منتديات قصايد ليل

منتديات قصايد ليل (http://www.gsaidlil.com/vb/index.php)
-   الإعجاز العلمي في القرآن الكريم والسنة النبوية (http://www.gsaidlil.com/vb/forumdisplay.php?f=91)
-   -   تفسير سورة قريش (http://www.gsaidlil.com/vb/showthread.php?t=232673)

إرتواء نبض 01-22-2024 07:19 PM

تفسير سورة قريش
 
تفسير سورة قريش


الحمد لله ربِّ العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أمَّا بعد:

قال الله تعالى: ﴿ لِإِيلَافِ قُرَيْشٍ * إِيلَافِهِمْ رِحْلَةَ الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ * فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ * الَّذِي أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ ﴾ [قريش: 1 - 4].



فإنَّ سورة قريش من السور المكيَّة، وعليه قول الجمهور، فعَنِ ابْنِ عَبّاسٍ رضي الله تعالى عنهما قالَ: «نَزَلَتْ سُورَةُ لِإيلافِ بِمَكَّةَ»، وهي (أربع آيات) كريمات، ولقد سُمِّيت سورة قريش بهذا الاسم؛ لكونها ذكرت قبيلة قريش، حيث تعرَّضت لبعض أحوالهم، وما كانوا عليه من تنَقُّل وسفر في الشتاء إلى «اليمن»، وفي الصيف إلى «الشام»؛ لحمل ما يحتاجون إليه من بضاعة ومؤونة وتجارة.



وقريش هم حيٌّ من عرب الحجاز الذين هم من ذرية معد بن عدنان. قال ابن جُزَيٍّ: «قريش هم حيٌّ من عرب الحجاز الذين هم من ذرية معد بن عدنان، إلا أنه لا يقال قريشيٌّ إلا لمن كان من ذرية النضر بن كنانة، وهم ينقسمون إلى أفخاذ وبيوت نحو بني هاشم، وبني أمية، وبني مخزوم، وغيرهم وإنما سُمِّيت القبيلة قريشًا لتقرشهم، والتقرُّش هو التكَسُّب وكانوا تُجَّارًا، وعن معاوية أنه سأل ابن عباس: لِمَ سُميت قريش قريشًا؟ قال: لدابة في البحر تأكل ولا تؤكل، وتعلو ولا تعلى، وكانوا ساكنين بمكة، وكان لهم رحلتان في كلِّ عام للتجارة: رحلة في الشتاء إلى اليمن، ورحلة في الصيف إلى الشام..».



وإنَّ من المقاصد التي تحتويها هذه السورة، هو تذكير أهل مكة المكرمة بنعم الله تبارك وتعالى عليهم في رزقهم وتأمينهم من المخاوف، حيث قرن هذا التذكير بأمرهم بتوحيد الله تعالى في عبادته؛ لما أَسبَغَ عليهم من نِعَمٍ عظيمة، ودَفَع عنهم من نِقَمٍ كبيرة.



قال الله تعالى: ﴿ لِإِيلَافِ قُرَيْشٍ ﴾؛ أي: اعْجَبوا لإلف قريش وأمنهم، واستقامة مصالحهم، وانتظام رحلتيهم في الشتاء إلى «اليمن»، وفي الصيف إلى «الشام»، وتيسير ذلك؛ لجلب ما يحتاجون إليه.



والإيلاف مصدر آلف الشيء يؤالفه إيلافًا: إذا اعتاده وزالت الكلفة عنه والنفرة منه. وقريش: هم ولد النضر بن كنانة وهم قبائل شتى.



وقيل: إنَّ الجار والمجرور متعلُّق بالسورة التي قبلها؛ حيث قال كثير من المفسرين: إنَّ الجار والمجرور متعلق بالسورة التي قبلها؛ أي: فعلنا ما فعلنا بأصحاب الفيل لأجل قريش وأمنهم، واستقامة مصالحهم، وانتظام رحلتهم في الشتاء لليمن، والصيف للشام، وإيلافهم ذلك فلا يشقُّ عليهم رحلة شتاء ولا صيف، لأجل التجارة والمكاسب.



وهي من نِعَم الله تبارك وتعالى على أهل قريش، فعن ابن عباس ومجاهد، في قوله تعالى: ﴿ لِإِيلَافِ قُرَيْشٍ ﴾ قال: نعمتي على قريش.



