منتديات قصايد ليل

منتديات قصايد ليل (http://www.gsaidlil.com/vb/index.php)
-   …»●[ أرواح أيمـــانيـــه ]●«… (http://www.gsaidlil.com/vb/forumdisplay.php?f=3)
-   -   يوم القيامة وأهواله (http://www.gsaidlil.com/vb/showthread.php?t=131576)

لا أشبه احد ّ! 12-20-2017 08:56 AM

يوم القيامة وأهواله
 


يوم القيامة وأهواله



يوم القيامة يوم عظيمٌ أمره، شديدٌ هوله، لا يلاقي العباد مثلَه، ويدلُّ على عظم هوله أمور:

الأول: وصفُ الله لذلك اليوم بالعظم، وحسبنا أن ربَّنا وصفه بذلك، ليكون أعظم مما نتصوَّر، وأكبر مما نتخيَّل، قال الله تعالى: ﴿ أَلَا يَظُنُّ أُولَئِكَ أَنَّهُمْ مَبْعُوثُونَ * لِيَوْمٍ عَظِيمٍ * يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ ﴾ [1]، كما وصفه بالثقل والعسر، قال الله تعالى: ﴿ إِنَّ هَؤُلَاء يُحِبُّونَ الْعَاجِلَةَ وَيَذَرُونَ وَرَاءهُمْ يَوْمًا ثَقِيلًا ﴾ [2]، وقال تعالى: ﴿ فَذَلِكَ يَوْمَئِذٍ يَوْمٌ عَسِيرٌ * عَلَى الْكَافِرِينَ غَيْرُ يَسِيرٍ ﴾ [3].



ووصف في موضع آخر ما يصيب القلوبَ والأبصار في ذلك اليوم، قال الله تعالى: ﴿ قُلُوبٌ يَوْمَئِذٍ وَاجِفَةٌ * أَبْصَارُهَا خَاشِعَةٌ ﴾ [4]، وقال تعالى: ﴿ يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ ﴾ [5].



الثاني: كل إنسان في ذلك اليوم يهتمُّ بنفسه، ولا يلتفتُ إلى غيره؛ بل إن الإنسان يفرُّ مِن أحبِّ الناس إليه، يفرُّ من أخيه وأمِّه وأبيه وصاحبتِه وبَنيه، كما قال تعالى: ﴿ فَإِذَا جَاءَتِ الصَّاخَّةُ * يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ * وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ * وَصَاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ * لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ ﴾ [6]، كما تنقطع علائقُ الأنساب في ذلك اليوم، كما قال تعالى: ﴿ فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ فَلَا أَنسَابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلَا يَتَسَاءَلُونَ ﴾ [7].



وقال في موضعٍ آخر: ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ وَاخْشَوْا يَوْمًا لَا يَجْزِي وَالِدٌ عَن وَلَدِهِ وَلَا مَوْلُودٌ هُوَ جَازٍ عَن وَالِدِهِ شَيْئًا إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ ﴾ [8]، وقال الله تعالى: ﴿ وَاتَّقُوا يَوْمًا لَا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئًا وَلا يُقْبَلُ مِنْهَا شَفَاعَةٌ وَلَا يُؤْخَذُ مِنْهَا عَدْلٌ وَلَا هُمْ يُنْصَرُونَ ﴾ [9].



الثالث: الرُّعْب والفزَع الذي يصيب العبادَ في ذلك اليوم؛ فالمرضع التي تفدي وليدها بنفسها تذهل عنه في ذلك اليوم، والحامل تسقط حملها، والناس يكون حالهم كحال السكارى الذين فقَدوا عقولَهم، قال الله تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ * يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُمْ بِسُكَارَى وَلَكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيدٌ ﴾ [10].



ولشدَّة الهَوْل تَشخص أبصار الظلمة في ذلك اليوم، فلا تطرف لشدَّة الرعب، ولا يلتفتون يمينًا ولا شمالًا، ولشدة الخوف تصبح أفئدتهم خاليةً لا تعي شيئًا ولا تعقل شيئًا، قال الله تعالى: ﴿ وَلا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الأَبْصَارُ * مُهْطِعِينَ مُقْنِعِي رُءُوسِهِمْ لَا يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ وَأَفْئِدَتُهُمْ هَوَاءٌ ﴾ [11].



وترتفع قلوبُ الظالمين لشدَّة الهَوْل إلى حناجرهم، فلا تخرج، ولا تستقرُّ في مكانها، قال الله تعالى: ﴿ وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْآزِفَةِ إِذِ الْقُلُوبُ لَدَى الْحَنَاجِرِ كَاظِمِينَ ﴾ [12]، ومعنى كاظمين، أي: ساكتين لا يتكلَّمون.



