منتديات قصايد ليل

منتديات قصايد ليل (http://www.gsaidlil.com/vb/index.php)
-   الإعجاز العلمي في القرآن الكريم والسنة النبوية (http://www.gsaidlil.com/vb/forumdisplay.php?f=91)
-   -   تفسير القرآن الكريم كاملآ::تحديث يومي:: (http://www.gsaidlil.com/vb/showthread.php?t=45744)

المشعـل 10-06-2011 09:56 PM

تفسير القرآن الكريم كاملآ::تحديث يومي::
 
:bismalh:

تفسير - الجلالين


http://quran.al-islam.com/QuranImage...=610&PageNum=1




{1} بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

"سُورَة الْفَاتِحَة" مَكِّيَّة سَبْع آيَات بِالْبَسْمَلَةِ إنْ كَانَتْ مِنْهَا وَالسَّابِعَة صِرَاط الَّذِينَ إلَى آخِرهَا وَإِنْ لَمْ تَكُنْ مِنْهَا فَالسَّابِعَة غَيْر الْمَغْضُوب إلَى آخِرهَا وَيُقَدَّر فِي أَوَّلهَا قُولُوا لِيَكُونَ مَا قَبْل إيَّاكَ نَعْبُد مُنَاسِبًا لَهُ بِكَوْنِهَا مِنْ مَقُول الْعِبَاد

{2} الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ

"الْحَمْد لِلَّهِ" جُمْلَة خَبَرِيَّة قُصِدَ بِهَا الثَّنَاء عَلَى اللَّه بِمَضْمُونِهَا عَلَى أَنَّهُ تَعَالَى مَالِك لِجَمِيعِ الْحَمْد مِنْ الْخَلْق أَوْ مُسْتَحِقّ لِأَنْ يَحْمَدُوهُ وَاَللَّه عَلَم عَلَى الْمَعْبُود بِحَقٍّ .
"رَبّ الْعَالَمِينَ" أَيْ مَالِك جَمِيع الْخَلْق مِنْ الْإِنْس وَالْجِنّ وَالْمَلَائِكَة وَالدَّوَابّ وَغَيْرهمْ وَكُلّ مِنْهَا يُطْلَق عَلَيْهِ عَالَم يُقَال عَالَم الْإِنْس وَعَالَم الْجِنّ إلَى غَيْر ذَلِك وَغَلَبَ فِي جَمْعه بِالْيَاءِ وَالنُّون أُولِي الْعِلْم عَلَى غَيْرهمْ وَهُوَ مِنْ الْعَلَامَة لِأَنَّهُ عَلَامَة عَلَى مُوجِده .

{3} الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
"الرَّحْمَن الرَّحِيم" أَيْ ذِي الرَّحْمَة وَهِيَ إرَادَة الْخَيْر لِأَهْلِهِ .
{4} مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ
"مَالِك يَوْم الدِّين" أَيْ الْجَزَاء وَهُوَ يَوْم الْقِيَامَة وَخُصّ بِالذِّكْرِ لِأَنَّهُ لَا مُلْك ظَاهِرًا فِيهِ لِأَحَدٍ إلَّا لِلَّهِ تَعَالَى بِدَلِيلِ "لِمَنْ الْمُلْك الْيَوْم ؟ لِلَّهِ" وَمَنْ قَرَأَ مَالِك فَمَعْنَاهُ مَالِك الْأَمْر كُلّه فِي يَوْم الْقِيَامَة أَوْ هُوَ مَوْصُوف بِذَلِك دَائِمًا "كَغَافِرِ الذَّنْب" فَصَحَّ وُقُوعه صِفَة لِمَعْرِفَةِ .
{5} إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ
"إيَّاكَ نَعْبُد وَإِيَّاكَ نَسْتَعِين" أَيْ نَخُصّك بِالْعِبَادَةِ مِنْ تَوْحِيد وَغَيْره وَنَطْلُب الْمَعُونَة عَلَى الْعِبَاد وَغَيْرهَا .
{6} اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ
"اهْدِنَا الصِّرَاط الْمُسْتَقِيم" أَيْ أَرْشِدْنَا إلَيْهِ وَيُبْدَل مِنْهُ
{7} صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ
"صِرَاط الَّذِينَ أَنْعَمْت عَلَيْهِمْ" بِالْهِدَايَةِ وَيُبْدَل مِنْ الَّذِينَ لِصِلَتِهِ بِهِ . "غَيْر الْمَغْضُوب عَلَيْهِمْ" وَهُمْ الْيَهُود "وَلَا" وَغَيْر "الضَّالِّينَ" وَهُمْ النَّصَارَى وَنُكْتَة الْبَدَل إفَادَة أَنَّ الْمُهْتَدِينَ لَيْسُوا يَهُودَ وَلَا نَصَارَى
وَاَللَّه أَعْلَم بِالصَّوَابِ وَإِلَيْهِ الْمَرْجِع وَالْمَآب وَصَلَّى اللَّه عَلَى سَيِّدنَا مُحَمَّد وَعَلَى آله وَصَحْبه وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا كَثِيرًا

ملاحظة:تم تفسير السورة كامل حيث انها فاتحة الكتاب
مع مراعات التذليل
بارك الله في الجميع ونفعكم بمافي الكتاب الكريم




بعدها
سورة البقرة أيه أيه
وفق الله الجميع

عـــودالليل 10-06-2011 10:32 PM

:bismalh:

"سُورَة الْبَقَرَة" مَدَنِيَّة مِائَتَانِ وَسِتّ أَوْ سَبْع وَثَمَانُونَ آيَة


المhttp://www.omaniyat.com/quran/images/numbers/1.gif


"الم" اللَّه أَعْلَم بِمُرَادِهِ بِذَلِكَ .


ذَلِكَ الْكِتَابُ لاَ رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِّلْمُتَّقِينَhttp://www.omaniyat.com/quran/images/numbers/2.gif

"ذَلِك" أَيْ هَذَا "الْكِتَاب" الَّذِي يَقْرَؤُهُ مُحَمَّد . "لَا رَيْب" لَا شَكَّ "فِيهِ" أَنَّهُ مِنْ عِنْد اللَّه وَجُمْلَة النَّفْي خَبَر مُبْتَدَؤُهُ ذَلِك وَالْإِشَارَة بِهِ لِلتَّعْظِيمِ "هُدًى" خَبَر ثَانٍ أَيْ هَادٍ "لِلْمُتَّقِينَ" الصَّائِرِينَ إلَى التَّقْوَى بِامْتِثَالِ الْأَوَامِر وَاجْتِنَاب النَّوَاهِي لِاتِّقَائِهِمْ بِذَلِكَ النَّار


الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَhttp://www.omaniyat.com/quran/images/numbers/3.gif

"الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ" يُصَدِّقُونَ "بِالْغَيْبِ" بِمَا غَابَ عَنْهُمْ مِنْ الْبَعْث وَالْجَنَّة وَالنَّار "وَيُقِيمُونَ الصَّلَاة" أَيْ يَأْتُونَ بِهَا بِحُقُوقِهَا "وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ" أَعْطَيْنَاهُمْ "يُنْفِقُونَ" فِي طَاعَة اللَّه


وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنزِلَ مِن قَبْلِكَ وَبِالآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَhttp://www.omaniyat.com/quran/images/numbers/4.gif

"وَاَلَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنْزِلَ إلَيْك" أَيْ الْقُرْآن "وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلك" أَيْ التَّوْرَاة وَالْإِنْجِيل وَغَيْرهمَا "وَبِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ" يَعْلَمُونَ


أُوْلَئِكَ عَلَى هُدًى مِّن رَّبِّهِمْ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَhttp://www.omaniyat.com/quran/images/numbers/5.gif

"أُولَئِكَ" الْمَوْصُوفُونَ بِمَا ذُكِرَ "عَلَى هُدًى مِنْ رَبّهمْ وَأُولَئِكَ هُمْ الْمُفْلِحُونَ" الْفَائِزُونَ بِالْجَنَّةِ النَّاجُونَ مِنْ النَّار

بسمة ملاك 10-06-2011 10:50 PM

البقرة



إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ ءأَنذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنذِرْهُمْ لا يُؤْمِنُونَ (6)

إن الذين جحدوا ما أُنزل إليك من ربك استكبارًا وطغيانًا, لن يقع منهم الإيمان, سواء أخوَّفتهم وحذرتهم من عذاب الله, أم تركت ذلك؛ لإصرارهم على باطلهم.

خَتَمَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَعَلَى سَمْعِهِمْ وَعَلَى أَبْصَارِهِمْ غِشَاوَةٌ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ (7)


طبع الله على قلوب هؤلاء وعلى سمعهم, وجعل على أبصارهم غطاء; بسبب كفرهم وعنادهم مِن بعد ما تبيَّن لهم الحق, فلم يوفقهم للهدى, ولهم عذاب شديد في نار جهنم.

وَمِنْ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالْيَوْمِ الآخِرِ وَمَا هُمْ بِمُؤْمِنِينَ (8)

ومن الناس فريق يتردد متحيِّرًا بين المؤمنين والكافرين, وهم المنافقون الذين يقولون بألسنتهم: صدَّقْنَا بالله وباليوم الآخر, وهم في باطنهم كاذبون لم يؤمنوا.

يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَمَا يَخْدَعُونَ إِلاَّ أَنفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ (9)

يعتقدون بجهلهم أنهم يخادعون الله والذين آمنوا بإظهارهم الإيمان وإضمارهم الكفر, وما يخدعون إلا أنفسهم; لأن عاقبة خداعهم تعود عليهم. ومِن فرط جهلهم لا يُحِسُّون بذلك; لفساد قلوبهم.

فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَهُمْ اللَّهُ مَرَضاً وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ (10)

في قلوبهم شكٌّ وفساد فابْتُلوا بالمعاصي الموجبة لعقوبتهم, فزادهم الله شكًا, ولهم عقوبة موجعة بسبب كذبهم ونفاقهم.


جنــــون 10-07-2011 07:01 AM

ايه 11
وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ قَالُوا إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ

"وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ" أَيْ لِهَؤُلَاءِ "لَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْض" بِالْكُفْرِ وَالتَّعْوِيق عَنْ الْإِيمَان "قَالُوا إنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ" وَلَيْسَ مَا نَحْنُ فِيهِ بِفَسَادٍ قَالَ اللَّه تَعَالَى رَدًّا عَلَيْهِمْ :

ايه 12
أَلَا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَلَكِنْ لَا يَشْعُرُونَ

يَقُول أَلَا إِنَّ هَذَا الَّذِي يَعْتَمِدُونَهُ وَيَزْعُمُونَ أَنَّهُ إِصْلَاح هُوَ عَيْن الْفَسَاد وَلَكِنْ مِنْ جَهْلهمْ لَا يَشْعُرُونَ بِكَوْنِهِ فَسَادًا .


ايه 13
وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ آمِنُوا كَمَا آمَنَ النَّاسُ قَالُوا أَنُؤْمِنُ كَمَا آمَنَ السُّفَهَاءُ أَلَا إِنَّهُمْ هُمُ السُّفَهَاءُ وَلَكِنْ لَا يَعْلَمُونَ

"وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ آمِنُوا كَمَا آمَنَ النَّاس" أَصْحَاب النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "قَالُوا أَنُؤْمِنُ كَمَا آمَنَ السُّفَهَاء" الْجُهَّال أَيْ لَا نَفْعَل كَفِعْلِهِمْ قَالَ تَعَالَى رَدًّا عَلَيْهِمْ : "أَلَا إنَّهُمْ هُمْ السُّفَهَاء وَلَكِنْ لَا يَعْلَمُونَ" ذَلِك


ايه 14
وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قَالُوا آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا إِلَى شَيَاطِينِهِمْ قَالُوا إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ

"وَإِذَا لَقُوا" أَصْله لَقْيُوا حُذِفَتْ الضَّمَّة لِلِاسْتِثْقَالِ ثُمَّ الْيَاء لِالْتِقَائِهَا سَاكِنَة مَعَ الْوَاو "الَّذِينَ آمَنُوا قَالُوا آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا" مِنْهُمْ وَرَجَعُوا "إلَى شَيَاطِينهمْ" رُؤَسَائِهِمْ "قَالُوا إنَّا مَعَكُمْ" فِي الدِّين "إنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ" بِهِمْ بِإِظْهَارِ الْإِيمَان

جنــــون 10-07-2011 07:01 AM

15

اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ وَيَمُدُّهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ

"اللَّه يَسْتَهْزِئ بِهِمْ" يُجَازِيهِمْ بِاسْتِهْزَائِهِمْ "وَيَمُدّهُمْ" يُمْهِلهُمْ "فِي طُغْيَانهمْ" بِتَجَاوُزِهِمْ الْحَدّ فِي الْكُفْر "يَعْمَهُونَ" يَتَرَدَّدُونَ تَحَيُّرًا حَال



16
أُولَئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الضَّلَالَةَ بِالْهُدَى فَمَا رَبِحَتْ تِجَارَتُهُمْ وَمَا كَانُوا مُهْتَدِينَ

"أُولَئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوْا الضَّلَالَة بِالْهُدَى" أَيْ اسْتَبْدَلُوهَا بِهِ "فَمَا رَبِحَتْ تِجَارَتهمْ" أَيْ مَا رَبِحُوا فِيهَا بَلْ خَسِرُوا لِمَصِيرِهِمْ إلَى النَّار الْمُؤَبَّدَة عَلَيْهِمْ "وَمَا كَانُوا مُهْتَدِينَ" فِيمَا فَعَلُوا


17
مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ نَارًا فَلَمَّا أَضَاءَتْ مَا حَوْلَهُ ذَهَبَ اللَّهُ بِنُورِهِمْ وَتَرَكَهُمْ فِي ظُلُمَاتٍ لَا يُبْصِرُونَ

"مَثَلهمْ" صِفَتهمْ فِي نِفَاقهمْ "كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ" أَوْقَدَ "نَارًا" فِي ظُلْمَة "فَلَمَّا أَضَاءَتْ" أَنَارَتْ "مَا حَوْله" فَأَبْصَرَ وَاسْتَدْفَأَ وَأَمِنَ مِمَّنْ يَخَافهُ "ذَهَبَ اللَّه بِنُورِهِمْ" أَطْفَأَهُ وَجُمِعَ الضَّمِير مُرَاعَاة لِمَعْنَى الَّذِي "وَتَرَكَهُمْ فِي ظُلُمَات لَا يُبْصِرُونَ" مَا حَوْلهمْ مُتَحَيِّرِينَ عَنْ الطَّرِيق خَائِفِينَ فَكَذَلِكَ هَؤُلَاءِ أَمِنُوا بِإِظْهَارِ كَلِمَة الْإِيمَان فَإِذَا مَاتُوا جَاءَهُمْ الْخَوْف وَالْعَذَاب


18
صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لَا يَرْجِعُونَ

هُمْ "صُمّ" عَنْ الْحَقّ فَلَا يَسْمَعُونَهُ سَمَاع قَبُول "بُكْم" خُرْس عَنْ الْخَيْر فَلَا يَقُولُونَهُ "عُمْي" عَنْ طَرِيق الْهُدَى فَلَا يَرَوْنَهُ "فَهُمْ لَا يَرْجِعُونَ" عَنْ الضَّلَالَة


19
أَوْ كَصَيِّبٍ مِنَ السَّمَاءِ فِيهِ ظُلُمَاتٌ وَرَعْدٌ وَبَرْقٌ يَجْعَلُونَ أَصَابِعَهُمْ فِي آذَانِهِمْ مِنَ الصَّوَاعِقِ حَذَرَ الْمَوْتِ وَاللَّهُ مُحِيطٌ بِالْكَافِرِينَ

"أَوْ" مَثَلهمْ "كَصَيِّبٍ" أَيْ كَأَصْحَابِ مَطَر وَأَصْله صَيْوِب مِنْ صَابَ يَصُوب أَيْ يَنْزِل "مِنْ السَّمَاء" السَّحَاب "فِيهِ" أَيْ السَّحَاب "ظُلُمَات" مُتَكَاثِفَة "وَرَعْد" هُوَ الْمَلَك الْمُوَكَّل بِهِ وَقِيلَ صَوْته "وَبَرْق" لَمَعَان صَوْته الَّذِي يَزْجُرهُ بِهِ "يَجْعَلُونَ" أَيْ أَصْحَاب الصَّيِّب "أَصَابِعهمْ" أَيْ أَنَامِلهَا "فِي آذَانهمْ مِنْ" أَجْل "الصَّوَاعِق" شِدَّة صَوْت الرَّعْد لِئَلَّا يَسْمَعُوهَا "حَذَر" خَوْف "الْمَوْت" مِنْ سَمَاعهَا . كَذَلِكَ هَؤُلَاءِ : إذَا نَزَلَ الْقُرْآن وَفِيهِ ذِكْر الْكُفْر الْمُشَبَّه بِالظُّلُمَاتِ وَالْوَعِيد عَلَيْهِ الْمُشَبَّه بِالرَّعْدِ وَالْحُجَج الْبَيِّنَة الْمُشَبَّهَة بِالْبَرْقِ يَسُدُّونَ آذَانهمْ لِئَلَّا يَسْمَعُوهُ فَيَمِيلُوا إلَى الْإِيمَان وَتَرْك دِينهمْ وَهُوَ عِنْدهمْ مَوْت "وَاَللَّه مُحِيط بِالْكَافِرِينَ" عِلْمًا وَقُدْرَة فَلَا يَفُوتُونَهُ


20
يَكَادُ الْبَرْقُ يَخْطَفُ أَبْصَارَهُمْ كُلَّمَا أَضَاءَ لَهُمْ مَشَوْا فِيهِ وَإِذَا أَظْلَمَ عَلَيْهِمْ قَامُوا وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَذَهَبَ بِسَمْعِهِمْ وَأَبْصَارِهِمْ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ

يَكَاد" يَقْرَب "الْبَرْق يَخْطَف أَبْصَارهمْ" يَأْخُذهَا بِسُرْعَةٍ "كُلَّمَا أَضَاءَ لَهُمْ مَشَوْا فِيهِ" أَيْ فِي ضَوْئِهِ "وَإِذَا أَظْلَم عَلَيْهِمْ قَامُوا" وَقَفُوا تَمْثِيل لِإِزْعَاجِ مَا فِي الْقُرْآن مِنْ الْحُجَج قُلُوبهمْ وَتَصْدِيقهمْ لِمَا سَمِعُوا فِيهِ مِمَّا يُحِبُّونَ وَوُقُوفهمْ عَمَّا يَكْرَهُونَ . "وَلَوْ شَاءَ اللَّه لَذَهَبَ بِسَمْعِهِمْ" بِمَعْنَى أَسْمَاعهمْ "وَأَبْصَارهمْ" الظَّاهِرَة كَمَا ذَهَبَ بِالْبَاطِنَةِ "إنَّ اللَّه عَلَى كُلّ شَيْء" شَاءَهُ "قَدِير" وَمِنْهُ إذْهَاب مَا ذُكِرَ


21

يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ

شَرَعَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى فِي بَيَان وَحْدَانِيَّة أُلُوهِيَّته بِأَنَّهُ تَعَالَى هُوَ الْمُنْعِم عَلَى عَبِيده بِإِخْرَاجِهِمْ مِنْ الْعَدَم إِلَى الْوُجُود وَإِسْبَاغه عَلَيْهِمْ النِّعَم الظَّاهِرَة وَالْبَاطِنَة .

جنــــون 10-07-2011 02:33 PM

الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الأَرْضَ فِرَاشاً وَالسَّمَاء بِنَاء وَأَنزَلَ مِنَ السَّمَاء مَاء فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقًا لَّكُمْ فَلاَ تَجْعَلُواْ لِلَّهِ أَندَادًا وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَhttp://www.omaniyat.com/quran/images/numbers/22.gif
"الَّذِي جَعَلَ" خَلَقَ "لَكُمْ الْأَرْض فِرَاشًا" حَال بِسَاطًا يُفْتَرَش لَا غَايَة فِي الصَّلَابَة أَوْ اللُّيُونَة فَلَا يُمْكِن الِاسْتِقْرَار عَلَيْهَا "وَالسَّمَاء بِنَاء" سَقْفًا "وَأَنْزَلَ مِنْ السَّمَاء مَاء فَأَخْرَجَ بِهِ مِنْ" أَنْوَاع "الثَّمَرَات رِزْقًا لَكُمْ" "فَلَا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَادًا" شُرَكَاء فِي الْعِبَادَة "وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ" أَنَّهُ الْخَالِق وَلَا تَخْلُقُونَ وَلَا يَكُون إلَهًا إلَّا مَنْ يَخْلُق .
وَإِن كُنتُمْ فِي رَيْبٍ مِّمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُواْ بِسُورَةٍ مِّن مِّثْلِهِ وَادْعُواْ شُهَدَاءَكُم مِّن دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنتُمْ صَادِقِينَhttp://www.omaniyat.com/quran/images/numbers/23.gif
"وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْب" شَكّ "مِمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدنَا" مُحَمَّد مِنْ الْقُرْآن أَنَّهُ مِنْ عِنْد اللَّه "فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْله" أَيْ الْمُنَزَّل وَمِنْ لِلْبَيَانِ أَيْ هِيَ مِثْله فِي الْبَلَاغَة وَحُسْن النَّظْم وَالْإِخْبَار عَنْ الْغَيْب . وَالسُّورَة قِطْعَة لَهَا أَوَّل وَآخِر أَقَلّهَا ثَلَاث آيَات "وَادْعُوا شُهَدَاءَكُمْ" آلِهَتكُمْ الَّتِي تَعْبُدُونَهَا "مِنْ دُون اللَّه" أَيْ غَيْره لِتُعِينَكُمْ "إنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ" فِي أَنَّ مُحَمَّدًا قَالَهُ مِنْ عِنْد نَفْسه فَافْعَلُوا ذَلِك فَإِنَّكُمْ عَرَبِيُّونَ فُصَحَاء مِثْله وَلَمَّا عَجَزُوا عَنْ ذَلِك قَالَ تَعَالَى :
فَإِن لَّمْ تَفْعَلُواْ وَلَن تَفْعَلُواْ فَاتَّقُواْ النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَhttp://www.omaniyat.com/quran/images/numbers/24.gif
"فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا" مَا ذُكِرَ لِعَجْزِكُمْ "وَلَنْ تَفْعَلُوا" ذَلِك أَبَدًا لِظُهُورِ إعْجَازه - اعْتِرَاض - "فَاتَّقُوا" بِالْإِيمَانِ بِاَللَّهِ وَأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ كَلَام الْبَشَر "النَّار الَّتِي وَقُودهَا النَّاس" الْكُفَّار "وَالْحِجَارَة" كَأَصْنَامِهِمْ مِنْهَا يَعْنِي أَنَّهَا مُفْرِطَة الْحَرَارَة تَتَقَيَّد بِمَا ذُكِرَ لَا كَنَارِ الدُّنْيَا تَتَّقِد بِالْحَطَبِ وَنَحْوه "أُعِدَّتْ" هُيِّئَتْ "لِلْكَافِرِينَ" يُعَذَّبُونَ بِهَا جُمْلَة مُسْتَأْنَفَة أَوْ حَال لَازِمَة
وَبَشِّرِ الَّذِين آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ كُلَّمَا رُزِقُواْ مِنْهَا مِن ثَمَرَةٍ رِّزْقًا قَالُواْ هَذَا الَّذِي رُزِقْنَا مِن قَبْلُ وَأُتُواْ بِهِ مُتَشَابِهًا وَلَهُمْ فِيهَا أَزْوَاجٌ مُّطَهَّرَةٌ وَهُمْ فِيهَا خَالِدُونَhttp://www.omaniyat.com/quran/images/numbers/25.gif
"وَبَشِّرْ" أَخْبِرْ "الَّذِينَ آمَنُوا" صَدَّقُوا بِاَللَّهِ "وَعَمِلُوا الصَّالِحَات" مِنْ الْفُرُوض وَالنَّوَافِل "أَنَّ" أَيْ بِأَنَّ "لَهُمْ جَنَّات" حَدَائِق ذَات أَشْجَار وَمَسَاكِن "تَجْرِي مِنْ تَحْتهَا" أَيْ تَحْت أَشْجَارهَا وَقُصُورهَا "الْأَنْهَار" أَيْ الْمِيَاه فِيهَا وَالنَّهْر الْمَوْضِع الَّذِي يَجْرِي فِيهِ الْمَاء لِأَنَّ الْمَاء يَنْهَرهُ أَيْ يَحْفِرهُ وَإِسْنَاد الْجَرْي إلَيْهِ مَجَاز "كُلَّمَا رُزِقُوا مِنْهَا" أُطْعِمُوا مِنْ تِلْكَ الْجَنَّات . "مِنْ ثَمَرَة رِزْقًا قَالُوا هَذَا الَّذِي" أَيْ مِثْل مَا "رُزِقْنَا مِنْ قَبْل" أَيْ قَبْله فِي الْجَنَّة لِتَشَابُهِ ثِمَارهَا بِقَرِينَةِ "وَأُتُوا بِهِ" أَيْ جِيئُوا بِالرِّزْقِ "مُتَشَابِهًا" يُشْبِه بَعْضه بَعْضًا لَوْنًا وَيَخْتَلِف طَعْمًا "وَلَهُمْ فِيهَا أَزْوَاج" مِنْ الْحُور وَغَيْرهَا "مُطَهَّرَة" مِنْ الْحَيْض وَكُلّ قَذَر "وَهُمْ فِيهَا خَالِدُونَ" مَاكِثُونَ أَبَدًا لَا يَفْنَوْنَ وَلَا يَخْرُجُونَ . وَنَزَلَ رَدًّا لِقَوْلِ الْيَهُود لَمَّا ضَرَبَ اللَّه الْمَثَل بِالذُّبَابِ فِي قَوْله : ( وَإِنْ يَسْلُبهُمْ الذُّبَاب شَيْئًا وَالْعَنْكَبُوت فِي قَوْله : ( كَمَثَلِ الْعَنْكَبُوت مَا أَرَادَ اللَّه بِذِكْرِ هَذِهِ الْأَشْيَاء ؟ الْخَسِيسَة فَأَنْزَلَ اللَّه
إِنَّ اللَّهَ لاَ يَسْتَحْيِي أَن يَضْرِبَ مَثَلاً مَّا بَعُوضَةً فَمَا فَوْقَهَا فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُواْ فَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِن رَّبِّهِمْ وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُواْ فَيَقُولُونَ مَاذَا أَرَادَ اللَّهُ بِهَذَا مَثَلاً يُضِلُّ بِهِ كَثِيرًا وَيَهْدِي بِهِ كَثِيرًا وَمَا يُضِلُّ بِهِ إِلاَّ الْفَاسِقِينَhttp://www.omaniyat.com/quran/images/numbers/26.gif
"إنَّ اللَّه لَا يَسْتَحْيِ أَنْ يَضْرِب" يَجْعَل "مَثَلًا" مَفْعُول أَوَّل "مَا" نَكِرَة مَوْصُوفَة بِمَا بَعْدهَا مَفْعُول ثَانٍ أَيّ مَثَل كَانَ أَوْ زَائِدَة لِتَأْكِيدِ الْخِسَّة فَمَا بَعْدهَا الْمَفْعُول الثَّانِي "بَعُوضَة" مُفْرَد الْبَعُوض وَهُوَ صِغَار الْبَقّ "فَمَا فَوْقهَا" أَيْ أَكْبَر مِنْهَا أَيْ لَا يَتْرُك بَيَانه لِمَا فِيهِ مِنْ الْحُكْم "فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ" أَيْ الْمَثَل "الْحَقّ" الثَّابِت الْوَاقِع مَوْقِعه "مِنْ رَبّهمْ وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا فَيَقُولُونَ مَاذَا أَرَادَ اللَّه بِهَذَا مَثَلًا" تَمْيِيز أَيْ بِهَذَا الْمَثَل وَمَا اسْتِفْهَام إنْكَار مُبْتَدَأ وَذَا بِمَعْنَى الَّذِي بِصِلَتِهِ خَبَره أَيْ : أَيّ فَائِدَة فِيهِ قَالَ تَعَالَى فِي جَوَابهمْ "يُضِلّ بِهِ" أَيْ بِهَذَا الْمَثَل "كَثِيرًا" عَنْ الْحَقّ لِكُفْرِهِمْ بِهِ "وَيَهْدِي بِهِ كَثِيرًا" مِنْ الْمُؤْمِنِينَ لِتَصْدِيقِهِمْ بِهِ "وَمَا يُضِلّ بِهِ إلَّا الْفَاسِقِينَ" الْخَارِجِينَ عَنْ طَاعَته
الَّذِينَ يَنقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِن بَعْدِ مِيثَاقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَن يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الأَرْضِ أُوْلَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَhttp://www.omaniyat.com/quran/images/numbers/27.gif
"الَّذِينَ" نَعْتَ "يَنْقُضُونَ عَهْد اللَّه" مَا عَهِدَهُ إلَيْهِمْ فِي الْكُتُب مِنْ الْإِيمَان بِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "مِنْ بَعْد مِيثَاقه" تَوْكِيده عَلَيْهِمْ "وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللَّه بِهِ أَنْ يُوصَل" مِنْ الْإِيمَان بِالنَّبِيِّ وَالرَّحِم وَغَيْر ذَلِكَ وَأَنْ بَدَل مِنْ ضَمِير بِهِ "وَيُفْسِدُونَ فِي الْأَرْض" بِالْمَعَاصِي وَالتَّعْوِيق عَنْ الْإِيمَان "أُولَئِكَ" الْمَوْصُوفُونَ بِمَا ذُكِرَ "هُمْ الْخَاسِرُونَ" لِمَصِيرِهِمْ إلَى النَّار الْمُؤَبَّدَة عَلَيْهِمْ
كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَكُنتُمْ أَمْوَاتًا فَأَحْيَاكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَhttp://www.omaniyat.com/quran/images/numbers/28.gif
"كَيْفَ تَكْفُرُونَ" يَا أَهْل مَكَّة "بِاَللَّهِ" وَقَدْ "كُنْتُمْ أَمْوَاتًا" نُطَفًا فِي الْأَصْلَاب "فَأَحْيَاكُمْ" فِي الْأَرْحَام وَالدُّنْيَا بِنَفْخِ الرُّوح فِيكُمْ وَالِاسْتِفْهَام لِلتَّعْجِيبِ مِنْ كُفْرهمْ مَعَ قِيَام الْبُرْهَان أَوْ لِلتَّوْبِيخِ "ثُمَّ يُمِيتكُمْ" عِنْد انْتِهَاء آجَالكُمْ "ثُمَّ يُحْيِيكُمْ" بِالْبَعْثِ "ثُمَّ إلَيْهِ تُرْجَعُونَ" تُرَدُّونَ بَعْد الْبَعْث فَيُجَازِيكُمْ بِأَعْمَالِكُمْ وَقَالَ دَلِيلًا عَلَى الْبَعْث لِمَا أَنْكَرُوهُ
هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُم مَّا فِي الأَرْضِ جَمِيعًا ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاء فَسَوَّاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌhttp://www.omaniyat.com/quran/images/numbers/29.gif
"هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْض" أَيْ الْأَرْض وَمَا فِيهَا "جَمِيعًا" لِتَنْتَفِعُوا بِهِ وَتَعْتَبِرُوا "ثُمَّ اسْتَوَى" بَعْد خَلْق الْأَرْض أَيْ قَصَدَ "إلَى السَّمَاء فَسَوَّاهُنَّ" الضَّمِير يَرْجِع إلَى السَّمَاء لِأَنَّهَا فِي مَعْنَى الْجُمْلَة الْآيِلَة إلَيْهِ : أَيْ صَيَّرَهَا كَمَا فِي آيَة أُخْرَى ( فَقَضَاهُنَّ "سَبْع سَمَاوَات وَهُوَ بِكُلِّ شَيْء عَلِيم" مُجْمَلًا وَمُفَصَّلًا أَفَلَا تَعْتَبِرُونَ أَنَّ الْقَادِر عَلَى خَلْق ذَلِك ابْتِدَاء وَهُوَ أَعْظَم مِنْكُمْ قَادِر عَلَى إعَادَتكُمْ
وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُواْ أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاء وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لاَ تَعْلَمُونَhttp://www.omaniyat.com/quran/images/numbers/30.gif
وَاذْكُرْ يَا مُحَمَّد إذْ " قَالَ رَبّك لِلْمَلَائِكَةِ إنِّي جَاعِل فِي الْأَرْض خَلِيفَة" يَخْلُفنِي فِي تَنْفِيذ أَحْكَامِي فِيهَا وَهُوَ آدَم "قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِد فِيهَا" بِالْمَعَاصِي "وَيَسْفِك الدِّمَاء" يُرِيقهَا بِالْقَتْلِ كَمَا فَعَلَ بَنُو الْجَانّ وَكَانُوا فِيهَا فَلَمَّا أَفْسَدُوا أَرْسَلَ اللَّه عَلَيْهِمْ الْمَلَائِكَة فَطَرَدُوهُمْ إلَى الْجَزَائِر وَالْجِبَال "وَنَحْنُ نُسَبِّح" مُتَلَبِّسِينَ "بِحَمْدِك" أَيْ نَقُول سُبْحَان اللَّه "وَنُقَدِّس لَك" نُنَزِّهك عَمَّا لَا يَلِيق بِك فَاللَّام زَائِدَة وَالْجُمْلَة حَال أَيْ فَنَحْنُ أَحَقّ بِالِاسْتِخْلَافِ قَالَ تَعَالَى "إنِّي أَعْلَم مَا لَا تَعْلَمُونَ" مِنْ الْمَصْلَحَة فِي اسْتِخْلَاف آدَم وَأَنَّ ذُرِّيَّته فِيهِمْ الْمُطِيع وَالْعَاصِي فَيَظْهَر الْعَدْل بَيْنهمْ فَقَالُوا لَنْ يَخْلُق رَبّنَا خَلْقًا أَكْرَم عَلَيْهِ مِنَّا وَلَا أَعْلَم لِسَبْقِنَا لَهُ وَرُؤْيَتنَا مَا لَمْ يَرَهُ فَخَلَقَ اللَّه تَعَالَى آدَم مِنْ أَدِيم الْأَرْض أَيْ وَجْههَا بِأَنْ قَبَضَ مِنْهَا قَبْضَة مِنْ جَمِيع أَلْوَانهَا وَعُجِنَتْ بِالْمِيَاهِ الْمُخْتَلِفَة وَسَوَّاهُ وَنَفَخَ فِيهِ الرُّوح فَصَارَ حَيَوَانًا حَسَّاسًا بَعْد أَنْ كَانَ جَمَادًا

عـــودالليل 10-07-2011 05:41 PM

وَعَلَّمَ آدَمَ الأَسْمَاء كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلائِكَةِ فَقَالَ أَنبِئُونِي بِأَسْمَاء هَؤُلاء إِن كُنتُمْ صَادِقِينَhttp://www.omaniyat.com/quran/images/numbers/31.gif

"وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْمَاءَ" أَيْ أَسَمَاء الْمُسَمَّيَات "كُلّهَا" بِأَنْ أَلْقَى فِي قَلْبه عِلْمهَا "ثُمَّ عَرَضَهُمْ" أَيْ الْمُسَمَّيَات وَفِيهِ تَغْلِيب الْعُقَلَاء "عَلَى الْمَلَائِكَة فَقَالَ " لَهُمْ تَبْكِيتًا "أَنْبِئُونِي" أَخْبِرُونِي "بِأَسْمَاءِ هَؤُلَاءِ" الْمُسَمَّيَات "إنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ" فِي أَنِّي لَا أَخْلُق أَعْلَم مِنْكُمْ أَوْ أَنَّكُمْ أَحَقّ بِالْخِلَافَةِ وَجَوَاب الشَّرْط دَلَّ عَلَيْهِ مَا قَبْله
قَالُواْ سُبْحَانَكَ لاَ عِلْمَ لَنَا إِلاَّ مَا عَلَّمْتَنَا إِنَّكَ أَنتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُhttp://www.omaniyat.com/quran/images/numbers/32.gif

