منتديات قصايد ليل

منتديات قصايد ليل (http://www.gsaidlil.com/vb/index.php)
-   …»●[ أرواح أيمـــانيـــه ]●«… (http://www.gsaidlil.com/vb/forumdisplay.php?f=3)
-   -   أمراض القلوب(1) (http://www.gsaidlil.com/vb/showthread.php?t=141259)

ضامية الشوق 07-09-2018 04:00 AM

أمراض القلوب(1)
 
أمراض القلوب


إن الحمد لله نحمده ونستعينه، ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه والتابعين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، ﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ﴾ [آل عمران: 102]. ﴿ يَاأَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ﴾ [النساء: 1]. ﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا ﴾ [الأحزاب: 70، 71].

أما بعد معاشر الصالحين والصالحات:
إن أمة الإسلام هي أمة صفاء ونقاء في العقيدة والعبادة والمعاملات، إذ تعاليم دين الإسلام السمح وشَريعته الغراء، تحث على التراحم والمحبة والتآلف بين أبناء الأمة بحيث تشيع المحبة والرحمة، وتزول العداوات والشحناء والبغضاء والغل والحسد والتقاطع.

وقد نهى ربنا سبحانه ورسوله صلى الله عليه وسلم عما يوغر الصدور ويبعث على الفُرقة والشحناء، فقال ربنا جل وعلا: ﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ ﴾ [الحجرات: 12]، وقال النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي رواه مسلم: "لا تباغضوا ولا تحاسدوا ولا تدابروا ولا تقاطعوا وكونوا عباد الله إخوانا، ولا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث".

فمن سمات المؤمنين العظيمة، وصفاتهم الكريمة الدالة على حسن إيمانهم ونُبل أخلاقهم، سلامةُ قلوبهم وألسنتِهم تجاه بعضهم البعض، إذ ليس في قلوبهم حسد أو غل أو بُغض أو ضغينة، وليس على ألسنتهم غيبة أو نميمة أو كذب أو وقيعة، بل لا يحملون في قلوبهم إلا المحبة والخير والرحمة والإحسان والعطف والإكرام، ولا تنطق ألسنتهم إلا بالكلمات النافعة، والأقوال المفيدة والدعوات الصادقة.

لكن المتأمل اليوم في بعض علاقات المسلمين فيما بينهم، يجد كثرة الجفاء والقطيعة ووقوع العداوات وغلبة سوء الظن في كثير من الأحوال والقضايا إلى غير ذلك من مظاهر الضعف والفتور في العلاقات الاجتماعية بين أفراد المجتمع المسلم.

وهذه الحالة السيئة لها أسباب كثيرة وعوامل متنوعة في وجودها وقوتها واستمرارها، حيث نجد من أعظم الأسباب التي تؤثر على صِلات التماسك بين أفراد المجتمع، وتجعلها تُؤَجِّج نار الفتنة على أصحابها وتدفعهم إلى الجفاء والظلم والكراهية والقطيعة:
مرض القلوب وعدم سلامتها وطهارتها من العلل.

والحديث عن هذا الموضوع حديث مهم وتذكير لابد منه في وقت انشغل أكثر الناس بالظواهر واستهانوا بأمر البواطن والقلوب، مع أن الله تعالى لا ينظر إلى الصور ولا إلى الأجساد، ولكن ينظر إلى القلوب والأعمال، فقد روى مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إن الله لا ينظر إلى صوركم وأموالكم، وإنما ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم".

فيا عباد الله، إنه ليس أسعَدَ للمَرءِ ولا أشرَح لصدرِه ولا أهنَأ لروحِه من أَن يحيا في مجتمعه بين إخوانه، وأهله وعشيرته، وبين الناس أجمعين، سليمَ القلب من الشحناء والبغضاء، نقيا من الغل والحسد، صافيا من الغدر والخيانة، معافى من الضغينة والحقد، لا ينطوي قلبه إلا على المحبة والرحمة والإشفاق على الناس أجمعين.

فصاحب هذا القلب، الله جل وعلا يقبل عليه بفضله ورحمته ولطفه وكرمه فيمتلأ قلبه بالطاعة، فهو يسرع إلى الخير، ويكون سباقا إلى كل فضيلة ومن تم فهو عند الله من أفضل الناس كما أخبر بذلك النبي صلى الله عليه وسلم لما سئل عن أفضل الناس، فقال: (كُلُّ مَخْمُومِ الْقَلْبِ صَدُوقِ اللِّسَانِ، قَالُوا:صَدُوقُ اللِّسَانِ نَعْرِفُهُ، فَمَا مَخْمُومُ الْقَلْبِ، قَالَ:هُوَ التَّقِيُّ النَّقِيُّ لا إِثْم فِيهِ وَلَا بَغْيَ وَلا غِلَّ وَلا حَسَدَ)، بل أعظم من ذلك، صاحب القلب السليم ينجُو مكرما يوم القيامة، لأن الله جل جلاله قد علَّق النجاة في ذلك اليوم بسلامة القلوب فقال سبحانه: ﴿ يَوْمَ لَا يَنْفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ *إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ ﴾ [الشعراء: 88، 89].

