منتديات قصايد ليل

منتديات قصايد ليل (http://www.gsaidlil.com/vb/index.php)
-   …»●[ أرواح أيمـــانيـــه ]●«… (http://www.gsaidlil.com/vb/forumdisplay.php?f=3)
-   -   السبيل إلى الأمن والرزق (1) (http://www.gsaidlil.com/vb/showthread.php?t=168156)

جنــــون 12-16-2019 10:56 PM

السبيل إلى الأمن والرزق (1)
 
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضلَّ له، ومن يضلِلْ فلا هادِيَ له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴾ [آل عمران: 102]، ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ﴾ [النساء: 1]، ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا ﴾ [الأحزاب: 70 - 71].

أما بعد: فإن أصدق الحديث كلام الله تعالى وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.



أيها الناس: بعث اللهُ تعالى محمدًا صلى الله عليه وسلم بالهدى ودين الحق، وأنزل عليه القرآن هُدًى لِلنَّاس وبينات من الهدى والفرقان، فما من شيء ينفع الناس، ويحقق مصالحهم إلا دلت عليه شريعة الله تعالى وحذرتهم من كل ما يضرهم أو يسبب شقاءهم ﴿ مَا فَرَّطْنَا فِي الكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ ثُمَّ إِلَى رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ ﴾ [الأنعام: 38]، ﴿ وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ ﴾ [النحل: 89].



شريعة كاملة شاملة، اختارها ربُّنا جل جلاله ورضيها، وأمر الناس بالأخذ بها ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ﴾ [البقرة: 21]، ﴿ إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللهِ الإِسْلَامُ ﴾ [آل عمران: 19]، ﴿ وَمَنْ أَحْسَنُ دِينًا مِمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ للهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ وَاتَّبَعَ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَاتَّخَذَ اللهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلاً ﴾ [النساء: 125].

شريعةٌ أنزلها وفرضها من يملك السموات والأرض، ويحي ويميت، ويقدر الأرزاق والآجال والسعادة والشقاوة ﴿ وَللهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَكَانَ اللهُ بِكُلِّ شَيْءٍ مُحِيطًا ﴾ [النساء: 126].



شريعةٌ تحقق الأمن والطمأنينة في الدنيا والآخرة، فمن تمسك بها، ووقف عند حدودها؛ فله الأمنُ في الدنيا والآخرة، ولن يشقى أو يخاف، ولو اجتمع أهلُ الأرض كلهم على إخافته وشقاوته فلن يستطيعوا ذلك؛ لأن السعادة والشقاوة، والأمن والخوف، محلها القلب، ومن يملك القلوب إلا الله تعالى ﴿ أَنَّ اللهَ يَحُولُ بَيْنَ المَرْءِ وَقَلْبِهِ ﴾ [الأنفال: 24]، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((قلوب العباد بين أصبعين من أصابع الرحمن، يقلبها كيف يشاء))[1].

وإذا أراد الله تعالى أمان شخص، وطمأنينة قلبه، وسكون نفسه، وراحة باله؛ فلن تستطيع أية قوة إخافته أو زعزعته، ومهما كان أسيرًا أو طريدًا أو معذبًا أو مشردًا، فإنه يعيش في نعيم ما دام الله تعالى قد ربط على قلبه، وثبَّت نفسه، على حد قول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى لما سجن في القلعة: "ماذا يفعل بي أعدائي، إن جنتي في صدري، أنَّى ذهبت فهي معي"[2].



وتأمل يا عبد الله عجيب تدبير اللهعزَّ وجلَّ وتأمينه لعباده المؤمنين في مواطن الخوف وملاقاة العدو، كما في غزوة "بَدْر" ﴿ إِذْ يُغَشِّيكُمُ النُّعَاسَ أَمَنَةً مِنْهُ ﴾ [الأنفال: 11]، وفي غزوة "أُحُد" ﴿ ثُمَّ أَنْزَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ بَعْدِ الغَمِّ أَمَنَةً نُعَاسًا يَغْشَى طَائِفَةً مِنْكُمْ ﴾ [آل عمران: 154]، كان أحدهم من شدة نعاسه يسقط سيفُه من يده، ويُطأطأ رأسُه على راحلته[3].