"قَالُوا سُبْحَانك" تَنْزِيهًا لَك عَنْ الِاعْتِرَاض عَلَيْك "لَا عِلْم لَنَا إلَّا مَا عَلَّمْتنَا" إيَّاهُ "إنَّك أَنْت" تَأْكِيد لِلْكَافِ "الْعَلِيم الْحَكِيم" الَّذِي لَا يَخْرُج شَيْء عَنْ عِلْمه وَحِكْمَته
قَالَ يَا آدَمُ أَنبِئْهُم بِأَسْمَائِهِمْ فَلَمَّا أَنبَأَهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ قَالَ أَلَمْ أَقُل لَّكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ غَيْبَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَأَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا كُنتُمْ تَكْتُمُونَhttp://www.omaniyat.com/quran/images/numbers/33.gif
"
قَالَ " تَعَالَى "يَا آدَم أَنْبِئْهُمْ" أَيْ الْمَلَائِكَة "بِأَسْمَائِهِمْ" الْمُسَمَّيَات فَسَمَّى كُلّ شَيْء بِاسْمِهِ وَذَكَرَ حِكْمَته الَّتِي خُلِقَ لَهَا "فَلَمَّا أَنْبَأَهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ قَالَ " تَعَالَى لَهُمْ مُوَبِّخًا "أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ إنِّي أَعْلَم غَيْب السَّمَاوَات وَالْأَرْض" مَا غَابَ فِيهِمَا "وَأَعْلَم مَا تُبْدُونَ" مَا تُظْهِرُونَ مِنْ قَوْلكُمْ أَتَجْعَلُ فِيهَا إلَخْ "وَمَا كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ" تُسِرُّونَ مِنْ قَوْلكُمْ لَنْ يَخْلُق أَكْرَم عَلَيْهِ مِنَّا وَلَا أَعْلَم
وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُواْ لآدَمَ فَسَجَدُواْ إِلاَّ إِبْلِيسَ أَبَى وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَhttp://www.omaniyat.com/quran/images/numbers/34.gif

" وَ " اُذْكُرْ " إذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اُسْجُدُوا لِآدَم " سُجُود تَحِيَّة بِالِانْحِنَاءِ "فَسَجَدُوا إلَّا إبْلِيس" هُوَ أَبُو الْجِنّ كَانَ بَيْن الْمَلَائِكَة "أَبَى" امْتَنَعَ مِنْ السُّجُود "وَاسْتَكْبَرَ" تَكَبَّرَ عَنْهُ وَقَالَ : أَنَا خَيْر مِنْهُ "وَكَانَ مِنْ الْكَافِرِينَ" فِي عِلْم اللَّه
وَقُلْنَا يَا آدَمُ اسْكُنْ أَنتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ وَكُلاَ مِنْهَا رَغَدًا حَيْثُ شِئْتُمَا وَلاَ تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَhttp://www.omaniyat.com/quran/images/numbers/35.gif


"وَقُلْنَا يَا آدَم اُسْكُنْ أَنْت" تَأْكِيد لِلضَّمِيرِ الْمُسْتَتِر لِيَعْطِف عَلَيْهِ "وَزَوْجك" حَوَّاء بِالْمَدِّ وَكَانَ خَلَقَهَا مِنْ ضِلْعه الْأَيْسَر "الْجَنَّة وَكُلَا مِنْهَا" أَكْلًا "رَغَدًا" وَاسِعًا لَا حَجْر فِيهِ "حَيْثُ شِئْتُمَا وَلَا تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَة" بِالْأَكْلِ مِنْهَا وَهِيَ الْحِنْطَة أَوْ الْكَرْم أَوْ غَيْرهمَا "فَتَكُونَا" فَتَصِيرَا "مِنْ الظَّالِمِينَ" الْعَاصِينَ

عـــودالليل 10-07-2011 05:42 PM

{36} فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطَانُ عَنْهَا فَأَخْرَجَهُمَا مِمَّا كَانَا فِيهِ وَقُلْنَا اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَلَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ
"فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطَان" إبْلِيس أَذْهَبهُمَا وَفِي قِرَاءَة فَأَزَالهُمَا نَحَّاهُمَا "عَنْهَا" أَيْ الْجَنَّة بِأَنْ قَالَ لَهُمَا : هَلْ أَدُلّكُمَا عَلَى شَجَرَة الْخُلْد وَقَاسَمَهُمَا بِاَللَّهِ إنَّهُ لَهُمَا لَمِنْ النَّاصِحِينَ فَأَكَلَا مِنْهَا "فَأَخْرَجَهُمَا مِمَّا كَانَا فِيهِ" مِنْ النَّعِيم "وَقُلْنَا اهْبِطُوا" إلَى الْأَرْض أَيْ أَنْتُمَا بِمَا اشْتَمَلْتُمَا عَلَيْهِ مِنْ ذُرِّيَّتكُمَا "بَعْضكُمْ" بَعْض الذُّرِّيَّة "لِبَعْضٍ عَدُوّ" مِنْ ظُلْم بَعْضكُمْ بَعْضًا "وَلَكُمْ فِي الْأَرْض مُسْتَقَرّ" مَوْضِع قَرَار "وَمَتَاع" مَا تَتَمَتَّعُونَ بِهِ مِنْ نَبَاتهَا "إلَى حِين" وَقْت انْقِضَاء آجَالكُمْ
{37} فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ
"فَتَلَقَّى آدَم مِنْ رَبّه كَلِمَات" أَلْهَمَهُ إيَّاهَا وَفِي قِرَاءَة بِنَصْبِ آدَم وَرَفْع كَلِمَات أَيْ جَاءَهُ وَهِيَ رَبّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسنَا الْآيَة فَدَعَا بِهَا "فَتَابَ عَلَيْهِ" قَبِلَ تَوْبَته "إنَّهُ هُوَ التَّوَّاب" عَلَى عِبَاده "الرَّحِيم" بِهِمْ


المشعـل 10-08-2011 01:27 AM

{38} قُلْنَا اهْبِطُوا مِنْهَا جَمِيعًا فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى فَمَنْ تَبِعَ هُدَايَ فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ
"قُلْنَا اهْبِطُوا مِنْهَا" مِنْ الْجَنَّة "جَمِيعًا" كَرَّرَهُ لِيَعْطِف عَلَيْهِ "فَإِمَّا" فِيهِ إدْغَام نُون إنْ الشَّرْطِيَّة فِي مَا الزَّائِدَة "يَأْتِيَنكُمْ مِنِّي هُدًى" كِتَاب وَرَسُول "فَمَنْ تَبِعَ هُدَايَ" فَآمَنَ بِي وَعَمِلَ بِطَاعَتِي "فَلَا خَوْف عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ" فِي الْآخِرَة بِأَنْ يَدْخُلُوا الْجَنَّة
{39} وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ "
وَاَلَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا" كُتُبنَا "أُولَئِكَ أَصْحَاب النَّار هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ" مَاكِثُونَ أَبَدًا لَا يَفْنَوْنَ وَلَا يَخْرُجُونَ
{40} يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَوْفُوا بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ وَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ
"يَا بَنِي إسْرَائِيل" أَوْلَاد يَعْقُوب "اُذْكُرُوا نِعْمَتِي الَّتِي أَنْعَمْت عَلَيْكُمْ" أَيْ عَلَى آبَائِكُمْ مِنْ الْإِنْجَاء مِنْ فِرْعَوْن وَفَلْق الْبَحْر وَتَظْلِيل الْغَمَام وَغَيْر ذَلِكَ بِأَنْ تَشْكُرُوهَا بِطَاعَتِي "وَأَوْفُوا بِعَهْدِي" الَّذِي عَهِدْته إلَيْكُمْ مِنْ الْإِيمَان بِمُحَمَّدٍ "أُوفِ بِعَهْدِكُمْ" الَّذِي عَهِدْت إلَيْكُمْ مِنْ الثَّوَاب عَلَيْهِ بِدُخُولِ الْجَنَّة "وَإِيَّايَ فَارْهَبُونِي" خَافُونِ فِي تَرْك الْوَفَاء بِهِ دُون غَيْرِي
{41} وَآمِنُوا بِمَا أَنْزَلْتُ مُصَدِّقًا لِمَا مَعَكُمْ وَلَا تَكُونُوا أَوَّلَ كَافِرٍ بِهِ وَلَا تَشْتَرُوا بِآيَاتِي ثَمَنًا قَلِيلًا وَإِيَّايَ فَاتَّقُونِ
"وَآمِنُوا بِمَا أَنْزَلْت" مِنْ الْقُرْآن "مُصَدِّقًا لِمَا مَعَكُمْ" مِنْ التَّوْرَاة بِمُوَافَقَتِهِ لَهُ فِي التَّوْحِيد وَالنُّبُوَّة "وَلَا تَكُونُوا أَوَّل كَافِر بِهِ" مِنْ أَهْل الْكِتَاب لِأَنَّ خَلْفكُمْ تَبَع لَكُمْ فَإِثْمهمْ عَلَيْكُمْ "وَلَا تَشْتَرُوا" تَسْتَبْدِلُوا "بِآيَاتِي" الَّتِي فِي كِتَابكُمْ مِنْ نَعْت مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "ثَمَنًا قَلِيلًا" عَرَضًا يَسِيرًا مِنْ الدُّنْيَا أَيْ لَا تَكْتُمُوهَا خَوْف فَوَات مَا تَأْخُذُونَهُ مِنْ سَفَلَتكُمْ "وَإِيَّايَ فَاتَّقُونِ" خَافُونِ فِي ذَلِكَ دُون غَيْرِي
{42} وَلَا تَلْبِسُوا الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَتَكْتُمُوا الْحَقَّ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ
"وَلَا تَلْبِسُوا" تَخْلِطُوا "الْحَقّ" الَّذِي أَنْزَلْت عَلَيْكُمْ "بِالْبَاطِلِ" الَّذِي تَفْتَرُونَهُ "وَ" لَا "تَكْتُمُوا الْحَقّ" نَعْت مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ" أَنَّهُ الْحَقّ
{43} وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ
"وَأَقِيمُوا الصَّلَاة وَآتُوا الزَّكَاة وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ" صَلُّوا مَعَ الْمُصَلِّينَ مُحَمَّد وَأَصْحَابه وَنَزَلَ فِي عُلَمَائِهِمْ وَكَانُوا يَقُولُونَ لِأَقْرِبَائِهِمْ الْمُسْلِمِينَ اُثْبُتُوا عَلَى دِين مُحَمَّد فَإِنَّهُ حَقّ
{44} أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ وَأَنْتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ أَفَلَا تَعْقِلُونَ
"أَتَأْمُرُونَ النَّاس بِالْبِرِّ" بِالْإِيمَانِ . بِمُحَمَّدٍ "وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسكُمْ" تَتْرُكُونَهَا فَلَا تَأْمُرُونَهَا بِهِ "وَأَنْتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَاب" التَّوْرَاة وَفِيهَا الْوَعِيد عَلَى مُخَالَفَة الْقَوْل الْعَمَل "أَفَلَا تَعْقِلُونَ" سُوء فِعْلكُمْ فَتَرْجِعُونَ فَجُمْلَة النِّسْيَان مَحَلّ الِاسْتِفْهَام الْإِنْكَارِيّ
{45} وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ "
وَاسْتَعِينُوا" اُطْلُبُوا الْمَعُونَة عَلَى أُمُوركُمْ "بِالصَّبْرِ" الْحَبْس لِلنَّفْسِ عَلَى مَا تَكْرَه "وَالصَّلَاة" أَفْرَدَهَا بِالذِّكْرِ تَعْظِيمًا لِشَأْنِهَا وَفِي الْحَدِيث ( كَانَ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذَا حَزَبَهُ أَمْر بَادَرَ إلَى الصَّلَاة وَقِيلَ الْخِطَاب لِلْيَهُودِ لَمَّا عَاقَهُمْ عَنْ الْإِيمَان الشَّرَه وَحُبّ الرِّيَاسَة فَأُمِرُوا بِالصَّبْرِ وَهُوَ الصَّوْم لِأَنَّهُ يَكْسِر الشَّهْوَة وَالصَّلَاة لِأَنَّهَا تُورِث الْخُشُوع وَتَنْفِي الْكِبْر "وَإِنَّهَا" أَيْ الصَّلَاة "لَكَبِيرَة" ثَقِيلَة "إلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ" السَّاكِنِينَ إلَى الطَّاعَة
{46} الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلَاقُو رَبِّهِمْ وَأَنَّهُمْ إِلَيْهِ رَاجِعُونَ "
الَّذِينَ يَظُنُّونَ" يُوقِنُونَ "أَنَّهُمْ مُلَاقُو رَبّهمْ" بِالْبَعْثِ "وَأَنَّهُمْ إلَيْهِ رَاجِعُونَ" فِي الْآخِرَة فَيُجَازِيهِمْ
{47} يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَنِّي فَضَّلْتُكُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ "
يَا بَنِي إسْرَائِيل اُذْكُرُوا نِعْمَتِي الَّتِي أَنْعَمْت عَلَيْكُمْ" بِالشُّكْرِ عَلَيْهَا بِطَاعَتِي "وَأَنِّي فَضَّلْتُكُمْ" أَيْ آبَاءَكُمْ "عَلَى الْعَالَمِينَ" عَالِمِي زَمَانهمْ
{48} وَاتَّقُوا يَوْمًا لَا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئًا وَلَا يُقْبَلُ مِنْهَا شَفَاعَةٌ وَلَا يُؤْخَذُ مِنْهَا عَدْلٌ وَلَا هُمْ يُنْصَرُونَ "
وَاتَّقُوا" خَافُوا "يَوْمًا" وَهُوَ يَوْم الْقِيَامَة "لَا تَجْزِي نَفْس عَنْ نَفْس شَيْئًا" "لَا تَجْزِي" فِيهِ "نَفْس عَنْ نَفْس شَيْئًا" "وَلَا يُقْبَل" بِالتَّاءِ وَالْيَاء "مِنْهَا شَفَاعَة" أَيْ لَيْسَ لَهَا شَفَاعَة فَتُقْبَل "فَمَا لَنَا مِنْ شَافِعِينَ" "عَدْل" فِدَاء "وَلَا هُمْ يُنْصَرُونَ" يُمْنَعُونَ مِنْ عَذَاب اللَّه



{

جنــــون 10-08-2011 05:58 PM

{49} وَإِذْ نَجَّيْنَاكُمْ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذَابِ يُذَبِّحُونَ أَبْنَاءَكُمْ وَيَسْتَحْيُونَ نِسَاءَكُمْ وَفِي ذَلِكُمْ بَلَاءٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَظِيمٌ " وَ " اُذْكُرْوَا "إذْ نَجَّيْنَاكُمْ" أَيْ آبَاءَكُمْ وَالْخِطَاب بِهِ وَبِمَا بَعْده لِلْمَوْجُودِينَ فِي زَمَن نَبِيّنَا بِمَا أَنْعَمَ اللَّه عَلَى آبَائِهِمْ تَذْكِيرًا لَهُمْ بِنِعْمَةِ اللَّه تَعَالَى لِيُؤْمِنُوا "مِنْ آل فِرْعَوْن يَسُومُونَكُمْ" يُذِيقُونَكُمْ "سُوء الْعَذَاب" أَشَدّه وَالْجُمْلَة حَال مِنْ ضَمِير نَجَّيْنَاكُمْ "يُذَبِّحُونَ" بَيَان لِمَا قَبْله "أَبْنَاءَكُمْ" الْمَوْلُودِينَ "وَيَسْتَحْيُونَ نِسَاءَكُمْ" يَسْتَبْقُونَ "نِسَاءَكُمْ" لِقَوْلِ بَعْض الْكَهَنَة لَهُ إنَّ مَوْلُودًا يُولَد فِي بَنِي إسْرَائِيل يَكُون سَبَبًا لِذَهَابِ مُلْكك "وَفِي ذَلِكُمْ" الْعَذَاب أَوْ الْإِنْجَاء "بَلَاء" ابْتِلَاء أَوْ إنْعَام "مِنْ رَّبّكُمْ عَظَيِمٌ "
{50} وَإِذْ فَرَقْنَا بِكُمُ الْبَحْرَ فَأَنْجَيْنَاكُمْ وَأَغْرَقْنَا آلَ فِرْعَوْنَ وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ " وَ " اُذْكُرُوا "إذْ فَرَقْنَا" فَلَقْنَا "بِكُمْ" بِسَبَبِكُمْ "الْبَحْر" حَتَّى دَخَلْتُمُوهُ هَارِبِينَ مِنْ عَدُوّكُمْ "فَأَنْجَيْنَاكُمْ" مِنْ الْغَرَق "وَأَغْرَقْنَا آل فِرْعَوْن" قَوْمه مَعَهُ "وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ" إلَى انْطِبَاق الْبَحْر عَلَيْهِمْ
{51} وَإِذْ وَاعَدْنَا مُوسَى أَرْبَعِينَ لَيْلَةً ثُمَّ اتَّخَذْتُمُ الْعِجْلَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَنْتُمْ ظَالِمُونَ "وَإِذْ وَاعَدْنَا" بِأَلِفٍ وَدُونهَا "مُوسَى أَرْبَعِينَ لَيْلَة" نُعْطِيه عِنْد انْقِضَائِهَا التَّوْرَاة لِتَعْمَلُوا بِهَا "ثُمَّ اتَّخَذْتُمْ الْعِجْل" الَّذِي صَاغَهُ لَكُمْ السَّامِرِيّ إلَهًا "مِنْ بَعْده" أَيْ بَعْد ذَهَابه إلَى مِيعَادنَا "وَأَنْتُمْ ظَالِمُونَ" بِاِتِّخَاذِهِ ; لِوَضْعِكُمْ الْعِبَادَة فِي غَيْر مَحَلّهَا
{52} ثُمَّ عَفَوْنَا عَنْكُمْ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ "ثُمَّ عَفَوْنَا عَنْكُمْ" مَحَوْنَا ذُنُوبكُمْ "مِنْ بَعْد ذَلِكَ" الِاتِّخَاذ "لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ" نِعْمَتنَا عَلَيْكُمْ
{53} وَإِذْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ وَالْفُرْقَانَ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ "وَإِذْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَاب" التَّوْرَاة "وَالْفُرْقَان" عَطْف تَفْسِير أَيْ الْفَارِق بَيْن الْحَقّ وَالْبَاطِل وَالْحَلَال وَالْحَرَام "لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ" بِهِ مِنْ الضَّلَال
{54} وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ إِنَّكُمْ ظَلَمْتُمْ أَنْفُسَكُمْ بِاتِّخَاذِكُمُ الْعِجْلَ فَتُوبُوا إِلَى بَارِئِكُمْ فَاقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ عِنْدَ بَارِئِكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ "وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ" الَّذِينَ عَبَدُوا الْعِجْل "يَا قَوْم إنَّكُمْ ظَلَمْتُمْ أَنْفُسكُمْ بِاِتِّخَاذِكُمْ الْعِجْل" يَا قَوْم إنَّكُمْ ظَلَمْتُمْ أَنْفُسكُمْ بِاِتِّخَاذِكُمْ الْعِجْل إلَهًا . "فَتُوبُوا إلَى بَارِئُكُمْ" خَالِقكُمْ مِنْ عِبَادَته "فَاقْتُلُوا أَنْفُسكُمْ" أَيْ لِيَقْتُل الْبَرِيء مِنْكُمْ الْمُجْرِم "ذَلِكُمْ" الْقَتْل "خَيْر لَكُمْ عِنْد بَارِئِكُمْ" فَوَفَّقَكُمْ لِفِعْلِ ذَلِكَ وَأَرْسَلَ عَلَيْكُمْ سَحَابَة سَوْدَاء لِئَلَّا يُبْصِر بَعْضكُمْ بَعْضًا فَيَرْحَمهُ حَتَّى قَتَلَ مِنْكُمْ نَحْو سَبْعِينَ أَلْفًا "فَتَابَ عَلَيْكُمْ" قَبِلَ تَوْبَتكُمْ "إِنَّهُ هُوَ التَّوَابُ الرَّحِيمُ"
{55} وَإِذْ قُلْتُمْ يَا مُوسَى لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى نَرَى اللَّهَ جَهْرَةً فَأَخَذَتْكُمُ الصَّاعِقَةُ وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ "وَإِذْ قُلْتُمْ" وَقَدْ خَرَجْتُمْ مَعَ مُوسَى لِتَعْتَذِرُوا إلَى اللَّه مِنْ عِبَادَة الْعِجْل وَسَمِعْتُمْ كَلَامه "يَا مُوسَى لَنْ نُؤْمِن لَك حَتَّى نَرَى اللَّه جَهْرَة" عِيَانًا "فَأَخَذَتْكُمْ الصَّاعِقَة" الصَّيْحَة فَمُتُّمْ "وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ" مَا حَلَّ بِكُمْ
{56} ثُمَّ بَعَثْنَاكُمْ مِنْ بَعْدِ مَوْتِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ "ثُمَّ بَعَثْنَاكُمْ" أَحْيَيْنَاكُمْ "مِنْ بَعْد مَوْتكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ" لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ نِعْمَتنَا بِذَلِكَ .
{57} وَظَلَّلْنَا عَلَيْكُمُ الْغَمَامَ وَأَنْزَلْنَا عَلَيْكُمُ الْمَنَّ وَالسَّلْوَى كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَمَا ظَلَمُونَا وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ "وَظَلَّلْنَا عَلَيْكُمْ الْغَمَام" سَتَرْنَاكُمْ بِالسَّحَابِ الرَّقِيق مِنْ حَرّ الشَّمْس فِي التِّيه "وَأَنْزَلْنَا عَلَيْكُمْ" فِيهِ "الْمَنّ وَالسَّلْوَى" هُمَا الترنجبين وَالطَّيْر السُّمَانَى بِتَخْفِيفِ الْمِيم وَالْقَصْر وَقُلْنَا : "كُلُوا مِنْ طَيِّبَات مَا رَزَقْنَاكُمْ" وَلَا تَدَّخِرُوا فَكَفَرُوا النِّعْمَة وَادَّخَرُوا فَقَطَعَ عَنْهُمْ "وَمَا ظَلَمُونَا" بِذَلِكَ "وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسهمْ يَظْلِمُونَ" لِأَنَّ وَبَاله عَلَيْهِمْ

جنــــون 10-08-2011 05:58 PM

{58} وَإِذْ قُلْنَا ادْخُلُوا هَذِهِ الْقَرْيَةَ فَكُلُوا مِنْهَا حَيْثُ شِئْتُمْ رَغَدًا وَادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّدًا وَقُولُوا حِطَّةٌ نَغْفِرْ لَكُمْ خَطَايَاكُمْ وَسَنَزِيدُ الْمُحْسِنِينَ "وَإِذْ قُلْنَا" لَهُمْ بَعْد خُرُوجهمْ مِنْ التِّيه "اُدْخُلُوا هَذِهِ الْقَرْيَة" بَيْت الْمَقْدِس أَوْ أَرِيحَا "فَكُلُوا مِنْهَا حَيْثُ شِئْتُمْ رَغَدًا" وَاسِعًا لَا حَجْر فِيهِ "وَادْخُلُوا الْبَاب" أَيْ بَابهَا "سُجَّدًا" مُنْحَنِينَ "وَقُولُوا" مَسْأَلَتنَا "حِطَّة" أَيْ أَنْ تَحُطّ عَنَّا خَطَايَانَا "نَغْفِر" وَفِي قِرَاءَة بِالْيَاءِ وَالتَّاء مَبْنِيًّا لِلْمَفْعُولِ فِيهِمَا "لَكُمْ خَطَايَاكُمْ وَسَنَزِيدُ الْمُحْسِنِينَ" بِالطَّاعَةِ ثَوَابًا
{59} فَبَدَّلَ الَّذِينَ ظَلَمُوا قَوْلًا غَيْرَ الَّذِي قِيلَ لَهُمْ فَأَنْزَلْنَا عَلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا رِجْزًا مِنَ السَّمَاءِ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ "فَبَدَّلَ الَّذِينَ ظَلَمُوا" مِنْهُمْ "قَوْلًا غَيْر الَّذِي قِيلَ لَهُمْ" فَقَالُوا : حَبَّة فِي شَعْرَة وَدَخَلُوا يَزْحَفُونَ عَلَى أَسْتَاههمْ "فَأَنْزَلْنَا عَلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا" فِيهِ وَضْع الظَّاهِر مَوْضِع الْمُضْمَر مُبَالَغَة فِي تَقْبِيح شَأْنهمْ "رِجْزًا" عَذَابًا طَاعُونًا "مِنْ السَّمَاء بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ" بِسَبَبِ فِسْقهمْ أَيْ خُرُوجهمْ عَنْ الطَّاعَة فَهَلَكَ مِنْهُمْ فِي سَاعَة سَبْعُونَ أَلْفًا أَوْ أَقَلّ
{60} وَإِذِ اسْتَسْقَى مُوسَى لِقَوْمِهِ فَقُلْنَا اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْحَجَرَ فَانْفَجَرَتْ مِنْهُ اثْنَتَا عَشْرَةَ عَيْنًا قَدْ عَلِمَ كُلُّ أُنَاسٍ مَشْرَبَهُمْ كُلُوا وَاشْرَبُوا مِنْ رِزْقِ اللَّهِ وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ " وَ " اُذْكُرْ "إذْ اسْتَسْقَى مُوسَى" أَيْ طَلَبَ السُّقْيَا "لِقَوْمِهِ" وَقَدْ عَطِشُوا فِي التِّيه "فَقُلْنَا اضْرِبْ بِعَصَاك الْحَجَر" وَهُوَ الَّذِي فَرَّ بِثَوْبِهِ خَفِيف مُرَبَّع كَرَأْسِ الرَّجُل رُخَام أَوْ كَذَّان فَضَرَبَهُ "فَانْفَجَرَتْ" انْشَقَّتْ وَسَالَتْ "مِنْهُ اثْنَتَا عَشْرَة عَيْنًا" بِعَدَدِ الْأَسْبَاط "قَدْ عَلِمَ كُلّ أُنَاس" سَبْط مِنْهُمْ "مَشْرَبهمْ" مَوْضِع شُرْبهمْ فَلَا يَشْرَكهُمْ فِيهِ غَيْرهمْ وَقُلْنَا لَهُمْ "كُلُوا وَاشْرَبُوا مِنْ رِزْق اللَّه وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْض مُفْسِدِينَ" حَال مُؤَكِّدَة لِعَامِلِهَا مِنْ عَثِيَ بِكَسْرِ الْمُثَلَّثَة أَفْسَدَ
{61} وَإِذْ قُلْتُمْ يَا مُوسَى لَنْ نَصْبِرَ عَلَى طَعَامٍ وَاحِدٍ فَادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُخْرِجْ لَنَا مِمَّا تُنْبِتُ الْأَرْضُ مِنْ بَقْلِهَا وَقِثَّائِهَا وَفُومِهَا وَعَدَسِهَا وَبَصَلِهَا قَالَ أَتَسْتَبْدِلُونَ الَّذِي هُوَ أَدْنَى بِالَّذِي هُوَ خَيْرٌ اهْبِطُوا مِصْرًا فَإِنَّ لَكُمْ مَا سَأَلْتُمْ وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ وَالْمَسْكَنَةُ وَبَاءُوا بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُوا يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ الْحَقِّ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ "وَإِذْ قُلْتُمْ يَا مُوسَى لَنْ نَصْبِر عَلَى طَعَام" أَيْ نَوْع مِنْهُ "وَاحِد" وَهُوَ الْمَنّ وَالسَّلْوَى "فَادْعُ لَنَا رَبّك يُخْرِج لَنَا" شَيْئًا "مِمَّا تُنْبِت الْأَرْض مِنْ" لِلْبَيَانِ "بَقْلهَا وَقِثَّائِهَا وَفُومهَا" حِنْطَتهَا "وَعَدَسهَا وَبَصَلهَا قَالَ" لَهُمْ مُوسَى "أَتَسْتَبْدِلُونَ الَّذِي هُوَ أَدْنَى" أَخَسّ "بِاَلَّذِي هُوَ خَيْر" أَشْرَف أَتَأْخُذُونَهُ بَدَله وَالْهَمْزَة لِلْإِنْكَارِ فَأَبَوْا أَنْ يَرْجِعُوا فَدَعَا اللَّه تَعَالَى فَقَالَ تَعَالَى "اهْبِطُوا" انْزِلُوا "مِصْرًا" مِنْ الْأَمْصَار "فَإِنَّ لَكُمْ" فِيهِ "مَا سَأَلْتُمْ" مِنْ النَّبَات "وَضُرِبَتْ" جُعِلَتْ "عَلَيْهِمْ الذِّلَّة" الذُّلّ وَالْهَوَان "وَالْمَسْكَنَة" أَيْ أَثَر الْفَقْر مِنْ السُّكُون وَالْخِزْي فَهِيَ لَازِمَة لَهُمْ وَإِنْ كَانُوا أَغْنِيَاء لُزُوم الدِّرْهَم الْمَضْرُوب لِسِكَّتِهِ "وَبَاءُوا" رَجَعُوا "بِغَضَبٍ مِنْ اللَّه ذَلِكَ" أَيْ الضَّرْب وَالْغَضَب "بِأَنَّهُمْ" أَيْ بِسَبَبِ أَنَّهُمْ "كَانُوا يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّه وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ" كَزَكَرِيَّا وَيَحْيَى "بِغَيْرِ الْحَقّ" أَيْ ظُلْمًا "ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ" يَتَجَاوَزُونَ الْحَدّ فِي الْمَعَاصِي وَكَرَّرَهُ لِلتَّأْكِيدِ

جنــــون 10-08-2011 05:59 PM

{62} إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالنَّصَارَى وَالصَّابِئِينَ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ "إنَّ الَّذِينَ آمَنُوا" بِالْأَنْبِيَاءِ مِنْ قَبْل "وَاَلَّذِينَ هَادُوا" هُمْ الْيَهُود "وَالنَّصَارَى وَالصَّابِئِينَ" طَائِفَة مِنْ الْيَهُود أَوْ النَّصَارَى "مَنْ آمَنَ" مِنْهُمْ "بِاَللَّهِ وَالْيَوْم الْآخِر" فِي زَمَن نَبِيّنَا "وَعَمِلَ صَالِحًا" بِشَرِيعَتِهِ "فَلَهُمْ أَجْرهمْ" أَيْ ثَوَاب أَعْمَالهمْ "عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ" رُوعِيَ فِي ضَمِير آمَنَ وَعَمَل لَفْظ مَنْ وَفِيمَا بَعْده مَعْنَاهَا
{63} وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ وَرَفَعْنَا فَوْقَكُمُ الطُّورَ خُذُوا مَا آتَيْنَاكُمْ بِقُوَّةٍ وَاذْكُرُوا مَا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ "وَ" اُذْكُرْ "إذْ أَخَذْنَا مِيثَاقكُمْ" عَهْدكُمْ بِالْعَمَلِ بِمَا فِي التَّوْرَاة "و" قَدْ "رَفَعْنَا فَوْقكُمْ الطُّور" الْجَبَل اقْتَلَعْنَاهُ مِنْ أَصْله عَلَيْكُمْ لَمَّا أَبَيْتُمْ قَبُولهَا وَقُلْنَا "خُذُوا مَا آتَيْنَاكُمْ بِقُوَّةٍ" بِجِدٍّ وَاجْتِهَاد "وَاذْكُرُوا مَا فِيهِ" بِالْعَمَلِ بِهِ "لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ" النَّار أَوْ الْمَعَاصِي
{64} ثُمَّ تَوَلَّيْتُمْ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ فَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لَكُنْتُمْ مِنَ الْخَاسِرِينَ "ثُمَّ تَوَلَّيْتُمْ" أَعْرَضْتُمْ "مِنْ بَعْد ذَلِكَ" الْمِيثَاق عَنْ الطَّاعَة "فَلَوْلَا فَضْل اللَّه عَلَيْكُمْ وَرَحْمَته" لَكُمْ بِالتَّوْبَةِ أَوْ تَأْخِير الْعَذَاب "لَكُنْتُمْ مِنْ الْخَاسِرِينَ" الْهَالِكِينَ
{65} وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ الَّذِينَ اعْتَدَوْا مِنْكُمْ فِي السَّبْتِ فَقُلْنَا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً خَاسِئِينَ "وَلَقَدْ" لَام قَسَم "عَلِمْتُمْ" عَرَفْتُمْ "الَّذِينَ اعْتَدَوْا مِنْكُمْ فِي السَّبْت" تَجَاوَزُوا الْحَدّ بِصَيْدِ السَّمَك وَقَدْ نَهَيْنَاهُمْ عَنْهُ وَهُمْ أَهْل أَيْلَة "فَقُلْنَا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَة خَاسِئِينَ" مُبْعَدِينَ فَكَانُوا وَهَلَكُوا بَعْد ثَلَاثَة أَيَّام
{66} فَجَعَلْنَاهَا نَكَالًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهَا وَمَا خَلْفَهَا وَمَوْعِظَةً لِلْمُتَّقِينَ "فَجَعَلْنَاهَا" أَيْ تِلْكَ الْعُقُوبَة "نَكَالًا" عِبْرَة مَانِعَة مِنْ ارْتِكَاب مِثْل مَا عَمِلُوا "لِمَا بَيْن يَدَيْهَا وَمَا خَلْفهَا" أَيْ لِلْأُمَمِ الَّتِي فِي زَمَانهَا وَبَعْدهَا "وَمَوْعِظَة لِلْمُتَّقِينَ" اللَّه وَخُصُّوا بِالذِّكْرِ لِأَنَّهُمْ الْمُنْتَفِعُونَ بِخِلَافِ غَيْرهمْ .
{67} وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُوا بَقَرَةً قَالُوا أَتَتَّخِذُنَا هُزُوًا قَالَ أَعُوذُ بِاللَّهِ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ "وَ" اُذْكُرْ "إذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ" وَقَدْ قُتِلَ لَهُمْ قَتِيل لَا يُدْرَى قَاتِله وَسَأَلُوهُ أَنْ يَدْعُو اللَّه أَنْ يُبَيِّنهُ لَهُمْ فَدَعَاهُ "إنَّ اللَّه يَأْمُركُمْ أَنْ تَذْبَحُوا بَقَرَة قَالُوا أَتَتَّخِذُنَا هُزُوًا" مَهْزُوءًا بِنَا حَيْثُ تُجِيبنَا بِمِثْلِ ذَلِكَ "قَالَ أَعُوذ" أَمْتَنِع "بِاَللَّهِ أَنْ أَكُون مِنْ الْجَاهِلِينَ" الْمُسْتَهْزِئِينَ
{68} قَالُوا ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنَا مَا هِيَ قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ لَا فَارِضٌ وَلَا بِكْرٌ عَوَانٌ بَيْنَ ذَلِكَ فَافْعَلُوا مَا تُؤْمَرُونَ فَلَمَّا عَلِمُوا أَنَّهُ عَزَمَ "قَالُوا اُدْعُ لَنَا رَبّك يُبَيِّن لَنَا مَا هِيَ" أَيْ مَا سِنّهَا "قَالَ" مُوسَى "إنَّهُ" أَيْ اللَّه "يَقُول إنَّهَا بَقَرَة لَا فَارِض" مُسِنَّة "وَلَا بِكْر" صَغِيرَة "عَوَان" نِصْف "بَيْن ذَلِكَ" الْمَذْكُور مِنْ السِّنِينَ "فَافْعَلُوا مَا تُؤْمَرُونَ" بِهِ مِنْ ذَبْحهَا
{69} قَالُوا ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنَا مَا لَوْنُهَا قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ صَفْرَاءُ فَاقِعٌ لَوْنُهَا تَسُرُّ النَّاظِرِينَ "قَالُوا اُدْعُ لَنَا رَبّك يُبَيِّن لَنَا مَا لَوْنهَا قَالَ إنَّهُ يَقُول إنَّهَا بَقَرَة صَفْرَاء فَاقِع لَوْنهَا" شَدِيد الصُّفْرَة "تَسُرّ النَّاظِرِينَ" إلَيْهَا بِحُسْنِهَا أَيْ تُعْجِبهُمْ