وهذا هو دعاء إبراهيم عليه السلام، إذ كان يقول في دعاءه: ﴿ وَلَا تُخْزِنِي يَوْمَ يُبْعَثُونَ * يَوْمَ لَا يَنْفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ * إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ ﴾ [الشعراء: 87 - 89]. سليمٍ من الشرك والشك، سليم من الرياء والنفاق، سليم من الغل والحسد سليم من الأحقاد والضغائن، سليم لم يُصب بالقسوة ولم يختم عليه بأختام الشدة والغلظة.. سليم لم يتلوث بآثار الجرائم والذنوب والمعاصي... ولم يتدنس بالبدع والخرافات والأوهام وظن السوء.

فمن سلم قلبه من وساوس الحقد والضغينة والكره والبغضاء، واتسع صدره للناس، ونصح لهم، وأَشفق عليهم وكان مظهره سببا إلى باطنه، فإنه سيُلقى له القَبولُ والمحبة عند عامة الناس، لأنه لا يعرِف لحظ النفس سبيلا، ولا للانتِقامِ وحبِّ الانتصار دليلا، قلبه سليم، مبرء من وساوس الحقد والضغينة والكره والبغضاء، لا يحقد ولا يحسد، متى رأى نعمة تساق إلى غيره فرح ورضي بها، وأحس بفضل الله فيها، وتذكر قول الحبيب النبي صلى الله عليه وسلماللهم ما أصبح بي من نعمة أو بأحد من خلقك فمنك وحدك لا شريك لك فلك الحمد ولك الشكر). فهو يهتدي بهدي النبي الحبيب عليه صلوات رب العالمين، الذي خاطبه ربنا فقال: ﴿ خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ ﴾ [الأعراف: 199].

فمن أراد أن يقتدي ويهتدي بالنبي صلى الله عليه وسلم، فعليه أن يجاهد نفسه على طريق الحبيب النبي صلى الله عليه وسلم، حتى يكونَ قلبُه سليما نقيا معافى صافيا كما كان قلب الحبيب النبي صلى الله عليه وسلم.

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله.

روى مسلم في صحيحه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " تفتح أبواب الجنة يوم الاثنين ويوم الخميس، فيُغفر لكل عبد لا يشرك بالله شيئًا، إلا رجلاً كانت بينه وبين أخيه شحناء فيقال:أنظروا هذين حتى يصطلحا، أنظروا هذين حتى يصطلحا، أنظروا هذين حتى يصطلحا".

ترفع أعمال العباد، فيغفر الله لمن شاء شريطة أن لا يشرك به شيئًا.

أما أولئك المتخاصمين، أصحاب القلوب المريضة، التي أثرت فيها براكين الحقد والحسد وإن كانوا أعبد الناس، فلا يرفع لهم عمل، ولا تمنح لهم مغفرة، حتى تُزال الضغائن ودفائن البغض والكراهية والعداء من قلوبهم.

فتصور أيها العبد المحب للخير وأهله، يوم تستسلم لهواك، وتنقاد لألاعيب الشيطان وحزبه، فتهجر أخاك المسلم، لوشاية وصلتك، أو خلافٍ في تجارة أو مال، أو غيرها من حُطام الدنيا وشهواتها.

تفكر أيها المبارك، والأيام تتابع، وأعمال العباد ترفع، والرب الكريم الرحيم يجود بالمغفرة والرحمة، وأنت الذي في قلبك حقد وكراهية على أخيك المسلم فتهجره ولا تكلمه ما تزال أعمالك مهما ظننت أنها صالحةٌ تؤخر وتُنظر.

وهنا لنا وقفة:
فكم في المسلمين من التقاطع والتدابر بسبب خلافات يمكن علاجها، وإزالة أسبابها؟ كم في القرابات والأرحام والأصهار والجيران من الشحناء والبغضاء، والحسد والهجران والتفرق والاختلاف، بسبب من أسباب هذه الدنيا الفانية؟.

فكم في أرحام جمعتها أواصر الرحم، ووشائج القربى، ففرقتها الأحقاد، ومزقتها الضغائن، فيا ويلَ قاطعيها من الرحمن جل جلاله، إذ أوجب صلتها، وحرم قطيعتها، فقال سبحانه في الحديث القدسي: (أنا الرحمن وهي الرحم، شققت لها اسماً من اسمي، من وصلها وصلته، ومن قطعها بتته).