وحسبك أن تعلم أنَّ الوليد الذي لم يرتكب جرمًا يشيب شَعرُ رأسه لشدَّة ما يرى من أهوال، قال الله تعالى: ﴿ فَكَيْفَ تَتَّقُونَ إِنْ كَفَرْتُمْ يَوْمًا يَجْعَلُ الْوِلْدَانَ شِيبًا * السَّمَاء مُنفَطِرٌ بِهِ كَانَ وَعْدُهُ مَفْعُولًا ﴾ [13].



الرابع: استعداد الكفَّار في يوم الدِّين لبَذْل كل شيء في سبيل الخلاص من العذاب، فلو كانوا يملكون ما في الأرض لافتدوا به، قال الله تعالى: ﴿ وَلَوْ أَنَّ لِكُلِّ نَفْسٍ ظَلَمَتْ مَا فِي الْأَرْضِ لَافْتَدَتْ بِهِ ﴾ [14]، بل لو كان للكافر ضعف ما في الأرض لافتدى به، قال الله تعالى: ﴿ وَالَّذِينَ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَهُ لَوْ أَنَّ لَهُمْ مَا فِي الأَرْضِ جَمِيعًا وَمِثْلَهُ مَعَهُ لَافْتَدَوْا بِهِ أُوْلَئِكَ لَهُمْ سُوءُ الْحِسَابِ ﴾ [15]، بل هو على استعداد أن يبذل ما عنده ولو كان مِلْء الأرض ذهبًا، وعلى احتمال أن كان الأمر كذلك، فإنَّ الله لا يقبل منه، قال الله تعالى: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَمَاتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ فَلَن يُقْبَلَ مِنْ أَحَدِهِم مِلْءُ الأرْضِ ذَهَبًا وَلَوِ افْتَدَى بِهِ أُوْلَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ وَمَا لَهُمْ مِنْ نَاصِرِينَ ﴾ [16].



ويصل الحال بالكافر في ذلك اليوم أن يتمنَّى لو دَفَع بأعزِّ الناس عنده في النار لينجو هو مِن العذاب، قال الله تعالى: ﴿ يَوَدُّ الْمُجْرِمُ لَوْ يَفْتَدِي مِنْ عَذَابِ يَوْمِئِذٍ بِبَنِيهِ * وَصَاحِبَتِهِ وَأَخِيهِ * وَفَصِيلَتِهِ الَّتِي تُؤْويهِ * وَمَنْ فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا ثُمَّ يُنْجِيهِ * كَلَّا إِنَّهَا لَظَى ﴾ [17].



الخامس: ويدلُّك على هَوْل ذلك اليوم وشدَّته: طوله، قال الله تعالى: ﴿ تَعْرُجُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ * فَاصْبِرْ صَبْرًا جَمِيلًا * إِنَّهُمْ يَرَوْنَهُ بَعِيدًا * وَنَرَاهُ قَرِيبًا ﴾ [18].



ولِطول ذلك اليوم يظنُّ الناس في يوم المعاد أنَّهم لم يلبثوا في الحياة الدنيا إلَّا ساعةً من نهار، كما قال تعالى: ﴿ وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ كَأَنْ لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا سَاعَةً مِنَ النَّهَارِ ﴾ [19].



وقال ابن كثير في تفسيره لهذه الآية: "يقول تعالى مُذَكِّرًا لِلنَّاسِ قِيَامَ السَّاعَةِ وَحَشْرَهُمْ مِنْ أجداثهم إلى عرصات القيامة: وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ الآية، كقوله تعالى: ﴿ كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَهَا لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا عَشِيَّةً أَوْ ضُحَاهَا ﴾ [20]"[21].



وقال الله تعالى: ﴿ نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَقُولُونَ إِذْ يَقُولُ أَمْثَلُهُمْ طَرِيقَةً إِنْ لَبِثْتُمْ إِلَّا يَوْمًا ﴾ [22]، وقال الله تعالى: ﴿ وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يُقْسِمُ الْمُجْرِمُونَ مَا لَبِثُوا غَيْرَ سَاعَةٍ ﴾ [23]، وهذا دليل على استقصار الحياة الدنيا في الدار الآخرة، كقوله تعالى: ﴿ قَالَ كَمْ لَبِثْتُمْ فِي الْأَرْضِ عَدَدَ سِنِينَ * قَالُوا لَبِثْنَا يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ فَاسْأَلْ الْعَادِّينَ * قَالَ إِنْ لَبِثْتُمْ إِلَّا قَلِيلًا لَوْ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ ﴾ [24].


