوَاتُ السَّبْعُ فِي الكُرْسِيِّ إِلَّا كَحَلْقَةٍ بِأَرْضِ فَلَاةٍ، وَفَضْلُ العَرْشِ عَلَى الكُرْسِيِّ كَفَضْلِ تِلْكَ الفَلَاةِ عَلَى تِلْكَ الحَلْقَةِ»[3].

وَقَدْ صَحَّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما مَوْقُوفَا: «الكُرْسِيُّ مَوْضِعُ القَدَمَينِ، وَالعَرْشُ لَا يَقْدرُ قَدْرَهُ إِلَّا اللهُ تَعَالَى»[4].

أَمَّا عَظَمَةُ الصِّفَاتِ فاللهُ عز وجل لَهُ عُلُوُّ الشَّأْنِ كَمَا قَالَ فِي كِتَابِهِ: ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ﴾ [الشورى: 11].

وَقَالَ أَيْضًا: ﴿رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا فَاعْبُدْهُ وَاصْطَبِرْ لِعِبَادَتِهِ هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا﴾ [مريم: 65].

وَإِذَا كَانَ عَرْشُهُ قَدْ وَصَفَهُ بِالعَظَمَةِ وَخَصَّهُ بِالإِضَافَةِ إِلَيهِ، وَالاسْتِوَاءِ عَلَيْهِ، فَمَا بَالُكَ بِعَظَمَةِ مَنِ اسْتَوَى عَلَيْهِ وَعَلَا فَوْقَهُ؟!

وَيَنبغِي أَنْ نَعْلَمَ أَنَّ عَظَمَةَ اللهِ فِي ذَاتِهِ لَا تُكَيَّفُ، وَلَا تُحَدُّ لِطَلَاقَةِ الوَصْفِ وَعَجْزِنَا عَنْ مَعْرِفَتِه، فَنَحْنُ لَمْ نَرَهُ، وَلَمْ نَرَ لَهُ مَثِيلًا، فَاللهُ عَظِيمٌ فِي ذَاتِهِ وَوَصْفِهِ وَجَلَالِ قَدْرِهِ كَمَا أَخْبَرَ عَنْ نَفْسِهِ[5].

وُرُودُهُ فِي القُرْآنِ الكَرِيمِ[6]:
وَرَدَ هَذَا الاسْمُ تِسْعَ مَرَّاتٍ مِنْهَا:
قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ وَلَا يَؤُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ ﴾ [البقرة: 255].
وَقَوْلُهُ: ﴿ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَهُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ ﴾ [التوبة: 129].
وَقَوْلُهُ: ﴿ اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ ﴾ [النمل: 26].
وَقَوْلُهُ: ﴿ فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ ﴾ [الواقعة: 96].

مَعْنَى الاسْمِ فِي حَقِّ اللهِ تَعَالَى:
قَالَ ابْنُ جَرِيرٍ: «اخْتَلَفُوا فِي مَعْنَى قَوْلِهِ ﴿ الْعَظِيمُ ﴾:
فَقَالَ بَعْضُهُمْ: مَعَنَى العَظِيمِ فِي هَذَا المَوْضِعِ: المُعَظَّمُ، صُرِفَ المُفَعَّلُ إِلى فَعِيلٍ، كَمَا يُقَالُ: العَتِيقُ بِمَعْنَى المُعَتَّقِ.

فَقَوْلُهُ: ﴿ الْعَظِيمُ ﴾ مَعْنَاهُ: الذِي يُعَظِّمُهُ خَلْقُهُ وَيَهَابُونَهُ وَيَتَّقُونَهُ.

وَقَالَ آخَرونَ: بَلْ تَأْوِيلُ قَوْلِهِ: ﴿ الْعَظِيمُ ﴾ هُوَ أَنَّ لَهُ عَظَمَةً هِيَ لَهُ صِفَةٌ، وَقَالُوا: لَا نَصِفُ عَظَمَتَهُ بِكَيفِيَّةٍ، وَلَكِنَّا نُضِيفُ ذَلِكَ إِلَيهِ مِنْ جِهَةِ الإِثْبَاتِ، وَنَنْفِي عَنْهُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ عَلَى مَعْنَى مُشَابَهَةِ العَظِيمِ المَعْرُوفِ مِنَ العِبَادِ؛ لأَنَّ ذَلِكَ تَشْبِيهٌ لَهُ بِخَلْقِهِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ.

