منتديات قصايد ليل

منتديات قصايد ليل (http://www.gsaidlil.com/vb/index.php)
-   …»●[ أرواح أيمـــانيـــه ]●«… (http://www.gsaidlil.com/vb/forumdisplay.php?f=3)
-   -   الجملة المكتوبة على عرش الرحمن (http://www.gsaidlil.com/vb/showthread.php?t=129990)

جنــــون 11-18-2017 04:36 PM

الجملة المكتوبة على عرش الرحمن
 
الجملة المكتوبة على عرش الرحمن .




حينما تستقرئ نصوص القرآن المجيد والسُّنة المطهرة؛ لا تجد كلمةً كتبها الله تعالى على نفسه سوى الرحمة، وقد نصَّ القرآن الكريم في أكثر من موطنٍ على ذلك؛ قال تعالى: ﴿ كَتَبَ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ ﴾ [الأنعام: 12]، وقال عزَّ مِن قائل: ﴿ وَإِذَا جَاءَكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِآيَاتِنَا فَقُلْ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ أَنَّهُ مَنْ عَمِلَ مِنْكُمْ سُوءًا بِجَهَالَةٍ ثُمَّ تَابَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَصْلَحَ فَأَنَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾ [الأنعام: 54].


ثم إننا لا نجد في أي نص ثابت أن الله تعالى كتب على عرشِه جملةً غير قوله عز وجل: ((إن رحمتي سبقت - أو غلبت - غضبي))؛ فقد ثبت في الحديث الذي رواه الشيخان في صحيحَيْهما عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لَمَّا قضى الله الخلق كتب في كتابِه، فهو عنده فوق العرش: إن رحمتي غلبت غضبي))


ونستنبط من مجموع روايات هذا الحديث الجليل ما يأتي:
أولًا:أن الله تعالى قد كتَب هذه الجملة المباركة على نفسِه كما جاء في حديث أبي هريرة في الصحيحين.
ففي رواية البخاري عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: ((لَمَّا خلق الله الخلق كتب في كتابه، وهو يكتب على نفسه، وهو وضع عنده على العرش: إن رحمتي تغلب غضبي))


وفي رواية مسلم عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لَمَّا قضى الله الخلق كَتَبَ في كتابه على نفسِه، فهو موضوع عنده: إن رحمتي تغلب غضبي))
قال الطيبي: (شبَّه حكمَه الجازمَ الذي لا يعتريه نسخ، ولا يتطرَّق إليه تغيير، بحكمِ الحاكم إذا قضى أمرًا وأراد إحكامه عقد عليه سجلًّا، وحفظه عنده ليكونَ ذلك حجة باقية محفوظة من التبديل والتحريف)


ثانيًا:أن الله تعالى وضع هذا الكتاب عنده فوق عرشه، ولا يخفى ما في هذا الوضع من إجلالٍ وتعظيم وتكريم للكتاب.
قال الإمام الطيبي رحمه الله تعالى: "وقوله: ((فوق العرش)) تنبيهٌ على تعظيم الأمر وجلالة القدر؛ فإن اللوح المحفوظ تحت العرش، والكتاب المشتمل على هذا الحكم فوق العرش".


ثم يذكر الطيبي تعليلًا لتخصيص هذا الكتاب بوضعه عنده فوق العرش، ووضع اللوح المحفوظ تحت العرش، أن اللوح المحفوظ يتعلَّق بعالم العدل؛ أي: عالم السماوات والأرض والأسباب والمسببات، ومعلوم أن السماوات والأرض لم تَقُمْ إلا بالعدل، والعدل يقتضي إثابة المطيع وعقاب العاصي، حسب ما يقتضيه العمل، من خير أو شر، ومعلوم أن الشر والمعاصي أكثر من الخير والطاعات؛ كما قال تعالى: ﴿ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يُؤْمِنُونَ ﴾ [هود: 17]، وقال: ﴿ وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ ﴾ [يوسف: 103]، وقال: ﴿ فَأَبَى أَكْثَرُ النَّاسِ إِلَّا كُفُورًا ﴾ [الإسراء: 89]، وقال: ﴿ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَشْكُرُونَ ﴾ [البقرة: 243].