عجيبٌ والله تدبير الله تعالى إنه تدبيرٌ على خلاف حسابات البشر وظنونهم، فالمعارك تحتاج إلى اليقظة والقوة. والنعاسُ عنوانُ الضعف والغفلة، التي تسبب الفشلَ والهزيمةَ، ولكن الله تعالى بقدرته يجعل النعاس مصدر قوةٍ؛ لأن فيه أمنًا للقلوب من الخوف، وراحة للأجساد من التعب، ولو كان ذلك النعاس على أرض المعركة، وفي أصعب الساعات؛ فسبحان الله العليم القدير!



في مقابل ذلك فإن الله تعالى إذا خذل عبدًا، وسلب منه الأمن والطمأنينة؛ فلن يأمن ولو تحصن بحصونِهِ، ولبس دروعه، وحرسه البشرُ كلُّهم؛ كما لم يأمن بنو النضير عندما حاصرهم النبي صلى الله عليه وسلم لما نقضوا العهد مع المسلمين، وحاولوا قتل النبي صلى الله عليه وسلم فتحصَّنوا في حصونهم، وخزنوا مؤنهم، وأغلقوا عليهم أبوابهم، وحرسوا قلاعهم، ولا خوف عليهم من جوعٍ أو قلة أو نقصِ سلاحٍ أو قوةِ عدوٍّ أو كثرته؛ مما يحتم عليهم عسكريًّا الثبات والقتال، ولا سيما أن من يحاصرونهم هم أقل منهم سلاحًا وطعامًا، وقد لا يصمدون طويلاً في العراء والحصار، ولكن الله تعالى سلَّط على يهود بني النضير رعبًا اخترق حصونهم من دونِ اقتحام، واستقرَّ في قلوبهم بلا قتال؛ فنزلوا على حكم رسول الله صلى الله عليه وسلم فأجلاهم عن المدينة ﴿ هُوَ الَّذِي أَخْرَجَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الكِتَابِ مِنْ دِيَارِهِمْ لِأَوَّلِ الحَشْرِ مَا ظَنَنْتُمْ أَنْ يَخْرُجُوا وَظَنُّوا أَنَّهُمْ مَانِعَتُهُمْ حُصُونُهُمْ مِنَ اللهِ فَأَتَاهُمُ اللهُ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُوا وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ يُخْرِبُونَ بُيُوتَهُمْ بِأَيْدِيهِمْ وَأَيْدِي المُؤْمِنِينَ فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الأَبْصَارِ ﴾ [الحشر: 2].

إن تحقيق الأمن على مستوى الأفرادِ والدول والأمم صار في هذا العصر هاجسًا ينفقُ فيه البشرُ من الأموال أكثرَ ممَّا ينفقون على مآكلهم ومشاربهم ومراكبهم وعمرانهم وأي شيء آخر؛ إذ لا فائدة من أي شيء بلا أمن، ولا طعمَ لأي حلوٍ في حالة الخوف.



ولن يتحقق الأمنُ للبشر إلا بالإيمان بالله تعالى والتزام الإسلام شريعةً ومنهجًا، فمن حقق الإيمانَ فلن يخاف، ومن كفر بالله تعالى فلن يأمن، وكيف يأمنُ من أراد الله تعالى خوفه؟! وكيف يخافُ من أراد اللهُ تعالى أمْنَه؟! وهذا ما قاله الخليل عليه السلام حينما أخافه المشركون بأصنامهم وطواغيتهم قال: ﴿ وَكَيْفَ أَخَافُ مَا أَشْرَكْتُمْ وَلَا تَخَافُونَ أَنَّكُمْ أَشْرَكْتُمْ بِاللهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ عَلَيْكُمْ سُلْطَانًا فَأَيُّ الفَرِيقَيْنِ أَحَقُّ بِالأَمْنِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ * الَّذِينَ آَمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ ﴾ [الأنعام: 81 - 82]، ما كان أمنهم إلا لأن الله تعالى أراد أمنهم؛ بسبب إيمانهم وإخلاصهم.