وقوله تعالى: ﴿ إِيلَافِهِمْ رِحْلَةَ الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ ﴾؛ أي: رحلة الشتاء إلى «اليمن»، ورحلة الصيف إلى «الشام»، وذلك للاتجار وجلب الأرزاق إلى بلادهم؛ لكونها ليست بذات زرعٍ ولا صناعةٍ، فإيلافهم هاتين الرحلتين كان بتدبير الله تبارك وتعالى ليعيش سكان حَرمه وبلده في رغد من العيش، فهي نعمة من نعم الله تعالى على العباد.



قَالَ مُجَاهِدٌ: أَلِفُوا ذَلِكَ فَلَا يَشُقُّ عَلَيْهِمْ فِي الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ.



وقوله تعالى: ﴿ فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ ﴾؛ أي: ليوحِّدوا وليشكروا وليخلصوا العبادة لربِّ ومالك هذا البيت الذي يعتزُّون به -وهو الكعبة- والذي بسببه نالوا الشرفَ والرِّفعة؛ حيث أهلك الله تبارك وتعالى من أرادهم بسوء، وعَظَّم أمر الحرم وأهله في قلوب العرب، حتى احترموهم، ولم يعترضوا لهم في أي سفر أرادوا؛ ولهذا أمرهم الله تبارك وتعالى بالشكر.



وقوله تعالى: ﴿ الَّذِي أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ ﴾؛ أي: الذي أطعمهم من جوع شديد، وآمنهم من فزع وخوف عظيم، حيث إنَّ رغد الرزق والأمن من المخاوف، من أكبر النعم الدنيوية، الموجبة لشكر الله تبارك وتعالى، فلك اللهم الحمد والشكر على نعمك الظاهرة والباطنة، وخصَّ الله تعالى بالربوبية البيتَ لفضله وشرفه، وإلا فهو ربُّ كلِّ شيء سبحانه وتعالى، فالله تبارك وتعالى أحقُّ أن يعبدوه؛ إذ هو الذي أطعمهم من جوع وآمنهم من خوف بما ألقى في قلوب العرب من احترام الحرم وسكَّانه وتعظيمه وتعظيمهم فتمكَّنوا من الأمان في أسفارهم إلى خارج بلادهم والعودة إليها في أمن وطمأنينة، وذلك لقدرهم عند الناس وكونهم سكان حرم الله تبارك وتعالى، فمن لقيهم وعرفهم احترمهم وقدَّرهم، وهو من عظيم فضل وكرم الله تبارك وتعالى عليهم.



وإنَّ مما تدلُّ عليه هذه الآيات من سورة قريش عظيم تدبير الله تعالى وحكمته ورحمته فسبحانه من إله حكيم كريم، وتدلُّ كذلك على بيان إفضال الله تعالى على قريش وإنعامه عليها الأمر الذي تطلَّب شكرها ولم تشكر فأذاقها الله تعالى لباس الجوع والخوف بتركها للشكر.



وتحثُّ الآيات كذلك على وجوب عبادة الله تعالى وترك عبادة من سواه، وعلى وجوب الشكر على النِّعَم وشكرها حمدًا لله تعالى عليها والثناء عليه بها وصرفها في مرضاته.



وأنَّ الإطعام من الجوع والتأمين من الخوف عليهما مدار الاستقرار والراحة والعافية والطمأنينة.



هذا ما تيسَّر إيراده من تفسير لهذه السورة المباركة، نسأل الله جلَّ وعلا الفردوس الأعلى في الجنة، والفوز في الدارين، والثبات على الحق والخير حتى نلقاه، وأن يجعل ما كُتب من العلم النافع والعمل الصالح، والحمد لله ربِّ العالمين.

مديونه 01-22-2024 11:09 PM

لجهودك باقات من الشكر والتقدير

على روعة الطرح


https://a3zz.net/upload/uploads/imag...7891e79eef.gif

روح الندى 02-02-2024 05:31 AM

جزاك الله خير

ضامية الشوق 02-02-2024 02:45 PM

جزاك الله خيرا

ملكة الجوري 02-15-2024 03:20 PM

جزاك الله خيـــر
وزادك رفعه ورزقك الجنان


الساعة الآن 12:37 PM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
HêĽм √ 3.1 BY: ! ωαнαм ! © 2010
new notificatio by 9adq_ala7sas
جميع حقوق النشر لشعارنا و كتابنا ومسميات الموقع خاصة و محفوظة لدى منتديات قصايد ليل الأدبية