ومعلوم أن كثرة الكفر والشر مراعاة لجانب العدلتقتضي غلبةَ الغضب على الرحمة؛ لكثرة موجبه ومقتضيه، كما قال تعالى: ﴿ وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِظُلْمِهِمْ مَا تَرَكَ عَلَيْهَا مِنْ دَابَّةٍ ﴾ [النحل: 61].
ولكن قولَه عز وجل في الحديث القدسي المارِّ ذكرُه: ((إن رحمتي غلبَت غضبي))، والذي كتبه الله على نفسه ووضعه عنده على عرشه - يستدعي غلبةَ رحمته على غضبه، وهذا ما يسمى بالفضل، فتكون سَعةُ الرحمة وشمولُها على البرية، وقَبول إنابة التائب والعفو عن المشتغِل بذنبه المنهمِك به، كما في قوله تعالى: ﴿ وَإِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ لِلنَّاسِ عَلَى ظُلْمِهِمْ وَإِنَّ رَبَّكَ لَشَدِيدُ الْعِقَابِ ﴾ [الرعد: 6] -أمرًا خارجًا عن اللوح المحفوظ، مترقيًا من عالم الجزاء العدل إلى عالم الفضل الذي هو فوق العرش.


ثالثًا: مِن معاني غلبة رحمة الله على غضبه، أن غضبه لا يَسَعُ كلَّ شيء، بخلاف رحمته التي وسِعَت كل شيء، قال تعالى: ﴿ وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ ﴾ [الأعراف: 156]، فثبَت أنه تعالى رب العالَمين، ومُحسِن إلى الخلائق أجمعين، أما غضبه فهو خاصٌّ بمَن شاء من العاصين والمذنبين، وقد يعفو عن العاصي ولا ينتقم منه، وهذا العفو عن الذنب والعصيان كثيرٌ، قال تعالى: ﴿ وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ ﴾ [الشورى: 30]، ومَن مِن الخلائق لم يرحَمْه الله تعالى قط، ولم تَسَعْه رحمته؟! ومَن منَّا أذنب فلم يَستُرْه الله تعالى، بل مَن منا مَن لم يُغدق عليه مِن نعمه لعله يتوب، وإلى ربه يؤوب!


ثم إن في سبق الرحمة - كما قال ملا علي القاري - بيانَ أن قسط الخلق ها هنا أكثر مِن قسطهم من الغضب، وأنها تنالُهم من غير استحقاق، وأن الغضب لا ينالُهم إلا باستحقاق، ألا يرى أنها تشمل الإنسان جنينًا ورضيعًا وفطيمًا وناشئًا، مِن غير أن يصدر منه طاعة استوجب بها ذلك، ولا يلحقه الغضب إلا بما يصدر عنه من المخالفات، ﴿ وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ * إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ ﴾ [هود: 118، 119]، فلله الحمد على ما ساق إلينا من النعم قبل استحقاقها


رابعًا: أن هذا الكتاب الموضوعَ عنده فوق عرشه لا يَعْتَوِرُه نسخٌ ولا تبديل ولا تغيير؛ لأن الله تعالى إذا كتب شيئًا على نفسه، فإنه لا ينسخه ولا يُبدِّله ولا يُغيِّره؛ قال تعالى: ﴿ وَإِذَا جَاءَكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِآيَاتِنَا فَقُلْ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ أَنَّهُ مَنْ عَمِلَ مِنْكُمْ سُوءًا بِجَهَالَةٍ ثُمَّ تَابَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَصْلَحَ فَأَنَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾ [الأنعام: 54]، أما غيره، فقد يُغيِّره الله تعالى ويمحو منه ما يشاء ويُثبِت، قال تعالى: ﴿ يَمْحُو اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتَابِ ﴾ [الرعد: 39].