وَأَنْكَرَ هَؤُلَاءِ مَا قَالَهُ أَهْلُ المَقَالَةِ التِي قَدَّمْنَا ذِكْرَهَا.

وَقَالُوا: لَوْ كَانَ مَعْنَى ذَلِكَ أَنَّهُ مُعَظَّمٌ، لَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ قَدْ كَانَ غَيرَ عَظَيمٍ قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَ الخَلْقَ، وَأَنْ يَبْطُلَ ذَلِكَ عِنْدَ فَنَاءِ الخَلْقِ، لأَنَّهُ لَا مُعَظِّمَ لَهُ فِي هَذِهِ الأَحْوَالِ.

وَقَالَ آخَرونَ: بَلْ قَوْلُهُ إِنَّهُ ﴿ الْعَظِيمُ ﴾ وَصف مِنْه نَفْسَهُ بِالعِظَمِ.

وَقَالُوا: كُلُّ مَا دُونَه مِنْ خَلْقِهِ فَبِمَعْنَى الصِّغَرِ، لِصِغَرِهِمْ عَنْ عَظَمَتِهِ» اهـ[7].

وَقَالَ الزَّجَاجِيُّ: «(العَظِيمُ): ذُو العَظَمَةِ وَالجَلَالِ فِي مُلْكِهِ وَسُلْطَانِهِ عز وجل، كَذَلِكَ تُعَرِّفُهُ العَرَبُ فِي خُطَبِهَا وَمُحَاوَرَاتِهَا، يَقُولُ قَائِلُهُم: مَنْ عَظِيمُ بَنِي فُلانٍ اليَوْمَ؟ أَيْ: مَنْ لَهُ العَظَمَةُ وَالرِّئَاسَةُ مِنْهُمْ؟ فَيُقَالُ لَهُ: فُلانٌ عَظِيمُهُم، وَيَقُولُونَ: هَؤُلَاءِ عُظَمَاءُ القَوْمِ أَيْ رُؤَسَاؤُهُمْ وَذَوُو الجَلَالَةِ وَالرِّئَاسَةِ مِنْهُم.

وَقَالُوا فِي قَوْلِهِ عز وجل: ﴿ وَقَالُوا لَوْلَا نُزِّلَ هَذَا الْقُرْآنُ عَلَى رَجُلٍ مِنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ ﴾ [الزخرف: 31].

تَأْوِيلُهُ: هَلَّا أُنْزِلَ هَذَا القُرآنُ عَلَى رَجُلٍ مِنْ رَجُلَينِ عَظِيمَينِ مِنَ القَرْيَتَيْنِ؟ أَيْ: كَانَ سَبِيلُه أَنْ يَنْزِلَ عَلَى عَظِيمٍ رَئِيسٍ، وَلَمْ يُرِيدُوا بِهِ عِظَمَ الخِلْقَةِ» اهـ[8].

وَقَالَ الأَصْبَهَانِيُّ: «العَظَمَةُ صِفَةٌ مِنْ صِفَاتِ اللهِ، لَا يَقُومُ لَهَا خَلْقٌ، وَاللهُ تَعَالَى خَلَقَ بَيْنَ الخَلْقِ عَظَمَةً يُعَظِّمُ بِهَا بَعْضُهُم بَعْضًا، فَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُعَظَّمُ لِمَالٍ، وَمِنْهُم مَنْ يُعظَّمُ لِجَاهٍ.

وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنَ الخَلْقِ إِنَّمَا يُعَظَّمُ بِمَعْنَى دُوَنَ مَعْنَى، وَاللهُ عز وجل يُعَظَّمُ فِي الأحْوَالِ كُلِّهَا.

فَيَنْبَغِي لِمَنْ عَرَفَ حَقَّ عَظَمَةِ اللهِ، أَنْ لَا يَتَكَلَّمَ بِكِلمَةٍ يَكْرَهُهَا اللهُ، وَلَا يَرْتِكبُ مَعْصِيةً لَا يَرْضَاهَا اللهُ، إِذْ هُوَ القَائِمُ عَلَى كُلِّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ»[9].