جنــــون 10-08-2011 05:59 PM

{70} قَالُوا ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنَا مَا هِيَ إِنَّ الْبَقَرَ تَشَابَهَ عَلَيْنَا وَإِنَّا إِنْ شَاءَ اللَّهُ لَمُهْتَدُونَ "قَالُوا اُدْعُ لَنَا رَبّك يُبَيِّن لَنَا مَا هِيَ" أَسَائِمَة أَمْ عَامِلَة "إنَّ الْبَقَر" أَيْ جِنْسه الْمَنْعُوت بِمَا ذُكِرَ "تَشَابَهَ عَلَيْنَا" لِكَثْرَتِهِ فَلَمْ نَهْتَدِ إلَى الْمَقْصُودَة "وَإِنَّا إنْ شَاءَ اللَّه لَمُهْتَدُونَ" إلَيْهَا وَفِي الْحَدِيث (لَوْ لَمْ يَسْتَثْنُوا لَمَا بُيِّنَت لَهُمْ لِآخِرِ الْأَبَد)
{71} قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ لَا ذَلُولٌ تُثِيرُ الْأَرْضَ وَلَا تَسْقِي الْحَرْثَ مُسَلَّمَةٌ لَا شِيَةَ فِيهَا قَالُوا الْآنَ جِئْتَ بِالْحَقِّ فَذَبَحُوهَا وَمَا كَادُوا يَفْعَلُونَ "قَالَ إنَّهُ يَقُول إنَّهَا بَقَرَة لَا ذَلُول" غَيْر مُذَلَّلَة بِالْعَمَلِ "تُثِير الْأَرْض" تُقَلِّبهَا لِلزِّرَاعَةِ وَالْجُمْلَة صِفَة ذَلُول دَاخِلَة فِي النَّهْي "وَلَا تَسْقِي الْحَرْث" الْأَرْض الْمُهَيَّأَة لِلزِّرَاعَةِ "مُسَلَّمَة" مِنْ الْعُيُوب وَآثَار الْعَمَل "لَا شِيَة" لَوْن "فِيهَا" غَيْر لَوْنهَا "قَالُوا الْآن جِئْت بِالْحَقِّ" نَطَقْت بِالْبَيَانِ التَّامّ فَطَلَبُوهَا فَوَجَدُوهَا عِنْد الْفَتَى الْبَارّ بِأُمِّهِ فَاشْتَرَوْهَا بِمِلْءِ مِسْكهَا ذَهَبًا "فَذَبَحُوهَا وَمَا كَادُوا يَفْعَلُونَ" لِغَلَاءِ ثَمَنهَا وَفِي الْحَدِيث : (لَوْ ذَبَحُوا أَيّ بَقَرَة كَانَتْ لَأَجْزَأَتْهُمْ وَلَكِنْ شَدَّدُوا عَلَى أَنْفُسهمْ فَشَدَّدَ اللَّه عَلَيْهِمْ)
{72} وَإِذْ قَتَلْتُمْ نَفْسًا فَادَّارَأْتُمْ فِيهَا وَاللَّهُ مُخْرِجٌ مَا كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ "وَإِذْ قَتَلْتُمْ نَفْسًا فَادَّارَأْتُمْ" فِيهِ إدْغَام الدَّال فِي التَّاء أَيْ تَخَاصَمْتُمْ وَتَدَافَعْتُمْ "فِيهَا وَاَللَّه مُخْرِج" مُظْهِر "مَا كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ" مِنْ أَمْرهَا وَهَذَا اعْتِرَاض وَهُوَ أَوَّل الْقِصَّة
{73} فَقُلْنَا اضْرِبُوهُ بِبَعْضِهَا كَذَلِكَ يُحْيِي اللَّهُ الْمَوْتَى وَيُرِيكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ "فَقُلْنَا اضْرِبُوهُ" أَيْ الْقَتِيل "بِبَعْضِهَا" فَضَرَبَ بِلِسَانِهَا أَوْ عَجَب ذَنَبهَا فَحَيِيَ وَقَالَ : قَتَلَنِي فُلَان وَفُلَان لِابْنَيْ عَمّه وَمَاتَ فَحُرِمَا الْمِيرَاث وَقُتِلَا لَمْ يُرِدْ تَعْيِين الْعُضْو الَّذِي ضُرِبَ بِهِ الْقَتِيل لِيَحْيَا وَلَا يَسَعنَا تَعْيِينه إلَّا بِخَبَرٍ صَحِيح مُعْتَمَد وَتَعْيِينه وَبِدُونِ سَنَد هُوَ مِنْ قَبِيل التَّخَرُّص لِأَنَّ ظَاهِر الْآيَة أَنَّ أَيّ عُضْو مِنْ الْبَقَرَة ضُرِبَ بِهِ الْقَتِيل أَعَادَ إلَيْهِ الْحَيَاة وَبَيَّنَ عَنْ قَاتِله "كَذَلِكَ" الْإِحْيَاء "يُحْيِي اللَّه الْمَوْتَى وَيُرِيكُمْ آيَاته" دَلَائِل قُدْرَته "لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ" تَتَدَبَّرُونَ فَتَعْلَمُونَ أَنَّ الْقَادِر عَلَى إحْيَاء نَفْس وَاحِدَة قَادِر عَلَى إحْيَاء نُفُوس كَثِيرَة فَتُؤْمِنُونَ
{74} ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُمْ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ فَهِيَ كَالْحِجَارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً وَإِنَّ مِنَ الْحِجَارَةِ لَمَا يَتَفَجَّرُ مِنْهُ الْأَنْهَارُ وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَشَّقَّقُ فَيَخْرُجُ مِنْهُ الْمَاءُ وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَهْبِطُ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ "ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبكُمْ" أَيّهَا الْيَهُود صَلَبَتْ عَنْ قَبُول الْحَقّ "مِنْ بَعْد ذَلِكَ" الْمَذْكُور مِنْ إحْيَاء الْقَتِيل وَمَا قَبْله مِنْ الْآيَات "فَهِيَ كَالْحِجَارَةِ" فِي الْقَسْوَة "أَوْ أَشَدّ قَسْوَة" مِنْهَا "وَإِنَّ مِنْ الْحِجَارَة لَمَا يَتَفَجَّر مِنْهُ الْأَنْهَار وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَشَّقَّق" فِيهِ إدْغَام التَّاء فِي الْأَصْل فِي الشِّين "فَيَخْرُج مِنْهُ الْمَاء وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَهْبِط" يَنْزِل مِنْ عُلْو إلَى أَسْفَل "مِنْ خَشْيَة اللَّه" وَقُلُوبكُمْ لَا تَتَأَثَّر وَلَا تَلِين وَلَا تَخْشَع "وَمَا اللَّه بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ" وَإِنَّمَا يُؤَخِّركُمْ لِوَقْتِكُمْ وَفِي قِرَاءَة بالتحتانية وَفِيهِ الْتِفَات عَنْ الْخِطَاب
{75} أَفَتَطْمَعُونَ أَنْ يُؤْمِنُوا لَكُمْ وَقَدْ كَانَ فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَسْمَعُونَ كَلَامَ اللَّهِ ثُمَّ يُحَرِّفُونَهُ مِنْ بَعْدِ مَا عَقَلُوهُ وَهُمْ يَعْلَمُونَ "أَفَتَطْمَعُونَ" أَيّهَا الْمُؤْمِنُونَ وَالْهَمْزَة لِلْإِنْكَارِ أَيْ لَا تَطْمَعُوا فَلَهُمْ سَابِقَة بِالْكُفْرِ "أَنْ يُؤْمِنُوا لَكُمْ" أَيْ الْيَهُود "وَقَدْ كَانَ فَرِيق" طَائِفَة "مِنْهُمْ" أَحْبَارهمْ "يَسْمَعُونَ كَلَام اللَّه" فِي التَّوْرَاة "ثُمَّ يُحَرِّفُونَهُ" يُغَيِّرُونَهُ "مِنْ بَعْد مَا عَقَلُوهُ" فَهِمُوهُ "وَهُمْ يَعْلَمُونَ" أَنَّهُمْ مُفْتَرُونَ
{76} وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قَالُوا آمَنَّا وَإِذَا خَلَا بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ قَالُوا أَتُحَدِّثُونَهُمْ بِمَا فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ لِيُحَاجُّوكُمْ بِهِ عِنْدَ رَبِّكُمْ أَفَلَا تَعْقِلُونَ "وَإِذَا لَقُوا" أَيْ مُنَافِقُو الْيَهُود "الَّذِينَ آمَنُوا قَالُوا آمَنَّا" بِأَنَّ مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَبِيّ وَهُوَ الْمُبَشَّر بِهِ فِي كِتَابنَا "وَإِذَا خَلَا" رَجَعَ "بَعْضهمْ إلَى بَعْض قَالُوا" أَيْ رُؤَسَاؤُهُمْ الَّذِينَ لَمْ يُنَافِقُوا لِمَنْ نَافَقَ "أَتُحَدِّثُونَهُمْ" أَيْ الْمُؤْمِنِينَ "بِمَا فَتَحَ اللَّه عَلَيْكُمْ" أَيْ عَرَّفَكُمْ فِي التَّوْرَاة مِنْ نَعْت مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "لِيُحَاجُّوكُمْ" لِيُخَاصِمُوكُمْ وَاللَّام لِلصَّيْرُورَةِ "بِهِ عِنْد رَبّكُمْ" فِي الْآخِرَة وَيُقِيمُوا عَلَيْكُمْ الْحُجَّة فِي تَرْك اتِّبَاعه مَعَ عِلْمكُمْ بِصِدْقِهِ "أَفَلَا تَعْقِلُونَ" أَنَّهُمْ يُحَاجُّونَكُمْ إذَا حَدَّثْتُمُوهُمْ فَتَنْتَهُوا

جنــــون 10-08-2011 05:59 PM

{77} أَوَلَا يَعْلَمُونَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ قَالَ تَعَالَى "أَوَلَا يَعْلَمُونَ" الِاسْتِفْهَام لِلتَّقْرِيرِ وَالْوَاو الدَّاخِلَة عَلَيْهَا لِلْعَطْفِ "أَنَّ اللَّه يَعْلَم مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ" مَا يُخْفُونَ وَمَا يُظْهِرُونَ مِنْ ذَلِكَ وَغَيْره فَيَرْعَوُوا عَنْ ذَلِكَ
{78} وَمِنْهُمْ أُمِّيُّونَ لَا يَعْلَمُونَ الْكِتَابَ إِلَّا أَمَانِيَّ وَإِنْ هُمْ إِلَّا يَظُنُّونَ "وَمِنْهُمْ" أَيْ الْيَهُود "أُمِّيُّونَ" عَوَامّ "لَا يَعْلَمُونَ الْكِتَاب" التَّوْرَاة "إلَّا" لَكِنْ "أَمَانِيّ" أَكَاذِيب تَلَقَّوْهَا مِنْ رُؤَسَائِهِمْ فَاعْتَمَدُوهَا "وَإِنْ" مَا "هُمْ" فِي جَحْد نُبُوَّة النَّبِيّ وَغَيْره مِمَّا يَخْتَلِقُونَهُ "إلَّا يَظُنُّونَ" ظَنًّا وَلَا عِلْم لَهُمْ
{79} فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتَابَ بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هَذَا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ لِيَشْتَرُوا بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا فَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ وَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا يَكْسِبُونَ "فَوَيْل" شِدَّة عَذَاب "لِلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتَاب بِأَيْدِيهِمْ" أَيْ مُخْتَلَقًا مِنْ عِنْدهمْ "ثُمَّ يَقُولُونَ هَذَا مِنْ عِنْد اللَّه لِيَشْتَرُوا بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا" مِنْ الدُّنْيَا وَهُمْ الْيَهُود غَيَّرُوا صِفَة النَّبِيّ فِي التَّوْرَاة وَآيَة الرَّجْم وَغَيْرهمَا وَكَتَبُوهَا عَلَى خِلَاف مَا أُنْزِلَ "فَوَيْل لَهُمْ مِمَّا كَتَبَتْ أَيْدِيهمْ" مِنْ الْمُخْتَلَق "وَوَيْل لَهُمْ مِمَّا يَكْسِبُونَ" مِنْ الرِّشَا جَمْع رِشْوَة
{80} وَقَالُوا لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ إِلَّا أَيَّامًا مَعْدُودَةً قُلْ أَتَّخَذْتُمْ عِنْدَ اللَّهِ عَهْدًا فَلَنْ يُخْلِفَ اللَّهُ عَهْدَهُ أَمْ تَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ "وَقَالُوا" لَمَّا وَعَدَهُمْ النَّبِيّ النَّار "لَنْ تَمَسّنَا" تُصِيبنَا "النَّار إلَّا أَيَّامًا مَعْدُودَة" قَلِيلَة أَرْبَعِينَ يَوْمًا مُدَّة عِبَادَة آبَائِهِمْ الْعِجْل ثُمَّ تَزُول "قُلْ" لَهُمْ يَا مُحَمَّد "أَتَّخَذْتُمْ" حُذِفَتْ هَمْزَة الْوَصْل اسْتِغْنَاء بِهَمْزَةِ الِاسْتِفْهَام "عِنْد اللَّه عَهْدًا" مِيثَاقًا مِنْهُ بِذَلِكَ "فَلَنْ يُخْلِف اللَّه عَهْده" فَلَنْ يُخْلِف اللَّه عَهْده بِهِ ؟ لَا "أَمْ" بَلْ "تقولون على الله ما لا تعلمون"
{81} بَلَى مَنْ كَسَبَ سَيِّئَةً وَأَحَاطَتْ بِهِ خَطِيئَتُهُ فَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ "بَلَى" تَمَسّكُمْ وَتُخَلَّدُونَ فِيهَا "مَنْ كَسَب سَيِّئَة" شِرْكًا "وَأَحَاطَتْ بِهِ خَطِيئَته" بِالْإِفْرَادِ وَالْجَمْع أَيْ اسْتَوْلَتْ عَلَيْهِ وَأَحْدَقَتْ بِهِ مِنْ كُلّ جَانِب بِأَنْ مَاتَ مُشْرِكًا "فَأُولَئِكَ أَصْحَاب النَّار هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ" رُوعِيَ فِيهِ مَعْنَى مِنْ
{83} وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ لَا تَعْبُدُونَ إِلَّا اللَّهَ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ ثُمَّ تَوَلَّيْتُمْ إِلَّا قَلِيلًا مِنْكُمْ وَأَنْتُمْ مُعْرِضُونَ "وَ " اُذْكُرْ "إذْ أَخَذْنَا مِيثَاق بَنِي إسْرَائِيل" فِي التَّوْرَاة وَقُلْنَا "لَا تَعْبُدُونَ" بِالتَّاءِ وَالْيَاء "إلا الله" خَبَر بِمَعْنَى النَّهْي وَقُرِئَ : لَا تَعْبُدُوا "وَبِالْوَالِدَيْنِ" " وَ " أَحْسِنُوا "بِالْوَالِدَيْنِ" "إحْسَانًا" بِرًّا "وَذِي الْقُرْبَى" الْقَرَابَة عَطْف عَلَى الْوَالِدَيْنِ "وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِين وَقُولُوا لِلنَّاسِ" قَوْلًا "حُسْنًا" مِنْ الْأَمْر بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْي عَنْ الْمُنْكَر وَالصِّدْق فِي شَأْن مُحَمَّد وَالرِّفْق بِهِمْ وَفِي قِرَاءَة بِضَمِّ الْحَاء وَسُكُون السِّين مَصْدَر وُصِفَ بِهِ مُبَالَغَة "وَأَقِيمُوا الصَّلَاة وَآتُوا الزَّكَاة" فَقَبِلْتُمْ ذَلِكَ "ثُمَّ تَوَلَّيْتُمْ" أَعْرَضْتُمْ عَنْ الْوَفَاء بِهِ فِيهِ الْتِفَات عَنْ الْغِيبَة وَالْمُرَاد آبَاؤُهُمْ "إلَّا قَلِيلًا مِنْكُمْ وَأَنْتُمْ مُعْرِضُونَ" عَنْهُ كَآبَائِكُمْ

المشعـل 10-08-2011 08:47 PM

{84} وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ لَا تَسْفِكُونَ دِمَاءَكُمْ وَلَا تُخْرِجُونَ أَنْفُسَكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ ثُمَّ أَقْرَرْتُمْ وَأَنْتُمْ تَشْهَدُونَ "
وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقكُمْ" وَقُلْنَا "لَا تَسْفِكُونَ دِمَاءَكُمْ" تُرِيقُونَهَا بِقَتْلِ بَعْضكُمْ بَعْضًا "وَلَا تُخْرِجُونَ أَنْفُسكُمْ مِنْ دِيَاركُمْ" لَا يُخْرِج بَعْضكُمْ بَعْضًا مِنْ دَاره "ثُمَّ أَقْرَرْتُمْ" قَبِلْتُمْ ذَلِكَ الْمِيثَاق "وَأَنْتُمْ تَشْهَدُونَ" عَلَى أَنْفُسكُمْ
{85} ثُمَّ أَنْتُمْ هَؤُلَاءِ تَقْتُلُونَ أَنْفُسَكُمْ وَتُخْرِجُونَ فَرِيقًا مِنْكُمْ مِنْ دِيَارِهِمْ تَظَاهَرُونَ عَلَيْهِمْ بِالْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَإِنْ يَأْتُوكُمْ أُسَارَى تُفَادُوهُمْ وَهُوَ مُحَرَّمٌ عَلَيْكُمْ إِخْرَاجُهُمْ أَفَتُؤْمِنُونَ
بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ فَمَا جَزَاءُ مَنْ يَفْعَلُ ذَلِكَ مِنْكُمْ إِلَّا خِزْيٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يُرَدُّونَ إِلَى أَشَدِّ الْعَذَابِ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ "
ثُمَّ أَنْتُمْ" يَا "هَؤُلَاءِ تَقْتُلُونَ أَنْفُسكُمْ" بِقَتْلِ بَعْضكُمْ بَعْضًا "وَتُخْرِجُونَ فَرِيقًا مِنْكُمْ مِنْ دِيَارهمْ تَظَاهَرُونَ" فِيهِ إدْغَام التَّاء فِي الْأَصْل فِي الظَّاء وَفِي قِرَاءَة بِالتَّخْفِيفِ عَلَى حَذْفهَا تَتَعَاوَنُونَ "عَلَيْهِمْ بِالْإِثْمِ" بِالْمَعْصِيَةِ "وَالْعُدْوَان" الظُّلْم "وَإِنْ يَأْتُوكُمْ أُسَارَى" وَفِي قِرَاءَة أَسْرَى "تُفَادُوهُمْ" تَفْدُوهُمْ وَفِي قِرَاءَة تُفَادهُمْ تُنْقِذُوهُمْ مِنْ الْأَسْر بِالْمَالِ أَوْ غَيْره وَهُوَ مِمَّا عُهِدَ إلَيْهِمْ "وَهُوَ" أَيْ الشَّأْن "مُحَرَّم عَلَيْكُمْ إخْرَاجهمْ" مُتَّصِل بِقَوْلِهِ وَتُخْرِجُونَ وَالْجُمْلَة بَيْنهمَا اعْتِرَاض : أَيْ كَمَا حَرَّمَ تَرْك الْفِدَاء وَكَانَتْ قُرَيْظَة حَالَفُوا الْأَوْس وَالنَّضِير الْخَزْرَج فَكَانَ كُلّ فَرِيق يُقَاتِل مَعَ حُلَفَائِهِ وَيُخَرِّب دِيَارهمْ وَيُخْرِجهُمْ فَإِذَا أُسِرُوا فَدَوْهُمْ وَكَانُوا إذَا سُئِلُوا لَمْ تُقَاتِلُونَهُمْ وَتَفْدُونَهُمْ ؟ قَالُوا أُمِرْنَا بِالْفِدَاءِ فَيُقَال فَلِمَ تُقَاتِلُونَهُمْ ؟ فَيَقُولُونَ حَيَاء أَنْ تُسْتَذَلّ حُلَفَاؤُنَا "أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَاب" وَهُوَ الْفِدَاء "وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ" وَهُوَ تَرْك الْقَتْل وَالْإِخْرَاج وَالْمُظَاهَرَة "فَمَا جَزَاء مَنْ يَفْعَل ذَلِكَ إلَّا خِزْي" هَوَان وَذُلّ "فِي الْحَيَاة الدُّنْيَا" وَقَدْ خُزُوا بِقَتْلِ قُرَيْظَة وَنَفْي النَّضِير إلَى الشَّام وَضَرْب الْجِزْيَة "وَيَوْم الْقِيَامَة يُرَدُّونَ إلَى أَشَدّ الْعَذَاب وَمَا اللَّه بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ" يَعْمَلُونَ بِالْيَاءِ وَالتَّاء
{86} أُولَئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الْحَيَاةَ الدُّنْيَا بِالْآخِرَةِ فَلَا يُخَفَّفُ عَنْهُمُ الْعَذَابُ وَلَا هُمْ يُنْصَرُونَ "أُ
ولَئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوْا الْحَيَاة الدُّنْيَا بِالْآخِرَةِ" بِأَنْ آثَرُوهَا عَلَيْهَا "فَلَا يُخَفَّف عَنْهُمْ الْعَذَاب وَلَا هُمْ يُنْصَرُونَ" يُمْنَعُونَ مِنْهُ
{87} وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ وَقَفَّيْنَا مِنْ بَعْدِهِ بِالرُّسُلِ وَآتَيْنَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّنَاتِ وَأَيَّدْنَاهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ أَفَكُلَّمَا جَاءَكُمْ رَسُولٌ بِمَا لَا تَهْوَى أَنْفُسُكُمُ اسْتَكْبَرْتُمْ فَفَرِيقًا كَذَّبْتُمْ وَفَرِيقًا تَقْتُلُونَ "
وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَاب" التَّوْرَاة "وَقَفَّيْنَا مِنْ بَعْده بِالرُّسُلِ" أَيْ أَتْبَعْنَاهُمْ رَسُولًا فِي إثْر رَسُول "وَآتَيْنَا عِيسَى ابْن مَرْيَم الْبَيِّنَات" الْمُعْجِزَات كَإِحْيَاءِ الْمَوْتَى وَإِبْرَاء الْأَكْمَه وَالْأَبْرَص "وَأَيَّدْنَاهُ" قَوَّيْنَاهُ "بِرُوحِ الْقُدُس" مِنْ إضَافَة الْمَوْصُوف إلَى الصِّفَة أَيْ الرُّوح الْمُقَدَّسَة جِبْرِيل لِطَهَارَتِهِ يَسِير مَعَهُ حَيْثُ سَارَ فَلَمْ تَسْتَقِيمُوا "أَفَكُلَّمَا جَاءَكُمْ رَسُول بِمَا لَا تَهْوَى" تُحِبّ "أَنْفُسكُمْ" مِنْ الْحَقّ "اسْتَكْبَرْتُمْ" تَكَبَّرْتُمْ عَنْ اتِّبَاعه جَوَاب كُلَّمَا وَهُوَ مَحَلّ الِاسْتِفْهَام وَالْمُرَاد بِهِ التَّوْبِيخ "فَفَرِيقًا" مِنْهُمْ "كَذَّبْتُمْ" كَعِيسَى "وَفَرِيقًا تَقْتُلُونَ" الْمُضَارِع لِحِكَايَةِ الْحَال الْمَاضِيَة : أَيْ قَتَلْتُمْ كَزَكَرِيَّا وَيَحْيَى
{88} وَقَالُوا قُلُوبُنَا غُلْفٌ بَلْ لَعَنَهُمُ اللَّهُ بِكُفْرِهِمْ فَقَلِيلًا مَا يُؤْمِنُونَ "
وَقَالُوا" لِلنَّبِيِّ اسْتِهْزَاء "قُلُوبنَا غُلْف" جَمْع أَغْلَف أَيْ مُغَشَّاة بِأَغْطِيَةٍ فَلَا تَعِي مَا تَقُول "بَلْ" لِلْإِضْرَابِ "لَعَنَهُمْ اللَّه" أَبْعَدهمْ مِنْ رَحْمَته وَخَذَلَهُمْ عَنْ الْقَبُول "بِكُفْرِهِمْ" وَلَيْسَ عَدَم قَبُولهمْ لِخَلَلٍ فِي قُلُوبهمْ "فَقَلِيلًا مَا يُؤْمِنُونَ" مَا زَائِدَة لِتَأْكِيدِ الْقِلَّة أَيْ : إيمَانهمْ قَلِيل جِدًّا

المشعـل 10-08-2011 08:54 PM

البقرة
{89} وَلَمَّا جَاءَهُمْ كِتَابٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَهُمْ وَكَانُوا مِنْ قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا فَلَمَّا جَاءَهُمْ مَا عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ فَلَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الْكَافِرِينَ "

وَلَمَّا جَاءَهُمْ كِتَاب مِنْ عِنْد اللَّه مُصَدِّق لِمَا مَعَهُمْ" مِنْ التَّوْرَاة : هُوَ الْقُرْآن "وَكَانُوا مِنْ قَبْل" قَبْل مَجِيئِهِ "يَسْتَفْتِحُونَ" يَسْتَنْصِرُونَ "عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا" يَقُولُونَ اللَّهُمَّ اُنْصُرْنَا عَلَيْهِمْ بِالنَّبِيِّ الْمَبْعُوث آخِر الزَّمَان "فَلَمَّا جَاءَهُمْ مَا عَرَفُوا" مِنْ الْحَقّ وَهُوَ بَعْثَة النَّبِيّ "كَفَرُوا بِهِ" حَسَدًا وَخَوْفًا عَلَى الرِّيَاسَة وَجَوَاب لَمَّا الْأُولَى دَلَّ عَلَيْهِ جَوَاب الثَّانِيَة "فلعنة الله على الكافرين "
{90} بِئْسَمَا اشْتَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ أَنْ يَكْفُرُوا بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ بَغْيًا أَنْ يُنَزِّلَ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ فَبَاءُوا بِغَضَبٍ عَلَى غَضَبٍ وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ مُهِينٌ "

بِئْسَمَا اشْتَرَوْا" بَاعُوا وَمَا : نَكِرَة بِمَعْنَى شَيْئًا تَمْيِيز لِفَاعِلِ بِئْسَ وَالْمَخْصُوص بِالذَّمِّ "بِهِ أَنْفُسهمْ" أَيْ حَظّهَا مِنْ الثَّوَاب . "أَنْ يَكْفُرُوا" أَيْ كُفْرهمْ "بِمَا أَنْزَلَ اللَّه" مِنْ الْقُرْآن "بَغْيًا" مَفْعُول لَهُ لِيَكْفُرُوا : أَيْ حَسَدًا عَلَى "أَنْ يُنَزِّل اللَّه" بِالتَّخْفِيفِ وَالتَّشْدِيد "مِنْ فَضْله" الْوَحْي "عَلَى مَنْ يُشَاء" لِلرِّسَالَةِ "مِنْ عِبَاده فَبَاءُوا" رَجَعُوا "بِغَضَبٍ" مِنْ اللَّه بِكُفْرِهِمْ بِمَا أَنْزَلَ وَالتَّنْكِير لِلتَّعْظِيمِ "عَلَى غَضَب" اسْتَحَقُّوهُ مِنْ قَبْل بِتَضْيِيعِ التَّوْرَاة وَالْكُفْر بِعِيسَى "وَلِلْكَافِرِينَ عَذَاب مُهِين" ذُو إهَانَة

{91} وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ آمِنُوا بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ قَالُوا نُؤْمِنُ بِمَا أُنْزِلَ عَلَيْنَا وَيَكْفُرُونَ بِمَا وَرَاءَهُ وَهُوَ الْحَقُّ مُصَدِّقًا لِمَا مَعَهُمْ قُلْ فَلِمَ تَقْتُلُونَ أَنْبِيَاءَ اللَّهِ مِنْ قَبْلُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ "

وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ آمِنُوا بِمَا أَنْزَلَ اللَّه" الْقُرْآن وَغَيْره "قَالُوا نُؤْمِن بِمَا أُنْزِلَ عَلَيْنَا" أَيْ التَّوْرَاة "وَيَكْفُرُونَ" الْوَاو لِلْحَالِ "بِمَا وَرَاءَهُ" سِوَاهُ أَوْ بَعْده مِنْ الْقُرْآن "وَهُوَ الْحَقّ" حَال "مُصَدِّقًا" حَال ثَانِيَة مُؤَكِّدَة "لِمَا مَعَهُمْ قُلْ" لَهُمْ "فَلِمَ تَقْتُلُونَ" أَيْ قَتَلْتُمْ "أَنْبِيَاء اللَّه مِنْ قَبْل إنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ" بِالتَّوْرَاةِ وَقَدْ نُهِيتُمْ فِيهَا عَنْ قَتْلهمْ وَالْخِطَاب لِلْمَوْجُودِينَ مِنْ زَمَن نَبِيّنَا بِمَا فَعَلَ آبَاؤُهُمْ لِرِضَاهُمْ بِهِ

{92} وَلَقَدْ جَاءَكُمْ مُوسَى بِالْبَيِّنَاتِ ثُمَّ اتَّخَذْتُمُ الْعِجْلَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَنْتُمْ ظَالِمُونَ "

وَلَقَدْ جَاءَكُمْ مُوسَى بِالْبَيِّنَاتِ" بِالْمُعْجِزَاتِ كَالْعَصَا وَالْيَد وَفَلْق الْبَحْر "ثُمَّ اتَّخَذْتُمْ الْعِجْل" إلَهًا "مِنْ بَعْده" مِنْ بَعْد ذَهَابه إلَى الْمِيقَات "وَأَنْتُمْ ظَالِمُونَ" بِاِتِّخَاذِهِ

{93} وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ وَرَفَعْنَا فَوْقَكُمُ الطُّورَ خُذُوا مَا آتَيْنَاكُمْ بِقُوَّةٍ وَاسْمَعُوا قَالُوا سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا وَأُشْرِبُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْعِجْلَ بِكُفْرِهِمْ قُلْ بِئْسَمَا يَأْمُرُكُمْ بِهِ إِيمَانُكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ "

وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقكُمْ" عَلَى الْعَمَل بِمَا فِي التَّوْرَاة "و" قَدْ "رَفَعْنَا فَوْقكُمْ الطُّور" الْجَبَل حِين امْتَنَعْتُمْ مِنْ قَبُولهَا لِيَسْقُط عَلَيْكُمْ وَقُلْنَا : "خُذُوا مَا آتَيْنَاكُمْ بِقُوَّةٍ" بِجِدٍّ وَاجْتِهَاد "وَاسْمَعُوا" مَا تُؤْمَرُونَ بِهِ سَمَاع قَبُول "قَالُوا سَمِعْنَا" قَوْلك "وَعَصَيْنَا" أَمْرك "وَأُشْرِبُوا فِي قُلُوبهمْ الْعِجْل" أَيْ خَالَطَ حُبُّهُ قُلُوبَهُمْ كَمَا يُخَالِط الشَّرَاب "بِكُفْرِهِمْ قُلْ" لَهُمْ "بِئْسَمَا" شَيْئًا "يَأْمُركُمْ بِهِ إيمَانكُمْ" بِالتَّوْرَاةِ عِبَادَة الْعِجْل "إنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ" بِهَا كَمَا زَعَمْتُمْ الْمَعْنَى لَسْتُمْ بِمُؤْمِنِينَ لِأَنَّ الْإِيمَان لَا يَأْمُر بِعِبَادَةِ الْعِجْل وَالْمُرَاد آبَاؤُهُمْ : أَيْ فَكَذَلِكَ أَنْتُمْ لَسْتُمْ بِمُؤْمِنِينَ بِالتَّوْرَاةِ وَقَدْ كَذَّبْتُمْ مُحَمَّدًا وَالْإِيمَان بِهَا لَا يَأْمُر بِتَكْذِيبِهِ

بسمة ملاك 10-08-2011 11:50 PM

{94} قُلْ إِنْ كَانَتْ لَكُمُ الدَّارُ الْآخِرَةُ عِنْدَ اللَّهِ خَالِصَةً مِنْ دُونِ النَّاسِ فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ "

قُلْ" لَهُمْ "إنْ كَانَتْ لَكُمْ الدَّار الْآخِرَة" أَيْ الْجَنَّة "عِنْد اللَّه خَالِصَة" خَاصَّة "مِنْ دُون النَّاس" كَمَا زَعَمْتُمْ "فَتَمَنَّوْا الْمَوْت إنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ" تَعَلَّقَ ب تَمَنَّوْا الشَّرْطَانِ عَلَى أَنَّ الْأَوَّل قَيْد فِي الثَّانِي أَيْ إنْ صَدَقْتُمْ فِي زَعْمكُمْ أَنَّهَا لَكُمْ وَمَنْ كَانَتْ لَهُ يُؤْثِرهَا وَالْمُوَصِّل إلَيْهَا الْمَوْت فَتَمَنَّوْهُ

{95} وَلَنْ يَتَمَنَّوْهُ أَبَدًا بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ "

وَلَنْ يَتَمَنَّوْهُ أَبَدًا بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهمْ" مِنْ كُفْرهمْ بِالنَّبِيِّ الْمُسْتَلْزِم لِكَذِبِهِمْ "وَاَللَّه عَلِيم بِالظَّالِمِينَ" الْكَافِرِينَ فَيُجَازِيهِمْ

{96} وَلَتَجِدَنَّهُمْ أَحْرَصَ النَّاسِ عَلَى حَيَاةٍ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا يَوَدُّ أَحَدُهُمْ لَوْ يُعَمَّرُ أَلْفَ سَنَةٍ وَمَا هُوَ بِمُزَحْزِحِهِ مِنَ الْعَذَابِ أَنْ يُعَمَّرَ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِمَا يَعْمَلُونَ "

وَلَتَجِدَنهُمْ" لَام قَسَم "أَحْرَص النَّاس عَلَى حَيَاة" وَأَحْرَص "وَمِنْ الَّذِينَ أَشْرَكُوا" الْمُنْكِرِينَ لِلْبَعْثِ عَلَيْهَا لِعِلْمِهِمْ بِأَنَّ مَصِيرهمْ النَّار دُون الْمُشْرِكِينَ لِإِنْكَارِهِمْ لَهُ "يَوَدّ" يَتَمَنَّى "أَحَدهمْ لَو يُعَمَّر أَلْف سَنَة" لَوْ مَصْدَرِيَّة بِمَعْنَى أَنْ وَهِيَ بِصِلَتِهَا فِي تَأْوِيل مَصْدَر مَفْعُول يَوَدّ "وَمَا هُوَ" أَيْ أَحَدهمْ "بِمُزَحْزِحِهِ" مُبْعِده "مِنْ الْعَذَاب" النَّار "أَنْ يُعَمَّر" فَاعِل مُزَحْزِحه أَيْ تَعْمِيره "وَاَللَّه بَصِير بِمَا يَعْمَلُونَ" بِالْيَاءِ وَالتَّاء فَيُجَازِيهِمْ وَسَأَلَ ابْن صُورِيَّا النَّبِيّ أَوْ عُمَر عَمَّنْ يَأْتِي بِالْوَحْيِ مِنْ الْمَلَائِكَة فَقَالَ جِبْرِيل فَقَالَ هُوَ عَدُوّنَا يَأْتِي بِالْعَذَابِ وَلَوْ كَانَ مِيكَائِيل لَآمَنَّا لِأَنَّهُ يَأْتِي بِالْخِصْبِ وَالسِّلْم فَنَزَلَ :

{97} قُلْ مَنْ كَانَ عَدُوًّا لِجِبْرِيلَ فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ عَلَى قَلْبِكَ بِإِذْنِ اللَّهِ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَهُدًى وَبُشْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ "

قُلْ" لَهُمْ "مَنْ كَانَ عَدُوًّا لِجِبْرِيل" فَلْيَمُتْ غَيْظًا "فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ" أَيْ الْقُرْآن "عَلَى قَلْبك بِإِذْنِ" بِأَمْرِ "اللَّه مُصَدِّقًا لِمَا بَيْن يَدَيْهِ" قَبْله مِنْ الْكُتُب "وَهُدًى" مِنْ الضَّلَالَة "وَبُشْرَى" بِالْجَنَّةِ " للمؤمنين "

{98} مَنْ كَانَ عَدُوًّا لِلَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَرُسُلِهِ وَجِبْرِيلَ وَمِيكَالَ فَإِنَّ اللَّهَ عَدُوٌّ لِلْكَافِرِينَ "

مَنْ كَانَ عَدُوًّا لِلَّهِ وَمَلَائِكَته وَرُسُله وَجِبْرِيل" بِكَسْرِ الْجِيم وَفَتْحهَا بِلَا هَمْزَة وَبِهِ بِيَاءٍ وَدُونهَا "وَمِيكَال" عُطِفَ عَلَى الْمَلَائِكَة مِنْ عَطْف الْخَاصّ عَلَى الْعَامّ وَفِي قِرَاءَة مِيكَائِيل بِهَمْزَةٍ وَيَاء وَفِي أُخْرَى بِلَا يَاء "فَإِنَّ اللَّه عَدُوّ لِلْكَافِرِينَ" أَوْقَعه مَوْقِع لَهُمْ بَيَانًا لِحَالِهِمْ

