منتديات قصايد ليل

منتديات قصايد ليل (http://www.gsaidlil.com/vb/index.php)
-   ... رمضـــــانيات ... (http://www.gsaidlil.com/vb/forumdisplay.php?f=61)
-   -   الصوم شهر الصبر (http://www.gsaidlil.com/vb/showthread.php?t=233977)

روح الندى 03-19-2024 09:26 AM

الصوم شهر الصبر
 





الصوم شهر الصبر

شرَع الله تعالى الصومَ لتعلُّم الصبر، مرورًا بالتدرُّب على الانضباط وعُلوِّ الهمة والمساواة، وانتهاءً ببلوغ تقوى الله والوصول إلى رحمته وجنته وعِتقه من النيران، ولقد سمى رسول الله صلى الله عليه وسلم شهر رمضان بشهر الصبر؛ حيث قال: "صوم شهر الصبر وثلاثة أيام من كل شهر، صوم الدهر"؛ رواه الإمام أحمد.

وفي حديث أبي ذر رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: صوم شهر الصبر وثلاثة أيام من كل شهر، صوم الدهر، ويُذهب مَغَلَّة الصدر، قال: قلت: وما مَغَلَّةُ الصدر؟ قال: رجس الشيطان؛ رواه أحمد.

الصبر نصف الإيمان والصوم نصف الصبر، وأنواعه الصبر كلها تتجمع في الصوم كيف؟!
• صبر على الطاعة وصبر على المعصية، وصبر على الأقدار والآلام، صبر على الطاعة، فالصائم إيمانًا واحتسابًا يصبر على الصيام بالنهار ويصبر على القيام بالليل، إيمانًا بأنه الامتثال لأمر الله، واحتسابًا بأن الأجر من الله، "من صام رمضان إيمانًا واحتسابًا، غُفر له ما تقدم من ذنبه"، وكذلك القيام، وقوله سبحانه: "إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به".

النوع الثاني فهو صبرٌ على المعصية يجتنبها في رمضان، ويمتنع عنها بسهولة في غير رمضان، لذلك يحتاج إلى مزيد من الصبر: "يدَع طعامه وشرابه وشهوته من أجلي".

• ثم الصبر على ألَم الجوع وألم العطش، والصبر على الأقدار التي تُحيطه من كل جانب، سواء أقدار مادية أم أقدار معنوية، لذلك تمثل خلق الصبر في الصوم بكل أنواعه، متمثلًا كذلك في الآية الكريمة: ﴿ وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ أُولَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ ﴾ [البقرة: 177]، لقد كان جل المعارك في الإسلام في شهر رمضان، لذا يقول الله عز وجل: ﴿ إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ ﴾ [الزمر: 10]، قال العلماء: أي: يغرف لهم من الحسنات غرفًا، ويقول الله تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ ﴾ [البقرة: 153].

الصبر خُلق عظيم يستزيد الصائم ويستعين به على كل آلامه التي يعيشها، وآماله التي ينتظر تحقيقها، وكذا على كل ما يعتريه من شدائدَ وخطوبٍ وملمات.

الصوم يعلِّم الصبر على الأشواك والصعاب في كل الأوقات، وهو من أعمال الطاعات التي يثاب عليها صاحبها؛ كما قال تعالى في الفاتحين المصلحين المجاهدين: ﴿ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ لَا يُصِيبُهُمْ ظَمَأٌ وَلَا نَصَبٌ وَلَا مَخْمَصَةٌ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يَطَئُونَ مَوْطِئًا يَغِيظُ الْكُفَّارَ وَلَا يَنَالُونَ مِنْ عَدُوٍّ نَيْلًا إِلَّا كُتِبَ لَهُمْ بِهِ عَمَلٌ صَالِحٌ إِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ ﴾ [التوبة: 120].

رمضان شهر الصبر، فالذي يصوم رمضان وهو منضبط انضباطًا تامًّا شهرًا كاملًا، لا بد أن يخرج من هذا الشهر وقد اكتسب صفة الصبر، بل تغذى بالصبر، فالذي صبر عن الحرام، وصبر عن الأكل والشرب، وصبر على صلاة التراويح والتهجد، وصبر على كف الأذى عن ما نهى رسول الله عنه، "فإن شاتَمه أحدٌ أو قاتله، فليقل: إني صائمٌ إني صائم".