وَقَالَ ابْنُ الأَثِيرِ: «هُوَ الذِي جَاوَزَ قَدْرُه عز وجل حُدُودَ العُقُولِ، حَتَى لَا تُتَصَوَّرَ الإِحَاطَةُ بِكُنْهِهِ وَحَقِيقَتِهِ»[10].

ثَمَرَاتُ الإيمَانِ بِهَذِا الاسْمِ:
1- عَظَمَةُ اللهِ مُطْلَقَةٌ:
إنَّ اللهَ سُبْحَانَهُ هُوَ العَظِيمُ المُطْلَقُ، فَهُوَ عَظِيمٌ فِي ذَاتِه، عَظِيمٌ فِي أَسْمَائِهِ كُلِّهَا، عَظِيمٌ فِي صِفَاتِهِ كُلِّهَا، فَهُوَ عَظِيمٌ فِي سَمْعِهِ وَبَصَرِهِ، عَظِيمٌ فِي قُدْرَتِهِ وَقُوَّتِهِ، عَظِيمٌ فِي عِلْمِهِ...

فَلَا يَجُوزُ قَصْرُ عَظَمَتِهِ فِي شَيءٍ دُونَ شَيءٍ؛ لأَنَّ ذَلِكَ تَحَكُّمٌ لَمْ يَأَْذَنْ بِهِ اللهُ.

قَالَ ابْنُ القَيِّمِ رحمه الله فِي نُونِيَّتِهِ مُقَرِّرًا ذَلِكَ:
وَهُوَ العَظِيمُ بِكُلِّ مَعْنَىً يُوجِبُ
التَّعْظِيمَ لاَ يُحْصِيهِ مِنْ إِنسانِ[11]



فَمِنْ عَظَمَتِهِ فِي عِلْمِهِ وَقُدْرَتِهِ: أَنَّهُ لَا يَشُقُّ عَلَيْهِ أَنْ يَحْفَظَ السَّمَاوَاتِ السَّبْعَ وَالأَرْضِينَ السَّبْعَ وَمَنْ فِيهِنَّ كَمَا قَالَ: ﴿ وَلَا يَئُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ ﴾ [البقرة: 255].

2- الفَرقُ بَيْنَ عَظَمَةِ الخَالِقِ وَالمَخْلُوقِ:
أنَّ المَخْلُوقَ قَدْ يَكُونُ عَظِيمًا فِي حَالٍ دُونَ حَالٍ، وَفِي زَمَانٍ دُونَ زَمَانٍ؛ فَقَدْ يَكُونُ عَظِيمًا فِي شَبَابِهِ، وَلَا يَكُونُ كَذَلِكَ عِنْدَ شَيْبِهِ، وَقَدْ يَكُونُ مَلِكًا أَوْ غَنِيًّا مُعَظَّمًا فِي قَوْمِهِ، فَيَذْهَبُ مُلْكُهُ وَغِنَاهُ أَوْ يُفَارِقُ قَوْمَهُ وَتَذْهَبُ عَظَمَتُهُ مَعَهَا، لَكِنَّ اللهَ سُبْحَانَهُ هُوَ العَظِيمُ أَبَدًا.

قَالَ الحُليْمِيُّ فِي (العَظِيمِ): «وَمَعْنَاهُ الذِي لَا يُمْكِنُ الامْتِنَاعُ عَلَيْهِ بِالإِطْلَاقِ، لأَنَّ عَظِيمَ القَوْمِ إِنَّمَا يَكُونُ مَالِكَ أُمُورِهِم، الذِي لَا يَقْدِرُونَ عَلَى مُقَاوَمَتِهِ وَمُخَالَفَةِ أُمُورِهِ، إِلَّا أَنَّهُ وَإِنْ كَانَ كَذَلِكَ فَقَدْ يَلْحَقُهُ العَجْزُ بِآفَاتٍ تَدْخُلُ عَلَيْهِ فِيمَا بِيَدِهِ فَتُوهِنُهُ وَتُضْعِفُهُ، حَتَى يُسْتَطَاعَ مُقَاوَمَتُهُ، بَلْ قَهْرُهُ وَإِبْطَالُهُ، وَاللهُ جَلَّ ثَنَاؤُه قَادِرٌ لَا يُعْجِزُه شَيءٌ، وَلَا يُمْكِنُ أَنْ يُعْصَى كُرْهًا، أَوْ يُخَالَفُ أَمْرهُ قَهْرًا، فَهُوَ العَظِيمُ إِذًا حَقًّا وَصِدْقًا، وَكَانَ الاسْمُ لِمَنْ دُونَه مَجَازًا» اهـ[12].