{99} وَلَقَدْ أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ وَمَا يَكْفُرُ بِهَا إِلَّا الْفَاسِقُونَ "

وَلَقَدْ أَنْزَلْنَا إلَيْك" يَا مُحَمَّد "آيَات بَيِّنَات" أَيْ وَاضِحَات حَال رَدّ لِقَوْلِ ابْن صُورِيَّا لِلنَّبِيِّ مَا جِئْتنَا بِشَيْءٍ "وَمَا يَكْفُر بِهَا إلَّا الْفَاسِقُونَ" كَفَرُوا بِهَا

{100} أَوَكُلَّمَا عَاهَدُوا عَهْدًا نَبَذَهُ فَرِيقٌ مِنْهُمْ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ "

أَوَكُلَّمَا عَاهَدُوا" اللَّه "عَهْدًا" عَلَى الْإِيمَان بِالنَّبِيِّ إنْ خَرَجَ أَوْ النَّبِيّ أَنْ لَا يُعَاوِنُوا عَلَيْهِ الْمُشْرِكِينَ "نَبَذَهُ" طَرَحَهُ "فَرِيق مِنْهُمْ" بِنَقْضِهِ جَوَاب كُلَّمَا وَهُوَ مَحَلّ الِاسْتِفْهَام الْإِنْكَارِيّ "بَلْ" لِلِانْتِقَالِ "أكثرهم لا يؤمنون"

{101} وَلَمَّا جَاءَهُمْ رَسُولٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَهُمْ نَبَذَ فَرِيقٌ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ كِتَابَ اللَّهِ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ كَأَنَّهُمْ لَا يَعْلَمُونَ "

وَلَمَّا جَاءَهُمْ رَسُول مِنْ عِنْد اللَّه" مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "مُصَدِّق لِمَا مَعَهُمْ نَبَذَ فَرِيق مِنْ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَاب كِتَاب اللَّه" أَيْ التَّوْرَاة "وَرَاء ظُهُورهمْ" أَيْ لَمْ يَعْمَلُوا بِمَا فِيهَا مِنْ الْإِيمَان بِالرَّسُولِ وَغَيْره "كَأَنَّهُمْ لَا يَعْلَمُونَ" مَا فِيهَا مِنْ أَنَّهُ نَبِيّ حَقّ أَوْ أَنَّهَا كِتَاب اللَّه

بسمة ملاك 10-08-2011 11:51 PM

{102} وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَمَا أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولَا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلَا تَكْفُرْ فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنْفَعُهُمْ وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ )

وَاتَّبَعُوا" عُطِفَ عَلَى نَبَذَ "مَا تَتْلُو" أَيْ تَلَتْ "الشَّيَاطِين عَلَى" عَهْد "مُلْك سُلَيْمَان" مِنْ السِّحْر وَكَانَتْ دَفَنَتْهُ تَحْت كُرْسِيّه لَمَّا نُزِعَ مُلْكه أَوْ كَانَتْ تَسْتَرِق السَّمْع وَتَضُمّ إلَيْهِ أَكَاذِيب وَتُلْقِيه إلَى الْكَهَنَة فَيُدَوِّنُونَهُ وَفَشَا ذَلِكَ وَشَاعَ أَنَّ الْجِنّ تَعْلَم الْغَيْب فَجَمَعَ سُلَيْمَان الْكُتُب وَدَفَنَهَا فَلَمَا مَاتَ دَلَّتْ الشَّيَاطِين عَلَيْهَا النَّاس فَاسْتَخْرَجُوهَا فَوَجَدُوا فِيهَا السِّحْر فَقَالُوا إنَّمَا مَلَكَكُمْ بِهَذَا فَتَعْلَمُوهُ فَرَفَضُوا كُتُب أَنْبِيَائِهِمْ قَالَ تَعَالَى تَبْرِئَة لِسُلَيْمَان وَرَدًّا عَلَى الْيَهُود فِي قَوْلهمْ اُنْظُرُوا إلَى مُحَمَّد يَذْكُر سُلَيْمَان فِي الْأَنْبِيَاء وَمَا كَانَ إلَّا سَاحِرًا : "وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَان" أَيْ لَمْ يَعْمَل السِّحْر لِأَنَّهُ كَفَرَ "وَلَكِنَّ" بِالتَّشْدِيدِ وَالتَّخْفِيف "الشَّيَاطِين كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاس السِّحْر" الْجُمْلَة حَال مِنْ ضَمِير كَفَرُوا "و" يُعَلِّمُونَهُم "مَا أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ" أَيْ أُلْهِمَاهُ مِنْ السِّحْر وَقُرِئَ بِكَسْرِ اللَّام الْكَائِنَيْنِ "بِبَابِل" بَلَد فِي سَوَاد الْعِرَاق "هَارُوت وَمَارُوت" بَدَل أَوْ عَطْف بَيَان لِلْمَلَكَيْنِ قَالَ ابْن عَبَّاس هُمَا سَاحِرَانِ كَانَا يُعَلِّمَانِ السِّحْر وَقِيلَ مَلَكَانِ أُنْزِلَا لِتَعْلِيمِهِ ابْتِلَاء مِنْ اللَّه لِلنَّاسِ "وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ" زَائِدَة "أَحَد حَتَّى يَقُولَا" لَهُ نُصْحًا "إنَّمَا نَحْنُ فِتْنَة" بَلِيَّة مِنْ اللَّه إلَى النَّاس لِيَمْتَحِنهُمْ بِتَعْلِيمِهِ فَمَنْ تَعَلَّمَهُ كَفَرَ وَمَنْ تَرَكَهُ فَهُوَ مُؤْمِن "فَلَا تَكْفُر" بِتَعَلُّمِهِ فَإِنْ أَبَى إلَّا التَّعْلِيم عَلَّمَاهُ "فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْن الْمَرْء وَزَوْجه" بِأَنْ يُبَغِّض كُلًّا إلَى الْآخَر "وَمَا هُمْ" أَيْ السَّحَرَة "بِضَارِّينَ بِهِ" بِالسِّحْرِ "مِنْ" زَائِدَة "أَحَد إلَّا بِإِذْنِ اللَّه" بِإِرَادَتِهِ "وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرّهُمْ" فِي الْآخِرَة "وَلَا يَنْفَعهُمْ" وَهُوَ السِّحْر "وَلَقَدْ" لَام قَسَم "عَلِمُوا" أَيْ الْيَهُود "لَمَنْ" لَام ابْتِدَاء مُعَلَّقَة لِمَا قَبْلهَا وَمَنْ مَوْصُولَة "اشْتَرَاهُ" اخْتَارَهُ أَوْ اسْتَبْدَلَهُ بِكِتَابِ اللَّه "مَا لَهُ فِي الْآخِرَة مِنْ خَلَاق" نَصِيب فِي الْجَنَّة "وَلَبِئْسَ مَا" شَيْئًا "شَرَوْا" بَاعُوا "بِهِ أَنْفُسهمْ" أَيْ الشَّارِينَ : أَيْ حَظّهَا مِنْ الْآخِرَة إنْ تَعَلَّمُوهُ حَيْثُ أَوْجَبَ لَهُمْ النَّار "لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ" حَقِيقَة مَا يَصِيرُونَ إلَيْهِ مِنْ الْعَذَاب مَا تَعَلَّمُوهُ

{103} وَلَوْ أَنَّهُمْ آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَمَثُوبَةٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ خَيْرٌ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ )

وَلَوْ أَنَّهُمْ" أَيْ الْيَهُود "آمَنُوا" بِالنَّبِيِّ وَالْقُرْآن "وَاتَّقَوْا" عِقَاب اللَّه بِتَرْكِ مَعَاصِيه كَالسِّحْرِ وَجَوَاب لَوْ مَحْذُوف : أَيْ لَأُثِيبُوا دَلَّ عَلَيْهِ "لَمَثُوبَة" ثَوَاب وَهُوَ مُبْتَدَأ وَاللَّام فِيهِ لِلْقَسَمِ "مِنْ عِنْد اللَّه خَيْر" خَبَره مِمَّا شَرَوْا بِهِ أَنْفُسهمْ "لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ" أَنَّهُ خَيْر لَمَا آثَرُوهُ عَلَيْهِ

{104} يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقُولُوا رَاعِنَا وَقُولُوا انْظُرْنَا وَاسْمَعُوا وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ)

يَا أَيّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقُولُوا" لِلنَّبِيِّ "رَاعِنَا" أَمْر مِنْ الْمُرَاعَاة وَكَانُوا يَقُولُونَ لَهُ ذَلِكَ وَهِيَ بِلُغَةِ الْيَهُود سَبّ مِنْ الرُّعُونَة فَسُرُّوا بِذَلِكَ وَخَاطَبُوا بِهَا النَّبِيّ فَنُهِيَ الْمُؤْمِنُونَ عَنْهَا "وَقُولُوا" بَدَلهَا "انْظُرْنَا" أَيْ اُنْظُرْ إلَيْنَا "وَاسْمَعُوا" مَا تُؤْمَرُونَ بِهِ سَمَاع قَبُول "وَلِلْكَافِرِينَ عَذَاب أَلِيم" مُؤْلِم هُوَ النَّار
{105} مَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَلَا الْمُشْرِكِينَ أَنْ يُنَزَّلَ عَلَيْكُمْ مِنْ خَيْرٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَاللَّهُ يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ)

مَا يَوَدّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْل الْكِتَاب وَلَا الْمُشْرِكِينَ" مِنْ الْعَرَب عُطِفَ عَلَى أَهْل الْكِتَاب وَمِنْ لِلْبَيَانِ "أَنْ يُنَزَّل عَلَيْكُمْ مِنْ" زَائِدَة "خَيْر" وَحْي "مِنْ رَبّكُمْ" حَسَدًا لَكُمْ "وَاَللَّه يَخْتَصّ بِرَحْمَتِهِ" نُبُوَّته "من يشاء والله ذو الفضل العظيم"

المشعـل 10-09-2011 06:31 AM

البقرة
{106} مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا أَوْ مِثْلِهَا أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ)

وَلَمَّا طَعَنَ الْكُفَّار فِي النَّسْخ وَقَالُوا إنَّ مُحَمَّدًا يَأْمُر أَصْحَابه الْيَوْم بِأَمْرٍ وَيَنْهَى عَنْهُ غَدًا نَزَلَ : "مَا" شَرْطِيَّة : "نَنْسَخ مِنْ آيَة" أَيْ نَزَلَ حُكْمهَا : إمَّا مَعَ لَفْظهَا أَوْ لَا وَفِي قِرَاءَة بِضَمِّ النُّون مِنْ أَنْسَخ : أَيْ نَأْمُرك أَوْ جِبْرِيل بِنَسْخِهَا "أَوْ نُنْسِهَا" نُؤَخِّرهَا فَلَا نُنْزِل حُكْمهَا وَنَرْفَع تِلَاوَتهَا أَوْ نُؤَخِّرهَا فِي اللَّوْح الْمَحْفُوظ وَفِي قِرَاءَة بِلَا هَمْز مِنْ النِّسْيَان : أَيْ نُنْسِكهَا أَيْ نَمْحُهَا مِنْ قَلْبك وَجَوَاب الشَّرْط "نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا" أَنْفَع لِلْعِبَادِ فِي السُّهُولَة أَوْ كَثْرَة الْأَجْر "أَوْ مِثْلهَا" فِي التَّكْلِيف وَالثَّوَاب "أَلَمْ تَعْلَم أَنَّ اللَّه عَلَى كُلّ شَيْء قَدِير" وَمِنْهُ النَّسْخ وَالتَّبْدِيل وَالِاسْتِفْهَام لِلتَّقْرِيرِ

{107} أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ )

أَلَمْ تَعْلَم أَنَّ اللَّه لَهُ مُلْك السَّمَاوَات وَالْأَرْض" يَفْعَل مَا يَشَاء "وَمَا لَكُمْ مِنْ دُون اللَّه" أَيْ غَيْره "مِنْ" زَائِدَة "وَلِيّ" يَحْفَظكُمْ "وَلَا نَصِير" يَمْنَع عَنْكُمْ عَذَابه إنْ أَتَاكُمْ وَنَزَلَ لَمَّا سَأَلَهُ أَهْل مَكَّة أَنْ يُوَسِّعهَا وَيَجْعَل الصَّفَا ذَهَبًا

{108} أَمْ تُرِيدُونَ أَنْ تَسْأَلُوا رَسُولَكُمْ كَمَا سُئِلَ مُوسَى مِنْ قَبْلُ وَمَنْ يَتَبَدَّلِ الْكُفْرَ بِالْإِيمَانِ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاءَ السَّبِيلِ )

َمْ" بَلْ "تُرِيدُونَ أَنْ تَسْأَلُوا رَسُولكُمْ كَمَا سُئِلَ مُوسَى" أَيْ سَأَلَهُ قَوْمه "مِنْ قَبْل" مِنْ قَوْلهمْ : أَرِنَا اللَّه جَهْرَة وَغَيْر ذَلِكَ "وَمَنْ يَتَبَدَّل الْكُفْر بِالْإِيمَانِ" أَيْ يَأْخُذهُ بَدَله بِتَرْكِ النَّظَر فِي الْآيَات وَاقْتِرَاح غَيْرهَا "فَقَدْ ضَلَّ سَوَاء السَّبِيل" أَخْطَأَ الطَّرِيق الْحَقّ وَالسَّوَاء فِي الْأَصْل الْوَسَط
{109} وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّارًا حَسَدًا مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُّ فَاعْفُوا وَاصْفَحُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ )

وَدَّ كَثِير مِنْ أَهْل الْكِتَاب لَوْ" مَصْدَرِيَّة "يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْد إيمَانكُمْ كُفَّارًا حَسَدًا" مَفْعُول لَهُ كَائِنًا "مِنْ عِنْد أَنْفُسهمْ" أَيْ حَمَلَتْهُمْ عَلَيْهِ أَنْفُسهمْ الْخَبِيثَة "مِنْ بَعْد مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ" فِي التَّوْرَاة "الْحَقّ" فِي شَأْن النَّبِيّ "فَاعْفُوا" عَنْهُمْ أَيْ اُتْرُكُوهُمْ "وَاصْفَحُوا" أَعْرِضُوا فَلَا تُجَازُوهُمْ "حَتَّى يَأْتِي اللَّه بِأَمْرِهِ" فِيهِمْ مِنْ الْقِتَال "إن الله على كل شيء قدير"

{110} وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ )

وَأَقِيمُوا الصَّلَاة وَآتُوا الزَّكَاة وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْر" طَاعَة كَصِلَةٍ وَصَدَقَة "تَجِدُوهُ" أَيْ ثَوَابه "عِنْد اللَّه إنَّ اللَّه بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِير" فَيُجَازِيكُمْ بِهِ

{111} وَقَالُوا لَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلَّا مَنْ كَانَ هُودًا أَوْ نَصَارَى تِلْكَ أَمَانِيُّهُمْ قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ )

وَقَالُوا لَنْ يَدْخُل الْجَنَّة إلَّا مَنْ كَانَ هُودًا" جَمْع هَائِد "أَوْ نَصَارَى" قَالَ ذَلِكَ يَهُود الْمَدِينَة وَنَصَارَى نَجْرَان لَمَّا تَنَاظَرُوا بَيْن يَدَيْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَيْ قَالَ الْيَهُود لَنْ يَدْخُلهَا إلَّا الْيَهُود وَقَالَ النَّصَارَى لَنْ يَدْخُلهَا إلَّا النَّصَارَى "تِلْكَ" الْقَوْلَة "أَمَانِيّهمْ" شَهَوَاتهمْ الْبَاطِلَة "قُلْ" لَهُمْ "هَاتُوا بُرْهَانكُمْ" حُجَّتكُمْ عَلَى ذَلِكَ "إنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ" فِيهِ

{112} بَلَى مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَلَهُ أَجْرُهُ عِنْدَ رَبِّهِ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ )

بَلَى" يَدْخُل الْجَنَّة غَيْرهمْ "مَنْ أَسْلَمَ وَجْهه لِلَّهِ" أَيْ انْقَادَ لِأَمْرِهِ وَخَصَّ الْوَجْه لِأَنَّهُ أَشْرَف الْأَعْضَاء فَغَيْره أَوْلَى "وَهُوَ مُحْسِن" مُوَحِّد "فَلَهُ أَجْره عِنْد رَبّه" أَيْ ثَوَاب عَمَله الْجَنَّة "وَلَا خَوْف عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ" فِي الْآخِرَة

بسمة ملاك 10-09-2011 07:53 AM

{113} وَقَالَتِ الْيَهُودُ لَيْسَتِ النَّصَارَى عَلَى شَيْءٍ وَقَالَتِ النَّصَارَى لَيْسَتِ الْيَهُودُ عَلَى شَيْءٍ وَهُمْ يَتْلُونَ الْكِتَابَ كَذَلِكَ قَالَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ مِثْلَ قَوْلِهِمْ فَاللَّهُ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيمَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ "وَقَالَتْ الْيَهُود لَيْسَتْ النَّصَارَى عَلَى شَيْء" مُعْتَدّ بِهِ وَكَفَرَتْ بِعِيسَى "وَقَالَتْ النَّصَارَى لَيْسَتْ الْيَهُود عَلَى شَيْء" مُعْتَدّ بِهِ وَكَفَرَتْ بِمُوسَى "وَهُمْ" أَيْ الْفَرِيقَانِ "يَتْلُونَ الْكِتَاب" الْمُنَزَّل عَلَيْهِمْ وَفِي كِتَاب الْيَهُود تَصْدِيق عِيسَى وَفِي كِتَاب النَّصَارَى تَصْدِيق مُوسَى وَالْجُمْلَة حَال "كَذَلِكَ" كَمَا قَالَ هَؤُلَاءِ "قَالَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ" أَيْ الْمُشْرِكُونَ مِنْ الْعَرَب وَغَيْرهمْ "مِثْل قَوْلهمْ" بَيَان لِمَعْنَى ذَلِكَ : أَيْ قَالُوا لِكُلِّ ذِي دِين لَيْسُوا عَلَى شَيْء "فَاَللَّه يَحْكُم بَيْنهمْ يَوْم الْقِيَامَة فِيمَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ" مِنْ أَمْر الدِّين فَيَدْخُل الْمُحِقّ الْجَنَّة وَالْمُبْطِل النَّار
{114} وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ مَنَعَ مَسَاجِدَ اللَّهِ أَنْ يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ وَسَعَى فِي خَرَابِهَا أُولَئِكَ مَا كَانَ لَهُمْ أَنْ يَدْخُلُوهَا إِلَّا خَائِفِينَ لَهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ "وَمَنْ أَظْلَم" أَيْ لَا أَحَد أَظْلَم "مِمَّنْ مَنَعَ مَسَاجِد اللَّه أَنْ يُذْكَر فِيهَا اسْمه" بِالصَّلَاةِ وَالتَّسْبِيح "وَسَعَى فِي خَرَابهَا" بِالْهَدْمِ أَوْ التَّعْطِيل نَزَلَتْ إخْبَارًا عَنْ الرُّوم الَّذِينَ خَرَّبُوا بَيْت الْمَقْدِس أَوْ فِي الْمُشْرِكِينَ لَمَّا صَدُّوا النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَام الْحُدَيْبِيَة عَنْ الْبَيْت "أُولَئِكَ مَا كَانَ لَهُمْ أَنْ يَدْخُلُوهَا إلَّا خَائِفِينَ" خَبَر بِمَعْنَى الْأَمْر أَيْ أَخِيفُوهُمْ بِالْجِهَادِ فَلَا يَدْخُلهَا أَحَد آمِنًا "لَهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْي" هَوَان بِالْقَتْلِ وَالسَّبْي وَالْجِزْيَة "وَلَهُمْ فِي الْآخِرَة عَذَاب عَظِيم" هُوَ النَّار
{115} وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ وَاسِعٌ عَلِيمٌ وَنَزَلَ لَمَّا طَعَنَ الْيَهُود فِي نَسْخ الْقِبْلَة أَوْ فِي صَلَاة النَّافِلَة عَلَى الرَّاحِلَة فِي السَّفَر حَيْثُمَا تَوَجَّهْت : "وَلِلَّهِ الْمَشْرِق وَالْمَغْرِب" أَيْ الْأَرْض كُلّهَا لِأَنَّهُمَا نَاحِيَتَاهَا "فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا" وُجُوهكُمْ فِي الصَّلَاة بِأَمْرِهِ "فَثَمَّ" هُنَاكَ "وَجْه اللَّه" قِبْلَته الَّتِي رَضِيَهَا "إنَّ اللَّه وَاسِع" يَسَع فَضْله كُلّ شَيْء "عَلِيم" بِتَدْبِيرِ خَلْقه
{116} وَقَالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَدًا سُبْحَانَهُ بَلْ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ كُلٌّ لَهُ قَانِتُونَ "وَقَالُوا" بِوَاوٍ وَبِدُونِهَا الْيَهُود وَالنَّصَارَى وَمَنْ زَعَمَ أَنَّ الْمَلَائِكَة بَنَات اللَّه "اتَّخَذَ اللَّه وَلَدًا" قَالَ تَعَالَى "سُبْحَانه" تَنْزِيهًا لَهُ عَنْهُ "بَلْ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَات وَالْأَرْض" مُلْكًا وَخَلْقًا وَعَبِيدًا وَالْمِلْكِيَّة تُنَافِي الْوِلَادَة وَعَبَّرَ بِمَا تَغْلِيبًا لِمَا لَا يَعْقِل "كُلّ لَهُ قَانِتُونَ" مُطِيعُونَ كُلّ بِمَا يُرَاد مِنْهُ وَفِيهِ تَغْلِيب الْعَاقِل
{117} بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَإِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ "بَدِيع السَّمَاوَات وَالْأَرْض" مُوجِدهمْ لَا عَلَى مِثَال سَبَقَ "وَإِذَا قَضَى" أَرَادَ "أَمْرًا" أَيْ إيجَاده "فَإِنَّمَا يَقُول لَهُ كُنْ فَيَكُون" أَيْ فَهُوَ يَكُون وَفِي قِرَاءَة بِالنَّصْبِ جَوَابًا لِلْأَمْرِ
{118} وَقَالَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ لَوْلَا يُكَلِّمُنَا اللَّهُ أَوْ تَأْتِينَا آيَةٌ كَذَلِكَ قَالَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ مِثْلَ قَوْلِهِمْ تَشَابَهَتْ قُلُوبُهُمْ قَدْ بَيَّنَّا الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ "وَقَالَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ" أَيْ كُفَّار مَكَّة لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "لَوْلَا" هَلَّا "يُكَلِّمنَا اللَّه" بِأَنَّك رَسُوله "أَوْ تَأْتِينَا آيَة" مِمَّا اقْتَرَحْنَاهُ عَلَى صِدْقك "كَذَلِكَ" كَمَا قَالَ هَؤُلَاءِ "قَالَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلهمْ" مِنْ كُفَّار الْأُمَم الْمَاضِيَة لِأَنْبِيَائِهِمْ "مِثْل قَوْلهمْ" مِنْ التَّعَنُّت وَطَلَب الْآيَات "تَشَابَهَتْ قُلُوبهمْ" فِي الْكُفْر وَالْعِنَاد فِيهِ تَسْلِيَة لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "قَدْ بَيَّنَّا الْآيَات لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ" يَعْلَمُونَ أَنَّهَا آيَات فَيُؤْمِنُونَ فَاقْتِرَاح آيَة مَعَهَا تَعَنُّت
{119} إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ بِالْحَقِّ بَشِيرًا وَنَذِيرًا وَلَا تُسْأَلُ عَنْ أَصْحَابِ الْجَحِيمِ "إنَّا أَرْسَلْنَاك" يَا مُحَمَّد "بِالْحَقِّ" بِالْهُدَى "بَشِيرًا" مَنْ أَجَابَ إلَيْهِ بِالْجَنَّةِ "وَنَذِيرًا" مَنْ لَمْ يُجِبْ إلَيْهِ بِالنَّارِ "وَلَا تُسْأَل عَنْ أَصْحَاب الْجَحِيم" النَّار أَيْ الْكُفَّار مَا لَهُمْ لَمْ يُؤْمِنُوا إنَّمَا عَلَيْك الْبَلَاغ وَفِي قِرَاءَة بِجَزْمِ تُسْأَل نَهْيًا

المشعـل 10-09-2011 08:23 AM

البقرة
{120} وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلَا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ قُلْ إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدَى وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ بَعْدَ الَّذِي جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ "
وَلَنْ تَرْضَى عَنْك الْيَهُود وَلَا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِع مِلَّتهمْ" دِينهمْ "قُلْ إنَّ هُدَى اللَّه" أَيْ الْإِسْلَام "هُوَ الْهُدَى" وَمَا عَدَاهُ ضَلَال "وَلَئِنْ" لَام قَسَم "اتَّبَعْت أَهْوَاءَهُمْ" الَّتِي يَدْعُونَك إلَيْهَا فَرْضًا "بَعْد الَّذِي جَاءَك مِنْ الْعِلْم" الْوَحْي مِنْ اللَّه "مَا لَك مِنْ اللَّه مِنْ وَلِيّ" يَحْفَظك "وَلَا نَصِير" يَمْنَعك مِنْهُ
{121} الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلَاوَتِهِ أُولَئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَمَنْ يَكْفُرْ بِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ "
الَّذِينَ آتَيْنَاهُمْ الْكِتَاب" مُبْتَدَأ "يَتْلُونَهُ حَقّ تِلَاوَته" أَيْ يَقْرَءُونَهُ كَمَا أُنْزِلَ وَالْجُمْلَة حَال وَحَقّ نُصِبَ عَلَى الْمَصْدَر وَالْخَبَر "أُولَئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ" نَزَلَتْ فِي جَمَاعَة قَدِمُوا مِنْ الْحَبَشَة وَأَسْلَمُوا "وَمَنْ يَكْفُر بِهِ" أَيْ بِالْكِتَابِ الْمُؤْتَى بِأَنْ يُحَرِّفهُ "فَأُولَئِكَ هُمْ الْخَاسِرُونَ" لِمَصِيرِهِمْ إلَى النَّار الْمُؤَبَّدَة عَلَيْهِمْ
{122} يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَنِّي فَضَّلْتُكُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ "
يَا بَنِي إسْرَائِيل اُذْكُرُوا نِعْمَتِي الَّتِي أَنْعَمْت عَلَيْكُمْ وَأَنِّي فَضَّلْتُكُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ" تَقَدَّمَ مِثْله
{123} وَاتَّقُوا يَوْمًا لَا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئًا وَلَا يُقْبَلُ مِنْهَا عَدْلٌ وَلَا تَنْفَعُهَا شَفَاعَةٌ وَلَا هُمْ يُنْصَرُونَ "
وَاتَّقُوا" خَافُوا "يَوْمًا لَا تَجْزِي" لَا تُغْنِي "نَفْس عَنْ نَفْس" فِيهِ "شَيْئًا وَلَا يُقْبَل مِنْهَا عَدْل" فِدَاء "وَلَا تَنْفَعهَا شَفَاعَة وَلَا هُمْ يُنْصَرُونَ" يُمْنَعُونَ مِنْ عَذَاب اللَّه
{124} وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا قَالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي قَالَ لَا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ "
وَ" اُذْكُرْ "إذْ ابْتَلَى" اخْتَبَرَ "إبْرَاهِيمَ" وَفِي قِرَاءَة إبْرَاهَام "رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ" بِأَوَامِر وَنَوَاهٍ كَلَّفَهُ بِهَا قِيلَ هِيَ مَنَاسِك الْحَجّ وَقِيلَ الْمَضْمَضَة وَالِاسْتِنْشَاق وَالسِّوَاك وَقَصّ الشَّارِب وَفَرْق الشَّعْر وَقَلْم الْأَظَافِر وَنَتْف الْإِبْط وَحَلْق الْعَانَة وَالْخِتَان وَالِاسْتِنْجَاء كَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَتَوَقَّف الْحَدِيث عَنْ الِابْتِلَاء بِالْكَلِمَاتِ عِنْد أَوَامِر الدِّين وَنَوَاهِيه لِأَنَّ الْقُرْآن الْكَرِيم لَمْ يُعَيِّن الْكَلِمَات الَّتِي ابْتَلَى اللَّهُ بِهَا إبْرَاهِيمَ وَاخْتِلَاف الْعُلَمَاء نَاشِئ عَنْ تَحْدِيد هَذِهِ الْكَلِمَات "فَأَتَمّهنَّ" أَدَّاهُنَّ تَامَّات "قَالَ" تَعَالَى لَهُ "إنِّي جَاعِلك لِلنَّاسِ إمَامًا" قُدْوَة فِي الدِّين "قَالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي" أَوْلَادِي اجْعَلْ أَئِمَّة "قَالَ لَا يَنَال عَهْدِي" بِالْإِمَامَةِ "الظَّالِمِينَ" الْكَافِرِينَ مِنْهُمْ دَلَّ عَلَى أَنَّهُ يَنَال غَيْر الظَّالِم
{125} وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثَابَةً لِلنَّاسِ وَأَمْنًا وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى وَعَهِدْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ أَنْ طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ "
وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْت" الْكَعْبَة "مَثَابَة لِلنَّاسِ" مَرْجِعًا يَثُوبُونَ إلَيْهِ مِنْ كُلّ جَانِب "وَأَمْنًا" مَأْمَنًا لَهُمْ مِنْ الظُّلْم وَالْإِغَارَات الْوَاقِعَة فِي غَيْره كَانَ الرَّجُل يَلْقَى قَاتِل أَبِيهِ فِيهِ فَلَا يُهَيِّجهُ "وَاِتَّخِذُوا" أَيّهَا النَّاس وَفِي قِرَاءَة بِفَتْحِ الْخَاء خَبَر "مِنْ مَقَام إبْرَاهِيم" هُوَ الْحَجَر الَّذِي قَامَ عَلَيْهِ عِنْد بِنَاء الْبَيْت "مُصَلًّى" مَكَان صَلَاة بِأَنْ تُصَلُّوا خَلْفه رَكْعَتَيْ الطَّوَاف "وَعَهِدْنَا إلَى إبْرَاهِيم وَإِسْمَاعِيل" أَمَرْنَاهُمَا "أَنْ" أَيْ بِأَنْ "طَهِّرَا بَيْتِي" مِنْ الْأَوْثَان "لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ" الْمُقِيمِينَ فِيهِ "وَالرُّكَّع السُّجُود" جَمْع رَاكِع وَسَاجِد الْمُصَلِّينَ
{126} وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا بَلَدًا آمِنًا وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَرَاتِ مَنْ آمَنَ مِنْهُمْ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ قَالَ وَمَنْ كَفَرَ فَأُمَتِّعُهُ قَلِيلًا ثُمَّ أَضْطَرُّهُ إِلَى عَذَابِ النَّارِ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ "
وَإِذْ قَالَ إبْرَاهِيمُ رَبّ اجْعَلْ هَذَا" الْمَكَان "بَلَدًا آمِنًا" ذَا أَمْن وَقَدْ أَجَابَ اللَّه دُعَاءَهُ فَجَعَلَهُ حَرَمًا لَا يُسْفَك فِيهِ دَم إنْسَان وَلَا يُظْلَم فِيهِ أَحَد وَلَا يُصَاد صَيْده وَلَا يُخْتَلَى خَلَاهُ "وَارْزُقْ أَهْله مِنْ الثَّمَرَات" وَقَدْ فَعَلَ بِنَقْلِ الطَّائِف مِنْ الشَّام إلَيْهِ وَكَانَ أَقْفَر لَا زَرْع فِيهِ وَلَا مَاء "مَنْ آمَنَ مِنْهُمْ بِاَللَّهِ وَالْيَوْم الْآخِر" بَدَل مِنْ أَهْله وَخَصَّهُمْ بِالدُّعَاءِ لَهُمْ مُوَافَقَة لِقَوْلِهِ لَا يَنَال عَهْدِي الظَّالِمِينَ "قَالَ" تَعَالَى "وَ" اُرْزُقْ "مَنْ كَفَرَ فَأُمَتِّعهُ" بِالتَّشْدِيدِ وَالتَّخْفِيف فِي الدُّنْيَا بِالرِّزْقِ "قَلِيلًا" مُدَّة حَيَاته "ثُمَّ أَضْطَرّهُ" أُلْجِئهُ فِي الْآخِرَة "إلَى عَذَاب النَّار" فَلَا يَجِد عَنْهَا مَحِيصًا "وَبِئْسَ الْمَصِير" الْمَرْجِع هِيَ

بسمة ملاك 10-09-2011 08:28 AM

{127} وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ "وَ" اُذْكُرْ "إذْ يَرْفَع إبْرَاهِيم الْقَوَاعِد" الْأُسُس أَوْ الْجُدُر "مِنْ الْبَيْت" يَبْنِيه مُتَعَلِّق بِيَرْفَعُ "وَإِسْمَاعِيل" عُطِفَ عَلَى إبْرَاهِيم يَقُولَانِ "رَبّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا" بِنَاءَنَا "إنَّك أَنْت السَّمِيع" لِلْقَوْلِ "الْعَلِيم" بِالْفِعْلِ
{128} رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُسْلِمَةً لَكَ وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا وَتُبْ عَلَيْنَا إِنَّكَ أَنْتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ "رَبّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَك" مُنْقَادَيْنِ "وَمِنْ ذُرِّيَّتنَا" اجْعَلْ أَوْلَادنَا "أُمَّة" جَمَاعَة "مُسْلِمَة لَك" وَمِنْ لِلتَّبْعِيضِ وَأَتَى بِهِ لِتَقَدُّمِ قَوْله لَا يَنَال عَهْدِي الظَّالِمِينَ "وَأَرِنَا" عَلِّمْنَا "مَنَاسِكنَا" شَرَائِع عِبَادَتنَا أَوْ حَجّنَا "وَتُبْ عَلَيْنَا إنَّك أَنْت التَّوَّاب الرَّحِيم" سَأَلَاهُ التَّوْبَة مَعَ عِصْمَتهمَا تَوَاضُعًا وَتَعْلِيمًا لِذُرِّيَّتِهِمَا
{129} رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ "رَبّنَا وَابَعْث فِيهِمْ" أَيْ أَهْل الْبَيْت "رَسُولًا مِنْهُمْ" مِنْ أَنْفُسهمْ وَقَدْ أَجَابَ اللَّه دُعَاءَهُ بِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتك" الْقُرْآن "وَيُعَلِّمهُمْ الْكِتَاب" الْقُرْآن "وَالْحِكْمَة" أَيْ مَا فِيهِ مِنْ الْأَحْكَام "وَيُزَكِّيهِمْ" يُطَهِّرهُمْ مِنْ الشِّرْك "إنَّك أَنْت الْعَزِيز" الْغَالِب "الْحَكِيم" فِي صُنْعه
{130} وَمَنْ يَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ إِبْرَاهِيمَ إِلَّا مَنْ سَفِهَ نَفْسَهُ وَلَقَدِ اصْطَفَيْنَاهُ فِي الدُّنْيَا وَإِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ "وَمَنْ" أَيْ لَا "يَرْغَب عَنْ مِلَّة إبْرَاهِيم" فَيَتْرُكهَا "إلَّا مَنْ سَفِهَ نَفْسه" جَهِلَ أَنَّهَا مَخْلُوقَة لِلَّهِ يَجِب عَلَيْهَا عِبَادَته أَوْ اسْتَخَفَّ بِهَا وَامْتَهَنَهَا "وَلَقَدْ اصْطَفَيْنَاهُ" اخْتَرْنَاهُ "فِي الدُّنْيَا" بِالرِّسَالَةِ وَالْخَلَّة "وَإِنَّهُ فِي الْآخِرَة لَمِنْ الصَّالِحِينَ" الَّذِينَ لَهُمْ الدَّرَجَات الْعُلَى
{131} إِذْ قَالَ لَهُ رَبُّهُ أَسْلِمْ قَالَ أَسْلَمْتُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ وَاذْكُرْ "إذْ قَالَ لَهُ رَبّه أَسْلِمْ" انْقَدْ لِلَّهِ وَأَخْلِصْ لَهُ دِينك "قال أسلمت لرب العالمين"
{132} وَوَصَّى بِهَا إِبْرَاهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ يَا بَنِيَّ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى لَكُمُ الدِّينَ فَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ "وَوَصَّى" وَفِي قِرَاءَة أَوْصَى "بِهَا" بِالْمِلَّةِ "إبْرَاهِيم بَنِيهِ وَيَعْقُوب" بَنِيهِ قَالَ : "يَا بَنِيّ إنَّ اللَّه اصْطَفَى لَكُمْ الدِّين" دِين الْإِسْلَام "فَلَا تَمُوتُنَّ إلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ" نَهَى عَنْ تَرْك الْإِسْلَام وَأَمَرَ بِالثَّبَاتِ عَلَيْهِ إلَى مُصَادَفَة الْمَوْت
{133} أَمْ كُنْتُمْ شُهَدَاءَ إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ إِذْ قَالَ لِبَنِيهِ مَا تَعْبُدُونَ مِنْ بَعْدِي قَالُوا نَعْبُدُ إِلَهَكَ وَإِلَهَ آبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِلَهًا وَاحِدًا وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ وَلَمَّا قَالَ الْيَهُود لِلنَّبِيِّ أَلَسْت تَعْلَم أَنَّ يَعْقُوب يَوْم مَاتَ أَوْصَى بَنِيهِ بِالْيَهُودِيَّةِ نَزَلَ "أَمْ كُنْتُمْ شُهَدَاء" حُضُورًا "إذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ إذْ" بَدَل مِنْ إذْ قَبْله "قَالَ لِبَنِيهِ مَا تَعْبُدُونَ مِنْ بَعْدِي" بَعْد مَوْتِي "قَالُوا نَعْبُد إلَهك وَإِلَه آبَائِك إبْرَاهِيم وَإِسْمَاعِيل وَإِسْحَاق" عَدّ إسْمَاعِيل مِنْ الْآبَاء تَغْلِيب وَلِأَنَّ الْعَمّ بِمَنْزِلَةِ الْأَب "إلَهًا وَاحِدًا" بَدَل مِنْ إلَهك "ونحن له مسلمون" وَأَمْ بِمَعْنَى هَمْزَة الْإِنْكَار أَيْ لَمْ تَحْضُرُوهُ وَقْت مَوْته فَكَيْفَ تَنْسُبُونَ إلَيْهِ مَا لَا يَلِيق بِهِ
{134} تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَلَكُمْ مَا كَسَبْتُمْ وَلَا تُسْأَلُونَ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ "تِلْكَ" مُبْتَدَأ وَالْإِشَارَة إلَى إبْرَاهِيم وَيَعْقُوب وَبَنِيهِمَا وَأَنَّثَ لِتَأْنِيثِ خَبَره "أُمَّة قَدْ خَلَتْ" سَلَفَتْ "لَهَا مَا كَسَبَتْ" مِنْ الْعَمَل أَيْ جَزَاؤُهُ اسْتِئْنَاف "وَلَكُمْ" الْخِطَاب لِلْيَهُودِ "مَا كَسَبْتُمْ وَلَا تُسْأَلُونَ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ" كَمَا لَا يُسْأَلُونَ عَنْ عَمَلكُمْ وَالْجُمْلَة تَأْكِيد لِمَا قَبْلهَا