خامسًا:أن قوله عليه الصلاة والسلام: ((فهو مكتوب عنده فوق العرش)) - يدل على أنه لا يمكن لأحدٍ الاطلاعُ على تفاصيل ما في هذا الكتاب المكتوب عند الله تعالى فوق عرشه.
قال الطيبي رحمه الله تعالى في وصف هذا الكتاب: "وعلى كلٍّ فالمكتوب إنما هو هذه الجملة، ويُؤيِّده قوله: ((فهو مكتوب عنده فوق العرش))، والمعنى أنه مكتوب عن سائر الخلائق، مرفوعٌ عن حيز الإدراك، وقيل: معناه أنه مثبت في علمه سبحانه، وأما اللوح المحفوظ، فقد يطَّلِع على بعضِ معلوماته مَن أراد الله من ملائكته وأنبيائه وخُلَّص أوليائه من أرباب الكشوف، لا سيما إسرافيل عليه السلام، فإنه مُوكَّل عليه ويأخذ الأمور منه، فيأمر جبريل وميكائيل وعزرائيل عليهم الصلاة والسلام، كلًّا بما هو مِن جنس عمله؛ على ما ورد في بعض الأخبار والآثار"

اللهم ارزقنا مما كتبته على نفسك، واجعلنا رحماء بعبادك


وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

ضامية الشوق 11-18-2017 04:40 PM

سلمت يمناك
طرح جميل جدا

ملكة الجوري 11-18-2017 11:22 PM

نَسألْ الله أنْ يجَعلُها.. فِيْ مَوازِينِ حَسنَاتك..
وَيجَعل الله الفَردَوسِ الأعَلى سَكَنُك
’نَسألْ الله أنْ يجَعلُها.. فِيْ مَوازِينِ حَسنَاتك..
وَيجَعل الله الفَردَوسِ الأعَلى سَكَنُك

آلفُ تحَيةُ ودْ لطرَحُك القَيمْ...

آلفُ تحَيةُ ودْ لطرَحُك القَيمْ...

نجم الجدي 11-19-2017 12:23 AM

الله يعطيك العافيه على الطرح
اللي كله ابداااااااع


حضوري شكر وتقدير لك
ولاهتمامك في مواضيعك


اخوك
نجم الجدي

إرتواء نبض 11-19-2017 02:23 AM

جزآك الله جنةٍ عَرضها آلسَموآت وَ الأرض ..
بآرك الله فيك على الطَرح القيم وَ في ميزآن حسناتك ..
آسأل الله أنْ يَرزقـك فسيح آلجنات !!
دمت بحفظ الله ورعآيته ..

عازفة القيثار 11-19-2017 02:50 AM

جِزًآكًٍ آللهُ خيرًٍ آلجزًٍآءُ
وُجَعَلَ حياتگ نُوراً وَسُروراً
وَجَبآلاُ مِنِ آلحَسنآتْ تُعآنِقُهآ بُحوراً

مجنون قصايد 11-19-2017 04:43 AM

ماشاء الله تبارك الرحمن
ذوق في اختيارك
وعافيه عليك وعلى الطرح الراقي
لاحرمك الله رضاه
‏لك كل
تقديري واحترامي
مجنون قصآيد

جنــــون 11-19-2017 06:19 AM

يسلمو ع المرور

احساس انـثى 11-19-2017 07:14 AM

جزاك الله كل خير
وجعله بميزان اعمالك

الغنــــــد 11-19-2017 08:44 AM

جزاااك الله خير
وبااارك الله فيك


الساعة الآن 01:42 PM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
HêĽм √ 3.1 BY: ! ωαнαм ! © 2010
new notificatio by 9adq_ala7sas
جميع حقوق النشر لشعارنا و كتابنا ومسميات الموقع خاصة و محفوظة لدى منتديات قصايد ليل الأدبية