[1] سورة المطففين: (4 - 6).

[2] سورة الإنسان: (27).

[3] سورة المدثر: (9، 10).

[4] سورة النازعات: (8، 9).

[5] سورة النور: (37).

[6] سورة عبس: (33 - 37).

[7] سورة المؤمنون: (101).

[8] سورة لقمان: (33).

[9] سورة البقرة: (48).

[10] سورة الحج: (1، 2).

[11] سورة إبراهيم: (42، 43).

[12] سورة غافر: (18).

[13] سورة المزمل: (17، 18).

[14] سورة يونس: (54).

[15] سورة الرعد: (18).

[16] سورة آل عمران: (91).

[17] سورة المعارج: (11 - 15).

[18] سورة المعارج: (4 - 7).

[19] سورة يونس: (45).

[20] سورة النازعات: (46).

[21] "تفسير القرآن العظيم"؛ لابن كثير، (4/ 236).

[22] سورة طه: (104).

[23] سورة الروم: (55).

[24] سورة المؤمنون: (112 - 114).

ضامية الشوق 12-20-2017 09:53 AM

سلمت يمناك
طرح جميل جدا

إرتواء نبض 12-20-2017 10:18 AM

اقتطافة أنيقة
لاعدمنـآ هذا الجمال بالطرح..
بإنتظآرجديدك بكل شوق..
ودي وشذى الورد..

لا أشبه احد ّ! 12-20-2017 10:42 AM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ضامية الشوق (المشاركة 2838244)
سلمت يمناك
طرح جميل جدا

شكراً من القلب على جمال حضورك
اسعدني تواجدك الرائع بمتصفحي
لا حرمني الله روعة وصالك
كل الود وباقة ورد’

لا أشبه احد ّ! 12-20-2017 10:42 AM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة إرتواء نبض (المشاركة 2838290)
اقتطافة أنيقة
لاعدمنـآ هذا الجمال بالطرح..
بإنتظآرجديدك بكل شوق..
ودي وشذى الورد..

شكراً من القلب على جمال حضورك
اسعدني تواجدك الرائع بمتصفحي
لا حرمني الله روعة وصالك
كل الود وباقة ورد’

مجنون قصايد 12-20-2017 09:39 PM

ماشاء الله تبارك الرحمن
ذوق في اختيارك
وعافيه عليك وعلى الطرح الراقي
لاحرمك الله رضاه
‏لك كل
تقديري واحترامي
مجنون قصآيد

بوزياد 12-20-2017 10:13 PM

طرح بديع يحمل التميز والابداع

وطرح في غاية الروووعة رووووعه الله يسعدك
تسلم إيدك على الإنتقاء المميز

واسعدني ان اكون احد من يرد على جمال الطرح
الله يعطيك العافيه وبشوووق لجديدك
مودتي لك

دمتم بسعادة لاتفارق محياكم


ملكة الجوري 12-20-2017 11:46 PM

نَسألْ الله أنْ يجَعلُها.. فِيْ مَوازِينِ حَسنَاتك..
وَيجَعل الله الفَردَوسِ الأعَلى سَكَنُك

آلفُ تحَيةُ ودْ لطرَحُك القَيمْ...

لا أشبه احد ّ! 12-21-2017 12:18 AM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة مجنون قصايد (المشاركة 2838381)
ماشاء الله تبارك الرحمن
ذوق في اختيارك
وعافيه عليك وعلى الطرح الراقي
لاحرمك الله رضاه
‏لك كل
تقديري واحترامي
مجنون قصآيد

شكراً من القلب على جمال حضورك
اسعدني تواجدك الرائع بمتصفحي
لا حرمني الله روعة وصالك
كل الود وباقة ورد’

لا أشبه احد ّ! 12-21-2017 12:19 AM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة مبارك آل ضرمان (المشاركة 2838393)
طرح بديع يحمل التميز والابداع

وطرح في غاية الروووعة رووووعه الله يسعدك
تسلم إيدك على الإنتقاء المميز

واسعدني ان اكون احد من يرد على جمال الطرح
الله يعطيك العافيه وبشوووق لجديدك
مودتي لك

دمتم بسعادة لاتفارق محياكم


شكراً من القلب على جمال حضورك
اسعدني تواجدك الرائع بمتصفحي
لا حرمني الله روعة وصالك
كل الود وباقة ورد’


الساعة الآن 04:25 PM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
HêĽм √ 3.1 BY: ! ωαнαм ! © 2010
new notificatio by 9adq_ala7sas
جميع حقوق النشر لشعارنا و كتابنا ومسميات الموقع خاصة و محفوظة لدى منتديات قصايد ليل الأدبية