3- كَيْفَ تُعَظِّمُ اللهَ؟
عَلَى المُسْلِمِ أَنْ يُعَظِّمَ اللهَ حَقَّ تَعْظِيمِهِ، وَيَقْدُرَهُ حَقَّ قَدْرِهِ، وَإِنْ كَانَ هَذَا لَا يُسْتَقْصَى، إِلَّا أَنَّ عَلَى المُسْلِمِ أَنْ يَبْذُلَ قَصَارَى مَا يَمْلُكُ لِكَيْ يَصِلَ إِلَيهِ.

وَتَعْظِيمُ اللهِ سبحانه وتعالى أَوَّلًا إِنَّمَا هُوَ بِوَصْفِهِ بِمَا يَلِيقُ بِهِ مِنَ الأَوْصَافِ وَالنُّعُوتِ التِي وَصَفَ بِهَا نَفْسَهُ، وَالإِيمَانِ بِهَا وإِثْبَاتِهَا لَهْ دُونَ تَشْبِيهِهَا بِخَلْقِهِ وَلَا تَعْطِيلِهَا عَمَّا تَضَمَّنَتْهُ مِنْ مَعَانٍ عَظِيمَةٍ.

فَمَنْ شَبَّهَ وَمَثَّلَ، أَوْ عَطَّلَ وَأَوَّلَ، فَمَا عَظَّمَ اللهَ حَقَّ تَعْظِيمِهِ.

وَمِنْ تَعْظِيمِهِ جَلَّ وَعَلَا الإِكُثَارُ مِنْ ذِكْرِهِ فِي كُلِّ وَقْتٍ وَحِينٍ، وَالبَدْءُ بِاسْمِهِ فِي جَمِيعِ الأُمُورِ، وَحَمْدُهُ وَالثَّنَاءُ عَلَيْهِ بِمَا هُوَ أَهْلٌ لَهُ، وَتَهْلِيلُهُ، وَتَكْبِيرُهُ.

وَمِنْ تَعْظِيمِ اللهِ سُبْحَانَهُ أَنْ يُطَاعَ رَسُولُه صلى الله عليه وسلم: ﴿ وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا لِيُطَاعَ بِإِذْنِ اللَّهِ ﴾ [النساء: 64].

فَمَنْ أَطَاعَ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ المُرْسِلَ: ﴿ مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ ﴾ [النساء: 80]، وَمَنْ عَصَاهُ فَقَدْ عَصَى اللهَ.

وَمِنْ تَعْظِيمِ اللهِ سُبْحَانَهُ أَنْ يُعَظَّمَ رَسُولُه وَيُوقَّرَ، قَالَ تَعَالَى: ﴿ لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ ﴾ [الفتح: 9][13].

وَأَنْ لَا يُقَدَّمَ عَلَى كَلَامِهِ كَلَامُ أَحَدٍ مَهْمَا كَانَتْ مَكَانَتُهُ، قَالَ تَعَالَى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَاتَّقُوا اللَّهَ ﴾ [الحجرات: 1].

وَمِنْ تَعْظِيمِ اللهِ سُبْحَانَهُ أَنْ يُصَدَّقَ كِتَابُهُ؛ لأَنَّهُ كَلَامُهُ، وَأَنْ يُحَكَّمَ فِي الأَرْضِ؛ لأَنَّهُ شَرْعُهُ الذِي ارْتَضاهُ لِلنَّاسِ أَجْمَعِينَ.