• أقول: الذي يصبر على هذه الأمور يجزيه الجزاء الأوفى، والذي لا يخرج من رمضان رجلًا صبورًا، فقد فاته خير كثير، وحرَم نفسه فرصة عظيمة جدًّا لاكتساب هذه الصفة، وهي صفة الصبر التي هي من أخلاق الأنبياء والرسل والصالحين من بعدهم.

قال ابن رجب الحنبلي: "وأفضل أنواع الصبر: الصيام، فإنه يجمع الصبر على الأنواع الثلاثة؛ لأنه صبر على طاعة الله عز وجل، وصبر عن معاصي الله؛ لأن العبد يترك شهواته لله ونفسه قد تنازعه إليها، ولهذا جاء في الحديث الصحيح أن الله عز وجل يقول: "كل عمل ابن آدم له إلا الصيام، فإنه لي، وأنا أجزي به، إنه ترك شهوته وطعامه وشرابه من أجلي".

من فضائل الصوم أنه يعلِّم الصبر، ومن فضائل الصبر أنه يعظم الأجر: ﴿ إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ ﴾ [الزمر: 10]، ويوجب محبة الله: ﴿ وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ ﴾ [آل عمران: 146].

بل إن الصبر إذا تمكَّن من الإنسان لا تطويه شدة ولا يكسره ابتلاءٌ، ولا يُفزعه مرض، يعرف أن الجنة لمن صبر على البلاء في الدنيا، قال عطاء بن أبي رباح: قَالَ لي ابنُ عَباسٍ: "ألَا أُرِيكَ امْرَأَةً مِن أهْلِ الجَنةِ؟ قُلتُ: بَلَى، قَالَ: هذِه المَرْأَةُ السوْدَاءُ، أتَتِ النبي صَلى اللهُ عليه وسلمَ، فَقَالَتْ: إني أُصْرَعُ، وإني أتَكَشَّفُ، فَادْعُ اللهَ لِي، قَالَ: إنْ شِئْتِ صَبَرْتِ ولَكِ الجَنةُ، وإنْ شِئْتِ دَعَوْتُ اللهَ أنْ يُعَافِيَكِ فَقَالَتْ: أصْبِرُ، فَقَالَتْ: إني أتَكَشفُ، فَادْعُ اللهَ لي ألا أتَكَشفَ، فَدَعَا لَهَا"؛ متفق عليه.

علاوة على تحقق معية الله للصابرين: ﴿ وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ ﴾ [الأنفال: 46].
ثم إن خيرَ عطاء من الله للمؤمن كما ورد في الصحيحين قال النبي صلى الله عليه وسلم: "وَمَا أُعْطِيَ أَحَدٌ عَطَاءً خَيْرًا وَأَوْسَعَ مِنْ الصبْرِ".

جاء رجل من باهلة إلى النبي صلى الله عليه وسلم قد هَزُل جسده، وتغيَّر لونه، من ديمومته على الصيام فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: "من أمرك أن تعذِّب نفسك؟ صمْ شهر الصبر رمضان، وثلاثة أيام من كل شهر"؛ رواه أحمد وأبو داود.

وجاء في حديث آخر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من سرَّه أن يُذهب كثيرًا من وَحَرِ صدره، فليصم شهر الصبر وثلاثة أيام من كل شهر"، قال الأصمعي والكسائي: وَحَرُ الصدر: غشه، وبلابله،

والصابرون لهم ثلاث بشارات: ﴿ أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ ﴾ [البقرة: 157].

الارتباط بين الصوم والصبر وثيق، والصوم سبيل إلى اكتساب خلق الصبر، ذلك الخلق العظيم الذي أمر الله به منارة، وأكثر من ذكره، وأثنى على أهله، ووعدهم بالأجر الجزيل عنده، قال تعالى: ﴿ وَاصْبِرْ وَمَا صَبْرُكَ إِلَّا بِاللَّهِ ﴾ [النحل: 127]، وقال تعالى: ﴿ وَلَمَنْ صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ ﴾ [الشورى: 43].