المشعـل 10-09-2011 09:31 AM

البقرة
{135} وَقَالُوا كُونُوا هُودًا أَوْ نَصَارَى تَهْتَدُوا قُلْ بَلْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ "
وَقَالُوا كُونُوا هُودًا أَوْ نَصَارَى تَهْتَدُوا" أَوْ لِلتَّفْصِيلِ وَقَائِل الْأَوَّل يَهُود الْمَدِينَة وَالثَّانِي نَصَارَى نَجْرَان "قُلْ" لَهُمْ "بَلْ" نَتَّبِع "مِلَّة إبْرَاهِيم حَنِيفًا" حَال مِنْ إبْرَاهِيم مَائِلًا عَنْ الْأَدْيَان كُلّهَا إلَى الدِّين الْقَيِّم "وما كان من المشركين"
{136} قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ "
قُولُوا" خِطَاب لِلْمُؤْمِنِينَ "آمَنَّا بِاَللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إلَيْنَا" مِنْ الْقُرْآن "وَمَا أُنْزِلَ إلَى إبْرَاهِيم" مِنْ الصُّحُف الْعَشْر "وَإِسْمَاعِيل وَإِسْحَاق وَيَعْقُوب وَالْأَسْبَاط" أَوْلَاده فَسَّرَ الْأَسْبَاط بِأَنَّهُمْ أَبْنَاء يَعْقُوب وَلَكِنْ اتِّفَاق الْعُلَمَاء عَلَى أَنَّهُ لَا تَصِحّ النُّبُوَّة لِأُخُوَّةِ يُوسُف الْعَشَرَة مَا عَدَا بِنْيَامِين وَذَلِك لِفِعْلِهِمْ الْأَفَاعِيل الَّتِي لَا تَلِيق بِمَقَامِ النُّبُوَّة وَالْمُرَاد بِالْأَسْبَاطِ هُمْ ذُرِّيَّة إخْوَة يُوسُف "وَمَا أُوتِيَ مُوسَى" مِنْ التَّوْرَاة "وَعِيسَى" مِنْ الْإِنْجِيل "وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِنْ رَبّهمْ" مِنْ الْكُتُب وَالْآيَات "لَا نُفَرِّق بَيْن أَحَد مِنْهُمْ" فَنُؤْمِن بِبَعْضٍ وَنَكْفُر بِبَعْضٍ كَالْيَهُودِ وَالنَّصَارَى "ونحن له مسلمون"
{137} فَإِنْ آمَنُوا بِمِثْلِ مَا آمَنْتُمْ بِهِ فَقَدِ اهْتَدَوْا وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا هُمْ فِي شِقَاقٍ فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللَّهُ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ "
فَإِنْ آمَنُوا" أَيْ الْيَهُود وَالنَّصَارَى "بِمِثْلِ" مِثْل زَائِدَة "مَا آمَنْتُمْ بِهِ فَقَدْ اهْتَدَوْا وَإِنْ تَوَلَّوْا" عَنْ الْإِيمَان بِهِ "فَإِنَّمَا هُمْ فِي شِقَاق" خِلَاف مَعَكُمْ "فَسَيَكْفِيكَهُمْ اللَّه" يَا مُحَمَّد شِقَاقهمْ "وَهُوَ السَّمِيع" لِأَقْوَالِهِمْ "الْعَلِيم" بِأَحْوَالِهِمْ وَقَدْ كَفَاهُ إيَّاهُمْ بِقَتْلِ قُرَيْظَة وَنَفْي النَّضِير وَضَرْب الْجِزْيَة عَلَيْهِمْ
{138} صِبْغَةَ اللَّهِ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ صِبْغَةً وَنَحْنُ لَهُ عَابِدُونَ "
صِبْغَة اللَّه" مَصْدَر مُؤَكِّد لِآمَنَّا وَنَصْبُهُ بِفِعْلٍ مُقَدَّر أَيْ صَبَغَنَا اللَّه وَالْمُرَاد بِهَا دِينه الَّذِي فَطَرَ النَّاس عَلَيْهِ لِظُهُورِ أَثَره عَلَى صَاحِبه كَالصَّبْغِ فِي الثَّوْب . "وَمَنْ" أَيْ لَا أَحَد "أَحْسَن مِنْ اللَّه صِبْغَة" تَمْيِيز "وَنَحْنُ لَهُ عَابِدُونَ" قَالَ الْيَهُود لِلْمُسْلِمِينَ نَحْنُ أَهْل الْكِتَاب الْأَوَّل وَقِبْلَتنَا أَقْدَم وَلَمْ تَكُنْ الْأَنْبِيَاء مِنْ الْعَرَب وَلَوْ كَانَ مُحَمَّد نَبِيًّا لَكَانَ مِنَّا فَنَزَلَ
{139} قُلْ أَتُحَاجُّونَنَا فِي اللَّهِ وَهُوَ رَبُّنَا وَرَبُّكُمْ وَلَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُخْلِصُونَ "
قُلْ" لَهُمْ "أَتُحَاجُّونَنَا" تُخَاصِمُونَنَا "فِي اللَّه" أَنْ اصْطَفَى نَبِيًّا مِنْ الْعَرَب "وَهُوَ رَبّنَا وَرَبّكُمْ" فَلَهُ أَنْ يَصْطَفِي مَنْ يَشَاء "وَلَنَا أَعْمَالنَا" نُجَازِي بِهَا "وَلَكُمْ أَعْمَالكُمْ" تُجَازُونَ بِهَا فَلَا يَبْعُد أَنْ يَكُون فِي أَعْمَالنَا مَا نَسْتَحِقّ بِهِ الْإِكْرَام "وَنَحْنُ لَهُ مُخْلِصُونَ" الدِّين وَالْعَمَل دُونكُمْ فَنَحْنُ أَوْلَى بِالِاصْطِفَاءِ وَالْهَمْزَة لِلْإِنْكَارِ وَالْجُمَل الثَّلَاث أَحْوَال
{140} أَمْ تَقُولُونَ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطَ كَانُوا هُودًا أَوْ نَصَارَى قُلْ أَأَنْتُمْ أَعْلَمُ أَمِ اللَّهُ وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَتَمَ شَهَادَةً عِنْدَهُ مِنَ اللَّهِ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ "
أَمْ" بَلْ "تَقُولُونَ" بِالتَّاءِ وَالْيَاء "إنَّ إبْرَاهِيم وَإِسْمَاعِيل وَإِسْحَاق وَيَعْقُوب وَالْأَسْبَاط كَانُوا هُودًا أَوْ نَصَارَى قُلْ" لَهُمْ "أَأَنْتُمْ أَعْلَم أَمْ اللَّه" أَيْ اللَّه أَعْلَم وَقَدْ بَرَأَ مِنْهُمَا إبْرَاهِيم بِقَوْلِهِ "مَا كَانَ إبْرَاهِيم يَهُودِيًّا وَلَا نَصْرَانِيًّا" وَالْمَذْكُورُونَ مَعَهُ تَبَع لَهُ "وَمَنْ أَظْلَم مِمَّنْ كَتَمَ" أَخْفَى عَنْ النَّاس "شَهَادَة عِنْده" كَائِنَة "مِنْ اللَّه" أَيْ لَا أَحَد أَظْلَم مِنْهُ وَهُمْ الْيَهُود كَتَمُوا شَهَادَة اللَّه فِي التَّوْرَاة لِإِبْرَاهِيم بِالْحَنِيفِيَّةِ "وَمَا اللَّه بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ" تَهْدِيد لَهُمْ
{141} تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَلَكُمْ مَا كَسَبْتُمْ وَلَا تُسْأَلُونَ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ "
تِلْكَ أُمَّة قَدْ خَلَتْ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَلَكُمْ مَا كَسَبْتُمْ وَلَا تُسْأَلُونَ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ" تَقَدَّمَ مِثْله

بسمة ملاك 10-09-2011 09:46 AM

{142} سَيَقُولُ السُّفَهَاءُ مِنَ النَّاسِ مَا وَلَّاهُمْ عَنْ قِبْلَتِهِمُ الَّتِي كَانُوا عَلَيْهَا قُلْ لِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ "سَيَقُولُ السُّفَهَاء" الْجُهَّال وَالْإِتْيَان بِالسِّينِ الدَّالَّة عَلَى الِاسْتِقْبَال مِنْ الْإِخْبَار بِالْغَيْبِ "مِنْ النَّاس" الْيَهُود وَالْمُشْرِكِينَ "مَا وَلَّاهُمْ" أَيّ شَيْء صَرَفَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْمُؤْمِنِينَ "عَنْ قِبْلَتهمْ الَّتِي كَانُوا عَلَيْهَا" عَلَى اسْتِقْبَالهَا فِي الصَّلَاة وَهِيَ بَيْت الْمَقْدِس "قُلْ لِلَّهِ الْمَشْرِق وَالْمَغْرِب" أَيْ الْجِهَات كُلّهَا فَيَأْمُر بِالتَّوَجُّهِ إلَى أَيّ جِهَة شَاءَ لَا اعْتِرَاض عَلَيْهِ "يَهْدِي مَنْ يَشَاء" هِدَايَته "إلَى صِرَاط" طَرِيق "مُسْتَقِيم" دِين الْإِسْلَام أَيْ وَمِنْهُمْ أَنْتُمْ دَلَّ عَلَى هَذَا
{143} وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا وَمَا جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنْتَ عَلَيْهَا إِلَّا لِنَعْلَمَ مَنْ يَتَّبِعُ الرَّسُولَ مِمَّنْ يَنْقَلِبُ عَلَى عَقِبَيْهِ وَإِنْ كَانَتْ لَكَبِيرَةً إِلَّا عَلَى الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ "وَكَذَلِكَ" كَمَا هَدَيْنَاكُمْ إلَيْهِ "جَعَلْنَاكُمْ" يَا أُمَّة مُحَمَّد "أُمَّةً وَسَطًا" خِيَارًا عُدُولًا "لِتَكُونُوا شُهَدَاء عَلَى النَّاس" يَوْم الْقِيَامَة أَنَّ رُسُلهمْ بَلَّغَتْهُمْ "وَيَكُون الرَّسُول عَلَيْكُمْ شَهِيدًا" أَنَّهُ بَلَّغَكُمْ "وَمَا جَعَلْنَا" صَيَّرْنَا "الْقِبْلَة" لَك الْآن الْجِهَة "الَّتِي كُنْت عَلَيْهَا" أَوَّلًا وَهِيَ الْكَعْبَة وَكَانَ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي إلَيْهَا فَلَمَّا هَاجَرَ أُمِرَ بِاسْتِقْبَالِ بَيْت الْمَقْدِس تَأَلُّفًا لِلْيَهُودِ فَصَلَّى إلَيْهِ سِتَّة أَوْ سَبْعَة عَشْر شَهْرًا ثُمَّ حُوِّلَ "إلَّا لِنَعْلَم" عِلْم ظُهُور "مَنْ يَتَّبِع الرَّسُول" فَيُصَدِّقهُ "مِمَّنْ يَنْقَلِب عَلَى عَقِبَيْهِ" أَيْ يَرْجِع إلَى الْكُفْر شَكًّا فِي الدِّين وَظَنًّا أَنَّ النَّبِيّ . صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حِيرَة مِنْ أَمْره وَقَدْ ارْتَدَّ لِذَلِك جَمَاعَة "وَإِنْ" مُخَفَّفَة مِنْ الثَّقِيلَة وَاسْمهَا مَحْذُوف أَيْ : وَإِنَّهَا "كَانَتْ" أَيْ التَّوْلِيَة إلَيْهَا "لَكَبِيرَة" شَاقَّة عَلَى النَّاس "إلَّا عَلَى الَّذِينَ هَدَى اللَّه" مِنْهُمْ "وَمَا كَانَ اللَّه لِيُضِيعَ إيمَانكُمْ" أَيْ صَلَاتكُمْ إلَى بَيْت الْمَقْدِس بَلْ يُثِيبكُمْ عَلَيْهِ لِأَنَّ سَبَب نُزُولهَا السُّؤَال عَمَّنْ مَاتَ قَبْل التَّحْوِيل "إنَّ اللَّه بِالنَّاسِ" الْمُؤْمِنِينَ "لَرَءُوف رَحِيم" فِي عَدَم إضَاعَة أَعْمَالهمْ وَالرَّأْفَة شِدَّة الرَّحْمَة وَقَدَّمَ الْأَبْلَغ لِلْفَاصِلَةِ
{144} قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُمَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ وَإِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا يَعْمَلُونَ "قَدْ" لِلتَّحْقِيقِ "نَرَى تَقَلُّب" تَصَرُّف "وَجْهك فِي" جِهَة "السَّمَاء" مُتَطَلِّعًا إلَى الْوَحْي وَمُتَشَوِّقًا لِلْأَمْرِ بِاسْتِقْبَالِ الْكَعْبَة وَكَانَ يَوَدّ ذَلِكَ لِأَنَّهَا قِبْلَة إبْرَاهِيم وَلِأَنَّهُ أَدْعَى إلَى إسْلَام الْعَرَب "فَلَنُوَلِّيَنَّكَ" نُحَوِّلَنَّك "قِبْلَة تَرْضَاهَا" تُحِبّهَا "فَوَلِّ وَجْهك" اسْتَقْبِلْ فِي الصَّلَاة "شَطْر" نَحْو "الْمَسْجِد الْحَرَام" أَيْ الْكَعْبَة "وَحَيْثُ مَا كُنْتُمْ" خِطَاب لِلْأُمَّةِ "فَوَلُّوا وُجُوهكُمْ" فِي الصَّلَاة "شَطْره" "وَإِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَاب لَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ" أَيْ التَّوَلِّي إلَى الْكَعْبَة "الْحَقّ" الثَّابِت "مِنْ رَبّهمْ" لِمَا فِي كُتُبهمْ مِنْ نَعْت النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ أَنَّهُ يَتَحَوَّل إلَيْهَا "وَمَا اللَّه بِغَافِلٍ عَمَّا يَعْمَلُونَ" بِالتَّاءِ أَيّهَا الْمُؤْمِنُونَ مِنْ امْتِثَال أَمْره وَبِالْيَاءِ أَيْ الْيَهُود مِنْ إنْكَار أَمْر الْقِبْلَة
{145} وَلَئِنْ أَتَيْتَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ بِكُلِّ آيَةٍ مَا تَبِعُوا قِبْلَتَكَ وَمَا أَنْتَ بِتَابِعٍ قِبْلَتَهُمْ وَمَا بَعْضُهُمْ بِتَابِعٍ قِبْلَةَ بَعْضٍ وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ إِنَّكَ إِذًا لَمِنَ الظَّالِمِينَ "وَلَئِنْ" لَام الْقَسَم "أَتَيْت الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَاب بِكُلِّ آيَة" عَلَى صِدْقك فِي أَمْر الْقِبْلَة "مَا تَبِعُوا" أَيْ لَا يَتْبَعُونَ "قِبْلَتك" عِنَادًا "وَمَا أَنْت بِتَابِعٍ قِبْلَتهمْ" قَطْع لِطَمَعِهِ فِي إسْلَامهمْ وَطَمَعهمْ فِي عَوْده إلَيْهَا "وَمَا بَعْضهمْ بِتَابِعٍ قِبْلَة بَعْض" أَيْ الْيَهُود قِبْلَة النَّصَارَى وَبِالْعَكْسِ "وَلَئِنْ اتَّبَعْت أَهْوَاءَهُمْ" الَّتِي يَدْعُونَك إلَيْهَا "مِنْ بَعْد مَا جَاءَك مِنْ الْعِلْم" الْوَحْي "إنَّك إذًا" إنْ اتَّبَعْتهمْ فَرْضًا "لمن الظالمين"

المشعـل 10-09-2011 10:31 PM

البقرة
{146} الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ وَإِنَّ فَرِيقًا مِنْهُمْ لَيَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ
لَّذِينَ آتَيْنَاهُمْ الْكِتَاب يَعْرِفُونَهُ" أَيْ مُحَمَّدًا "كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ" بِنَعْتِهِ فِي كُتُبهمْ قَالَ ابْن سَلَام : لَقَدْ عَرَفْته حِين رَأَيْته كَمَا أَعْرِف ابْنِي وَمَعْرِفَتِي مُحَمَّد أَشَدّ "وَإْنَّ فَرِيقًا مِنْهُمْ لَيَكْتُمُونَ الْحَقّ" نَعْته "وَهُمْ يَعْلَمُونَ" هَذَا الَّذِي أَنْت عَلَيْهِ
{147} الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ "الْحَقّ" كَائِنًا "مِنْ رَبّك فَلَا تَكُونَن مِنْ الْمُمْتَرِينَ" الشَّاكِّينَ فِيهِ أَيْ مِنْ هَذَا النَّوْع فَهُوَ أَبْلَغ مِنْ أَنْ لَا تَمْتَرِ
{148} وَلِكُلٍّ وِجْهَةٌ هُوَ مُوَلِّيهَا فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ أَيْنَمَا تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ اللَّهُ جَمِيعًا إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ "
وَلِكُلٍّ" مِنْ الْأُمَم "وِجْهَة" قِبْلَة "هُوَ مُوَلِّيهَا" وِجْهَة فِي صَلَاته وَفِي قِرَاءَة مَوْلَاهَا "فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَات" بَادِرُوا إلَى الطَّاعَات وَقَبُولهَا "أَيْنَ مَا تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمْ اللَّه جَمِيعًا" يَجْمَعكُمْ يَوْم الْقِيَامَة فَيُجَازِيكُمْ بِأَعْمَالِكُمْ "إن الله على كل شيء قدير"
{149} وَمِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَإِنَّهُ لَلْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ "
وَمِنْ حَيْثُ خَرَجْت" لِسَفَرٍ "فَوَلِّ وَجْهك شَطْر الْمَسْجِد الْحَرَام وَإِنَّهُ لَلْحَقّ مِنْ رَبّك وَمَا اللَّه بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ" بِالتَّاءِ وَالْيَاء تَقَدَّمَ مِثْله وَكَرَّرَهُ لِبَيَانِ تَسَاوِي حُكْم السَّفَر وَغَيْره
{150} وَمِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُمَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَيْكُمْ حُجَّةٌ إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ فَلَا تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِي وَلِأُتِمَّ نِعْمَتِي عَلَيْكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ "
وَمِنْ حَيْثُ خَرَجْت فَوَلِّ وَجْهك شَطْر الْمَسْجِد الْحَرَام وَحَيْثُ مَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهكُمْ شَطْره" كَرَّرَهُ لِلتَّأْكِيدِ "لِئَلَّا يَكُون لِلنَّاسِ" الْيَهُود أَوْ الْمُشْرِكِينَ "عَلَيْكُمْ حُجَّة" أَيْ مُجَادَلَة فِي التَّوَلِّي إلَى غَيْره لِتَنْتِفِي مُجَادَلَتهمْ لَكُمْ مِنْ قَوْل الْيَهُود يَجْحَد دِيننَا وَيَتْبَع قِبْلَتنَا وَقَوْل الْمُشْرِكِينَ يَدَّعِي مِلَّة إبْرَاهِيم وَيُخَالِف قِبْلَته "إلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ" بِالْعِنَادِ فَإِنَّهُمْ يَقُولُونَ مَا تَحَوَّلَ إلَيْهَا إلَّا مَيْلًا إلَى دِين آبَائِهِ وَالِاسْتِثْنَاء مُتَّصِل وَالْمَعْنَى : لَا يَكُون لِأَحَدٍ عَلَيْكُمْ كَلَام إلَّا كَلَام هَؤُلَاءِ "فَلَا تَخْشَوْهُمْ" تَخَافُوا جِدَالهمْ فِي التَّوَلِّي إلَيْهَا "وَاخْشَوْنِي" بِامْتِثَالِ أَمْرِي "وَلِأُتِمّ" عُطِفَ عَلَى لِئَلَّا يَكُون "نِعْمَتِي عَلَيْكُمْ" بِالْهِدَايَةِ إلَى مَعَالِم دِينكُمْ "وَلَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ" إلَى الْحَقّ
{151} كَمَا أَرْسَلْنَا فِيكُمْ رَسُولًا مِنْكُمْ يَتْلُو عَلَيْكُمْ آيَاتِنَا وَيُزَكِّيكُمْ وَيُعَلِّمُكُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُعَلِّمُكُمْ مَا لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ "
كَمَا أَرْسَلْنَا" مُتَعَلِّق بِأَتَمّ أَيْ إتْمَامًا كَإِتْمَامِهَا بِإِرْسَالِنَا "فِيكُمْ رَسُولًا مِنْكُمْ" مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "يَتْلُو عَلَيْكُمْ آيَاتنَا" الْقُرْآن "وَيُزَكِّيكُمْ" يُطَهِّركُمْ مِنْ الشِّرْك "وَيُعَلِّمكُمْ الْكِتَاب" الْقُرْآن "وَالْحِكْمَة" مَا فِيهِ مِنْ الْأَحْكَام "ويعلمكم ما لم تكونو تعلمون"
{152} فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لِي وَلَا تَكْفُرُونِ "
فَاذْكُرُونِي" بِالصَّلَاةِ وَالتَّسْبِيح وَنَحْوه "أَذْكُركُمْ" قِيلَ مَعْنَاهُ أُجَازِيكُمْ وَفِي الْحَدِيث عَنْ اللَّه ( مَنْ ذَكَرَنِي فِي نَفْسه ذَكَرْته فِي نَفْسِي وَمَنْ ذَكَرَنِي فِي مَلَأ ذَكَرْته فِي مَلَأ خَيْر مِنْ مَلَئِهِ) "وَاشْكُرُوا لِي" نِعْمَتِي بِالطَّاعَةِ "وَلَا تَكْفُرُونِ" بِالْمَعْصِيَةِ
{153} يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ "
يَا أَيّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَعِينُوا" عَلَى الْآخِرَة "بِالصَّبْرِ" عَلَى الطَّاعَة وَالْبَلَاء "وَالصَّلَاة" خَصَّهَا بِالذِّكْرِ لِتَكَرُّرِهَا وَعِظَمهَا "إنَّ اللَّه مَعَ الصَّابِرِينَ" بِالْعَوْنِ

jojo 10-10-2011 02:30 AM

البقرة

{154} وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ يُقْتَلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتٌ بَلْ أَحْيَاءٌ وَلَكِنْ لَا تَشْعُرُونَ"وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ يُقْتَل فِي سَبِيل اللَّه" هُمْ "أَمْوَات بَلْ" هُمْ "أَحْيَاء" أَرْوَاحهمْ فِي حَوَاصِل طُيُور خُضْر تَسْرَح فِي الْجَنَّة حَيْثُ شَاءَتْ لِحَدِيثٍ بِذَلِكَ "وَلَكِنْ لَا تَشْعُرُونَ" تَعْلَمُونَ مَا هُمْ فِيهِ
{155} وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ"وَلَنَبْلُوَنَّكُم بِشَيْءٍ مِنْ الْخَوْف" لِلْعَدُوِّ "وَالْجُوع" الْقَحْط "وَنَقْص مِنْ الْأَمْوَال" بِالْهَلَاكِ "وَالْأَنْفُس" بِالْقَتْلِ وَالْمَوْت وَالْأَمْرَاض"وَالثَّمَرَات" بِالْحَوَائِجِ أَيْ لَنَخْتَبِرَنَّكُم فَنَنْظُر أَتَصْبِرُونَ أَمْ لَا "وَبَشِّرْ الصَّابِرِينَ" عَلَى الْبَلَاء بِالْجَنَّةِ
{156} الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَهُمُ "الَّذِينَ إذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَة" بَلَاء "قَالُوا إنَّا لِلَّهِ" مَلِكًا وَعَبِيدًا يَفْعَل بِنَا مَا يَشَاء "وَإِنَّا إلَيْهِ رَاجِعُونَ" فِي الْآخِرَة فَيُجَازِينَا وَفِي الْحَدِيث (مَنْ اسْتَرْجَعَ عِنْد الْمُصِيبَة أَجَرَهُ اللَّه فِيهَا وَأَخْلَفَ اللَّه عَلَيْهِ خَيْرًا ) وَفِيهِ أَنَّ مِصْبَاح النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ طُفِئَ فَاسْتَرْجَعَ فَقَالَتْ عَائِشَة : إنَّمَا هَذَا مِصْبَاح فَقَالَ : (كُلّ مَا أَسَاءَ الْمُؤْمِن فَهُوَ مُصِيبَة) رَوَاهُ أَبُو دَاوُد فِي مَرَاسِيله
{157} أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ"أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَات" مَغْفِرَة "مِنْ رَبّهمْ وَرَحْمَة" نِعْمَة "وَأُولَئِكَ هُمْ الْمُهْتَدُونَ" إلَى الصَّوَاب
{158} إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا وَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا فَإِنَّ اللَّهَ شَاكِرٌ عَلِيمٌ"إنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَة" جَبَلَانِ بِمَكَّة "مِنْ شَعَائِر اللَّه" أَعْلَام دِينه جَمْع شَعِيرَة "فَمَنْ حَجّ الْبَيْت أَوْ اعْتَمَرَ" أَيْ تَلَبَّسَ بِالْحَجِّ أَوْ الْعُمْرَة وَأَصْلهمَا الْقَصْد وَالزِّيَارَة "فَلَا جُنَاح عَلَيْهِ" إثْم عَلَيْهِ "أَنْ يَطَّوَّف" فِيهِ إدْغَام التَّاء فِي الْأَصْل فِي الطَّاء "بِهِمَا" بِأَنْ يَسْعَى بَيْنهمَا سَبْعًا نَزَلَتْ لَمَّا كَرِهَ الْمُسْلِمُونَ ذَلِكَ لِأَنَّ أَهْل الْجَاهِلِيَّة كَانُوا يَطُوفُونَ بِهِمَا وَعَلَيْهِمَا صَنَمَانِ يَمْسَحُونَهُمَا وَعَنْ ابْن عَبَّاس أَنَّ السَّعْي غَيْر فَرْض لِمَا أَفَادَهُ رَفْع الْإِثْم مِنْ التَّخْيِير وَقَالَ الشَّافِعِيّ وَغَيْره رُكْن وَبَيَّنَ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَرِيضَته بِقَوْلِهِ (إنَّ اللَّه كَتَبَ عَلَيْكُمْ السَّعْي) رَوَاهُ الْبَيْهَقِيّ وَغَيْره (وَقَالَ ابْدَءُوا بِمَا بَدَأَ اللَّه بِهِ) يَعْنِي الصَّفَا رَوَاهُ مُسْلِم "وَمَنْ تَطَوَّعَ" وَفِي قِرَاءَة بِالتَّحْتِيَّةِ وَتَشْدِيد الطَّاء مَجْزُومًا وَفِيهِ إدْغَام التَّاء فِيهَا "خَيْرًا" أَيْ بِخَيْرٍ أَيْ عَمِلَ مَا لَمْ يَجِب عَلَيْهِ مِنْ طَوَاف وَغَيْره "فَإِنَّ اللَّه شَاكِر" لِعَمَلِهِ بِالْإِثَابَةِ عَلَيْهِ "عَلِيم" بِهِ
{159} إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِنْ بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُولَئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللَّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَوَنَزَلَ فِي الْيَهُود "إنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ" النَّاس "مَا أَنْزَلْنَا مِنْ الْبَيِّنَات وَالْهُدَى" كَآيَةِ الرَّجْم وَنَعْت مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ"مِنْ بَعْد مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَاب" التَّوْرَاة "أُولَئِكَ يَلْعَنهُمْ اللَّه" يُبْعِدهُمْ مِنْ رَحْمَته "وَيَلْعَنهُمْ اللَّاعِنُونَ" الْمَلَائِكَة وَالْمُؤْمِنُونَ أَوْ كُلّ شَيْء بِالدُّعَاءِ عَلَيْهِمْ بِاللَّعْنَةِ
{160} إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا وَأَصْلَحُوا وَبَيَّنُوا فَأُولَئِكَ أَتُوبُ عَلَيْهِمْ وَأَنَا التَّوَّابُ الرَّحِيمُ"إلَّا الَّذِينَ تَابُوا" رَجَعُوا عَنْ ذَلِكَ "وَأَصْلَحُوا" عَمَلهمْ "وَبَيَّنُوا" مَا كَتَمُوا "فَأُولَئِكَ أَتُوب عَلَيْهِمْ" أَقْبَل تَوْبَتهمْ "وَأَنَا التَّوَّاب الرَّحِيم"بِالْمُؤْمِنِينَ
{161} إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَمَاتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ لَعْنَةُ اللَّهِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ"إنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَمَاتُوا وَهُمْ كُفَّار" حَال "أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ لَعْنَة اللَّه وَالْمَلَائِكَة وَالنَّاس أَجْمَعِينَ" أَيْ هُمْ مُسْتَحِقُّونَ ذَلِكَ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَة وَالنَّاس قِيلَ : عَامّ وَقِيلَ : الْمُؤْمِنُونَ
{162} خَالِدِينَ فِيهَا لَا يُخَفَّفُ عَنْهُمُ الْعَذَابُ وَلَا هُمْ يُنْظَرُونَ"خَالِدِينَ فِيهَا" أَيْ اللَّعْنَة وَالنَّار الْمَدْلُول بِهَا عَلَيْهَا "لَا يُخَفَّف عَنْهُمْ الْعَذَاب" طَرْفَة عَيْن "وَلَا هُمْ يُنْظَرُونَ" يُمْهَلُونَ لِتَوْبَةٍ أَوْ لِمَعْذِرَةٍ
{163} وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُوَنَزَلَ لَمَّا قَالُوا صِفْ لَنَا رَبّك : "وَإِلَهكُمْ" الْمُسْتَحِقّ لِلْعِبَادَةِ مِنْكُمْ "إلَه وَاحِد" لَا نَظِير لَهُ فِي ذَاته وَلَا فِي صِفَاته "لَا إلَه إلَّا هُوَ" هُوَ "الرَّحْمَن الرَّحِيم" وَطَلَبُوا آيَة عَلَى ذَلِكَ فَنَزَلَ :