فَمَنْ لَمْ يَفْعَلْ فَمَا عَظَّمَ اللهَ حَقَّ تَعْظِيمِهِ، بَلِ التَحَقَ بِأَشْبَاهِهِ مِنَ اليَهُودِ الذَِّينَ اتَّخَذُوا كَتَابَ اللهِ وَرَاءَهُمْ ظِهْرِيًّا، واتَّبَعُوا شَيَاطِينَ الإِنْسِ وَالجِنِّ.

وَمِنْ تَعْظِيمِ اللهِ سُبْحَانَهُ أَنْ تُعَظَّمَ شَعَائِرُ دِينِهِ كَالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ وَالصِّيَامِ وَالحَجِّ وَالعُمْرةِ وَغَيْرِهَا.

قَالَ تَعَالَى: ﴿ ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ ﴾ [الحج: 32].

وَمِنْ تَعْظِيمِ اللهِ سُبْحَانَهُ أَنْ تُجْتَنَبَ نَوَاهِيهِ وَمَحَارِمُهُ التِي حَرَّمَهَا فِي كِتَابِه، أَوْ حَرَّمَهَا رَسُولُه صلى الله عليه وسلم، قَالَ تَعَالَى: ﴿ ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ اللَّهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ عِنْدَ رَبِّهِ ﴾ [الحج: 30]، وَمِنْ أَعْظَمِ مَا حَرَّمَهُ اللهُ الشِّرْكُ بِأَنْوَاعِهِ، وَمُقَابِلُ هَذَا أَنْ يَعْمَلَ المُسْلِمُ بِأَوَامِرِهِ الَّتِي أُمِرَ بِهَا، وَالتِي مِنْ أَعْظَمِهَا تَوْحِيدُهُ وإفْرَادُهُ بِالعِبَادَةِ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ.

4- حُرْمَةُ تَعْظِيمِ الأَضْرِحَةِ وَالقُبُورِ:
لَيْسَ أَضَلُّ مِنْ ذَلِكَ الإِنْسَانِ الذِي أَبَى أَنْ يَعْبُدَ اللهَ وَحْدَهُ، وَأَصَرَّ عَلَى أَنْ يُشْرِكَ بِه مَا لَا يَمْلِكُ لَهُ رِزْقًا، وَلَا يَمْلِكُ لَهُ نَفْعًا وَلَا ضَرًّا، مِنْ أَوْثَانٍ وَأَحْجَارٍ وَأَشْجَارٍ، أَوْ قُبُورٍ وَأَْضْرِحَةٍ قَدْ صَارَ أَصْحَابُهَا عِظَامًا نَخِرةً، فَكَيْفَ تَقْضِي لَهُمْ حَاجَةً؟ أَوْ تَشْفِي لَهُمْ مَرِيضًا؟ أَوْ تَرُدُّ لَهُمْ غَائِبًا؟ لَكِنَّهُ العَمَى وَالضَلَالُ البَعِيدُ، وَهُمْ فِي الآخِرَةِ فِي العَذَابِ الشَّدِيدِ، ﴿ خُذُوهُ فَغُلُّوهُ * ثُمَّ الْجَحِيمَ صَلُّوهُ * ثُمَّ فِي سِلْسِلَةٍ ذَرْعُهَا سَبْعُونَ ذِرَاعًا فَاسْلُكُوهُ * إِنَّهُ كَانَ لَا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ الْعَظِيمِ ﴾ [الحاقة: 30 - 33]، فَلَمَّا لَمْ يُعَظِّمْهُ حَقَّ التَّعْظِيمِ، عُذِّبَ العَذَابَ العَظِيمَ.

وَهَذَا فِي المُشْرِكِينَ الذِينَ أَقَرُّوا بِخَالِقِهِمْ وَخَالِقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ، وَأَنَّهُ مُنَزِّلُ المَطَرَ وَمُحْييِ الأرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا، فَمَا بَالُكَ بِأُوْلَئِكَ الشُّيُوعِيينَ الأَنْجَاسِ الذَّينَ أَبَتْ نُفُوسُهُمْ العَفِنَةُ أَنْ تُقِرَّ بِخَالِقِهَا وَرَازِقِهَا وَمُدَبِّرُ أَمْرَهَا، وَالذِينَ يُسَمُّونَ أَنْفُسَهُمْ بِـ (اليَسَارِيِّينَ) وَمَا أَصْدَقَ هَذِهِ التَّسْمِيَةَ عَلَيهِمْ، فَهُمْ أَهُلُ اليَسَارِ حَقًّا فِي الآَخِرَةِ ﴿ وَأَصْحَابُ الشِّمَالِ مَا أَصْحَابُ الشِّمَالِ * فِي سَمُومٍ وَحَمِيمٍ * وَظِلٍّ مِنْ يَحْمُومٍ * لَا بَارِدٍ وَلَا كَرِيمٍ ﴾ [الواقعة: 41 - 44].