وإذا تجمعت الحشود، وعظمت الخطوب، وتجبر الأقوياء، ودنت ساعةُ الخطر؛ لاذَ المؤمنونَ بحمى الله تعالى فأمَّنهم سبحانه وتعالى بإيمانهم ويقينهم، وربط على قلوبهم، وثبت أقدامهم، وحفظهم من السوء والمكروه ﴿ الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللهُ وَنِعْمَ الوَكِيلُ * فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُوا رِضْوَانَ اللهِ وَاللهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ ﴾ [آل عمران: 173 - 174].



إن العالمَ المعاصرَ قد أسس بنيانه على ما يكون سببًا في الذعر والخوف، واستبعد ما يحقق الأمن والسلام؛ فهو عالمٌ في أكثره - أفرادًا ودولاً وأممًا - مؤسسٌ على الإلحاد والمادية، بعيد عن الإيمان بالله تعالى ومعرفة أوامره ونواهيه، والتزام حدوده وحرماته، فأضحى أكثر أفراده يلهثون في الدنيا؛ لأنهم لا يرجون الآخرة، واستباحوا كلَّ محرم من ربا وغش ونهبٍ؛ لتأمين هذه الدنيا التي لا يرجون غيرها، وصار عالمهم بين اثنين لا ثالث لهما؛ إمَّا لصٌّ غني، يتاجر في المحرمات، ويأكل السحت والربا، ويلتهمُ بشركاته العملاقة صغار التجار حتى يفقر الناس، ويسيطر على الأسواق، وإمَّا فقير محترق قد مص الأول دمه، وسحق عظمه، وشرد أسرته، ورمى به على قارعة الطريق، بما حمَّله من أغلال الربا، وكبله باحتكار السلع، ثم يقومُ هذا الطاغية المستكبر بشراء الذمم بأمواله، وصياغة القوانين بجاهه وسلطانه، وتوجيه الإعلام للدعاية إلى أفكاره وآرائه؛ من أجل تنمية ماله، وجمع المزيد والمزيد حتى يضمن تربعه على عرش المال والأعمال!! ثم ماذا بعد ذلك؟ وهل أمِنَ مَن بلغ هذا العرش؟ كلا، إنه لم يحقق الأمن، ولن يأمن ما دام يفقدُ الإيمان.

أوَليسَ يدفعُ طائلَ الأموال للتأمين على حياته وعلى شركاته ومساكنه ومراكبه وكل شؤونه، فلو كان آمنًا ما احتاج إلى التأمين؛ ولكن الله عزَّ وجلَّ شاء أن يأتيه الخوفُ من مأمنه، فمأمنه ما جمعه من أموال يضمن بها رفاهيته في الدنيا التي لا يرجو غيرها؛ ولكن هذه الأموال التي جمعها صارت مصدر رعبٍ وخوف، لا يعرف كيف يحافظ عليها من الضياع، ولو ضاع بعضُها لربما ضاعت نفسه معها!!



ولأنه جمع ثرواته، وسن القوانين التي تخدمه بالطرق المحرمة؛ فإن ضحايا قوته وبطشه سينتقمون منه، والمنافسون له سيتطلعون إلى ما يملك، فاحتاج إلى أن يؤمن خوفه من الحاقدين عليه، والمنافسين له، ويؤمن على أمواله بدفع بعضها لضمان بقائها؛ فصار مصدرُ الأمن هو مصدر الخوف عند هؤلاء الملاحدة الماديين!! هكذا أصبح الحال عند أفرادهم وأممهم، والبلادُ الغربية ومن سار في فلكها المادي الإلحادي لا تعدو ذلك.

أمَّا المؤمنون الصادقون فإنهم موقنون بأن الرزاق هو الله تعالى وأن رزقه ينال بطاعته وتقواه، وأن الحافظ هو الله تعالى فلا يتعلقون بسواه ﴿ وَمَنْ يَتَّقِ اللهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا ﴾ [الطَّلاق: 2 - 3].