المشعـل 10-10-2011 04:25 AM

البقرة

{164} إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِمَا يَنْفَعُ النَّاسَ وَمَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ مَاءٍ فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَبَثَّ فِيهَا مِنْ كُلِّ دَابَّةٍ وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ وَالسَّحَابِ الْمُسَخَّرِ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ )
إنَّ فِي خَلْق السَّمَاوَات وَالْأَرْض" وَمَا فِيهِمَا مِنْ الْعَجَائِب "وَاخْتِلَاف اللَّيْل وَالنَّهَار" بِالذَّهَابِ وَالْمَجِيء وَالزِّيَادَة وَالنُّقْصَان "وَالْفُلْك" السُّفُن "الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْر" وَلَا تَرْسُب مُوقَرَة "بِمَا يَنْفَع النَّاس" مِنْ التِّجَارَات وَالْحَمْل "وَمَا أَنْزَلَ اللَّه مِنْ السَّمَاء مِنْ مَاء" مَطَر "فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْض" بِالنَّبَاتِ "بَعْد مَوْتهَا" يُبْسهَا "وَبَثَّ" فَرَّقَ وَنَشَرَ بِهِ "فِيهَا مِنْ كُلّ دَابَّة" لِأَنَّهُمْ يَنْمُونَ بِالْخِصْبِ الْكَائِن عَنْهُ "وَتَصْرِيف الرِّيَاح" تَقْلِيبهَا جُنُوبًا وَشِمَالًا حَارَّة وَبَارِدَة "وَالسَّحَاب" الْغَيْم "الْمُسَخَّر" الْمُذَلَّل بِأَمْرِ اللَّه تَعَالَى يَسِير إلَى حَيْثُ شَاءَ اللَّه "بَيْن السَّمَاء وَالْأَرْض" بِلَا عَلَاقَة "لَآيَات" دَالَّات عَلَى وَحْدَانِيّته تَعَالَى "لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ" يَتَدَبَّرُونَ
{165} وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْدَادًا يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلَّهِ وَلَوْ يَرَى الَّذِينَ ظَلَمُوا إِذْ يَرَوْنَ الْعَذَابَ أَنَّ الْقُوَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا وَأَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعَذَابِ )
وَمِنْ النَّاس مَنْ يَتَّخِذ مِنْ دُون اللَّه" أَيْ غَيْره "أَنْدَادًا" أَصْنَامًا "يُحِبُّونَهُمْ" بِالتَّعْظِيمِ وَالْخُضُوع "كَحُبِّ اللَّه" أَيْ كَحُبِّهِمْ لَهُ "وَاَلَّذِينَ آمَنُوا أَشَدّ حُبًّا لِلَّهِ" مِنْ حُبّهمْ لِلْأَنْدَادِ لِأَنَّهُمْ لَا يَعْدِلُونَ عَنْهُ بِحَالٍ مَا وَالْكُفَّار يَعْدِلُونَ فِي الشِّدَّة إلَى اللَّه "وَلَوْ يَرَى" تُبْصِر يَا مُحَمَّد "الَّذِينَ ظَلَمُوا" بِاِتِّخَاذِ الْأَنْدَاد "إذْ يَرَوْنَ" بِالْبِنَاءِ لِلْفَاعِلِ وَالْمَفْعُول يُبْصِرُونَ "الْعَذَاب" لَرَأَيْت أَمْرًا عَظِيمًا وَإِذْ بِمَعْنَى إذَا "أَنَّ" أَيْ لِأَنَّ "الْقُوَّة" الْقُدْرَة وَالْغَلَبَة "لِلَّهِ جَمِيعًا" حَال "وَأَنَّ اللَّه شَدِيد الْعَذَاب" وَفِي قِرَاءَة تَرَى وَالْفَاعِل ضَمِير السَّامِع وَقِيلَ الَّذِينَ ظَلَمُوا فَهِيَ بِمَعْنَى يَعْلَم وَأَنَّ وَمَا بَعْدهَا سَدَّتْ مَسَدّ الْمَفْعُولَيْنِ وَجَوَاب لَوْ مَحْذُوف وَالْمَعْنَى لَوْ عَلِمُوا فِي الدُّنْيَا شِدَّة عَذَاب اللَّه وَأَنَّ الْقُدْرَة لِلَّهِ وَحْده وَقْت مُعَايَنَتهمْ لَهُ وَهُوَ يَوْم الْقِيَامَة لَمَّا اتَّخَذُوا مِنْ دُونه أَنْدَادًا
{166} إِذْ تَبَرَّأَ الَّذِينَ اتُّبِعُوا مِنَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا وَرَأَوُا الْعَذَابَ وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الْأَسْبَابُ )
إذْ" بَدَل مِنْ إذْ قَبْله "تَبَرَّأَ الَّذِينَ اُتُّبِعُوا" أَيْ الرُّؤَسَاء "مِنْ الَّذِينَ اتَّبَعُوا" أَيْ أَنْكَرُوا إضْلَالهمْ "وَ" قَدْ "رَأَوْا الْعَذَاب وَتَقَطَّعَتْ" عُطِفَ عَلَى تَبَرَّأَ "بِهِمْ" عَنْهُمْ "الْأَسْبَاب" الْوَصْل الَّتِي كَانَتْ بَيْنهمْ فِي الدُّنْيَا مِنْ الْأَرْحَام وَالْمَوَدَّة
{167} وَقَالَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا لَوْ أَنَّ لَنَا كَرَّةً فَنَتَبَرَّأَ مِنْهُمْ كَمَا تَبَرَّءُوا مِنَّا كَذَلِكَ يُرِيهِمُ اللَّهُ أَعْمَالَهُمْ حَسَرَاتٍ عَلَيْهِمْ وَمَا هُمْ بِخَارِجِينَ مِنَ النَّارِ)
وَقَالَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا لَوْ أَنَّ لَنَا كَرَّة" رَجْعَة إلَى الدُّنْيَا وَلَوْ لِلتَّمَنِّي وَنَتَبَرَّأ جَوَابه "فَنَتَبَرَّأ مِنْهُمْ" أَيْ الْمَتْبُوعِينَ "كَمَا تَبَرَّءُوا مِنَّا" الْيَوْم "كَذَلِكَ" أَيْ كَمَا أَرَاهُمْ شِدَّة عَذَابه وَتَبَرَّأَ بَعْضهمْ مِنْ بَعْض "يُرِيهِمْ اللَّه أَعْمَالهمْ" السَّيِّئَة "حَسَرَات" حَال نَدَامَات "عَلَيْهِمْ وَمَا هُمْ بِخَارِجِينَ مِنْ النَّار" بَعْد دُخُولهَا
{168} يَا أَيُّهَا النَّاسُ كُلُوا مِمَّا فِي الْأَرْضِ حَلَالًا طَيِّبًا وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ )
وَنَزَلَ فِيمَنْ حَرَّمَ السَّوَائِب وَنَحْوهَا "يَا أَيّهَا النَّاس كُلُوا مِمَّا فِي الْأَرْض حَلَالًا" حَال "طَيِّبًا" صِفَة مُؤَكِّدَة أَيْ مُسْتَلَذًّا "وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَات" طُرُق "الشَّيْطَان" أَيْ تَزْيِينه "إنَّهُ لَكُمْ عَدُوّ مُبِين" بَيِّن الْعَدَاوَة
{169} إِنَّمَا يَأْمُرُكُمْ بِالسُّوءِ وَالْفَحْشَاءِ وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ )
إنَّمَا يَأْمُركُمْ بِالسُّوءِ" الْإِثْم "وَالْفَحْشَاء" الْقَبِيح شَرْعًا "وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّه مَا لَا تَعْلَمُونَ" مِنْ تَحْرِيم مَا لَمْ يُحَرِّم وَغَيْره

jojo 10-10-2011 05:18 AM

البقرة

{170} وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ قَالُوا بَلْ نَتَّبِعُ مَا أَلْفَيْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ شَيْئًا وَلَا يَهْتَدُونَ"وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ" أَيْ الْكُفَّار "اتَّبِعُوا مَا أَنْزَلَ اللَّه" مِنْ التَّوْحِيد وَتَحْلِيل الطَّيِّبَات "قَالُوا" لَا "بَلْ نَتَّبِع مَا أَلْفَيْنَا" وَجَدْنَا "عَلَيْهِ آبَاءَنَا"مِنْ عِبَادَة الْأَصْنَام وَتَحْرِيم السَّوَائِب وَالْبَحَائِر "أَوَلَوْ" يَتَّبِعُونَهُمْ وَالْهَمْزَة لِلْإِنْكَارِ "كَانَ آبَاؤُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ شَيْئًا" مِنْ أَمْر الدِّين"وَلَا يَهْتَدُونَ" إلَى الْحَقّ
{171} وَمَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا كَمَثَلِ الَّذِي يَنْعِقُ بِمَا لَا يَسْمَعُ إِلَّا دُعَاءً وَنِدَاءً صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لَا يَعْقِلُونَ"وَمَثَل" صِفَة "الَّذِينَ كَفَرُوا" وَمَنْ يَدْعُوهُمْ إلَى الْهُدَى "كَمَثَلِ الَّذِي يَنْعِقُ" يُصَوِّت "بِمَا لَا يَسْمَع إلَّا دُعَاء وَنِدَاء" أَيْ صَوْتًا وَلَا يَفْهَم مَعْنَاهُ أَيْ فِي سَمَاع الْمَوْعِظَة وَعَدَم تَدَبُّرهَا كَالْبَهَائِمِ تَسْمَع صَوْت رَاعِيهَا وَلَا تَفْهَمهُ هُمْ "صُمّ بُكْم عُمْي فَهُمْ لَا يَعْقِلُونَ" الْمَوْعِظَة
{172} يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَاشْكُرُوا لِلَّهِ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ"يَا أَيّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَات" حَلَالَات "مَا رَزَقْنَاكُمْ وَاشْكُرُوا لِلَّهِ" عَلَى مَا أَحَلَّ لَكُمْ "إن كنتم إياه تعبدون"
{173} إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللَّهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ"إنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ الْمَيْتَة" أَيْ أَكْلهَا إذْ الْكَلَام فِيهِ وَكَذَا مَا بَعْدهَا وَهِيَ مَا لَمْ يُذَكَّ شَرْعًا وَأُلْحِقَ بِهَا بِالسُّنَّةِ مَا أُبِينَ مِنْ حَيّ وَخَصَّ مِنْهَا السَّمَك وَالْجَرَاد "وَالدَّم" أَيْ الْمَسْفُوح كَمَا فِي الْأَنْعَام "وَلَحْم الْخِنْزِير" خَصَّ اللَّحْم لِأَنَّهُ مُعْظَم الْمَقْصُود وَغَيْره تَبَع لَهُ "وَمَا أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللَّه" أَيْ ذُبِحَ عَلَى اسْم غَيْره وَالْإِهْلَال رَفْع الصَّوْت وَكَانُوا يَرْفَعُونَهُ عِنْد الذَّبْح لِآلِهَتِهِمْ "فَمَنْ اُضْطُرَّ" أَيْ أَلْجَأَتْهُ الضَّرُورَة إلَى أَكْل شَيْء مِمَّا ذُكِرَ فَأَكَلَهُ "غَيْر بَاغٍ" خَارِج عَلَى الْمُسْلِمِينَ "وَلَا عَادٍ" مُتَعَدٍّ عَلَيْهِمْ بِقَطْعِ الطَّرِيق "فَلَا إثْم عَلَيْهِ" فِي أَكْله "إنَّ اللَّه غَفُور" لِأَوْلِيَائِهِ "رَحِيم" بِأَهْلِ طَاعَته حَيْثُ وَسَّعَ لَهُمْ فِي ذَلِكَ وَخَرَجَ الْبَاغِي وَالْعَادِي وَيَلْحَق بِهِمَا كُلّ عَاصٍ بِسَفَرِهِ كَالْآبِقِ وَالْمَكَّاس فَلَا يَحِلّ لَهُمْ أَكْل شَيْء مِنْ ذَلِكَ مَا لَمْ يَتُوبُوا وَعَلَيْهِ الشَّافِعِيّ
{174} إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ الْكِتَابِ وَيَشْتَرُونَ بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا أُولَئِكَ مَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ إِلَّا النَّارَ وَلَا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ"إنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلَ اللَّه مِنْ الْكِتَاب" الْمُشْتَمِل عَلَى نَعْت مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُمْ الْيَهُود "وَيَشْتَرُونَ بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا" مِنْ الدُّنْيَا يَأْخُذُونَهُ بَدَله مِنْ سَفَلَتهمْ فَلَا يُظْهِرُونَهُ خَوْف فَوْته عَلَيْهِمْ "أُولَئِكَ مَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونهمْ إلَّا النَّار"لِأَنَّهَا مَآلهمْ "وَلَا يُكَلِّمهُمْ اللَّه يَوْم الْقِيَامَة" غَضَبًا عَلَيْهِمْ "وَلَا يُزَكِّيهِمْ" يُطَهِّرهُمْ مِنْ دَنَس الذُّنُوب "وَلَهُمْ عَذَاب أَلِيم" مُؤْلِم هُوَ النَّار
{175} أُولَئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الضَّلَالَةَ بِالْهُدَى وَالْعَذَابَ بِالْمَغْفِرَةِ فَمَا أَصْبَرَهُمْ عَلَى النَّارِ"أُولَئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوْا الضَّلَالَة بِالْهُدَى" أَخَذُوهَا بَدَله فِي الدُّنْيَا . "وَالْعَذَاب بِالْمَغْفِرَةِ" الْمُعَدَّة لَهُمْ فِي الْآخِرَة لَوْ لَمْ يَكْتُمُوا"فَمَا أَصْبَرهمْ عَلَى النَّار" أَيْ مَا أَشَدّ صَبْرهمْ وَهُوَ تَعَجُّب لِلْمُؤْمِنِينَ مِنْ ارْتِكَابهمْ مُوجِبَاتهَا مِنْ غَيْر مُبَالَاة وَإِلَّا فَأَيّ صَبْر لَهُمْ
{176} ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ نَزَّلَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِي الْكِتَابِ لَفِي شِقَاقٍ بَعِيدٍ"ذَلِكَ" الَّذِي ذُكِرَ مِنْ أَكْلهمْ النَّار وَمَا بَعْده "بِأَنَّ" بِسَبَبِ أَنَّ "اللَّه نَزَّلَ الْكِتَاب بِالْحَقِّ" مُتَعَلِّق بِنَزَّلَ فَاخْتَلَفُوا فِيهِ حَيْثُ آمَنُوا بِبَعْضِهِ وَكَفَرُوا بِبَعْضِهِ بِكَتْمِهِ "وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِي الْكِتَاب" بِذَلِكَ وَهُمْ الْيَهُود وَقِيلَ الْمُشْرِكُونَ فِي الْقُرْآن حَيْثُ قَالَ بَعْضهمْ شِعْر وَبَعْضهمْ سِحْر وَبَعْضهمْ كَهَانَة "لَفِي شِقَاق" خِلَاف "بَعِيد" عَنْ الْحَقّ


بسمة ملاك 10-10-2011 07:00 AM

{177} لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ أُولَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ "لَيْسَ الْبِرّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهكُمْ" فِي الصَّلَاة "قِبَل الْمَشْرِق وَالْمَغْرِب" نَزَلَ رَدًّا عَلَى الْيَهُود وَالنَّصَارَى حَيْثُ زَعَمُوا ذَلِكَ "وَلَكِنَّ الْبِرّ" أَيْ ذَا الْبِرّ وَقُرِئَ بِفَتْحِ الْبَاء أَيْ الْبَارّ "مَنْ آمَنَ بِاَللَّهِ وَالْيَوْم الْآخِر وَالْمَلَائِكَة وَالْكِتَاب" أَيْ الْكُتُب "وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَال عَلَى" مَعَ "حُبّه" لَهُ "ذَوِي الْقُرْبَى" الْقَرَابَة "وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِين وَابْن السَّبِيل" الْمُسَافِر "وَالسَّائِلِينَ" الطَّالِبِينَ "وَفِي" فَكّ "الرِّقَاب" الْمُكَاتَبِينَ وَالْأَسْرَى "وَأَقَامَ الصَّلَاة وَآتَى الزَّكَاة" الْمَفْرُوضَة وَمَا قَبْله فِي التَّطَوُّع "وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إذَا عَاهَدُوا" اللَّه أَوْ النَّاس "وَالصَّابِرِينَ" نُصِبَ عَلَى الْمَدْح "فِي الْبَأْسَاء" شِدَّة الْفَقْر "وَالضَّرَّاء" الْمَرَض "وَحِين الْبَأْس" وَقْت شِدَّة الْقِتَال فِي سَبِيل اللَّه "أُولَئِكَ" الْمَوْصُوفُونَ بِمَا ذُكِرَ "الَّذِينَ صَدَقُوا" فِي إيمَانهمْ أَوْ ادِّعَاء الْبِرّ "وَأُولَئِكَ هُمْ الْمُتَّقُونَ" اللَّه
{178} يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالْأُنْثَى بِالْأُنْثَى فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَاءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ ذَلِكَ تَخْفِيفٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَرَحْمَةٌ فَمَنِ اعْتَدَى بَعْدَ ذَلِكَ فَلَهُ عَذَابٌ أَلِيمٌ "يَا أَيّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ" فُرِضَ "عَلَيْكُمْ الْقِصَاص" الْمُمَاثَلَة "فِي الْقَتْلَى" وَصْفًا وَفِعْلًا "الْحُرّ" يُقْتَل "بِالْحُرِّ" وَلَا يُقْتَل بِالْعَبْدِ "وَالْعَبْد بِالْعَبْدِ وَالْأُنْثَى بِالْأُنْثَى" وَبَيَّنَتْ السُّنَّة أَنَّ الذَّكَر يُقْتَل بِهَا وَأَنَّهُ تُعْتَبَر الْمُمَاثَلَة فِي الدِّين فَلَا يُقْتَل مُسْلِم وَلَوْ عَبْدًا بِكَافِرٍ وَلَوْ حُرًّا "فَمَنْ عُفِيَ لَهُ" مِنْ الْقَاتِلِينَ "مِنْ" دَم "أَخِيهِ" الْمَقْتُول "شَيْء" بِأَنْ تَرَكَ الْقِصَاص مِنْهُ وَتَنْكِير شَيْء يُفِيد سُقُوط الْقِصَاص بِالْعَفْوِ عَنْ بَعْضه وَمِنْ بَعْض الْوَرَثَة وَفِي ذِكْر أَخِيهِ تَعَطُّف دَاعٍ إلَى الْعَفْو وَإِيذَان بِأَنَّ الْقَتْل لَا يَقْطَع أُخُوَّة الْإِيمَان وَمَنْ مُبْتَدَأ شَرْطِيَّة أَوْ مَوْصُولَة وَالْخَبَر "فَاتِّبَاع" أَيْ فِعْل الْعَافِي اتِّبَاع لِلْقَاتِلِ "بِالْمَعْرُوفِ" بِأَنْ يُطَالِبهُ بِالدِّيَةِ بِلَا عُنْف وَتَرْتِيب الِاتِّبَاع عَلَى الْعَفْو يُفِيد أَنَّ الْوَاجِب أَحَدهمَا وَهُوَ أَحَد قَوْلَيْ الشَّافِعِيّ وَالثَّانِي الْوَاجِب الْقِصَاص وَالدِّيَة بَدَل عَنْهُ فَلَوْ عَفَا وَلَمْ يُسَمِّهَا فَلَا شَيْء وَرَجَحَ "و" عَلَى الْقَاتِل "أَدَاء" الدِّيَة "إلَيْهِ" أَيْ الْعَافِي وَهُوَ الْوَارِث "بِإِحْسَانٍ" بِلَا مَطْل وَلَا بَخْس "ذَلِكَ" الْحُكْم الْمَذْكُور مِنْ جَوَاز الْقِصَاص وَالْعَفْو عَنْهُ عَلَى الدِّيَة "تَخْفِيف" تَسْهِيل "مِنْ رَبّكُمْ" عَلَيْكُمْ "وَرَحْمَة" بِكُمْ حَيْثُ وَسَّعَ فِي ذَلِكَ وَلَمْ يُحَتِّم وَاحِدًا مِنْهُمَا كَمَا حَتَّمَ عَلَى الْيَهُود الْقِصَاص وَعَلَى النَّصَارَى الدِّيَة "فَمَنْ اعْتَدَى" ظَلَمَ الْقَاتِل بِأَنْ قَتَلَهُ "بَعْد ذَلِكَ" أَيْ الْعَفْو "فَلَهُ عَذَاب أَلِيم" مُؤْلِم فِي الْآخِرَة بِالنَّارِ أَوْ فِي الدُّنْيَا بِالْقَتْلِ
{179} وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ "وَلَكُمْ فِي الْقِصَاص حَيَاة" أَيْ بَقَاء عَظِيم "يَا أُولِي الْأَلْبَاب" ذَوِي الْعُقُول لِأَنَّ الْقَاتِل إذَا عَلِمَ أَنَّهُ يُقْتَل ارْتَدَعَ فَأَحْيَا نَفْسه وَمَنْ أَرَادَ قَتْله فَشَرَعَ "لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ" الْقَتْل مَخَافَة الْقَوَد
{180} كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ "كُتِبَ" فُرِضَ "عَلَيْكُمْ إذَا حَضَرَ أَحَدَكُمْ الْمَوْتُ" أَيْ أَسْبَابه "إنْ تَرَكَ خَيْرًا" مَالًا "الْوَصِيَّة" مَرْفُوع بِكُتِبَ وَمُتَعَلِّق بِإِذَا إنْ كَانَتْ ظَرْفِيَّة وَدَالّ عَلَى جَوَابهَا إنْ كَانَتْ شَرْطِيَّة وَجَوَاب إنْ أَيْ فَلْيُوصِ "لِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ" بِالْعَدْلِ بِأَنْ لَا يَزِيد عَلَى الثُّلُث وَلَا يَفْضُل الْغَنِيّ "حَقًّا" مَصْدَر مُؤَكِّد لِمَضْمُونِ الْجُمْلَة قَبْله "عَلَى الْمُتَّقِينَ" اللَّه وَهَذَا مَنْسُوخ بِآيَةِ الْمِيرَاث وَبِحَدِيثِ : ( لَا وَصِيَّة لِوَارِثٍ رَوَاهُ التِّرْمِذِيّ
{181} فَمَنْ بَدَّلَهُ بَعْدَمَا سَمِعَهُ فَإِنَّمَا إِثْمُهُ عَلَى الَّذِينَ يُبَدِّلُونَهُ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ "فَمَنْ بَدَّلَهُ" أَيْ الْإِيصَاء مِنْ شَاهِد وَوَصِيّ "بَعْدَمَا سَمِعَهُ" عَلِمَهُ "فَإِنَّمَا إثْمه" أَيْ الْإِيصَال الْمُبَدَّل "عَلَى الَّذِينَ يُبَدِّلُونَهُ" فِيهِ إقَامَة الظَّاهِر مَقَام الْمُضْمَر "إنَّ اللَّه سَمِيع" لِقَوْلِ الْمُوصِي "عَلِيم" بِفِعْلِ الْوَصِيّ فَمُجَازٍ عَلَيْهِ

عـــودالليل 10-10-2011 07:11 AM

البقره

من الايه 182...الى الايه ..190


فَمَنْ خَافَ مِن مُّوصٍ جَنَفًا أَوْ إِثْمًا فَأَصْلَحَ بَيْنَهُمْ فَلاَ إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌhttp://www.omaniyat.com/quran/images/numbers/182.gif

"فَمَنْ خَافَ مِنْ مُوصٍ" مُخَفَّفًا وَمُثَقَّلًا "جَنَفًا" مَيْلًا عَنْ الْحَقّ خَطَأ "أَوْ إثْمًا" بِأَنْ تَعَمَّدَ ذَلِكَ بِالزِّيَادَةِ عَلَى الثُّلُث أَوْ تَخْصِيص غَنِيّ مَثَلًا "فَأَصْلَحَ بَيْنهمْ" بَيْن الْمُوصِي وَالْمُوصَى لَهُ بِالْأَمْرِ بِالْعَدْلِ "فَلَا إثْم عَلَيْهِ" فِي ذَلِكَ "إن الله غفور رحيم"
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَhttp://www.omaniyat.com/quran/images/numbers/183.gif

"يَا أَيّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ" فُرِضَ "عَلَيْكُمْ الصِّيَام كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلكُمْ" مِنْ الْأُمَم "لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ" الْمَعَاصِي فَإِنَّهُ يَكْسِر الشَّهْوَة الَّتِي هِيَ مَبْدَؤُهَا


أَيَّامًا مَّعْدُودَاتٍ فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ فَمَن تَطَوَّعَ خَيْرًا فَهُوَ خَيْرٌ لَّهُ وَأَن تَصُومُواْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَhttp://www.omaniyat.com/quran/images/numbers/184.gif

"أَيَّامًا" نُصِبَ بِالصِّيَامِ أَوْ يَصُومُوا مُقَدَّرًا "مَعْدُودَات" أَيْ قَلَائِل أَوْ مُؤَقَّتَات بِعَدَدٍ مَعْلُوم وَهِيَ رَمَضَان كَمَا سَيَأْتِي وَقَلَّلَهُ تَسْهِيلًا عَلَى الْمُكَلَّفِينَ "فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ" حِين شُهُوده "مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَر" أَيْ مُسَافِرًا سَفَر الْقَصْر وَأَجْهَدَهُ الصَّوْم فِي الْحَالَيْنِ فَأَفْطَرَ "فَعِدَّة" فَعَلَيْهِ عِدَّة مَا أَفْطَرَ "مِنْ أَيَّام أُخَر" يَصُومهَا بَدَله "وَعَلَى الَّذِينَ" لَا "يُطِيقُونَهُ" لِكِبَرٍ أَوْ مَرَض لَا يُرْجَى بُرْؤُهُ "فِدْيَة" هِيَ "طَعَام مِسْكِين" أَيْ قَدْر مَا يَأْكُلهُ فِي يَوْمه وَهُوَ مُدّ مِنْ غَالِب قُوت الْبَلَد لِكُلِّ يَوْم وَفِي قِرَاءَة بِإِضَافَةِ فِدْيَة وَهِيَ لِلْبَيَانِ وَقِيلَ لَا غَيْر مُقَدَّرَة وَكَانُوا مُخَيَّرِينَ فِي صَدْر الْإِسْلَام بَيْن الصَّوْم وَالْفِدْيَة ثُمَّ نُسِخَ بِتَعْيِينِ الصَّوْم بِقَوْلِهِ مَنْ شَهِدَ مِنْكُمْ الشَّهْر فَلْيَصُمْهُ قَالَ ابْن عَبَّاس : إلَّا الْحَامِل وَالْمُرْضِع إذَا أَفْطَرَتَا خَوْفًا عَلَى الْوَلَد فَإِنَّهَا بَاقِيَة بِلَا نَسْخ فِي حَقّهمَا "فَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا" بِالزِّيَادَةِ عَلَى الْقَدْر الْمَذْكُور فِي الْفِدْيَة "فَهُوَ" أَيْ التَّطَوُّع "خَيْر لَهُ وَأَنْ تَصُومُوا" مُبْتَدَأ خَبَره "خَيْر لَكُمْ" مِنْ الْإِفْطَار وَالْفِدْيَة "إنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ" أَنَّهُ خَيْر لَكُمْ فَافْعَلُوهُ
شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِيَ أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَن كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُواْ الْعِدَّةَ



وَلِتُكَبِّرُواْ اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَhttp://www.omaniyat.com/quran/images/numbers/185.gif

تِلْكَ الْأَيَّام "شَهْر رَمَضَان الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآن" مِنْ اللَّوْح الْمَحْفُوظ إلَى السَّمَاء الدُّنْيَا فِي لَيْلَة الْقَدْر مِنْهُ "هُدًى" حَال هَادِيًا مِنْ الضَّلَالَة "لِلنَّاسِ وَبَيِّنَات" آيَات وَاضِحَات "مِنْ الْهُدَى" بِمَا يَهْدِي إلَى الْحَقّ مِنْ الْأَحْكَام "وَالْفُرْقَان" وَمِنْ الْفُرْقَان مِمَّا يُفَرَّق بَيْن الْحَقّ وَالْبَاطِل "فَمَنْ شَهِدَ" حَضَرَ "مِنْكُمْ الشَّهْر فَلْيَصُمْهُ وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَر فَعِدَّة مِنْ أَيَّام أُخَر" تَقَدَّمَ مِثْله وَكُرِّرَ لِئَلَّا يُتَوَهَّم نَسْخه بِتَعْمِيمِ مَنْ شَهِدَ "يُرِيد اللَّه بِكُمْ الْيُسْر وَلَا يُرِيد بِكُمْ الْعُسْر" وَلِذَا أَبَاحَ لَكُمْ الْفِطْر فِي الْمَرَض وَالسَّفَر لِكَوْنِ ذَلِكَ فِي مَعْنَى الْعِلَّة أَيْضًا لِلْأَمْرِ بِالصَّوْمِ عُطِفَ عَلَيْهِ "وَلِتُكْمِلُوا" بِالتَّخْفِيفِ وَالتَّشْدِيد "الْعِدَّة" أَيْ عِدَّة صَوْم رَمَضَان "وَلِتُكَبِّرُوا اللَّه" عِنْد إكْمَالهَا "عَلَى مَا هَدَاكُمْ" أَرْشَدكُمْ لِمَعَالِم دِينه "وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ" اللَّه عَلَى ذَلِكَ


وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُواْ لِي وَلْيُؤْمِنُواْ بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَhttp://www.omaniyat.com/quran/images/numbers/186.gif

وَسَأَلَ جَمَاعَة النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَقَرِيب رَبّنَا فَنُنَاجِيه أَمْ بَعِيد فَنُنَادِيه فَنَزَلَ "وَإِذَا سَأَلَك عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيب" مِنْهُمْ بِعِلْمِي فَأَخْبَرَهُمْ بِذَلِكَ "أُجِيب دَعْوَة الدَّاعِي إذَا دَعَانِي" بِإِنَالَتِهِ مَا سَأَلَ "فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي" دُعَائِي بِالطَّاعَةِ "وَلْيُؤْمِنُوا" يُدَاوِمُوا عَلَى الْإِيمَان بِي "بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ" يَهْتَدُونَ
أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ هُنَّ لِبَاسٌ لَّكُمْ وَأَنتُمْ لِبَاسٌ لَّهُنَّ عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ كُنتُمْ تَخْتَانُونَ أَنفُسَكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ وَعَفَا عَنكُمْ فَالآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُواْ مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَكُلُواْ وَاشْرَبُواْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ




الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّواْ الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ وَلاَ تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلاَ تَقْرَبُوهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَhttp://www.omaniyat.com/quran/images/numbers/187.gif

"أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَة الصِّيَام الرَّفَث" بِمَعْنَى الْإِفْضَاء "إلَى نِسَائِكُمْ" بِالْجِمَاعِ نَزَلَ نَسْخًا لِمَا كَانَ فِي صَدْر الْإِسْلَام عَلَى تَحْرِيمه وَتَحْرِيم الْأَكْل وَالشُّرْب بَعْد الْعِشَاء "هُنَّ لِبَاس لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاس لَهُنَّ" كِنَايَة عَنْ تَعَانُقهمَا أَوْ احْتِيَاج كُلّ مِنْهُمَا إلَى صَاحِبه "عَلِمَ اللَّه أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَخْتَانُونَ" تَخُونُونَ "أَنْفُسكُمْ" بِالْجِمَاعِ لَيْلَة الصِّيَام وَقَعَ ذَلِكَ لِعُمَرَ وَغَيْره وَاعْتَذَرُوا إلَى النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "فَتَابَ عَلَيْكُمْ" قَبْل تَوْبَتكُمْ "وَعَفَا عَنْكُمْ فَالْآن" إذْ أُحِلَّ لَكُمْ "بَاشِرُوهُنَّ" جَامِعُوهُنَّ "وَابْتَغُوا" اُطْلُبُوا "مَا كَتَبَ اللَّه لَكُمْ" أَيْ أَبَاحَهُ مِنْ الْجِمَاع أَوْ قَدْره مِنْ الْوَلَد "وَكُلُوا وَاشْرَبُوا" اللَّيْل كُلّه "حَتَّى يَتَبَيَّن" يَظْهَر "لَكُمْ الْخَيْط الْأَبْيَض مِنْ الْخَيْط الْأَسْوَد مِنْ الْفَجْر" أَيْ الصَّادِق بَيَان لِلْخَيْطِ الْأَبْيَض وَبَيَان الْأَسْوَد مَحْذُوف أَيْ مِنْ اللَّيْل شِبْه مَا يَبْدُو . مِنْ الْبَيَاض وَمَا يَمْتَدّ مَعَهُ مِنْ الْغَبَش بِخَيْطَيْنِ أَبْيَض وَأَسْوَد فِي الِامْتِدَاد "ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَام" مِنْ الْفَجْر "إلَى اللَّيْل" أَيْ إلَى دُخُوله بِغُرُوبِ الشَّمْس "وَلَا تُبَاشِرُوهُنَّ" أَيْ نِسَاءَكُمْ "وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ" مُقِيمُونَ بِنِيَّةِ الِاعْتِكَاف "فِي الْمَسَاجِد" مُتَعَلِّق بِعَاكِفُونَ نَهْي لِمَنْ كَانَ يَخْرُج وَهُوَ مُعْتَكِف فَيُجَامِع امْرَأَته وَيَعُود "تِلْكَ" الْأَحْكَام الْمَذْكُورَة "حُدُود اللَّه" حَدَّهَا لِعِبَادِهِ لِيَقِفُوا عِنْدهَا "فَلَا تَقْرَبُوهَا" أَبْلَغ مِنْ لَا تَعْتَدُوهَا الْمُعَبَّر بِهِ فِي آيَة أُخْرَى "كَذَلِكَ" كَمَا بَيَّنَ لَكُمْ مَا ذُكِرَ "يُبَيِّن اللَّه آيَاته لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ" مَحَارِمه



وَلاَ تَأْكُلُواْ أَمْوَالَكُم بَيْنَكُم بِالْبَاطِلِ وَتُدْلُواْ بِهَا إِلَى الْحُكَّامِ لِتَأْكُلُواْ فَرِيقًا مِّنْ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالإِثْمِ وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَhttp://www.omaniyat.com/quran/images/numbers/188.gif

"وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالكُمْ بَيْنكُمْ" أَيْ يَأْكُل بَعْضكُمْ مَال بَعْض "بِالْبَاطِلِ" الْحَرَام شَرْعًا كَالسَّرِقَةِ وَالْغَصْب "و" لَا "تُدْلُوا" تُلْقُوا "بِهَا" أَيْ بِحُكُومَتِهَا أَوْ بِالْأَمْوَالِ رِشْوَة "إلَى الْحُكَّام لِتَأْكُلُوا" بِالتَّحَاكُمِ "فَرِيقًا" طَائِفَة "مِنْ أَمْوَال النَّاس" مُتَلَبِّسِينَ "بِالْإِثْمِ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ" أَنَّكُمْ مُبْطِلُونَ
يَسْأَلُونَكَ عَنِ الأهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ وَلَيْسَ الْبِرُّ بِأَنْ تَأْتُوْا الْبُيُوتَ مِن ظُهُورِهَا وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنِ اتَّقَى وَأْتُواْ الْبُيُوتَ مِنْ أَبْوَابِهَا


وَاتَّقُواْ اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَhttp://www.omaniyat.com/quran/images/numbers/189.gif

"يَسْأَلُونَك" يَا مُحَمَّد "عَنْ الْأَهِلَّة" جَمْع هِلَال لَمْ تَبْدُو دَقِيقَة ثُمَّ تَزِيد حَتَّى تَمْتَلِئ نُورًا ثُمَّ تَعُود كَمَا بَدَتْ وَلَا تَكُون عَلَى حَالَة وَاحِدَة كَالشَّمْسِ "قُلْ" لَهُمْ "هِيَ مَوَاقِيت" جَمْع مِيقَات "لِلنَّاسِ" يَعْلَمُونَ بِهَا أَوْقَات زَرْعهمْ وَمَتَاجِرهمْ وَعِدَد نِسَائِهِمْ وَصِيَامهمْ وَإِفْطَارهمْ "وَالْحَجّ" عُطِفَ عَلَى النَّاس أَيْ يَعْلَم بِهَا وَقْته فَلَوْ اسْتَمَرَّتْ عَلَى حَالَة لَمْ يَعْرِف ذَلِكَ "وَلَيْسَ الْبِرّ بِأَنْ تَأْتُوا الْبُيُوت مِنْ ظُهُورهَا" فِي الْإِحْرَام بِأَنْ تَنْقُبُوا فِيهَا نَقْبًا تَدْخُلُونَ مِنْهُ وَتَخْرُجُونَ وَتَتْرُكُوا الْبَاب وَكَانُوا يَفْعَلُونَ ذَلِكَ وَيَزْعُمُونَهُ بِرًّا "وَلَكِنَّ الْبِرّ" أَيْ ذَا الْبِرّ "مَنْ اتَّقَى" اللَّه بِتَرْكِ مُخَالَفَته "وَأْتُوا الْبُيُوت مِنْ أَبْوَابهَا" فِي الْإِحْرَام "وَاتَّقُوا اللَّه لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ" تَفُوزُونَ



وَقَاتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلاَ تَعْتَدُواْ إِنَّ اللَّهَ لاَ يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَhttp://www.omaniyat.com/quran/images/numbers/190.gif

وَلَمَّا صُدَّ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ الْبَيْت عَام الْحُدَيْبِيَة وَصَالَحَ الْكُفَّار عَلَى أَنْ يَعُود الْعَام الْقَابِل وَيُخْلُوا لَهُ مَكَّة ثَلَاثَة أَيَّام وَتَجَهَّزَ لِعُمْرَةِ الْقَضَاء وَخَافُوا أَنْ لَا تَفِي قُرَيْش وَيُقَاتِلُوهُمْ وَكَرِهَ الْمُسْلِمُونَ قِتَالهمْ فِي الْحَرَم وَالْإِحْرَام وَالشَّهْر الْحَرَام نَزَلَ "وَقَاتِلُوا فِي سَبِيل اللَّه" أَيْ لِإِعْلَاءِ دِينه "الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ" الْكُفَّار "وَلَا تَعْتَدُوا" عَلَيْهِمْ بِالِابْتِدَاءِ بِالْقِتَالِ "إنَّ اللَّه لَا يُحِبّ الْمُعْتَدِينَ" الْمُتَجَاوِزِينَ مَا حَدّ لَهُمْ وَهَذَا مَنْسُوخ بِآيَةِ بَرَاءَة أَوْ بِقَوْلِهِ :