وكم في الجيران من قلوب لا تخلو من كدر الحسد والغل والكراهية، بيوتهم متجاورة وربما متلاصقة، ويسلكون في ذهابهم وإيابهم طريقا واحدة، ويشاهد بعضهم بعضا صباحا ومساء، بل يصطفون في مسجد حيهم خلف إمام واحد، في عبادة من أجلِّ العبادات وأعظمها عند الله تعالى، ولكن بينهم من التنافر والتباعد أبعد مما بين المشرق والمغرب، ولو بحتنا عن الأسباب، لوجدناها أسبابا تافهة، ولكنه الشيطان الذي أيس أن يُعبد، انتصر في التحريش وإيقاع العداوة بينهم.

ولكنني هنا أبين وأؤكد بأن المشكلة الحقيقية في الكراهية والبغضاء والتقاطع والحسد، هي في قلوب مريضة امتلأت بالضغائن، واسودت بالأحقاد، فيتمنى القريب معها لقريبه أو الجار لجاره كل سوء، ويحسده على كل خير.

إنها عزة شيطانية تمنع الواحد منا أن يطهر قلبه ويزيل منه أسباب الخلاف، فتمر الأيام وتمضي، والأعمال لا ترفع إلى الله، لأن رفع الأعمال مشروط بإزالة الشحناء والكراهية، وصفاء قلب كل واحد من المتاقطعين على صاحبه وسلامته.

والمصيبة والخسارة لو مات أحدهما وهو على قطيعته، وخَتم حياته بهجران أخيه المسلم فبئس الخاتمة، فإن كان جارا له فبئس الجار، وإن كان ذا رحم فالأمر أشد والمعصية أكبر... وبقدر قرب الرحم يزداد الإثم، وتعظم شناعة الهجر والقطيعة.

واسمعوا لهذا التحذير من رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يقول كما في الحديث الصحيح: (لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث، فمن هجر فوق ثلاث فمات دخل النار)، هذا في حق المسلم عموما، فكيف إذا بالجار، ثم كيف بذي الرحم والقرابة؟!

وإذا بلغ الهجر سنة كاملة فالأمر أخطر، والإثم أشد، لما جاء في الحديث عَنْ أَبِي خِرَاشٍ السُّلَمِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ يَقُول:"مَنْ هَجَرَ أَخَاهُ سَنَةً فَهُوَ كَسَفْكِ دَمِهِ". فكيف إذا بهجران وتقاطع يمتد سنوات كثيرة؟!

نعوذ بالله تعالى من ذلك، ونسأله سبحانه أن يطهر قلوبنا من الحقد والحسد والضغينة، وأن يجعلها قلوبا سليمة، ﴿ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ ﴾ [الحشر: 10].

نجم الجدي 07-09-2018 07:47 AM

يعطيك العافية على اختيار الموضوع
وحرصك على اختيارك مادة مفيدة

الله يكثر من أمثالك
وشكرا

نجم

محـمــــود 07-09-2018 08:13 AM

اِنتقاء في غاية النفع والجمال

سلمت يمينك ودام عطاؤك


https://dc703.4shared.com/img/HSS5h6...21366129409665

بوزياد 07-09-2018 09:36 AM

جزاك الله خير ...!!
طرح جميـــــل ...!!
دام التألق ... ودام عطاء نبضك
كل الشكر لهذا الإبداع,والتميز...!!
وبآنتظار روائع جديدك بكل شوق...!
ودي وعبق وردي ...!!
http://www.shuuf.com/shof/uploads/20...185d8a502e.gif

ضامية الشوق 07-09-2018 01:08 PM

حضورك شرف لي
نورت أخي الكريم
نجم الجدي

ضامية الشوق 07-09-2018 01:09 PM

حضورك شرف لي
نورت أخي الكريم
محمود

ضامية الشوق 07-09-2018 01:09 PM

حضورك شرف لي
نورت أخي الكريم
بو زياد

الغنــــــد 07-10-2018 06:27 AM

جمااال الطرح يستدعينا للحضووور والمشاااركه

سلمت الأنااامل

تقديــــري

ضامية الشوق 07-10-2018 12:36 PM

حضوركي شرف لي
نورتي عزيزتي
الغند

مجنون قصايد 07-10-2018 09:50 PM

ماشاء الله تبارك الرحمن
ذوق في اختيارك
وعافيه عليك وعلى الطرح الراقي
لاحرمك الله رضاه
‏لك كل
تقديري واحترامي
مجنون قصآيد


الساعة الآن 03:17 AM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
HêĽм √ 3.1 BY: ! ωαнαм ! © 2010
new notificatio by 9adq_ala7sas
جميع حقوق النشر لشعارنا و كتابنا ومسميات الموقع خاصة و محفوظة لدى منتديات قصايد ليل الأدبية