5- تَعْظِيمُ اللهِ فِي الرُّكُوعِ:
أُمِرَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَنْ يُسَبِّحَ بِهَذَا الاسْمِ فِي الرُّكُوعِ، فَقَالَ: «... أَلَا وَإِنِّي نُهِيتُ أَنْ أَقْرَأَ القُرْآنَ رَاكِعًا أَوْ سَاجِدًا؛ فَأمَّا الرَّكُوعُ فَعَظِّمُوا فِيهِ الرَّبَّ عز وجل، وأمَّا السُّجُودُ فْاجْتَهِدُوا فِي الدُّعَاءِ، فَقَمِنٌ أن يُسْتَجَابَ لَكُمْ»[14].

6- تَعْظِيمُ اللهِ عِنْدَ الكَرْبِ وَالحُزْنِ:
قَالَ اللهُ جَلَّ ثَناؤُهُ: ﴿ وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ ﴾ [البقرة: 255] [الشورى: 4].

وَعَنِ ابْنِ عَبَاسٍ رضي الله عنهما، قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ عِنْدَ الكَرْبِ: «لَا إلَهَ إِلَّا اللهُ العَظِيمُ الحَلِيمُ، لَا إِلَه إِلَّا اللهُ رَبُّ العَرْشِ العَظِيمِ، لَا إِلَهَ إِلا اللهُ رَبُّ السَّمَاواتِ وَرَبُّ الأرَضِينَ، وَرَبُّ العَرِشِ الكَرِيمِ»[15].

قَالَ أَبُو سُلَيمَانَ الخَطَابِيُّ رحمه الله: «العَظِيمُ ذُو العَظَمَةِ وَالجَلَالِ، وَمَعْنَاهُ يَنْصَرِفُ إِلَى عِظَمِ الشَّأْنِ وَجَلَالَةِ القَدْرِ، دُونَ العَظِيمِ الذِي هُوَ مِنْ نُعُوتِ الأَجْسَامِ»[16].

[1] لسان العرب (12/ 410).
[2] الأدب المفرد للبخاري (ص: 193) (549)، وصحَّحه الألباني في صحيح الجامع (6157).
[3] صحيح ابن حبان بترتيب ابن بلبان (2/ 77) (361)، قال الألباني: لا يصحُّ في صفة الكرسي غير هذا الحديث، انظر: السلسلة الصحيحة (1/ 223) (109).
[4] انظر تعليق الألباني على الرواية في: شرح العقيدة الطحاوية (ص: 45).
[5] المقصد الأسنى (ص: 94)، وشرح أسماء الله للرازي (ص: 339)، والأسماء والصفات للبيهقي (ص: 75).
[6] النهج الأسمى (1/ 281 - 287).
[7] جامع البيان (3/ 9) باختصار وتصرُّف يسير.
[8] اشتقاق أسماء الله (ص: 111 - 112)، واختاره الزجاج في تفسير أسماء الله (ص: 46)، والخطابي في شأن الدعاء (ص: 64 - 65)، والقرطبي في تفسيره (3/ 279)، وانظر: آثار الإيمان بهذا الاسم رقم (1).
[9] الحجَّة في المحجَّة (ق/ 15 ب – 16 أ).
[10] النهاية (3/ 259 - 260) باختصار، وانظر: المقصد الأسنى (ص: 64).
[11] النونية بشرْح أحمد بن إبراهيم بن عيسى (2/ 214).
[12] المنهاج (1/ 195).
[13] معنى تُعزِّروه؛ أي: تعظِّموه، انظر: تفسير ابن كثير (4/ 185)، ومما يدخل في ذلك: تعظيم علماء المسلمين أهل السُّنَّة والاتِّباع، وتوقيرهم، وحبُّهم، والدفاع عنهم، وذكر مآثرهم الحسنة وعلمهم وجهادهم، وعلى رأسهم أصحاب نبيِّنا صلى الله عليه وسلم.
[14] رواه مسلم (1/ 479) من حديث ابن عباس رضي الله عنهما.
[15] صحيح: أخرجه البخاري (6345، 6346) في الدعوات، باب الدعاء عند الكرب، ومسلم (2730) في الذكْر والدعاء، باب: دعاء الكرب.
[16] الأسماء والصفات للبيهقي (ص: 33).