بسمة ملاك 10-10-2011 07:22 AM

{191} وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ وَأَخْرِجُوهُمْ مِنْ حَيْثُ أَخْرَجُوكُمْ وَالْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنَ الْقَتْلِ وَلَا تُقَاتِلُوهُمْ عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ حَتَّى يُقَاتِلُوكُمْ فِيهِ فَإِنْ قَاتَلُوكُمْ فَاقْتُلُوهُمْ كَذَلِكَ جَزَاءُ الْكَافِرِينَ "وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ" وَجَدْتُمُوهُمْ "وَأَخْرِجُوهُمْ مِنْ حَيْثُ أَخْرَجُوكُمْ" أَيْ مِنْ مَكَّة وَقَدْ فَعَلَ بِهِمْ ذَلِكَ عَام الْفَتْح "وَالْفِتْنَة" الشِّرْك مِنْهُمْ "أَشَدّ" أَعْظَم "مِنْ الْقَتْل" لَهُمْ فِي الْحَرَم أَوْ الْإِحْرَام الَّذِي اسْتَعْظَمْتُمُوهُ "وَلَا تُقَاتِلُوهُمْ عِنْد الْمَسْجِد الْحَرَام" أَيْ فِي الْحَرَم "حَتَّى يُقَاتِلُوكُمْ فِيهِ فَإِنْ قَاتَلُوكُمْ" فِيهِ "فَاقْتُلُوهُمْ" فِيهِ وَفِي قِرَاءَة بِلَا أَلِف فِي الْأَفْعَال الثَّلَاثَة "كَذَلِكَ" الْقَتْل وَالْإِخْرَاج "جزاء الكافرين"
{192} فَإِنِ انْتَهَوْا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ "فَإِنْ انْتَهَوْا" عَنْ الْكُفْر وَأَسْلَمُوا "فَإِنَّ اللَّه غَفُور" لَهُمْ "رَحِيم" بِهِمْ
{193} وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ لِلَّهِ فَإِنِ انْتَهَوْا فَلَا عُدْوَانَ إِلَّا عَلَى الظَّالِمِينَ "وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُون" تُوجَد "فِتْنَة" شِرْك "وَيَكُون الدِّين" الْعِبَادَة "لِلَّهِ" وَحْده لَا يُعْبَد سِوَاهُ "فَإِنْ انْتَهَوْا" عَنْ الشِّرْك فَلَا تَعْتَدُوا عَلَيْهِمْ دَلَّ عَلَى هَذَا "فَلَا عُدْوَان" اعْتِدَاء بِقَتْلٍ أَوْ غَيْره "إلَّا عَلَى الظَّالِمِينَ" وَمَنْ انْتَهَى فَلَيْسَ بِظَالِمٍ فَلَا عُدْوَان عَلَيْهِ
{194} الشَّهْرُ الْحَرَامُ بِالشَّهْرِ الْحَرَامِ وَالْحُرُمَاتُ قِصَاصٌ فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ "الشَّهْر الْحَرَام" الْمُحَرَّم مُقَابَل "بِالشَّهْرِ الْحَرَام" فَكُلَّمَا قَاتَلُوكُمْ فِيهِ فَاقْتُلُوهُمْ فِي مِثْله رَدّ لِاسْتِعْظَامِ الْمُسْلِمِينَ ذَلِكَ "وَالْحُرُمَات" جَمْع حُرْمَة مَا يَجِب احْتِرَامه "قِصَاص" أَيْ يَقْتَصّ بِمِثْلِهَا إذَا اُنْتُهِكَتْ "فَمَنْ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ" بِالْقِتَالِ فِي الْحَرَم أَوْ الْإِحْرَام أَوْ الشَّهْر الْحَرَام "فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ" سَمَّى مُقَابَلَته اعْتِدَاء لِشَبَهِهَا بِالْمُقَابِلِ بِهِ فِي الصُّورَة "وَاتَّقُوا اللَّه" فِي الِانْتِصَار وَتَرْك الِاعْتِدَاء "وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّه مَعَ الْمُتَّقِينَ" بِالْعَوْنِ وَالنَّصْر
{195} وَأَنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ "وَأَنْفِقُوا فِي سَبِيل اللَّه" طَاعَته بِالْجِهَادِ وَغَيْره "وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ" أَيْ أَنْفُسكُمْ وَالْبَاء زَائِدَة "إلَى التَّهْلُكَة" الْهَلَاك بِالْإِمْسَاكِ عَنْ النَّفَقَة فِي الْجِهَاد أَوْ تَرْكه لِأَنَّهُ يُقَوِّي الْعَدُوّ عَلَيْكُمْ "وَأَحْسِنُوا" بِالنَّفَقَةِ وَغَيْرهَا "إنَّ اللَّه يُحِبّ الْمُحْسِنِينَ" أَيْ يُثِيبهُمْ
{196} وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ وَلَا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ فَإِذَا أَمِنْتُمْ فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ تِلْكَ عَشَرَةٌ كَامِلَةٌ ذَلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ "وَأَتِمُّوا الْحَجّ وَالْعُمْرَة لِلَّهِ" أَدُّوهُمَا بِحُقُوقِهِمَا "فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ" مُنِعْتُمْ عَنْ إتْمَامهَا بِعَدُوٍّ "فَمَا اسْتَيْسَرَ" تَيَسَّرَ "مِنْ الْهَدْي" عَلَيْكُمْ وَهُوَ شَاة "وَلَا تَحْلِقُوا رُءُوسكُمْ" أَيْ لَا تَتَحَلَّلُوا "حَتَّى يَبْلُغ الْهَدْي" الْمَذْكُور "مَحِلّه" حَيْثُ يَحِلّ ذَبْحه وَهُوَ مَكَان الْإِحْصَار عِنْد الشَّافِعِيّ فَيَذْبَح فِيهِ بِنِيَّةِ التَّحَلُّل وَيُفَرِّق عَلَى مَسَاكِينه وَيَحْلِق وَبِهِ يَحْصُل التَّحَلُّل "فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِنْ رَأْسه" كَقَمْلٍ وَصُدَاع فَحَلَقَ فِي الْإِحْرَام "فَفِدْيَة" عَلَيْهِ "مِنْ صِيَام" ثَلَاثَة أَيَّام "أَوْ صَدَقَة" بِثَلَاثَةِ أَصْوُع مِنْ غَالِب قُوت الْبَلَد عَلَى سِتَّة مَسَاكِين "أَوْ نُسُك" أَيْ ذَبَحَ شَاة وَأَوْ لِلتَّخْيِيرِ وَأُلْحِقَ بِهِ مَنْ حَلَقَ لِغَيْرِ عُذْر لِأَنَّهُ أَوْلَى بِالْكَفَّارَةِ وَكَذَا مَنْ اسْتَمْتَعَ بِغَيْرِ الْحَلْق كَالطِّيبِ وَاللُّبْس وَالدَّهْن لِعُذْرٍ أَوْ غَيْره "فَإِذَا أَمِنْتُمْ" الْعَدُوّ بِأَنْ ذَهَبَ أَوْ لَمْ يَكُنْ "فَمَنْ تَمَتَّعَ" اسْتَمْتَعَ "بِالْعُمْرَةِ" أَيْ بِسَبَبِ فَرَاغه مِنْهَا بِمَحْظُورَاتِ الْإِحْرَام "إلَى الْحَجّ" أَيْ إلَى الْإِحْرَام بِهِ بِأَنْ يَكُون أَحْرَمَ بِهَا فِي أَشْهُره "فَمَا اسْتَيْسَرَ" تَيَسَّرَ "مِنْ الْهَدْي" عَلَيْهِ وَهُوَ شَاة يَذْبَحهَا بَعْد الْإِحْرَام بِهِ وَالْأَفْضَل يَوْم النَّحْر "فَمَنْ لَمْ يَجِد" الْهَدْي لِفَقْدِهِ أَوْ فَقْد ثَمَنه "فَصِيَام" أَيْ فَعَلَيْهِ صِيَام "ثَلَاثَة أَيَّام فِي الْحَجّ" أَيْ فِي حَال الْإِحْرَام بِهِ فَيَجِب حِينَئِذٍ أَنْ يُحْرِم قَبْل السَّابِع مِنْ ذِي الْحِجَّة وَالْأَفْضَل قَبْل السَّادِس لِكَرَاهَةِ صَوْم يَوْم عَرَفَة وَلَا يَجُوز صَوْمهَا أَيَّام التَّشْرِيق عَلَى أَصَحّ قَوْلَيْ الشَّافِعِيّ "وَسَبْعَة إذَا رَجَعْتُمْ" إلَى وَطَنكُمْ مَكَّة أَوْ غَيْرهَا وَقِيلَ إذَا فَرَغْتُمْ مِنْ أَعْمَال الْحَجّ وَفِيهِ الْتِفَات عَنْ الْغِيبَة "تِلْكَ عَشَرَة كَامِلَة" جُمْلَة تَأْكِيد لِمَا قَبْلهَا "ذَلِكَ" الْحُكْم الْمَذْكُور مِنْ وُجُوب الْهَدْي أَوْ الصِّيَام عَلَى مَنْ تَمَتَّعَ "لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْله حَاضِرِي الْمَسْجِد الْحَرَام" بِأَنْ لَمْ يَكُونُوا عَلَى دُون مَرْحَلَتَيْنِ مِنْ الْحَرَام عِنْد الشَّافِعِيّ فَإِنْ كَانَ فَلَا دَم عَلَيْهِ وَلَا صِيَام وَإِنْ تَمَتَّعَ فَعَلَيْهِ ذَلِكَ وَهُوَ أَحَد وَجْهَيْنِ عِنْد الشَّافِعِيّ وَالثَّانِي لَا وَالْأَهْل كِنَايَة عَنْ النَّفْس وَأُلْحِقَ بِالْمُتَمَتِّعِ فِيمَا ذُكِرَ بِالسُّنَّةِ الْقَارِن وَهُوَ مَنْ أَحْرَمَ بِالْعُمْرَةِ وَالْحَجّ مَعًا أَوْ يَدْخُل الْحَجّ عَلَيْهَا قَبْل الطَّوَاف "وَاتَّقُوا اللَّه" فِيمَا يَأْمُركُمْ بِهِ وَيَنْهَاكُمْ عَنْهُ "وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّه شَدِيد الْعِقَاب" لِمَنْ خَالَفَهُ

المشعـل 10-10-2011 08:30 AM


البقرة

{197} الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللَّهُ وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ )
الْحَجّ" وَقْته "أَشْهُر مَعْلُومَات" شَوَّال وَذُو الْقَعْدَة وَعَشْر لَيَالٍ مِنْ ذِي الْحِجَّة وَقِيلَ كُلّه "فَمَنْ فَرَضَ" عَلَى نَفْسه "فِيهِنَّ الْحَجّ" بِالْإِحْرَامِ بِهِ "فَلَا رَفَث" جِمَاع فِيهِ "وَلَا فُسُوق" مَعَاصٍ "وَلَا جِدَال" خِصَام "فِي الْحَجّ" وَفِي قِرَاءَة بِفَتْحِ الْأَوَّلَيْنِ وَالْمُرَاد فِي الثَّلَاثَة النَّهْي "وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْر" كَصَدَقَةٍ "يَعْلَمهُ اللَّه" فَيُجَازِيكُمْ بِهِ وَنَزَلَ فِي أَهْل الْيَمَن وَكَانُوا يَحُجُّونَ بِلَا زَاد فَيَكُونُونَ كَلًّا عَلَى النَّاس "وَتَزَوَّدُوا" مَا يُبَلِّغكُمْ لِسَفَرِكُمْ "فَإِنَّ خَيْر الزَّاد التَّقْوَى" مَا يَتَّقِي بِهِ سُؤَال النَّاس وَغَيْره "وَاتَّقُونِ يَا أُولِي الْأَلْبَاب" ذَوِي الْعُقُول
{198} لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ فَإِذَا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفَاتٍ فَاذْكُرُوا اللَّهَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ وَاذْكُرُوهُ كَمَا هَدَاكُمْ وَإِنْ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الضَّالِّينَ )
لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاح" فِي "أَنْ تَبْتَغُوا" تَطْلُبُوا "فَضْلًا" رِزْقًا "مِنْ رَبّكُمْ" بِالتِّجَارَةِ فِي الْحَجّ نَزَلَ رَدًّا لِكَرَاهَتِهِمْ ذَلِكَ "فَإِذَا أَفَضْتُمْ" دَفَعْتُمْ "مِنْ عَرَفَات" بَعْد الْوُقُوف بِهَا "فَاذْكُرُوا اللَّه" بَعْد الْمَبِيت بِمُزْدَلِفَةَ بِالتَّلْبِيَةِ وَالتَّهْلِيل وَالدُّعَاء "عِنْد الْمَشْعَر الْحَرَام" هُوَ جَبَل فِي آخِر الْمُزْدَلِفَة يُقَال لَهُ قُزَح وَفِي الْحَدِيث أَنَّهُ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَفَ بِهِ يَذْكُر اللَّه وَيَدْعُو حَتَّى أَسْفَرَ جِدًّا رَوَاهُ مُسْلِم "وَاذْكُرُوهُ كَمَا هَدَاكُمْ" لِمَعَالِم دِينه وَمَنَاسِك حَجّه وَالْكَاف لِلتَّعْلِيلِ "وَإِنْ" مُخَفَّفَة "كُنْتُمْ مِنْ قَبْله" قَبْل هُدَاهُ "لمن الضالين"
{199} ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ )
ثُمَّ أَفِيضُوا" يَا قُرَيْش "مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاس" أَيْ مِنْ عَرَفَة بِأَنْ تَقِفُوا بِهَا مَعَهُمْ وَكَانُوا يَقِفُونَ بِالْمُزْدَلِفَةِ تَرَفُّعًا عَنْ الْوُقُوف مَعَهُمْ وَثُمَّ لِلتَّرْتِيبِ فِي الذِّكْر "وَاسْتَغْفِرُوا اللَّه" مِنْ ذُنُوبكُمْ "إنَّ اللَّه غَفُور" لِلْمُؤْمِنِينَ "رَحِيم" بِهِمْ
{200} فَإِذَا قَضَيْتُمْ مَنَاسِكَكُمْ فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَذِكْرِكُمْ آبَاءَكُمْ أَوْ أَشَدَّ ذِكْرًا فَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا وَمَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ )
فَإِذَا قَضَيْتُمْ" أَدَّيْتُمْ "مَنَاسِككُمْ" عِبَادَات حَجّكُمْ بِأَنْ رَمَيْتُمْ جَمْرَة الْعَقَبَة وَطُفْتُمْ وَاسْتَقْرَرْتُمْ بِمِنًى "فَاذْكُرُوا اللَّه" بِالتَّكْبِيرِ وَالثَّنَاء "كَذِكْرِكُمْ آبَاءَكُمْ" كَمَا كُنْتُمْ تَذْكُرُونَهُمْ عِنْد فَرَاغ حَجّكُمْ بِالْمُفَاخَرَةِ "أَوْ أَشَدّ ذِكْرًا" مِنْ ذِكْركُمْ إيَّاهُمْ وَنُصِبَ أَشَدّ عَلَى الْحَال مِنْ ذِكْر الْمَنْصُوب بِاُذْكُرُوا إذْ لَوْ تَأَخَّرَ عَنْهُ لَكَانَ صِفَة لَهُ "فَمِنْ النَّاس مَنْ يَقُول رَبّنَا آتِنَا" نَصِيبًا "فِي الدُّنْيَا" فَيُؤْتَاهُ فِيهَا "وَمَا لَهُ فِي الْآخِرَة مِنْ خَلَاق" نَصِيب
{201} وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ )
وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُول رَبّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَة" نِعْمَة "وَفِي الْآخِرَة حَسَنَة" هِيَ الْجَنَّة "وَقِنَا عَذَاب النَّار" بِعَدَمِ دُخُولهَا وَهَذَا بَيَان لِمَا كَانَ عَلَيْهِ الْمُشْرِكُونَ وَلِحَالِ الْمُؤْمِنِينَ وَالْقَصْد بِهِ الْحَثّ عَلَى طَلَب خَيْر الدَّارَيْنِ كَمَا وَعَدَ بِالثَّوَابِ عَلَيْهِ بِقَوْلِهِ :
{202} أُولَئِكَ لَهُمْ نَصِيبٌ مِمَّا كَسَبُوا وَاللَّهُ سَرِيعُ الْحِسَابِ )
أُولَئِكَ لَهُمْ نَصِيب" ثَوَاب "مـِ" مِنْ أَجْل "مَا كَسَبُوا" عَمِلُوا فِي الْحَجّ وَالدُّعَاء "وَاَللَّه سَرِيع الْحِسَاب" يُحَاسِب الْخَلْق كُلّهمْ فِي قَدْر نِصْف نَهَار مِنْ أَيَّام الدُّنْيَا لِحَدِيثٍ بِذَلِكَ

بسمة ملاك 10-10-2011 11:56 AM

{203} وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَنْ تَأَخَّرَ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ لِمَنِ اتَّقَى وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ "وَاذْكُرُوا اللَّه" بِالتَّكْبِيرِ عِنْد رَمْي الْجَمَرَات "فِي أَيَّام مَعْدُودَات" أَيْ أَيَّام التَّشْرِيق الثَّلَاثَة "فَمَنْ تَعَجَّلَ" أَيْ اسْتَعْجَلَ بِالنَّفْرِ مِنْ مِنًى "فِي يَوْمَيْنِ" أَيْ فِي ثَانِي أَيَّام التَّشْرِيق بَعْد رَمْي جِمَاره "فَلَا إثْم عَلَيْهِ" بِالتَّعْجِيلِ "وَمَنْ تَأَخَّرَ" بِهَا حَتَّى بَاتَ لَيْلَة الثَّالِث وَرَمَى جِمَاره "فَلَا إثْم عَلَيْهِ" بِذَلِكَ أَيْ هُمْ مُخَيَّرُونَ فِي ذَلِكَ وَنَفْي الْإِثْم "لِمَنْ اتَّقَى" اللَّه فِي حَجّه لِأَنَّهُ الْحَاجّ فِي الْحَقِيقَة "وَاتَّقُوا اللَّه وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ إلَيْهِ تُحْشَرُونَ" فِي الْآخِرَة فَيُجَازِيكُمْ بِأَعْمَالِكُمْ
{204} وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيُشْهِدُ اللَّهَ عَلَى مَا فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ "وَمِنْ النَّاس مَنْ يُعْجِبك قَوْله فِي الْحَيَاة الدُّنْيَا" وَلَا يُعْجِبك فِي الْآخِرَة لِمُخَالَفَتِهِ لِاعْتِقَادِهِ "وَيُشْهِد اللَّه عَلَى مَا فِي قَلْبه" أَنَّهُ مُوَافِق لِقَوْلِهِ "وَهُوَ أَلَدّ الْخِصَام" شَدِيد الْخُصُومَة لَك وَلِأَتْبَاعِك لِعَدَاوَتِهِ لَك وَهُوَ الْأَخْنَس بْن شَرِيقٍ كَانَ مُنَافِقًا حُلْو الْكَلَام لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَحْلِف أَنَّهُ مُؤْمِن بِهِ وَمُحِبّ لَهُ فَيُدْنِي مَجْلِسه فَأَكْذَبَهُ اللَّه فِي ذَلِكَ وَمَرَّ بِزَرْعٍ وَحُمُر لِبَعْضِ الْمُسْلِمِينَ فَأَحْرَقَهُ وَعَقَرهَا لَيْلًا
{205} وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الْأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْفَسَادَ "وَإِذَا تَوَلَّى" انْصَرَفَ عَنْك "سَعَى" مَشَى "فِي الْأَرْض لِيُفْسِد فِيهَا وَيُهْلِك الْحَرْث وَالنَّسْل" مِنْ جُمْلَة الْفَسَاد "وَاَللَّه لَا يُحِبّ الْفَسَاد" أَيْ لَا يَرْضَى بِهِ
{206} وَإِذَا قِيلَ لَهُ اتَّقِ اللَّهَ أَخَذَتْهُ الْعِزَّةُ بِالْإِثْمِ فَحَسْبُهُ جَهَنَّمُ وَلَبِئْسَ الْمِهَادُ "وَإِذَا قِيلَ لَهُ اتَّقِ اللَّه" فِي فِعْلك "أَخَذَتْهُ الْعِزَّة" حَمَلَتْهُ الْأَنَفَة وَالْحَمِيَّة عَلَى الْعَمَل "بِالْإِثْمِ" الَّذِي أُمِرَ بِاتِّقَائِهِ "فَحَسْبه" كَافِيه "جَهَنَّم وَلَبِئْسَ الْمِهَاد" الْفِرَاش هِيَ
{207} وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاةِ اللَّهِ وَاللَّهُ رَءُوفٌ بِالْعِبَادِ "وَمِنْ النَّاس مَنْ يَشْرِي" يَبِيع "نَفْسه" أَيْ يَبْذُلهَا فِي طَاعَة اللَّه "ابْتِغَاء" طَلَب "مَرْضَاة اللَّه" رِضَاهُ وَهُوَ صُهَيْب لَمَّا آذَاهُ الْمُشْرِكُونَ هَاجَرَ إلَى الْمَدِينَة وَتَرَكَ لَهُمْ مَاله "وَاَللَّه رَءُوف بِالْعِبَادِ" حَيْثُ أَرْشَدهمْ لِمَا فِيهِ رِضَاهُ
{208} يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ وَنَزَلَ فِي عَبْد اللَّه بْن سَلَام وَأَصْحَابه لَمَّا عَظَّمُوا السَّبْت وَكَرِهُوا الْإِبِل بَعْد الْإِسْلَام "يَا أَيّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اُدْخُلُوا فِي السِّلْم" بِفَتْحِ السِّين وَكَسْرهَا الْإِسْلَام "كَافَّة" حَال مِنْ السِّلْم أَيْ فِي جَمِيع شَرَائِعه "وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَات" طُرُق "الشَّيْطَان" أَيْ تَزْيِينه بِالتَّفْرِيقِ "إنَّهُ لَكُمْ عَدُوّ مُبِين" بَيِّن الْعَدَاوَة
{209} فَإِنْ زَلَلْتُمْ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْكُمُ الْبَيِّنَاتُ فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ "فَإِنْ زَلَلْتُمْ" مِلْتُمْ عَنْ الدُّخُول فِي جَمِيعه "مِنْ بَعْد مَا جَاءَتْكُمْ الْبَيِّنَات" الْحُجَج الظَّاهِرَة عَلَى أَنَّهُ الْحَقّ "فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّه عَزِيز" لَا يُعْجِزهُ شَيْء عَنْ انْتِقَامه مِنْكُمْ "حَكِيم" فِي صُنْعه
{210} هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ يَأْتِيَهُمُ اللَّهُ فِي ظُلَلٍ مِنَ الْغَمَامِ وَالْمَلَائِكَةُ وَقُضِيَ الْأَمْرُ وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ "هَلْ" مَا "يَنْظُرُونَ" يَنْتَظِر التَّارِكُونَ الدُّخُول فِيهِ "إلَّا أَنْ يَأْتِيَهُمْ اللَّه" أَيْ أَمْره كَقَوْلِهِ أَوْ يَأْتِي أَمْر رَبّك أَيْ عَذَابه "فِي ظُلَل" جَمْع ظُلَّة "مِنْ الْغَمَام" السَّحَاب "وَالْمَلَائِكَة وَقُضِيَ الْأَمْر" تَمَّ أَمْر هَلَاكهمْ "وَإِلَى اللَّه تُرْجَع الْأُمُور" بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ وَالْفَاعِل فِي الْآخِرَة فَيُجَازِي كُلًّا بِعَمَلِهِ

جنــــون 10-10-2011 03:37 PM

{211} سَلْ بَنِي إِسْرَائِيلَ كَمْ آتَيْنَاهُمْ مِنْ آيَةٍ بَيِّنَةٍ وَمَنْ يُبَدِّلْ نِعْمَةَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُ فَإِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ "سَلْ" يَا مُحَمَّد "بَنِي إسْرَائِيل" تَبْكِيتًا "كَمْ آتَيْنَاهُمْ" كَمْ اسْتِفْهَامِيَّة مُعَلَّقَة سَلْ عَنْ الْمَفْعُول الثَّانِي وَهِيَ ثَانِي مَفْعُول آتَيْنَا وَمُمَيِّزهَا "مِنْ آيَة بَيِّنَة" ظَاهِرَة كَفَلْقِ الْبَحْر وَإِنْزَال الْمَنّ وَالسَّلْوَى فَبَدَّلُوهَا كُفْرًا "وَمَنْ يُبَدِّل نِعْمَة اللَّه" أَيْ مَا أَنْعَمَ بِهِ عَلَيْهِ مِنْ الْآيَات لِأَنَّهَا سَبَب الْهِدَايَة "مِنْ بَعْد مَا جَاءَتْهُ" كُفْرًا "فَإِنَّ اللَّه شَدِيد الْعِقَاب" لَهُ
{212} زُيِّنَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَيَسْخَرُونَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ اتَّقَوْا فَوْقَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَاللَّهُ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ "زُيِّنَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا" مِنْ أَهْل مَكَّة "الْحَيَاة الدُّنْيَا" بِالتَّمْوِيهِ فَأَحَبُّوهَا "و" هُمْ "يَسْخَرُونَ مِنْ الَّذِينَ آمَنُوا" لِفَقْرِهِمْ كَبِلَالٍ وَعَمَّار وَصُهَيْب أَيْ يَسْتَهْزِئُونَ بِهِمْ وَيَتَعَالَوْنَ عَلَيْهِمْ بِالْمَالِ "وَاَلَّذِينَ اتَّقَوْا" الشِّرْك وَهُمْ هَؤُلَاءِ "فَوْقهمْ يَوْم الْقِيَامَة وَاَللَّه يَرْزُق مَنْ يَشَاء بِغَيْرِ حِسَاب" أَيْ رِزْقًا وَاسِعًا فِي الْآخِرَة أَوْ الدُّنْيَا بِأَنْ يَمْلِك الْمَسْخُور مِنْهُمْ أَمْوَال السَّاخِرِينَ وَرِقَابهمْ
{213} كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً فَبَعَثَ اللَّهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ وَأَنْزَلَ مَعَهُمُ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ فِيمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ وَمَا اخْتَلَفَ فِيهِ إِلَّا الَّذِينَ أُوتُوهُ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ فَهَدَى اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا لِمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ مِنَ الْحَقِّ بِإِذْنِهِ وَاللَّهُ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ "كَانَ النَّاس أُمَّة وَاحِدَة" عَلَى الْإِيمَان فَاخْتَلَفُوا بِأَنْ آمَنَ بَعْض وَكَفَرَ بَعْض "فَبَعَثَ اللَّه النَّبِيِّينَ" إلَيْهِمْ "مُبَشِّرِينَ" مَنْ آمَنَ بِالْجَنَّةِ "وَمُنْذِرِينَ" مَنْ كَفَرَ بِالنَّارِ "وَأَنْزَلَ مَعَهُمْ الْكِتَاب" بِمَعْنَى الْكُتُب "بِالْحَقِّ" مُتَعَلِّق بِأَنْزَل "لِيَحْكُم" بِهِ "بَيْن النَّاس فِيمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ" مِنْ الدِّين "وَمَا اخْتَلَفَ فِيهِ " أَيْ الدِّين "إلَّا الَّذِينَ أُوتُوهُ" أَيْ الْكِتَاب فَآمَنَ بَعْض وَكَفَرَ بَعْض "مِنْ بَعْد مَا جَاءَتْهُمْ الْبَيِّنَات" الْحُجَج الظَّاهِرَة عَلَى التَّوْحِيد وَمِنْ مُتَعَلِّقَة بِاخْتَلَفَ وَهِيَ وَمَا بَعْدهَا مُقَدَّم عَلَى الِاسْتِثْنَاء فِي الْمَعْنَى "بَغْيًا" مِنْ الْكَافِرِينَ "بَيْنهمْ فَهَدَى اللَّه الَّذِينَ آمَنُوا لِمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ مِنْ" لِلْبَيَانِ "الْحَقّ بِإِذْنِهِ" بِإِرَادَتِهِ "وَاَللَّه يَهْدِي مَنْ يَشَاء" هِدَايَته "إلَى صِرَاط مُسْتَقِيم" طَرِيق الْحَقّ
{214} أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُمْ مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ مَسَّتْهُمُ الْبَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ ونزل في جهد أصاب المسلمين "أَمْ" بَلْ أَ "حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّة وَلَمَّا" لَمْ "يَأْتِكُمْ مَثَل" شِبْه مَا أَتَى "الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلكُمْ" مِنْ الْمُؤْمِنِينَ مِنْ الْمِحَن فَتَصْبِرُوا كَمَا صَبَرُوا "مَسَّتْهُمْ" جُمْلَة مُسْتَأْنَفَة مُبَيِّنَة مَا قَبْلهَا "الْبَأْسَاء" شِدَّة الْفَقْر "وَالضَّرَّاء" الْمَرَض "وَزُلْزِلُوا" أُزْعِجُوا بِأَنْوَاعِ الْبَلَاء "حَتَّى يَقُول" بِالنَّصْبِ وَالرَّفْع أَيْ قَالَ : "الرَّسُول وَاَلَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ" اسْتِبْطَاء لِلنَّصْرِ لِتَنَاهِي الشِّدَّة عَلَيْهِمْ "مَتَى" مَتَى يَأْتِي "نَصْر اللَّه" الَّذِي وُعِدْنَاهُ فَأُجِيبُوا مِنْ قِبَل اللَّه "أَلَا إنَّ نَصْر اللَّه قَرِيب" إتْيَانه
{215} يَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنْفِقُونَ قُلْ مَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ خَيْرٍ فَلِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ "يَسْأَلُونَك" يَا مُحَمَّد "مَاذَا يُنْفِقُونَ" أَيْ الَّذِي يُنْفِقُونَهُ وَالسَّائِل عَمْرو بْن الْجَمُوح وَكَانَ شَيْخًا ذَا مَال فَسَأَلَ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَمَّا يُنْفِق وَعَلَى مَنْ يُنْفِق "قُلْ" لَهُمْ "مَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ خَيْر" بَيَان لِمَا شَامِل لِلْقَلِيلِ وَالْكَثِير وَفِيهِ بَيَان الْمُنْفِق الَّذِي هُوَ أَحَد شِقَّيْ السُّؤَال وَأَجَابَ عَنْ الْمَصْرِف الَّذِي هُوَ الشِّقّ الْآخَر بِقَوْلِهِ : "فَلِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِين وَابْن السَّبِيل" أَيْ هُمْ أَوْلَى بِهِ "وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْر" إنْفَاق أَوْ غَيْره "فَإِنَّ اللَّه بِهِ عَلِيم" فَمُجَازٍ عَلَيْهِ

جنــــون 10-10-2011 03:37 PM

{216} كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ "كُتِبَ" فُرِضَ "عَلَيْكُمْ الْقِتَال" لِلْكُفَّارِ "وَهُوَ كُرْه" مَكْرُوه "لَكُمْ" لَكُمْ طِبْقًا لِمَشَقَّتِهِ "وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْر لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرّ لَكُمْ" لِمَيْلِ النَّفْس إلَى الشَّهَوَات الْمُوجِبَة لِهَلَاكِهَا وَنُفُورهَا عَنْ التَّكْلِيفَات الْمُوجِبَة لِسَعَادَتِهَا فَلَعَلَّ لَكُمْ فِي الْقِتَال وَإِنْ كَرِهْتُمُوهُ خَيْرًا لِأَنَّ فِيهِ إمَّا الظَّفَر وَالْغَنِيمَة أَوْ الشَّهَادَة وَالْأَجْر وَفِي تَرْكه وَإِنْ أَحْبَبْتُمُوهُ شَرًّا لِأَنَّ فِيهِ الذُّلّ وَالْفَقْر وَحِرْمَان الْأَجْر "وَاَللَّه يَعْلَم" مَا هُوَ خَيْر لَكُمْ "وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ" ذَلِكَ فَبَادِرُوا إلَى مَا يَأْمُركُمْ بِهِ
{217} يَسْأَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ قِتَالٍ فِيهِ قُلْ قِتَالٌ فِيهِ كَبِيرٌ وَصَدٌّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَكُفْرٌ بِهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَإِخْرَاجُ أَهْلِهِ مِنْهُ أَكْبَرُ عِنْدَ اللَّهِ وَالْفِتْنَةُ أَكْبَرُ مِنَ الْقَتْلِ وَلَا يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّى يَرُدُّوكُمْ عَنْ دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُوا وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ وَأَرْسَلَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوَّل سَرَايَاهُ وَعَلَيْهَا عَبْد اللَّه بْن جَحْش فَقَاتَلُوا الْمُشْرِكِينَ وَقَتَلُوا ابْن الْحَضْرَمِيّ آخِر يَوْم مِنْ جُمَادَى الْآخِرَة وَالْتَبَسَ عَلَيْهِمْ بِرَجَبٍ فَعَيَّرَهُمْ الْكُفَّار بِاسْتِحْلَالِهِ فَنَزَلَ : "يَسْأَلُونَك عَنْ الشَّهْر الْحَرَام" الْمُحَرَّم "قِتَال فِيهِ" بَدَل اشْتِمَال "قُلْ" لَهُمْ "قِتَال فِيهِ كَبِير" عَظِيم وِزْرًا مُبْتَدَأ وَخَبَر "وَصَدّ" مُبْتَدَأ مَنْع لِلنَّاسِ "عَنْ سَبِيل اللَّه" دِينه "وَكُفْر بِهِ" بِاَللَّهِ "و" صَدّ عَنْ "الْمَسْجِد الْحَرَام" أَيْ مَكَّة "وَإِخْرَاج أَهْله مِنْهُ" وَهُمْ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْمُؤْمِنُونَ وَخَبَر الْمُبْتَدَأ "أَكْبَر" أَعْظَم وِزْرًا "عِنْد اللَّه" مِنْ الْقِتَال فِيهِ "وَالْفِتْنَة" الشِّرْك مِنْكُمْ "أَكْبَر مِنْ الْقَتْل" لَكُمْ فِيهِ "وَلَا يَزَالُونَ" أَيْ الْكُفَّار "يُقَاتِلُونَكُمْ" أَيّهَا الْمُؤْمِنُونَ "حَتَّى" كَيْ "يَرُدُّوكُمْ عَنْ دِينكُمْ" إلَى الْكُفْر "إنْ اسْتَطَاعُوا وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينه فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِر فَأُولَئِكَ حَبِطَتْ" بَطَلَتْ "أَعْمَالهمْ" الصَّالِحَة "فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَة" فَلَا اعْتِدَاد بِهَا وَلَا ثَوَاب عَلَيْهَا وَالتَّقَيُّد بِالْمَوْتِ عَلَيْهِ يُفِيد أَنَّهُ لَوْ رَجَعَ إلَى الْإِسْلَام لَمْ يَبْطُل عَمَله فَيُثَاب عَلَيْهِ وَلَا يُعِيدهُ كَالْحَجِّ مَثَلًا وَعَلَيْهِ الشَّافِعِيّ "وأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون"
{218} إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُولَئِكَ يَرْجُونَ رَحْمَةَ اللَّهِ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ وَلَمَّا ظَنَّ السَّرِيَّة أَنَّهُمْ إنْ سَلِمُوا مِنْ الْإِثْم فَلَا يَحْصُل لَهُمْ أَجْر نَزَلَ : "إنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَاَلَّذِينَ هَاجَرُوا" فَارَقُوا أَوْطَانهمْ "وَجَاهَدُوا فِي سَبِيل اللَّه" لِإِعْلَاءِ دِينه "أُولَئِكَ يَرْجُونَ رَحْمَة اللَّه" ثَوَابه "وَاَللَّه غَفُور" لِلْمُؤْمِنِينَ "رَحِيم" بِهِمْ
{219} يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِمَا وَيَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنْفِقُونَ قُلِ الْعَفْوَ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ "يَسْأَلُونَك عَنْ الْخَمْر وَالْمَيْسِر" الْقِمَار وَمَا فِي حُكْمهمَا "قُلْ" لَهُمْ "فِيهِمَا" أَيْ فِي تَعَاطِيهمَا "إثْم كَبِير" عَظِيم وَفِي قِرَاءَة بِالْمُثَلَّثَةِ لِمَا يَحْصُل بِسَبَبِهِمَا مِنْ الْمُخَاصَمَة وَالْمُشَاتَمَة وَقَوْل الْفُحْش "وَمَنَافِع لِلنَّاسِ" بِاللَّذَّةِ وَالْفَرَح فِي الْخَمْر وَإِصَابَة الْمَال بِلَا كَدّ فِي الْمَيْسِر "وَإِثْمهمَا" أَيْ مَا يَنْشَأ عَنْهُمَا مِنْ الْمَفَاسِد "أَكْبَر" أَعْظَم "مِنْ نَفْعهمَا" وَلَمَّا نَزَلَتْ شَرِبَهَا قَوْم وَامْتَنَعَ عَنْهَا آخَرُونَ إلَّا أَنْ حَرَّمَتْهَا آيَة الْمَائِدَة "وَيَسْأَلُونَك مَاذَا يُنْفِقُونَ" أَيْ مَا قَدْره "قُلْ" أَنْفِقُوا "الْعَفْو" أَيْ الْفَاضِل عَنْ الْحَاجَة وَلَا تُنْفِقُوا مَا تَحْتَاجُونَ إلَيْهِ وَتُضَيِّعُوا أَنْفُسكُمْ وَفِي قِرَاءَة بِالرَّفْعِ بِتَقْدِيرِ هُوَ "كَذَلِكَ" أَيْ كَمَا بُيِّنَ لَكُمْ مَا ذُكِرَ "يبين الله لكم الآيات لعلكم تتفكرون"

