منتديات قصايد ليل

منتديات قصايد ليل (http://www.gsaidlil.com/vb/index.php)
-   الإعجاز العلمي في القرآن الكريم والسنة النبوية (http://www.gsaidlil.com/vb/forumdisplay.php?f=91)
-   -   تأملات تربوية في سورة العصر (http://www.gsaidlil.com/vb/showthread.php?t=179218)

لا أشبه احد ّ! 09-16-2020 10:00 PM

تأملات تربوية في سورة العصر
 

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ: ﴿ وَالْعَصْرِ * إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ * إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا
وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ ﴾ [العصر: 1 - 3].
سورة العصر مكية، وقد جاءت في غاية الإيجاز والبيان، وفي نفس الوقت غاية الشمول والتكامل
والترابط، لتوضيح سبب سعادة الإنسان أو شقائه، ونجاحه في هذه الحياة أو خسرانه ودماره.
في هذه السورة الصغيرة ذات الآيات الثلاث، يتضح منهج الله الذي وضعه للحياة البشرية
إنها تضع الدستور الإسلامي كله في كلمات قصار، وتصف الأمة المسلمة: حقيقتها ووظيفتها.
لذلك قال الإمام الشافعي رحمه الله‏:‏ لو لم ينزل الله سوى هذه السورة لكفَّت الناس‏.‏
فقد بدأت السورة بقسم الله بالعصر لأهمية ما في هذه السورة، الله بجلاله يقسم
لنا، هل نقدر ذلك، وندرك خطورة موضوع السورة؟!
وجاءت الآية الثانية بالصفة السلبية ﴿ لَفِي خُسْرٍ ﴾، ولم تأت بالصفة الإيجابية؛ كالقول:
(إن الإنسان في فلاح إذا فعل كذا وكذا)، لتوحي بواقع الإنسان على مرِّ العصور
هذا الواقع هو كثرة الخاسرين من الناس وخروجهم عن منهج الله، وعن دعوة الرسل
وهذا ما تؤكده الآيات: ﴿ وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا وَإِبْرَاهِيمَ وَجَعَلْنَا فِي ذُرِّيَّتِهِمَا النُّبُوَّةَ وَالْكِتَابَ فَمِنْهُمْ
مُهْتَدٍ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فَاسِقُونَ * ثُمَّ قَفَّيْنَا عَلَى آثَارِهِمْ بِرُسُلِنَا وَقَفَّيْنَا بِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ وَآتَيْنَاهُ الْإِنْجِيلَ
وَجَعَلْنَا فِي قُلُوبِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ رَأْفَةً وَرَحْمَةً وَرَهْبَانِيَّةً ابْتَدَعُوهَا مَا كَتَبْنَاهَا عَلَيْهِمْ إِلَّا ابْتِغَاءَ رِضْوَانِ
اللَّهِ فَمَا رَعَوْهَا حَقَّ رِعَايَتِهَا فَآتَيْنَا الَّذِينَ آمَنُوا مِنْهُمْ أَجْرَهُمْ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فَاسِقُونَ ﴾ [الحديد: 26، 27].
كما يدل على ذلك أيضًا ما جاء في الحديث: عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:
(أَوَّلُ مَنْ يُدْعَى يَوْمَ الْقِيَامَةِ آدَمُ، فَتَرَاءَى ذُرِّيَّتُهُ، فَيُقَالُ: هَذَا أَبُوكُمْ آدَمُ، فَيَقُولُ: لَبَّيْكَ
وَسَعْدَيْكَ، فَيَقُولُ: أَخْرِجْ بَعْثَ جَهَنَّمَ مِنْ ذُرِّيَّتِكَ، فَيَقُولُ: يَا رَبِّ، كَمْ أُخْرِجُ ؟ فَيَقُولُ: أَخْرِجْ
مِنْ كُلِّ مِائَةٍ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ، فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِذَا أُخِذَ مِنَّا مِنْ كُلِّ مِائَةٍ تِسْعَةٌ وَتِسْعُونَ
فَمَاذَا يَبْقَى مِنَّا؟ قَالَ: إِنَّ أُمَّتِي فِي الأُمَمِ كَالشَّعَرَةِ الْبَيْضَاءِ فِي الثَّوْرِ الأَسْوَدِ)؛ (البخاري).
كما أنها جاءت هذه الصورة السلبية؛ لتكون أكثر تأثيرًا في النفس
وإيقاظًا للمشاعر، وتحذيرًا من الوقوع في هذا الخسران.
وجاءت الآية الثالثة في صورة أفعال أربعة تمثل الشروط الضرورية لعدم خسران الإنسان:

﴿ إِلَّا الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ﴾ لتأكيد أن حساب
الله للإنسان سيكون على أعماله، كما هو واضح في قول الله عز وجل: ﴿يَوْمَئِذٍ يَصْدُرُ النَّاسُ
أَشْتَاتًا لِيُرَوْا أَعْمَالَهُمْ * فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ * وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ ﴾ [الزلزلة: 6 - 8].
كما جاءت هذه الأفعال في صورة الماضي لتأكيد أن خاتمة حياة غير الخاسرين شاملة لهذه
الأفعال جميعها، غير منقوصة بأيٍّ منها، والعبرة بالخواتيم، ففي صحيح البخاري من حديث سهل
بن سعد رضِي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إن العبد ليعمَل عمل أهل النار وإنه
من أهل الجنة، ويعمل عمل أهل الجنة وإنه من أهل النار، وإنما الأعمال بالخواتيم).
إن الآية الثالثة التي تمثِّل الشروط الأربعة التي تجعل الإنسان من غير الخاسرين، هي:
1- آمنوا.
2- عملوا الصالحات.
3- تواصوا بالحق.
4- تواصوا بالصبر.
وكل شرط مِن هذه الشروط ضروري في ذاته مع باقي الشروط؛ حتى يكون الإنسان
من غير الخاسرين، وعدم توفُّر أيٍّ منها يعني أن الإنسان من الخاسرين؛ قال تعالى:
﴿ أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ فَمَا جَزَاءُ مَنْ يَفْعَلُ ذَلِكَ مِنْكُمْ إِلَّا خِزْيٌ
فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يُرَدُّونَ إِلَى أَشَدِّ الْعَذَابِ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ ﴾ [البقرة: 85].
من المعلوم أن الدين كلُّ، لا يقبل أن يتجزَّأ من جهة القبول به والإذعان له، وأن من رفض حكمًا
من أحكام الله سبحانه وتعالى، وكفَر به، واعتقد أنه لا يصلح لهذا الزمان، وأن تطبيقه يجب أن
يُعرضَ على العقل، أو على التصويت، فإن وافَق ذلك أحكام الله سبحانه وتعالى، كان بها
ونِعمت، وإن لم يوافق أحكام الله سبحانه وتعالى، تركنا ما أنزل الله سبحانه وتعالى وراء ظهورنا
واتَّبعنا عقولنا ونتيجة التصويت، من زعم ذلك فهو كافرٌ مشرك بالله تعالى.
وتطبيق شرع الله واجب بإجماع المسلمين، وهو امتثال أمره في كتابه:
﴿ وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ ﴾ [المائدة: 49].
فمثلًا عدم تواصي الإنسان بالحق يجعله من الخاسرين؛ عن أبي سفيان عن جابر قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أوحى الله عز وجل إلى جبريل عليه السلام أن أقلب مدينة
كذا وكذا بأهلها، قال: فقال يا رب إن فيهم عبدك فلانًا لم يَعصك طرفة عينٍ، قال: فقال:
اقلِبها عليهم فإن وجْهه لم يتمعَّر فيَّ ساعةً قطُّ، كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
(إن الناس إذا رأوا الظالم فلم يأخُذوا على يديه، أوشك أن يعمَّهم الله بعقابٍ منه )
رواه أبو داود والترمذي والنسائي بأسانيد صحيحة.
وقد روى الإمام أحمد من حديث حذيفة بن اليمان أن النبي صلى الله عليه وسلم
قال: "والذي نفسي بيده، لتأمرُنَّ بالمعروف، ولتنهونَّ عن المنكر، أو ليوشكنَّ الله
أن يبعث عليكم عقابًا من عنده، ثم لَتَدْعُنَّهُ فلا يُستجيب لكم).
فهذا منهجُ الله، فاز وأفلَح مَن أخذه وطبَّقه مَرضاةً لله، وخسِر مَن أعرَض عنه
وأخذَ بهوى نفسه، وما أكثرَ الخاسرين!

أ. د. فؤاد محمد موسى

مجنون قصايد 09-16-2020 11:24 PM

عافيه عليك وعلى الطرح الراقي
لاحرمك الله رضاه
‏لك كل
تقديري واحترامي
مجنون قصآيد

نظرة الحب 09-16-2020 11:40 PM

يسلمو حبيبتي على الطرح

ملكة الجوري 09-17-2020 12:56 AM

الله يجزاك الجنه
و
ينورقلبك
بارك الله فيك
و
فقك الله لمايحبه
و
يرضاه

نجم الجدي 09-17-2020 01:34 AM

كل شي روووعه في طررحك واختياااارك
اناا اشهد انك الابدااع كله

فزولهآ 09-17-2020 11:18 AM

طرح جميل

روح الندى 09-17-2020 03:21 PM

جزاك الله خير

عـــودالليل 09-17-2020 03:49 PM

مُعجب بكل ماشاهدت
وقرأت خلال تواجدي على هذا
الموضوع

دليل جمال ذآئقه
عالية المستوى ودقه في إختيار الطرح

شكري لك
من القلب على مجهودك

محمدالحريري

جنــــون 09-17-2020 09:47 PM

جزاك الله خير

البرنسيسه فاتنة 09-18-2020 12:20 AM

جعله الله في ميزان أعمالك يوم القيامه
بارك الله فيك


الساعة الآن 02:26 AM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
HêĽм √ 3.1 BY: ! ωαнαм ! © 2010
new notificatio by 9adq_ala7sas
جميع حقوق النشر لشعارنا و كتابنا ومسميات الموقع خاصة و محفوظة لدى منتديات قصايد ليل الأدبية