ومن ثم فإن الصائم المحتسب لا يثور لأتفه الأسباب كحال من لم يتسلحوا بالصبر، ممن يظنون أن الصوم عقوبة وحرمان، فيخرجون عن طورهم، وتثور نفوسهم، وتضطرب أعصابهم، أما الصائم المحتسب، فيكون هادئ النفس، ساكن الجوارح، رضي القلب، طاهر الضمير، يطرد روح الملل، ولا يعي الكلل، ولا يفتر من وجل؛ لأن صيامه لله وصبره بالله، وجزاؤه على الله، والأمة الصائمة المحتسبة تتعلم الانضباط، في الصبر على النظام، الإمساك في وقت واحد والإفطار في نفس اللحظة واستقامة الصفوف في الصلوات المفروضة والمسنونة والمندوبة، والصبر على التحرير من أسر العادات، تحرير النفس من الأوهام والضلال، وتحرير القلب من الغش والخداع، وتحرير العقل من المكر السيئ والخيانة المقيتة، وتحرير اليد من البطش والظلم، وتحرير البطن من أكل الحرام، وتحرير العين من النظرة الحرام، وتحرير اللسان من الكذب والغيبة والنميمة، وأكل لحوم الناس بالباطل، والصبر هنا صبر الاستعلاء والسلام لا صبر التخاذل والاستسلام، صبر العمل لا صبر الملل، صبر النهوض لا صبر القعود، صبر الإقبال لا صبر الأدبار، صبر النشاط والأمل لا صبر القنوط والكسل!

بهذا الصبر يدخل الصائم جنته من باب الريان، ويشفع فيه الصوم والقران، ويجزيه الله تعالى ثوابًا خاصًّا لا يعطيه إلا للصائم، وفوق كل ذلك الملائكة يدخلون عليهم من كل باب سلام عليكم بما صبرتم فنعم عقبى الدار.

اللهم اجعلنا لك ذاكرين شاكرين منيبين مخبتين، صوَّامين قوَّامين صابرين محتسبين يا رب العالمين.



مجنون قصايد 03-19-2024 11:47 AM

بيض الله وجهك
طرح واختيار روعه للموضوع
لاحرمك الله رضاه

لك كل
تقديري واحترامي


مجنون قصآيد

شموخ 03-19-2024 02:51 PM

سلمت اناملك لروعة ذوقك
يسعدك ربي ويحقق أمانيك

جنــــون 03-19-2024 08:43 PM

لَآعِدَمَنِآ هـَ الَعَطَآءْ وَلَآَ هَـ الَمْجَهُودَ الَرَائَعْ
كُْلَ مَآتَجَلَبَهْ أًنَآَمِلكْ بًأًذخْ بَاَلَجَّمَآلْ مُتًرّفْ بَ تمًّيِزْ
وُدِيِّ

https://upload.3dlat.com/uploads/3dl...b66adb0a14.gif

مديونه 03-19-2024 09:01 PM

لجهودك باقات من الشكر والتقدير

على روعة الطرح


https://a3zz.net/upload/uploads/imag...7891e79eef.gif

نجم الجدي 03-20-2024 10:05 PM

الله يعطيك العافيه على الطرح
اللي كله ابداااااااع

حضوري شكر وتقدير لك
ولاهتمامك في مواضيعك

اخوك
نجم الجدي

ضامية الشوق 03-20-2024 10:46 PM

جزاك الله خيرا

المهرة 03-22-2024 06:04 AM


https://lh3.google.com/_u5WZF7C0q3E/...TXU5BSE/gw.gif




بااارك الله فيك وفي جلبك
وطرحك الطيب
وجزااك الله عناا كل خير واثابك الجنة
عرضهاا السموات والارض اشكرك
وسلمت الايااادي ويعطيك ربي الف عافية
تحيتي وتقديري وبانتظااار جديدك دمتي
وكوني بخير



https://lh3.google.com/_u5WZF7C0q3E/...TXU5BSE/gw.gif



























































نظرة الحب 03-22-2024 10:28 PM

روعه
يعطيك العافيه
.
.
مودتي


الساعة الآن 06:34 AM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
HêĽм √ 3.1 BY: ! ωαнαм ! © 2010
new notificatio by 9adq_ala7sas
جميع حقوق النشر لشعارنا و كتابنا ومسميات الموقع خاصة و محفوظة لدى منتديات قصايد ليل الأدبية