فنسأل الله تعالى أن يؤمِّن خوفنا، وأن يربط على قلوبنا، وأن يحسن خواتيمنا، وأن يهدينا صراطه المستقيم، وأقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم.

الخطبة الثانية

الحمد لله حمدًا كثيرًا طيبًا مباركًا فيه كما يحبّ ربّنا ويرضى، أحمده وأشكره، وأتوب إليه وأستغفره، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أنَّ محمدًا عبده ورسوله صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى وآله وصحبه ومن اهتدى بهداهم إلى يوم الدين.



أما بعد: فاتقوا الله عباد الله فمن حقَّق التقوى أمن في الدنيا والآخرة ﴿ وَيُنَجِّي اللهُ الَّذِينَ اتَّقَوْا بِمَفَازَتِهِمْ لَا يَمَسُّهُمُ السُّوءُ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ ﴾ [الزُّمر: 61].

أيها المسلمون: لما كانت قيادةُ العالم بيد المسلمين كانت البشرية تنعم بالأمن والسلام، فلما تحوَّلت القيادة إلى غيرهم انتشر الذعرُ والخوفُ والظلمُ والبغيُ والعدوان؛ ذلك أن الإسلام من الاستسلام لله تعالى بالخضوع والطاعة، والانقياد لشرعه وأمره، ومن استسلم لله تعالى سلَّمه الله من الخوف، وسلَّم النَّاس مِن ظلمه وبغيه؛ لأنه يعمل فيهم بحكم الإسلام الذي هو مصدر الأمن والسلام. والإيمانُ من الأمان، فأصحابه آمنون في الدنيا والآخرة، ويأمنهم غيرهم؛ ولذا صح عن النَّبيّ صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده))[4].



وفي الحديث الآخر: ((المؤمن من أمنه الناس على دمائهم وأموالهم))[5]. فمن دخل في الإسلام دخل في دائرة الأمن والأمان؛ كما قال النَّبيّ صلى الله عليه وسلم: ((من قال لا إله إلا الله وكفر بما يُعبد من دون الله تعالى حرُم دمُه وماله، وحسابه على الله))[6].

ومن دخل من الكفار تحت حكم المسلمين بعقد أمانٍ أو ذمة نالته بركة الإسلام؛ فأمِنَ على نفسه وعرضه وماله وولده. وكل أمةٍ أو طائفة تحقق الإسلام والإيمانَ فإن الأمن سيتحقق لها لا محالة؛ وذلك بموجب قول الله تعالى: ﴿ وَعَدَ اللهُ الَّذِينَ آَمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الفَاسِقُونَ ﴾ [النور: 55].



كما أنَّ كُلَّ أمَّةٍ أو طائفةٍ تفقد الإيمان، ولا تلتزم الإسلام شرعة ومنهاجًا؛ فلن تأمن أبدًا مهما عمِلتْ منِ احترازات، ومهما ملكت من أسلحة وقوات؛ وذلك بموجب قول الله تعالى: ﴿ وَضَرَبَ اللهُ مَثَلاً قَرْيَةً كَانَتْ آَمِنَةً مُطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا مِنْ كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللهِ فَأَذَاقَهَا اللهُ لِبَاسَ الجُوعِ وَالخَوْفِ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ ﴾ [النحل: 112].

فيا ليت شعري من يهدي جمهور البشرية التائه، الهائم على وجهه يبحث عن الأمن والسلام، من يهديه إلى الإسلام؛ ليحظى بالأمن والسلام؟!



ماذا جرَّت سيادة المادّيّين على العالم، وإلى أين ستوصله؟ إنَّها جرَّت البشرية إلى مكامن الخوف، ومواطن الرعب.