جنــــون 10-10-2011 03:38 PM

{220} فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْيَتَامَى قُلْ إِصْلَاحٌ لَهُمْ خَيْرٌ وَإِنْ تُخَالِطُوهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ الْمُفْسِدَ مِنَ الْمُصْلِحِ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَأَعْنَتَكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ "فِي" أَمْر "الدُّنْيَا وَالْآخِرَة" فَتَأْخُذُونَ بِالْأَصْلَحِ لَكُمْ فِيهِمَا "وَيَسْأَلُونَك عَنْ الْيَتَامَى" وَمَا يَلْقَوْنَهُ مِنْ الْحَرَج فِي شَأْنهمْ فَإِنْ وَاكَلُوهُمْ يَأْثَمُوا وَإِنْ عَزَلُوا مَا لَهُمْ مِنْ أَمْوَالهمْ وَصَنَعُوا لَهُمْ طَعَامًا وَحْدهمْ فَحَرَج "قُلْ إصْلَاح لَهُمْ" فِي أَمْوَالهمْ بِتَنْمِيَتِهَا وَمُدَاخَلَتكُمْ "خَيْر" خَيْر مِنْ تَرْك ذَلِكَ "وَإِنْ تُخَالِطُوهُمْ" أَيْ تَخْلِطُوا نَفَقَتكُمْ بِنَفَقَتِهِمْ "فَإِخْوَانكُمْ" أَيْ فَهُمْ إخْوَانكُمْ فِي الدِّين وَمِنْ شَأْن الْأَخ أَنْ يُخَالِط أَخَاهُ أَيْ فَلَكُمْ ذَلِكَ "وَاَللَّه يَعْلَم الْمُفْسِد" لِأَمْوَالِهِمْ بِمُخَالَطَتِهِ "مِنْ الْمُصْلِح" بِهَا فَيُجَازِي كُلًّا مِنْهُمَا "وَلَوْ شَاءَ اللَّه لَأَعْنَتَكُمْ" لَضَيَّقَ عَلَيْكُمْ بِتَحْرِيمِ الْمُخَالَطَة "إنَّ اللَّه عَزِيز" غَالِب عَلَى أَمْره "حَكِيم" فِي صُنْعه
{221} وَلَا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ وَلَأَمَةٌ مُؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكَةٍ وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ وَلَا تُنْكِحُوا الْمُشْرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُوا وَلَعَبْدٌ مُؤْمِنٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكٍ وَلَوْ أَعْجَبَكُمْ أُولَئِكَ يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى الْجَنَّةِ وَالْمَغْفِرَةِ بِإِذْنِهِ وَيُبَيِّنُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ "وَلَا تَنْكِحُوا" تَتَزَوَّجُوا أَيّهَا الْمُسْلِمُونَ "الْمُشْرِكَات" أَيْ الْكَافِرَات "حَتَّى يُؤْمِنَّ وَلَأَمَة مُؤْمِنَة خَيْر مِنْ مُشْرِكَة" حُرَّة لِأَنَّ سَبَب نُزُولهَا الْعَيْب عَلَى مَنْ تَزَوَّجَ أَمَة وَتَرْغِيبه فِي نِكَاح حُرَّة مُشْرِكَة "وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ" لِجَمَالِهَا وَمَالهَا وَهَذَا مَخْصُوص بِغَيْرِ الْكِتَابِيَّات بِآيَةِ "وَالْمُحْصَنَات مِنْ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَاب" "وَلَا تُنْكِحُوا" تُزَوِّجُوا "الْمُشْرِكِينَ" أَيْ الْكُفَّار الْمُؤْمِنَات "حَتَّى يُؤْمِنُوا وَلَعَبْد مُؤْمِن خَيْر مِنْ مُشْرِك وَلَوْ أَعْجَبَكُمْ" لِمَالِهِ وَجَمَاله "أُولَئِكَ" أَيْ أَهْل الشِّرْك "يَدْعُونَ إلَى النَّار" بِدُعَائِهِمْ إلَى الْعَمَل الْمُوجِب لَهَا فَلَا تَلِيق مُنَاكَحَتهمْ "وَاَللَّه يَدْعُو" عَلَى لِسَان رُسُله "إلَى الْجَنَّة وَالْمَغْفِرَة" أَيْ الْعَمَل الْمُوجِب لَهُمَا "بِإِذْنِهِ" بِإِرَادَتِهِ فَتَجِب إجَابَته بِتَزْوِيجِ أَوْلِيَائِهِ "وَيُبَيِّن آيَاته لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ" يَتَّعِظُونَ
{222} وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ وَلَا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ "وَيَسْأَلُونَك عَنْ الْمَحِيض" أَيْ الْحَيْض أَوْ مَكَانه مَاذَا يَفْعَل بِالنِّسَاءِ فِيهِ "قُلْ هُوَ أَذًى" قَذَر أَوْ مَحَلّه "فَاعْتَزِلُوا النِّسَاء" اُتْرُكُوا وَطْأَهُنَّ "فِي الْمَحِيض" أَيْ وَقْته أَوْ مَكَانه "وَلَا تَقْرَبُوهُنَّ" بِالْجِمَاعِ "حَتَّى يَطْهُرْنَ" بِسُكُونِ الطَّاء وَتَشْدِيدهَا وَالْهَاء وَفِيهِ إدْغَام التَّاء فِي الْأَصْل فِي الطَّاء أَيْ يَغْتَسِلْنَ بَعْد انْقِطَاعه "فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ" بِالْجِمَاعِ "مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمْ اللَّه" بِتَجَنُّبِهِ فِي الْحَيْض وَهُوَ الْقُبُل وَلَا تَعْدُوهُ إلَى غَيْره "إنَّ اللَّه يُحِبّ" يُثِيب وَيُكْرِم "التَّوَّابِينَ" مِنْ الذُّنُوب "وَيُحِبّ الْمُتَطَهِّرِينَ" مِنْ الْأَقْذَار
{223} نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ وَقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ مُلَاقُوهُ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ "نِسَاؤُكُمْ حَرْث لَكُمْ" أَيْ مَحَلّ زَرْعكُمْ الْوَلَد "فَأْتُوا حَرْثكُمْ" أَيْ مَحَلّه وَهُوَ الْقُبُل "أَنَّى" كَيْفَ "شِئْتُمْ" مِنْ قِيَام وَقُعُود وَاضْطِجَاع وَإِقْبَال وَإِدْبَار وَنَزَلَ رَدًّا لِقَوْلِ الْيَهُود : مَنْ أَتَى امْرَأَته فِي قُبُلهَا أَيْ مِنْ جِهَة دُبُرهَا جَاءَ الْوَلَد أَحْوَل "وَقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ" الْعَمَل الصَّالِح كَالتَّسْمِيَةِ عِنْد الْجِمَاع "وَاتَّقُوا اللَّه" فِي أَمْره وَنَهْيه "وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ مُلَاقُوهُ" بِالْبَعْثِ فَيُجَازِيكُمْ بِأَعْمَالِكُمْ "وَبَشِّرْ الْمُؤْمِنِينَ" الَّذِينَ اتَّقَوْهُ بِالْجَنَّةِ
{224} وَلَا تَجْعَلُوا اللَّهَ عُرْضَةً لِأَيْمَانِكُمْ أَنْ تَبَرُّوا وَتَتَّقُوا وَتُصْلِحُوا بَيْنَ النَّاسِ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ "وَلَا تَجْعَلُوا اللَّه" أَيْ الْحَلِف بِهِ "عُرْضَة" عِلَّة مَانِعَة "لِأَيْمَانِكُمْ" أَيْ نَصْبًا لَهَا بِأَنْ تُكْثِرُوا الْحَلِف بِهِ "أَنْ" لَا "تَبَرُّوا وَتَتَّقُوا" فَتُكْرَه الْيَمِين عَلَى ذَلِكَ وَيُسَنّ فِيهِ الْحِنْث وَيُكَفِّر بِخِلَافِهَا عَلَى فِعْل الْبِرّ وَنَحْوه فَهِيَ طَاعَة "وَتُصْلِحُوا بَيْن النَّاس" الْمَعْنَى لَا تَمْتَنِعُوا مِنْ فِعْل مَا ذُكِرَ مِنْ الْبِرّ وَنَحْوه إذَا حَلَفْتُمْ عَلَيْهِ بَلْ ائْتُوهُ وَكَفَّرُوا لِأَنَّ سَبَب نُزُولهَا الِامْتِنَاع مِنْ ذَلِكَ "وَاَللَّه سَمِيع" لِأَقْوَالِكُمْ "عَلِيم" بِأَحْوَالِكُمْ

جنــــون 10-10-2011 03:39 PM

{225} لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ حَلِيمٌ "لَا يُؤَاخِذكُمْ اللَّه بِاللَّغْوِ" الْكَائِن "فِي أَيْمَانكُمْ" وَهُوَ مَا يَسْبِق إلَيْهِ اللِّسَان مِنْ غَيْر قَصْد الْحَلِف نَحْو وَاَللَّه وَبَلَى وَاَللَّه فَلَا إثْم عَلَيْهِ وَلَا كَفَّارَة "وَلَكِنْ يُؤَاخِذكُمْ بِمَا كَسَبَتْ قُلُوبكُمْ" أَيْ قَصَدَتْهُ مِنْ الْأَيْمَان إذَا حَنِثْتُمْ "وَاَللَّه غَفُور" لِمَا كَانَ مِنْ اللَّغْو "حَلِيم" بِتَأْخِيرِ الْعُقُوبَة عَنْ مُسْتَحِقّهَا
{226} لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ فَإِنْ فَاءُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ "لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ" أَيْ يَحْلِفُونَ أَنْ لَا يُجَامِعُوهُنَّ "تَرَبُّص" انْتِظَار "أَرْبَعَة أَشْهُر فَإِنْ فَاءُوا" رَجَعُوا فِيهَا أَوْ بَعْدهَا عَنْ الْيَمِين إلَى الْوَطْء "فَإِنَّ اللَّه غَفُور" فَيَكُون غَفُور لَهُمْ مَا أَتَوْهُ مِنْ ضَرَر الْمَرْأَة بِالْحَلِفِ "رَحِيم" بِهِمْ
{227} وَإِنْ عَزَمُوا الطَّلَاقَ فَإِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ "وَإِنْ عَزَمُوا الطَّلَاق" أَيْ عَلَيْهِ بِأَنْ لَا يَفِيئُوا فَلْيُوقِعُوهُ "فَإِنَّ اللَّه سَمِيع" لِقَوْلِهِمْ "عَلِيم" بِعَزْمِهِمْ الْمَعْنَى لَيْسَ لَهُمْ بَعْد تَرَبُّص مَا ذُكِرَ إلَّا الْفَيْئَة أَوْ الطَّلَاق
{228} وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ وَلَا يَحِلُّ لَهُنَّ أَنْ يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللَّهُ فِي أَرْحَامِهِنَّ إِنْ كُنَّ يُؤْمِنَّ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَلِكَ إِنْ أَرَادُوا إِصْلَاحًا وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ "وَالْمُطَلَّقَات يَتَرَبَّصْنَ" أَيْ لِيَنْتَظِرْنَ "بِأَنْفُسِهِنَّ" بِأَنْفُسِهِنَّ عَنْ النِّكَاح "ثَلَاثَة قُرُوء" تَمْضِي مِنْ حِين الطَّلَاق جَمْع قَرْء بِفَتْحِ الْقَاف وَهُوَ الطُّهْر أَوْ الْحَيْض قَوْلَانِ وَهَذَا فِي الْمَدْخُول بِهِنَّ أَمَّا غَيْرهنَّ فَلَا عِدَّة عَلَيْهِنَّ لِقَوْلِهِ : "فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّة" وَفِي غَيْر الْآيِسَة وَالصَّغِيرَة فَعِدَّتهنَّ ثَلَاثَة أَشْهُر وَالْحَوَامِل فَعِدَّتهنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلهنَّ كَمَا فِي سُورَة الطَّلَاق وَالْإِمَاء فَعِدَّتهنَّ قَرْءَانِ بِالسُّنَّةِ "وَلَا يَحِلّ لَهُنَّ أَنْ يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللَّه فِي أَرْحَامهنَّ" مِنْ الْوَلَد وَالْحَيْض "إنْ كُنَّ يُؤْمِنَّ بِاَللَّهِ وَالْيَوْم الْآخِر وَبُعُولَتهنَّ" أَزْوَاجهنَّ "أَحَقّ بِرَدِّهِنَّ" بِمُرَاجَعَتِهِنَّ وَلَوْ أُبِنَّ "فِي ذَلِكَ" أَيْ فِي زَمَن التَّرَبُّص "إنْ أَرَادُوا إصْلَاحًا" بَيْنهمَا لِإِضْرَارِ الْمَرْأَة وَهُوَ تَحْرِيض عَلَى قَصْده لَا شَرْط لِجَوَازِ الرَّجْعَة وَهَذَا فِي الطَّلَاق الرَّجْعِيّ وَأَحَقّ لَا تَفْضِيل فِيهِ إذْ لَا حَقّ لِغَيْرِهِمْ مِنْ نِكَاحهنَّ فِي الْعِدَّة "وَلَهُنَّ" لَهُنَّ عَلَى الْأَزْوَاج "مِثْل الَّذِي" لَهُمْ "عَلَيْهِنَّ" مِنْ الْحُقُوق "بِالْمَعْرُوفِ" شَرْعًا مِنْ حُسْن الْعِشْرَة وَتَرْك الْإِضْرَار وَنَحْو ذَلِكَ "وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَة" فَضِيلَة فِي الْحَقّ مِنْ وُجُوب طَاعَتهنَّ لَهُمْ لِمَا سَاقُوهُ مِنْ الْمَهْر وَالْإِنْفَاق "وَاَللَّه عَزِيز" فِي مُلْكه "حَكِيم" فِيمَا دَبَّرَهُ لِخَلْقِهِ
{229} الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ وَلَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئًا إِلَّا أَنْ يَخَافَا أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَعْتَدُوهَا وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ "الطَّلَاق" أَيْ التَّطْلِيق الَّذِي يُرَاجِع بَعْده "مَرَّتَانِ" أَيْ اثْنَتَانِ "فَإِمْسَاك" أَيْ فَعَلَيْكُمْ إمْسَاكهنَّ بَعْده بِأَنْ تُرَاجِعُوهُنَّ "بِمَعْرُوفٍ" مِنْ غَيْر ضِرَار "أَوْ تَسْرِيح" أَيْ إرْسَالهنَّ "بِإِحْسَانٍ وَلَا يَحِلّ لَكُمْ" أَيّهَا الْأَزْوَاج "أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ" مِنْ الْمُهُور "شَيْئًا" إذَا طَلَّقْتُمُوهُنَّ "إلَّا أَنْ يَخَافَا" أَيْ الزَّوْجَانِ أَنْ "لَا يُقِيمَا حُدُود اللَّه" أَيْ أَنْ لَا يَأْتِيَا بِمَا حَدَّهُ لَهُمَا مِنْ الْحُقُوق وَفِي قِرَاءَة يُخَافَا بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ فَأَنْ لَا يُقِيمَا بَدَل اشْتِمَال مِنْ الضَّمِير فِيهِ وَقُرِئَ بالفوقانية فِي الْفِعْلَيْنِ "فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا يقيما حدود الله فلا جناح عليهما" "فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ" نَفْسهَا مِنْ الْمَال لِيُطَلِّقهَا أَيْ لَا حَرَج عَلَى الزَّوْج فِي أَخْذه وَلَا الزَّوْجَة فِي بَذْله "تِلْكَ" الْأَحْكَام الْمَذْكُورَة "حدود الله فلا تعتدوها ومن يتعد حدود الله فأولئك هم الظالمون"
{230} فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلَا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يَتَرَاجَعَا إِنْ ظَنَّا أَنْ يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ يُبَيِّنُهَا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ "فَإِنْ طَلَّقَهَا" الزَّوْج بَعْد الثِّنْتَيْنِ "فَلَا تَحِلّ لَهُ مِنْ بَعْد" بَعْد الطَّلْقَة الثَّالِثَة "حَتَّى تَنْكِح" تَتَزَوَّج "زَوْجًا غَيْره" وَيَطَأهَا كَمَا فِي الْحَدِيث رَوَاهُ الشَّيْخَانِ "فَإِنْ طَلَّقَهَا" أَيْ الزَّوْج الثَّانِي "فَلَا جُنَاح عَلَيْهِمَا" أَيْ الزَّوْجَة وَالزَّوْج الْأَوَّل "أَنْ يَتَرَاجَعَا" إلَى النِّكَاح بَعْد انْقِضَاء الْعِدَّة "إنْ ظَنَّا أَنْ يُقِيمَا حُدُود اللَّه وَتِلْكَ" الْمَذْكُورَات "حُدُود اللَّه يُبَيِّنهَا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ" يَتَدَبَّرُونَ

جنــــون 10-10-2011 03:39 PM

{231} وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ سَرِّحُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَلَا تُمْسِكُوهُنَّ ضِرَارًا لِتَعْتَدُوا وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ وَلَا تَتَّخِذُوا آيَاتِ اللَّهِ هُزُوًا وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَمَا أَنْزَلَ عَلَيْكُمْ مِنَ الْكِتَابِ وَالْحِكْمَةِ يَعِظُكُمْ بِهِ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ "وَإِذَا طَلَّقْتُمْ النِّسَاء فَبَلَغْنَ أَجَلهنَّ" قَارَبْنَ انْقِضَاء عِدَّتهنَّ "فَأَمْسِكُوهُنَّ" بِأَنْ تُرَاجِعُوهُنَّ "بِمَعْرُوفٍ" مِنْ غَيْر ضَرَر "أَوْ سَرِّحُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ" اُتْرُكُوهُنَّ حَتَّى تَنْقَضِي عِدَّتهنَّ "وَلَا تُمْسِكُوهُنَّ" بِالرَّجْعَةِ "ضِرَارًا" مَفْعُول لِأَجْلِهِ "لِتَعْتَدُوا" عَلَيْهِنَّ بِالْإِلْجَاءِ إلَى الِافْتِدَاء وَالتَّطْلِيق . وَتَطْوِيل الْحَبْس "وَمَنْ يَفْعَل ذَلِكَ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسه" بِتَعْرِيضِهَا إلَى عَذَاب اللَّه "وَلَا تَتَّخِذُوا آيَات اللَّه هُزُوًا" مَهْزُوءًا بِهَا بِمُخَالَفَتِهَا "وَاذْكُرُوا نِعْمَة اللَّه عَلَيْكُمْ" بِالْإِسْلَامِ "وَمَا أَنْزَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ الْكِتَاب" الْقُرْآن "وَالْحِكْمَة" مَا فِيهِ مِنْ الْأَحْكَام "يَعِظكُمْ بِهِ" بِأَنْ تَشْكُرُوهَا بِالْعَمَلِ بِهِ "وَاتَّقُوا اللَّه وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّه بِكُلِّ شَيْء عَلِيم" وَلَا يَخْفَى عَلَيْهِ شَيْء
{232} وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلَا تَعْضُلُوهُنَّ أَنْ يَنْكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ إِذَا تَرَاضَوْا بَيْنَهُمْ بِالْمَعْرُوفِ ذَلِكَ يُوعَظُ بِهِ مَنْ كَانَ مِنْكُمْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكُمْ أَزْكَى لَكُمْ وَأَطْهَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ "وَإِذَا طَلَّقْتُمْ النِّسَاء فَبَلَغْنَ أَجَلهنَّ" انْقَضَتْ عِدَّتهنَّ "فَلَا تَعْضُلُوهُنَّ" خِطَاب لِلْأَوْلِيَاءِ أَيْ تَمْنَعُوهُنَّ مِنْ "أَنْ يَنْكِحْنَ أَزْوَاجهنَّ" الْمُطَلِّقِينَ لَهُنَّ لِأَنَّ سَبَب نُزُولهَا أَنَّ أُخْت مَعْقِل بْن يَسَار طَلَّقَهَا زَوْجهَا فَأَرَادَ أَنْ يُرَاجِعهَا فَمَنَعَهَا مَعْقِل بْن يَسَار كَمَا رَوَاهُ الْحَاكِم "إذَا تَرَاضَوْا" أَيْ الْأَزْوَاج وَالنِّسَاء "بَيْنهمْ بِالْمَعْرُوفِ" شَرْعًا "ذَلِكَ" النَّهْي عَنْ الْعَضْل "يُوعَظ بِهِ مَنْ كَانَ مِنْكُمْ يُؤْمِن بِاَللَّهِ وَالْيَوْم الْآخِر" لِأَنَّهُ الْمُنْتَفِع بِهِ "ذَلِكُمْ" أَيْ تَرْك الْعَضْل "أَزْكَى" خَيْر "لَكُمْ وَأَطْهَر" لَكُمْ وَلَهُمْ لِمَا يَخْشَى عَلَى الزَّوْجَيْنِ مِنْ الرِّيبَة بِسَبَبِ الْعَلَاقَة بَيْنهمَا "وَاَللَّه يَعْلَم" مَا فِيهِ الْمَصْلَحَة "وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ" ذَلِكَ فَاتَّبِعُوا أَوَامِره
{233} وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ لَا تُكَلَّفُ نَفْسٌ إِلَّا وُسْعَهَا لَا تُضَارَّ وَالِدَةٌ بِوَلَدِهَا وَلَا مَوْلُودٌ لَهُ بِوَلَدِهِ وَعَلَى الْوَارِثِ مِثْلُ ذَلِكَ فَإِنْ أَرَادَا فِصَالًا عَنْ تَرَاضٍ مِنْهُمَا وَتَشَاوُرٍ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا وَإِنْ أَرَدْتُمْ أَنْ تَسْتَرْضِعُوا أَوْلَادَكُمْ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِذَا سَلَّمْتُمْ مَا آتَيْتُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ "وَالْوَالِدَات يُرْضِعْنَ" أَيْ لِيُرْضِعْنَ "أَوْلَادهنَّ حَوْلَيْنِ" عَامَيْنِ "كَامِلَيْنِ" صِفَة مُؤَكِّدَة ذَلِكَ "لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمّ الرَّضَاعَة" وَلَا زِيَادَة عَلَيْهِ "وَعَلَى الْمَوْلُود لَهُ" أَيْ الْأَب "رِزْقهنَّ" إطْعَام الْوَالِدَات "وَكِسْوَتهنَّ" عَلَى الْإِرْضَاع إذَا كُنَّ مُطَلَّقَات "بِالْمَعْرُوفِ" بِقَدْرِ طَاقَته "لَا تُكَلَّف نَفْس إلَّا وُسْعهَا" طَاقَتهَا "لَا تُضَارّ وَالِدَة بِوَلَدِهَا" أَيْ بِسَبَبِهِ بِأَنْ تُكْرَه عَلَى إرْضَاعه إذَا امْتَنَعَتْ "وَلَا" وَلَا يُضَارّ "مَوْلُود لَهُ بِوَلَدِهِ" أَيْ بِسَبَبِهِ بِأَنْ يُكَلَّف فَوْق طَاقَته وَإِضَافَة الْوَلَد إلَى كُلّ مِنْهُمَا فِي الْمَوْضِعَيْنِ لِلِاسْتِعْطَافِ "وَعَلَى الْوَارِث" أَيْ وَارِث الْأَب وَهُوَ الصَّبِيّ أَيْ عَلَى وَلِيّه فِي مَاله "مِثْل ذَلِكَ" الَّذِي عَلَى الْأَب لِلْوَالِدَةِ مِنْ الرِّزْق وَالْكِسْوَة "فَإِنْ أَرَادَا" أَيْ الْوَالِدَانِ "فِصَالًا" فِطَامًا لَهُ قَبْل الْحَوْلَيْنِ صَادِرًا "عَنْ تَرَاضٍ" اتِّفَاق "مِنْهُمَا وَتَشَاوُر" بَيْنهمَا لِتَظْهَر مَصْلَحَة الصَّبِيّ فِيهِ "فَلَا جُنَاح عَلَيْهِمَا" فِي ذَلِكَ "وَإِنْ أَرَدْتُمْ" خِطَاب لِلْآبَاءِ "أَنْ تَسْتَرْضِعُوا أَوْلَادكُمْ" مَرَاضِع غَيْر الْوَالِدَات "فَلَا جُنَاح عَلَيْكُمْ" فِيهِ "إذَا سَلَّمْتُمْ" إلَيْهِنَّ "مَا آتَيْتُمْ" أَيْ أَرَدْتُمْ إيتَاءَهُ لَهُنَّ مِنْ الْأُجْرَة "بِالْمَعْرُوفِ" بِالْجَمِيلِ كَطِيبِ النَّفْس "وَاتَّقُوا اللَّه وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّه بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِير" لَا يَخْفَى عَلَيْهِ شَيْء مِنْهُ

المشعـل 10-10-2011 09:34 PM



البقرة

{234} وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا فَعَلْنَ فِي أَنْفُسِهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ "
وَاَلَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ" يَمُوتُونَ "مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ" يَتْرُكُونَ "أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ" أَيْ لِيَتَرَبَّصْنَ "بِأَنْفُسِهِنَّ" بَعْدهمْ عَنْ النِّكَاح "أَرْبَعَة أَشْهُر وَعَشْرًا" مِنْ اللَّيَالِي وَهَذَا فِي غَيْر الْحَوَامِل أَمَّا الْحَوَامِل فَعِدَّتهنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلهنَّ بِآيَةِ الطَّلَاق وَالْأَمَة عَلَى النِّصْف مِنْ ذَلِكَ بِالسُّنَّةِ "فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلهنَّ" انْقَضَتْ مُدَّة تَرَبُّصهنَّ "فَلَا جُنَاح عَلَيْكُمْ" أَيّهَا الْأَوْلِيَاء "فِيمَا فَعَلْنَ فِي أَنْفُسهنَّ" مِنْ التَّزَيُّن وَالتَّعَرُّض لِلْخُطَّابِ "بِالْمَعْرُوفِ" شَرْعًا "وَاَللَّه بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِير" عَالِم بِبَاطِنِهِ كَظَاهِرِهِ
{235} وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا عَرَّضْتُمْ بِهِ مِنْ خِطْبَةِ النِّسَاءِ أَوْ أَكْنَنْتُمْ فِي أَنْفُسِكُمْ عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ سَتَذْكُرُونَهُنَّ وَلَكِنْ لَا تُوَاعِدُوهُنَّ سِرًّا إِلَّا أَنْ تَقُولُوا قَوْلًا مَعْرُوفًا وَلَا تَعْزِمُوا عُقْدَةَ النِّكَاحِ حَتَّى يَبْلُغَ الْكِتَابُ أَجَلَهُ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي أَنْفُسِكُمْ فَاحْذَرُوهُ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ حَلِيمٌ "
وَلَا جُنَاح عَلَيْكُمْ فِيمَا عَرَّضْتُمْ" لَوَّحْتُمْ "بِهِ مِنْ خِطْبَة النِّسَاء" الْمُتَوَفَّى عَنْهُنَّ أَزْوَاجهنَّ فِي الْعِدَّة كَقَوْلِ الْإِنْسَان : مَثَلًا إنَّك لَجَمِيلَة وَمَنْ يَجِد مِثْلك وَرُبّ رَاغِب فِيك "أَوْ أَكْنَنْتُمْ" أَضْمَرْتُمْ "فِي أَنْفُسكُمْ" مِنْ قَصْد نِكَاحهنَّ "عَلِمَ اللَّه أَنَّكُمْ سَتَذْكُرُونَهُنَّ" بِالْخِطْبَةِ وَلَا تَصْبِرُونَ عَنْهُنَّ فَأَبَاحَ لَكُمْ التَّعْرِيض "وَلَكِنْ لَا تُوَاعِدُوهُنَّ سِرًّا" أَيْ نِكَاحًا "إلَّا" لَكِنْ "أَنْ تَقُولُوا قَوْلًا مَعْرُوفًا" أَيْ مَا عُرِفَ شَرْعًا مِنْ التَّعْرِيض فَلَكُمْ ذَلِكَ "وَلَا تَعْزِمُوا عُقْدَة النِّكَاح" أَيْ عَلَى عَقْده "حَتَّى يَبْلُغ الْكِتَاب" أَيْ الْمَكْتُوب مِنْ الْعِدَّة "أَجَله" بِأَنْ يَنْتَهِي "وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّه يَعْلَم مَا فِي أَنْفُسكُمْ" مِنْ الْعَزْم وَغَيْره "فَاحْذَرُوهُ" أَنْ يُعَاقِبكُمْ إذَا عَزَمْتُمْ "وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّه غَفُور" لِمَنْ يَحْذَرهُ "حَلِيم" بِتَأْخِيرِ الْعُقُوبَة عَنْ مُسْتَحِقّهَا
{236} لَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ مَا لَمْ تَمَسُّوهُنَّ أَوْ تَفْرِضُوا لَهُنَّ فَرِيضَةً وَمَتِّعُوهُنَّ عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ وَعَلَى الْمُقْتِرِ قَدَرُهُ مَتَاعًا بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُحْسِنِينَ "
لَا جُنَاح عَلَيْكُمْ إنْ طَلَّقْتُمْ النِّسَاء مَا لَمْ تَمَسُّوهُنَّ" وَفِي قِرَاءَة ( تُمَاسُّوهُنَّ ) أَيْ تُجَامِعُوهُنَّ وَمَا مَصْدَرِيَّة ظَرْفِيَّة أَيْ لَا تَبَعَة عَلَيْكُمْ فِي الطَّلَاق زَمَن عَدَم الْمَسِيس وَالْفَرْض بِإِثْمٍ وَلَا مَهْر فَطَلِّقُوهُنَّ "أَوْ" لَمْ "تَفْرِضُوا لَهُنَّ فَرِيضَة" مَهْرًا "وَمَتِّعُوهُنَّ" أَعْطُوهُنَّ مَا يَتَمَتَّعْنَ بِهِ "عَلَى الْمُوسِع" الْغَنِيّ مِنْكُمْ "قَدَره وَعَلَى الْمُقْتِر" الضَّيِّق الرِّزْق "قَدَره" يُفِيد أَنَّهُ لَا نَظَرَ إلَى قَدَر الزَّوْجَة "مَتَاعًا" تَمْتِيعًا "بِالْمَعْرُوفِ" شَرْعًا صِفَة مَتَاعًا "حَقًّا" صِفَة ثَانِيَة أَوْ مَصْدَر مُؤَكِّدَة "عَلَى الْمُحْسِنِينَ" الْمُطِيعِينَ
{237} وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ إِلَّا أَنْ يَعْفُونَ أَوْ يَعْفُوَ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ وَأَنْ تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَلَا تَنْسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ إِنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ "
وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْل أَنْ تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَة فَنِصْف مَا فَرَضْتُمْ" يَجِب لَهُنَّ وَيَرْجِع لَكُمْ النِّصْف "إلَّا" لَكِنْ "أَنْ يَعْفُونَ" أَيْ الزَّوْجَات فَيَتْرُكْنَهُ "أَوْ يَعْفُو الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَة النِّكَاح" وَهُوَ الزَّوْج فَيَتْرُك لَهَا الْكُلّ وَعَنْ ابْن عَبَّاس : الْوَلِيّ إذَا كَانَتْ مَحْجُورَة فَلَا حَرَج فِي ذَلِكَ "وَأَنْ تَعْفُوا" مُبْتَدَأ خَبَره "أَقْرَب لِلتَّقْوَى وَلَا تَنْسَوْا الْفَضْل بَيْنكُمْ" أَيْ أَنْ يَتَفَضَّل بَعْضكُمْ عَلَى بَعْض "إنَّ اللَّه بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِير" فَيُجَازِيكُمْ بِهِ

نظرة الحب 10-10-2011 10:48 PM

{ حَافِظُواْ عَلَى ٱلصَّلَوَٰتِ وٱلصَّلَٰوةِ ٱلْوُسْطَىٰ وَقُومُواْ للَّهِ قَٰنِتِينَ(238)فَإنْ خِفْتُمْ فَرِجَالاً أَوْ رُكْبَاناً فَإِذَآ أَمِنتُمْ فَٱذْكُرُواْ ٱللَّهَ كَمَا عَلَّمَكُم مَّا لَمْ تَكُونُواْ تَعْلَمُونَ (239)وَٱلَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجاً وَصِيَّةً لأَزْوَاجِهِمْ مَّتَاعاً إِلَى ٱلْحَوْلِ غَيْرَ إِخْرَاجٍ فَإِنْ خَرَجْنَ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِي مَا فَعَلْنَ فِيۤ أَنْفُسِهِنَّ مِن مَّعْرُوفٍ وَٱللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (240)}


التفسير ( تفسير الجلالين ) :

238 - { حَٰفِظُواْ عَلَى ٱلصَّلَوٰتِ } الخمس بأدائها في أوقاتها { وَٰلصَّلَٰوةِ ٱ لْوُسْطَى } هي العصر أو الصبح أو الظهر أو غيرها أقوال وأفردها بالذكر لفضلها { وَقُومُواْ لِلَّهِ } في الصلاة { قَٰنِتِينَ } قيل مطيعين لقوله صلى الله عليه وسلم " كل قنوت في القرآن فهو طاعة " رواه أحمد وغيره، وقيل ساكتين لحديث زيد بن أرقم: " كنا نتكلم في الصلاة حتى نزلت فأمرنا بالسكوت ونهينا عن الكلام " رواه الشيخان.

239 - { فَإِنْ خِفْتُمْ } من عدو أو سيل أو سبع { فَرِجَالاً } جمع (راجل) أي مشاة صلّوا { أَوْ رُكْبَانًا } جمع (راكب) أي كيف أمكن مستقبلي القبلة أو غيرها ويومىء بالركوع والسجود { فَإِذَا أَمِنتُمْ } من الخوف { فَٱذْكُرُواْ ٱللَّهَ } أي صلّوا { كَمَا عَلَّمَكُم مَّا لَمْ تَكُونُواْ تَعْلَمُونَ } قبل تعليمه من فرائضها وحقوقها والكاف بمعنى (مثل) و(ما) مصدرية أو موصولة.

240 - { وَٱلَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوٰجًا } فليوصوا { وَصِيَّةً } وفي قراءة بالرفع، أي عليهم { لأَزْوَاجِهِم } وليعطوهن { مَّتَٰعًا } ما يتمتعن به من النفقة والكسوة { إِلَىٰ } تمام { ٱلْحَوْلِ } من موتهم الواجب عليهن تربصه { غَيْرَ إِخْرَاجٍ } حال أي غير مخرجات من مسكنهن { فَإِنْ خَرَجْنَ } بأنفسهن { فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ } يا أولياء الميت { فِي مَا فَعَلْنَ فِى أَنفُسِهِنَّ مِن مَّعْرُوفٍ } شرعاً كالتزين وترك الإحداد وقطع النفقة عنها { وَٱللَّهُ عَزِيزٌ } في ملكه { حَكِيمٌ } في صنعه والوصية المذكورة منسوخة بآية الميراث وتربص الحول بآية أربعة أشهر وعشر السابقة المتأخرة في النزول والسكنى ثابتة عند الشافعي رحمه الله
.





الساعة الآن 07:27 PM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
HêĽм √ 3.1 BY: ! ωαнαм ! © 2010
new notificatio by 9adq_ala7sas
جميع حقوق النشر لشعارنا و كتابنا ومسميات الموقع خاصة و محفوظة لدى منتديات قصايد ليل الأدبية