مجنون قصايد 11-12-2023 04:43 PM

بيض الله وجهك
طرح واختيار روعه للموضوع
لاحرمك الله رضاه

لك كل
تقديري واحترامي


مجنون قصآيد

إرتواء نبض 11-12-2023 05:37 PM

ع ــناقيد من الجمال
تحيط بروعة الحروف
سلم حسك وبيانكـ
دمت بتميز

المهرة 11-13-2023 05:33 AM


https://www.gmk.one/kobani_img/2015/07/122.png




بااارك الله فيك وفي جلبك
وطرحك الطيب
وجزااك الله عناا كل خير واثابك الجنة
عرضهاا السموات والارض اشكرك
وسلمت الايااادي ويعطيك ربي الف عافية
تحيتي وتقديري وبانتظااار جديدك دمتي
وكوني بخير




https://www.gmk.one/kobani_img/2015/07/122.png














































































ضامية الشوق 11-14-2023 01:30 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة مجنون قصايد (المشاركة 4574277)
بيض الله وجهك
طرح واختيار روعه للموضوع
لاحرمك الله رضاه

لك كل
تقديري واحترامي


مجنون قصآيد

يسلمو على المرور

ضامية الشوق 11-14-2023 01:31 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة إرتواء نبض (المشاركة 4574438)
ع ــناقيد من الجمال
تحيط بروعة الحروف
سلم حسك وبيانكـ
دمت بتميز

يسلمو على المرور

ضامية الشوق 11-14-2023 01:31 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة المهرة (المشاركة 4574618)

https://www.gmk.one/kobani_img/2015/07/122.png




بااارك الله فيك وفي جلبك
وطرحك الطيب
وجزااك الله عناا كل خير واثابك الجنة
عرضهاا السموات والارض اشكرك
وسلمت الايااادي ويعطيك ربي الف عافية
تحيتي وتقديري وبانتظااار جديدك دمتي
وكوني بخير




https://www.gmk.one/kobani_img/2015/07/122.png














































































يسلمو على المرور

جنــــون 11-14-2023 04:54 PM

لَآعِدَمَنِآ هـَ الَعَطَآءْ وَلَآَ هَـ الَمْجَهُودَ الَرَائَعْ
كُْلَ مَآتَجَلَبَهْ أًنَآَمِلكْ بًأًذخْ بَاَلَجَّمَآلْ مُتًرّفْ بَ تمًّيِزْ
وُدِيِّ

https://upload.3dlat.com/uploads/3dl...b66adb0a14.gif

ضامية الشوق 11-14-2023 11:06 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة جنــــون (المشاركة 4574847)
لَآعِدَمَنِآ هـَ الَعَطَآءْ وَلَآَ هَـ الَمْجَهُودَ الَرَائَعْ
كُْلَ مَآتَجَلَبَهْ أًنَآَمِلكْ بًأًذخْ بَاَلَجَّمَآلْ مُتًرّفْ بَ تمًّيِزْ
وُدِيِّ

https://upload.3dlat.com/uploads/3dl...b66adb0a14.gif

يسلمو على المرور

نجم الجدي 11-15-2023 04:20 PM

الله يعطيك العافيه على الطرح
اللي كله ابداااااااع

حضوري شكر وتقدير لك
ولاهتمامك في مواضيعك

اخوك
نجم الجدي


الساعة الآن 09:26 AM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
HêĽм √ 3.1 BY: ! ωαнαм ! © 2010
new notificatio by 9adq_ala7sas
جميع حقوق النشر لشعارنا و كتابنا ومسميات الموقع خاصة و محفوظة لدى منتديات قصايد ليل الأدبية