ظلَّت القوتان الشرقية والغربية ردحًا من الزمن، تستبقان في ميادين التسلح، وتتنافسان في صنع الدمار؛ حتى صنعوا من أسلحة الدمار الشامل ما يدمرُ الأرض عشرات المرات، ثم صار ما صنعوا وبالاً عليهم وعلى البشرية، ومصدر رعبٍ وخوف في حفظه من أن يقع في يد من يستخدمه ولا يبالي، وكما أنفقوا المليارات على صنعه باتوا ينفقون أضعافها على حفظه وحراسته ونزعه.

ثُمَّ لما ملكوا القوة ما سخروها في خدمة البشرية، وبسط العدل فيما بينهم، والسعي في تحقيق الأمن والسلام لهم؛ بل عملوا على ابتزازهم واستغلالهم، ومصادرة حقوقهم، وتكريس الظلم بإعانة الظالم على ظلمه؛ كما فعلوا ذلك في فِلَسطين وفي الشيشان وكشمير والبوسنة وكوسوفا وتيمور الشرقية وغيرها من بلدان مسلمة وغير مسلمة، ما رأت الأمن والسلام في ظلّ سيادتهم وحضارتهم؛ لأنهم يدورون مع المصالح حيث تدور، وكم من حرب أشعلوها من أجل مصالحهم المادية أهلكت ألوفًا من البشر، وشردت ملايين! وكم من قرار صنعوه، وقانون وضعوه ليس فيه من العدل شيء إلا أنه يحقق مصالحهم، فكيف يأمن البشر في ظل سيادتهم؟! وإذا لم يأمن غيرهم بسبب ظلمهم وعسْفهم فلن يأمنوا، فيا ليتهم يعقلون!!

أسأل الله تعالى أن يحفظ المسلمين بحفظه، وأن يؤمِّنهم بتأمينه، وأن يربط على قلوبهم، ويثبت أقدامهم.



﴿ رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلَا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلَا تُحَمِّلْنَا مَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنْتَ مَوْلَانَا فَانْصُرْنَا عَلَى القَوْمِ الكَافِرِينَ ﴾ [البقرة: 286].



﴿ سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ العِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ * وَسَلَامٌ عَلَى المُرْسَلِينَ * وَالحَمْدُ لله رَبِّ العَالَمِينَ ﴾ [الصَّافات: 180 - 181].

نبضها حربي 12-16-2019 11:15 PM

جزاك الله خير

عـــودالليل 12-17-2019 12:02 AM

امتناني وشكري لك على هذا الطرح
محتواه جميل
ونال الاستحسان

وهذا دليل ذائقه راقيه جدا أدت
لظهوره بهذا الشكل

لك كل احترامي وتقديري



اخوك
محمد الحريري

البرنسيسه فاتنة 12-17-2019 01:10 AM

جعله الله في ميزان أعمالك يوم القيامه
بارك الله فيك

نجم الجدي 12-17-2019 01:48 AM

الله يعطيك العافيه على الطرح
اللي كله ابداااااااع


حضوري شكر وتقدير لك
ولاهتمامك في مواضيعك


اخوك
نجم الجدي

مجنون قصايد 12-17-2019 01:56 AM

ماشاء الله تبارك الرحمن
ذوق في اختيارك
وعافيه عليك وعلى الطرح الراقي
لاحرمك الله رضاه
‏لك كل
تقديري واحترامي
مجنون قصآيد

طاهرة القلب 12-17-2019 04:37 PM

جزاك الله خير وجعله بموازين.. حسنااتك
لا عدمناا حضوورك
لروحك احترامي وتقديري

ضامية الشوق 12-17-2019 07:04 PM

سلمت يمناك
طرح جميل جدا

لا أشبه احد ّ! 12-17-2019 09:54 PM






آنتقاء مميز .. مَ ننحرم من جديدك

جنــــون 12-19-2019 07:37 PM

يسلمو ع المرور


الساعة الآن 07:22 AM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
HêĽм √ 3.1 BY: ! ωαнαм ! © 2010
new notificatio by 9adq_ala7sas
جميع حقوق النشر لشعارنا و كتابنا ومسميات الموقع خاصة و محفوظة لدى منتديات قصايد ليل الأدبية